تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هذه الدنيا... ( لقاء )



هَنا نور
11-10-2013, 12:05 PM
لقاء



الوجه الآخر لحكاية اللقاء (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=66510) في قصة الأديب الكبير الأستاذ مصطفى حمزة





احتضنت كفي أناملَها الرقيقة فلسعتنى برودتُها فنظرت إليها مشفقةً فإذا بشفتين زرقاوين ترتعش عليهما ابتسامةٌ بريئة، وعينين تلمعان امتناناً لى أني منحتها الدفءَ من جديد. انحنيت لها معتذرةً، واحتضنت كفاي كفيها، وقبّلتُ وجنتيها وجبينها مانحةً إياها شيئاً من دفءٍ قد أصابني في صباحِ شتاءٍ بارد.
أخذنا طريقنا إلى البيت ولم تمنعني ثرثرةُ "هبة" من الدخولِ في حوارٍ ساخنٍ متقطعٍ بيني وبين نفسي:
- كيف سمحتِ لكفكِ هذه أن تلبثَ، ولو للحظاتٍ في كفِه وأنتِ لم تصافحي غريباً منذ التزمتِ بالحجاب؟
- منذ متى كان " مختارُ " غريباً؟!

" ماما: من هذا الرجل الذي كنتِ تتحدثين معه؟"
" حبيبتي: عمو مختار كان زميلاً لي بالجامعة."

جمعنا النشاط الأدبي بالجامعة؛ فهو شاعرٌ وكاتبٌ للقصة، وكانت لي أنا محاولاتٌ بائسةٌ في الشعر كانت دائماً محل انتقاده وأحياناً سخريته.. لكنني لم أكن أغضب منه؛ فقد كنت أكبر فيه موهبته وشخصيته الفذة وأري نفسي صغيرة جداً أمامه فكنت أتقبل نقده وتضحكني تعليقاته الساخرة. تعلمت منه الكثير بالرغم من أنه يكبرني بعامٍ واحد !

" مامااااا" صرخت هبة اعتراضاً على تجاهلي لبقية أسئلتها والتي لم أسمعها أصلاً
" ما بك حبيبتي؟ "
" ألم تعديني أن تشتري لي حلواي؟ ها نحن قد تجاوزنا الدكان"
عدتُ بها إلى الدكان واشتريت لها حلواها و اشتريت لنفسي حلواي المفضلة؛ تلك التي كان يكافئني بها كلما كتبتُ أو فعلتُ شيئاً يعجبُه.
" ماما أحبُك .. أنت أحلى من الحلوى "

" أحبك، مي "
لم يكن جوابي وقتَ أن قالها لي لأولِ مرة إلا ابتسامةً خجولة، ونظرةً لاجئةً إلى الأرض أخفي بها احمرار وجنتيّ، وكلمةً يغنيها الصمتُ على نغماتِ دقاتِ قلبي المضطرب.

- "ماماااا"
-" وأنا أحبكِ أكثر يا أحلى شيئٍ في حياتي"

حياتي كنتُ سأهبُها له سعيدةً قانعة..كنتُ أحلمُ ببيتٍ صغيرٍ كأعشاش العصافير، لا يتسع إلا لاثنين فقط ..
- " ها قد وصلنا إلى البيت، ماما" وتشير بكفها الصغيرة لجدتها التي تنتظرنا في الشرفة.. يبدو أننا قد تأخرنا عليها ! اللهم يسِّر حسابنا..
- تأخرتم كثيراً يا مي!
-آسفة جداً، سأبدل ملابسي وأدخل إلى المطبخ فوراً.. لا تقلقي يا حماتي.. سيكون الغداءُ جاهزاً قبل أن يرجع عادل من عمله

بدلتُ ملابسي بسرعة، وقبل أن أخرج من غرفتي، استوقفتني مرآتي تسألني " أهذه هي مي؟ "
وقبل أن أجيبها، كانت أم عادل تستعجلني لإعداد الغداء..

- أتوقُ إلى طعامٍ من صنعِ يديكِ الجميلتين.
- تعرف يا مختار أنني لم أدخل المطبخ في حياتي..
-لا تقلقي .. أمي طاهيةٌ ممتازة وسوف تعلمك فنون الطهي..
- أتقصد أننا سنعيش في بيت عائلتك، مع أمك وإخوتك؟
-سيكون هذا بشكلٍ مؤقت حتى تتحسن ظروفي المادية.. أمامي فرصةُ عملٍ جيدة بالخليج.. سأسافر أنا ثم تلحقين أنت بي"
- ماذا؟ سفر؟ لا .. لا أريد أن أسافر.. تعلمُ أنني وحيدةُ أمي.. لا لن أسافرَ أبداً وأتركها وحدها.. وأيضاً أنا تقدمت لوظيفةٍ جيدة ربما لا يمكنني الحصول عليها بعد ذلك..
- ماذا؟ وظيفة؟ لكنك تعلمين رأيي جيداً بهذا الخصوص.. أريدُ زوجتي ملكةً متوجة في بيتي، هل رأيتِ ملكةً تعمل في غيرِ مملكتها؟
- ولكنني لم أدرس كل هذه السنوات لأكون في النهاية ربة بيت..
- دراستك هذه سينتفع بها أبناؤنا، فهم أولى بكِ من أي جهةِ عمل ..
- أمي امرأةٌ عاملة.. وقد ربتني أفضلَ تربية..
-وماذا علمتكِ أمك؟ إن أبسط أمور الدين لا تعرفينها
- أراك تُلمحُ لموضوع الحجاب!
- الحجاب .. وأمورٍ أخرى..
- ماذا تقصد يا مختار؟
- أنت يا مي مشوهةَ الهوية.. تكاد قراءاتك تقتصر على روايات وأشعار كُتاب الغرب .. أفكارك وأحلامك ونمط حياتك لا يمت بأي صلةٍ لثقافتنا الأصيلة.
- ولكنك أحببتني على حالي هذا..
- أحببت فيكِ نفساً زكيةً عفيفة، وقلباً طاهراً وعقلاً راجحاً يحتاج فقط للتوجيه الصحيح..
- نعم .. أراك تريد أن تحركني كالدمية .. وتتحكم في حياتي كيفما تشاء أنت ، وبما يرضيك أنت.. وأين شخصيتي أنا إذن؟

صوتُ جرس الباب يقطعُ حديث الذكريات.. ها قد عاد عادل من عمله.. وأنا قد انتهيت من إعداد الغداء.. الحمد لله ..
لحقتُ بعادل في غرفتنا أساعده أن يبدل ثيابه..
- عادل: أريدُ أن أذهب لزيارة ماما غداً ..
- غداً نحن مدعوون على حفل زفاف أخت صديقي عماد .. جاء بنفسه إلى الجامعة ليدعوني ووعدته أن أكون أول الحضور..
- لا مشكلة إذن، أوصلني بسيارتك إلى بيتِ أمي ثم اذهب إلى الحفل..
- يجب أن تكوني معي .. وإلا من سيعطي الهدية للعروس؟

" آسفة يا مختار.. كنتُ أود أن ألبي دعوتك، ولكن قدَّر الله وما شاء فعل.."

بعد أن تناولنا الغداء، دخلت أم عادل غرفتها ومعها هبة التي لا تنام إلا في دفء حضن جدتها..
أديتُ الصلاة مع عادل ثم أوى هو إلى فراشه ليستريح و عدتُ أنا إلى المطبخ ..

كم كان مختار قاسياً في ذاكَ اللقاء.. وكم كنتُ أنا عنيدة يومها:
- لا أقبل أن أعيش معك في بيت عائلتك.. هذا سيقضي على إحساسي بالخصوصية.. لا أريد أن أسافر فأترك أمي وحيدة.. لا أريد أن أكون مجرد ربة بيتٍ لا فرق بيني وبين من لم تتعلم في الجامعات. لن ألبس الحجاب إلا عن قناعةٍ تامة بأن هذا ما يجب أن يكون وليس نزولاً على رغبتك أنت.. أحبك كما أنت فأحببني كما أنا..
- هذا هو آخر ما لديكِ مي؟ سأتركك تفكرين بالأمر .. وانتظر قرارك الأخير..
-هذا هو آخر ما عندي مختار .. وسأنتظرُ أنا قراركَ الأخير..

طال انتظاري له.. وطال انتظاره لي.. والانتظار دون جدوى كالسوس ينخر ببطء في جذع شجرة الحب فلا يتركها إلا وهي فارغة آيلة للسقوط مع أول هَبّة ريح..

تقدم عادل لخطبتي.. معيد في الجامعة، شابٌ طموح، ذو مستقبلٍ واعد.. متحرر الفكر .. يريدني كما أنا .. مستعد لتنفيذ كل شروطي .. لم أجد تجاهه ذلك الشعور الذي أجده تجاه مختار ..ولا أرى بيننا أي ميول مشتركة .. بحثتُ عن مختار فلم أجده.. فقد سلّم نفسه لآداء الخدمة العسكرية .. انتظرت عودته.. طال انتظاري.. يجب أن أعطي رداً على طلب عادل.. وافقت.. تزوجتُ عادل .. تركتُ أمي وحدها، وتركت عملي لأرافقه في بعثته العلمية في الخارج، عانيت من الفراغ الكبير ليس فقط بسبب انشغاله عني بدراسته، بل بسبب عدم وجود أي اهتمامٍ مشترك نتحاور حوله.. شغلتُ نفسي بالقرآن والتزمتُ الحجاب .. رزقني الله بطفلتي الجميلة هبة .. صار بيني وبين عادل مشتركاً نهتم به كلانا ونشأ بيننا الحوار .. عدنا بعد انتهاء البعثة لنجد أم عادل قد اشتد عليها المرض وكان لابد أن تقيم معنا بِرّاً بها.. ياااه ما أعجب الأقدار

تركنا هبة مع جدتها وخرجنا قاصدين الحفل في بيت العريس.. يالمفاجأة .. إنه بيت مختار .. استقبلنا أخو مختار وأخو العروس .. دخلت أنا إلى المكان المخصص للنساء حيث تجلس العروس..
" ما شاء الله .. ما أجملها ! تستحق كل الخيرِ يا مختار .."
أعطيتها هديتي: قنينة عطرٍ فاخرة مما أحضرته معي من باريس.. جلستُ ساعةً ملؤها الفرحة والبهجة والأغاني والرقصات التراثية الأصيلة ..
رن هاتفي.. إنه عادل يدعوني للخروج كي نذهب لزيارة أمي قبل أن نعود إلى منزلنا.. خرجت إليه وحمدت الله أن مختار لم يكن في وداعنا..

كاملة بدارنه
11-10-2013, 04:45 PM
هذه الدّنيا... عنوان جاذب لسرد بيّن لنا (هذه الدّنيا) بغرابتها وصُدفها
كان أسلوب السّرد الاسترجاعي المتداخل ذا جماليّة ليمسك بالقارئ حتّى النّهاية المفاجئة
قصّة رائعة
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
11-10-2013, 08:53 PM
جميل جدا هذا التلاحم مع قصة ( لقاء)
كان الوجه الآخر للقصة وكأنه الضوء المسلط
عن المسكوت عنه في القصة الأولي.
يسعدني معانقة حرفك وراقني ما قرأت
بسردك المحبك المتدفق وبإبداعك في الوصف
نقلت الحدث بالمشاعر. أحييك على هذه اللغة
الرشيقة والأسلوب المتماوج مع طوايا النفس
تحياتي وودي.

مصطفى حمزة
11-10-2013, 11:31 PM
لقاء



الوجه الآخر لحكاية اللقاء (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=66510) في قصة الأديب الكبير الأستاذ مصطفى حمزة





احتضنت كفي أناملَها الرقيقة فلسعتنى برودتُها فنظرت إليها مشفقةً فإذا بشفتين زرقاوين ترتعش عليهما ابتسامةٌ بريئة، وعينين تلمعان امتناناً لى أني منحتها الدفءَ من جديد. انحنيت لها معتذرةً، واحتضنت كفاي كفيها، وقبّلتُ وجنتيها وجبينها مانحةً إياها شيئاً من دفءٍ قد أصابني في صباحِ شتاءٍ بارد.
أخذنا طريقنا إلى البيت ولم تمنعني ثرثرةُ "هبة" من الدخولِ في حوارٍ ساخنٍ متقطعٍ بيني وبين نفسي:
- كيف سمحتِ لكفكِ هذه أن تلبثَ، ولو للحظاتٍ في كفِه وأنتِ لم تصافحي غريباً منذ التزمتِ بالحجاب؟
- منذ متى كان " مختارُ " غريباً؟!

" ماما: من هذا الرجل الذي كنتِ تتحدثين معه؟"
" حبيبتي: عمو مختار كان زميلاً لي بالجامعة."

جمعنا النشاط الأدبي بالجامعة؛ فهو شاعرٌ وكاتبٌ للقصة، وكانت لي أنا محاولاتٌ بائسةٌ في الشعر كانت دائماً محل انتقاده وأحياناً سخريته.. لكنني لم أكن أغضب منه؛ فقد كنت أكبر فيه موهبته وشخصيته الفذة وأري نفسي صغيرة جداً أمامه فكنت أتقبل نقده وتضحكني تعليقاته الساخرة. تعلمت منه الكثير بالرغم من أنه يكبرني بعامٍ واحد !

" مامااااا" صرخت هبة اعتراضاً على تجاهلي لبقية أسئلتها والتي لم أسمعها أصلاً
" ما بك حبيبتي؟ "
" ألم تعديني أن تشتري لي حلواي؟ ها نحن قد تجاوزنا الدكان"
عدتُ بها إلى الدكان واشتريت لها حلواها و اشتريت لنفسي حلواي المفضلة؛ تلك التي كان يكافئني بها كلما كتبتُ أو فعلتُ شيئاً يعجبُه.
" ماما أحبُك .. أنت أحلى من الحلوى "

" أحبك، مي "
لم يكن جوابي وقتَ أن قالها لي لأولِ مرة إلا ابتسامةً خجولة، ونظرةً لاجئةً إلى الأرض أخفي بها احمرار وجنتيّ، وكلمةً يغنيها الصمتُ على نغماتِ دقاتِ قلبي المضطرب.

- "ماماااا"
-" وأنا أحبكِ أكثر يا أحلى شيئٍ في حياتي"

حياتي كنتُ سأهبُها له سعيدةً قانعة..كنتُ أحلمُ ببيتٍ صغيرٍ كأعشاش العصافير، لا يتسع إلا لاثنين فقط ..
- " ها قد وصلنا إلى البيت، ماما" وتشير بكفها الصغيرة لجدتها التي تنتظرنا في الشرفة.. يبدو أننا قد تأخرنا عليها ! اللهم يسِّر حسابنا..
- تأخرتم كثيراً يا مي!
-آسفة جداً، سأبدل ملابسي وأدخل إلى المطبخ فوراً.. لا تقلقي يا حماتي.. سيكون الغداءُ جاهزاً قبل أن يرجع عادل من عمله

بدلتُ ملابسي بسرعة، وقبل أن أخرج من غرفتي، استوقفتني مرآتي تسألني " أهذه هي مي؟ "
وقبل أن أجيبها، كانت أم عادل تستعجلني لإعداد الغداء..

- أتوقُ إلى طعامٍ من صنعِ يديكِ الجميلتين.
- تعرف يا مختار أنني لم أدخل المطبخ في حياتي..
-لا تقلقي .. أمي طاهيةٌ ممتازة وسوف تعلمك فنون الطهي..
- أتقصد أننا سنعيش في بيت عائلتك، مع أمك وإخوتك؟
-سيكون هذا بشكلٍ مؤقت حتى تتحسن ظروفي المادية.. أمامي فرصةُ عملٍ جيدة بالخليج.. سأسافر أنا ثم تلحقين أنت بي"
- ماذا؟ سفر؟ لا .. لا أريد أن أسافر.. تعلمُ أنني وحيدةُ أمي.. لا لن أسافرَ أبداً وأتركها وحدها.. وأيضاً أنا تقدمت لوظيفةٍ جيدة ربما لا يمكنني الحصول عليها بعد ذلك..
- ماذا؟ وظيفة؟ لكنك تعلمين رأيي جيداً بهذا الخصوص.. أريدُ زوجتي ملكةً متوجة في بيتي، هل رأيتِ ملكةً تعمل في غيرِ مملكتها؟
- ولكنني لم أدرس كل هذه السنوات لأكون في النهاية ربة بيت..
- دراستك هذه سينتفع بها أبناؤنا، فهم أولى بكِ من أي جهةِ عمل ..
- أمي امرأةٌ عاملة.. وقد ربتني أفضلَ تربية..
-وماذا علمتكِ أمك؟ إن أبسط أمور الدين لا تعرفينها
- أراك تُلمحُ لموضوع الحجاب!
- الحجاب .. وأمورٍ أخرى..
- ماذا تقصد يا مختار؟
- أنت يا مي مشوهةَ الهوية.. تكاد قراءاتك تقتصر على روايات وأشعار كُتاب الغرب .. أفكارك وأحلامك ونمط حياتك لا يمت بأي صلةٍ لثقافتنا الأصيلة.
- ولكنك أحببتني على حالي هذا..
- أحببت فيكِ نفساً زكيةً عفيفة، وقلباً طاهراً وعقلاً راجحاً يحتاج فقط للتوجيه الصحيح..
- نعم .. أراك تريد أن تحركني كالدمية .. وتتحكم في حياتي كيفما تشاء أنت ، وبما يرضيك أنت.. وأين شخصيتي أنا إذن؟

صوتُ جرس الباب يقطعُ حديث الذكريات.. ها قد عاد عادل من عمله.. وأنا قد انتهيت من إعداد الغداء.. الحمد لله ..
لحقتُ بعادل في غرفتنا أساعده أن يبدل ثيابه..
- عادل: أريدُ أن أذهب لزيارة ماما غداً ..
- غداً نحن مدعوون على حفل زفاف أخت صديقي عماد .. جاء بنفسه إلى الجامعة ليدعوني ووعدته أن أكون أول الحضور..
- لا مشكلة إذن، أوصلني بسيارتك إلى بيتِ أمي ثم اذهب إلى الحفل..
- يجب أن تكوني معي .. وإلا من سيعطي الهدية للعروس؟

" آسفة يا مختار.. كنتُ أود أن ألبي دعوتك، ولكن قدَّر الله وما شاء فعل.."

بعد أن تناولنا الغداء، دخلت أم عادل غرفتها ومعها هبة التي لا تنام إلا في دفء حضن جدتها..
أديتُ الصلاة مع عادل ثم أوى هو إلى فراشه ليستريح و عدتُ أنا إلى المطبخ ..

كم كان مختار قاسياً في ذاكَ اللقاء.. وكم كنتُ أنا عنيدة يومها:
- لا أقبل أن أعيش معك في بيت عائلتك.. هذا سيقضي على إحساسي بالخصوصية.. لا أريد أن أسافر فأترك أمي وحيدة.. لا أريد أن أكون مجرد ربة بيتٍ لا فرق بيني وبين من لم تتعلم في الجامعات. لن ألبس الحجاب إلا عن قناعةٍ تامة بأن هذا ما يجب أن يكون وليس نزولاً على رغبتك أنت.. أحبك كما أنت فأحببني كما أنا..
- هذا هو آخر ما لديكِ مي؟ سأتركك تفكرين بالأمر .. وانتظر قرارك الأخير..
-هذا هو آخر ما عندي مختار .. وسأنتظرُ أنا قراركَ الأخير..

طال انتظاري له.. وطال انتظاره لي.. والانتظار دون جدوى كالسوس ينخر ببطء في جذع شجرة الحب فلا يتركها إلا وهي فارغة آيلة للسقوط مع أول هَبّة ريح..

تقدم عادل لخطبتي.. معيد في الجامعة، شابٌ طموح، ذو مستقبلٍ واعد.. متحرر الفكر .. يريدني كما أنا .. مستعد لتنفيذ كل شروطي .. لم أجد تجاهه ذلك الشعور الذي أجده تجاه مختار ..ولا أرى بيننا أي ميول مشتركة .. بحثتُ عن مختار فلم أجده.. فقد سلّم نفسه لآداء الخدمة العسكرية .. انتظرت عودته.. طال انتظاري.. يجب أن أعطي رداً على طلب عادل.. وافقت.. تزوجتُ عادل .. تركتُ أمي وحدها، وتركت عملي لأرافقه في بعثته العلمية في الخارج، عانيت من الفراغ الكبير ليس فقط بسبب انشغاله عني بدراسته، بل بسبب عدم وجود أي اهتمامٍ مشترك نتحاور حوله.. شغلتُ نفسي بالقرآن والتزمتُ الحجاب .. رزقني الله بطفلتي الجميلة هبة .. صار بيني وبين عادل مشتركاً نهتم به كلانا ونشأ بيننا الحوار .. عدنا بعد انتهاء البعثة لنجد أم عادل قد اشتد عليها المرض وكان لابد أن تقيم معنا بِرّاً بها.. ياااه ما أعجب الأقدار

تركنا هبة مع جدتها وخرجنا قاصدين الحفل في بيت العريس.. يالمفاجأة .. إنه بيت مختار .. استقبلنا أخو مختار وأخو العروس .. دخلت أنا إلى المكان المخصص للنساء حيث تجلس العروس..
" ما شاء الله .. ما أجملها ! تستحق كل الخيرِ يا مختار .."
أعطيتها هديتي: قنينة عطرٍ فاخرة مما أحضرته معي من باريس.. جلستُ ساعةً ملؤها الفرحة والبهجة والأغاني والرقصات التراثية الأصيلة ..
رن هاتفي.. إنه عادل يدعوني للخروج كي نذهب لزيارة أمي قبل أن نعود إلى منزلنا.. خرجت إليه وحمدت الله أن مختار لم يكن في وداعنا..

أختي الفاضلة ، الأديبة الرائعة هنا
أسعد الله أوقاتك
قصّة أعجبتني وأمتعتني ، وهي من أجمل ما قرأت في هذه الواحة
لديك قلم صادق وطيّب .. وطاهر ، وبينه وبين تقنيات كتابة القصّة ألفة وودّ ووفاق .
كان السرد وكان الوصف وكان الاسترجاع . وكانت ملامح الأشخاص - لاسيما النفسية - قريبة واضحة ، ومقنعة
لم أستغرب أن تكون ميّ قصّتك هي ميّ في قصّة لقاء ، فكلتاهما تحمل المبدأ نفسه ، والمفهوم نفسه ، وكلتاهما
كانت شخصيّة متحولة في النص .. وهما تصوير لنموذج بشري موجود وواقعي . وكذلك المختاران في النصين
كانا لنموذج بيننا ، شخصٍ ذي شخصية ثابتة لاتتغير ، لأنها صاحبة مبدأ ثابت واضح وإيمان راسخ وطريق لاحِب
الصراع الداخلي أعطى قصتك إثارة وعمقاً افتقرت إليهما قصّة لقاء أو كادت
تحياتي وتقديري
دمتِ بخير

هَنا نور
12-10-2013, 11:18 AM
هذه الدّنيا... عنوان جاذب لسرد بيّن لنا (هذه الدّنيا) بغرابتها وصُدفها
كان أسلوب السّرد الاسترجاعي المتداخل ذا جماليّة ليمسك بالقارئ حتّى النّهاية المفاجئة
قصّة رائعة
بوركت
تقديري وتحيّتي




الأديبة القديرة الأستاذة كاملة بدارنة
أسعد الله دنياكِ وجعلكِ من سعداء الآخرة.

هذه الدنيا ذات الحكايا والقصص بعدد نفوس البشر، فيها الدروس والأمثال والعبر .. فيها من المفارقات ما يعجز عن اختراع مثله الخيال.. فقط لأنه تقدير العليم الحكيم.

كدائماً أستاذة كاملة ، أسعد وأتشرف بهذه الإطلالة الكريمة والحضور المتميز .

دام إبداعكم، ودمتم بكل خيرٍ وسعادة.
خالص مودتي وتقديري.

هَنا نور
12-10-2013, 11:50 AM
جميل جدا هذا التلاحم مع قصة ( لقاء)
كان الوجه الآخر للقصة وكأنه الضوء المسلط
عن المسكوت عنه في القصة الأولي.
يسعدني معانقة حرفك وراقني ما قرأت
بسردك المحبك المتدفق وبإبداعك في الوصف
نقلت الحدث بالمشاعر. أحييك على هذه اللغة
الرشيقة والأسلوب المتماوج مع طوايا النفس
تحياتي وودي.




الأديبة المبدعة الراقية الأستاذة نادية الجابي
أسعدكم الله في الدنيا والآخرة

عندما أقرأ ما يكتبه مبدعوا هذه الواحة، تستوقفني تلك القصص التي تُحكى من طرفٍ واحد ، فيذهب خيالي للطرف الآخر في محاولةٍ لاستكشاف الوجه الآخر للحكاية...

سعيدةٌ جداً أن راق لكم هذا النص..
ودائماً أتشرف بحضوركم وأعتز برؤيتكم المتميزة الراقية.

خالص مودتي وتقديري.

هَنا نور
12-10-2013, 12:49 PM
أختي الفاضلة ، الأديبة الرائعة هنا
أسعد الله أوقاتك
قصّة أعجبتني وأمتعتني ، وهي من أجمل ما قرأت في هذه الواحة
لديك قلم صادق وطيّب .. وطاهر ، وبينه وبين تقنيات كتابة القصّة ألفة وودّ ووفاق .
كان السرد وكان الوصف وكان الاسترجاع . وكانت ملامح الأشخاص - لاسيما النفسية - قريبة واضحة ، ومقنعة
لم أستغرب أن تكون ميّ قصّتك هي ميّ في قصّة لقاء ، فكلتاهما تحمل المبدأ نفسه ، والمفهوم نفسه ، وكلتاهما
كانت شخصيّة متحولة في النص .. وهما تصوير لنموذج بشري موجود وواقعي . وكذلك المختاران في النصين
كانا لنموذج بيننا ، شخصٍ ذي شخصية ثابتة لاتتغير ، لأنها صاحبة مبدأ ثابت واضح وإيمان راسخ وطريق لاحِب
الصراع الداخلي أعطى قصتك إثارة وعمقاً افتقرت إليهما قصّة لقاء أو كادت
تحياتي وتقديري
دمتِ بخير




الأديب القدير، صاحب الإبداع المتميز، الأستاذ مصطفى حمزة
أسعد الله أوقاتكم بكل الخير.

اسمح لي أستاذنا أن أتقدم بخالص شكري وامتناني لكم أن سمحتم لي أن أقتبس من قصتكم أحداثها وشخصياتها لأقدمها من وجهة نظر البطلة.. لا أظن أن كثيراً من الكُتابِ يسمحون بمثل هذا التداخل.. فشكراً لكم جزيلاً .

نعم أستاذنا.. إنها نفس القصة.. حاولت هنا أن أعرض تفاصيل ما أوجزتم، وأُصرِّحَ بما ألمحتم إليه.. وأصفَ مشاعر الطرف الآخر وأوضحَ موقفه..

قصتكم أستاذنا هي الأصل وهي النجم الكبير الذي حاولت الاقتباس من نوره وأرجو أن أكونَ قد وُفِّقتُ في ذلك.

ودائماً أستاذ مصطفى ، تمنح قراءتُكم الراقية نصوصي المتواضعة قيمةً تفوقُ قيمتها.. وترفعها بقدر ارتفاع وسمو تفكيركم..

أكرر شكري لكم ودعائي أن يديم الله عليكم نعمته ويسبغها عليكم ظاهرة وباطنة.

خالص احترامي وتقديري.

آمال المصري
14-10-2013, 12:12 AM
سرد جميل واسترجاع من خلال تداخل الماضي بالحاضر زاد من بهاء النص وحبكة قصصية متينة أجبرتني على المتابعة
سررت بمعانقة رائعتك أديبتنا المبدعة
بوركت واليراع
تحاياي

هَنا نور
18-10-2013, 11:33 PM
سرد جميل واسترجاع من خلال تداخل الماضي بالحاضر زاد من بهاء النص وحبكة قصصية متينة أجبرتني على المتابعة
سررت بمعانقة رائعتك أديبتنا المبدعة
بوركت واليراع
تحاياي




الأديبة القديرة الأستاذة آمال المصري

جميلٌ أن أرى هذا التوقيع العزيز في حضوركم المتميز دائماً ..

أسعدكم الله وزادكم من فضله.

خالص مودتي وتقديري.

ربيحة الرفاعي
07-11-2013, 12:37 AM
الرائعة هناء نور

لا أبالغ إن قلت مؤمنة أنك تحملين قلما سيكون له شأنه في المشهد الأدبي وأراهن على هذا
تكتبين ببراعة وعفوية سرد تجعل القارئ مرتاحا لانسياقه وراء الحرف يعيش تفاصيل النص ونقلاته الاسترجاعية الشائقة وغوصه في المنولوج الداخلي للشخوص

متعة كانت حصتي من القراءة في نصك الجميل غاليتي
وسأسعد بمتابعتك

دمت بألق

تحاياي

خلود محمد جمعة
10-11-2013, 07:37 AM
التناغم الخفي بين رائعة الأديب مصطفى حمزة وبين براعة تصورك منحت القصتين بعداَ آخر
سلاسلة الاسترسال زادت المعنى جمال
تصور خلاب للتفاعلات النفسية
من البداية حتى النهاية أمتعتني قصتك
دمت وجه آخر للأبداع
مودتي وتقديري

عدنان الشبول
10-11-2013, 09:28 AM
ممتعة وشيقة هذه القصة الأخت لقصة لقاء للأستاذ مصطفى حمزة ، ووجدت نفسي في كلتا القصتين مندمجا وعشت لحظات القصة هنا كما عشتها هناك .

أختي هنا نور لك ألف تحية وأسلوبك رائع رائع


عدنان

نداء غريب صبري
27-01-2014, 02:50 PM
قصة جميلة وأسلوب مشوق
أمتعتني قراءتها

شكرا لك

بوركت