تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هنا أيّامٌ أخرى



عبلة الزغاميم
29-10-2013, 12:09 PM
هنا ايام أخرى
................

خرجنا من الطّائرة سريعا يا أمّي... كان علي - قبل أن تهبط - قد طلب منّي ألّا أنظر من النّافذة كي لا أفزع... لكنّي لم أستمع له، ذاك لأنّي و جناح الطّائرةِ واحدٌ مذ كنّا... لطالما يا أمّ تمنّيت أن أكون عصفورا... ربّما لأنّي مثله لا أخاف السّماء و لا أفزع من هبوط....
قابلنا شرطيّ يلبس نظّارةً شمسيّة، و رغم درايتي بالإنجليزيّة إلّا أنّي لم أفهم لكنته المكسّرة... أعادها عليّ فأومأتُ إيجابا... يحترمون جددا من يأتي لطلب عِلم...
....
حسنا... أبدو في السّردِ مشتّتةٌ يا أمّي... لذا، اغفري لي الزّلّات هنا.
اتّجهنا إلى حافلة ركّابٍ كبيرة، أقلّت جميع من في الطّائرة... و بعد دقائق توقّفنا إلى سلالم تذهب بنا لصالةٍ كبيرةٍ اصطفّ فيها المسافرون جماعات.... كنّا لا نعلم ماذا يحدث، و لماذا يجب علينا الوقوف، ذهبت و سألتُ رجلا بدا عليه أنّه موظّف استقبال:
- عفوك سيّدي...
- نعم، كيف بإمكاني أن أخدمك؟
- يجب عليّ أن أستقلّ قطارا الآن بعد أن خرجت من الطّائرة، فهل يوجد هنا قطار؟ و إن وجد... أين هو، و كيف بإمكاني أن أستقلّه؟
- يجب عليكِ في البداية أن تذهبي لموظف الجوازات ليرى جواز سفرك و يتحقّق من التّأشيرة، ثمّ على يسارك اخرجي من القاعة، ستجدين حافلةً صفراء، استقلّيها و ستأخذكِ للقطار المنشود.
- شكـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ را....
......
صففنا في طابور سريع، وصلنا سريعا للموظّف المسؤول عن جوازات السّفر، بدأ يتحدّثُ بالألمانية، فقاطعتُه بأنّي لا أتحدّث الألمانيّة، طلب منّي جواز سفر أوروبيّ و لم أكن أملك واحدا.... كنتُ أقفُ في الطّابور الخطأ...
اتّجهنا إلى صفّنا الصّحيح، و لكي لا أخطئ مرّةً أخرى عبرتُ الصّفّ لأسأل الموظف إن كنتُ في المكان الصّحيح أم لا....
كان الطابور يمشي الهوينى... و على يميني فتاةٌ بريطانيّة... كنتُ قد سألتُها أسئلةً كثيرة، أجابتني بما تعرف، و حين علمت أنّ قطاري سيتحرّك أعطتني دورها كي أتابع....
وصلتُ الموظّف مرّةً أخرى فابتسم و قال: أهذهِ أنتِ؟
... نعم هي أنا... ������
تأكّد من التّأشيرة لكلينا أنا و علي، و سألتُهُ كيف سأستلمُ حقائبي و كيف سأستقلّ القطار...
تفاجأ و أكّد أنّي لن ألحق به مع حمولة الحقائب و عدم درايتي بالمكان... سيفوتني القطار إذا.... " يا لحظّي المسنفر "
خرجت من عنده مسرعةً أنا و علي، حقائبنا موجودةٌ في الانتظار.. جرّتنا، و جرجرتنا.... " السّفر بهدلة "
.... أخذناها و صعدنا إلى حيث الحافلة الصّفراء.... سألت إنّ كنّا في المكان الصّحيح فاطمأننت... ركبت لا أدري أين علي و كان يرقبني من مترين في الحافلة، شققنا الطّريق صعودا للقطار التّالي... يا إلهي... ما هذا...؟؟
تهنا و نحن نبحث، أُخبرنا أننا لا نستطيع الصّعود و نحن لا نملك تذاكر، ما هذا...؟؟ فهل يا تراها حجزت لنا تذاكر القطار؟ و كيف ترانا سنعلم؟....
فات القطار و انتهى الجدل... علينا أن نشتري تذاكر أخرى يا أمّي.... فاتنا القطار...
لم أدرِ يا أمُّ ما معنى أن أكون محاطة بكلّ العيون... تنظرني و تزدري يا أمّ... لأنّي محجبة....
أيجب عليهم أن يختبروا جهنّم ليعرفوا أيّ عزةٍ أرتدي؟
أم وجب عليهم أن يدركوا معنى الحضارة، و ألّا يقلّدوا من لا عقل له... ثمّ ليقتدوا....
؟؟
لا زلتُ أحمد ربّي أنّي و رغم الفقر يا أمّي أكثر عقلا، إذ بفضل ربّي أعرف ربّي حقّا....
وصلنا... بعد ساعة في القطار وصلنا
استقبلنا أحمد من سوريّا... بعد أن هاتفته من هاتف أخٍ مصريّ... جزاهما الله عنّا خيرا....
ثمّ إلى الفندق... و أخيرا يا أمّ سآوي إلى فراش....
تصبحين بخير... إذ بكِ أُصبِح....



عبلة الزّغاميم
25-9-2013

كاملة بدارنه
29-10-2013, 01:38 PM
لم أدرِ يا أمُّ ما معنى أن أكون محاطة بكلّ العيون... تنظرني و تزدري يا أمّ... لأنّي محجبة....
أيجب عليهم أن يختبروا جهنّم ليعرفوا أيّ عزةٍ أرتدي؟
أم وجب عليهم أن يدركوا معنى الحضارة، و ألّا يقلّدوا من لا عقل له... ثمّ ليقتدوا....
؟؟
شعور قاس حين تبغي عيون الآخرين افتراسك كونك مختلفة! وتساؤلات تدهمنا في المواقف المشابهة
رغم كلّ شيء لتجربة السّفر الأوّل نكهة خاصّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

فاطمه عبد القادر
30-10-2013, 11:25 AM
خرجت من عنده مسرعةً أنا و علي، حقائبنا موجودةٌ في الانتظار.. جرّتنا، و جرجرتنا.... " السّفر بهدلة "

السلام عليكم
عبلة الزغاميم ,,,
استمتعت كثيرا معك في الرحلة ,
أنتِ تعبتِ ,,ونحن استمتعنا,
أحيانا يكون السفر بهدلة بحق, وخاصة المرة الأولى .
شكرا لك
ماسة

خلود محمد جمعة
03-11-2013, 11:43 AM
صعب الأغتراب ومحزن
لكن غربة النفس أقسى يكثير
دمت بين أحضان نفسك
مودتي واحترامي

فاتن دراوشة
04-11-2013, 09:48 AM
تجربة قاسية رغم كونها تفيد المرء كثيرًا في صقل شخصه وجوهره

سعيدة كنت بمتابعة ما خطّه قلمك هنا غاليتي

فأسلوبك مشوّق وممتع حقّا

محبّتي

آمال المصري
04-11-2013, 05:11 PM
ماهي إلا أيام من دفتر الزمن تمر بنا .. تخطها الأحداث كما تكتبنا
وللغربة حكايا مختلفة وللأولى منها رهبة يخفق لها القلب خوفا من مجهول يتلقفنا
كنتِ هنا جميلة عبلة .. وكنت أنا محظوظة برفقة حرفك
بوركت واليراع
تحاياي

ربيحة الرفاعي
01-12-2013, 04:34 PM
هل تعتبرينها تجربة قاسية؟
ألم تسهم في بناء الذات المائزة التي تتمتعين بها؟

سرد شائق للحظات جميلة صيغ بتصوير مؤثر

دمت بخير

تحاياي

عبلة الزغاميم
02-12-2013, 04:08 PM
شعور قاس حين تبغي عيون الآخرين افتراسك كونك مختلفة! وتساؤلات تدهمنا في المواقف المشابهة
رغم كلّ شيء لتجربة السّفر الأوّل نكهة خاصّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

كاملة القلب و الوجدان يا كاملة
تعرفين حتّما ما أعني إذ واجهتيه، و إلّا ما كنتِ وصفتِهِ بعينِه... تماما كما شعرت يا غالية
و نعم... رغم كلّ شيء له نكهة الّلاشيء... له نكهة التّفرّد لأنّه الأوّل....

مساؤكِ ليلك

عدنان الشبول
06-12-2013, 01:12 AM
أطمئنك أختي أنا هناك من البدايات ما هو أصعب من ذلك ، ولكن تبقى هذه البدايات في الذاكرة ونتعلم منها للمستقبل . فنتعامل مع القادم بشكل أفضل .

عندما ينتقل الإنسان من بلد إلى بلد آخر بحضارة مختلفة ويجد شخصا في أول يومه يهديه إلى سبيله حتى مكان سكنه فهذه لا تقدر بثمن وخاصة في بلد لا يجيد لغتها .


نص جميل وعشنا معك تجربتك

لك كل التوفيق أينما حللت إن شاء الله .

نداء غريب صبري
27-02-2014, 01:14 PM
لم أدرِ يا أمُّ ما معنى أن أكون محاطة بكلّ العيون... تنظرني و تزدري يا أمّ... لأنّي محجبة....
أيجب عليهم أن يختبروا جهنّم ليعرفوا أيّ عزةٍ أرتدي؟
أم وجب عليهم أن يدركوا معنى الحضارة، و ألّا يقلّدوا من لا عقل له... ثمّ ليقتدوا....

نحن ننظر بنفس الطريقة للفتاة السافرة
هذه ضريبة الاختلاف أختي فلماذا نستغربها؟

رسائلك ممتعة

شكرا لك

بوركت

ناديه محمد الجابي
12-02-2020, 06:38 PM
لم أدرِ يا أمُّ ما معنى أن أكون محاطة بكلّ العيون... تنظرني و تزدري يا أمّ... لأنّي محجبة....
أيجب عليهم أن يختبروا جهنّم ليعرفوا أيّ عزةٍ أرتدي؟
فلينظروا كما يريدون ـ ولتفتخري أنت بحجابك وبأسلامك..
متاهة هى السفر وبهدلة ـ ومتعة أيضا، وكما يقولون في السفر سبع فوائد.
استمتعت معك بسردك اللطيف لسفرك الأول، وبأسلوبك الشيق للرحلة
وقد شاركتك مشاعرك فيها فشكرا لك.
:v1::0014: