مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر خالد بناني
خالد بناني
27-10-2009, 03:58 PM
الوصية الأخيرة لمحمود درويش
- أو ربابُ الحب السري -
1
و أنا أطالع صفحةً بيضاء
متكئا على وجع العروبة
في بلاد كالزبد
ما كان لي فيها حبيب أو صديق أو أحدْ
مرَّت بيَ امرأة و قالتْ :
" سيدي ،
إن شئتَ أقرأُ طالعكْ...
أشفق عليَّ
و مُدَّ كفكَ بالبياضِ
فقد وعدتُ بَنِيَّ
أَرجعُ آخر اليومِ الطويلِ
بما تيسر من رغيف الخبز
أو تمر و لتر من لبنْ ...
بعض الدراهم سوف تكفي
كي تَرُدَّ الجوع عنا…للأبدْ "
أفرغْتُ جيبي يومها
حتى تعودَ بما تمنتْ للصغارِ
و بالكرامة دون إتمام النهارِ
فلم تعد تدري أتبكي
أم تكابرُ دمعَها
و رَمَتْ على طبق قديم من جريد النخل
أحجاراً
و ظلت ملءَ كُل الوقتِ
تنظر للجريد و للحجارة ثم تنظر لي
و تنظر للجريد و للحجارة مرة أخرى
تحاول أن ترى ما لا أراهُ
و لا ترى
لكأنها عَمِيتْ
ففي طبق النبوءة
لم تَلُحْ رؤيا غدي
بل لم تكن تبدو خلالَه أيَّ بارقة لغدْ
2
في أول اللقيا سألتِ :
" أ أنتَ من يحكون عنه ؟ "
و لم أجب...
أدركتُ أنكِ لم تحبيني لأني شاعرٌ
لكن لأني آخرُ الفرسان في زمن السقوطِ
و كنتُ أدرك جيدا
ما الفرق بينهما
و كان الفرق : رائحة الشجنْ .
في البدء قسَّمنا مساحات القصيدة لاثنتينْ :
أُولى تليق بنا
و أخرى ليس تكفي للوطنْ
كنا معا
ندري و ننكر أن هذا الحب متهَم بنا
و بأننا في آخر اللقيا
سنجمع كل أمنية لنا
بحقائب الذكرى
و أشياءَ الطفولة في كفنْ
3
ما زلتُ أذكر حين قلتِ بأننا
يوما سنرجع للبلادِ
و سوف نعتزل السفرْ
...
ها قد مضى يوم
و عام تلو عام
لم نعد للأرض
ما زلنا نواصل تيهنا
في التيه
ما زلنا نواصل ما بدأنا
منذ كم ؟؟
ما عدت أذكر
ربما منذ التقينا
عند قبر من رخام
حيث نتلوا بعض آيات من الذكر الحكيمِ
و بعض أبيات من الشعر القديمِ
و كل من كانوا هناك
و من سيأتي بعدهمْ...
هذا و ذاك و هؤلاء...
الواقفون جميعهم...
زيف و مين و ادعاءْ...
الكل يشبه بعضه
الكل باسم الكل جاءْ...
الكل باسم الحزن ، باسم الجرح ، باسم الموت جاءْ...
كي يُسقِط الورد الأنيق
و يَلبس الحزنَ المزيفَ
و الأيادي نفسُها
نفس الأيادي كم تحنتْ
بالجريمة و الدماءْ
و هي الأيادي ذاتها
ذات الأيادي أعدمت خنقا شهيدا
هاهو اليوم الموارى في الثرى
تحت الثرى
و هي الأيادي عينها
عين الأيادي ليس يخجل رافعوها بالدعاء :
" يا ربنا
يا رب ما في البحر و الأرض السليبة و السماءْ... "
و هي العيون الكاذباتُ
تريق شِبْه الدمع ماءْ
4
ها قد مضى عمرٌ
و لا عنوان يجمعنا سوى هذا الشتاتِ
سوى محاولة التوحد في الضياعِ
و نحن نحترف المرور على العواصم
دون أوراق ثبوتية
نمر على المدائن و القرى
من دون أي هوية
يتكشف العريُ المواربُ بين مكر الأسئلهْ
" من أنتما ؟
أي انتماء فيكما ؟ "
من نحن ؟ نحن الضائعانِ
أنا الغريبُ عن المرافئِ
و المشردُ عند قارعة البلادِ
و أنت بعد صبيةٌ
ترتاب من حب أخبئه لغير عيونها
لحبيبة أخرى تقيمُ
على حواف البحر في مدن الرمادِ
و فيك تكمن ثورتي
شكي…جنوني…حكمتي
صوتي و صمتي و انتصاراتي
و فيك فواجعي...
و بداخلي منك التوكل و التيمن
و الرضا و الحِلم و الصبر الجميلُ
أنا و أنت العاشقانِ
أنا و أنت التوءمانِ
و إننا رغم التشابهِ
لا نطابق بعضنا
أنتِ التي في كل يوم تكبرينهُ
تصغرينك ألف يوم مثل حبات الندى
و أنا الذي إن زدتِ يوما
زاد عمري ألف يوم آيلا نحو الردى
شاخت بي الدنيا ربابُ
و أنت بعد صبيةٌ
و أنا عجوز
في خريف العمر أبدو
رغم أني
لم أُجاوز بعد عشرين انكسارا
لم أُجاوز بعد عمر الزنبقهْ
تهمتي صوتي
و صمتي صار مشتبها به
و المخبرون أتوا ورائي
يبحثون و يسألون الكف عني
كيف أضحت مورقهْ
و أنا فراشة ليلهم
في غفلة منهم هربتُ و قد مللت الشرنقهْ
لا أين يقبلني فأنجو
خطوة للخلف ألقى محرقهْ
و أمام عيني ينصبون المشنقهْ
و بكل حرف
مُدَّتِ الكلماتُ جسرا من لساني
صرت أعبُره إلى وطني
بلا إذن من الحراس أو أسيادهم
و من الكلاب على حدود مغلقهْ
إني عجوز
في خريف العمر أبدو مثقلا
أملا جميلا كاذبا
و الحزن ذاكرةُ العيون المرهقهْ
5
أنا لم أقُدكِ إليَ
أنتِ أتيتِ وحدك يا ربابُ
بريئةَ العينينِ
تتبعين حدسك في اكتشاف الحالمينَ
و كنت حالمَك الأخيرَ
و ما عرفنا قبلَ لقيانا
نزوحَ الظل من جهة الحنينِ
و لا عرفنا كيف تنقلب الجهات
من اليسار الى اليمينِ
و لم نفكر قبلُ في غدنا
و لا في أمسنا
أو يومنا المسروقِ منا
- مثل وَعْدِ الشيخِ بالثأر المخبئ في عماهُ
لأن آلافا سواهُ
تعلموا أن يصمتوا
حتى و إن فقد الفتى منهم أباهُ –
و كم نسينا أننا
نصفين نُكْمِل بعضَنا
كتشابك الكفينِ
نشبه بعضنا
كنا غريبين التقينا
فوق خارطة لنا كانتْ
و صارت للسوى
و اسمين كنا للمنافي
قبل ميلاد الأزلْ
طفلين كنا
لا نفرق بين عطر الياسمينِ
و بين أغنية المقلْ
عند التباس الوقت بين اللحظتينِ
و في برود القلب بين الغربتينِ
متى أردنا أن نسافر من جنوحِ الخوف
نحو الطلقة الأولى
و ميلاد الأملْ
6
محمود هذا اسمي
فلا تخشي إذا سألوك عني...
لا تعيديني شريدا بعد موتي
إن هذا الإسم أبقى
فاحمليهِ وصيةً
لا تهمليه و لو قليلاً
و اذكريني يا ربابُ
كما ذكرتُكِ دائما
و لتجعلي قبري ضريحا
للقصيدة و الإباءِ
و لانتصار الميتينَ
فقد يزار تبركاً
يأتيه أيتامُ النضالِ
أراملُ الأبطالِ
معطوبون
منكسرون
من كل الجهات
كما يزار الأولياءْ
فهنا يُلامَسُ دمعُ أمي
صبرُ جدي
صَمْتُ قبر فيه يرقد والدي
و أنا ورثتُ الصبرَ عنهمْ
صمتَهمْ
لكنهم ما ورثونا دمعَهُمْ
حِرْصاً على أن لا نقاوم بالبكاءْ
قَدَرُ القبائل أن تكيد لبعضها
أن ترتوي من بعضها
حلمُ البلادِ كغيمة الدخان
حملٌ كاذبٌ
لا شيء منتظر هنالكَ ،
لا هناكَ و لا هنا
لا شيء يحدثُ
كلما طلع الصباحُ بفرحة
يأتي بمأتمه المساءْ
إن متُّ زوريني
ضعي لي عند قبري ياسمينْ
كي يعرفوا أن الهوى
وطن لكل النازحينْ
...
خالد بناني
30-01-2010, 04:32 PM
]
تــبــعــثــر
عيناكَ للذكرى ، و حلمك موعدُ
كل الحكايا من رموشك تولدُ
أنت الرحيل إذا أتيتك سائلا
وعد البقاء و من سواك تشردوا
غربت في وطن دماؤك ماؤه
مذ بايعتك على الأسى ليد يدُ
موسى دَعَوك و كنتَ فيهم مخلِصا
كنتَ النبي ، فليت قومك عبدُ
كُـذبتَ من فرط اشتعالك صادقا
صرتَ الرماد ، و فيك يُقبر عسجدُ
وطن يبادلك الوفاء خيانة
في كل درب مخبر يترصدُ
آنستَ نارا في بلادك فكتوت
منك الضلوع ، و حزنُ قلبك موقدُ
و رمتكَ بالبهتان كل قبيلة
و قميصُ يوسفَ بالمكيدة يشهدُ
و تآمرا ، لؤم و خبث ، كي أرى
غدرا بظهرك كل سيف يُغمدُ
تركوك وحدك أعزلا ، فتركتهم
عن كبرياء منك يذكره الغدُ
أعلنتَ أنك للثكالى سِفرُهم
و بأن صدرك للحيارى مَعبدُ
عيناك ذاكرة الشتاتِ ، و كلما
تيه يُـلَوح فيهما ..يتبددُ
ووشاية الغيمِ المضاعِ ، و ما أرى
إلاكَ يصلبُه الحنينُ و يجلدُ
فكأنك المنذور للوجع الذي
إن حله جَلَدٌ يعودُ فيُعقدُ
أنت البنفسجُ في اكتمال تبرعم
أنت النشيدُ و ليس غيرُك يُنشِدُ
أنت انبجاسُ الضوءِ لحظةَ خلقِه
من ظلمة ، فإذا به يتمردُ
كالنار تأكل ــ حين تغضبُ ــ نارَها
كالبحر يرغي إذ يثورُ و يزبدُ
ما زال يكبرُ في خيالك مُشرَعا
أفقُ النضال و خيمتان و مسجدُ
حُملت من وجع الرؤى ما لم يطق
قلبٌ له في كل موت مرقدُ
شاخ الصبا ، و صباك وحده لم يشخ
ما زال في مهد الحنين يُهَدهَدُ
طفلا تظل ــ برغم شيبك ــ عاشقا
يسمو بك الشرفُ المذل و يصعدُ
عيناك في لغة العذاب وصية
و الحزنُ كحلك ، و الفجيعةُ مِروَدُ
عيناك خارطتا منافٍ ، كم بها
أدركتَ أنك عن ترابك مُبعَدُ
أطلق بوجه الريح ثورةَ واقفٍ
مهما تنلْ منه الزلازلُ يصمدُ
قد صرتَ وشما في جبين مقاتلٍ
و عليك كل الثائرين تعودوا
خالد بناني
09-02-2010, 05:55 PM
تفاصيل
شكل الغياب- ثوب الحداد-عطر التراب- لون السواد-
أرض الخراب- أم البلاد- قانون غاب- نهر الرماد
دعني لأشطب مقلتي من المدى
كي لا أرى شيئا
ولا أهدي نشيدي للسراب
ضاقت بي الأرض العريضة
منتهاها قد وصلت
و لم أجد شيئا
أ أغواني حنيني في الغياب
لما أعود إلى دمي
ألقى غريبا لست أعرفه
و أرضا ليس تعرفني
كأني قد أضعت ملامحي
ما عاد وجهي يحمل الوجع القديم
شطبت ذاكرتي
و أعلنت انتمائي للتراب
سقتك مدينتي وحي الصبا
لكأنه مطر
هي التاريخ في سوق النخاسة
كلهم حضروا
بطاقات و أرقام و لا أسماء
فرأس المال ألغى منطق الأشياء
و هاهم كلهم نظروا
إلى بغداد عارية
لتؤخذ قربها صور
فيا بغداد يا أم البغايا
كيف تغتفر
جرائمهم
وهل يكفيك طهر الحب إذ عهروا
و ماء الورد يا بغداد يشبه دمعة الذكرى
أراق عيونها جرح
فسال الدمع و الكحل
و غاض المحجر الضحل
يخالط دمعنا ملح
و يزهر في دمي بوح
لذكرى عابر بغداد حتى مات من هم
ومن غم
ومن لحن
ومن سم
ومن أبناء
من أم
من التاريخ
من بغي العروبة
من بني قومي
كيف تسموا بي تواريخ المدينة
حين تقتات القبائل من دمايا
حين تصرخ أنت كاذب , أنت سارق , أنت واش
أنت سوس ظل ينخر في الحواشي
حينما تمضي قوافل ليس يوقفها ندايا
حين يضحكها أسايا
لم نعد ندري لأي سلالة نسبت عروبتنا
وهل حقا لنا فضل النسب
من أمنا؟؟
كل النساء حملننا
لكننا من دون أب
و تقول لي شرف العروبة؟؟
من سواها هده السمراء
يقترف الخطايا
إذ تتاجر بالشرف
هي محض زانية
وكل خليفة مرت أصابعه بها
قد بات يسكنه الأسف
هل بعدُ إن صرحت أني لا أبالي بالعرب
فجرت بركان الغضب؟؟
أعبرت بعض أزقة متداخلة
ونسفت سور مدينتي
بحثا عن الإسم المخبئ داخلي لتقاتله
بحثا عن القلب المعبئ طلقة كقرنفله
و أقمت عاصمة من الرمل المبلل و الزبد
كي لا تشرد بعد غد
يا لص نرجسة و يا غدر الزمن
سور المدينة كان عاصمة لنا
كان الوطن
دمرته و الإسم لم تعثر عليه
فما تراه بمقلتيه
ظل انكسار السنبله
عصفت بها عبثا يداك
و قد بترت يدي
منتقما بحقدك من يديه
يا من نسجت له كفن
الإسم مختبئ هناك
و ليس يهرب من سواك
و أنت تحفر هاهنا
و الإسم أصبح موهنا
لا أنت صائده و لن
يصطاده أبدا أحد
حتى و لو نبش البلد
عطر الأماني , وردة الذكرى , و أحجية الكلام
بغداد تكبر داخلي , تمتد سربا من يمام
بغداد وجهتنا القديمة نحو أروقة الرخام
بغداد معرضنا الموالي , كي نتاجر بالسلام
بغداد متن قصيدة , كتبت لنا , حتى ننام
بغداد أخطأ من يظن بأنها صوت المآذن
أو بقايا حائط هرئ فقط
أشلاء نخل شامخ
من طول وقفته سقط
بغداد من شفق ومن غسق
و من ورق و من أرق
و من ألق و من فلق
و من قلق و من علق
و من عرق و من غرق
ومن كل الجهات
فهي اليمين...هي اليسار...هي الوسط
و هي التعدد و التوحد ,
والشتاء الموسمي
وجع التراب الآدمي
و قصيدة كتبت لرش الأقحوانة من دمي
و هي النشيد يقام عرسا للصبايا في فمي
زغرودة للبحر ماتت عند قارعة الشفاه
فلتنتقم لي...
في حماك مدينتي...
و القلب تاه.
خالد بناني
22-02-2010, 08:38 PM
قبل القصيدة
إن رأيت دمي يسيل على الطريق فلا تقل : جفف دمك .
إن قرأت قصيدة و تبادلوا نظراتهم سرا علي فلا تقل : أغلق فمك .
إن أتيت تزور قبري بعدما أمضي قتيلا ، لا تكن غرا فتسأل جثتي : من أعدمك ؟
القصيدة
زمن البدايات انتهى
زمن النهايات ابتدأ
أنصت بحدسك للنبأ
أو ليس حدس المرء
أبلغ في السماع و في النظر
من أذنه ، ومن البصر ؟
أنظر بقلبك للملأ
موتى و هم يمشون
لا أثر تخلفه النعال
على مسارات الشتات المقفلة
موتى تراهم كلما حاولت وصف وجوههم
سقط القناع عن القناع عن القناع
و لا ملامح خلف كل الأقنعة
لا شيء إلا شكل دائرة
و داخل حدها
من لا نهايات البداية
أسقطت دمعا عيون مثقلة
حزنا على وطن يهاجر فيك سرا
دون أوراق ثبوتية يهاجر
ليس وجهته سوى
مطر تشرد في غيوم ضائعة
مطر تمرد في الجهات الأربعة
***
يا من نراك و لا ترانا
لا تبح بالصمت ، أنت مراقب
فاحذر وشاية قبرك المرصود جاسوسا
إذا ما نمت ليلك فيه وحدك
إن للجدران آذان
و للموتى عيون
أيها المبعوث فينا شاعرا
يستنطق اللغة المليئة باحتمال الياسمين
و غصة في الحلق
من جعل الحروف حمائما
حينا ، و أحيانا نسور ؟
من قال ليس الشعر لغما
أو رصاصا أو قتال ؟
من قال عن لغة
أبيت بأن تخون حروفها
ليست نضال ؟
ليست تقاوم...لا تثور...
أ لأنها أنثى يرون بأنها
ليست تثور ؟
الأرض من كلماتها
قاومت من كلماتها
و نزفت من كلماتها
و الموت و الشهداء و الثكلى
و آه و اليتيم...
وكل ما فيه احتمال الحزن من كلماتها
***
يتجسسون على حروفك خلسة
يتلصصون بلا حياء
لم تكن لتصير أنت
و أنت تكتب عنك أنت
لذا كتبت عن الندى
و عن البكاء
و عن تراب الأرض
عن أفق السماء
و عن أب حمل السلاح لهم
و أم كلما مدت يديها نحوه
قصد البقاء أبى
و ضم الطفل يلثمه
و يشتم البراءة منه
حتى تخذل العبرات فيه رجولة
لا تنحني
فيقوم يعدو نحوهم
و الطفل يصرخ لا ، أبي
خذني معك
لا تمض ، و ابق معي
سأمسح أدمعك
لولا يزيد الله في عمري
لأعرف من أنا...
كي أتبعك
***
فليكتبوك على بطاقات الهوية
أو جوازات السفر
ما أنت إلا موعد للبوح
و اسم للوطن
ما أنت إلا موعد للجرح
وشم للمطر
فليكتبوك على بطاقات المعايدة التي
تأتي و تمضي خارج الأعياد
إنا لن نكذب ما يصدقه القدر
إنا لنقرأ كل شيء كاذب صدق السراب :
محمود مات و صار يحجبه الكفن
محمود كف عن الأنين
محمود...
و انبعث الحنين
و شواهد الميلاد ما فيها سواك
و أنت كالوهم / الحقيقة
إذ نراك...و لا نراك
تناصر الموتى غيابا
ثم تأتي
كي تعايد بالقصيدة و الحداد
على بكائية البلاد
يقوم فينا صوتك الممتد أرزا شامخا
ليقول شعرا عن جنين
و خان يونس و الخليل
و دير ياسين و رام الله
لم تستثن من أرض تنام بها أخيرا
أي شبر
لم تقل : هذي بلادي
و البقية ملكهم .
خالد بناني
03-03-2010, 12:10 PM
الليـل يطعنهـم ، و الفجـر ينتـقـم
و الجرح - رغم نزيف منه - ملتئـم
و الدمع يظهـر فـي أحداقهـم أمـلا
كالسـن خلـف شفـاه حيـن تبتسـم
شعب يعاند من غـاروا علـى وطـن
فيه الرمـاد دليـل العيـن و الحطـم
شعـب يقـاوم رشاشـا بمـا حملـت
يمناه من حجـر ، و الحـرب تحتـدم
شعب يقول :" أنـا أبنـي بمـا ألفـت
يمناي من حجـر كـل الـذي هدمـوا
أهوى بـلادي مـن دون البـلاد كمـا
نيرون أحرق روما ... ليتهـم فهمـوا
أقسمت لو سرقوا شبـرا علـى أمـل
ألا أثور لصحـت : الويـل و النـدم "
أرض هـي الوطن/المنفى،تنازعـهـا
خصمان : من نبتوا فيها و من قدمـوا
أرض هـي الوطـن المجلود،غسلهـا
دمع يبارك من ماتوا بها ... ودم
أرض بكل لغـات الأرض إن وصفـت
حار البيـان بهـا ، واستسلـم القلـم
قل لي بربـك مـن ذا يستطيـع لهـا
وصفا يليق بها ... هل يوصف الحلم ؟
لله در بــلاد أنـجـبـت قـمـمـا
من فرط نخوتهـا ، هـدت لهـا قمـم
أرض العروبة كالصفصـاف قـد كبـرت
فيهـم ، وكـل بـلاد دونهـا عــدم
عاث الغزاة بها و استقصـدوا شرفـا
فاستقصـدوا بحجـارات لهـا شمـم
أرض العروبة فـي أكبادهـا فجـعـت
أيتامها ، ثكلاها، فـي الحشـا وشـم
أرض العروبة مـا سـر البقـاء بهـا
إلا إبـاء لـم يملكـه مـن حكـمـوا
أرض العروبة إن مـات الجميـع بهـا
تبقـى ، لتولـد مـن أهدابهـا أمـم
أم تصيح " بني ارتح " بمـن حملـوا
جثمانـه ، و أب بالصبـر يعتـصـم
و الزغردات لسـان الحـال ترجمهـا
" نحو الجنان " ، و إن كف اللسان فم
ضـدان قـد غمـرا عينيـن إذ بكتـا
ذاك الشهيـد بنعـش لـفـه عـلـم
يمناهمـا أجـرى دمعـا بهـا فـرح
حتـى سلـت يسراهـا أن بهـا ألـم
طفـل يكابـر " ثـأري ليـس يأخـذه
غيري " ، و شيخ أعمى مقعـد هـرم
" إنا نفاوضهـم " لا تكذبـوا، وكفـى
كـل الكـلام أمـام المـوت يختـتـم
" إنا نفاوضهم " حقا ؟ ومـن رحلـوا
من ذا سيرجعهـم و الأرض تقتسـم ؟
كم عزل قتلـوا ، لـم يرتضـوا بـدلا
عن أرضهم ، أبديل يرتضى ... خيم ؟
لـن يضمنـوا أبـدا كفـا تصالحهـم
حتـى لعمـر آت مـا لـهـم سـلـم
إن المدائـن لا تفنـى بمـن هلـكـوا
فيها ، ولكـن إن ماتـت بهـا همـم
خالد بناني
24-04-2010, 10:26 PM
حوَرٌ يجنن.. آه منك يا حدقُ=غررتَ بي، ودليل الحسن مؤتلقُ
عينان خلــقتا فجرا يغالبه=كحلُ الدجى، وبياضُ الصبح مسترَقُ
كم سرتُ دونك معصوبا يشد يدي=تيه، يراودني نحو المدى أفق
أخطو بلا أثر، كالظل اكتبني=نصا، ومن كلمات الماء أنبثق
ما بعض طيبك إلا آية نزلت= سمراءُ ـ يسكر من عبق بك العبق
غار القرنفلُ و النارنجُ متبعٌ=والجلنارُ، وزهرُ اللوز، والحبقُ
إني عشقتك حد الموت مقتسما=بيني وبينك روحي.. والهوى مزقُ
وعدا جُعلتُ لهذا الليل أسهره=منذ التقيتُــك لم يرفق بي الأرقُ
الصبرُ أحمله وجها يخبئني=بين الأنام، ووجهي كله رُتـق
كنا معا وجعا يغفو على وجع=نحو التوحد نمضي حين نفترق
مهما كتمت أنينا لا يبارحني=يمتد صمتُـك في صوتي.. فأختنق
ضمي إليك شريدا لا بلاد له=فالشك يبلعني، والخوف والقلق
ما زلتُ أحمل طهرَ الأرض في جسدي=ختمَ الجبين كوشم فيه يلتصق
ممشاي فيك عذاباتٌ وأحجية=للنار تحرق أيامي.. وتحترقُ
عمدا يخونك دهرٌ لا وفاء له=هذا غريبك لا يدري بمن يثق
مُدي يديك أبايع فيك ملحمة=للضوء يذكرها في لونه الشفق
ولتضربي بعصاك البحر تـَفـلقه=ولتعبريه خيالا ما له غرق
هزي إليك بجذع النخل، لست أرى=أما سواك لعيسى حين ينعتق
كم صار يُشْرع جرحَ الناي في لغتي=حزنُ الحروف، وجرحي ليس ينغلق
بغدادُ قصة حب كلما ذُكرت=قلبي تزلزله الذكرى.. فينسحق
خالد بناني
28-05-2010, 10:11 PM
تريق دمي فـإن خضبـت دماهـا = شكت بخلـي كأنـه مـا كفاهـا
و لـو أدري بـأوردتـي دمــاء = تـراق لهـا لجئـت بهـا فداهـا
و لكنـي عدمـت لهـا مـزيـدا = ومـا ألقـى بأوردتـي سـواهـا
يجف دمي و قد خضبت و تـدري = بأنـي لا أريـد سـوى رضاهـا
أنـا المجنـون لمـا جـاء ليـلا = إلى ليلـى يفتـش عـن خطاهـا
أنا أشعلـت فـي الظلمـاء نـارا = يزيـد سـواد عتمتهـا لظـاهـا
و ظني أنهـا مـن حيـث كانـت = ترانـي حيـث أمكـث مقلتـاهـا
ستأتـي غيـر آبـهـة لأهــل = و تحضنني و تشرح لـي هواهـا
و تشكو من عشيرتهـا و تبكـي = و أرغـب لـو يفارقهـا أساهـا
تعانقنـي ، أعانقهـا و هـمـي = إذا غابـت يطـاردنـي شـذاهـا
و أبـيـات نـرددهـا لبـعـض = أفكـر كـم سيرهقنـي صـداهـا
فتمضـي كـي تخلفنـي لشوقـي = لأجمـع حيثمـا حلـت حصاهـا
أقيـم لعاشقيـن بـهـا مــزارا = و صرح هـوى إذا عبـرا ثراهـا
و صـارت مقلتـي للبـدر عبـدا = كأنـي عنـد رؤيـتـه أراهــا
و مر الليـل أحلـم كيـف تأتـي = و ما جـاءت و أحلامـي محاهـا
و قلـت لعـل حارسهـا أخوهـا = غدا تأتي و قـد خدعـت أخاهـا
و مـر غـد و بعـد غـد كليلـي = و شكي قاتلـي : مـاذا دهاهـا ؟
و قلت غـدا سأخطبهـا لنفسـي = لتـدرك كـل نـفـس مبتغـاهـا
أصيـر لهـا فتشمـخ كبـريـاء = فعاشقهـا علـى فـرس أتـاهـا
و حيـن أتيـت خيمتهـا خطيبـا = وجدت المـال منـي قـد سباهـا
أمـا تـدري ؟ تزوجهـا فــلان = يفوقك يـا فتـى عـزا و جاهـا
لقـد قبلـت بـه زوجـا بـديـلا = لفقـر حيثمـا حـلـت تـلاهـا
فتهت و صرت في الصحراء وحدي = كمـن تاهـت قوافـلـه فتـاهـا
أتغـدر بـي و تنكرنـي لفقـري = و تتركنـي لتسحقنـي رحاهـا ؟
ألا سحـقـا لخائـنـة و مــال = بـه ذاك اللعيـن قـد اشتـراهـا
أجل ، قبلت بـه ، فلـه قصـور = لأجـل سـواد مقلتـهـا بنـاهـا
بهـا خـدم ، فمـاذا بعـد تبغـي = أتبقى بعـد ذلـك فـي عماهـا ؟
أترغـب بـي و تقبلنـي لفقـري = و ترفض من إلى ملـك دعاهـا ؟
سيأتي يـوم يتركهـا و يمضـي = ومنهـا كـل حاجتـه قضـاهـا
وجاء اليوم حين مضـى لأخـرى = و لـم يأبـه لفاتـنـة رمـاهـا
بكـت ترجـوه أن يبقـى و لكـن = مضى ، ما عـاد يوقفـه بكاهـا
و جاءتني و قـد شحبـت كثيـرا = و خـارت فـي فجيعتهـا قواهـا
تحدثنـي و قـد كبـرت وشاخت = علـى عجـل و فارقهـا صباهـا
تمـد إلـي فـي أمــل يديـهـا = و ترغب لـو أعـود أنـا فتاهـا
أمـد يـدي فيحضرنـي عذابـي = و ما صنعته فـي ظهـري مداهـا
رأت أن اليميـن تصيـح : كـلا ، =و أن اللحظ فـي صمـت حكاهـا
فحزت عـرق معصمهـا أمامـي = و خنجرهـا تشـق بـه حشاهـا
مـددت يـدي لأوقفهـا و لـكـن = قضت ، و الكف قد خضبت دماهـا
سأكتب مـا جـرى بدمـي وفـاء = ليبكـي كـل مـن بعـدي تلاهـا
خالد بناني
02-06-2010, 08:46 PM
صــلي لــغـــزة فـالـبــاغـون قد جــاروا
يا أمة انـتـفـضـي...أبـنـاؤهــا ثــــاروا
الأرض يـسـلـبـهـا بـاغـــون قــاومـهـم
شعب أبى ، فـتـصـدت عـنـه أحـجـــار
أرضي هناك ، و شعبي شعبها ، و له
عـمـري أقـدمـه لـو عـزت أعـــمــــــار
يـسـتـعـبـدون بـنـيـهـا بـالــحـدود ، ألا
إن الـعـدالـة أن الـنـاس أحــــــــــــرار
لن يستجاب دعــاء الـكـف مـا رفـعـت
حـتـى تـقـوم لـنـصـــر الـديـن أمـصـار
يا قـــادة الـعـرب الـمـوتى بـــلا كـفــن
عـــــار تــخـاذلـكـم ، مـــا بـعـده عــار
يا شــعب غـزة قـد نـلـت الـعـلا شـرفـا
و الـعتز تاجك ، شعري فيك إكـبــــــار
اللـه أكـبـر كـم مـن فـاتـحـيـن قــضـوا
أحــــيـــــــــاء ربـك أجـرام و أقــمـــار
دار الـزمــان بـهـم إذ حـاك خـدعـتـــه
لـكـنـهـم أبـــــدا مــــا خــلـــفـــه داروا
ما عذر من صمتوا عن من يموت بها
مـاذا يقال ، و هـل للـصـمـت أعـذار ؟
حـمـلـت غـزة وزر الآثـمـيـن ومـــــــا
أدري إذا لــهـــم قــد خــــصــت أوزار
إن الــشـعـوب مـتـى آنـت قـيـامـتـهــا
قـامـت فـلـيـس لـهـا مــن بـعـد إدبـــار
تـأتي إلى بـؤر الأعـداء غـاضـبـــــــة
مـا عـاد يــردعـهـا قـصـف و لا نــــار
تـدنـوا بـمـا حــمـلت منهم جـحـافـلها
حار الـبـيـان بـهـا مـن بـعـدما حاروا
من تحت أعينهم ، من بينهم نسجت
تلك الصـفـوف و زاغت منهم أبصار
ذكـرى نـبـيـك و الـصـديـق تـابـعــــه
و الله ثـــالـث مـن أخـفـاهـمـا الـغــار
إذ ســـار خـلـفـهـمـا ركـب لـقـتـلهـما
و الله فـوقـهـمـا حـرس و إن سـاروا
مـا كـان في وجـل أن يلـحـقـوا بـهما
قــلباهما ، أبــــدا ، و الـذكـر إقـــرار
ما رد ثـورتـهتم كـيـد الـذيـن بـغـــوا
أو فـــل هـمـتـهـم أن قـامـت أســـوار
هــبـوا كـعـاصـفـة هـوجاء و اندفعوا
يا أمــة انـدفـعـي...مــا بـينــنـا ثـــار
إن الشعوب كـذا أمـر الـنـضـال بـهـا
إن آن آن و لا تــرتـــد أقــــــــــــــدار
خالد بناني
11-08-2010, 07:44 PM
إن رأيتَ دمي يسيل على الطريق فلا تقل : جفف دمك .
إن قرأتَ قصيدة و تبادلوا نظراتهم سرا علي فلا تقل : أغلق فمك .
إن أتيتَ تزور قبري بعدما أمضي قتيلا لا تكن غرا فتسأل جثتي : من أعدمك ؟
كن ما تشاء
أو لا تكن
لا فرق عندي
قد محوتَ خرائط التاريخ
بعتَ الأرض
زورتَ الوصايا
خنتَ كل الأنبياء
الغدرُ طبعك
عشتَ عمرَك تنتقي
جُمَلا تليق عن السلام
عن الحمام
و غصن زيتون
و لا زيتون عندك
لا حمام ، و لا سلام
و العهرُ عريُك
ظل مختبئا هناك
وراء ثوب الأتقياء
كن ما تشاء
حاربتُ نفسي فانهزمتُ و أنت وحدك قاتلي
فكأن كل قصيدة تحكي نزيفا داخلي
صارت تفتش عن بلادي في دمي
حتى احترقتُ فصار يرفضها رمادي
لن أنادي أي عاشقة يجننها عنادي
إذ تراني لو أعانقها يعانقها حدادي
قد محوتَ خرائط التاريخ
بعتَ الأرض
زورتَ الوصايا
خنتَ كل الأنبياء
يا ليت أنكَ لم تكن باسم العروبة قاتلي
أنتَ الذي شردتني , شردتَ شعبا داخلي
صارت تحدك يا بلادي عن دمي
نارٌ تتاجر بي و تدفع من رمادي
لو أنادي أيـّــما بلد أيصبر عن عنادي
كلما أعلنتُ عن فرحي يكذبني حدادي
ربما قد ساء ظني فيكَ
لم تمحُ الخرائطَ
لم تبع...ما خنتَ...ما زورتَ
لم تسئ النوايا
من إذن فض العذارى
من أباح الفسقَ في شرف الصبايا
من أتى لمدينتي
و أتى على كل الرجال
لكي يجوع صغارُها
فتصير نسوتُها بغايا
من أحل دمَ الضحايا
من يتاجرُ بالخطايا
من سواكْ ؟
قل لي...أجبني
أم حسبتَ بأن غيركَ لا يراكْ ؟
دارت كؤوسُ الصبر
فوق موائد الفقراء
في أكواخهم
حلم اكتفاءْ
الجوع يبتلع الصغارْ
و قد مضى ثلثا نهارْ
و كل ما أكلوا : هباءْ
الوهمُ يُخلطُ من شعير
حفنتين بمُد ماءْ
خبزا لكل الجائعين
بؤسُ الطفولة هاهنا
يدعو ضميرك للرثاءْ
لو كنت تمتلكُ الضمير
لكن شبعتَ و كلهم جاعوا
و قد ملوا مذاقَ الوهم و الصبرَ المرير
هل بعدُ تُسألُ عن ضمير ؟
أم كنت تحسب أن غيرك لن يراكْ ؟
خالد بناني
11-08-2010, 07:46 PM
هنا كربلاء
هنا قصة سطرتها الدماء
هنا ذات يوم برغم الحصار التقى في الخفاء
وليد...دعاء...
يتيمان من دون بيت و لا أسرة
يمدان لله كف التوسل يستعطفان السماء
يريدان خبزا و ماء و مأوى
ينامان فيه اتقاء الشتاء
إذا حل ليل و جاء المساء
يريدان مأوى و خبزا و ماء
فقط...بل و أخطر
يريدان أمنا و جوا معطر
و ألا تقوم الحروب التي دمرت كربلاء
معا في المدينة
يمران قرب البيوت التي دمرت
و قرب الثكالى...و قرب اليتامى
و قرب انكسار العيون الحزينة
عزاء...فناجين من دون سكر
و يمناه شدت على كفها في شرود
"سأهواك دوما إلى أن أموت
و أهواك حتى لما بعد موتي..."
"سأهواك أكثر و أكثر و أكثر
لنا قصة لم يمتها رصاص
و حلم الهوى بيننا صار أكبر"
"ولكن...دعاء...
أخاف الحصار الذي حولنا
رصاص و سجن و عسكر
فهل يسلم الحب في كربلا
لا...لا...لا...لا..."
"بلى يا وليد...
سلام هو الحب في كربلاء
و إن كبلتنا قيود الحديد
براكين نار , و أنهار حزن
و أطلال بيت , وطفل شريد
و موت و يتم و حاء و باء
سلام هو الحب ما دام فينا
و إن دامت الحرب في كربلاء"
و سارا معا يرسمان الغد المستحيل...
كمن لم يعش كربلاء السواد
الرماد
الحصار
الدمار
الرحيل
و سارا يقولان أبناؤنا
وسام و هند و عبد الجليل
و بيت له حارس لا ينام
و سور طويل...طويل...طويل
وحين استفاقا على صوت نار
بكت بعدما لم تجد أي دار
و صاحت "وأبناءنا" في مرار
"وأحلامنا" , ثم دوى انفجار
غبار...غبار...غبار...غبار
أرادا هروبا إلى مأمن خلف ذاك الجدار...
كفه لم تزل تحضن الكف رغم الخطر
طلقة ثم أخرى و ها قد هوت كالحجر
"وا دعاء...
ليس لي من بقاياك إلا حنين و بضع انتماء
كلما هاجرت فيك أسراب شوقي أود البكاء
أما قلتُ لن يصمد العمر و الحرب تغتال آمالنا
و لن يملك الحلم و الحب في كربلا فرصة للبقاء"
"تعالي إلي , فما زلت أمضي
معي ذكرياتي , بدرب الألم
غنائي أنين و شعري شجن
تعالي إلي , فما زلت أرضي
و ما زلت في القلب نبضا و دم
وما زلت أنت الهوى و الوطن"
دون دمع بكاها و ها قبرها شامخ الكبرياء
كيف يبغي سواها ؟ و أنى له الحب ؟ ماتت دعاء
أين أحلامه , حبه , أين آماله , شوقه , عشقه للحياة ؟
هكذا بعدها نبضه متعب , لن يعيش الهوى...و الذي كان مات
خالد بناني
14-08-2010, 06:06 PM
فلنعترف
فلنعترف أنا خسرنا بعضنا
منذ ارتضينا أن نصدق شكنا
ماتت أقاصيص الهوى، وتبخرت
أحلامنا، فعنادنا أودى بنا
كفين كنا في تشابكنا معا
من ظن يوما أن نصير لغيرنا
تلك النبوءة أوقدت نيرانها
فينا فأحرقت المدائن حولنا
لو لم نصخ سمعا لها لم نفترق
لو لم نصخ سمعا لها.. لو أننا
جاؤوا إليك أكاد أسمع همسهم
يحكون عني : صار خالد خائنا
هم أصدقائي، أصدقاؤك من أتوا
متآمرين، فكيف نكتمُ جرحنا
كنا نُسَرُّ بهم ونحفظ ودهم
وسهامُهم حقدا تُصوَّبُ نحونا
لو كنتُ أعرف أيَّ كيدٍ ساقهم
لو كنت أعرف.. لم أذِع سرا لنا
صدقتِهم، كذبتني فإذا بهم
يتغامزون شماتة في حزننا
يا هندُ... صحتُ ولم تديري مقلة
نحوي كأني كنتُ فيهم من جنى
رد الصدى: لا شيء سوف يعيدها
كُــفَّ النداء فقد بقينا وحدنا
لا تقتفِ الخطواتِ تطلبُها ، فما
عادت هنالك ، لا هناك ولا هنا
يا هندُ هم واشون كلُّ حديثهم
كذب وزيف، أنتِ أدرى من أنا
والله مرَّ العمرُ لم أقطع به
عهدا لغيركِ، كيف اُنكرُ عهدنا؟
يا موسم الأعياد يا فرح الصبا
يا ريح نرجسة ويا كل المنى
قلبي تعمد فيكِ منذ طفولتي
لبراءة العينين أسلم وانحنى
للبسمة الجذلى ولحن قرنفل
لغواية الليل المسافر مثلنا
لحكاية السور العتيق، لصدره
نجري أمامه ، إن تعبنا ضمنا
ليد تشد يدي فننسج للمدى
أسطورة ، ولمن سيأتي بعدنا
كم حاسد منا يغار ، وعاشق
فينا يحار ، إذا رأى ما بيننا
أ أخون هذا كله ، من أجل من؟
ليلى؟ سعاد؟ وهل سأبدلُ حبنا؟
يا هندُ لو كذبتِ هذا كله
أو قلتِ مَينٌ وادعاءٌ أمسُنا
أو قلتِ عما كان محضُ خرافة
أنفقتُ عمري بالخرافة مؤمنا
خالد بناني
21-09-2010, 05:22 PM
الغريب
صرتُ الغريب وقد جرّدتُ من لغتي
مات الكلام وجف الطين في شفتي
تلك النوارس ما أعلنتُ موسمها
إلا ليزهر صوت البحر في رئتي
كل الجهات أضاعت فيّ وجهتها
لما أضعتُ بأوجاع الندى جهتي
طفلا أشيخ بأحزاني وقد كثرت
حتى غدت لدمائي بعض أوردتي
جار الزمان كأني قد خـُلقت له
نِدا، كأنه ما أغوته أحجيتي
كل الجراح بداياتي ولست أرى
شيئا يعوض صبري عند خاتمتي
تلك المرافئ أغرتني مراكبها
والريح ترفض عمدا دفع أشرعتي
سافرتُ أبحث عن نفسي وما عثرَت
نفسي علي وقد خادعتُ أخيلتي
أي البلاد بلادي حين تخذلني
باسم العروبة والتاريخ خارطتي
من أين أبدأ؟ أين المنتهى؟ ولمن؟
وعلام؟ كيف؟ لماذا؟.. تلك أسئلتي
من ذا يجيب ومن ذا يُستثار بها
والكل فيه تجلى خوف طاغية
آمنت أنه لا عنوان لي، فأنا
منفاي ظلُّ شتاتٍ في مخيلتي
صمتي يبوح بصوتٍ ضلّ دربَه مذ
قامت بحنجرتي غابات فاجعة
إني مددتُ يدي نحوي أبايعني
ملكا تتوجني بالضوء حريتي
واحترتُ في سنواتي كيف أجمعها
حتى أشكـِّـــل من ماضِيَّ مملكتي
هذا البياض سينمو فوقه هدبي
نخلا يباركني في ساحِ معركتي
ما زلتُ أحمل طـُهر الضاد متـَّهَما
والكل مَدّ أمامي حبل مشنقتي
إذ يقتفون حروفي في بلاغتها
كيلا تكابر بالإفصاح قافيتي
يا من جعلتَ نزيف الروح يشفع لي
لمّا سقطتُ وما أفلتُّ أسلحتي
دَينٌ علي إذا ما أقبروا جسدي
ألا تـُصادر بالنسيان ماهيتي
خالد بناني
04-12-2010, 05:51 PM
إسراء في الغياب
وكأن خطوكَ بالمسافة مولع
تمشي وظلكَ باغترابكَ موجع
لا أنتَ عدتَ ولا بلغتَ مدينة
كم كنتَ تذكرها وعينكَ تدمع
أجّل رحيلك - لا عليك - وخذ يدي
إن ضاقت الدنيا فحِلمك أوسع
هبني خرائطكَ القديمة.. لا تسل
من أيها نهر العروبة ينبع
من ذا سواكَ له وفاؤك للمدى
يا ممعنا في التيه.. ليتك ترجع
ضللتَ حزنك وابتسمتَ مكابرا
وخدعتَ من فوق الجراح ترفعوا
كن ما تشاء فأنتَ وحدك مخلص
للأرض حين الآخرون تمنعوا
إذ بايعوكَ لكي تكون أميرهم
وعلى قتالكَ في الخفاء تبايعوا
سرقوا صباكَ، وجوه من أحببتهم
فسرقتَ منهم ما عليه تبايعوا
ما أبشع الزمن المزيف وجهه
ولغدر من أسكنت قلبك أبشع
يا مستباح الضوء ليلك ما له
صبح، أما للشمس عندك مطلع
أحلامكَ انطفأت ودربكَ موحش
تاهت خطاكَ وتاه منكَ الموضع
وتدق أبواب العروبة مرهقا
ووراءها من لا يرى أو يسمع
كـلـّت يداكَ ولم تصدق أنه
ما للعروبة أي باب يشرع
ستلفكَ الذكرى ويحضنك الصدى
ويلف صوتـَك في غيابك برقع
روحي وروحك توءمان، هو الأسى
نحو اغتيالي واغتيالك ينزع
لا تبتئس من كيد من آخيتهم
فالصبر يبقى والمكائد ترفع
حاصر عدوكَ بالبسالة واثقا
أن البسالة للمحاصر تشفع
وابدأ بما كان الختام لسالف
من شيبه تاج الشباب يرصع
خبئ غمامكَ علَّ قلبك من دم
- إن جف يوما - منه ماء يرضع
إن بعثروا أحلام عمركَ لا تخف
أو بعثروا فيك البلاد.. ستـُجمع
إن تبكِ لا تخجل.. بكاؤك نخوة
سر انتصاركَ في انكساركَ مودع
لا تخش موتكَ إن سقطتَ مقاتلا
سيُتِم هذي الحرب بعدكَ رُضَّع
إن يحصدوكَ فسوف تنبت خُفية
عشبا على أرض الصبا يترعرع
مثل انخطاف الطرف يفلت عمرنا
منا، ونمضي حين لا نتوقع
لملم تفاصيل الوصية وانسها
وامكث قليلا.. إن موتك فاجع
قد توقظ الماضي حكاية صورة
ويسوق من غابوا لصدرك شارع
المخلص للوجع
خالد
خالد بناني
26-12-2010, 01:07 PM
وصية.. لوداع قادم
1
ملء الترقب كنت أنتظر الذي لم يأت
لا يأتي، ولن يأتي
وبين أصابعي
قلم الرصاص لكي أصحح وجهة الأشياء
مادام العناد مكابرا بي
والصهيل يطول في عيني مثل النخل ما فيه التواء
ملء الترقب كنت أرد نفسي نحو نفسي
باحثا عني كأني منذ أن أبحرت ضدي
لم يعد في اتجاه : لا شمال الروح قد يعني سواي
ولا جنوب الريح يعنيني
وكنت أرد نفسي نحو غيري باحثا عنا معا : أنا والغريب
لكي نقيم تحالفا : في الحب، في الذكرى،
وفي شيء من الكذب البريء من الكذب
2
أنا لست أنكر أنني رجل تساقط كالندى
وتفتحت فيه الجراح، وأزهرت فيه المدى
وبأنني رجع الحكايات القديمة والصدى
لكنني بادلتني بي
واستقلت من التطابق
وانخداع الصوت بالصمت الموارب
كم من المرات قلت أنا أنا
وأنا سواي
وكم من المرات عريت الكلام
من المجاز
من التشابه واستعارات المشاة على معان
لم تشيد بعد
لا أبكي علي ولا على هذا الغريب
ولست أرثي وجهتي
في العمر متسع من الذكرى
ومتسع من الفرح المؤجل
كلما أبحرت شرق الماء ردتني إلي مواجع الريحان
أعلم:
في الحقيقة كلنا موتى
ولكن الحقيقة لا تصدق
3
أنا والغريب معا
تعودنا علينا
كالتباس الضوء بالظل المقابل
نشرب الحزن المعتق
نرقص السمبا
ولا نرتاح إلا كانخطاف الطرف
لا نرتاح ما دمنا معا
4
فلنفترض أنا وقفنا هكذا
وجها لوجه
كي نحيي بعضنا
نتبادل التاريخ
وشم القلب
رائحة الصبا والبرتقال
ولا نصافح بعضنا
خوفا من التطبيع
أو خوفا على حس الطفولة
أن يصير رجولة قبل الأوان
لنفترض أنا وقفنا هكذا
وجها للاوجه
ولم أعرف لمن سأمد لا كفي
ولا أبادل، لا أصافح
لا أخاف
لنفترض أني أمامي
لم أميزني
ولم يقل الغريب: " إليك وجهك "
لم يكن وجهي ولا وجه الغريب
وإنما كانت ملامحنا
مقاطع من تفاصيل الغموض
وبعض آيات الغياب
لنفترض أنا وقفنا هكذا
لا كما شئنا
ولكن مثلما شاء المدى
ظلا لظل، أو للاظل
نمثل دورنا في المسرحية باحتراف
نتقن الحزن المزيف
والبكاء على الذين مضوا وماتوا
نتقن التأبين، نلبس جرحهم
ونشيدهم نتلوه:
"يا وطنا يبيع ويشتري فينا
ستندم حين ننفذ يا وطن"
5
للمرفئ الحجري كم من قصة
يأتي إليه العابرون الهاربون بعشقهم سرا
تخبئه عيون لا تنام
- فكل هذا الليل لا يكفي -
وهذا المرفأ الحجري يذكر
عاشقين توقفا سهوا
ومالا نحو بعضهما
كلبلاب توحد في ظفيرة طفلة
وقفت بشباك الغياب
ترى على مد الحنين عسى يعود لها أب
نسي الرجوع من السفر
كانا هناك
رأيت ظله لا يفارق ظلها
متعانقين وراء سارية
ولا أحد هناك سواهما
هل يبكيان؟
سألت نفسي
كيف أعرف ما يدور الآن بينهما
وبينهما وبيني
ألف جلاد وسياف تخفوا
مثل قطاع الطرق
6
"عدني بأنك سوف ترجع"
قالت السمراء
قلت: "وهل لبحار وعود كي يفي؟
لا لن أعود
تعودي هذا الغياب
ولا تقصيني حكاية عاشق للبحر
أغوته المراكب فاستقال من المرافئ والتراب
وصار ينبت فوق خارطة المتاهة والزبد
ردي عليك مدامع النسيان
منديل الوداع
وشهقة البوح الأخير
ولا تقولي سوف يرجع بعد غد
ماض أنا
عودي إلى حيث افترقنا
واكتمي سري
إذا سألوك من ذاك الذي ودعت
قولي: لا أحد.
خالد بناني
19-01-2011, 10:08 PM
كالنخل كابَر في آلامكَ البلدُ
جرحُ العراق رداء حاكَه الجلدُ
ما زلتَ تمسك هذا الحزن مرتعشا
كي لا يُساقط حزنا ما له أحدُ
أدري ويجهل كل الناس أن لهم
في سِفر صبركَ تاريخ ومعتقدُ
ذرني اُريك من الأيام ما فعلت
بالثائرين وما ألفوا وما فقدوا
يممتَ وجهكَ شطر البحر تسأله
يا بحرُ هل لغدي أن يبتنيه غدُ
هل كنتَ تجهل أن البحر ليس له
نذر وأنكَ في أمواجه زبدُ
يا نهر دجلة يا نهر الفرات إذا
جفا جرى بهما من دمعك الأبدُ
قاص إباؤكَ عمن لا إباء لهم
دان بجودكَ من جود حكته يدُ
تبكي فتنبت صحراء الأسى ألقا
حتى يشيخ بها من يأسه الرمدُ
عينان قد جرتا حزنا على وطن
لا شمس تدفئه مذ لفه البردُ
عينان غســلتا بالدمع من سقطوا
تحت الحصار وقوفا بعدما صمدوا
يا أمة برجال الأرض لو وُزنت
كانت لترجح عزا خطه الأمدُ
يا شعبُ أنت نشيد الحق في زمن
كُـذبت فيه فداك الروح والجسدُ
سروا عرفتك، صفصافا، ودالية
للريح يسرق منك الموت ما يجدُ
فاخرتُ باسمك من باعوك عن ترف
واخترتُ صفك حرا ما له سندُ
راهنتَ أنكَ تبقى في ضمائرهم
نارا، فكيف لهم بالنوم إن رقدوا
كانوا حيالكَ لما كنتَ قبلتهم
صاروا وراءكَ مذ خانوك وابتعدوا
ما إن يريكَ سواد الليل عقدتهم
حتى يحل ضياء الصبح ما عقدوا
بادٍ عليكَ خريف العمر في صغر
ها أنت ينطق فيك الشيخ والولدُ
عارٍ – كصبركَ مما يحتمون به –
داريتَ جرحَكَ دهرا.. والسوى جحدوا
خلدتَ قلبك مصلوبا على جُذُع
للنخل، لا سعف للظل أو مَدَدُ
منفاكَ فيكَ وتلك الأرض صحتَ بها
" إن الخيام أنا.. لو ينطق الوتدُ "
أغوت خُطاكَ دروب لا يَضِل بها
من كان خَـفه فقرا، والثرى رغدُ
شيعتُ عنكَ مديحَ الناي في لغة
كالغيم تُرفع، لا سقف ولا عمدُ
ألق القميصَ على عينيكَ، سوف ترى
يعقوبَ فيكَ، ومن بالزور قد شهدوا
إخوانَ يوسف من كادوا له حسدا
إذ خادعوكَ دما، والشكُ يتقدُ
واهٍ عليكَ ضريرا صرتَ تبصره
الآن تدركُ ماذا يفعل الكبَدُ
إذ ضَل يهمس ملء التيه " يا أبتي
ماذا فعلتُ، وفيمَ الحقدُ والحسدُ
لا ضوءَ يكشفُ ما في الجب، خذ بيدي
فالخوفُ يملؤني، والروحُ ترتعدُ "
خالد بناني
06-06-2011, 07:23 PM
مُدللـــــــه
أحلام عمركَ يا رفيقُ مؤجله
والقلب شاغبه الأسى.. فتحمله
ها أنت وحدك، نصف عمركَ هارب
والنصف، لا امرأة أتت كي تُكمِله
ما زال حلمكَ أن تظل أبا لها
وأخا لها، ووليدها.. ما أجمله
وتظل طفلتك الصغيرة دائما
وأميرة بين النساء، مدلـله
..
تحكي لها قصصا، وتظفر شعرها
وتجيبها مهما تعيد الأسئلة
وتعد وجبتها، فترفض أكلها
وعنادها.. لن تستطيع تخيله
تلك المشاغبة التي في غفلة
منها ومنك غدت عروسا مذهلة
أصبحتَ كهلا، والعروس صبية
والعمر يمضي، لستَ تُرجع أوله
..
تأتي إليك لكي تحقق حلمها
قرطين من ذهب، وأروع سلسله
فتقول "ليس الآن، نامي طفلتي
كل المحلات القريبة مقفله"
فتحس أنك لم تعد تحتاجها
وبأنها صارت أمامكَ مُهمَله
فتشق قلبكَ بالبكاء مرارة
وتعيد ما طلبت.. عسى أن تـَقبله
..
في غرفتين جلستما، وكأنه
ماء طغى حزنا.. ففارق جدوله
أغضبتها، وبقيت وحدكَ دونها
والليل دونكما معا.. ما أطوله
يا أنتَ، كيف جرحتَ طفلتك التي
ظلت على ما في الحياة مُفضله
يا قاسيَ الكلمات، بعضُ كلامنا
إن قِيلَ يكسِرُنا.. كأنا سنبله
..
يا تينك العينان، أي طفولة
هذي، تَراها بالبراءة مثقله
ها صوتها باق، وباق عطرها
والصوف أنت اخترته كي تغزله
من لا يصالح طفلة مجروحة
كن واثقا من أنه.. لا قلب له
قم واعتذر، واطرق برفق بابها
فالشوق يصهل.. والخيول مُكَبـَّـله
..
خالد بناني
07-08-2011, 04:49 AM
لم يغفُ قلبُكَ، طال الليلُ أم قصُرا
ما زال يركض خلف القلب حيث جرى
إذ تستفيقُ به أوجاعُه تِـبَـعا
والطفل فيه جفاه النومُ مذ كبرا
يحتارُ في سنوات العمر كيف غدت
من بعده أثرا.. من يُرجع الأثرا ؟
من ذا سواه بكاه الغيم أغنية
للريح يعزفها من قطره مطرا؟
الله وحده يدري أنه وطن
للناس، من جهل الدنيا ومن خبرا
نصفٌ سماءُ رجالٍ كالنجوم بها
والنصف تحت نعال الحاقدين ثرى
إن يظلموه فإن الله منصفه
طال الزمان بهذا القلب أم قصرا
خالد بناني
21-08-2011, 07:27 AM
وماذا إذا لم نكن ما نشاءُ
وهل تشتهي جرحها كربلاءُ
نغني، وفي الصوت حزن قديم
وفي القلب كم نكس الكبرياءُ
إذا ما ابتُلينا، عُرِفنا بصبر
أبي، كما يُعرفُ الأنبياءُ
هو الدهر، إما لنا أو علينا
سواء لنا أو علينا، سواءُ
فلله في الحالتين اختبارٌ
إذا كف مَناً، يليه العطاءُ
ومن ذا يُرى ما تمناه دوما
وهل من صباح سلاه المساءُ
وهل يسلم الطفل من فخ شيب
وهل من دجىً ليس فيه انتهاءُ
خالد بناني
25-10-2011, 10:55 PM
مد المدى، ومضى يغري به الشغفُ
حزنا يسافر.. لم يأبه بمن وقفوا
يتلو نخيله آيات، يبعثرها
كيد الرياح، فلا جذع ولا سعف
ضاعت مواسمه من كفه، فدنا
من ظله ليرى كم صار يختلف
لا شيء يبعث روح الطفل في رجل
مات الحنين به، واغتاله الأسف
يمشي.. كأنه لا يمشي.. على مهل
كالماء، ليس بغير الماء يتصف
خجلى خطاه، تراها كلما عبرت
درب الندرى كشفت ما ليس ينكشف
في صوته يهب النايات شهقتها
وحي المجاز، وإعجاز الذين نُفوا
...
..
.
خالد بناني
15-12-2011, 12:17 AM
وحدي أضيع إذا ما غبتِ أماه
من ذا سواكِ يضم الطفل، يرعاه
مهما كبرت وقالوا قد غدا رجلا
فالطفل في يهاب الشيب يغشاه
يا ليت أملك رد الأمس، ليس غد
يأتي ويسرع إلا ساق ذكراه
ردي علي غطائي، واحكِ لي قصصا
حتى أنام، فإن الليل أخشاه
ولتهمسي، فلهذا الهمس ألفته
كالماء يعبرني، والقلب مجراه
قولي أحبك يا طفلي، أعود بها
طفلا، وكل خريف العمر أنساه
من لي سواك على نفسي أحن، إذا
ما الآه صحت بها، رددتِ " أواه "
خالد بناني
05-03-2012, 01:02 AM
دمك الشريد ودمعك المتحجر..
حزنا لحزن.. كيف قلبك يصبر
وكأن في وجع الغياب وصية
مني إليك، إلي منك تهجّر
سافرت فينا مثقلا بفجيعة
وعبرتنا.. كالوهم لما يعبر
يا جرحنا ونزيفنا وبكاءنا
كم أنت أنت.. وكم سواك الآخر
لا تختبرنا بالرحيل، فإننا
في كل موت بالإجابة نخسر
لم تنس شيئا، كل شيء حاضر
فينا، فكيف بمن غدا لا يذكر؟
تاريخ هذا الجرح نخلة مريم
كبرت، وإن الجرح أكبر.. أكبر
..
خالد بناني
07-04-2012, 10:01 PM
يا شــــــــــــــــــام
بيني وبينكِ، لا أخطو ولا أقف
بالله كيف تراه الصبر يُقترف
مني سُرقتُ، إليكِ الحزنُ يأخذني
قسرا، ويُخطفُ قلبٌ ليس يُختطف
لا في هناك، ولا في هاهنا جسدي
روحي هناك، وفيَّ الروح ترتجف
حتى كأنكِ أمٌّ دونها ولدٌ
أو نخلة يتهاوى حولها السعف
يا شامُ صرتُ أراني في ثراكِ دما
يجري ودمعة أم ساقها الأسف
ما زلتُ أسأل عنا كل أرملة
هل متُّ قبله، أم أني له خلف؟
يا زوجَها وأباها وابنها.. عبثا
تـُرثى وأنتَ بثوب الشام تلتحف
جريئة مدنٌ تهدي لقاتلها
أبناءَها تبعا، والموتُ يَقتطِف
لله دركِ من أرض ترددهم
وقتَ العزاء نشيدا لحنُه شرف
أنتِ العروسُ بلا عرس ولا فرح
زغرودة بمقام الجرح تتصف
والله إنكِ يا شامَ الأسى مثلٌ
للصبر، حيَّر من في صبركِ اختلفوا
أيوبُ أكبرَ فيكِ الصمتَ عن ألم
أيوب جاءكِ ملء الفخر يعترف
سربُ اليمام مضاع دونما جهة
يغدو، يروح، وفيه الشوق واللهف
كم ضيَّعته رصاصاتٌ إذا حُجبت
عن بعضه، فلبعض منه تنكشف
والموت يرصدُه كالظل منعطفا
ما ضل عنه، وهذا السرب ينعطف
ها أنتِ وحدكِ لا ظهر ولا سند
خاب الذين أشاحوا عنكِ وانصرفوا
أخجلتِهم بثباتٍ عزَّ في زمن
حباتُ لؤلئه يرمي بها الصدف
رُدي علي : أمِن حقد، أمن حسد
لم يسعفوكِ، أمِن مكر به عُرفوا ؟
مرُّوا عليكِ، خُطاهم لا سبيل لها
خوفا، فكيف بهم لو أنهم قصِفوا
يا من عليكِ بكوا مينا وتورية
اليوم يُكشف عنهم زيفُ ما ذرفوا
يا شــــــــــــام
...
خالد بناني
25-05-2012, 11:52 PM
لا تبكِ جرحكَ، عش إباءكَ، وحدنا
نبكي، وتكبُر في مصابكَ مؤمنا
كن أنتَ أنتَ، كما عرفتُكَ دائما
حُرّا، أبِيَّ النفس، صلبا، ليِّنا
تمشي حذاء الغيم، تحمِلُ في يدٍ
صبرا، وبالأخرى توزعُ سوسنا
تدري بأنكَ لستَ آخر منذَر
للضوء يسرق منكَ ظلا موهَنا
آمنتَ بالذكرى، وكذَّبتَ الذي
ما صدَّقَ الرؤيا، وما يوحَى لنا
يا فجرَ هذا الليل كمْ أخَّرتَه
حتى يكاد الفجرُ ينسى أمرنا
كم صرتَ فينا متعَبا، ومشرَّدا
وصدى صداكَ يظل يهمسُ: "من أنا؟"
جُعنا لتشبعَ، جعتَ لم نشبع ولم
تشبع، وظل الخبز باق هاهنا
هذا نشيدُكَ يا ابن أمي، لم يَعُد
يتلو سواكَ، وأنتَ تتلو حزننا
بشَّرتَ بالنسيان صمتا متخَما
بالذكريات، لكي نضمِّد صوتنا
واخترتَ هذا النزفَ نمشي فوقَه
كي نعبُر الماضي.. وتبقى خلفنا
لا تولَد الكلماتُ إلا طلقةً
ومتى تُقَلْ تُنسى، ونذكُر موتنا
بالله يا من فيكَ نكبر خُفيةً
ونخبِّئُ الأحلامَ، كيف تركتنا؟
لا تبك جرحك...
خالد بناني
01-06-2012, 12:49 AM
تكشَّفَ عنكِ ثوبُكِ يا دمشقُ
أيستُرُ عِرضَكِ المفضوحَ شرقُ؟
أراك مليكةً من غير تاجٍ
وسيدةً لخادمها تُرَقُّ
وأُدمى من جراحِكِ، لا لشيء
سوى أنِّي هنا نزفا أرِقُّ
وأسألُ: ما الهوى؟ فأجيبُ دمعا
هو الذكرى، وأطلالٌ.. وشوقُ
وقلبٌ كم له في الحزن باعٌ
يدقُّ على الضلوع.. ولا يدقُّ
تكالبت الأسود عليك دهرا
وأنت غزالة... كم نز عرق
وتأبين الهروب وأنت حُبلى
غبار الصبر حولك لا يشق
...
خالد بناني
03-06-2012, 04:30 PM
موسى ووادِ طُوى سطران في ورقي
والحُسنُ يوسفه كحلٌ على حدقي
ما زلتُ اسمع وقْعَ النعل حين خطا
فوق الجراح، كأني بالكليم رقي
والروح تبصِر صِدِّيق الهوى كلِفاً
بالله يعصمه من فاحش الخلق
آنستَ نارَكَ، فاستأذنتَ في قبس
تأتي به، ولعل الهَدْي في الحُرَق
واخترتَ سجنَكَ حتى لا تمُدَّ يداً
في غير ما ملكَت، درسا لكل تقي
موسى ويوسفُ.. يا مصرَ التي زُرِعَت
بالأنبياء نخيلا، بالدماء سقي
مني عليكِ سلام الله ما طلعت
نذرا بمغربها شمسٌ على أفُق
يا بعض جرحيَ، هذا الجرحُ بعضُكما
من ذا يُزيل أجاج الملح من عرقي
داريتُ حزنَكما سرّاً تكشَّفَ بي
حتى كأنكما مني ومن مزقي
يا ابن التي قذفت في اليمِّ غاليَها
والروح تغرق في خوف وفي قلق
وابن الذي عمِيَت عيناه من حَزَن
والحدس يُنْبئُه: بالدمع لا تثق
مصر التي مُلئت أحداقُها رمداً
تهدي سبيلَك فيها سورةُ الفلق
كادوا لها، فأبَت أن تنحني رهبا
والله حافظُها من شرِّ مسترِق
يا أمُّ صبركِ، يا يعقوبُ دُم مثلا
في ذكر ربكَ يُتلى ساعة الغسق
خالد بناني
21-06-2012, 12:57 AM
مِنْ بَعْدِ شَيْبٍ، كم شُغِفْتُ بشاميهْ
ليت النساءَ خُلِقْن شاماً ثانيهْ
همساً.. ولا امرأةٌ تُغرِّرُ مثلها
بالهمس إذ تشدو، وترقصُ حافيهْ
تمشي على صمتي، فأتبَعُ ظلَّها
والشوكُ يجرحُها.. فتنزفُ باكيهْ
قلبي تعثَّر في هواها مُرغَماً
يخطو مُضاعَ الدربِ، يسألُ: من هيَهْ؟
لم يَرْضَ بامرأةٍ تُكابرُ غيرها
تغترُّ آمرةً عليه وناهيهْ
لم أدْرِ كيف الرِّمشُ يجرح جفنَه
أو كيف تصبحُ كل آهٍ داميهْ
هذي النشيدُ/الأمنياتُ تحولت
نهرا من الأحزان يَعبُر رابيهْ
إن غِبتُ عنها فجأةً، من خوفِها
تغدو بأسماء الحنين مناديهْ
في الشام مَن منَّا يُفَضَّلُ، كُلُّنا
أعنابُ كَرْمٍ لا نَمِيزُ بداليهْ
في الشام يُصبح مثلَ عبدٍ سيِّدٌ
ويسودُ عبدٌ، فالجميعُ سواسيهْ
لا فرق يُذكر حين يُسحَر خافقٌ
ما بين سيدةٍ وبين الجاريهْ
في الشام مَن منا يُخَيَّرُ؟ كلُّنا
يغري بنا حُسْنُ العيونِ الحانيهْ
شوقا نُساقُ بلا مقاومة، كما
ساقَتْ يَدٌ وردا ليسكُنَ آنيهْ
أسرى لشاميةٍ تَقَلَّبَ حالُها
ما بين حالِمَةٍ ترِقُّ.. وقاسيهْ
تطغى ونقبَلُ كلَّ جور صادر
منها، كأنَّ الجور عدلُ الطاغيهْ
قدِّيسةٌ وقفت كوقفةِ مريمٍ
والحملُ يُثقِلُها فتعرَقُ ظاميهْ
تجتَرُّ مِحنَتَها بصبرِ مُحِبَّةٍ
لله، تطمع أن تُجاوِر آسيهْ
هزَّت بجذع النخل تطلُبُ تمرَه
وتلُمُّه رُطَباً لتُطعِم ماريهْ
صلَّت لأجل الشام ليلةَ قُتِّلَت
والكحلُ، حزنُ الماء، فاض بساقيهْ
باتت تُلَمْلِمُ بالدعاءِ شتَاتَها
والصُّبْحُ أدرَكَها ولَمْ تَكُ غافيهْ
تتلو من القرآن سورةَ "غافرٍ"
و"العاديات" و"فصِّلت" و"الغاشيهْ"
اللهُ ألهمها يقينَ محمدٍ
في الغار تحرُسُه الحمامةُ راضيهْ
والعنكبوتُ بِكُلِّ خيطٍ قد بَنَتْ
بيتا يُضَلِّلُ بالشِّباكِ الواهيهْ
ويقينَ موسى حين أدرَكَ بحرَه
ووراءَه فرعونُ قادَ زبانيهْ
إذ قال "كلا"، ثم أُوحِيَ للعصا
في الماء أنْ شُقِّي طريقا خاليهْ
ويقينَ عيسى حين دُبِّرَ موتُه
كيداً، ومكراً بَيِّناً، وأنانيهْ
إذ قِيلَ "يُصلَبُ"، ثُمَّ قُرِّبَ رحمةً
لله، تحرُسُه السَّماءُ العاليهْ
يا أُمَّةً ضحِكَت كأنَّ مُصابَها
في الشام يُفرِحُها، لتسكَرَ لاهيهْ
والشامُ نائحةٌ تَفَرَّقَ أهلُها
شقَّت قرابتَها ثياباً باليهْ
إخوانُها، أعمامُها، أخوالُها
أصهارُها.. أعجازُ نخلٍ خاويهْ
في الشام إن بادَلْتَ شامَكَ حُبَّها
يُردِيكَ سَفَّاحٌ بنصْلِ كراهيهْ
في الشام تُغْسَلُ بالدموع دماؤُها
كم رخَّصَ التُّجَّارُ شاماً غاليهْ
في الشام يختَصِرُ المسافةَ صبرُنا
فتصيرُ قاصيةُ المَواجعِ دانيهْ
يا أول امرأةٍ خُلِقْتِ قصيدةً
والصبرُ وزنُكِ، واحتمالُكِ قافيهْ
علَّمتِنا أنَّا نموتُ بقَهرِنا
والشامُ تأبى أن تموتَ طوَاعيهْ
لا تنتهي والموتُ يسرقُ أهلَها
منها تِباعا، بل تظَلُّ الباقيهْ
سِرُّ احتمالِكِ للأسى مُترفِّعٌ
يأبى شموخاً أنْ يُقَالَ علانيهْ
حتى إذا ما صحتُ "ما بكِ؟" قلتِ لي
"لا شيءَ.. لا أدري.. أَتَعرفُ ما بيهْ؟
شامٌ أنا، أرضٌ وأنثى، نحتمي
بالعُرْيِ: عاريةٌ تُدَثِّرُ عاريهْ
عُهرُ العُروبةِ أنْ يُباركَ موتَنَا
من سنَّنوا بالصمتِ سيفَ مُعاويهْ"
..
.
خالد بناني
25-06-2012, 02:25 AM
يا نقشَ كفٍّ مثل حُزن الماءِ
إن النقوشَ وصيةُ الحِنَّاءِ
يا طفلةً بالأبجدية كمْ لَهَتْ
وتلاعبتْ بمَواقع الأسماءِ
مُدِّي إليَّ الريحَ أعبرُ فوقَها
أتلُو بقلبي سورةَ الإسراءِ
إني بِدُونِكِ شاردٌ، مترددٌ
أشلاءُ فكري دونما أشلاءِ
ومضاعُ رُوحٍ في دروبٍ خُضتُها
مَشياً بلا جهةٍ، بلا إعْياءِ
في البُعد أدنو من صَدَاكِ مُصدِّقاً
ما قد يُسِرُّ به صدَى الأصداءِ
يا طفلةً تحكي بصمتٍ آسرٍ
أحلامَها همساً على استحياءِ
رُدِّي إليَّ/عليَّ بعضي، أو ذَري
بعضي بلا بعضي.. بغيرِ لقاءِ
كَفٌّ يُراقُ بها دمي، حتى متى
جُرحي يسيلُ بكفِّكِ البيضاءِ
هذا أنا في الراحتين مبعثر
ما زلت بينهما أعيد ندائي
يا آية الله التي قد زينت
نقشا تواضع دون فيض نقاء
كابرتُ كي أُخفي حنينا لم يعد
يخفى لمن صار القصي النائي
لولاكِ متُّ وفي البِعادِ مرارةٌ
يا كُلَّ أسبابي وعُذرَ بقائي
يا طفلتي.. إنَّ اصطباري خادعٌ
مَنْ لي سواكِ وأنتِ كلُّ نسائي
يوماً وعدتُكِ أنْ أغِيبَ، وهاأنا
يأبى عليَّ القلبُ أيَّ إباءِ
ما عدتُ أدري ما أريدُ، ولم تعُدْ
تُغري عُيوني أجملُ الأشياءِ
ما بين "غائبةٍ" و"حاضرةٍ" غدَا
دائي غيابُكِ، والحضورُ دوائي
خالد بناني
15-08-2012, 03:43 PM
لا تعتبي.. فلنا في صمتنا عتَبُ
أخجلتِنا بجميلِ الصبرِ يا حَلَبُ
نمشي ونحن عراةٌ من عروبتنا
والدهر يَضحكُ لمَّا صِحْتِ: يا عربُ
حتى بكى عجباً منا ومنكِ على
ما لَمْ نَصُنْ، فبكى من أمره العَجَبُ
أمٌّ تضمُّ فتاها مَيِّتاً فإذا
بالدمع يخذلها، والآه تَحتجِبُ
*نَمْ يا بُنَيَّ...* وتدنو منه تلثُمُه
والذكرُ يقرؤه ملءَ الرجاءِ أبُ
لا نعشَ يُحمَلُ فيه المخلِصون، ولا
في الأرض ما يَسَعُ الأنذالَ إن هَربوا
يا أمَّةً نقضَتْ عهداً وليس لها
طَرْفٌ يَرِفُّ، ولا قلبٌ بها يَثِبُ
لا شيء يُشعرها بالذنب مثل بني
يعقوب حين على من عاهدوا كذبوا
إني لأَخجلُ مِنَّا كلما قَصَفوا
دُوراً تَخِرُّ وأهلاً هَابَهُمْ رَهَبُ
لا ثأر يُوجِعُنا، يَا لَيْتنا حجرٌ
نُرمَى، ويقذِفُنا مَن هَزَّهُ الغَضَبُ
يا أُمَّتي.. أعَلَى هذا نُردِّدُها
منذ الصِّبا، وبِحِبْر الصِّدْق ننكَتِبُ؟
*روحي فِدَا وطنِ الأحرارِ*.. كيف بنا
بِعْنَا أُخُوَّتَنا والموتُ يُرتَكَبُ؟
يا أمَّتي.. أوَليسَ الشَّامُ من دَمِنا؟
أْم أننا وطنٌ، والشامُ مُغْتَرَبُ؟
...
خالد بناني
22-08-2012, 08:57 PM
يا شامُ يا شامُ المَوَاجِعُ واحدهْ
فيكِ الذي فينا، وروحُكِ شاردهْ
كَفِّي على قلبي، وقلبُكِ راشِحٌ
يُغري دمي نزفاً، وكفُّكِ باردَهْ
ما زلتُ هذا الطفلَ يُتِّمَ حلمُه
تُدْني له الذكرى حنانَ الوالدهْ
يشتاقُ عينيها، ورَنَّةَ صَوْتِها
والأهلَ مجتمعين حول المائدهْ
اللهُ، يا اللهُ، يا للهِ مِنْ
باغٍ تجبَّرَ، والمجازرُ شاهِدهْ
موتٌ.. كأنَّ الموتَ نازحةٌ لها
وعدُ الثَّرى، والشَّامُ أرضٌ واعِدهْ
لا ترفضُ الآتين صوبَ خِيامها
الرَّاكبين الغدرَ خيلاً جاحِدهْ
الذارفين الدمعَ حُزناً كاذِباً
والشامُ تَعرِفُهم، وتصْبِرُ صامِدهْ
يا شامُ يا شامُ المسافةُ باعَدَتْ
بيني وبينكِ، والمسافةُ حاقِده
تقسو على روحي، وتُنكِرُ أنني
حبٌّ توضَّأ من دُعاءِ العَابِدهْ
يا أنتِ.. يا نعشَ النشيدِ مُكَفَّناً
بالضوءِ، مُلتبِساً بأَنِّ الزَّاهدهْ
لمْ يَسترِحْ جُرحُ التُّرابِ، ولا يَدٌ
تغدو حُنُوّاً، ثم تَرفِقُ عائِدهْ
يا كَمْ تَكامَلَ في البِعادِ حضُورُنا
بغيابِنا، جيلاً يُبايعُ قائدَهْ
يا شامُ فلّاحُ العروبةِ مُرهَقٌ
في أرضِكِ العطشى تَوَسَّدَ ساعِدهْ
ما عادَ يَحْمِلُ هَمَّها، كغمامةٍ
تدنو بها مطرٌ، وتخذِلُ صاعدهْ
يا شامُ صبرُ الأنبياءِ ورثتِهِ
ودموعُكِ الحَرَّى تَظَلُّ مُعانِدهْ
لا تنحني للقهرِ، ترفضُ ذُلَّها
تبقى شموخاً في المَحاجرِ جامدهْ
فيكِ الذي فينا، وما فيكِ الذي
فينا، وفينا أنتِ وحدكِ راشدهْ
كمْ أنتِ غاليةٌ يُرَخِّصُكِ العِدَا
ياقوتةً تُزجَى بسوقٍ كاسِدهْ
يا شــــــــام..
خالد بناني
27-09-2012, 04:07 PM
صوتي وسوطُكَ بيننا ضدان... والصبرُ يكسرُ قسوةَ السَّجَّانِ
قل لي لماذا لا تطيقُ بلاغتي... وبأي ذنب تستبيحُ بياني
وعلام حاصرتَ الكلامَ، وكلُّه... ماءُ العروبةِ فاضَ منه بناني
***
قُلْ للذين غَدَرْتَ بي لِتَفِي لهم... مهما فعلتم، لن يُهَدَّ كياني
سأظلُّ طفلاً لا يشيخُ بحُلمِهِ... يتلُو صلاةَ الدمعِ للأجفان
ممشاهُ يَعْبُرُه ويُدركُ أنه... ما ثَمَّ غيرُ الموتِ مِلْءَ مكان
***
عرشٌ تَوجَّسَ خوفَ طفلٍ ربما... إن عاش يَخْلُفُ منصبَ السلطان
خوفُ العروشِ على الطغاةِ كأنه... إرثُ الطغاةِ وشُفْعَةُ الولدان
فرعونُ ماتَ مُكذِّباً ليقينِه... ومُصدِّقاً لنُبُوءةِ الكُهَّان
***
موسى يقولُ لأمِّه : فلْيُلْقَ بي... يَمُّ الطغاةِ أراهُ بَرَّ أمان
لا تقلقي، فرعونُ ليس بقاتلي... أعْمَتْهُ عِزَّتُه، فكيف يراني
سأشِبُّ في كنف العدو كأنني... من صُلبه، لا خوفَ إذ يرعاني
***
عيسى يقول لمريمٍ : لا تَحزني... كم أنتِ كاملةٌ بلا أحزان
هُزِّي بجذعِ النخلِ يُسقِطْ تمرَه... رُطَباً يُخالفُ تمرَ نخلٍ ثان
وإذا لقيتِ الناسَ قولي إنَّ لي... نذراً يصومُ عن الكلامِ لساني
***
يا نارَ ابراهيمَ كوني حولَه... آياتِ بردٍ من لظى النيران
ولتُبطِلي كيدَ الذين رموا به... لِيُكَمَّ صوتُ الحقِّ بالدخان
هذا سلامُ اللهِ بُثَّ كرامةً... لنبيِّهِ، وحياً بلا نُقصان
***
دمُ يوسفٍ عَمَّ القميصَ خديعةً... والذئبُ مُتَّهَمٌ منَ الإخوان
في البئر نادى : يا أبي، يا إخوتي... والصمتُ بدَّدَه صدى الجدران
يعقوبُ ناجى ربَّهُ حتى بكى... من حزنِهِ، وابْيَضَّتِ العينان
***
نوحُ الذي صنع السفينةَ قبل أنْ... تأتي على الدنيا يدُ الطوفان
لما سعى في الناس حتى يَرْكَبُوا... لَبُّو كما أُمِروا، سوى كنعان
آوى إلى جبلٍ ليعصِم نفسَه... والماءُ فصلُ الكفرِ والايمان
***
سبحان من سوَّى لِيُونُسَ قبْرَهُ... حُوتاً ببحرٍ، ليلةَ الفُرقان
هي ظُلمةٌ، في ظُلمةٍ، في ظُلمةٍ... يا حظ مُقترِعٍ على العيدان
مَنْ قال قد ينجو ليدعوَ قومَه... مِنْ بعدِ موتٍ مُعْجِزِ البُرهان؟
***
أيوبُ نادى : ربِّ إني مسَّني... ضُرٌّ، وكلُّ الناسِ قد جافاني
يا ربِّ، وامرأتي تبيعُ ظفيرةً... من شَعرها بِلُقَيْمَتَيْ حِرمان
يا ربِّ هَبْ لي بَعدَ صبريَ آيةً... يُشفى بها مِمَّا به بُنْياني
***
**
*
خالد بناني
07-11-2012, 08:46 PM
لا نلتقي إلا ونَحتضِنُ الوداعا... لا وقتَ يكفي، هكذا ضِقْنا اتِّساعا
نحن الغريبان اجتمعنا صُدفةً... لنصير مُلكاً للفِراقِ مُشَاعا
نُبْدِي لبعضٍ جُرحنا بعُجالةٍ... ونَقُصُّ أوجاعَ الزمانِ سِراعا
نقتَصُّ من حُزنٍ يُباغِت فرحةً... خَجلى بصَبرٍ نرتديه قِناعا
نحكي عن الموتى، وعن مَن دُونَهم... موتى، بحُلمٍ في الحياةِ تداعى
هذي الأكُفُّ اليابساتُ تشقَّقتْ... جِلداً على عظمٍ، تئِنُّ تِباعا
هي طَلْعُ هذي الأرض، ليس لأهلِها... مِن قَمْحِها حَظٌّ يُغيثُ جِياعا
لا مُدَّ يُعْطاها، وحُقَّ لها إذا... ما استرخَص المُلَّاكُ دُونَه صاعا
حتى إذا ما لُملِمتْ حبَّاتُه... صاحوا: سُرِقنا.. مَن يَرُدُّ صُواعا؟
يا مَن غَصَبْتُم كلَّ شيءٍ عُنْوَةً... بالمال مِن مَن يَكْتَسُون رِقاعا
لم تشتروا منهم كرامتَهم ولم... تستبدلوا بالجاهِ حِسّاً ضاعا
فقراءُ لكن أغنياءُ بصِدقهم... وبأنفُسٍ لا تستطيعُ خِداعا
لا يَسألون الناسَ إِلْحَافاً، على... فَقْرٍ لِعِزَّتِه يُذِلُّ مَتَاعا
يَتَمَنَّعُون تَعَفُّفاً، فَيَخَالُهُمْ... ذُو الجَهْلِ يُخْفُون الثَّراءَ طِباعا
لا يأكلون السُّحْتَ مَهْمَا نَابَهُمْ... جُوعٌ يُؤَجِّجُ في الحَشَا أوجاعا
ليسوا عبيدا للذين سَطَوْا على... أكْواخِهم، حتى تُشَادَ قِلاعا
بُسَطَاءُ يَقتسِمون حيث تواجدوا... شِبْراً تُصَيِّرُه القَناعَةُ باعا
لا يُسْفِلُونَ أكُفَّهُم لأكُفِّكُم... ولِرَبِّهِم مَدُّوا الرَّجَاءَ ذِراعا
صَلواتُهُم صَمْتٌ، يُوَضِّئُ كَدَّهُم... عَرَقُ المَشَقَّةِ، سِرُّ صَبْرٍ ذَاعا
شايٌ وكِسْرٌ مِن رَغِيفٍ يَابِسٍ... أشهى، فسِيري يا حياةُ.. وَدَاعا
خالد بناني
27-11-2012, 02:28 AM
يُداري خلفَ ضحكتِه أسَاهُ
وتُبدي العينُ ما تُخفي الشِّفاهُ
غريقُ الحُزنِ مبتلٌّ بدمعٍ
تحاولُ أنْ تُكذِّبَهُ يَدَاهُ
يُجَفِّفُ قَطْرَهُ، كفّاً بِكَفٍّ
وتَعْصر قلبَه المفجوعَ آهُ
جميلُ الصبر فوق الصبر يَعْلو
ويَعْرُجُ مؤمِناً يَتْلو خُطَاه
يُصَلِّي للذين أبَوْا رُجوعا
فسَاروا، دُونَ وِجهتِه، وتاهوا
هو المنذورُ للمنفى، شَريداً
يُحاصِرُ غُربةً لَفَّتْ ثَراه
مضى في الضوءِ، حيث الضوءُ حلمٌ
رآه مُشتَّتاً، ثم احتواه
إلى حيث انتهى من قَبْلُ، لكنْ
بلا ضوءٍ يَقُودُ لما نَواه
بعيدا، دونَ إسراءٍ ووحيٍ
تَمَثَّلَ سِدْرَةً في مُنتهاه
هو المنفيُّ والمَنفى، تساوى
به الوجهان، لم يُشبِه سِواه
أراني فيه مَنفِيا ومَنفى
كأنِّي فيَّ مِنْ حُزني أراه
أيا بَعضاً به قد آبَ كُلِّي
وكُلاً راحَ بعضي في مَدَاه
كلانا واحدٌ، واسمين صِرنا
أنايَ تَوحَّدَتْ فيها أنَاه
ينادي "يا أنا" "يا أنتَ" حتى
يكادُ يَضِيعُ بينهما صَداه
أُبايعُ قولَه غَيْباً بقَوْلي
فأروي عنه ما عني رَواه
يُفَكِّرُ في رُؤىً مني توالتْ
وإنْ فكَّرتُ أَوْرَدَ لي رُؤاه
يُجَرْجِرُه الهوى نحوي فيَدْنو
وأدنو منه يسحبُني هواه
وأنزِفُ مِنْ جِراحٍ فيه سَالتْ
تَمُرُّ به مُدايَ، وبي مُدَاه
يفيض بمقلتيَّ الدمعُ حُزناً
يخالط ما تصبه مقلتاه
خالد بناني
20-12-2012, 06:00 PM
أتدري كم أحبكَ يا حسينُ
وقلبي ملءَ صوتِكَ كم يحِنُّ
مضَيتَ، وصرتُ وحدي دونَ كفٍّ
تشدُّ يدي لتفضحَ ما أُكِنُّ
أحبكَ، لو أحبكَ طولَ عمري
أيُرجِعُكَ الهوى فتَراكَ عينُ؟
أبي.. خذني إليكَ ولو قليلا
لتُولدَ فرحتي، ويموتَ حُزنُ
ودِدْتُكَ لو تكونُ معي وترعى
شؤوني.. كلما أبكي تُجَنُّ
أَلَمْ تَشْتَقْ لطفلتِكَ التي في
غيابكَ نابَها صمتٌ وأَنُّ؟
يعذِّبُ يُتمَها أنَّ الصبايا
لهُنَّ أبٌ، ولِي وَهْمٌ وظَنُّ
أتى عيدي فأينك من عناقي
ندندن وحدنا، ويضوع لحنُ
تمد يديك لي، فأجيب عدْوا
يداك مسافتي، والصدر كونُ
تثيرك سُمرتي، وكأن لونا
سوى لوني أنا ما فيه حُسْنُ
وتقسم أنه لولا جَمالي
يُدَوِّخُ هكذا، ما اسْمَرَّ لونُ
أبي عُدْ مِن غيابكَ، أنتَ أدرى
بما يعنيه للأحبابِ بَيْنُ
ترفَّقْ بي، وزُرْ بيتي، وهَبْني
منَ الأيامِ وقتاً لا يَضِنُّ
أقامَ الناس للأعيادِ وَزْناً
وعيدي ما لهُ مُذْ غِبْتَ وَزْنُ
لَكَمْ أقسَمْتَ مِلْءَ الصّْدْقِ أنَّا
معاً نبقى، فهل ما قِيل مَيْنُ؟
وكنتَ وعدتني أنْ لا فراقٌ
ووَعْدُ الحُرِّ - مهما غابَ - دَيْنُ
أبي، ما بيننا كَمْ صارَ بَوْناً
كبيراً، والهوى ما فيه بَوْنُ
أنا أدري بأنكَ لستَ تأتي
وأنَّ الحُلْمَ بعدَ الموتِ مَنُّ
فذَرْنِي أكتفي بالشِّعْرِ بَوحاً
لتدري كمْ أحبكَ يا حسينُ
خالد بناني
14-04-2013, 01:29 AM
جرحٌ على جرح، وصبرٌ يُغزَلُ
خيطاً يرمِّمُ ضفتين ويُفتَلُ
تمشي بنا الدنيا، ونمشي دونها
لنجيب عما قبلُ كنا نَسألُ
لا شيء إلا ما تركنا خلفنا
يغدو جميلا، والمسافةُ أجملُ
عينان، هذا الشوقُ، رعشةُ دمعةٍ
تهوي/ولا تهوي.. تُطِلُّ وتخجَلُ
شفةٌ يضيُّعُها التلعثُمُ سِرَّها
عبثا تحاولُ أن تقولَ، فتذهلُ
كفٌّ تُلَوِّحُ بالوداع، وفي المدى
دخانُ قاطرةٍ، وقلبٌ يذبل
يا أنتِ.. رديني إليَّ، توقفي
عودي، فإني في غيابكِ أُقتلُ
أيامنا في الحزن عمرٌ هاربٌ
رجْعُ الصدى، والصوت منا يُنسَلُ
وكأنني وحدي، وأنتِ سليبةٌ
مني، بلا ذنب، شريدٌ، أعزَلُ
هذا المكان يشدني، وأشده
وأودُّ لو يُرخي يديه، فأرحلُ
إذ كلما ناديتُ باسمكِ موجَعاً
صاح الصدى: لا شوقَ إلا الأولُ
عينان راجفتان، قلبٌ متعَب
مما ألمَّ بنا معا.. يتوسلُ
غيري تساوى بي، ويجمع بيننا
سرُّ انكسارٍ، في انكسار، مهمَلُ
وأنا أخالفهم، فحزنُ فراشةٍ
يبدو أخفَّ لهم، وعندي أثقلُ
يَمضون عِشقا، مُترَفين بفَقدهم
والغائبات حضورهن سفرجل
أتْلُو - ويُتلى بي - نشيدَ وداعةٍ
همساً، أرتِّلُ رِقَّتي.. وأُرَتَّلُ
للماءِ ذاكرةُ الترابِ مبشَّراً
ومبشِّراً، والماءُ وحيٌ مُنْزَلُ
خالد بناني
22-06-2013, 05:59 PM
في أولِ الشوقِ، لا في آخرِ الشغفِ
قُلْ للحياةِ وقد أعْيَتْكَ : فلْتَقِفِي
أتْـعَـبْـتِـنِي وأنا أعْدُو وَرَاءَكِ مِن
دَهْرَيْنِ، لستُ أرانِي بالغاً هَدَفِي
لَمْلَمْـتُـنِي وأنا فِيكِ المُشَتَّتُ، لَمْ
أسْلَمْ،على عُمُرٍ كَمْ ضَاعَ، مِنْ أسَفِي
ما زلتُ أحْمِلُ أحلامي، وتحْمِلُني
مِنِّي إليَّ، إلى أنْ أوْجَعَتْ كتِفي
هذي وعودُكِ ما أخلَفْتِها تِبَعاً
إلا لِيُكْسَرَ فيَّ الصبرُ.. فاعترفِي
عوَّدْتِني نَكَبَاتٍ كُلَّما قَصَفَتْ
نَخْلِي عَفَوْتُ، ولَمْ يَثْأرْ لَهَ سَعَفِي
آتٍ إليكِ بإرهاقي، وما حَمَلَتْ
روحي مِنَ الحَزَنِ الموشومِ كالكَلَفِ
آتٍ إليكِ لأُشفَى مِنكِ دون عصاً
أُلقي بها، وبلا وحيٍ ولا صُحُفِ
خافي، فلستُ بمنْ يَخشاكِ مُرتجفاً
خافي، فلستِ بمن أخشاهُ، وارتجفي
خالد بناني
25-10-2013, 09:41 PM
تَبْكِي الجِرَاحُ إِذَا قَسَا الْجَرَّاحُ
يَا مِصْرَ يُوسُفَ، كُلُّهُم ذَبَّاحُ
فِيكِ الذي يرثي مُصَابَكِ مُعْلِناً
دَمْعَ الرِّيَاءِ، وَوَجْهُهُ فَضَّاحُ
وَجْهَانِ فِي وَجْهٍ: فَوَجْهٌ مُوجَعٌ
مَيْناً، تَسَتَّرَ خَلْفَهُ السَّفَّاحُ
كالأرضِ يَحْرُثُهَا وَيَحْصُدُ أُكْلَهَا
فإذا سَأَلْتَهُ، أَنْكَرَ الْفَلَّاحُ
قُلْ لِي متى نَمْشِي بِقَلْبٍ آمِنٍ
فِي أَرْضِ مَنْ جارُوا، متى نَرْتَاحُ؟
ومَتَى تَعُودُ لِمِصْرَ مِصْرُ مَحَبَّةٍ
مِصْرُ السَّلَامِ، وتُحْفَظُ الْأَرْوَاحُ؟
هذا الأسَى سَنَرُدُّهُ، وَيَرُدُّنَا
سَنُزِيحُهُ عَنَّا، وَلَا نَنْزَاحُ
مَدَّ الظَّلامُ يَداً، لِيَطْعَنَ حُلْمَنَا
وَغَداً سَيَأْخُذُ ثَأْرَهُ الْمِصْبَاحُ
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir