تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الا النساء



هشام النجار
09-11-2013, 06:51 PM
بلغتْ أزمة الخبز أشدها فى باريس فاقتحمت فتاة صغيرة ضعيفة غير معروفة أحدَ المخافر وتناولت طبلاً ، وخرجت عدواً فى الطرقات تضربه وهى تصيح ( الخبز .. الخبز ) ! فأحاطَ بها فى لمح البصر جماعة من النساء ، وتقدمن الى المحافظة وأخذن السلاح ، ومنها الى قصر فرْسَاى وهن يزددن عدداً فى كل خطوة ، وتوالت أحداث الثورة المعروفة التى انتهت باعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته الملكة مارى أنطوانيت ، وموت ابنهما ولى العهد فى السجن .
لم تتحرك المنظمات الحقوقية والجمعيات النسوية التى تتشدق بحقوق المرأة ولم تنبسْ فريدة الشوباشى وفريدة النقاش واقبال بركة .. الخ ببنت شفة عندما كانت المرأة المصرية تُهان فى عهد حسنى مبارك ؛ حيث تصدرتْ نخبة الرفاهية ومدعيات التحرر والثقافة المشهد الاعلامى والسياسى والثقافى بجانب " سيدة مصر الأولى " ، التى اكتسبت مع مرور الأيام قداسة تتحول بفعلها اشارات الهانم الى قوانين نافذة .
نساء مصر افتقدن الحقوق والحريات والمساواة والشعور بالكرامة والمكانة ، شابات وعجائز فى الريف والحوارى والعشوائيات ، تطلعن طويلاً الى يوم يشعرن فيه بكرامتهن وانسانيتهن ، وكان لهن الدور الأكبر فى التضحية والتغيير ، سواء فى ميادين الثورة أو فى لجان الانتخابات ، عندما شعرن بأنه لم يعد هناك مجال لتزوير ارادتهن . .
سوزان كانت بعنادها واستعلائها سبباً رئيسياً فى قيام الثورة التى أطاحتْ بحكم العائلة ، كما كانت مارى أنطوانيت لنفس الأسباب سبباً فى قيام الثورة الفرنسية التى أطاحت بالملكية ، والتى غذتها دماء أكثر من نصف مليون مواطن فرنسى طامح للحرية والعدالة والمساواة .
الوضع لم يتغير كثيراً اليوم ، وعندما ضج الاعلام والمجلس القومى للمرأة ونساء النخبة فى الصالونات والفضائيات لست البنات عندما فُتحت أزرارُ عباءتها وكُشفت عورتها واعتدى عليها العساكر بالضرب ، كنا معهم ندين ونستنكر ونطالب بالمحاسبة والعقاب ، وكذلك استنكرنا عندما لطمَ أحدُهم احدى المتظاهرات أمام مكتب الارشاد بالمقطم مهما كانت الخلفيات والتفاصيل ، لكن تلك أحداث فردية يُماثلها على سبيل الثأر على ما يبدو اعتداء احدى الصحفيات على الشاب الاخوانى – الهارب حالياً – أحمد المغير فى أحداث وزارة الثقافة .
نتحدث هنا عن سلوك عام وثقافة دولة ومؤسسات فى أسلوب التعامل مع النساء ؛ فلماذا خرستْ الألسنة الآن وأين المنظمات والجمعيات والاعلام والصحف وبركة والشوباشى والنقاش .. الخ من الاعتداء على النساء فى مظاهرات دعم الدكتور محمد مرسى ونظام الاخوان ؟
الأصوات التى سكتتْ الآن عن هذه الانتهاكات والتجاوزات وعن الاعتداء على الفتيات بالضرب – فضلاً عن القتل كما حدث مع نساء المنصورة والشهيدة هالة شعيشع – وكذلك اعتقال النساء والفتيات وحبسهن ، هى ذاتها الأصوات التى خرستْ على هضم الحقوق والتهميش والابتذال والبذخ مع منتهكى الجسد الأنثوى بثقافة العُرى فى عهد سوزان .
النساء لهن وضع استثنائى فاحذروا مسَهن بسوء ، مهما كانت درجة الاختلاف مع أفكارهن وتوجهاتهن السياسية .
قد نختلف حول بعض النقاط ، لكن لا خلاف على حفظ كرامة المرأة واحترام قدسيتها ، بل واجب الدولة حمايتها والدفاع عنها لتعبر عن رأيها كما تشاء حتى تعودَ الى بيتها معززة مكرمة .
يبدو أن هناك نساء دون نساء ، فبعضهن تُسلط عليهن أضواء الاعلام ، مثلما حدث مع هذه السيدة المُسنة التى انتشر فيديو صفعها من شاب وُصف بأنه اخوانى – وهو مُدان ومرفوض ان لم يكن تمثيلية – أما الأخريات ممن يتعرضن كل يوم للضرب والاعتقال والحبس فلا اعلام ولا منظمات حقوقية ونسوية تهتم لأمرهن .
هذا مؤشر خطير جداً ومدمر ؛ فاحذروا من الانفجار الكبير والثورة العارمة الحقيقية ، لأن المرأة هى مُفجرة ثورات العالم ، التى اشتعلت معظمها بسبب هذا الظلم والكيل بمكيالين والنظر الى حقوق المرأة وحريتها فى التعبير من منطلق الانتماء السياسى ، فان كانت من نساء الاخوان وحلفائهم أُهينت ، وان كانت غيرَ ذلك أُكرمتْ .
احذروا من فتاة صغيرة ضعيفة غير معروفة تقتحمُ أحدَ المخافر وتتناول طبلاً وتخرج عدواً فى الطرقات تصيح " الحرية – المساواة " فتصنع ثورة .
ساعتها ستكون ثورة حقيقية .. ليست من أجل حكم ولا تنظيم ولا كرسى ولا مرسى ولا ك 25 يناير ولا 30 يونيو .
احذروا ثورة الكرامة .. احذروا انفجارَ النساء .