المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العَـرَّاف...



خالد بناني
10-11-2013, 02:27 PM
فِيمَ النُّبُوءَةُ أيُّهَا الْعَرَّافُ

والسَّيْفُ أصْدَقُ مَا رَوَى السَّيَّافُ

لَمْلِمْ دِمَاءَكَ، غَطِّ جُرْحَكَ، وابْتَسِمْ

فَكَذَا الْإِبَاءُ متى أَبَى الْأَشْرَافُ

بَيْنَ الْقَتِيلِ وَقَاتِلِيهِ مَسَافَةٌ

يُبْدِي الشَّجَاعَةَ - دُونَهَا - مَنْ خَافُوا

***

سَنُرِي الَّذِينَ تَكَالَبُوا مِنْ صَبْرِنَا

مَا لَمْ يَرَوْا، وَالْمَوْتُ فِيهِ رُهَابُ

لا سِرَّ في الصبرِ الجميلِ سوى يَدٍ

تَهَبُ الْحُضورَ، وفي العُروقِ غِيَابُ

حَمَلُوا الْمَصَاحِفَ، كَبَّرُوا، فَتَنَاثَرُوا

وَرَصَاصُ مَنْ حَمَلُوا السِّلَاحَ يَهَابُ

**

يَا بُحَّةَ النَّايِ التي كَمْ جُرِّحَتْ

مُنْذُ اسْتُبِيحَتْ بِالْأَسَى النَّايَاتُ

يُمْلَى الشَّهِيدُ على الشَّهيدِ وَصِيَّةً

تُتْلَى دَماً، فَتَلُفُّهُ الرَّايَاتُ

نَحْوَ الْجِنَانِ: فَسَابِقٌ وَمُسَابِقٌ

تَهْدِي سَبِيلَهُمَا لَهَا الْآيَاتُ

**

دَثَّرتُني بالصَّبْرِ حتَّى مزَّقوا

عنِّي الغُبَارَ، فَمَنْ يَخِيطُ غُبَارِي؟

وَلِمَنْ سَأشْكُو ما لَـقِيتُ وَشِقْوَتِي

أنَّ التَّـظلُّمَ ليسَ يَمْسَحُ عَارِي؟

رُدُّوا الْغُبَارَ عَلَيَّ حِينَ يَلُـفُّنِي

عُرْيُ المسافةِ، فالغُبَارُ دِثَارِي

**

وطنٌ بحجمِ الحُلمِ، أكْبَرُ مِنْ دَمٍ

ما جَفَّ بَعْدُ، ودمعةٍ تنْسَابُ

وطنٌ له في القَلبِ جَذرٌ موغِلٌ

في الذكرياتِ، يقينُه مرتابُ

وطنٌ غدَا بينَ النقيضِ وضدِّهِ

مثلَ الغريبِ يُحِيطُهُ الأَغْرَابُ

**

صُرْنِي إلى عينيكَ طَيْرَ نُبُوَّةٍ

كي يَطْمَئِنَّ - متى ذُبِحْتُ - فُؤَادُكْ

سِرْ بي إلى كلِّ الْجِهَاتِ، فليس لي

ضوءٌ يَدُلُّ إذَا اسْتَبَدَّ سَوَادُكْ

يا ذلك المَنْفِيُّ والمَنْفَى، كَفَى...

أتْعَبْتَنِي شَغَباً.. وفَازَ عِنَادُكْ

**

لَنْ يَهْزِمَ الْبَارُودُ صَوْتاً شَاعِراً

فالشِّعْرُ: أَنْ يُبْدِي الْيَقِينَ شُجَاعُ

يَمْضِي إِلى الْكَلِمَاتِ ظِلّاً مُوجَعاً

مُتَوَجِّعاً، فَتَخَافُهُ الْأَوْجَاعُ

يَتْلُو الْقَصَائِدَ لِلَّذِينَ تَـفَرَّقُوا

شِيَعاً عَلَى دِينِ الرَّصَاصِ، فَضَاعُوا

**

"سَأَصِيرُ يَوْماً مَا أُرِيدُ"... فَكَذِّبِي

عَنِّي الذِينَ إِذَا أَبَيْتُ.. أَرَادُوا

نَادَيْتِنِي "يَا أَنْتَ" ظَنُّوا أَنَّمَا

نَادَيْتِهِمْ، فَأَجَابَتِ الْأَحْقَادُ

هذا "أنَا"، لا "هُمْ"..أُكَابِرُ مَا أَرَى

مِنْهُمْ.. كَفَفْتُ مِنَ الْحُرُوبِ... فَزَادُوا

**
"سأصير يوما ما أريد..."
...

فاتن دراوشة
10-11-2013, 08:06 PM
يَا بُحَّةَ النَّايِ التي كَمْ جُرِّحَتْ

مُنْذُ اسْتُبِيحَتْ بِالْأَسَى النَّايَاتُ

يُمْلَى الشَّهِيدُ على الشَّهيدِ وَصِيَّةً

تُتْلَى دَماً، فَتَلُفُّهُ الرَّايَاتُ




**

دَثَّرتُني بالصَّبْرِ حتَّى مزَّقوا

عنِّي الغُبَارَ، فَمَنْ يَخِيطُ غُبَارِي؟

وَلِمَنْ سَأشْكُو ما لَـقِيتُ وَشِقْوَتِي

أنَّ التَّـظلُّمَ ليسَ يَمْسَحُ عَارِي؟

رُدُّوا الْغُبَارَ عَلَيَّ حِينَ يَلُـفُّنِي

عُرْيُ المسافةِ، فالغُبَارُ دِثَارِي



...

قصيدة رائعة معنًى ومبنًى كانت صورها قويّة حيّة نابضة جعلتنا نعيش الألم معك

هم أحياء عند ربّهم ومن قتلهم ميت يسير على قدمين صوب حفرة من نارٍ تنتظر جثّته

دمت مبدعًا أخي

مودّتي

أحمد الرحاحلة
10-11-2013, 08:29 PM
بديع جدا ما خطت يداك أخي الكريم

نص مشرق العبارة، سلس الدلالة، جياش العاطفة.

التناص الأخير جاء على بساطته منسجما وبناءك الخاص

استغلق على فهمي دلالة (العراف) في المطلع، لكنني نسيت أمره بعد أن أكملت التأمل

تقبل مروري وتقديري

محمد ذيب سليمان
11-11-2013, 01:26 PM
كما نراك دائما جميلا العبار متجدد الصورة
بهي المعاني الدالة والبناء الجميل
كل الود

ربيحة الرفاعي
11-11-2013, 11:25 PM
بديع شعرك يا خالد
مثخن بالجراح متخم بالمشاعر ناطق الصورة صادق الحرف والحس

للتثبيت إعجابا وتأييدا

تحاياي

خليل ابراهيم عليوي
14-11-2013, 07:38 PM
قصيد مليء ثورة و ابداعا
احسنت ايها الثائر الشاعر
تحيتي

جهاد إبراهيم درويش
15-11-2013, 10:12 PM
لله حرفك ما أبدعه ..
وجميل ما خط قلمك ..
نص متألق

بوركت

خالد بناني
16-11-2013, 08:47 PM
الرائعة دوما فاتن...
شكر الله لك مرورك الطيب
وأهلا وسهلا بك
مودتي

مصطفى حمزة
17-11-2013, 04:51 AM
أخي الأكرم الشاعر الفحل خالد
أريد أن أعيد معنى في النقد حفظته من زمن بعيد ، لستُ أذكر من قاله : فحواه أنّه ليس كلّ قديم من الشعر جيّد لقدمه
ولا كلّ حديث أقل جودة لأنه حديث . فهنا في هذه الأبيات صورٌ ومعانٍ أجود بكثير مما قرأنا لأبي تمام مثلاً في موضوع الحماسة
وأنا أرى أن البيت الأول ( فِيمَ النُّبُوءَةُ أيُّهَا الْعَرَّافُ * والسَّيْفُ أصْدَقُ مَا رَوَى السَّيَّافُ ) أجود من بيت أبي تمام :
( السيف أصدق إنباءً من الكتب * في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعب ) في بيت خالد السيف رواية يرويها السياف وما هذه الرواية
إلا ما يُبليه المجاهد في المعركة وهو الحق والواقع والفاصل لا نبوءة العرّافين .. والعرافون في عصرنا كل الكذّابين والمنهزمين ..
في بيت أبي تمام لا نجد هذا الريحَ وهذه النفحة الجهاديّة .. أبو تمام مرافق للجيش أو هو مراسل صحفي متفذلك الألفاظ .. عن بُعد !
وكذلك كان خالد موفقاً أكثر من أبي تمام في اختيار البحر الكامل الأكثر قدرة على استيعاب المعاني والأنسب للغرض من بسيط أبي تمام ..
يُقال الكثيرُ في أبيات شاعرنا الفذّ خالد ، في الجزالة وقوة إيحاء الكلمات لمعانيها ، والعاطفة النبيلة التي تلف الأبيات من أولها لآخرها ..
تحياتي لك وتقديري

خالد بناني
17-11-2013, 07:24 PM
العزيز احمد الرحاحلة..
تقبل فرحتي بمرورك الكريم سيدي
رعاك الله

خالد بناني
19-11-2013, 12:37 AM
أبي العزيز الشاعر الكبير محمد ذيب سليمان
محبتي وتقديري كما يليق بك وبمتابعاتك... كن بخير سيدي

خالد بناني
20-11-2013, 08:41 PM
أمي الغالية ربيحة الرفاعي
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
شكر الله لك حسن اهتمامك وديمومته
سعيد بعينك رقيبا عليَّ
أدامك الله لي ولنا جميعا
محبتي

د. مختار محرم
21-11-2013, 08:23 AM
تعدد القوافي جعلنا كأننا نتنقل في بستان متعدد الأزهار فنجني منه أجمل الشعر
لافض فوك أخي خالد
محبتي

هاشم الناشري
25-11-2013, 05:16 PM
وطنٌ بحجمِ الحُلمِ، أكْبَرُ مِنْ دَمٍ
ما جَفَّ بَعْدُ، ودمعةٍ تنْسَابُ

وطنٌ له في القَلبِ جَذرٌ موغِلٌ
في الذكرياتِ، يقينُه مرتابُ

وطنٌ غدَا بينَ النقيضِ وضدِّهِ
مثلَ الغريبِ يُحِيطُهُ الأَغْرَابُ

لا أدري إلى متى سيحيطه الأغراب ؛ ولكن الأمل
لا يزال كبيرًا أن يشرق فجر عزته أخي الشاعر
المتألق خالد بناني.

دمتَ مبدعًا ودام حرفك محلقًا في سماء الإبداع.

محبتي وتقديري.