هشام النجار
11-11-2013, 01:12 PM
وهل بلغ أحدكم مدى الأفق ؟
من ذا رأى منكم نهاية البحر ؟
ومن أحصى الموج والنجوم ؟
ومن اصطاد السمك ؟
سريره صامت وقور ، بيضاء ملاءاته كسريرته ، تعلوه سكينة وهيبة وغموض أسطورى عريق ، وماذا لو خلعت حذائي ومددت جسدي المنهك بجواره واحتضنته ؟
ماذا لو مسحت على رأسه وقبلت يده .. وقلت له : إنى أنا أخوك فلا تبتئس .
سأجلس برفق وحذر على طرف السرير ، وأنظر بارتباك إلى النافذة المفتوحة ، وبعدها ستبتلعني الأسواق وتشغلنى التوافه وأشتاق لبيتي .
أعود إلى شوارعي الطويلة وأيامى الباردة ونسائى الساذجات ، وأقضى ساعاتي على الساحل وحدي أقرأ الجريدة وأصطاد الأسماك .
سأراه من نافذة السيارة في صحرائه على جسده الصخرة الثقيلة ، لن أعقب على تعليقات السائق المريرة .. ولن أدعوه لخفض صوت الموسيقى والغناء الملوث ، سأكتفي بالدعاء .. سأتمتم بالذكر شاردا ً .. أحلم بالبقاء على قيد الشرود ، أستعيد أغنياتى القديمة التى لم يعد يرددها أحد .
يدهشني الألم بداخله وأرغب في اكتشافه .
لم يكتمل اكتشافنا لذواتنا الا بعد أن التقيته .
وماذا لو خارت قواي وتقواي أمام بأسه الشديد وتاريخه النضالي وروحه الشفافة ويقينه المتألق ؟
ألم يتوصلوا بعد لاختراع يقيس مقدار الألم ؟
ألم يجدوا طريقة أشارك بها صديقى ورفيقى في تخفيف عنائه بشكل فعلى .. يعفيني من سياط الأسئلة التي تجلد ضميري؟
ماذا فعلت أيها البائس الشارد ؟
ابتسامات ؟ .. دعوات ؟ .. كلمات ؟.. أمنيات ؟.. شرود ؟ .. عزلة ؟ .. غيبة غبية فى واقع مغيب ؟
من يهديني جزءاً من الألم لتهدأ بعض الشيء نيراني .. ولأكف عن لوم نفسي ؟
من يداويني من مرضى العضال ؟ ومن يصدق أنني لا أشتكى شيئا ً ولم يكتشفوا مرضاً بداخلي .. لكنى أتوجع وأصرخ من آلام لا أعرف مصدرها ؟
ألم يتوصلوا بعد لاختراع يقيس حجم الفقد ومقدار الوحدة ويعطى علامات لمؤشرات الغربة ودرجات الحنين ؟
ها قد وصلنا .. أمشى في شوارع القاهرة وأحترق.. الجميع لديهم هنا ما يتهامسون به في شأني .. لا أحد هنا يدعني وشأني .
غريب فى بلاد غريبة، أحبها لكنها تلفظنى وسرعان ما تطردنى كامرأة استولى عليها الجسد ، ولا تطيق حذلقة الفلاسفة .
في شوارع القاهرة أختنق .. حيث لا ساحل ولا بحر ولا موج ولا براءة .. ولا أسماك بريئة ولا فضاء ولا أفق .. ولا عيون بلا ألم .
حتى الألم هنا جائع وغادر .
تنغرس عيونهم النهمة في ضعفي .. تبتلع الزحمة شرودي ، ويضيع صوتي الخفيض وسط الضجيج والصخب.. وأبحث عن نفسي فلا أجدها .
تعلقت عيناي بعيني صبية على كتف أمها.. السائق لا يرحم التوسلات.. وابتسامتها الرقيقة تشق الغبار والصخب وتتسرب في أوصالي .. وتنعش الرضا والحنين في كياني .
تمنيت أن يبطئ السائق ليطول الطريق قليلاً .
من عيني تعرفت الصبية على َّ.. وكأنها تواسيني بابتسامات متلاحقة شافية مفعمة بالبراءة .
سأنهى هذه الزيارة سريعا ً وسيعذرني أخي لطول المسافة ومشقة السفر .
سأخبره بأن على شراء بعض الهدايا وزيارة بعض الأصدقاء ، وبأنني لابد وأن أزور المتحف وأصلى في الأزهر .
هل ستسأله عن تفاصيل مرضه ورحلة معاناته ؟
هل ستسأله عن شكل الألم ؟
عندما يسألني عن نفسي لن أحكى له عن شيء.. وسأظل على شوق للقاء البحر ورؤية السمك .. وسأقول له :
آسف لأني أرهقتك ولا أطيل عليك .. ودع التفاصيل لمرة قادمة عندما تستعيد عافيتك .
أروى للبحر قصتي بتفاصيل كثيرة وبأساليب متنوعة .. هى مشوقة مثيرة.. فصولها تبعث على الضحك وعلى البكاء وعلى الشفقة والرثاء .
لن أخبره بشيء.. ولن أخبر أحدا ً حتى لو أغروني بحل عقدة اللغز ومعرفة أسرار نفسي القلقة المشوشة المخادعة .
عيناها شديدتا الجاذبية.. فيهما أتنفس بشكل أفضل رغم الغبار والدخان والضجيج ورائحة العرق .
تلف رقبتها الصغيرة بايشارب حريري أحمر .. ويتطاير شعرها الجميل مع الهواء فيحجب عنها رؤيتي ، فتعيده بأنامل صغيرة رقيقة لم أرَ في براءتها وصدقها وعفتها .
تتدلى ذراعها الذابلة العارية على كتف أمها خلف الكرسي .. وتقبض بقوة بأصابعها الضعيفة على شيء كأنه مفكرة أو ألبوم مما نحتفظ فيه بصورنا الفوتوغرافية .
مددت يدي .. أخبريني ما اسمك؟
ابتسمت .. جذبتها أمها بشدة وهى تصرخ في سائق التاكسي ليتوقف .. تسأله :
ازاى أوصل لمستشفى سرطان الأطفال ؟
احتميت بشرودي من هول الصدمة .. مجتهدا ً في سلوك سبيل أهرب فيها من ملاحقة نظرات الطفلة التي لم تنطق باسمها ولا بحرف واحد .
أجاهد نظراتها الحارقة التي ازدادت لهفة في لحظة الفراق.. ركضت خلفهما .. حاولت اللحاق بهما لأعطى الطفلة ألبومها الصغير الذي سقط من يدها .. لكن الأم كانت أسرع منى .
ركضت .. وكأن الموت يلاحقها .
مت العديد من المرات.. ثم مت وبعثت.. ثم مت وبعثت.. ثم مت وبعثت.. ولا أدرى أين ومتى وكيف سأموت المرة القادمة.. ولا كيف أبعث ؟
لكن ولا مرة ركضت من الموت بهذا الشكل .
ولا مرة شعرت بأن الموت قريب منى أو أنه يلاحقني .
شعرت برغبة مجنونة فى ملاحقته هذه المرة بركض أسرع وأمتع خلف الأم وصغيرتها .
وصلت إلى هناك.. وكنت ألهث وقد غشاني الغبار وأجهدني الأرق وغطاني العرق .
صعدت ثماني درجات وأنا أنظر تارة لقدمي .. وتارة لألبوم الصور الذي لم أجرؤ على فتحه ورؤية ما فيه .
ماذا سيكون فيه غير صور فوتوغرافية لبنت حقيقية صغيرة لطيفة فائقة الجمال تشعر الآن بالألم ويصارعها الموت ؟
قد لا تكون بشرا ً حقيقيا ً مثل صديقي .
تنتابني حالات لا أصدق معها أن أمثال هؤلاء مخلوقات مثلى .. لهم جسد وروح يتنفسون ويدبون على الأرض .
إن لم يكونوا بشراً فهم أقرب للملائكة .. أو لكائنات أسطورية تحترف الطهر وتمارس الصبر وتعشق البراءة .. ولا يصيبها ما يصيبنا من نسيان وشرود وتخاذل وكسل وتذمر وشك .
أشك أحيانا.. لكنى مددت يدي وصافحت يدها الصغيرة.. هى مخلوقة حقيقية وكادت تقرصني في اللحظة الفارقة .
افتح الألبوم لترى !
لا .. لا أستحق .. ولن أضيف لمعاناتي القادمة معاناة أخرى .. تكفيني نظراتها التي ستتبعني في كل مكان .. وخلف كل النوافذ وعلى كل الشواطئ .. وعلى مدى الأفق .
لا تسألني الآن كيف تتألم هذه الطفلة البريئة.. واسألني عن نفسي وروحي الشاردة .. وعن الليل الظالم والشوارع الطويلة .. وعن البحر والأسماك .. وعن الخذلان والخطيئة والنساء اللاهيات !
في مصعد المستشفى أنظر في المرآة إلى وجهي الغامض وروحي الشاردة .
هذا أنا .. أو هو .. أو هى ، هذا رجل غريب يصعد الى موت ، تسكنه صور فتاة لا يعرف اسمها يلاحقها موت ، يعود الى شواطئه هرباً من مدينة تنتحر وناس بلا شعور .
أصعد وحدي .. كما عشت وحدي.. وكما أسير وحدي .. وكما أحيا وحدي بلا حلم وبلا قلب وبلا هدف وبلا ضمير .
الغرفة 119 بمستشفى علاج الأورام .
هو .. كما تخيلته .
وقور فى استقباله لموته على سرير وقور .
نظرت إلى ألبوم الصور في يدي فأصابتني رعدة .. واقشعر جلدي .
ناولته له .
سألني في شغف وحيوية :
من هي ؟
قلت في وهن : لا أعرفها.. لكنها الآن تتألم .
تركته يتكلم ويقلب باطمئنان وفرح ألبوم الصور .
من ذا رأى منكم نهاية البحر ؟
ومن أحصى الموج والنجوم ؟
ومن اصطاد السمك ؟
سريره صامت وقور ، بيضاء ملاءاته كسريرته ، تعلوه سكينة وهيبة وغموض أسطورى عريق ، وماذا لو خلعت حذائي ومددت جسدي المنهك بجواره واحتضنته ؟
ماذا لو مسحت على رأسه وقبلت يده .. وقلت له : إنى أنا أخوك فلا تبتئس .
سأجلس برفق وحذر على طرف السرير ، وأنظر بارتباك إلى النافذة المفتوحة ، وبعدها ستبتلعني الأسواق وتشغلنى التوافه وأشتاق لبيتي .
أعود إلى شوارعي الطويلة وأيامى الباردة ونسائى الساذجات ، وأقضى ساعاتي على الساحل وحدي أقرأ الجريدة وأصطاد الأسماك .
سأراه من نافذة السيارة في صحرائه على جسده الصخرة الثقيلة ، لن أعقب على تعليقات السائق المريرة .. ولن أدعوه لخفض صوت الموسيقى والغناء الملوث ، سأكتفي بالدعاء .. سأتمتم بالذكر شاردا ً .. أحلم بالبقاء على قيد الشرود ، أستعيد أغنياتى القديمة التى لم يعد يرددها أحد .
يدهشني الألم بداخله وأرغب في اكتشافه .
لم يكتمل اكتشافنا لذواتنا الا بعد أن التقيته .
وماذا لو خارت قواي وتقواي أمام بأسه الشديد وتاريخه النضالي وروحه الشفافة ويقينه المتألق ؟
ألم يتوصلوا بعد لاختراع يقيس مقدار الألم ؟
ألم يجدوا طريقة أشارك بها صديقى ورفيقى في تخفيف عنائه بشكل فعلى .. يعفيني من سياط الأسئلة التي تجلد ضميري؟
ماذا فعلت أيها البائس الشارد ؟
ابتسامات ؟ .. دعوات ؟ .. كلمات ؟.. أمنيات ؟.. شرود ؟ .. عزلة ؟ .. غيبة غبية فى واقع مغيب ؟
من يهديني جزءاً من الألم لتهدأ بعض الشيء نيراني .. ولأكف عن لوم نفسي ؟
من يداويني من مرضى العضال ؟ ومن يصدق أنني لا أشتكى شيئا ً ولم يكتشفوا مرضاً بداخلي .. لكنى أتوجع وأصرخ من آلام لا أعرف مصدرها ؟
ألم يتوصلوا بعد لاختراع يقيس حجم الفقد ومقدار الوحدة ويعطى علامات لمؤشرات الغربة ودرجات الحنين ؟
ها قد وصلنا .. أمشى في شوارع القاهرة وأحترق.. الجميع لديهم هنا ما يتهامسون به في شأني .. لا أحد هنا يدعني وشأني .
غريب فى بلاد غريبة، أحبها لكنها تلفظنى وسرعان ما تطردنى كامرأة استولى عليها الجسد ، ولا تطيق حذلقة الفلاسفة .
في شوارع القاهرة أختنق .. حيث لا ساحل ولا بحر ولا موج ولا براءة .. ولا أسماك بريئة ولا فضاء ولا أفق .. ولا عيون بلا ألم .
حتى الألم هنا جائع وغادر .
تنغرس عيونهم النهمة في ضعفي .. تبتلع الزحمة شرودي ، ويضيع صوتي الخفيض وسط الضجيج والصخب.. وأبحث عن نفسي فلا أجدها .
تعلقت عيناي بعيني صبية على كتف أمها.. السائق لا يرحم التوسلات.. وابتسامتها الرقيقة تشق الغبار والصخب وتتسرب في أوصالي .. وتنعش الرضا والحنين في كياني .
تمنيت أن يبطئ السائق ليطول الطريق قليلاً .
من عيني تعرفت الصبية على َّ.. وكأنها تواسيني بابتسامات متلاحقة شافية مفعمة بالبراءة .
سأنهى هذه الزيارة سريعا ً وسيعذرني أخي لطول المسافة ومشقة السفر .
سأخبره بأن على شراء بعض الهدايا وزيارة بعض الأصدقاء ، وبأنني لابد وأن أزور المتحف وأصلى في الأزهر .
هل ستسأله عن تفاصيل مرضه ورحلة معاناته ؟
هل ستسأله عن شكل الألم ؟
عندما يسألني عن نفسي لن أحكى له عن شيء.. وسأظل على شوق للقاء البحر ورؤية السمك .. وسأقول له :
آسف لأني أرهقتك ولا أطيل عليك .. ودع التفاصيل لمرة قادمة عندما تستعيد عافيتك .
أروى للبحر قصتي بتفاصيل كثيرة وبأساليب متنوعة .. هى مشوقة مثيرة.. فصولها تبعث على الضحك وعلى البكاء وعلى الشفقة والرثاء .
لن أخبره بشيء.. ولن أخبر أحدا ً حتى لو أغروني بحل عقدة اللغز ومعرفة أسرار نفسي القلقة المشوشة المخادعة .
عيناها شديدتا الجاذبية.. فيهما أتنفس بشكل أفضل رغم الغبار والدخان والضجيج ورائحة العرق .
تلف رقبتها الصغيرة بايشارب حريري أحمر .. ويتطاير شعرها الجميل مع الهواء فيحجب عنها رؤيتي ، فتعيده بأنامل صغيرة رقيقة لم أرَ في براءتها وصدقها وعفتها .
تتدلى ذراعها الذابلة العارية على كتف أمها خلف الكرسي .. وتقبض بقوة بأصابعها الضعيفة على شيء كأنه مفكرة أو ألبوم مما نحتفظ فيه بصورنا الفوتوغرافية .
مددت يدي .. أخبريني ما اسمك؟
ابتسمت .. جذبتها أمها بشدة وهى تصرخ في سائق التاكسي ليتوقف .. تسأله :
ازاى أوصل لمستشفى سرطان الأطفال ؟
احتميت بشرودي من هول الصدمة .. مجتهدا ً في سلوك سبيل أهرب فيها من ملاحقة نظرات الطفلة التي لم تنطق باسمها ولا بحرف واحد .
أجاهد نظراتها الحارقة التي ازدادت لهفة في لحظة الفراق.. ركضت خلفهما .. حاولت اللحاق بهما لأعطى الطفلة ألبومها الصغير الذي سقط من يدها .. لكن الأم كانت أسرع منى .
ركضت .. وكأن الموت يلاحقها .
مت العديد من المرات.. ثم مت وبعثت.. ثم مت وبعثت.. ثم مت وبعثت.. ولا أدرى أين ومتى وكيف سأموت المرة القادمة.. ولا كيف أبعث ؟
لكن ولا مرة ركضت من الموت بهذا الشكل .
ولا مرة شعرت بأن الموت قريب منى أو أنه يلاحقني .
شعرت برغبة مجنونة فى ملاحقته هذه المرة بركض أسرع وأمتع خلف الأم وصغيرتها .
وصلت إلى هناك.. وكنت ألهث وقد غشاني الغبار وأجهدني الأرق وغطاني العرق .
صعدت ثماني درجات وأنا أنظر تارة لقدمي .. وتارة لألبوم الصور الذي لم أجرؤ على فتحه ورؤية ما فيه .
ماذا سيكون فيه غير صور فوتوغرافية لبنت حقيقية صغيرة لطيفة فائقة الجمال تشعر الآن بالألم ويصارعها الموت ؟
قد لا تكون بشرا ً حقيقيا ً مثل صديقي .
تنتابني حالات لا أصدق معها أن أمثال هؤلاء مخلوقات مثلى .. لهم جسد وروح يتنفسون ويدبون على الأرض .
إن لم يكونوا بشراً فهم أقرب للملائكة .. أو لكائنات أسطورية تحترف الطهر وتمارس الصبر وتعشق البراءة .. ولا يصيبها ما يصيبنا من نسيان وشرود وتخاذل وكسل وتذمر وشك .
أشك أحيانا.. لكنى مددت يدي وصافحت يدها الصغيرة.. هى مخلوقة حقيقية وكادت تقرصني في اللحظة الفارقة .
افتح الألبوم لترى !
لا .. لا أستحق .. ولن أضيف لمعاناتي القادمة معاناة أخرى .. تكفيني نظراتها التي ستتبعني في كل مكان .. وخلف كل النوافذ وعلى كل الشواطئ .. وعلى مدى الأفق .
لا تسألني الآن كيف تتألم هذه الطفلة البريئة.. واسألني عن نفسي وروحي الشاردة .. وعن الليل الظالم والشوارع الطويلة .. وعن البحر والأسماك .. وعن الخذلان والخطيئة والنساء اللاهيات !
في مصعد المستشفى أنظر في المرآة إلى وجهي الغامض وروحي الشاردة .
هذا أنا .. أو هو .. أو هى ، هذا رجل غريب يصعد الى موت ، تسكنه صور فتاة لا يعرف اسمها يلاحقها موت ، يعود الى شواطئه هرباً من مدينة تنتحر وناس بلا شعور .
أصعد وحدي .. كما عشت وحدي.. وكما أسير وحدي .. وكما أحيا وحدي بلا حلم وبلا قلب وبلا هدف وبلا ضمير .
الغرفة 119 بمستشفى علاج الأورام .
هو .. كما تخيلته .
وقور فى استقباله لموته على سرير وقور .
نظرت إلى ألبوم الصور في يدي فأصابتني رعدة .. واقشعر جلدي .
ناولته له .
سألني في شغف وحيوية :
من هي ؟
قلت في وهن : لا أعرفها.. لكنها الآن تتألم .
تركته يتكلم ويقلب باطمئنان وفرح ألبوم الصور .