المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأبــــــــيـــــــــض الـــــمـــتــــورط



عزالدين تسينت
13-11-2013, 10:15 PM
كان هناك جالسا...

ليس كما رأته ماجدة الرومي،بمعطفه الأنيق،يتصفح الجريدة ويذوب قطعتين في الفنجان،بل كما رأيته أنا .. شاحب الوجه،غائر العينين،نحيل البنية،جالسا فوق صخرة

أمام البحر،واضعا كفيه على خديه،مرسلا نظره إلى المدى الممتد،حيث لا شيء يوقف زفراته الملتهبة كالجحيم.جلست إلى جانبه،لم يستشعر وجودي،اقـتحمت

خلوته عفوا جحيمه المتسعر،حين بادرته بسؤالي:

ـ ماذا قال لك البحر؟

ـ البحر لم يقل شيئا..ربُّ المعمل هو الذي قال..

ـ ماذا قال ؟

ـ قال لي : اِشرب البحر..لذا جئت البحر لأسأله كيف يمكنني أن أشربه ..

ـ وهل وجدت طريقة لذالك؟

ـ هناك طريقة واحدة،أن يشربني البحرويقذفني إلى الشارع،عفوا الشاطئ جثة هامدة،يحنطني أطفالي بنظرات الشفقة حينا وعبارات النقمة و السخط أحيانا،وتعمدني

زوجتي بكافور المواساة والدعاء،ماذا يتبقى من الجسد حين يصير بلا يد تمتد إلى الجيب،لتعطي هذا وذاك،لتحمل إليهم قُـــوتهم، قٌــــوَّتـــهم...

ـ وماذا ستفعل الآن؟

ـ لا أدري ربما سأشرب البحر...ولكن لماذا جئت أنت إلى هنا؟

ـ لا شيء سوى أن الجلوس أمام البحر هوايتي المفضلة.

ـ إذا عليك أن تعيد النظر في هوايتك يابني، عليك أن تتعلم هواية أخرى...

ـ مثل ماذا ؟

ـ مثل العزف على القانون،وإذا فشلت فستكون مجبرا على تعلم الرقص على الجمر مثل الغجر، أو شرب البحر مثلي..

حاولت أن أستفسره عن أبعاد كلامه،لكنه عاد إلى الصمت المطبق،والتحديق الممتد في المدى،تركته ،وعدت إلى نفسي أستفسرها علها تهتدي إلى ماكان يصبو

إليه ذلك الرجل،لكنها زادت حيرتي حين سألتني:لماذا لم تصارحه بأنك مثله،تريد أن تشرب الأبيض المتورط،كي تعبر إلى الضفة الأخرى،أوربما الأخيرة،لماذا

لم تخبره أنك مثله تنتظر الإجابة عن السؤال نفسه: تشرب اليم أم يشربك؟

السؤال مهنتك الأولى،وهذا الحبر الممتد إلى أقصى حدود الروح،لم تعد تسكرك حكايا الجدة،لكنك مازلت تعشق التفرس في العهن كلما صاح ديك السلالات.اِحك

فرغم انسداد الأفق كلما فتحت سيرة الريح ينفتح ممر للحكي،وتخرج فاطمة من ذاكرة الأبنوس مفعمة بعطر الأبدية،كم كانت تعشق موسيقاك حين كنت تدندن على أوتار

القلب وتقاسمكما التقاسيم لحظة البوح اللامشروط،مازلت أتساءل كلما داهم الماء وجه الحديقة../..الحقيقة..أأخلفت فاطمة موعدها؟ أم أخلف الموعد موعده فلم

تلتقيا قط ؟مازال يفصلك عنك عالم من الضوضاء وصراع الأضداد،لست مثلهم،ليت لك العيشَ بعيدا عن مساحة تصادمهم،لكن ماذا عن بريخت الذي يقول :

"عش لتواصل الصراع..أو مت ليموت بموتك."؟ مرة أخرى أنت أمام خيار صعب، فماذا تختار؟

لم ينقذني من ورطة الأسئلة سوى صوت الناذل وهو يسألني :

ـ ماذا تشرب يا سيدي ؟

ـ أشرب البحر.. عفوا..فنجان قهوة لو سمحت.


:001:

عبد السلام هلالي
15-11-2013, 09:06 PM
لا أعرف كيف أفلتت العيون هذا النص الجميل ؟
قرأت النص و وجدته قسمين ، أول قصة جميلة مستقلة بذاتها متقنة شيقة السرد قوية البناء عذبة اللغة بقفلة مباغثة و جميلة أعجبتني جدا ، تقف عند " لماذا لم تصارحه بأنك مثله،تريد أن تشرب الأبيض المتورط،كي تعبر إلى الضفة الأخرى"
و ثان هو أقرب إلى خاطرة لا تقل جمالا من حيث اللغة و الإنزياحات ، لكنها لا تضيف إلى النص الأول شيئا .
لذا أرى أن الطلاق فيه رحمة لهما .
تقبل مروري و لك التحية و التقدير

عزالدين تسينت
15-11-2013, 10:18 PM
المبدع الأديب عبد السلام هلالي

لك مني عميق الود و التحية ...

شكرا لمرورك الجميل بين سطوري ... وممتن لملاحظتك العميقة الدقيقة ... فعلا الجزء الثاني بدى و كأنه مقحم بشكل تعسفي ...

خلود محمد جمعة
11-12-2013, 10:24 PM
أنقذك النادل بسؤاله
فمن يعفيك من الأجابة على نفسك
دمت بخير
مودتي وتقديري

ربيحة الرفاعي
07-01-2014, 12:31 AM
لغتك جميلة ملفتة وأسلوبك القصيّ بديع رغم بعض إسهاب تجلى في الثلث الأخير من النص، حيث اكتملت الفكرة قبله وأراه برغم جماليه صياغته كخاطرة ماتعة أثقل النص لانعدام الغائية

دمت بخير

تحاياي

آمال المصري
18-01-2014, 02:05 AM
نص قصصي نثري بأسلوب باذخ وتعابير أنيقة وسرد متقن استمتعت بقراءته
شكرا لك أديبنا الفاضل على تلك المساحة البديعة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

عزالدين تسينت
02-03-2014, 10:44 PM
المبدعة خلود محمد جمعة

أشكر النادل على تعاطفه معي ..

لأجل صنيعه هذا أدمنت القهوة كل صباح...

تحياتي لمرورك العطر..

عزالدين تسينت
02-03-2014, 10:49 PM
شاعرتنا المتألقة ربحة الرفاعي

أشاطرك الرأي ..و أشكر توجيهك السديد ..ورأيك الرشيد

لك كل الود و التقدير

عزالدين تسينت
02-03-2014, 10:52 PM
مبدعتنا المتميزة آمال المصري

أسعدني ما تفضلت به في حق سطوري

وزاد سروري عبورك الجميل

مودتي و احترامي

د. سمير العمري
09-05-2014, 08:00 PM
قصة معبرة تطرح إشكالية الحالة النفسية البائسة التي وصل إليها أكثر أبناء الأمة والرغبة في أن يشربوا البحر أو أن يشربهم إما بانتحار أو بهجرة تؤدي للغرق والموت.

أما من حيث الأسلوب فقد غلبك طرحك الفكري الفلسفي في إضافة حاشية في النص أفقدت القص بهاءه وأؤيد رأي عبد السلام هلالي بهذا الخصوص ، وكذا فإني استوقفني تقطيع الأسطر بشكل مربك يشوش على التلقي ، وكذا بعض هنات لغوية لعل من أهمها:

حكايا ... بل حكاية تجمع على حكايات مثل نهاية نهايات وبداية بدايات وهكذا.

تلتقيا قط ... بل تلتقيان قط.

الناذل ... النادل

تقديري

نداء غريب صبري
07-07-2014, 06:23 PM
قصة بفكرة قوية ومؤثرة
تحدثت عن يأس وحيرة الشباب وصراعهم

أعجبني الأسلوب
واستمتعت بالقراءة

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
14-05-2016, 09:04 PM
راقت لي قصتك كثيرا ـ لغة سامقة ، ومضمون، وسرد مشوق
في نص جميل واصف لروح تمكن منها اليأس والألم
أحسنت ـ وسلم مدادك.:001::

عبدالإله الزّاكي
22-05-2016, 02:05 PM
ـ ماذا قال لك البحر؟

ـ البحر لم يقل شيئا..ربُّ المعمل هو الذي قال..

ـ ماذا قال ؟

ـ قال لي : اِشرب البحر..لذا جئت البحر لأسأله كيف يمكنني أن أشربه ..

ـ وهل وجدت طريقة لذالك؟

ـ هناك طريقة واحدة،أن يشربني البحرويقذفني إلى الشارع،عفوا الشاطئ جثة هامدة،يحنطني أطفالي بنظرات الشفقة حينا وعبارات النقمة و السخط أحيانا،وتعمدني

زوجتي بكافور المواساة والدعاء،ماذا يتبقى من الجسد حين يصير بلا يد تمتد إلى الجيب،لتعطي هذا وذاك،لتحمل إليهم قُـــوتهم، قٌــــوَّتـــهم...

ـ وماذا ستفعل الآن؟

ـ لا أدري ربما سأشرب البحر...ولكن لماذا جئت أنت إلى هنا؟

.......
.....
لم ينقذني من ورطة الأسئلة سوى صوت الناذل وهو يسألني :

ـ ماذا تشرب يا سيدي ؟

ـ أشرب البحر.. عفوا..فنجان قهوة لو سمحت.


:001:

عندما يُمسّ الإنسان في قوت يومه، ولا يجد ما يسدّ به رمق عياله، أكيد أن الأرض تضيق عليه بما رحبت ويبقى المنقد الوحيد هو البحر وليس النادل.

قصة قوية وأسلوب راق وسرد ممتع أديبنا القدير عزالدين.

تقديري