تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حواجز الوزن والإيقاع



لحسن عسيلة
22-11-2013, 11:16 PM
كان هذا الرد مني مرتجلا تلبية لطلب أخي الكريم طهراوي الحاج ، لعله يكون لبنة أولى في بناء موضوع كبير يفيد من له علاقة به ،
الرد بهذا الرابط :
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=880911#post880911

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طهراوي الحاج مشاهدة المشاركة
شكرا اخي واستاذي الكريم من علمك ننهل ومن توجيهاتكم نستقي لنصحح مسارنا ونعبد طريقنا وشكرا على سعة صدرك واطلاعك على كامل نصوصي فانا ممتن لك كل الامتنان عندي خواطر والحمد لله كلمات تجول بخاطري وتراودني كتابتها كي لا تنفلت مني واحتاج الى الوزن فكيف تساعدني وانا اطلب ذلك منك بماابدا وماذا افعل وشكرامرة اخرى .استاذي

أخي الكريم اعلم أن المعاني سواء عند العرب والعجم والمثقف والعامي ، وكم من عامي كلامه شاعري معسول ، ولا يختلف في هذا اثنان ،
وعندما تجتمع عذوبة الإيقاع الطروب وجمال العبارة وسحر وسعة الخيال يكون الحديث هنا عن الشعر كما هو عند العرب ، وإلا فإننا لا نختلف على جمالية الصورة وغور المخيال وشرف العبارة في بعض النثير ، لكن يبقى الأخير بهذه الأوصاف دون النص الشعري المستوفي للشروط والذي يزيد عليه بالوزن والإيقاع مهما قيل عن أن الوزن يحد من حرية الشاعر لينطلق إلى الأعماق طلبا للدر والجواهر .
مهدت لك أيها الأخ الكريم بهذه التوطئة لعلي أغرس في نفسك أهمية الوزن في بعده الإيقاعي ، وعسى أن تمهر وتحذق في التحكم بأعنته المتمردة ، وقد سألتني كيف يكون ذلك ؟
أقول لك لا غنى لك عن الحفظ وليس أي حفظ حتى لا تهدر طاقتك في لا شيء ، أن تحفظ عيون الشعر العربي مع محاولة تحسس القوالب التي يصب فيها الشعراء ذوب تجاربهم الجميلة ، وعليك أن تخطط لأي نجاح قادم ، واعلم أن كل عمل غير مخطط له فهو فاشل ، مثلا ،عليك باختيار بحر من بحور الشعر الستة عشر ، وتجمع حشدا كبيرا من القصائد عليه وتنسخها وتعكف على حفظها حفظا عن ظهر قلب ، وبعد ذلك سيفتح الله عليك بعض المغاليق جزاء جهدك المبذول , وتأخذ القلم بين أصابعك وتحاول إيجاد القواسم المشتركة بين هذه القصائد من البحر الواحد ، وتسطر على ذلك ومع كثرة الارتياض وبفضل الممارسة الحثيثة و التكرار و الوعي على خواص بعض التراكيب ستبدأ سحائب المستحيل في التبدد شيئا فشيئا ،
هذا الكلام هو بمثابة مراحل إجرائية ،ولا تنفع أيا كان ولكن تنفع من له علاقة حب وانجذاب غريزي إلى الشعر وتربطه به علاقة نسب فطرية كما لمسته في محاولتك أعلاه ، فالشاعر يكون شاعرا بالفطرة ينبئ عن ذلك حبه الشديد له وترديده له على الدوام ومحاولته الحثيثة أن يكون كذلك ولكن يحول بينه وبين مبتغاه حاجز الإيقاع والوزن الذي يحتاج إلى حاسة لطيفة وهذه الأخيرة ليست وحيا ولكن تصقل وتبنى وتربى كما يربى الفلو .
ولأمر ما انقلب عدد من رواة الشعر قديما بعد لأي وطول زمان إلى شعراء فحول أمثال زهير بن أبي سلمى الذي كان راوية لأوس بن حجر ، وكعب ابن زهير وابنه كعب وطرفة بن العبد الذي روى عن عمه المرقش وعن خاله المتلمس وأمثالهم كثير ، وأكاد أجزم أنه لولا الولع بالشعر أولا وقبل كل شيء ثم السماع والحفظ والارتياض والمثابرة والممارسة والمحاولة والخطأ ما كان هناك شاعر ولو ملك نواصي اللغة العربية جميعها لسبب بسيط وبسيط جدا هو أن الشعر ليس وحيا والشاعر ليس أسطورة وإن حاول البعض تصويره كذلك ،
بهذا أعتقد وقد يجانبني الصواب والخطأ وارد ،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لحسن عسية

هاشم الناشري
23-11-2013, 09:13 AM
كان ردًا رائعًا حمل الكثير من سعة علمك وصادق حبك ليس لأخينا طهراوي فحسب ولكن لنا جميعًا؛
وما أراك إلا قد محضتنا النصح ودللتنا على أهم طرق الإجادة .

إنّ التركيز على بحر واحد في بداية الطريق كما ذكرتَ لهو السبيل للتمكن من الوزن بكثرة التكرار والمران
بشكل أسرع من تشتيت الجهد بين ستة عشر بحرًا ، وإنّ الحفظ الكثير مع الانتقاء للنماذج الجيدة سيكون
عدة الشاعر مهما كانت رغبته وحبه لأن يكون شاعرًا ، كما ذكرتَ.

نغبطك أخي الكريم طهراوي الحاج على هذه اللفتة الكريمة من الشاعر المجيد لحسن عسيلة ولن تكون وحدك
من يتابعه ، بل سنكون معك مستفيدين لأن ما يقوله يستحق الإصغاء والمتابعة.

بارك الله بعلمك وعمرك وعملك أخي الشاعر لحسن عسيلة ، وجزاك الله عن العربية وأدبها وأهلها كل خير.

محبتي وتقديري.

لحسن عسيلة
24-11-2013, 09:43 PM
وكان مرورك أروع أخي هاشم الناشري ،
سعدت بمرورك ايها الأخ الحبيب ،
أي نبل هذا أيها النبيل ،
شكرك لك بلا حدود
تقديري

سامي الحاج دحمان
25-11-2013, 08:33 PM
كان هذا الرد مني مرتجلا تلبية لطلب أخي الكريم طهراوي الحاج ، لعله يكون لبنة أولى في بناء موضوع كبير يفيد من له علاقة به ،
الرد بهذا الرابط :
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=880911#post880911

أخي الكريم اعلم أن المعاني سواء عند العرب والعجم والمثقف والعامي ، وكم من عامي كلامه شاعري معسول ، ولا يختلف في هذا اثنان ،
وعندما تجتمع عذوبة الإيقاع الطروب وجمال العبارة وسحر وسعة الخيال يكون الحديث هنا عن الشعر كما هو عند العرب ، وإلا فإننا لا نختلف على جمالية الصورة وغور المخيال وشرف العبارة في بعض النثير ، لكن يبقى الأخير بهذه الأوصاف دون النص الشعري المستوفي للشروط والذي يزيد عليه بالوزن والإيقاع مهما قيل عن أن الوزن يحد من حرية الشاعر لينطلق إلى الأعماق طلبا للدر والجواهر .
مهدت لك أيها الأخ الكريم بهذه التوطئة لعلي أغرس في نفسك أهمية الوزن في بعده الإيقاعي ، وعسى أن تمهر وتحذق في التحكم بأعنته المتمردة ، وقد سألتني كيف يكون ذلك ؟
أقول لك لا غنى لك عن الحفظ وليس أي حفظ حتى لا تهدر طاقتك في لا شيء ، أن تحفظ عيون الشعر العربي مع محاولة تحسس القوالب التي يصب فيها الشعراء ذوب تجاربهم الجميلة ، وعليك أن تخطط لأي نجاح قادم ، واعلم أن كل عمل غير مخطط له فهو فاشل ، مثلا ،عليك باختيار بحر من بحور الشعر الستة عشر ، وتجمع حشدا كبيرا من القصائد عليه وتنسخها وتعكف على حفظها حفظا عن ظهر قلب ، وبعد ذلك سيفتح الله عليك بعض المغاليق جزاء جهدك المبذول , وتأخذ القلم بين أصابعك وتحاول إيجاد القواسم المشتركة بين هذه القصائد من البحر الواحد ، وتسطر على ذلك ومع كثرة الارتياض وبفضل الممارسة الحثيثة و التكرار و الوعي على خواص بعض التراكيب ستبدأ سحائب المستحيل في التبدد شيئا فشيئا ،
هذا الكلام هو بمثابة مراحل إجرائية ،ولا تنفع أيا كان ولكن تنفع من له علاقة حب وانجذاب غريزي إلى الشعر وتربطه به علاقة نسب فطرية كما لمسته في محاولتك أعلاه ، فالشاعر يكون شاعرا بالفطرة ينبئ عن ذلك حبه الشديد له وترديده له على الدوام ومحاولته الحثيثة أن يكون كذلك ولكن يحول بينه وبين مبتغاه حاجز الإيقاع والوزن الذي يحتاج إلى حاسة لطيفة وهذه الأخيرة ليست وحيا ولكن تصقل وتبنى وتربى كما يربى الفلو .
ولأمر ما انقلب عدد من رواة الشعر قديما بعد لأي وطول زمان إلى شعراء فحول أمثال زهير بن أبي سلمى الذي كان راوية لأوس بن حجر ، وكعب ابن زهير وابنه كعب وطرفة بن العبد الذي روى عن عمه المرقش وعن خاله المتلمس وأمثالهم كثير ، وأكاد أجزم أنه لولا الولع بالشعر أولا وقبل كل شيء ثم السماع والحفظ والارتياض والمثابرة والممارسة والمحاولة والخطأ ما كان هناك شاعر ولو ملك نواصي اللغة العربية جميعها لسبب بسيط وبسيط جدا هو أن الشعر ليس وحيا والشاعر ليس أسطورة وإن حاول البعض تصويره كذلك ،
بهذا أعتقد وقد يجانبني الصواب والخطأ وارد ،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لحسن عسية


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أحمد الله و أشكرك الأستاذ لحسن عسيلة

نثرت فوائد جمة هنا جازاك الله خيرا كثيرا

لا أضيف شيئا إن قلت أن المنهج هو الأهم في تناول أي فن من الفنون أو علم من العلوم فهو يمهد الطريق و يجنب العجلة غير المثمرة

وهذا ربما ملخص ما استفدته مما تفضلت به - على قدر استطاعتي طبعا -

و لعلي و أسألك النصح إن تفضلت و بعض تفصيل في القول فيما يخص عيون الشعر العربي

محبتي و تقديري

سامي الحاج دحمان

أحمد الرحاحلة
26-11-2013, 05:27 AM
نافذة ماتعة
وفوائد جليلة
بارك الله في السائل والمسؤول
دمتم

لحسن عسيلة
27-11-2013, 12:19 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أحمد الله و أشكرك الأستاذ لحسن عسيلة

نثرت فوائد جمة هنا جازاك الله خيرا كثيرا

لا أضيف شيئا إن قلت أن المنهج هو الأهم في تناول أي فن من الفنون أو علم من العلوم فهو يمهد الطريق و يجنب العجلة غير المثمرة

وهذا ربما ملخص ما استفدته مما تفضلت به - على قدر استطاعتي طبعا -

و لعلي و أسألك النصح إن تفضلت و بعض تفصيل في القول فيما يخص عيون الشعر العربي

محبتي و تقديري

سامي الحاج دحمان
أستاذي الكريم سامي الحاج دحمان ، حياك الله
قصائد من عيون الشعر العربي تعني أنفس وأبهى وأجمل ما قيل في الشعر العربي مما أجمع على حسنه وإبهاره جل النقاد على مر العصور ،

تحيتي وتقديري

لحسن عسيلة
27-11-2013, 12:22 AM
نافذة ماتعة
وفوائد جليلة
بارك الله في السائل والمسؤول
دمتم

أستاذي أحمد تحية وسلاما ،
متعك الله بالصحة والعافية ،
بوركت من خلوق نبيل ،
تحيتي وتقديري :0014:

ربيحة الرفاعي
09-12-2013, 12:33 AM
ما زلت أعود لهذا الموضوع حائرة أمؤيدة أجدني للقول أم مختلفة معه، فالشاعر يولد بذلك الإحساس الفطري بالوزن وبموسيقى الكلام، يشوبها ما لا ينقى بغير الدربة التي تتحقق بحفظ قصائد المبدعين والغوص في بنائها وجمالياته، وإذا كان من فطاحل الشعر العربي من بدأ ناقلا ، فقد اهتم بالنقل باعتقادي لقدرته على الاحساس بما ينقل واستشعار جماله وهو ما لا يتأتى لغيره ممن لم يهبه الله من لدنه تلك الملكة ..
ولعلي أتقوى في زعمي هذا بما أقرأ من نصوص لمن يسميهم البعض شعراء ممن تعلموا العروض وتمرسوا فيه حتى أجادوا وضع التراكيب المموسقة بلغة صحيحة ووزن سليم في نصوص تبدوا للذائقة كأنما هي " تراكيب ليجو" لا شعرا.
وأقتبس من قولك ما ختمت به
وأكاد أجزم أنه لولا الولع بالشعر أولا وقبل كل شيء ثم السماع والحفظ والارتياض والمثابرة والممارسة والمحاولة والخطأ ما كان هناك شاعر ولو ملك نواصي اللغة العربية جميعها لسبب بسيط وبسيط جدا هو أن الشعر ليس وحيا والشاعر ليس أسطورة وإن حاول البعض تصويره كذلك ، لأقول نعم .. الشاعر ليس أسطورة ولا حق في محاولة تصويره كذلك، والشعر ليس وحيا ، وليس ثمة وادي عبقر وشياطينه، والحفظ والارتياض والممارسة والمحاولة هي ما يصنع الشاعر ما دامت لديه الملكة التي تحتاج لهذه الأدوات لبنائها .. والملكة هبة تكون لديه قبل أن يبدأ وما يفعل هو غير صقلها

وهو رأي يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

لحسن عسيلة
12-12-2013, 11:10 PM
أستاذتي وأختي الكبيرة تحية وتجلة ،
قبل أن أنبس ببنت شفة أحب أن أبعث بقبلة عميقة على جبين المولود الجديد ، وأن أرسل وردة من شقائق النعمان لبنتنا شيماء قرة عينك ،
أستاذتي ربيحة لسنا مختلفين هو ما أشرت إليه ، ولا مشاحة في المصطلحات ، أنت ترين ضرورة وجود الملكة قبل الارتياض والممارسة والمحاولة والخطأ ، ورأيت وأنا تلميذ بين يديك ضرورة وجود الانجذاب الفطري للشعر ، وأقتطع لك من كلامي أعلاه ما يلي :
" هذا الكلام هو بمثابة مراحل إجرائية ،ولا تنفع أيا كان ولكن تنفع من له علاقة حب وانجذاب غريزي إلى الشعر وتربطه به علاقة نسب فطرية كما لمسته في محاولتك أعلاه ، فالشاعر يكون شاعرا بالفطرة ينبئ عن ذلك حبه الشديد له وترديده له على الدوام ومحاولته الحثيثة أن يكون كذلك ولكن يحول بينه وبين مبتغاه حاجز الإيقاع والوزن الذي يحتاج إلى حاسة لطيفة وهذه الأخيرة ليست وحيا ولكن تصقل وتبنى وتربى كما يربى الفلو " .

لا حرمنا الله طلعتك
مودتي الأخوية وتقديري كما تعلمين وأكثر .

نداء غريب صبري
23-01-2014, 10:42 AM
رد رائع
استفدنا وتعلمنا منه الكثير

ونتمنى أن تواصل في مثال هذه الدورس التعليمية لنستفيد جميعا

شكرا لك أخي

بوركت

عبدالحليم الزعزعي
23-01-2014, 04:35 PM
قرأت هذا الموضوع القيم والكثير الفائدة
ولكني اتساءل ـ لكثرة ما قرأت عن أهمية الحفظ ـ عمن لا يستطيع ان يحفظ
أو لم يجرب ذلك ولم يتدرب عليه
هل من الممكن ان يؤثر ذلك على ما يكتبه ويزعم انه الشعر
أو على الأقل يقترب من الشعر
أتمنى أن اجد ردا شافيا على التساؤل الذي يؤرقني منذ زمن
ولكني لم اجد بعد من يرد عليه ردا مقنعا ومنهجيا

بالأخير تقبل موفور امتناني وتحياتي

لحسن عسيلة
23-01-2014, 11:38 PM
رد رائع
استفدنا وتعلمنا منه الكثير

ونتمنى أن تواصل في مثال هذه الدورس التعليمية لنستفيد جميعا

شكرا لك أخي

بوركت

أستاذتي نداء غريب صبري حياك الله ،
إنما الرائع مرورك الطيب وخلقك النبيل ،
تحية لك ولخلقك الراقي
تقديري

لحسن عسيلة
24-01-2014, 12:29 AM
قرأت هذا الموضوع القيم والكثير الفائدة
ولكني اتساءل ـ لكثرة ما قرأت عن أهمية الحفظ ـ عمن لا يستطيع ان يحفظ
أو لم يجرب ذلك ولم يتدرب عليه
هل من الممكن ان يؤثر ذلك على ما يكتبه ويزعم انه الشعر
أو على الأقل يقترب من الشعر
أتمنى أن اجد ردا شافيا على التساؤل الذي يؤرقني منذ زمن
ولكني لم اجد بعد من يرد عليه ردا مقنعا ومنهجيا

بالأخير تقبل موفور امتناني وتحياتي

تحية طيبة أخي الكريم عبد الحليم الزعزعي ،
للإجابة عن هذا التساؤل يلزمنا أولا طرح تساؤل آخر ومحاولة الإجابة عنه ، والسؤال هو :
ما علاقة الحفظ والشعر ؟
الحفظ لمن يملك ملكة للحفظ جيد جدا جدا لأنه يختصر عليك الكثير من الوقت ، فبالحفظ والامتلاء من عيون الشعر العربي حفظا وإمعان نظر ، تنفتح ــ لدى الشخص الذي يحمل بين حناياه مشروع شاعر بالفطرة ــ مجموعة من المغلقات ولا يكون ذلك إلا بامتلاك حاسة فطرية لطيفة وسرعة بديهة تمكن الشخص المذكور من أن يكون :
ـ ذا قدرة عالية على استحضار القوالب التي يصب فيها الشعراء عصارة تجاربهم بسرعة البرق ,فيقوم بصب تجربته الشخية فيها على سبيل التقليد بادئ ذي بدء ،
ـ ذا قدرة عالية على استدعاء جملة من المعاني والصور الخيالية والأساليب و التراكيب المتشابهة أو المتقاربة أو المتباينة من خلال شواهد قد تصل إلى المئات من خلال مستودع ثر ، كما يستطيع الربط بينها من خلال علاقات ذهنية معقدة سريعة ودقيقة لا تتوفر لأي كان بطبيعة الحال ،
ـ ذا دراية بخفايا الأوزان ولطائفها وأعطيك مثالا بسيطا على هذا :
وقفت بها / وقفت فيها :

كم ذَا الوقوفُ بها لَقَدْ أَتعبتَني مِما وَقَفْتَ بِها كما أَتْعَبتَها / الكامل

وَقَفْتُ بِهَا مُرْسِلاً عَبْرَةً تُطِيلُ السَّحَائِبُ مِنْهَا اعْتِبَارَا \ المتقارب

وَقَفتُ بِها اللَذّاتِ في مُتَنَفَّسٍ مِنَ الغَيثِ يَسقي رَوضَةً في ثَرىً جَعدِ / الطويل

تجد هذا العبارة كثيرا في الشعر العربي وتحمل ذات المعنى فالشاعر كان يستعمل الأولى في بحر الطويل والمتقارب والثانية كان يستعملها في بحر الكامل وبكثرة الحفظ وترديد الاشعار وقراءتها يبدأ العقل في تحسس هذه الخبايا والتعرف على بعض الخفايا التي يطلق عليها في لغة الغرب "trucs et astuces" وهكذا دواليك حتى تصبح بمرور الوقت محنكا مجربا عارفا ،
ولمن لا يستطيع الحفظ عليه بكثرة القراءة للأشعار حتى ترتسم أساليبها وتراكيبها ومطالعها وقفلاتها وعباراتها وتنتقش على صفحة قريحته ،

بقي أن أقول لك شيئا أن الشعر ينقسم إلى قسمين شعر شفوي وشعر مكتوب وسأتحدث في هذا الموضوع غدا إن شاء الله تعالى
تحية لك

لحسن عسيلة
24-01-2014, 03:13 PM
راجعت ما كتبت اعلاه وحيث كنت أكتب ارتجالا وجدتني حدت عن هدف إيراد العبارتين " وقفت بها و وقفت فيها " ،
فالشاعر الحاذق كان يعرف متى يستعمل إحدى العبارتين فإذا أراد بحر الطويل استعمل " وقفت بها " ومثال ذلك :

وَقَفتُ بِها اللَذّاتِ في مُتَنَفَّسٍ ==مِنَ الغَيثِ يَسقي رَوضَةً في ثَرىً جَعدِ

وإذا أراد بحر البسيط استعمل " وقفت فيها " المكونة من وتدين اثنين فحركة ، ومثال ذلك :

وَقَفتُ فيها فَعَيَّت ما تُكَلِّمُني == وَما سُؤالُكَ رَسماً بَعدَ أَحوالِ
وإذا أراد بحر الكامل جعلها " وقفت بها " المكونة من وتد وفاصلة :

كم ذَا الوقوفُ بها لَقَدْ أَتعبتَني == مِما وَقَفْتَ بِها كما أَتْعَبتَها

وهكذا دواليك مع المنسرح والمتقارب والرجز السريع .......................
وإلى المساء إن شاء الله مع الشعر الشفوي والشعر المكتوب
تحية لكم

عبدالحليم الزعزعي
24-01-2014, 05:59 PM
أستاذي القدير ممتن لك هذا التوضيح المفيد
وسأحاول ان اتدرب على الحفظ ما أستطعت
وأنتظر موضوعك الجديد بفارغ الصبر
أكرر امتناني لشخصك الكريم
تقبل خالص الود

لحسن عسيلة
25-01-2014, 12:15 AM
أستاذي القدير ممتن لك هذا التوضيح المفيد
وسأحاول ان اتدرب على الحفظ ما أستطعت
وأنتظر موضوعك الجديد بفارغ الصبر
أكرر امتناني لشخصك الكريم
تقبل خالص الود


شكرا للحبيب عبد الحليم الزعزعي وهاك هذه المحاولة في موضوع الشعر الشفوي والشعر الكتابي :


الشعر الشفوي والشعر المكتوب

كل الأفكار التي سأتحدث عنها باقتضاب وإيجاز شديد تمتح من كتاب : " النظم الشفوي في الشعر الجاهلي " ل : " جيمز مونرو" ولا يعني أنني أومن بهذه النظرية مائة بالمائة ، لكن أعتقد بصحتها بنسبة كبيرة جدا ، قد أكون مصيبا وقد أكون مخطئا وليس هذا موضوعنا بكل تأكيد ،
الشعر عند العرب في الجاهلية كان ارتجالا ولا حظ للإعداد المادي فيه (الكتابة) ، وعندما نتحدث عن الارتجال فإننا نحيل الأذهان إلى مفهوم شفوية الشعر والشعر الجاهلي على الخصوص ،
يقول الجاحط حول شفوية الشعر الجاهلي ما يلي : " وكل شيء عند العرب فإنما هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليس هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكر، ولا استعانة، وإنما هو أن يصرف ، وهمه إلى الكلام وإلى رجز يوم الخصام، أو حين يمتح على رأس بئر، أو يحدو ببعير، أو عند المقارعة أو المناقلة، أو عند صراع أو في حرب، فما هو إلاّ أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب، وإلى العمود، الذي يقصد، فتأتيه المعاني أرسالاً وتنثال الألفاظ انتثالاً.. وليس هم كمن حفظ علم غيره، واحتذى على كلام من كان قبله، لم يحفظوا إلاّ ماعلق بقلوبهم، والتحم بصدورهم، واتصل بعقولهـــم، من غير تكلف، ولا قصد، ولا تحفظ، ولا طلب"
فهل يعني هذا أن الجاهلي كان يُلهَم الشعر من السماء أو من شياطين الجن وهو يرتجل الشعر؟ بطبيعة الحال لا ،
نظرية شفوية الشعر الجاهلي يدعمها ما يلي :
1ـ وجود قوالب صياغية لكل بحر من بحور الشعر العربي وهذا لا يجادل فيه اليوم إلا عنيد ، لأن الشواهد على ذلك كثيرة جدا ،
2ـ وجود عبارات بعينها عند شعراء كثر في أشعارهم .
3ـ القصيدة الجاهلية يحكمها منطق واحد : المقدمة الطللية وصف الرحلة وصف الحبيبة وصف الحيوان فالولوج إلى الموضوع .....
4ـ اختلاف الروايات للقصيدة الواحدة من راو للآخر دليل آخر على شفوية الشعر الجاهلي .
5ـ نتائج المستشرق "جيمز مونرو" بالأرقام ـ والأرقام تكاد لا تخطئ ـ تثبت تداول القوالب الصياغية أو ما يعرف بالمناويل عند ابن خلدون ، وذلك من خلال دراسة قصائد ستة من كبار الشعر الجاهلي هم : عنترة ـ امرؤ القيس ـ النابغة ـ طرفة ـ زهير ـ علقمة
حيث وجد أن :
ما يقارب 87 بالمائة هي نسبة القوالب الصياغية المشتركة بين هؤلاء الشعراء الفحول من خلال دراسة على بحور الشعر القومية : الطويل / الكامل/ البسيط / الوافر هذه البحور التي أثبت بعض الدراسات أنها تمثل ما يقارب 95 بالمائة من الشعر العربي الجاهلي ، ووجد "مونرو" كذلك أن 9 بالمائة هي نسبة القوالب الصياغية المشتركة بين الشعراء المحدثين الذين عرفوا القراءة والكتابة مما يدل على أن الشاعر المتأخر بفضل القراءة والكتابة وضع بصمته على شعره باكتشافه قوالب وأساليب شخصية تميزه ،
وبهذا ينقسم الشعر إلى :
1ـ شعر مرتجل شفوي جاهلي و الشاعر وقتها قبل أن يعلن عن نفسه شاعرا يكون يحمل بين حناياه مشروع شاعر مسبقا بالفطرة فيميل إلى حفظ أشعار من قبله وربما صار راوية لفحل من فحول الشعر حتى يستوعب أساليب الشعر وتراكيبه ولغته وخفاياه فيكون غالبا في آخر المطاف شاعرا هو الآخر .
2ـ وشعر مكتوب ظهر مع انتشار القراءة والكتابة ويتميز بقلة الاتكاء على القوالب الصياغية مع بروز بصمة الشاعر في أشعارة من خلال إبداع صيغ وأساليب جديدة ,
وقد قمت والحبيب خشان خشان بمحاولة حصر مجموعة من التراكيب الصياغية في بعض البحور كالكامل والبسيط والمخلع في منتداه الشامخ ويمكن الرجوع إليه للفائدة ولست هنا بصدد الترويج للمنتدى إطلاقا ،
وقد أعود إلى الموضوع إن شاء الله فإنه ذو شجونه ،
تحية لكم