تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مصر .. يـا بهية ..؟!



حسن سلامة
15-12-2013, 08:58 PM
مصر .. يـا بهية ..؟!


قالتْ بهية ُ :
{ إمتى تـُفرج يا ابن عمي .؟!
قال : بـُكره يفرجها الكريم ْ ..
- يا كريم .. } (1)

وكان الكريمُ يرى بهية َ،
وهي تـُدلي جدائلها في نيلـِها
ويرى الكريمُ صبرها ،
وحزنها القديم ،
الذي كاد يودي بها ..

بهية ُ،
حين نضجتْ
وضجّ بها ثوبها الريفي ،
تعلق بها الصـِبية ُ
الذين يرمقونها ،
بالتياع ..!!
كانت تخبئ شوقـَها
خلف أعواد الذرةِ اليانعة ،
فيراها النيل الذي ينساب
كثعبان ماء ٍ
كلما غضبْ ..

بهية ٌ ، بهية
حين قال ابن عمها
بكرة تفرج يا بهية ،
راح يلملم ُ
عوداً فوق عود ٍ
لعش ٍ صغير
زرعا فيه ذاك الحلم ..
وراح بعيداً
بعد أن أفنى أزهاره
وقوت َ أهله ِ
والكثير من أحلامهم ،
ليكون مُعلماً
أو مُـهندساً
أو طبيباً ، لكنه
حط رحالـًه
عند المطاعم البعيدة ،
يغسل بقايا الآكلين ،
أو يلقم المعجنات فم التنور ..
وكل حين ،
يمسح عن جبينه
عـَرقَ المذلة ِ
وهوان نفسه على نفسه
فيصحو ،
ويرى بهية َ
ترنو إليه
من عند نيلِها
والمآذن القديمة ..

بهية ُ قالت :
انا في انتظارك يا ابن عمي،
إمتى يفرجها الكريم .؟!
والكريم يرانا ،
نغسل أحزاننا
بما تبقى في جـِرار الصبر
من صبر ٍ ومن قهر ..

وبهية ،
شاحت عنها الوجوه قليلا ً ..
وقليلا ً شحـّتْ الترعة ُ حولها ،
وقليلاً ً ذبلت ْ أعوادُ الذرة ِ
وقصـًرتْ تيلة ُ القطن كثيراً
وصار النيلُ يرمقـُها
وما فيه شيءٌ يقدمه
من البـُلطيّ
أو البـُنيّ (2)
أو حتى
من حكايات بائع اللبّ الذي
كان يسترق ُ السمع َ
إلى غزلِ العاشقين
عند ذلك الكورنيش
تظلله شجرة ٌ جهنمية ٌ
بأحمرها الصارخ ،
فينامان كانا ،
على أمل ٍ حلوْ ..

بهية تصحو ..
تتحسس جسدهـا
تلملم ُ أطراف َ ثوبها
بهية تصرخ ُ في فضاءاتهـا
الآن يفرجهـا الكريم
يا ابن عمي ..
فتعال
الطميُ يخرج ُ للتو
من جسد النيل الذي
مـل ّ انسيابه العبثي ّ
واليمـامـاتُ على أغصانهـا
باضت ْ
وغردتْ الحساسين ُ
بين أعواد القصب ْ
جاء الغضب ْ
يا ابن عمي
فتعال ،
فالمخاض مفتاح الولادة
والولادة ُ تمتْ ..
على يد (أم الغلابه)
بهية ُ قالت
الآن يفرجهـا الكريم
فتعال ،
(الواد كـِبـِرْ )
يا ابن عمي ، فتعال ْ
نزرع الغيط ثانية ً
ونقرأ الفاتحة
على روح أمكْ
وأبيكْ
ونعود ثانية للنيل ،
والكورنيش ، واللب ْ
والورد الجهنمي ،
وابن (أبو سويلم)
بائع الترمس ،
قد تزوج قبل يومين ،
ورأيتُ أصحابه
يزفونه على أكتافهم
المخضبة بدمه ..

قالت بهية ُ
الآن يفرجها الكريم ،
فاليمامات قد باضتْ
على أعواد المدن العتيقة،
وعند مشارف العتبات
شيئٌ يبرق من بعيد ،
مثل فرحة تلك الليلة ،
خلف أعواد القصب ْ ،
أتذكر با ابن عمي ..؟!!
حين كان النيل يضحك ُ
وحين أسبلت الجاموسة جفنيها
ونامت على رطل ٍ من حليبْ ..؟
يا سلام ،
والقمر كان يحاكينا ،
بابتسامات
تأتي وتغيبْ
خلف غيمات الفرح ..

يا ابن عمي ،
بهية قالتْ،
(الواد كبر..
وعيال ابن أبو سويلم
امبارح شالوه ..
شـُفت شي أحمر وراه ،
زي ما تقول خيطان
من شجر النيل ..
قالوا يا ضنايا ،
جـت له رصاصه ..
يمكن يا خويه طايشه .؟
لكني يا ابن عمي
أنا لسه عايشه
ما تخافش ،
انا لسه قبل الأربعين،
مش حبكي .. لأ
وحياة المرحوم أبوك ،
خليك قوي في غربتك ْ
إحنا زي ما احنا يا حبيبي ،
حنروح مرة تانية
للغيطان
والدُره
نزرع تحت القمر
خيطان
من دم الولدْ..
يمكن بكره يطلع نسيج
أو ملايه نحطها
فوق سريره ..
أو نعمل منها علم
كبير قوي ،
لمصر أمنا
أم الغلابه..)
..



ثورة يناير 2011


(1) الفقرة مستوحاة من قصيدة للراحل نجيب سرور ..
(2) البلطي والبني ، من أنواع سمك النيل .

مصطفى حمزة
15-12-2013, 09:53 PM
أخي الأكرم الأستاذ حسن
أسعد الله أوقاتك
بهيّة .. ومحمد عدوية .. وذلك الزمن الجميل مع الأغاني الشعبية المصرية ..
وهنا نص بنكهة الريف المصري الأصيل والجميل
هل هو ترتيلة ، أم أغنية ، أم كنتَ به تندب حال أم الدنيا ؟!!
بمراوحتك بين العامية والفصحى حيرتَ المصنّفَ .. هل يتركه هنا حيث الفصيح أم ينقله إلى هناك إلى قسم أدب العاميّة ؟ ما رأيك ؟
تحياتي

آمال المصري
17-12-2013, 02:08 PM
من الحكاوي الشعبية كانت تلك الجميلة بنكهة الريف والنيل
فرج الله عن مصرنا الهم وأزاح الكربة
حرت في تصنيف النص كما ذكر الأستاذ مصطفى .. لذا استبقيته هنا
بوركت واليراع
تحاياي

ربيحة الرفاعي
15-01-2014, 02:57 AM
مشاعر طيبة حملها النص
وأحسنت التعبير عنها أديبنا لا حرمك البهاء

أستأذن من تقدمني فاستبقاها من الأساتذة وكاتبها بنقلها لقسم العامية
حيث لا تسمح الضوابط باستخدام المحكية في غيره

دمت بخير

تحاياي