تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النادل



فاكية صباحي
18-12-2013, 04:03 PM
بهرني بضحكته العريضة وهو يحمل محفظة أحْنتْ ظهره..
و يناديني بتهكم : يا هذا إليّ بفنجان قهوة دون سكر
حتى لا أقول قهوة مُرة..
فأنا كثير الحذرفي توظيف الألفاظ ..
كما كنت حذرا دوما في اختيار المقاهي التثقيفية التي تضمّ أوقاتَ فراغي..
رغم أنه لا فراغ لدي..!!
أضاف هذه العبارة وهو يُخرج جريدة ..
بل جرائد راح يتصفحها بحثا عن مقال إدعى أنه سُرق منه في طريقه للجريدة ..بل للجرائد..
وضع نظارة أخفتْ جحوظ عينيه الواضح ،وراح ينتقد الكلمات المبعثرة على الجريدة ..بل على الجرائد..
فجأة ردد وهو يعبث بصفحة الكلمات المتقاطعة :
باء..باء..كلمة من أربعة حروف تعني إبتلاء..
قلت : بلاء
قال أصبت.. !!!!
أنت أستاذٌ في الكلمات المتقاطعة..!!!
انشغل عني برهة ليناديني من جديد..
ياهذا ما اسمك..
قلت: سمّـني ما شئت يا أستاذ..
لقد كرهت اسمي منذ أن كنت طالبا بكلية الحقوق ..
ولا حقوق لديّ سوى الخربشة على جدران التسكع..و الثرثرة على أبواب المقاهي

قال : ماذا..! الجـ..ا..م..ع..ة..!؟
هل دخلتَ الجامعة..؟!
قلت: طبعا يا أستاذ..
قال: كيف تعمل نادلا وقد درستَ بالجامعة كما تدعي..
قلتُ: بل تخرجت من الجامعة كما ادّعوا..
قال: وماذا فعلتَ بثقافةٍ زُرعت فيك لسنوات عدة..
قلت:إني موظف كأي مثقف..
ومهنة النادل لا تقل قيمةً عن أي مهنة أخرى..لأنها لم تلغ ثقافتي البتة..
رمى الجرائد من يده..بل الجريدة وهو يُحملق فيّ..نادل ..مثقف.. !!
يالك من بليد..أي ثقافة تلوكها في هذا المقهى غير ثقافة الملاعق والكؤوس..
قلت:وثقافة الرؤوس كذلك.. أم تراك نسيتها..؟
فلو لم أكن هنا لَما وجدتَ كلمتك الضالة ببحر الكلمات المتقاطعة الذي تغرق فيه بالساعات
لأخرجك منه وأنت تحتضر..
ما الفرق بيني وبينك إذن.. ؟؟
أليست جرة قلم هي مَن أجلستك هناك ؟
وصفعة ألم هي مَن أوقفتني هنا..؟
صمتَ لحظة ثم قال:
مارأيك لو ساعدتك بثقافة الكؤوس ، لتساعدني بتحضير الدروس..؟!

ابتسمت كالمعتاد وأنا أذكره مجددا بأنني موظف كأي مثقف..
ثم تأبطت أوراقه المبعثرة دائما..
وحمدت الله على كوني أستاذا في الكلمات المتقاطعة ..ولست أستاذا بالجامعة.

عبد السلام دغمش
19-12-2013, 07:55 AM
قصّة جميلة أخت فاكية بطابع حواري يشدّ القارئ.

قرقٌ بين الثقافة كمخزون فكري يحمله المثقّف ويعيشه فكراً وسلوكاً..وبين عنوان من أجل الوظيفة والمنصب..

همسة : الجملة في الخاتمة " ثمّ تأبطت أوراقه المبعثرة دائما.." هل هي" تأبط" ؟ ام أن النادل سار في ركاب ذلك (الأستاذ) ..
تحياتي أديبتنا المبدعة.

ناديه محمد الجابي
19-12-2013, 10:31 AM
أستفحلت البطالة بين الخريجين بشكل كبير, مما اضطر البعض لوضع
شهاداتهم الجامعية جانبا, والعمل في مهن بسيطة لا تمت لتخصصهم
بصلة ـ وذلك من أجل لقمة العيش .
وقصتنا هنا تقدم نموذجا لهذه المشكلة .. خريج كلية الحقوق , لم
يستطع أن يحصل على حقه في وظيفة تليق بدراسته فعمل كنادل
في مقهى.
قصة جميلة تعرضت لقضية اجتماعية مطروقة بأسلوب مميز, وأداء ماتع
رائعة بسرديتها وفكرتها ودلالاتها.
دام هذا الألق.. ولك تحياتي وودي.

آمال المصري
20-12-2013, 09:14 AM
ذكرتني تلك الجميلة بأحد الشباب الذي ينصب بضاعته من أدوات مدرسية على أحد الأرصفة يتودد للمارة ليشتروا .. وبمحاورته حول بعض ما يبتاعه تبين لي أنه حاصل على بكالوريوس طب وأخرج من حافظته هوية ما يثبت ذلك
البطالة تقتات من عزائم شباب الأمة يدعم ذلك الغلاء والتدهور الاقتصادي والمحسوبيات
بلغة أنيقة وسرد ماتع نقلت لنا أديبتنا الفاضلة أحدى تلك الصور
وددت لو لزمت الجانب الأيمن من الصفحة واستبدال النقط بعلامات الترقيم
شكرا لك على تلك المساحة البديعة
خالص التحايا

فاكية صباحي
20-12-2013, 09:37 AM
قصّة جميلة أخت فاكية بطابع حواري يشدّ القارئ.

قرقٌ بين الثقافة كمخزون فكري يحمله المثقّف ويعيشه فكراً وسلوكاً..وبين عنوان من أجل الوظيفة والمنصب..

همسة : الجملة في الخاتمة " ثمّ تأبطت أوراقه المبعثرة دائما.." هل هي" تأبط" ؟ ام أن النادل سار في ركاب ذلك (الأستاذ) ..
تحياتي أديبتنا المبدعة.


نعم أخي الكريم ..كثيرون هم من يظنون بأن حمل الشهادة على أكتافهم وشاحا يتجملون به قد يكفي ليكون جواز عبور لبحار المعرفة
وبالتالي يكتفون بها ..ليقعوا فريسة سائغة بين براثن الجهالة قيدا طليقا ، لترسو نظراتهم على مرفأ أقدامهم فحسب
ولا تستطيع التحليق عاليا للإرتواء من الثقافة الحقيقية التي لا تتقاطع مع الشهادات العلمية إلا لتزيد صاحبها سموا في نظر نفسه أولا قبل أن يحترمه الآخر
وبحياتنا العادية قلما نجد الرجل المناسب في المكان المناسب

أشكر لك سؤالك الوجيه وبطبيعة الحال قصدت أن ذلك الشاب يعيد ترتيب أوراق الأستاذ دائما لأنه كان يصحح له الأخطاء النحوية ويعيد صياغة بعض الدروس قبل أن يقدمها للطلبة
وهي صورة حقيقة قد التقطتها من واقعنا المرير للأسف الشديد

الأديب القدير عبد السلام دغمش
أسعدني طيب مرورك ..وإثراؤك للنص
تقبل مني خالص التقدير

كاملة بدارنه
21-12-2013, 05:58 PM
هناك فرق بين الشّهادة والثّقافة، ولكن ما يعني النّاس هو المظاهر ...
عرض رائع للآراء ووجهات النّظر بأسلوب حواريّ جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي

فاكية صباحي
24-12-2013, 12:44 PM
أستفحلت البطالة بين الخريجين بشكل كبير, مما اضطر البعض لوضع
شهاداتهم الجامعية جانبا, والعمل في مهن بسيطة لا تمت لتخصصهم
بصلة ـ وذلك من أجل لقمة العيش .
وقصتنا هنا تقدم نموذجا لهذه المشكلة .. خريج كلية الحقوق , لم
يستطع أن يحصل على حقه في وظيفة تليق بدراسته فعمل كنادل
في مقهى.
قصة جميلة تعرضت لقضية اجتماعية مطروقة بأسلوب مميز, وأداء ماتع
رائعة بسرديتها وفكرتها ودلالاتها.
دام هذا الألق.. ولك تحياتي وودي.


نعم أخيتي هي البطالة عندما تتقابل مع الفراغ الروحي والذهني لمن يشغلوا مناصبهم شكلا فقط
هذا الأنموذج للأسف الشديد تفشى بين أركان مجتمعنا لينخر كالسوس في العظم الطري

أسعدني جميل تقريظك ولك مني مفردات التقدير والشكر

خلود محمد جمعة
26-12-2013, 10:52 PM
الثقافة لا تحتاج لشهادة
والمهنة لا تعكس الشخصية
والتحصيل العلمي لا يعني الثقافة
حوار وان دل يدل على هزيلة الحاضر
نص باسلوب سلس جميل مزين بعمق الفكر
دمت بخير
مودتي وتقديري

سامية الحربي
03-01-2014, 06:12 PM
قصة مشوقة جدًا بحوارها الماتع سلطت الضوء على تعاطي المثقف الذي أُجبر على الوقوف على نواصي الطرقات .كثيرٌ هم من يستحقون لقب شهادات فخرية لكنهم لم ينالوها و الأكثر منهم من يخدعنا بشهاداته. تحيتي لكِ الأديبة فاكية وبنصوصك الثرية.

د. سمير العمري
11-01-2014, 01:08 PM
قصة تطرح حالة مؤسفة وتتناول قضيتين .. قضية البطالة التي تتسبب فيها هذه الأنطمة الحاكمة الظالمة والتي تدفع الجامعيين للعمل في وظائف متدنية كنادل أو سائق أو باع متجول ، وفضية الفرق بين الثقافة وبين الشهادة.

نص موفق يزبده بعض تكثيف ألقا.

تقديري

ربيحة الرفاعي
25-01-2014, 03:04 PM
قصة واقعية رغم ما قد يعتريها من غرابة بنظر من لم يصادف هذه النماذج في حياته ، وأداء قصّي طيب عازة بعض تكثيف للفكرة ولمحمول الجملة القصيّة


دمت بخير

تحاياي

نداء غريب صبري
13-02-2014, 01:37 AM
بين الثقافة والتعليم فرق كبير لا يدركه إلا المثقفون
وليس الرجل المناسب في الموقع المناسب دائما

قصة جميلة أختي

شكرا لك

بوركت