المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تدبُّر الأمثال القرآنية-3



الدكتور ضياء الدين الجماس
22-12-2013, 04:38 AM
تدبـُّر الأمثال القرآنية -3

(بعوضة فما فوقها)
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ 26 (البقرة)

في هذه الآية الكريمة بيان لدلالة ضرب الأمثال في القرآن الكريم ، وذلك من قوله تعالى : (إنَّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها...)
فالاستحياء بالنسبة لله تعالى لا يـماثل بمعناه الدارج من الحياء كما هو الحال عند البشر ، بل معنى الاستحياء هنا بمعنى إرادة الحياة أو الإبقاء على قيد الحياة ، كما هو الحال في قوله تعالى عن فرعون (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (البقرة 49) .
ويكون المعنى في استخدام هذا الفعل بحق الله تعالى ، أنه سبحانه وتعالى لا يضرب الأمثال في كتابه لإحياء أحد وبث الإيمان في قلبه، بل لكشف صاحب القلب (العقل) الحي من الميت بالدرجة الأولى ثم يتلوها المرحلة الثانية في تدبر المثل وهو الارتقاء إلى الدرجات الإيمانية الأعلى بالنسبة للحيّ، وأما صاحب القلب الميت فيزداد جهلاً باستزهزائه وبالتالي يزداد هبوطاً إلى الدركات السفلى من الجهالات والآثام.
فقد ضرب الله تعالى أمثلة من مخلوقاته المتنوعة سواء أكبر حجماً من البعوضة أو أصغر منها . فقد ضرب الله تعالى أمثلة في الذباب والعنكبوت والنمل وسائر الحيوانات الأخرى التي يمكن الاستدلال منها على دقة وعظمة خلقه ، وبالتالي يمكن الوصول عن طريق الأمثال إلى الحكمة من المثل من جهة مع التعرف إلى أسماء الله تعالى وهو أصل من أصول الدين.
وفي الصناعة كلما دقت الصنعة بصنعها وصغرت دلت على عظمة أكبر في القدرة على إنتاج الصناعة المجهرية كإنتاج جهاز يسجل الكلام والصورة ، مع أن حجمه قد لا يتجاوز مليميترات، وتأتي العظمة من أن أصابع الصناعة أكبر من حجمه ما يدل على ضرورة استخدام مهارات علمية صناعية فائقة الدقة (مجهرية) لا تراها العين البشرية ، وفي ذلك إعجاز للإنسان على قدرة الله تعالى الفائقة على خلق مخلوقات لا تراها العين المجردة كالجراثيم والفيروسات ...سبحانه وتعالى.
من جهة أخرى يدل خلق الله تعالى للكائنات الكبيرة جداً كالحوت والفيل والتنين.. على دقة الصنع مع العظمة والقوة... وهي كلها سواء صغرت أو كبرت لا تحتاج عنده سبحانه وتعالى أكثر من إرادته بكلمة "كن" فتكون بأعظم وأدق وأجمل خلق كائن ، بل تؤدي وظيفتها على أكمل ما يكون حسب الهدف الذي خلقت من أجله.
كما أن خلق الله تعالى متنوع ليس في أنماط الصناعة ودقتها وتباينها في الحجم صغراً أو كبراً فحسب بل حية وغير حية ، فالجراثيم التي لا نراها حية ، تمتلك جميع وسائل الحياة وتحتاج للطاقة وتنفث السموم .. وتعتبر من جنود الله تعالى يصيب بها من يشاء ..
وفي خلق البعوضة ، محط ضرب المثل هنا ، عجائب مدهشة فهي مخلوق حي يمتلك أيضاً كل وسائل الحياة (بصر وتنفس وهضم وجهاز دوران قلبي (ويقال لكل جناح أيضاً قلب خاص لتقديم الطاقة اللازمة له ) وقدرات هائلة على الطيران وتمييز مصادر قوتها والقدرة على الحصول عليه ، أفلا تكون مثلاً على قدرة خلق الله تعالى ودقته في خلق هذا الكائن الصغير الذي تتجلى فيه أسماؤه سبحانه وتعالى.
هل يستطيع أي كائن أن يصنع مثلها ، (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ – لقمان 11)
ويكون معنى الآية :
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي ( لا يقصد إحياء أحد أو إبقائه حياً ) أَن (عندما) يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا(أكبر منها أو أصغر ) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ ( الذين قلوبهم حية عاقلة ) فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ( بتفكرهم بالمثل وإدراك المراد والهدف منه ) ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ (الذين ماتت قلوبهم فلا يعقلون شيئاً ) فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً( باستهزائه ) وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً(بالتفكر فيه والتعرف على المراد والحكمة من ضربه)، وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ 26(المنحرفين عن الطريق المستقيم ، طريق الهداية ) (البقرة)
نسأل الله تعالى الهداية والارتقاء بفهم أمثاله آمين.

ناديه محمد الجابي
24-12-2013, 08:20 PM
بارك الله فيك بما قدمت وشرحت
واسمح لي بأن أركز على تكوين البعوضة
* تمتلك البعوضة جهازا ًلتحليل الدم ، فليس كل دم مناسب لها
* تمتلك البعوضة جهازا ًللتخدير ، فهي تخدر موضع اللسع حتى لا يشعر بها الشخص فيقتلها أثناء امتصاصها للدم ،

* تمتلك البعوضة جهازا ًلتمييع الدم الذي تمتصه من الإنسان ، حتى يتيسر له المرور عبر خرطومها الدقيق ، و حتى تمنع تخثر الدم في منطقة الامتصاص عندما يفرز الجسم أنزيمات التخثر !
* للبعوضة خرطوم فيه ست سكاكين ؛ أربع سكاكين تحدث في جلد الملدوغ جرحا ًمربعا ًيصل الى وعاء دموي ، و السكينتان الخامسة و السادسة تلتقيان لتكوّنا أنبوبا ً لامتصاص الدم .
* البعوضة مزودة بجهاز شم تستطيع من خلاله شم رائحة عرق الإنسان من على بعد يصل الى 60 كم .
* في أرجل البعوضة مخالب تستخدمها اذا أرادت الوقوف على سطح خشن ، و لها محاجم إذا أرادت أن تقف على سطح أملس .
فسبحان الله الخالق المبدع.
ولكن ماذا عن دلالة كلمة (فما فوقها) ؟؟
أن الله تعالى يضرب المثل بالبعوضة و بما يعيش فوقها من كائنات لا نبصرها بعيننا المجردة ...
إن في الإشارة الى و جود هذه الكائنات الحية إعجاز فمن كان يتخيل وجود مثل هذه الكائنات الحية
في زمن الرسول عليه الصلاة و السلام ، و كيف يجرؤ أحد على ذلك و هي لا ترى الا ّ بالمجهر الإلكتروني .

شكرا لك ولك تحياتي وتقديري.

الدكتور ضياء الدين الجماس
25-12-2013, 09:17 AM
بارك الله فيك بما قدمت وشرحت
واسمح لي بأن أركز على تكوين البعوضة
* تمتلك البعوضة جهازا ًلتحليل الدم ، فليس كل دم مناسب لها
* تمتلك البعوضة جهازا ًللتخدير ، فهي تخدر موضع اللسع حتى لا يشعر بها الشخص فيقتلها أثناء امتصاصها للدم ،
* تمتلك البعوضة جهازا ًلتمييع الدم الذي تمتصه من الإنسان ، حتى يتيسر له المرور عبر خرطومها الدقيق ، و حتى تمنع تخثر الدم في منطقة الامتصاص عندما يفرز الجسم أنزيمات التخثر !
* للبعوضة خرطوم فيه ست سكاكين ؛ أربع سكاكين تحدث في جلد الملدوغ جرحا ًمربعا ًيصل الى وعاء دموي ، و السكينتان الخامسة و السادسة تلتقيان لتكوّنا أنبوبا ً لامتصاص الدم .
* البعوضة مزودة بجهاز شم تستطيع من خلاله شم رائحة عرق الإنسان من على بعد يصل الى 60 كم .
* في أرجل البعوضة مخالب تستخدمها اذا أرادت الوقوف على سطح خشن ، و لها محاجم إذا أرادت أن تقف على سطح أملس .
فسبحان الله الخالق المبدع.
ولكن ماذا عن دلالة كلمة (فما فوقها) ؟؟
أن الله تعالى يضرب المثل بالبعوضة و بما يعيش فوقها من كائنات لا نبصرها بعيننا المجردة ...
إن في الإشارة الى و جود هذه الكائنات الحية إعجاز فمن كان يتخيل وجود مثل هذه الكائنات الحية
في زمن الرسول عليه الصلاة و السلام ، و كيف يجرؤ أحد على ذلك و هي لا ترى الا ّ بالمجهر الإلكتروني .
شكرا لك ولك تحياتي وتقديري.


بارك الله بك أختنا الفاضلة نادية، ولك الأجر على إثراء الموضوع .
ومن دواعي سروري مثل هذه المشاركة لأنها تبث الحياة في الموضوع ولا يأتي من جهة واحدة.
كما ذكرت للبعوضة جهاز تحليل دم لا يعتمد على عينات الدم بل قبل امتصاصه عن طريق الذبذبات الصوتية فتنتقي مصادر غذائها قبل االلسعة. فنجد شخصين في الغرفة ذاتها أحدهما قد لسع بلسعات عديدة والآخر لا نجد لديه أي لسعة. فهناك اختيار وانتقاء.
وأما عبارة فما فوقها فهي من جوامع الكلم ، تحتمل معان عديدة ، فما فوقها حجماً ووزناً، والفوقية تحتمل الجانبين الإيجابي والسلبي أي أكبر أو أصغر ( +، -) ، وقد يحتمل ما فوقها أي ما تحمله فوقها من جراثيم أو فيروسات .. وقد يحتمل جناحها الذي ضرب به رسول الله مثلاً عندما قال : " لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ " أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
نرجو من باقي الأخوة مشاركتنا في هذه المعاني الراقية لكي نعظم قدرة الله تعالى ودقة خلقه وتنوع هذا الخلق ، وكلٌّ ميسر لما خلق له.
شكراً جزيلاً لك أختنا الفاضة ولك الأجر والثواب.

الدكتور ضياء الدين الجماس
25-12-2013, 12:59 PM
روابط أمثال سورة البقرة
المثل الأول -1
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=70211
المثل الثاني – 2
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=70300
المثل الثالث-3
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=70320
المثل الرابع والخامس-4 +5
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=70352
المثل السادس-6
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=70431
المثل السابع 7
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=889863#post889863