تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصائد للريح والرماد



د. حسين علي محمد
15-03-2005, 08:46 AM
قصائد للريح والرماد

شعر: د. حسين علي محمد
نهايةُ الرحلة

.. وحينما رحلْتُ في عيونِكِ البُحيْرَهْ
(أكنتُ راكِباً بساطَ الموْجةِ المُنطفِئهْ ؟
أكنتُ مُمْسِكاً زِمامَ الماءِ والأعشابِ ..
والطَّحالبِ المُلوَّنَهْ ؟)
كانتْ عناكِبُ الخريفِ في انتِظاري !
تُراقِبُ انكِسارَ ضَوْئها الهتونِ ..
في مدامِعِ النهارِ !
ومرْكبي في الوحْلِ يا صَدِيقْ
أخافُ منْ عوائقِ الطَّريقْ
أخافُ منْ غَدي المجْهولْ ..
الخَوْفُ في خُطايْ ..
والموْتُ فيكِ يا سهولْ

الزقازيق 17/3/1975

***

فـِرار

(1)
جاءَ الصبحُ
ولمْ تُشرقْ فينا الشمسُ
وتركتْ شُرفتَها للريحِ وللظُّلْمهْ
فأعادتْ للقلبِ الجُرْحْ
أنظرُ فاتنتي مُغْتمَّهْ
تهربُ من صَخَبِ اليومِ ،
وتستلقي في مملكةِ الأمسْ

(2)
تحلمُ فاتنتي الغجريَّهْ
بالطُّرق الآمنة الرَّحْبَهْ
لكنَّ الظُّلمةَ تقهرها
تُفزعُها الأصواتُ الفظَّةُ في الطُّرقِ الوحشِيَّهْ
فتراها زائغةَ النظرِ ، وتخطو في رهبَهْ
تهرُبُ من شيءٍ أفزعها !


(3)
تبحثُ فاتنتي
ثانيةً عن بقعةِ ضوْءْ
أبصرُها ذاهلةً تُعطي ساقيْها للريحْ
ـ وهي الثابتةُ الصُّلْبَهْ ـ
وتُولولُ فزعاً ، وتُصيحْ ..
باحِثَةً عن طُرُقِ الأوْبَهْ

الزقازيق 13/7/1976

***

ثلاثة وجوه على حوائط المدينة

(1)
الوجْهُ الأولُ وسْطَ ظلامِ المحنهْ
رفع السيفَ / القشَّ على الرأسِ وأغفى
واستلقى في مملكةِ الصَّيفِ ولمْ ينطِقْ حرْفا
وضعَ على الوجْهِ تعابيرَ الحكمةِ والفِطنهْ

(2)
الوجهُ الثاني رفعَ الكفَّ المغموسةَ بدماءِ الأطفالِ
وخضَّبَ أوجهَنا بالعطْرِ ، وقالْ
اليومَ أُغني ..
(غنى للساحاتِ الرحبَهْ ،
والمُطربِ ذي الصَّوتِ الفظّْ،
وكِلابِ السَّادَهْ ،
والقصْرِ العالي ذي الدَّرَجاتِ الألْفْ ،
وطِيبَةَ ذاتِ البوَّاباتِ السَّبْعْ)
وقالْ :
"الليلةَ عُرْسي يا أشْبالْ !"
غَنَّى ثانِيَةً ..
لكِنْ لمْ يبْكِ الأطْلالْ !
غَطَّى أوْجُهَنا بصراخٍ وضجيجْ
لمْ نُبْصِرْ شَيْئاً
(كانَ الفيَضَانُ الكاسِحُ يجْتاحُ مدينتَنا
بَكَتِ النِّسْوَةُ هلعاً ، والأطفالْ
والفتياتُ جَرَيْنَ عرايا
والوجْهُ الجيفَةُ يبْسَمُ
في بلَهٍ وخَبَالْ !)

(3)
الوجْهُ الثالثُ حارْ :
هلْ يُوضَعُ بيْنَ الوجْهيْنِ الإلْفيْنْ
أَمْ يَرْكبُ فَرَسَ النَّارْ ؟

(4)
في اليوْمِ التَّالي ..
كانتْ صحفُ القُطْرِ تُبارِكُ هذا المشوارْ
"منْ أجلِ مسيرةِ كلِّ الشرفاءِ الأحرارْ"
كانَ الوجْهُ الثالثُ ـ بيْنَ الوجْهيْنِ الإلفيْنْ ـ
مبتهِجاً بعجائبِ هذا الزمنِ الدَّوَّارْ
ولِقاءِ الثُّوَّارْ ! !

ديرب نجم 23/11/1974

د.جمال مرسي
15-03-2005, 11:46 AM
انتظرتك كثيراً على شرفة الحلم
لكنك أطلت الغياب
و حين عدتَ
عدت محملا بالعطر الذي أحببته
و بأعشاب البحر
و في يمناك عصا موسى
و على رأسك تاج العزة و الفخار
و وراءك تسير قافلة من النور أنت حاديها


أخي الكريم د. حسين على محمد
ما أروع و أبهى إطلالتك الأولى بهذه القصيدة الآسرة التي يسعدني أن
أكون أول معانق لها و أول مرحب بهذا القلم المتجه نحو الشمس
الشارب من بحور الضياء
الواثق الخطوة يمشي في خيلاء
أهلا بك يا عزيزي في واحة الأحرار
بين نخبة من خيرة الشعراء
معانقة أولى و لا أروع
و ذكرني المدن التي دونتها ديرب نجم و الزقازيق بأيام الجامعة فيها
و ذكريات عاطرة لم تمحها خمسة و عشرون عاماً

أعجبني هذا المقطع جدا :
جاءَ الصبحُ
ولمْ تُشرقْ فينا الشمسُ
وتركتْ شُرفتَها للريحِ وللظُّلْمهْ
فأعادتْ للقلبِ الجُرْحْ
أنظرُ فاتنتي مُغْتمَّهْ
تهربُ من صَخَبِ اليومِ ،
وتستلقي في مملكةِ الأمسْ



أهلا بك من جديد
و تقبل خالص ودي و تقديري

أخوكم د. جمال مرسي

محمد عبد القوى
15-03-2005, 04:55 PM
رائع وجميل دكتور
www.maa66.jeeran.com

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 02:57 AM
شكراً للدكتور جمال مرسي، وللأستاذ محمد عبد القوي مع التحية والتقدير

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 03:07 AM
شجرة الحلم
شعر: حسين علي محمد
1-شجرة الحلم:
أقفُ على رأسِ قٍبابٍ نصبوها في الطرقِ الوهميَّهْ
يشربُ غيري منقوعَ الكلماتِ الشافيةِ من الأدواءْ
ويبيعُ الفجر الآتي ذات صباحٍ أبيضَ للضُّعفاءْ
أقفُ وأصرُخُ في الأمواتِ: أفيقوا
هذا زمنُ الحجرِ الصَّنَمِ الرابضِ في الأبْهاءْ !
فلتخرُجْ كلُّ شجيراتِ الأحلامْ
ولتنفضْ عن عاتِقِها ظلَّ غُبارِ الأيَّامْ !
كي تحمينا ـ نحنُ الإخوة والأبناء ـ
من هذي الشَّمسِ الحارقةِ الصَّمَّاءْ
(هذي شجرةُ أحلامي
بينَ شُجيراتِ الواحَهْ
تقصدُها كلُّ عصافيرِ الوادي
تملأُ أُذني بالأنغامِ الصَّدَّاحَهْ
وحبيبةُ روحي تبدو في فَرَحٍ غامِرْ
وأنا أحيا أيَّامَ ربيعي

2- رواسب قديمة:
نصفي يحلُمُ أن يعشَقَ واحدةً
لمْ يلمسْها رجلٌ من قبلْ
والنَّصفُ الآخرُ يحلُمُ أنْ تفنى روحي
في حُبِّ اللهْ
(يدفعُني ظِلُّ العينِ الليْلِيِّ، ويُلقيني في القاعْ
فيُعرْبِدُ فيَّ الشَّكُّ الثَّائرْ
ماذا يحدُثُ فوقَ السطحِ الهائجْ؟
تصطرعُ الرَّغباتُ المكْبوتَةُ والأطْماعْ
يتداعى زوْرقِيَ الحائرْ
فوقَ مياهِ البحرِ المائجْ
يسقُطُ منْ عيْنيْها ظِلُّ شُعاعٍ فتَّانْ
يبعثُ في الوهْمِ السُّفْلِيَّ النَّارَ القُدْسِيَّهْ
فأكادُ أموتُ وحيداً
بينَ الطِّين ورَحمِ الأرضِ الحُبلى بالنُّورِ العُلوِيّْ
قبلَ أواني!

3-الكلماتُ المفقودةُ:
ينطلِقُ النِّيلُ حصاناً همَجِيَّ الخُطُواتْ
يتبرْعمُ دمُنا القاني في الأوردةِ / الفلواتْ
ننسجُ منْ موَّالِ العشقِ الأخضرْ
جسداً مشتعلاً بالرَّغْبَهْ
لا ترويهِ الكلماتْ
تنفلِتُ الحلوةُ منْ بين الجُدرانِ
أراها فاتِنَةً غَجَرِيَّهْ
تطلُعُ فوقَ الأسطُحِ
تتدحرجُ قمراً طفلاً
فوقَ تُرابِ الخوْفِ، وأحجارِ الأحزانْ
تنفلِتُ كنافورةِ ضَوْءْ
كالشُّهُبِ الهاربَةِ يُغطِّيها دمْعُ زُجاجْ
من تلكَ الذِّكرى المُوحِشَةِ
... المُلقاةِ على هامشِ ذاكرةِ النِّسْيانْ
يصعدُ في حلقي الشَّجَنُ فأمْضي
(في طُرقاتِ اليأْسِ وحيداً)
أبحثُ عنْ بارِقَةِ أَمانْ!
(النَّارُ بأعراقي مُسْتَعِرَهْ
أوردتي الثلْجِيَّةُ صارتْ ورْدَهْ
أهدابُ الليلِ أراها تتفتَّحُ
.. عنْ أكمامِ الصُّبحِ المُمتدَّهْ)

4- حديث الليل والنهر:
الليلُ يُردَّدُ أُغنيةً
فتُردِّدُها الأصداءْ
النَّهرُ يُفجِّرُ حزناً،
سُخطاُ،
فلسفةً
وغثاءْ
"حيِّي مفقوءُ العيْنيْنْ
لا يُبصرُ إلاَّ وجهاً مطلِيًّا
وشفاهاً كاذبةً شوْهاءْ
حبي طفلٌ يتسوَّلُ بين الحاناتْ
يبحثُ بينَ الأعقابِ ..
وتحتَ الأقدامِ النَّاعمةِ الملساءْ
عنْ قمرٍ ماتْ"
ـ هذا ما قال النهرْ!
ـ أتُراك ذهلت ولمْ تسمعْ ؟
ـ أنصِتْ
"تلك حياتي بين يديكَ كتابٌ مفتوحْ
لا أقدرُ أنْ أبعدَ عنكْ
فخذيني بينَ يديْكْ
حتى لا ينطلقَ السَّهمُ جِهارا
يغتالُ وروداً ونضارا
حرصت روحي أن تبقى
من أجلِ الغدْ"
ـ أسمعتْ؟
ـ سمعتُ الشعرَ،
ولمْ أسمعْ فلسفةَ النَّهرِ المُتحدَّثِ
..في قاعِ مدينتِنا الصَّمَّاء!
ـ اسمعْ!
"جسدي مصلوبٌ منذُ ثلاثةِ أيَّامْ
جسدٌ حيٌّ يتبرعمُ شَوْقاً للمحْبوبَهْ
يأكلُهُ الخونةُ، والأجراءُ، وبعضُ الأيتامْ
جسدي لمْ تقربْهُ الغربانْ"
5-مشهد الموت والميلاد:
ارفع وجهك في وجهي يا "أوديبُ"
.. فأنتَ نبيلٌ، وشريفٌ، وشُجاعْ
(جوكاستُ) الحسناءُ عشيقَهْ!
ليسَتْ أُمًّا أو مُرضِعةً، صَدِّقْني
يا (أوديبُ) اسمعني
الصَّوْتُ خُواءْ
واللعْنةُ تطردُني منْ داري
هل أفْقَأُ عيْني
أمْ أمْشي في الطُّرُقاتْ ..
أبحثُ عَنْ ظِلِّي
ظِلِّي مُلقى في الشَّارعِ
آتٍ .. آتْ
ـ لايوس
العربةُ، نصفُ حصانْ
العربةُ رأْسٌ مجنونٌ، ويدانْ
العربةُ قارورةُ عطرٍ سرقوها منذُ زمانْ
(عقلي يأمرُني:
اقتُلْهُ،
لا تقتُلْهْ
أصواتٌ تصعقُني:
اقتُلْهُ،
لا تقتُلْهْ
رعبٌ ينشُبُ فيَّ الظُّفرَ يُحطِّمُني:
اقتُلْهُ،
لا تقتُلْهْ)
.. وقتلْتُ الرَّاكِبَ في غَثَيَانْ
ضَحِكَ الأُمراءْ
واستلقَوْا فوقَ بساطَ البهجةِ في اطْمئنانْ
والسيفُ يُمشِّطُ "طيبةَ" صُبحاً ومساءْ
"أوديبْ"
ذو القدمينِ المُتورِّمتينِ قديماً
من تمشيطِ الصَّحْراءْ
يرفعُ حدَّ السيفِ المُثخَنِ بدماءِ الأحبابِ التُّعساءْ
ويُناديكُمْ:
يا شُعراءْ
كفوا عن هذا العبثِ، وعودوا للأُمِّ الخضراءْ
يا "طيبةُ" .. كوني للشعراءْ
هأنذا مُلقى في اليمِّ الجامحِ
أسبحُ نحو المُدُنِ المجهولهْ!
وجهي يا تُعساءْ
يرجو أنْ يأتي ذاكَ الشَّطُّ الطَّيِّبْ
(وأنا أسألُ نفسي:
هلْ أصِلُ إليهِ الآنْ؟
أمْ تُبصِرُني حبَّةُ قلبي جسداً ميْتاً؟
أمْ أصلُ إليهِ قتيلاً بعدَ فواتِ الوقتْ
جسداً ميْتاً يُلقى للغربانْ؟)

6-الركب المهزوم، أو عرس الكلمات:
الليلةُ عُرسُ الكلماتْ
فلْيُحضرْ كلُّ منكمْ دفّهْ
"كلماتي كانتْ زاد الفقراءْ
كلماتي كانتْ نبعَ الماءِ الدَّافِقِ في الصَّحراءْ
كلماتي كانتْ مُنذ زمانْ
أما الآنْ
.. فبعْضُ كلامي صار هشيماً تذروهُ الرَّيحْ
والبعضُ الآخر صارَ النَّارْ
...
أفتحُ شباكي للشُّهبِ القُطبيَّهْ
أسألُها عنْ لحظاتٍ حُبلى بالنَّارِ الكونيَّهْ
لكنَّ الثَّلْجَ يُعَمِّقُ فيها ظِلَّ الخوْفْ
فتفِرّْ
"ترَكَتْ كلماتي الرَّكْبَ يسيرْ
والرَّكبُ غريرٌ .. وكسيرْ
وأنا أنظرُهُمْ
أنظُرُ جمعَهم الصاخِبْ
منْ نافِذتي
.. أنظرُ خاتِمَتي"

7-انتظار:
تصرخُ ذرَّاتُ الطَّمْيِ العالقةُ بحباتِ الرَّملْ
تبحثُ عنْ جذْرٍ أخضرَ في الصَّحْراءْ
وتتوقُ لقطرةِ ماءْ
وهجيرُ الأيَّامِ القاسيةِ الصَّمَّاءْ
لا يبْسَمُ للأحلامِ العجفاءْ
والأرضُ الخضراءْ
تمتلئُ بأشجار الكذبِ،
وتُجْهِضُ أشجارَ الحُلْمِ
وتُشعلُ في الجمْعِ الغائبِ .. نارَ السَّكْرَةِِ
… والأُجراءْ
يبكونَ صباحَ مساءْ
والعرقُ الغامرُ أجسادَهم النَّاحِلَةَ السَّمراءْ
يحكي عن سادةِ "طِيبَهْ"
وقصورِهِم الشاهقةِ الشَّهباءْ
فطوبى .. طوبى للتُّعَساءْ!

ديرب نجم 23/6/1975

مخلب سيف
16-03-2005, 05:57 AM
د. حسين علي محمد

سمعت أو لنقل قرأت يوما ما أن لك علاقة برابطة الأدب الإسلامي العالمية. وبل وسمعت بأنك أحد زعمائها!!!!.

وإنني لأعجب ممن هذه مكانته في رابطة الأدب الإسلامي العالمية أن يقول مثل هذا الكلام:

نصفي يحلُمُ أن يعشَقَ واحدةً
لمْ يلمسْها رجلٌ من قبلْ
والنَّصفُ الآخرُ يحلُمُ أنْ تفنى روحي
في حُبِّ اللهْ
وقبلها يضع عنوانا يقول "رواسب قديمة.

ثم من هو أوديب هذا الذي تتحدث عنه وتخاطبه؟!!.

والملاحظات على هذه القصيدة كثيرة جدا، ولي عودة بإذن الله تعالى لنكتشف معا حقائق الأشياء !!..

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 09:00 AM
المُهرِّج

شعر: د. حسين علي محمد

1
سيِّدَتي تلْهو بالكلماتِ تُبَعْثِرُها في مَرَحٍ أَرعَنْ
تأكل إصبعيَ الممدودْ
في وَسَطِ الحانَهْ!
تصبُغُ وجهي بالألوانِ الصَّارخةِ الفتَّانَهْ!
تطلُبُ منِّي
أن أُخْرِجَ رأسي منْ جسْمي
أنْ أَلْعَبْ
أنْ أصْعدْ
أنْ أتلوْلَبْ
أنْ أُضْحِكَ جمهورَ الصَّالهْ
وتمُدُّ العُنقود!
حتَّى ينشرَ ظِلاًّ وأماناً وهمِيًّا
فوقَ الحائطِ والشُّبَّاكْ
في تلك الحالَهْ
أبصِرُ محبوبي، توأمَ نفسي، يصرخُ
ـ في رُعبٍ قاتلْ ـ:
يا مَنْ أنتَ فقدْتَ الوجْهَ، وصرتَ قِناعا
تلهو بالكلماتِ المُمتقِعاتْ
تستلقي في الظِّلِّ، وتستمتِعُ سيِّدتَكَ بالنُّورْ
يا مَنْ عشْتَ حياتَكَ تحلمُ بالحورْ
هلْ حلمُكَ أضحى جسدً فوقَ سريرْ؟
هلْ حلمُكَ ينحصِرُ الآنْ
في أجسادِ سبايا، وكؤوسٍ، وقصورْ
يا مَنْ أنتْ
تفردُ أجنحتَكَ وتُرفرفُ، لكنْ لا أُبصرُكَ تطيرْ
أينَ ذهبتْ؟
فأنا لا أُبصِرُ وجهَكْ
لا أُبصِرُ غيرَ قِناعٍ ورقيٍّ مصبوغٍ بالألوانْ
هلْ هذي فاتحةُ الموْتْ؟
3
أصواتُ السَّادةِ تصرخُ في استعلاءْ
والسيدةُ أراها مُنقبِضَهْ
"عددُ الرُّوَّادِ قليلْ"
والمَرَحُ الغضُّ يموتُ جهارا
والكلماتُ الحالمةُ الهامسةُ أراها
تتحوَّلُ إعصارا
أسقُطُ من فوقِ الحبلِ كسيرا
تُدميني الطَّعَناتْ
يصرخُ توأم روحي في فَرَحٍ صوفِيّْ:
"ها قدْ أشْرقَ وجْهُكْ"
لكنْ لايلْبثُ أنْ يرْفَعَ صوتاً مذبوحاً
ويُنادي مَنْ لا أَعرفُهُ:
"يا مَنْ علَّمْتَ أخانا الحُبَّ ونحنُ صغار
نتوسَّلُ لكْ
أنْ تقلعَ هذا النَّبْتَ الطيِّبَ
.. من غاباتِ الشَّجرِ الثَّرثارْ
وتُعيدَ الغُرسَ إلى تُربتهِ النِّيليَّهْ
نتوسَّلُ لكْ
أنْ تقتُلَ أشباحَ الذُّعرِ المُتوحِّشْ
في الكلماتِ/العارِ، وفي الرَّغَباتِ السِّرِّيَّهْ!
3
سيدتي .. سيِّدةُ الصَّالهْ
مدَّتْ يدَها مُتخفِّيَةً في صَمْتْ
وضَعَتْ فوقَ الرَّأْسِ التَّاجْ
لكنِّي ألقيْتُ التَّاجَ الذَّهبيَّ على الأرْضْ
كانتْ كلُّ ثعابين الوادي حولي
خارِجةً من هذا التَّاجْ
وتَفُحُّ فحيحاً يقتُلُ فيَّ الرَّغبةَ ..فجريْتْ
كانتْ سيِّدتي مُطرِقَةً
والمأجورونَ الخونةُ في صوْتٍ واحِدْ:
"نَكَص على عقِبيْهِ .. وفرّْ"
"نَكَص على عقِبيْهِ .. وفرّْ"
صاحَ الرَّجلُ القرْدْ:
"التاجُ على رأسِكِ يا سيدتي .. يبرُقْ
يُشعرُنا بالنَّصرِ، وهذا الجسَدُ المطعونْ
يُفْقِدُهُ المعْنى
التاجُ ـ أميرةَ حبي ـ لن يخفِقْ
مادُمتُ هنا ..."
وتلعثمَ، فرَّتْ منهُ الكلماتْ
فأضافَ الرَّجلُ الثُّعبانْ:
"لا أقبلُ أنْ يُحنى رأسُكِ
مهما أبدى الخونةُ منْ أسبابْ
التاجُ ـ أميرةَ حبي ـ لن يسقطْ
مادامَ هُنالك حُجَّابْ
وضعوا أنفسَهمْ دونَ البابْ"
وابتَعدتْ خُطواتي
عن هذا الموتِ العاتي!
4
أخرجُ منْ دائرةِ الألوانِ الصَّارخَةِ الكاذبةِ،
وأبحثُ عنْ وجهي الأوَّلْ
أرفُلُ في ثوبِ الشَّمسِ،
وأخطو فوقَ الصَّخْرِ،
فأجِدُ الدُّنيا تتبرْعمُ حبًّا
وكأنِّي مازلْتُ أنا ...
وكأنَّ الدُّنيا في دورتِها العبثيَّةِ لمْ تتبَدَّلْ!

ديرب نجم 6/7/1975

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 09:02 AM
إلى مخلب سيف:
*تاريخ القصيدة موجود، فهذه مرحلة من مراحل شعري. وهي من ديواني "شجرة الحلم" (القاهرة 1980م).

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 09:33 AM
الأميرة تنتصر

شعر: د. حسين علي محمد

*خرج العاشقُ من بهْوِ الأعمدةِ إلى الشارعِ ، ساءلَ سيِّدةَ المقْهى :
ـ هلْ مرُّوا منْ قُدَّامكِ ؟
ـ مرُّوا منذ سويعاتٍ
ـ هلْ كانتْ "شجرُ الدُّرِّ" بصحبتهمْ ؟
-لا أدري يا ولدي ، كانوا بعيونِ الوردِ النعسانِ يروحونَ يجيئون ، وحولَ الأعناقِ البضَّةِ صلبانٌ . كانتْ في حوزتهم سيِّدةٌ سمراءُ ، ويخْلعُ منْ فوق الوجْهِ قناعَ الصَّمْتِ ، ويًصْهلُ : سرقوها ، لكنَّ الصرخةَ تُوأَدُ في صَخَبِ الأصحابِ وقهقهةِ المقهورينَ ، وأجْري يصحبُني الإخوانُ البَرَرَهْ .
*أركُضُ فوقَ بساطِ العُشْبِ الأخضرِ ، أنزلُ للنَّهْرِ وأغسلُ وجْهي ، تتعلَّقُ بالثَّوْبِ الأبيضِ ذرَّاتُ الطَّمْيِ الأسمرِ ، وأُصَلِّي ، والأصحابُ يجيئونَ ، يُنيخونَ هوادجَهمْ خلفَ الرَّكْبِ ، ويجرونَ إلى "المنصورةِ" محْمولينَ على أفْراسِ الريحِ ، وفي القلبِ القرآنُ ، تحفُّهمُ الأورادُ الليْليَّةُ والأمطارُ ، يجيئونَ كصقْرٍ في الليْلِ ، ولا يُخفونَ الحلمَ المتأجِّجَ في العيْنيْنِ (فلولُ الليلِ تُولِّي ، تُعْطي ساقيْها للرِّيح ، فلولُ لويسِ المُندحِرَهْ) .
*فارسُهُمْ يَضعُ الدستورَ : لمصْرَ أتيْنا ، ولمِصْرَ الرحلةُ ، فلْيخْلعْ كُلٌّ منكمْ حبَّ الزَّوجةِ والولدِ ، وحُبَّ المسكنِ ، وتجارتَهُ الرابحةَ من القلْبِ .. تعالَوْا نقرأْ "للمنصورةِ" فاتحةَ الوصْلِ ، تعالوْا كيْ يتَّصِلَ الرّأْسُ الواعي بالجسدِ المنزوعِ ، فماذا يبْقى لوْ نحيا والسرطانُ المتفشِّي يقهرُ هذي الأجسادَ الممصوصةَ ؟ لوْ متنا فالقبْرُ مضيءٌ فيهِ الياقوتةُ خيْرٌ منْ ذهبِ الدُّنيا .. هأنذا أُبْصِرُ مقعدَنا منْ جنَّاتِ اللهِ العُلْيا ، والطيرُ الأخضرُ ينسربُ من الرُّوحِ ، ويَرِدُ الأنهارَ ، ويأكلُ منْ ثمراتِ اللهِ ، ويأْوي للقنديلِ الهابطِ منْ سقْفِ العرْشِ ، فهيا يا صحْبُ نُسافِرُ .. إنِّي أسْرجْتُ حصاني للطُّرقِ الوعْرَهْ ؟
*وردةُ نارٍ تخرجُ منْ جوْفِ الفارسِ ، تصْهلُ ، تُوضَعُ في العُروةِ ، والفارسُ ـ هذا التابعُ ـ ينهضُ ، يُسْقِطُ عنْ كاهلْهِ أحزانَ سنين القهْرِ ، ويرحلُ في مُدُنِ الريحِ ، وفي دفترهِ كلماتٌ قدْ حُفِرتْ بالنّارِ على غُصْنِ الشَّجَرَهْ .
*مصباحٌ دونَ زُجاجٍ لمْ تُطْفِئْهُ الريحُ ، على الرأسِ التاجُ ، وتجري خطواتُ الفرسانِ البُسلاءِ إلى طرق الفجْرِ الأبيضِ يحدوها الأملُ الواعِدُ ، تتسرْبلُ أجسادُهُمُ الصُّلبةُ بالغَيْمِ ، ويُعطونَ العُمْرَ ، وخيْطُكَ يا خالدُ يتدلَّى منْ مئذنةِ الفجْرِ قويا وجسوراً ، ينسربُ إلى الروحِ فيملؤها بالثقةِ ، ويدعوها للبذلِ بغير المَنِّ ، ويدْفعُها أنْ تتفاءلَ رغمَ الظُّلمةِ ، يخلعُ منْ جنبيْنا غاباتِ الخوْفِ .. ويحرقُها في النَّارِ المُسْتَعِرهْ .
*أولادُكِ يا مصرُ الحرةُ يأتونَ ، وإني مُبْتهِلٌ في السَّحَرِ إلى اللهِ ، وأحمِلُ سيْفي كيْ أدفعَ عنْكِ الأعداءَ ، وهذا شجرُ النيلِ الأسمرِ يتحرّكُ ويُقاتلُ أعداءكِ . هذي ذرَّاتُ ترابِكِ نارٌ وبراكينُ تُحمحِمُ في الميدانِ ، وهذا صوتُ الحافرِ يخلعُ أفئدةَ الصُّلبانِ ، وإنّا مُعتكِفونَ على حُبِّكِ يا مصْرُ ، نُصلِّي للهِ ، وفي القلبِ القرآنُ (أهذا قصرً الصالحِ نجْمِ الدينِ .. فهيّا ندخلْ مملكةَ الريحِ ، ونبْعثُ في الجسدِ الميِّتِ روحاً ، نحفرُ فوقَ نوافذهِ الصَّامتةِ الليْلةَ ـ هذا الفرْحَ / النَّصْرَ / الذُّرَّهْ !" .
*هذي "شجرُ الدُّرَّ" فكمْ يشتاقُ الصَّالحُ للضَّمَّةِ ! ، هذي قِطَعُ الليلِ القادمِ منْ دِمياطَ ، العابرِ لُججَ المتوسِّطِ لمْ تُرْهِبْنا ، لمْ نتبدَّلْ في النَّقْعِ (وكانتْ حين التحمَ الجيشانِ كسَدٍّ عاتٍ يحمينا منْ أسيافِ الأعداءِ ، وكانتْ تلثُمُ هذا الجمعَ المتشرنِقَ في الليلِ ، الباحثَ عنْ نورِ الفجْرِ) وأرضُ الباحةِ تمتلئُ بخيْلٍ يصْهلُ ، وبصُلبانٍ ، ونواقيسَ . ومئذنةُ الفجْرِ أراها تصرخُ في أعماقِ الجمعِ : صموداً . يُشرقُ خالدُ وابنُ الخطابِ وسعدٌ في الظُّلمَةِ أقماراً ، هذا وعْدُ اللهِ لنا ، لمْ يكتُبْ في اللوْحِ الباقي ـ للأبناءِ البررةِ ـ غيْرَ النصرِ ، فهاتي حضنيْكَ ، وهذي "المنصورةُ" تصبرُ وتقاتِلُ ، تنفضُ عنْ كتِفيْها ذُلَّ العُمْرِ ودَهْرَ السُّخْرَهْ !
*الأيدي المعروقةُ ، والعيدانُ السمراءُ الممْصوصةُ حمَلْتْ أفؤسَها في الفجْرِ ، وذَهَبتْ للنَّهْرِ الهادرِ كيْ تروي هذا الزَّرعَ العطشانَ ، وكانتْ تقِفُ على النَّهْرِ المحبوبةُ ، صخِبَ الجمْعُ وهلَّلتِ النسوةُ ، وابتسمَ الأطفالُ ، وقالَ رجالٌ خاضوا التجربةَ : تعودينَ إليْنا يا مصْرُ فتاةً في العاشرةِ من العُمْرِ ، نُهَدْهِدُها ، نحْمِلُها في العيْنيْنِ ، ونمْضي نحملُ تذكاراتِكِ في القلْبِ ، ووردةُ ناركِ يحملُها "تورانْشاهُ " ويرشُقُها في جيْبِ السُّتْرَهْ .

ديرب نجم 28/6/1979

مخلب سيف
16-03-2005, 10:40 AM
تبرير عجيب حقا ولن أذكر المثل الذي يتحدث عن "عذر" و "ذنب"، فها أنت تنشر ما كتبته مرة أخرى بهذا التاريخ الجديد.

قال تعالى : (بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره ..).

د. حسين علي محمد
16-03-2005, 05:35 PM
قصيدتان
شعر: د. حسين علي محمد


(1) مواجهة متأخرة

-1-
عرفتُكَ في أولِ العمرِ دفقةَ حبٍّ،
وعاصفةً من حنانٍ
تهزُّ كياني فتبعثَ فيَّ الربيعَ
تُلملِمُ هذا الحطامَ
وتصنعُ مني إردادةَ روحٍ
تُقاوِمُ وهمَ السقوطْ

ـ عرفتُكَ نبضاً يُقاومُ هذا الهجيرَ
ببسمةِ خصبٍ تُمازجُ روحكَ
حينَ تفيضُ على الكونِ خمراً وظلا
وتجتازُ حائطَ وهمٍ
بناهُ القنوطِ

ـ أتيتُكَ هذا الصبحَ كسيرَ الجناحِ
أُدمدِمُ غيْظاً
وأرفعُ صوتي
وعينايَ زائغتانِ
فأينَ أراكَ ؟؟
ذهبتُ إلى كلِّ ركنٍ جلسنا بجانبِهِ في زمانِ الضغوطْ !

-2-
ـ فأين ذهبتِ إذنْ يا حبيبةَ قلبي ؟
فإني كسيرُ الجناحْ
أُضيءُ المشاعِلَ عندَ قدومِ المساءِ
أُحملقُ في كلِّ شيءٍ يموتُ
وأحلُمُ
يولدُ نبضُ الربيعِ
ويخفِقُ ثانيةً رغم هذا المساءِ
الصباحْ

ديرب نجم 10/3/1980

***

(2) أبي

هُوَ الآنَ يطرُقُ باباُ من النَّقْعِ
يصْرُخُ كيْفَ يشاءْ
يصُفُّ الأرائكَ للرِّيحِ
يُشعِلُ حجرتَهُ
ويُحاوِرُ نجْمَ الدِّماءْ
وفي الليْلِ يومضُ برْقٌ
فيجفُلُ
هلْ يُبصِرُ الآنَ وعْدَ السماءْ ؟
وهلْ يسمعُ الشيخُ صوْتَ الرياحِ
بوادي الفناءْ
أيا فرسَ الموتِ ،
أقبِلْ ، وطِرْ بي
ودعْهُ هنا نائماً
مُستريحاً
وألْقِ عليْهِ .. الرِّداءْ

ديرب نجم 12/11/1982

د. سمير العمري
16-03-2005, 06:05 PM
أخي الكريم د. حسين علي محمد:

دعني أعبر بداية عن انبهاري الكبير بما أتابع لك هنا من شعر كبير عميق ينم عن شاعر من الطبقة الأولى.

ثم دعني أثني بالترحيب بك في واحتك واحة الفكر والأدب ملتقى النخبة ودار ندوتهم. وجودك بيننا شرف كبير لنا أخي الكريم.


إن ما أقرأ لك من قصائد متتالية ليأخذنا معك بعيداً في رحلة الحرف المخملي السامق المحلق بأجنحة التألق والإبداع والتميز. لا نزانا إلا نتبع منبهرين بل مسحورين بنفث هاروت وماروت.


أهلاً ومرحباً بك أخي الشاعر الكبير ويسعدنا أن نكون لك من المتابعين.



تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

د. حسين علي محمد
07-12-2005, 12:29 PM
يومية جُرح

شعر: د. حسين علي محمد
..............................

فرَّ الأمسُ سريعا
فوقفْتَ تُودِّعُهُ في هَلَعِ الأعمى
وطريقُكَ يوسعُكَ عذاباً
فتُقابلُهُ مبتسما
منْ أنباكَ بأنَّ زهورَكَ تذوي في ليلةِ عشقِكَ
أوْ تتهاوى ..
في غدِكَ المُجهَضِ ندما ؟

الرياض 15/7/1992

د. حسين علي محمد
07-12-2005, 12:31 PM
.. فالأطياف تُحاورني
شعر: حسين علي محمد
..........................

(إلى الروائي محمد جبريل)

منْ أطْلَقَ نهرَ الماءِ
على الصحراءِ
مقتحماً أقواسَ الظُّلمةِ والأنواءِ ؟
منْ رسَمَ النهرَ وسيعاً كالصيفِ
بديعاً كالحرْفِ
ورفعَ الجنَّةَ فوقَ ضفافِ الطيفِ
وخطَّ حكايةَ عشقٍ للغبراءِ ؟
منْ دفعَ السمّانةَ للبحْرِ
ولوّحَ بالنَّهْرِ
فأقبلتِ الأطيارُ تُغني أحلامَ الشعراءِ ؟
*
هلْ تخشى الأسوارَ
وريشتُكَ الخضْراءُ انتفضتْ
تقتحِمُ النّارَ ؟
أجبني

فالأطيافُ تُحاورُني
والصحراءُ ردائي
ديرب نجم 8/9/1984

عبلة محمد زقزوق
07-12-2005, 01:33 PM
والله ... والله إنها لغنائية
فلقد تغناها لساني وقلبي
دون وعي مني

لله درك من شاعر مبدع
د . حسين على محمد

سحر الليالي
07-12-2005, 01:53 PM
أستاذي د.محمد حسين:

أسجل اعجابي الشديد بما قرأت من روائع

قصائد جميلة جدا

لا فض فوك أستاذي

لك خالص احترامي وتقديري المحمل بأريج الياسمين

د. حسين علي محمد
07-12-2005, 04:06 PM
في العينينِ كلام

شعر: حسين علي محمد
................................

أسألُ عنكِ فلا أجدُكِ
وأظلُّ أسيرَ ظنونٍ
أجلسُ فوقَ العشبِ
(هنا جلستْ .. وانتظرتْني)
ـ أحَضَرْتَ لتوِّكْ ؟
نَظَرَتْ في الساعةِ .. همَسَتْ:
ـ في العاشرةِ أتيْتَ
وإني أنتظرُكَ منذ التاسعةِ صباحاً
.. أفتحُ عينيَّ ، فأُبصرُ قامتَها الممشوقةَ قُدَّامي
في العينينِ كلامُ
شوْقٌ
حزنٌ
جرأةُ منْ لا تخشى أنْ تُفصِحَ
أحرفُنا تتلكّأُ
أختارُ الكلماتِ بجهدٍ
وأُرتِّبُ أقوالي ..
قلتُ: تعاليْ نخرجْ للعالمِ
أنتِ النورُ
الحبُّ
الخصبُ
وهذا العالمُ يحيا في الظلماءِ
البغضاءِ
العُقْمِ
فضحكتْ
"جُرحٌ يبحثُ عنْ جرّاحٍ"
قامتْ ، قمتُ
(انطلقتْ)
"هلْ تأتي ثانيةً"
أيوبُ" ينادي :
"أني مسنيَ الشيطانُ بنصُبٍ وعذابِ"
أخلعُ أرديةَ الصيفِ
وهمومٌ فوقَ الصدرِ جبالٌ
وغرامٌ تحتَ الجلدِ ، يُغمغمُ
كالنارِ
.. فأصفُرُ لحناً بفمي
كيفَ حملْتُ عذابي في صدْري عشرَ سنينٍ
أخشى البوْحَ
وأكتبُ شعراً
لا يُفصِحُ عمّا يُضمرُهُ القلبُ
أعدتُ قراءة أشعاري
فوجدْتُكِ ماثلةً في كلِّ سطوري
*
أصحبُكِ إلى الطرقِ المكتظَّةِ
تخشيْنَ السيْرَ معي
فمدينتُنا تعرفُنا
للخلقِ عيونٌ تبصرُنا
عيناكِ الحالمتانِ ، الثاقبتانِ ، العاشقتانِ حواليَّ
حديثُكِ عذْبٌ
أخرجُ منْ دائرةِ الصمتِ
فصمتي طوَّقَني زمناً
أبعدني عنْ بابِ مدينتِكِ الخضراءِ
وهأنذا أرجعُ
أصنعُ منْ حبي أشرعةً بيضاً
تُبحرُ بي في لُجج الزمنِ
وفي أيدينا الوردُ الأحمرُ يتوهّجُ
في أيدينا القرآنُ
وأشكو للهِ:
"تعاليْتَ
فكيفَ أكونُ بجنبِ المحبوبةِ
ويضيقُ الصدْرُ ولا ينطلقُ لساني
إنّا غيّبَنا الصَّمتُ
فأُخرجنا من جناتٍ وعيونٍ
وتُركنا في الساحاتِ المحتشدةِ
نبحثُ عنْ بعضٍ منْ حبٍّ
يدفعُ في القلبِ الميتِ بعْضَ النبضِ
مشينا في الظلماءِ
رأيتُ النارَ ،
دهشتُ
ـ انتظري ..
آنسْتُ النارَ
سآتيكِ الليلةَ بشهابٍ قَبَسٍ ..
قالتْ : لا تتْركني في الظُّلمةِ وحْدي
فأحطْتُكِ بذراعي
نُوديتُ من الوادي الأيمنِ
إنا سخّرنا معكَ الجبلَ يُسبِّحُ
والطَّيْرَ
شددْنا أَزْرَكَ، أعْطيناكَ الحكْمةَ
أرفعُ رأْسي
ـ كيفَ تأخّرَ وعدُكِ ؟
كيف تلاشتْ في البيدِ خُطايْ ؟
*
.. ويُناديني الصوتُ:
استغفِرْ ربَّكَ
(أستغفرُ ربي
ويدايَ على الصَّدْرِ)
امنحني هذا الوجْهَ الطيِّبَ
هبْ لي هذا القلبَ الأبيضَ
هبني هذا الجسدَ الجنهْ

ديرب نجم 29/6/1982

د. حسين علي محمد
09-12-2005, 08:08 AM
محاولة للنسيان

شعر: حسين علي محمد
.................................

(1)
لماذا تُناديكَ هذي السفوحُ بخضرتِها
وبهذي الفلولِ الأليفةِ
(كانتْ تسوقُ تُراباً فيرْتجُّ منّا الفؤادُ ،
طُيورُ أبابيلَ تُسقِطُ أحْجارَها ،
وأفْيالُ صنْعاءَ تتْرُكُ أسْوارَها
ووردتُكَ / النّارُ تُفْرِغُ كأْساً)
(2)
مُخضرٌّ هذا السَّفْحُ بطيبِ الأنفالِ
رأيْتُ فلولَ البطْحاءِ تسوقُ تُراباً
يرتجُّ بريحٍ تهْدِرُ في ليْلِ الماءِ
طيورٌ تحْمِلُ لوْنَ الهُدْنةِ
في بؤبؤ عِشْقِ الليْلِ / الأفْعى
(3)
.. ونداءُ الوردةِ في الأعماقِ
شرابٌ منْ زقُّومٍ
يحيا في أفئدةِ الموهومينْ
يُمارسُ طقْسَ العادةِ والتَّدْجينْ
ـ أنا طفلتُكَ التبْغيَّةُ
ـ أنتِ زهورُ الخيبةِ والفتنَةِ
ـ لنْ أسْألَ
سأظلُّ مدادَكِ
أقرأُ شِريانَ الموْجِ
أُفَجِّرُ فيهِ فضاءَ غِناءٍ
حتى لا يخرسَ منكِ مساءً
قلبُ

ديرب نجم 19/3/1991

د. حسين علي محمد
09-12-2005, 08:09 AM
حديث جانبي ..

شعر: حسين علي محمد
................................

(1)
لنْ يرجِعَ للطّائرِ هذا الرِّيشُ الوامِضْ
بالفَرحِ الدَّافقْ
روحي العاريةُ المثقلةُ بقيْظٍ خانقْ
تعبثُ بكُراتِ الثلجِ النَّزِقَهْ
تلبَسُ قُفَّازَ العادةِ
تدخلُ دهليزَ الشَّفْرة
تبرأُ من طقسِ الدَّهشةِ
يتداخلُ نقْعٌ وغبارٌ
وأنوثةُ عنصرها
هذي الصحراء !
(2)
تتفجّرُ في الشريانِ ينابيعُ اللغة الطِّفْلهْ
يتفجّرُ في الأُفقِ البرْقُ
يُعانقُ ضعْفي وجنوني
أيتها الأمطارُ الصّحراويةُ
مازالتْ بيْنَ أناملِكِ السحريةِ دِلتا روحي
تسألُني في الليلِ سُلالةُ رملكِ
هلْ أنتَ القادمُ يوماً
لتُضَمِّخَ روحي
بالأشعارِ الورديّةِ
وهواجسِكَ الطِّفْلهْ ؟
(3)
ـ يا منْ أرسلْتُكَ ، أوْجدتُكَ
كيْ تكتشفَ عذابَ النبتةِ
وتفرُّدَها بالصَّرخةِ
ماذا … ؟
ـ لن يغتالَ سكينة روحي فرسانُ النَّرْدِ
ولن يقدرَ فارسُهُمْ أنْ يزرعَ وردتَهُ
في عَبَقِ الجرْحِ
ولنْ يُطلِقَ لحظاتِ النشوةِ
غرباناً سُحْماً
تقتحِمُ سمائي

ديرب نجم 31/1/1991

د. حسين علي محمد
09-12-2005, 08:11 AM
شكراً للأديبتين الأستاذتين سحر الليالي وعبلة محمد زقزوق .. مع تحياتي.

نعيمه الهاشمي
23-12-2005, 05:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الأخ والأستاذ الفاضل أحمد

مجرد مرور لعكاظياتك الجليلة

لي عودة
دمت في أمان الله وحفظه

د. حسين علي محمد
28-12-2005, 01:07 PM
شكراً للأستاذة نعيمة

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 02:15 PM
إن متصفحكم زاخر ، بكل ما لذ وطاب من روائع الشعر .

خالص التحايا والتقدير ، من متذوقة الشعر الجميل .

أستاذي الشاعر د . حسين علي محمد

ولي عودة لتكملة الإبحار .

د. حسين علي محمد
24-01-2006, 05:44 PM
شكراً للأديبة الأستاذة عبلة محمد زقزوق،
مع تحياتي.

د. حسين علي محمد
16-02-2006, 09:34 AM
رباعيات

شعر: حسين علي محمد
.........................

1- صبح :
قدْ مضى الليلُ ، وها قدْ جاءني
ذلكَ الصُّبحُ ندِيًّا في بهـــاهْ
يطـرقُ الأبوابَ ، لكنْ ساءني
أنني بعتُ سِــلاحي للطُّغـاهْ

2- انتظار:
انتظرْ شعري فقدْ تلقـاهُ قمْحـًا
أوْ نبيــذاً أوْ هُراءً في هـراءْ
قدْ تعبنا منْ ركوبِ الخيلِ صبحاً
وانتصــاراً في غُثاءِ الشعراءْ !


3- كلام:
ما الذي يبـقى إذا لمْ نتكلَّـمْ
أيُّ ليْـلٍ نحنُ نحياهُ هنــا ؟
ما الذي يبـقى إذا لمْ نتــألَّمْ
حينَ تذْوي في بوادينـا المنى ؟




4-جنون :
أيُّها الأحبابُ قولوا ، حَدِّثـوا
عنْ حيـاةٍ كلُّ ما فيها جنونْ
ها هُو الليْثُ تهاوى ، فسِّروا
كيفَ كانَ اللَّيْثُ يكبو ويخونْ ؟

5-سعير :
هذهِ الأرضُ سعـيرٌ في دِمانا
ولظاها في حنايانا حــرائقْ
قدْ كرهْنا العيْشَ فيها ونهـانا
أنَّنا منذُ وُلِــدْنا في الخنادِقْ

6-نظافة :
عنْدما أختارُ أنْ أحْيا نظيفــاً
فاخْتيارُ الموْتِ والسجْنِ سـواءْ
يا "عروسَ النيلِ" هلْ أحيا عفيفاً
واللصوصُ اليـومَ في أوْجِ الثَّراءْ

7-نكسة :
كانَ يوْماً ليسَ كالأيّــامِ ، إنِّي
قدْ خَشِيتُ الرِّيحَ ، والخوْفُ لجامْ
لا تلُمْني قدْ مَضَتْ في الفجْرِ سُفْني
ثُمَّ عـادتْ لي مع الظُّهْرِ حُطـامْ
8-قتل :
عندما أختــارُ أنْ أحْيا أبيا
في فيافي الهوْلِ لنْ أبقى طويـلا
سوفَ أبقى عُنصــرِيا عربيا
أوْ سَـأهْوي في المفازاتِ قتيلا !

9-تاريخ :
اقرأوا التـاريخَ يا أبناءَ يعْرُبْ
واعرفوا آباءكمْ ، صاتوا العهودْ
واعرفوا أسلافَكمْ منْ عهْدِ يثرِبْ
تعرفوا يا سادتي غَدْرَ اليهــودْ

10-خيانة :
إنهمْ جاءوا وفي القلْبِ بقـايا
منْ خداعٍ وسعـيرٍ وخِيــانَهْ
إنَّهُمْ ساقوا العرايا والبغايــا
هـلْ أتى يا إخوتي عصرُ المهانهْ ؟

11-خنجر :
إنهمْ جاءوا إليْنا ضاحكيــنْ
وفْــدُهمْ جاءَ إليْنا في الظّلامْ
إنَّهمْ جاءوا إليْنا باسِمـــينْ
خنجـرٌ في الظَّهْرِ يغتالُ السَّلامْ
12-كنانة :
ارقُبـوا خَطْوَ العِدا أنَّى يسـيرْ
واحفظوا إخواننـا أرضَ الكِنانهْ
وجْهُ خوفو كاسفُ اللجظِ كسيرْ
منْ هـنا يا إخوتي خانَ الأمانهْ ؟

13-نداء :
يا صديقَ الرحلةِ النكراءِ عُدْ
منْ طريقٍ كلُّ ما فيهــا خَطِرْ
أنتَ لمْ تمْشِ بعيـداً لمْ تَزَلْ
ذلكَ الإنسانَ في دُنيــا البَشَرْ

14- تَحَدٍّ :
اطلبوا ألفاً من النوقِ الرّغِيدَهْ
اطرقوا باباً من النَّقْعِ المُثـارِ
احلموا دوْمــاً بأيّامٍ سعيدَهْ
فالعزيزُ اليوْمَ في ذُلِّ انكِسارْ

15-ضلال :
إنَّني قدْ عشتُ دهْراً يا صديـقي
بينَ أوراقي وأقــلامي وشِعْــري
كلُّ هذا الدَّهْرِ ، لمْ أعرفْ طريقي
كيفَ غابَ الرُّشدُ عنْ عقْلي وفكري ؟
16-وداع :
هلْ تُنادي ؟ لمْ يَفُتْ بعْـدُ الأوانْ
نحنُ ودَّعْنـا صبـانا والشَّــبابْ
والأماني ـ تحتَ أقْـدامِ العذابْ ـ
جمْــرَةٌ يقْظى .. أيُخْفيها التُّرابْ ؟

17-سأم :
قدْ سئمْنا الخَطْـوَ في أرْضِ الخطايا
قدْ سئمْــنا الحُبَّ في أرْضِ الذنوبْ
والصَّبايا في المواخيرِ عرايــــا
قدْ سئمْنا الليْلَ ، والــبدْرُ غريبْ !

18-اغتيال :
عندما أُطْلِقَ في الليْــلِ الرّصاصْ
لمْ يَمُتْ في داخلي ضوْءُ النَّهـــارْ
يحلُمُ المسْجونُ قهْراً بالخَـــلاصْ
أرقُبُ الإشــراقَ في ظِلِّ الحِصارْ !

19-حكمة :
كتَبَ اللـصُّ كتـاباً فيـهِ حِكْمَهْ
تطْلُعُ الشَّمْسُ ، وتجْتاحُ الغـياهبْ !
تحضُرُ الأفعى ، وفـوقَ الوجْهِ بسْمَهْ
يذْهبُ اللْيلُ .. فهلَ تبْقى الثَّعالبْ ؟
20-اثنان :
يا صديقاً عاشَ في الليْــلِ حياتي
في عَنَـاءٍ وشَقَـاءٍ .. ومَـــوَدَّهْ
أنتَ تشْقى في شِــعابِ الأُمْنِياتِ
وطريقُ الحبِّ لا تكفيــهِ "ورْدَهْ" !

21-تَعَبٌ :
يا جِيــاداً قدْ تَعِبْنا منْ صعـودٍ
وهبوطٍ ، ومديحٍ ، ونميـــمهْ
ومَـــــلأنا ألْفَ سِفْرٍ بوعودٍ
مزَّقَتْها في الضُّحى شمـسُ الهزيمهْ

22-حنق :
هـــذهِ الأوراقُ بعْضٌ منْ دَمي
والحروفُ الحُمْرُ منْ نارِ الغَضَبْ
تُشْعِلُ الألفاظَ غيْـــظاً في فمي
تحْرقُ الأحزانَ في وادي اللَّهَـبْ

23-حوار :
ـ ابتسِمْ ، ـ والليْلُ يجثو فوْقَنا ؟
ـ ابتسِمْ ـ والعُهْرُ يلْهو في المدينهْ ؟
كيفَ أحيـــا يا صديقي إنْ أنا
ودَّعتْ روحي معَ السُّخْطِ السكينَهْ ؟
24-هروب :
قالتِ المرأةُ : خُذني لحنــانِكْ
يا مُنى القلْبِ تعـالَ ، اللـيْلُ قاهِرْ
إنَّ دَهريَ خانَ خُـذني لأمانِكْ
الفتى ولّى ، وقالَ : العـزمُ خائرْ !

25-وديع :
يا وديعَ النَّـفسِ في دُنيا الذئابْ
أنت تحيــا في حيــاةٍ قاتِلهْ
فاسْتعِرْ ظفْـراً ومنقـاراً ونابْ
ثمَّ دُسْ بالنَّعْـلِ هذي القـافلهْ !

26-سراب :
إنَّهُ عُمْـــرٌ مضى مثْلَ سرابْ !
بينَ شعْري وغِنــائي ودموعي
هلْ سأمشي هائماً بيْنَ الصِّــحابْ
في رداءِ الشَّمْسِ لا أُظْهِرُ جوعي ؟

27-غريب :
لمْ تُحَرِّكْني دفوفُ الأرْضِ يوْما
أوْ غِناءُ المُطــرِبِ الموْهوبِ ليْلَهْ
قدْ قَضِيْتُ العمْرَ تسبيحاً وصَوْما
في ظـلامِ الليــلِ أشتاقْ الأهِلَّهْ !
28-تغريد :
أيُّها العصفُــورُ غَرِّدْ للـرَّبيعِ
وامْلأَ الدُّنيـــا بأنْغــامٍ عِذابِ
هلْ ستبْقى في دهاليزِ الصَّقِيــعِ
والـرجالُ السُّمْرُ تاهوا في الشِّعابِ ؟

29-النتيجة :
إنَّي عشْتُ بأرْضِ الغُربــاءِ
امْلأُ الليْــــلَ غناءً ، والنَّهارْ
لمْ أجِدْ بعدَ رحيلي والعنـاءْ
غيرَ خَطٍّ مائلٍ فــوقَ الجِدارْ !

30-ثنائية :
هذهِ الأصْــواتُ تُبْكينا مساءْ
ثُمَّ تشـدو عندما يأْتي الصَّباحْ !
إنَّني بيْنَ النُّدامى والغنَـــاءْ
أَمْلأُ الأقْـداحَ منْ تلكَ الجِراحْ !

31-سباق :
عمْــرُنا عامٌ وعامٌ .. ثُمَّ نذْهَـبْ
يــا ضَياعَ العُمْرِ للدُّودِ الصَّديقْ !
كيْفَ تدْعو لي صديقي ؟ ليْسَ مهْربْ
منْ سِبـاقِ الموت ! لا تخْشَ الطريقْ
32-الظل :
قـدْ بحثْتُ العُمْرَ عـنْ فضْلِ بريقْ
وركِبْتُ الصَّعْبَ يا منْ لسْتَ تعْلَمْ !
أيُّها الكسـلانُ قدْ جُزْْتَ الطَّريقْ
وأنا والظِّلُّ ـ كالأمواتِ ـ توْ أَمْ !

33-رياح :
هاهيَ الأيامُ مرَّتْ .. هلْ تعودْ ؟
تطْرُقُ الفرْحَــةُ بابي منْ جديدْ ؟
يا رياحَ البعْثِ تجتــاحُ ثمودْ ؟
إنني قدْ مِتُّ ، لمْ تُجْدِ الوعــودْ !

34-نهاية :
هــــذه نيرانُ قلبي تتصاعدْ
لمَ يمْضي في حنــايايَ الحريقْ ؟
إنَّها أشْلاءُ روحي تتبـــاعدْ
وأنا .. لسْـتُ أنا .. أيْنَ الطّريقْ ؟

35-فجر :
هــــاهو الليْلُ يُولِّي فتعالْ
نُطلِقُ البسْمةَ للفجْـرِ القــريبْ
قدْ قضيْنا العُمْــرَ غَمًّا ونكالْ
إنَّ ذا الفجْــرَ إلى القلْبِ حبيبْ !
36-بحث :
قـــدْ أهاجتْني دموعُ العاشقينْ
في عذابٍ لفـــــراقٍ أوْ لِقاءْ
قدْ قضيْتُ العمْـرَ بحثاً عنْ جبينْ
تُشرقُ الفرحةُ فيهِ والصَّفـــاءْ !

37-أصوات :
هذهِ الأصــواتُ تبْكي وتُغنِّي
في ظــلامِ الليْلِ كانتْ تُمْتَحَنْ
عندما ذُقْنا تبـــاريحَ التجنِّي
قدْ وَجَـدْنا في مغانينــا الفِتَنْ !

38-رحيل :
قدْ كرِهْتُ الشعرَ والعِشقَ وإني
راحـلٌ يا نفْسُ للأرضِ البعيدَهْ !
لنْ تراني هائماً أمضي أُغَـنِّي
فالأغـاني كلُّهـا أضْحَتْ بليدَهْ !

39-صمت :
لا تقُلْ نثْراً ولا شعراً كهــذا
لا تقُلْ شيئاً ففي الصمتِ النجاةْ
قدْ قضيْنا العُمرَ تغريداً فمــاذا
قــدْ جَنَيْنا غيْرَ تنكيلِ الطُّغاةْ ؟
40-صرخة :
عنْدما أهْـوي على الأرْضِ قتيلا
تُثْمِـرُ الأرضُ بقولاً وبيــارِقْ
لمْ يُفِدْني الشعرُ ، لمْ يُجْدِ فتيـلا
إنني متُّ ، على الأرضِ البنادِقْ !

41-نهر البلادة :
يا صديقاً باعَ في الدُّنيا رشادَهْ
بقروشٍ للمـلاعينِ الطُّغــاهْ
كيفَ أجتــازُ أنا نهْرَ البلادَهْ
وصديقي .. البومُ في الفجرِ نعاهْ !

د. حسين علي محمد
21-02-2006, 09:31 PM
أوراق من عام الرمادة

شعر: حسين علي محمد
.........................

1
هذا أنا
وحدي هنا
خلفَ الجموعْ
الجوعُ يقتلُ ناقتي
والشوقُ يعصِفُ بالضلوعْ !

2
هذا أنا
سقطتْ إشاراتُ الكتابةِ ، والدموعْ
سالتْ على وجْهي ، وأوراقُ الربيعْ
سقَطَتْ ، تهاوتْ .. والمُنى
ذبُلتْ بقلبي ، تحتَ أقدامِ الصقيعْ

3
مرَّ الصحابْ
وبحثتُ عنهمْ في الفيافي والقِفارْ
وظللتُ أصرخُ علّني أجدُ الجواب
فلمْ أجدْ غيرَ الذئابْ
تعوي ، ولمْ أجدِ الصحابْ !

4
ضَلَّتْ خُطاكْ
يا أيها المجنونُ قدْ ضَلَّتْ خُطاكْ
وبحثتَ عنْ أثرِ الخُطا
وبحثتَ عنْ أثرِ الطريقِ
فلمْ تجدْ أثراً هناكْ
عامُ الرمادةِ ،
والصحابُ الجوفُ
والليلُ اللدودُ
هواجسٌ ،
والدّمعُ يحفرُ نهرَهُ
في وجهِكَ المكدودِ ،
هلْ تبْغي الرجوعْ ؟

5
لمْ يبقَ لي غيْرُ الدموعْ
هذا أنا
وحدي هنا
خلفَ الجموعْ
الجوعُ يقتلُ ناقتي
والشوقُ يعصِفُ بالضلوعْ !
ديرب نجم 13/6/ 1978

د. حسين علي محمد
30-07-2006, 10:32 AM
للـــــــــــــــرفــــــ ــــــــــــع