المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما زال هناك جسد آخر !



منار الحق
29-03-2005, 10:28 PM
ما زلتُ هنا على هذه الصخرة التي اعتليتها منذ زمن ، أرقبُ العالم منها ، أتصورني حينا أسقط من عليها على أشلاء جسد ؛ فيروعني أن ألتقي أنا وذلك الحطام لقاء الحبيبين بعد طول فراق : القلب للقلب !
تصرخ بشريتي حين يمتلئ جسدي بذلك الجسد الذي لم يبق منه إلا أمارة تنبئ أنه كان ، فأبهت عنه وعن جسدي ، لأسبح في عالم أثيري ، فيه شيء من عالم أذكره ، كلما حاولت إرغام ملامحه على الظهور ، بدت لي ملامح هذا المدى الذي انتقلت إليه أجلى وأوضح .
كلما أغرقتُ فكري عازما على العودة إلى زمن أعرفه ، أكاد أتذكره ، يخطفني غرقي إلى المدائن البعيدة في لجج عالم آخر . عبثا أحاول الرجوع ، عبثا ؛ فذاكرتي نسيت كيف تكون ذاكرتي ، أحدهم عرف الشفرة ، دخل إلى النظام ، وعاد يملي ويملي !
سمعتُه يئن في مكان ما ، ويلا ؛ وهل أعرف أنا مساربَ هذا المدى الذي يضيق ليتسع ، ثم يتسع ليضيق . ارتفع الأنين ، وأمسك بيدي ، وشدني إليه ، انطلقتُ كالمجنون ، أهرول في المدى تمر أمامي صور ، تتلاحم في ذاكرتي أجزاؤها ، تهزني بعنف ، وتصرخ فيّ : لم تفي بالوعد ، لم تفي بالوعد !
كلما حاولتُ أن أستوضحها ، كان الأنين يتعالى ، وصوتها يخفت ، لكن شفاهها مازالت تعلق في ذاكرتي ، يذودها عني الأنين ، لكن عينيها لا تزال تلتصق بمقلتيّ : لم تفي بالو...عـ... د !
أغمضت جفنيّ عليها ؛ لعلي أهرب منها إليها ، أو أخفيها في أحداقي حتى يحين أوان اللقاء فنلتقي !
لما وثقتُ أنها قد وجدت الطريق جليا إلى قلبي ، وانتقتْ لها فيه مكانا آمنا ، أسلمتُ عينيّ لمصيرها ، فإذ بي أرتجف ، ويدي تحاول النجاة من بين أصابع جسد لم يبق منه إلا أثارة تنبئ أنه كان !
حاولت أن أستجيب لرغبة بشريتي في الصراخ ، فأيقظتُ بمحاولاتي تلك الصور التي عبرتُ عليها مهرولة ، فتواثبت نحوي : في بالوعد ، في بالوعد !
انتشرتْ في دمائي من قلبي إلى قلب كل جزء حي فيّ ، وهي تقول : في بالوعد ، في بال....و....عـ.... د !
دارت عيناي ، كأنما أغشي عليّ من الموت ، فارتسمتْ عليها تلك الصور ، فأوقفتْ دورانها ، لأسمعني أردد في ذهول : في .... بالوعد !
لم تر بُدًّا دمعتي أن تهلل لي كما اعتادت كلما أحست أني أحتاج لتهليلها ، وهي تودعني في اللحظة التي أغادر فيها أناي إلى أناي ، فهرولتْ إلي : في بالوعد ، في بالوعد !
نظرتُ لتلك البقايا ، ويدي مازالت أسيرة تلك القضبان التي أمسكتْها . نزعتُ يدي ، وأغمضت جفني ، على تلك الصور أحفظها أن تغيب ، ثم حملتُها لأنزع بها شيئا آخر. وبعد فسحة من الزمن ، أحسبها لحظة أو اثنتين ، هزتني يد تقول : وفيتِ بالوعد ، وفيت بالوعد !
ففتحتُ عينيّ لأراني أمامي ، فصرختْ فيّ بشريتي ، ووليتُ من نفسي فرارا ، وملئتُ منها رعبا ، وهرولتُ ، وقد عرفتُ مدى المدى ، لأسقط عظاما على جسد كان قد سقط من على صخرة كنت قد اعتليتها منذ زمن !

محمد الدسوقي
29-03-2005, 10:45 PM
كلما حاولتُ أن أستوضحها ، كان الأنين يتعالى ، وصوتها يخفت ، لكن شفاهها مازالت تعلق في ذاكرتي ، يذودها عني الأنين ، لكن عينيها لا تزال تلتصق بمقلتيّ : لم تفي بالو...عـ... د !
أغمضت جفنيّ عليها ؛ لعلي أهرب منها إليها ، أو أخفيها في أحداقي حتى يحين أوان اللقاء فنلتقي !


ومازال الحلم مستمرا

لك كل الطمأنينة

تحياتي

كن بخير

حوراء آل بورنو
30-03-2005, 01:11 AM
مرحبا بك أخي .

و نَفعت و نفع الله بك ، و أزهرت بالفكر رياحين المكان .

تعاهدنا هنا على النصح و التناصح ، و إنّا على ذلك لسائرون ، و للعهد أفي .

" في بالوعد " تكون هكذا " فِ بالوعد " ، و " لم تفي " تكتب هكذا " لم تفِ " .

تحية لك معطرة .

منار الحق
30-03-2005, 11:39 AM
شكر الله لك أختي !
لكن المقصود في جملة " في بالوعد " الواردة في كلماتي هو المخاطبة المؤنثة . فيكون الفعل على ذلك فعل أمر مبني على ما يجزم به مضارعه ؛ لأنه من الأفعال الخمسة ، ومضارعه يجزم بحذف النون ، والياء المتبقية هي ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل . وإنما ما ذهبت إليه أختي فهو في حال المخاطب المذكر الذي يبنى على حذف حرف العلة ، وهو ما يجزم به مضارعه المعتل .

حوراء آل بورنو
30-03-2005, 01:07 PM
نعم أخي الكريم ، فقد ظننتك تخاطب به مذكرا لا أنثى ، و لهذا ذكرت لك ما ذكرت .

أشكر لك التوضيح ، و الأمل بمزيد من العطاء .

تحية طيبة .

الضبابية
30-03-2005, 07:44 PM
بيني و بين نفسي .. لم أكن أعلم أن الأسوار هاهنا عالية
و لم أكن أدرك أن سياط الصوت قاسية
شيء ما يخنق الآهة و يجمد السمع و البصر
و وعود قطعتها .. و نفس تساقط أنفسا
و همسة ٌ وحيدة كانت الصدق .. لا زالت تلاحقني
حتى ....... ؟
أتراها نفسي تجد الصخرة .. و أشلاء نفسها ؟

بعض الحروف نقرؤها من حيث نحن !
شكرا لحرف كنت .. أحتاجـهـ ..

تحاياي
غموض

ربيحة علان
30-03-2005, 10:19 PM
منار الحق"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكتابة بهذا العمق وهذه الشفافية مع الروح نادرة، أتمنى أن تكون لك كتابات من هذا النوع وأن أقرأ المزيد لك
شكرا :0014:

منار الحق
30-03-2005, 10:26 PM
وعليك أختاه سلام من الله ورحمات وبركات ،
لهو هاجسي دوما هذا السفر إلى الداخل !

شكر الله لك !