المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النرد.....( قصة قصيرة )



ياسمين عبدالله
01-04-2005, 10:14 AM
كحبات النرد، قذف إليه صاحبه بــ( البزمات ) على مكتبه قائلا:

_ لا تنسَ المقابلةَ اليوم ، الساعة السادسة مساء ، وكما أخبرتك : عليك أن تكون بكامل أناقتك ! أريدُ أن تنال إعجابهم.

_ أوراقي..خبرتي..ألا يكفيان ؟!!

_ بلى...ولكن...

_ لا تقلق...سأكون كما تحب..

وابتسم له وهو يلتفت خارجا...وحبات النرد لم تزل على مكتبه:
تناولها بقبضته ونهض .

******

وقف يتأمل بدلته الجديدة المعلقة على المشبك...منذ فترة تجتاحه قناعة وزهد في الدنيا: لا رغبة لديه أن يلبس الغالي ولا أن يتشح الألوان . هذا الزهد جعل قميصه الأزرق و بنطاله الكحلي متوهجين دوما في عينيه ولكنهم سئموا لونه السماوي.

تناول القميص من المشبك والبنطال و السترة تأمل اسم الماركة.

_ بكامل أناقتي.

زم كم القميص بالبزمات التي قدمها له صاحبه

_ بكامل أناقتي..

لبس التمساح في قدميه ونظر للمرآة متأملا كيف رسمه ذلك الزي الأنيق..
تناول ملفه الذي يحتوي أوراقه و خلاصة خبرته وانطلق..

_ بكامل أناقتي..

******

يذرع الممر المؤدي لاجتماع لجنة المقابلة...ينتظر دوره في الدخول ..

سينال هذه الترقية....نعم هو يستحقها..هكذا حدث نفسه وهو يذكر سنوات الدراسة و جهد العمل..

فُتِح الباب

_ تفضل يا أستاذ..

_ شكرا لك

وضع حقيبته على الطاولة متخذا المقعد الوحيد الفارغ حضنا يحتوي قلقه
تأمل وجوههم..ونظرات عيونهم المحدقة في تفاصيله..

_ هل ينتعلون التماسيح أيضا يا تُرى..؟

ابتسم للفكرة التي خطرت في باله...فبادله المجتمعون حوله الابتسامة..
ويجيبهم بكل ثقة..

تناول الملف من حقيبته ..

نهض
نزع الجاكيت وعلقه على ظهر الكرسي

نظر إليهم مبتسما

_ المكان هنا دافىء !

فتح الملف..وزّع أوراقه على الأيدي التي تتناوش حظه..مستقبله

يستطيع الحديث بحرية أكثر لو فتح ربطة العنق التي تعدُّ أنفاسه

رمى بها على ظهر الجاكيت

_ وهذه البزمات..تخنق دمي

رمى بها على الطاولة

فتح زرار القميص الأول

إنه الآن يترك الهواء يتوغل عميقا في صدره

تبدو أكتافه عالية..وهو يشير إلى بعض الأوراق التي ترسم مشاريعه وأفكاره
.
.
وانتهى أخيرا

لملم أوراقه..انتزع عن ظهر الكرسي أحماله...نظر في وجوههم...ونظرات الإعجاب و الثقة بادية على ملامحهم

_ مبروك يا أستاذ...نتمنى أن تكون عند حسن الظن بك..

*******

وصل إلى بيته

علق الجاكيت على المشبك

حوله وضع ربطة العنق

نزع التمساح ووضعه أسفل المشبك

ضرب الأرض بقدمه ضاحكا و رفع يده


- تعظيم سلام يا باشا !




_____________


ياسمين عبدالله

إسلام شمس الدين
01-04-2005, 01:04 PM
القاصة الرائعة ياسمين عبدالله

أسعد دوماً بالقراءة لكِ
قصة رائعة المعنى والمغزى والصياغة
وليست ببعيدة عن السمو الذي تعودناه في كتاباتك

شكراً لكِ ودمتِ مبدعة

لكِ وافر تحياتي وتقديري
إسلام شمس الدين

حوراء آل بورنو
01-04-2005, 02:47 PM
مرحبا بك أختنا

الفكرة و الشخوص يتنزعان الجمال برسم يراعك ، وهبت النبع فبارك الله بك .

تحية إليك كلها عطر .

د. سلطان الحريري
02-04-2005, 11:43 AM
ياسمين عبدالله اسم يلمع في ذاكرتي دائما منذ زمن ..منذ قرأت لك أول مرة..ولكنك هذه المرة ربما تكونين أكثر قدرة على التعبير عن قلم نحترمه ونقدر شفافيته وعمقه.. قصة جميلة كان الوصف فيها منسجما مع الحوار ، وكان مبدأ التداعي واضح الملامح ..
رائعة يا ياسمين..
دمت بخير

ياسمين عبدالله
02-04-2005, 07:44 PM
الأديب إسلام شمس الدين المحترم

تحية ود واحترام...وأنا - وإن لم ألتقيك - أتابع المقالات المفيدة والشيقة التي أقرأها لك في بعض المواقع الأدبية ومنها مجلة أنهار الأدبية .

شكرا لهذا الترحيب ، وأرجو أن أكون عند حسن الظن دائما .

تحياتي

ياسمين عبدالله

ياسمين عبدالله
02-04-2005, 07:59 PM
أختي الأديبة حرة.....أن تجد القصة هذا الصدى عند أديبة يُشهد لها بالمكانة والقدر الكبير ..أمر يفرح قلبي...وقدومك هنا في صفحتي يهبني الكثير من التشجيع و الرغبة في التواجد معكم.

دمت بخير وهناء.

لك تحياتي


ياسمين عبدالله

ياسمين عبدالله
02-04-2005, 08:20 PM
أستاذنا الكريم د.سلطان الحريري

ما زلت أحتفظ بكلماتك وكلمات أستاذي الكريم د. جمال مرسي في تعليق على بعض كتاباتٍ لي .وقد كانت - وما زالت - خير عون لكتابة أجمل ترقى لأذواقكم...فتنال منكم النصح الصادق .

لك تحياتي وتقديري


ياسمين عبدالله

محمد سامي البوهي
09-01-2007, 02:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الأستاذة القاصة / ياسمين عبد الله
النرد ....
روح النص :
النص يحمل السمة الإجتماعية ، يجر إلينا بمشكلة من مشاكلنا الإجتماعية كي يبرزها ، ويجسدها أمامنا ، بسرد ، وحوار متقن للغاية ، أعتمد الحوار الجوهري على سمة النفسية الذاتية ، الصراع بين الإمكانات العلمية ، الإمكانات الظاهرية .
العنوان :
النرد ... أوقفني العنوان طويلاً ، قرأت القصة ، ثم عدت إليه ، قرأت اسم الكاتبة ، ترددت في تشريح هذه المنطقة ، لكن للأمانة النفسية قررت أن أدلي بوجهة نظري الخاصة ، بأن العنوان غير موفق ، للأسباب التالية :
1- ارتكز النص على العامل النفسي الرمزي ، العنوان جاء صريحاً فكشف عن غيوم الرمزية التي تسقط على كلمة (الحظ).
2- جاء العنوان متصدراً الفكرة ، بالإدعاء اللفظي للعنوان ، فقتل الفكرة تدريجياً في رأس القارىء خلال مراحل قراءته .
3- بالإدعاء اللفظى ، وتداعي معنى كلمة (النرد ) حرقت النهاية ، فقد علمت أنه سيحصل على الوظيفة فعلا بالحظ ، وبتقنيات أخرى غير التقنيات العلمية والورقية .
البداية :
كحبات النرد، قذف إليه صاحبه بــ( البزمات ) على مكتبه قائلا:
_ لا تنسَ المقابلةَ اليوم ، الساعة السادسة مساء ، وكما أخبرتك : عليك أن تكون بكامل أناقتك ! أريدُ أن تنال إعجابهم.
_ أوراقي..خبرتي..ألا يكفيان ؟!!
البداية بدأت بجملة اسمية ( كحبات النرد ) ، بداية القصة باسم من وجهة نظري الشخصية جداً أنه يقتل الحدث ، وكان من السهل على الكاتبة أن تعدل الجملة ، وتصبح أكثر مرونة وسلاسة إذا بدأت بفعل :
ألقى إليه صاحبه بــــ(البزمات ) التى تقافزت أمامه كحبات النرد .
ومن هنا ، نخفي كلمة النرد بين ظلال الكلمات من ناحية ، ومن ناحية أخرى نجدد الحدث في القصة ، ونمرنه على الإسترسال في السرد .
الصراع الداخلي :
ما اعجبني هنا هو الصراع الداخلي ، فقد تفوقت القاصة جداً في هذه النقطة ، فقد أدارت الصراع النفسي ، بقوة ومهارة ، منذ مراحل ارتدائه بدلته الجديدة ، والتي أتبعها بعبارته المتكرره ( بكامل أناقتي ) لتمهد للقارىء النهاية ، ولكن ذلك بالطبع كان سيكون أكثر قوة مع احتفاظ رؤوس الرموز في أغمادها بالبداية ، ولتكن هذه العبارة ( بكامل أناقتي ) هي التمهيد للكشف عن الرموز .
التنوير :
استخدمت الكاتبة بعض الالفاظ الدالة والمنورة ؟، وأكرر كلامي بأنها كانت ستكون اكثر فاعلية مع الاحتفاظ بغموض الرمز في البداية ، فقد استخدمت الكاتبة كلمات منها ( وزّع أوراقه على الأيدي ، تفاصيله )
النهاية :
اعتمدت الكاتبة على رمز ثانوي ، والغريب أنه ابرزته أكثر من الرمز الرئيسي ، وأغلقت به قصتها:
(نزع التمساح ووضعه أسفل المشبك)
مجرد رأي ، لايقلل أبداً من العمل ، بل هي زاويتي الخاصة المحصورة بين القراءة وبين الفهم .
دمت مبدعة .
أخوك
محمد