مشاهدة النسخة كاملة : سيدة العطور
د. سمير العمري
12-03-2014, 10:30 PM
بِلَهْفَةِ النَّحْلِ تَنْسِلُ بَوَاكِيرُ شَوْقِي إِلَى أَزَاهِيرِ فُصُولِكِ الحَالِمَةِ، يَرْتَشِفُ مِنْ فُضُولِ المَيَاسِمِ رَحِيقَ الرِّفْقِ لَثْمًا، وَيَقْتَرِفُ فِي حُقُولِ المَوَاسِمِ نَجْوَى التَّبَتُّلِ فِي بَسَاتِينِ عَبَقِكِ إِثْمًا، وَيَحْتَرِفُ مَعْ خُيُولِ اقْتِبَالِكِ وَانْقِلابِكِ لُغَةَ السَّنَابِكِ عَلَى صَفْحَةِ القَلْبِ نَأْيًا وَقُرْبًا. وَيَزْدَهِرُ فِي الخَاطِرِ هَوَاكِ فَلا تَأْلُو خَلِيَّةُ المَشَاعِرِ تَنْضَحُ مِنْ عَمِيقِ الوُدِّ وَرَفِيقِ الصَّدِّ مَرَاسِمَ حَيَاةٍ وَطُقُوسَ انْتِمَاءٍ وَاحْتِوَاءٍ شَمْعًا يُضِيءُ دُرُوبَ السَّالِكِينَ، وَشَهْدًا مُصَفَّى مِنْ كدْرَةِ اللَّحْظَةِ وَعَثْرَةِ اللَّفْظَةِ وَزَفْرَةِ الأَنِينِ شَرَابًا طَهُورًا سَائِغًا لِلعَاشِقِين.
وَبِلَهْوِ الفَرَاشَاتِ الوَادِعَةِ فِي حَدَائِقِ صَفْوِكِ الحَانِي يَتَسَلَّلُ إِلَى النَّفْسِ مِنْكِ وَحْيُ عَبِيرٍ مَارِقٍ يُذْكِي تَبَارِيحَ الوَجْدِ افْتِقَادًا وَيُزَّكِي مَسَامَاتِ العِشْقِ اتِّقَادًا، وَتَهْفُو إِلَى بَرَاعِمِ فِتْنَتِكِ نَزْعَةُ فَارِسٍ لَمْ يُتْقِنْ فِي حَضْرَةِ الغِيَابِ إِلا صهْوَةَ عَزْمٍ طَامِحٍ وَسَرْجَ جِدٍّ جَامِحٍ وَجَوادَ مَنْحٍ ضَابِحٍ يَعْدُو بِالصَّبْرِ عَبْرَ السَّهْلِ وَالصَّعْبِ وُصُولا إِلَى قِمَّةِ مَجْدِكِ الزَّاهِرِ وَإِلَى قِيمَةِ حُسْنِكِ البَّاهِرِ وَحِسِّكِ الأَثِيلِ. تَهْفُو؛ وَفِي كَفِّ العِنَاقِ وَرْدَةُ بَوحٍ بَيضَاءُ، وَعَلَى كَتِفِ العَهْدِ سَنَابِلُ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ مِنْ قَبْلُ مِنْجَلُ طَمَعٍ وَلا فَلْسَفَةُ وَجَعٍ وَلا آفَةُ جُنُونٍ.
وَإِذْ هَمَسْتِ لِي ذَاتَ انْهِمَارٍ:
إِنِّي مَا عَهِدْتُ الزَّهْرَ إِلا يَبْهجُ لِمَاءٍ رَائِقٍ يَرْوِيهِ وَإِلا يَأْرَجُ لِرَبِيعِ دِفْءٍ يَحْتَوِيهِ، فَمَا لِأَزَاهِيرِ نَبْضِي لا تَتَفَتَّقُ عَبَقًا إِلا لِبَهَاءِ طَلْعَتِكَ، وَلا تَتَصَبَّبُ عَرَقًا إِلا بِهَيْبَةِ طَلَّتِكَ؛ حَرِّهَا وَقَرِّهَا، رَبِيعِهَا وَخَرِيفِهَا؟ وَفِيمَ تَرْفَعُ بَتَلاتُ شِغَافِي أَكُفَّ غُصُونِ الحَنِينِ تَسْتَسْقِي أَنَامِلَ قَطْفِكِ كَي تَعِيشَ بِالمَوتِ فِيكَ مَوْسِمَين؟
وَإِنِّي كُلَّمَا دَاهَمَ تِشْرِينُ مَوسِمِي نِيسَانَ حُلُمِي غَطِشَ دَرْبِي وَعَطِشَ عُشْبِي وَفَزِعَ انْشِغَالِي العَالِقُ بِكَ وَالعَابِقُ لَكَ إِلَى قَوَارِيرِ عُطُورِي أَيُّهَا أَذْكَى وَأَزْكَى سَبِيلَ فُؤَادٍ وَرَسُولَ ودَادٍ، فَلا أَزَالُ فِي حَيْرَةِ خَجَلٍ وَنَهْرَةِ وَجَلٍ إِذْ لا عِطْرَ يَرقَى لِرِفْعَتِكَ وَلا عَبَقَ يَلِيقُ بِجَنَابِكَ. لَوَدَدْتُ أَنَّ لِي مَدَائِنَ مِنْ يَاسَمِين وَسَفَائِنَ مِنْ أَجْنِحَةِ خَيَالٍ سَائِحٍ أُحَلِّقُ إِلَى حَيثُ عَوَالِمِ السِّحْرِ فَأُعَتِّقُ لَهَا مِنْكَ خَمْرًا مِنْ حَنَانٍ، وأُعَبِّقُ لَكَ مِنْهَا عِطْرًا لا يَنْبَغِي لِغَيرِكِ وَحُسْنًا يَجْعَلُنِي لِقَلْبِكَ نَشْوَةً مِنْ يَقِينٍ.
أَيَّتُهَا المُنْبَثَّةُ فِي مَسَارَاتِ رُوحِي، المُنْدَسَّةُ فِي شَرَايِينِ مَبَاهِجِي وَمَنَاهِجِي، المُتَفَرِّدَةُ بِسِمَاتِكِ وَقَسَمَاتِكِ فِي غُرْبَةِ السِّنِينِ: العِطْرُ يَحْتَاجُكِ وَلا تَحْتَاجِينَهُ، وَالحُسْنُ يَطْلبُكِ وِلا تَطْلُبِينَهُ، وَإِنَّ لِلمَجَرَّاتِ نَوَامِيسَ التَّوَغُّلِ فِي الأُفُقِ، وَلِلنُّجُومِ قَوَامِيسَ التَّعَلُّقِ بِالأَلَقِ، وَلِلقُلُوبِ قَرَاطِيسَ التَّغَزُّلِ بِالجَمَالِ وَبِالجَلالِ وَبِالعُيُونِ، وَلَكِ فِي هَذَا كُلِّهِ مَرْكَزُ كَونٍ وَمُلْتقَى وَجُودٍ لا يَدُورُ جَرْمٌ إِلا فَي مَدَارِكِ وَلا يَجِلُّ نَجْمٌ إِلا فِي مَجَالِكِ وَلا يَعْبقُ دَهْرٌ إِلا فِي ازْدِهَارِكِ، وَتَظَلِّينَ يَا بَاذِخَةَ الحُضُورِ فِي كُلِّ الصُّدُورِ سَيِّدَةَ العُطُورِ.
خلود محمد جمعة
12-03-2014, 11:46 PM
شرف لي ان اكون اول من يشتم عبير كلماتك
دمت سيد الحرف
مودتي وتقديري
آمال المصري
12-03-2014, 11:52 PM
قسيمة وضاءة الجمال ... درورة الحس .. تثمل القلب من فيوض البوح الجميل ,
وحرف سخي أغرقني في بحر الدهشة انسكب بعذوبة فلامس الوجدان ودغدغ الروح
ومعزوفة يتمايل لها النبض طربا على أوتار عشق سرمدي
سأستجمع شتات نفسي وأعود فتقبل تواجدي أميرنا
دمت أمير الشعر والأدب
ولك ينحني الحرف والقلم
تحاياي
فاطمه عبد القادر
13-03-2014, 02:34 AM
وَإِنَّ لِلمَجَرَّاتِ نَوَامِيسَ التَّوَغُّلِ فِي الأُفُقِ، وَلِلنُّجُومِ قَوَامِيسَ التَّعَلُّقِ بِالأَلَقِ، وَلِلقُلُوبِ قَرَاطِيسَ التَّغَزُّلِ بِالجَمَالَ وَبِالجَلالِ وَبِالعُيُونِ، وَلَكِ فِي هَذّا كُلِّهِ مَركزُ كَونٍ وَمُلْتقَي وَجُودٍ لا يَدُورُ جَرْمٌ إِلا فَي مَدَارِكِ وَلا يَجِلُّ نَجْمٌ إِلا فِي مَجَالِكِ وَلا يَعْبُقُ دَهْرٌ إِلا فِي ازْدِهَارِكِ، وَتَظَلِّينَ يَا بَاذِخَةَ الحُضُورِ فِي كُلِّ الصُّدُورِ سَيِّدَةَ العُطُورِ.
السلام عليكم
نص باذخ الجمال ,
منسوجة رائعة, ودرة ساطعة ,وضعتها أخي على جيد ملتقى النثر, فمنحته جمالا لا يضاهى ,
أنيقة الألفاظ ,عميقة المعاني ,مبهرة ,
إنها حقا سيدة العطور ,
دمت بكل الخير والجمال أخي العزيز د سمير.
ماسة
كاملة بدارنه
13-03-2014, 07:21 AM
رغم أنّ قلمي لا يجيد كتابة كلمات العشق هذه، وروحي متعلّقة بحبّ الله فقط، إلّا أنّي قرأت هنا الجمال الذي بثّ ذاته في فضاء الحبّ والعشق ,,
مطرّزة حوَت بديع الألوان والرّسومات، وعطّرت المشاعر المهداة لسيّدة العطور ...
بورك الحرف الجميل وصاحبه أخي الدّكتور سمير
تقديري ةتحيّتي
مصطفى حمزة
13-03-2014, 07:48 AM
أخي الحبيب الدكتور سمير
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
بوحٌ فاخر ، ممتع ماتعٌ ، من الطراز الأول . من مدرسة الرافعيّ : لغة وصوراً ، ونسجاً وديباجةً ، وروحاً وطهراً .
لو أنها وأنه من عشاق اللغة وفقهائها ؛ لما ارتضيا بهذا النصّ ما بثّه جميل وقيس وكثيّر لمعشوقاتهم !
تحياتي وتقديري
د عثمان قدري مكانسي
13-03-2014, 09:24 AM
نص سامٍ يدل على التمكن اللغوي ... غني بالمفردات المتساوقة والألوان المتناسقة
ناديه محمد الجابي
13-03-2014, 09:48 AM
سلمت صاحبة العطور ـ يكفيها فخراً أن قيلت فيها وعنها هذه الدرر
نثر بطعم وحلاوة الشعر تحس فيه بموسيقى الكلمة عذبة كقصيد
رحلة ماتعة مع سحر الحرف وجمال السبك ولغة راقية ثرة نابضة
قصيدة نثر مبهرة تعانق فيها اللفظ العريق والمعنى الرقيق..
أيها العملاق شعراً ونثراً وقصاً .. ما أجمل بيانك وما أروع قلبك
وما أغنى قلمك يطلق أسراب فراشات تنثر أريج فكرك الثر .
سيدي .. أعذر فقر حرفي إن لم يستطع أن يعبر بما يشعر نحو
حرفك الراقي.. ودمت أميراً وسيداً للكلم.
رياض شلال المحمدي
13-03-2014, 10:25 AM
**(( وصَدَقَ مَن قالَ أنّ الحُسْنَ والجمالَ ما وقرَ في الصّدورِ ، لا ما اكتنزتهُ
مساراتُ السطور ، حتّى إذا نهضَ الفكرُ بصحبةِ صفاءِ القلبِ ليبثّ إرثًا من رسالاتِ
الزهورِ ، انثالَ البَوْحُ رقراقًا معانقًا عبقَ المعاني على أعتابِ سيّدة العطور ، فللهِ دّرُّ
الفؤاد وما وهبَ واليراع وما سكبَ من عوارف المعارفِ ورقائق اللطائف نثرًا يطيب
بريّاه الخافقان ، سلمَ البيان والبنان والجَنان أديبَنا المِيفاء ، مع كثير تقدير ))**
أحمد الأستاذ
13-03-2014, 02:10 PM
نص من طراز فاخر, ولغة مطرَّزة بخرزات أخَّاذة برَّاقة, يحقُّ لسيدةِ العطور هذا الحقل البديع الأنيق من الأمير الرقيق..
جولة ماتعة رائقة بصحبة حرفك الذي يرشَّ العطر إينما كان..
كعادتك تُسحر وتبهر في كل جديد
د.سمير, شكرا لك على هذا الجمال المنثور..
دمت بخير وعافية
محبتي
حيدرة الحاج
13-03-2014, 02:37 PM
سلام الله عليك دكتورنا وأستاذنا مال هذا الحرف يأسر لب قارئه بسحر منقطع النظير يفوح عطره لينعش الخاطر ويثلج صدر الولهان ويستكين به الحيران .....دمت
بخير أستاذي وطبت نفسا وطاب ممشاك لك مني أخلص الود والتحايا ..............
آمال المصري
13-03-2014, 06:35 PM
شرف لي تثبيت تلك الجميلة رحراحة النبض وضاءة الحرف
وحق لها أن تعلق في سماء النثر لينهل من ألقها العابرون
تقديري الكبير
د. سمير العمري
15-03-2014, 02:03 AM
شرف لي ان اكون اول من يشتم عبير كلماتك
دمت سيد الحرف
مودتي وتقديري
وشرف للنص أن تكوني صاحبة الطلة الأولى!
بارك الله بك ولا حرمني الله من تفاعلك الراقي وحسك الواعي وأدبك الجم.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
17-03-2014, 01:14 AM
قسيمة وضاءة الجمال ... درورة الحس .. تثمل القلب من فيوض البوح الجميل ,
وحرف سخي أغرقني في بحر الدهشة انسكب بعذوبة فلامس الوجدان ودغدغ الروح
ومعزوفة يتمايل لها النبض طربا على أوتار عشق سرمدي
سأستجمع شتات نفسي وأعود فتقبل تواجدي أميرنا
دمت أمير الشعر والأدب
ولك ينحني الحرف والقلم
تحاياي
بارك الله بك وأكرمك أيتها الأديبة الراقية الزاهرة، وأشكرك على ما جدت هنا من رأي كريم ورد مونق مورق!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
نداء غريب صبري
19-03-2014, 04:29 PM
بِلَهْفَةِ النَّحْلِ تَنْسِلُ بَوَاكِيرُ شَوْقِي إِلَى أَزَاهِيرِ فُصُولِكِ الحَالِمَةِ، يَرْتَشِفُ مِنْ فُضُولِ المَيَاسِمِ رَحِيقَ الرِّفْقِ لَثْمًا، وَيَقْتَرِفُ فِي حُقُولِ المَوَاسِمِ نَجْوَى التَّبَتُّلِ فِي بَسَاتِينِ عَبَقِكِ إِثْمًا، وَيَحْتَرِفُ مَعْ خُيُولِ اقْتِبَالِكِ وَانْقِلابِكِ لُغَةَ السَّنَابِكِ عَلَى صَفْحَةِ القَلْبِ نَأْيًا وَقُرْبًا. وَيَزْدَهِرُ فِي الخَاطِرِ هَوَاكِ فَلا تَأْلُو خَلِيَّةُ المَشَاعِرِ تَنْضَحُ مِنْ عَمِيقِ الوُدِّ وَرَفِيقِ الصَّدِّ مَرَاسِمَ حَيَاةٍ وَطُقُوسَ انْتِمَاءٍ وَاحْتِوَاءٍ شَمْعًا يُضِيءُ دُرُوبَ السَّالِكِينَ، وَشَهْدًا مُصَفَّى مِنْ كدْرَةِ اللَّحْظَةِ وَعَثْرَةِ اللَّفْظَةِ وَزَفْرَةِ الأَنِينِ شَرَابًا طَهُورًا سَائِغًا لِلعَاشِقِين.
هذه وحدها حكاية كتبت فيها أستاذنا قصة حب كبير خضع كل جمال الطبيعة ليكون جزءا من صورته
فيها النحل والزهر ومياسم الرحيق وعبق البساتين والشموع تضيء دروب السالكين والشهد المصفى
وفيها الخيل وعمق الود ورفق الصد والاحتواء والانتماء
كلها صور من الجمال يرسمها قلم ينبض بحروف قلبه يسكنه الجمال
وَبِلَهْوِ الفَرَاشَاتِ الوَادِعَةِ فِي حَدَائِقِ صَفْوِكِ الحَانِي يَتَسَلَّلُ إِلَى النَّفْسِ مِنْكِ وَحْيُ عَبِيرٍ مَارِقٍ يُذْكِي تَبَارِيحَ الوَجْدِ افْتِقَادًا وَيُزَّكِي مَسَامَاتِ العِشْقِ اتِّقَادًا، وَتَهْفُو إِلَى بَرَاعِمِ فِتْنَتِكِ نَزْعَةُ فَارِسٍ لَمْ يُتْقِنْ فِي حَضْرَةِ الغِيَابِ إِلا صهْوَةَ عَزْمٍ طَامِحٍ وَسَرْجَ جِدٍّ جَامِحٍ وَجَوادَ مَنْحٍ ضَابِحٍ يَعْدُو بِالصَّبْرِ عَبْرَ السَّهْلِ وَالصَّعْبِ وُصُولا إِلَى قِمَّةِ مَجْدِكِ الزَّاهِرِ وَإِلَى قِيمَةِ حُسْنِكِ البَّاهِرِ وَحِسِّكِ الأَثِيلِ. تَهْفُو؛ وَفِي كَفِّ العِنَاقِ وَرْدَةُ بَوحٍ بَيضَاءُ، وَعَلَى كَتِفِ العَهْدِ سَنَابِلُ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ مِنْ قَبْلُ مِنْجَلُ طَمَعٍ وَلا فَلْسَفَةُ وَجَعٍ وَلا آفَةُ جُنُونٍ.
سيدة العطر التي يكتب فيها أمير الشعر هذا النثر الجميل لا بد أن تكون سيدة الفصول، فصفوها حالم يبث فيه الحنين ويوقد العشق لينطلق العاشق الفارس، فيجتاز إليها الصعاب بوردة بوحه البيضاء وسنابل عهده الطاهر
وعندما تهفو نزعة الفارس إلى براعم الفتنة على صهوة العزم يكون الوصال بين القلوب التي أدمنت الصدق في العشق وتتهاوى أمام إرادتها العقبات
وَإِذْ هَمَسْتِ لِي ذَاتَ انْهِمَارٍ:
إِنِّي مَا عَهِدْتُ الزَّهْرَ إِلا يَبْهجُ لِمَاءٍ رَائِقٍ يَرْوِيهِ وَإِلا يَأْرَجُ لِرَبِيعِ دِفْءٍ يَحْتَوِيهِ، فَمَا لِأَزَاهِيرِ نَبْضِي لا تَتَفَتَّقُ عَبَقًا إِلا لِبَهَاءِ طَلْعَتِكَ، وَلا تَتَصَبَّبُ عَرَقًا إِلا بِهَيْبَةِ طَلَّتِكَ؛ حَرِّهَا وَقَرِّهَا، رَبِيعِهَا وَخَرِيفِهَا؟ وَفِيمَ تَرْفَعُ بَتَلاتُ شِغَافِي أَكُفَّ غُصُونِ الحَنِينِ تَسْتَسْقِي أَنَامِلَ قَطْفِكِ كَي تَعِيشَ بِالمَوتِ فِيكَ مَوْسِمَين؟
وَإِنِّي كُلَّمَا دَاهَمَ تِشْرِينُ مَوسِمِي نِيسَانَ حُلُمِي غَطِشَ دَرْبِي وَعَطِشَ عُشْبِي وَفَزِعَ انْشِغَالِي العَالِقُ بِكَ وَالعَابِقُ لَكَ إِلَى قَوَارِيرِ عُطُورِي أَيُّهَا أَذْكَى وَأَزْكَى سَبِيلَ فُؤَادٍ وَرَسُولَ ودَادٍ، فَلا أَزَالُ فِي حَيْرَةِ خَجَلٍ وَنَهْرَةِ وَجَلٍ إِذْ لا عِطْرَ يَرقَى لِرِفْعَتِكَ وَلا عَبَقَ يَلِيقُ بِجَنَابِكَ. لَوَدَدْتُ أَنَّ لِي مَدَائِنَ مِنْ يَاسَمِين وَسَفَائِنَ مِنْ أَجْنِحَةِ خَيَالٍ سَائِحٍ أُحَلِّقُ إِلَى حَيثُ عَوَالِمِ السِّحْرِ فَأُعَتِّقُ لَهَا مِنْكَ خَمْرًا مِنْ حَنَانٍ، وأُعَبِّقُ لَكَ مِنْهَا عِطْرًا لا يَنْبَغِي لِغَيرِكِ وَحُسْنًا يَجْعَلُنِي لِقَلْبِكَ نَشْوَةً مِنْ يَقِينٍ.
ويا لهمستها تنسب الفضل لأهله وتعترف بالجميل لصاحبه فطلعته هي من يفتق أزاهير نبضها عبقا، وأنامل قطفه توقظ بتلات شغافها لترفع أكف الحنين استسقاء
تتعطر له وتواجه تشرينها لربيع حلمهما وتلتجأ لعصارة الياسمين تغسل بها قلبها ليسيل عليه حنانا
((وَفَزِعَ انْشِغَالِي العَالِقُ بِكَ وَالعَابِقُ لَكَ إِلَى قَوَارِيرِ عُطُورِي أَيُّهَا أَذْكَى وَأَزْكَى سَبِيلَ فُؤَادٍ وَرَسُولَ ودَادٍ)) لم أستطع كبح شهقة إعجابي عندما قرأت هذه الصورة
أَيَّتُهَا المُنْبَثَّةُ فِي مَسَارَاتِ رُوحِي، المُنْدَسَّةُ فِي شَرَايِينِ مَبَاهِجِي وَمَنَاهِجِي، المُتَفَرِّدَةُ بِسِمَاتِكِ وَقَسَمَاتِكِ فِي غُرْبَةِ السِّنِينِ: العِطْرُ يَحْتَاجُكِ وَلا تَحْتَاجِينَهُ، وَالحُسْنُ يَطْلبُكِ وِلا تَطْلُبِينَهُ، وَإِنَّ لِلمَجَرَّاتِ نَوَامِيسَ التَّوَغُّلِ فِي الأُفُقِ، وَلِلنُّجُومِ قَوَامِيسَ التَّعَلُّقِ بِالأَلَقِ، وَلِلقُلُوبِ قَرَاطِيسَ التَّغَزُّلِ بِالجَمَالِ وَبِالجَلالِ وَبِالعُيُونِ، وَلَكِ فِي هَذَا كُلِّهِ مَرْكَزُ كَونٍ وَمُلْتقَى وَجُودٍ لا يَدُورُ جَرْمٌ إِلا فَي مَدَارِكِ وَلا يَجِلُّ نَجْمٌ إِلا فِي مَجَالِكِ وَلا يَعْبقُ دَهْرٌ إِلا فِي ازْدِهَارِكِ، وَتَظَلِّينَ يَا بَاذِخَةَ الحُضُورِ فِي كُلِّ الصُّدُورِ سَيِّدَةَ العُطُورِ.
تظل باذخة الحضور في حرفك سيدة العطور
وتظل حروفك في نثرك وشعر عوالم من الشعر
وتظل صورك أجمل وأعذب
وتظل يا أمير الأدب أستاذنا الذي نتعلم بقراءة نصوصه كيف نكتب
بوركت أميرنا
د. سمير العمري
25-03-2014, 02:30 AM
وَإِنَّ لِلمَجَرَّاتِ نَوَامِيسَ التَّوَغُّلِ فِي الأُفُقِ، وَلِلنُّجُومِ قَوَامِيسَ التَّعَلُّقِ بِالأَلَقِ، وَلِلقُلُوبِ قَرَاطِيسَ التَّغَزُّلِ بِالجَمَالَ وَبِالجَلالِ وَبِالعُيُونِ، وَلَكِ فِي هَذّا كُلِّهِ مَركزُ كَونٍ وَمُلْتقَي وَجُودٍ لا يَدُورُ جَرْمٌ إِلا فَي مَدَارِكِ وَلا يَجِلُّ نَجْمٌ إِلا فِي مَجَالِكِ وَلا يَعْبُقُ دَهْرٌ إِلا فِي ازْدِهَارِكِ، وَتَظَلِّينَ يَا بَاذِخَةَ الحُضُورِ فِي كُلِّ الصُّدُورِ سَيِّدَةَ العُطُورِ.
السلام عليكم
نص باذخ الجمال ,
منسوجة رائعة, ودرة ساطعة ,وضعتها أخي على جيد ملتقى النثر, فمنحته جمالا لا يضاهى ,
أنيقة الألفاظ ,عميقة المعاني ,مبهرة ,
إنها حقا سيدة العطور ,
دمت بكل الخير والجمال أخي العزيز د سمير.
ماسة
بارك الله بك وأكرمك أيتها الأديبة الراقية ولا حرمنا ألق حضورك!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
26-03-2014, 12:40 AM
رغم أنّ قلمي لا يجيد كتابة كلمات العشق هذه، وروحي متعلّقة بحبّ الله فقط، إلّا أنّي قرأت هنا الجمال الذي بثّ ذاته في فضاء الحبّ والعشق ,,
مطرّزة حوَت بديع الألوان والرّسومات، وعطّرت المشاعر المهداة لسيّدة العطور ...
بورك الحرف الجميل وصاحبه أخي الدّكتور سمير
تقديري ةتحيّتي
بارك الله بك وأكرمك أيتها الأخت الأديبة الراقية الزاهرة، وأشكرك على ما جدت هنا من رأي كريم ورد مونق مورق!
وزادك الله حبا له ، وإنا نحبه تعالى ونلتزم أمره بالمودة والرحمة بين القلوب ، وهذا من جميل القول لا يخالف شرعا بل يوافقه ، ولا يخدش حياء بل يحفظه!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
آبو عمرو سليمان
27-03-2014, 09:30 PM
كلما أردت وجبة أدبية رفيعة المعاني باسقة الأزهار لجأت إلى مأدباتك الوافرة بكل جميل ورائع أستاذي القدير د/سمير العمري ..لك كل مودتي وتقديري
رينادا جابر
27-03-2014, 11:44 PM
قمة الإبداع يتجلى في سطورك الثمينة
دمت ملكا مسيطرا متربعاً على عرش العربية الثمين
دمت مبدعا متألقاً الى الأبد
ودي~
نهلة عبد العزيز
28-03-2014, 06:40 PM
مقطوعة من أرق الفؤاد
امتزجت عشقاً
هطلت مطراً
وتموسقت نورا
القدير د\سمير
غرقتُ بين ثنايا نصك وبعمق
رسمت لنا أطيافاً
تضيء ليالي العشق
وتشعل قناديلا عاطرة
من تدفق عبير كلماتك
حروفك مخملية رائعة موغلة بالشوق
نص أنيق وراقي كثيرا
شكرا للجمال الذي يعانق السماء
أكاليل ورد تنحني لاجلك يا مبدع
مودتي
د. سمير العمري
01-04-2014, 01:10 AM
أخي الحبيب الدكتور سمير
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
بوحٌ فاخر ، ممتع ماتعٌ ، من الطراز الأول . من مدرسة الرافعيّ : لغة وصوراً ، ونسجاً وديباجةً ، وروحاً وطهراً .
لو أنها وأنه من عشاق اللغة وفقهائها ؛ لما ارتضيا بهذا النصّ ما بثّه جميل وقيس وكثيّر لمعشوقاتهم !
تحياتي وتقديري
الله الله!
رد كبير من كبير يزيدنا سرورا ويزيد النص حضورا!
بارك الله بك وأكرمك ودام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
براءة الجودي
01-04-2014, 01:02 PM
لاأعلم أي عبارة ألتقطها أو أي كلمة أختارها لأعبر عن إعجابي بها ، لقد كان كل مايحويه النص عطر على عطر تماما كعنوانه
فهو نص ثمين بكنوز الألفاظ البديعة والمعاني الراقية
تقديري
د. سمير العمري
02-04-2014, 01:29 AM
نص سامٍ يدل على التمكن اللغوي ... غني بالمفردات المتساوقة والألوان المتناسقة
بارك الله بك أخي د. عثمان حفظك الله وأشكرك على هذا التفاعل الكريم!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
ربيحة الرفاعي
06-04-2014, 03:57 PM
على أنغام سيمفونية الربيع يعزفها الكون احتفاء بالدفء القادم، جاءت رقصة فراش حرفك بين أكمام الزهر تناديه ليتفتح منتشيا يلوّن الدنيا بجماله ويضوع فيها عبقه
هو الربيع أعلنته الصور التي انطلقت ببهجته منذ الصورة الأولى في نص تتابعت صوره لتسكن المتلقي دهشة متابعة مهرجان انتصار الجمال في نثرية تزاحمت فيها الصور بما كنت أزعم استحالته على متن الحروف حتى مثلتُ بين يدي هذه البديعة
كل فقرة كانت معرضا للصور ومنجما للمشاعر ، وكل جملة كانت لوحة وحكاية، وكل صورة كانت عالما سحريا تاهت فيه أخيلة التلقي تتابع ذاهلة تساقط القلوب على ضفاف البوح الحالم
قوافل محبة وتحية لسيدة العطور وما تلهم أمير الحرف من عزف يطربنا حد الثمالة
دمت بروعتك وبهجة مواسم هطولك
تحاياي
د. سمير العمري
10-04-2014, 02:07 AM
سلمت صاحبة العطور ـ يكفيها فخراً أن قيلت فيها وعنها هذه الدرر
نثر بطعم وحلاوة الشعر تحس فيه بموسيقى الكلمة عذبة كقصيد
رحلة ماتعة مع سحر الحرف وجمال السبك ولغة راقية ثرة نابضة
قصيدة نثر مبهرة تعانق فيها اللفظ العريق والمعنى الرقيق..
أيها العملاق شعراً ونثراً وقصاً .. ما أجمل بيانك وما أروع قلبك
وما أغنى قلمك يطلق أسراب فراشات تنثر أريج فكرك الثر .
سيدي .. أعذر فقر حرفي إن لم يستطع أن يعبر بما يشعر نحو
حرفك الراقي.. ودمت أميراً وسيداً للكلم.
بارك الله بك أيتها الأديبة الكريمة والأخت الفاضلة وأشكرك على رأيك المغدق وأشكر لك حضورك الراقي!
دام دفعك!
ودمت بكل الخير والبركة!
تقديري
سامية الحربي
16-04-2014, 03:33 PM
خميلةُ كلمٍ معطرة بمياسم قوافل الهطول لتكتحل المفردة و ترتوي معانيها. هنا تأخذ الحروف حقها من التوليف الباذخ و يقف القارئ على عتبات نص دون ندم. دمت بخير و ألق. تحياتي و تقديري.
د. سمير العمري
22-04-2014, 01:16 AM
**(( وصَدَقَ مَن قالَ أنّ الحُسْنَ والجمالَ ما وقرَ في الصّدورِ ، لا ما اكتنزتهُ
مساراتُ السطور ، حتّى إذا نهضَ الفكرُ بصحبةِ صفاءِ القلبِ ليبثّ إرثًا من رسالاتِ
الزهورِ ، انثالَ البَوْحُ رقراقًا معانقًا عبقَ المعاني على أعتابِ سيّدة العطور ، فللهِ دّرُّ
الفؤاد وما وهبَ واليراع وما سكبَ من عوارف المعارفِ ورقائق اللطائف نثرًا يطيب
بريّاه الخافقان ، سلمَ البيان والبنان والجَنان أديبَنا المِيفاء ، مع كثير تقدير ))**
بارك الله بك أيها الشاعر المحلق المبدع وأكرمك على هذا الرد المغدق وهذا التفاعل النبيل ، وحفظك ربي وأشكر لك رأيك المغدق ومرورك المورق!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
26-04-2014, 02:40 AM
نص من طراز فاخر, ولغة مطرَّزة بخرزات أخَّاذة برَّاقة, يحقُّ لسيدةِ العطور هذا الحقل البديع الأنيق من الأمير الرقيق..
جولة ماتعة رائقة بصحبة حرفك الذي يرشَّ العطر إينما كان..
كعادتك تُسحر وتبهر في كل جديد
د.سمير, شكرا لك على هذا الجمال المنثور..
دمت بخير وعافية
محبتي
بارك الله بك أيها الابن الغالي والأديب المبدع وأكرمك على هذا الرد المغدق وهذا التفاعل النبيل ، وحفظك ربي وأشكر لك رأيك المغدق ومرورك المورق!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
04-05-2014, 03:27 AM
سلام الله عليك دكتورنا وأستاذنا مال هذا الحرف يأسر لب قارئه بسحر منقطع النظير يفوح عطره لينعش الخاطر ويثلج صدر الولهان ويستكين به الحيران .....دمت
بخير أستاذي وطبت نفسا وطاب ممشاك لك مني أخلص الود والتحايا ..............
بارك الله بك أيها الحبيب ، وشكر لك كريم خلقك وعظيم أدبك!
دام دفعك!
ودمت بكل خير وبركة!
تقديري
مصطفى الصالح
04-05-2014, 10:07 PM
نص شاسع
ولغة سامقة
مفردات أنيقة
وبوح شفيف راق
ربما وجدته طويلا بعض الشيء
بسبب بعض الإسهاب
لكنه يظل لوحة متماسكة متناسقة
دمت
كل التقدير
د. سمير العمري
07-06-2014, 01:34 AM
شرف لي تثبيت تلك الجميلة رحراحة النبض وضاءة الحرف
وحق لها أن تعلق في سماء النثر لينهل من ألقها العابرون
تقديري الكبير
بارك الله بك أيتها الأخت الفاضلة والأديبة الراقية وشكرا لك على كلماتك الطيبات وتثبيتك الكريم!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
19-06-2014, 02:47 AM
بِلَهْفَةِ النَّحْلِ تَنْسِلُ بَوَاكِيرُ شَوْقِي إِلَى أَزَاهِيرِ فُصُولِكِ الحَالِمَةِ، يَرْتَشِفُ مِنْ فُضُولِ المَيَاسِمِ رَحِيقَ الرِّفْقِ لَثْمًا، وَيَقْتَرِفُ فِي حُقُولِ المَوَاسِمِ نَجْوَى التَّبَتُّلِ فِي بَسَاتِينِ عَبَقِكِ إِثْمًا، وَيَحْتَرِفُ مَعْ خُيُولِ اقْتِبَالِكِ وَانْقِلابِكِ لُغَةَ السَّنَابِكِ عَلَى صَفْحَةِ القَلْبِ نَأْيًا وَقُرْبًا. وَيَزْدَهِرُ فِي الخَاطِرِ هَوَاكِ فَلا تَأْلُو خَلِيَّةُ المَشَاعِرِ تَنْضَحُ مِنْ عَمِيقِ الوُدِّ وَرَفِيقِ الصَّدِّ مَرَاسِمَ حَيَاةٍ وَطُقُوسَ انْتِمَاءٍ وَاحْتِوَاءٍ شَمْعًا يُضِيءُ دُرُوبَ السَّالِكِينَ، وَشَهْدًا مُصَفَّى مِنْ كدْرَةِ اللَّحْظَةِ وَعَثْرَةِ اللَّفْظَةِ وَزَفْرَةِ الأَنِينِ شَرَابًا طَهُورًا سَائِغًا لِلعَاشِقِين.
هذه وحدها حكاية كتبت فيها أستاذنا قصة حب كبير خضع كل جمال الطبيعة ليكون جزءا من صورته
فيها النحل والزهر ومياسم الرحيق وعبق البساتين والشموع تضيء دروب السالكين والشهد المصفى
وفيها الخيل وعمق الود ورفق الصد والاحتواء والانتماء
كلها صور من الجمال يرسمها قلم ينبض بحروف قلبه يسكنه الجمال
وَبِلَهْوِ الفَرَاشَاتِ الوَادِعَةِ فِي حَدَائِقِ صَفْوِكِ الحَانِي يَتَسَلَّلُ إِلَى النَّفْسِ مِنْكِ وَحْيُ عَبِيرٍ مَارِقٍ يُذْكِي تَبَارِيحَ الوَجْدِ افْتِقَادًا وَيُزَّكِي مَسَامَاتِ العِشْقِ اتِّقَادًا، وَتَهْفُو إِلَى بَرَاعِمِ فِتْنَتِكِ نَزْعَةُ فَارِسٍ لَمْ يُتْقِنْ فِي حَضْرَةِ الغِيَابِ إِلا صهْوَةَ عَزْمٍ طَامِحٍ وَسَرْجَ جِدٍّ جَامِحٍ وَجَوادَ مَنْحٍ ضَابِحٍ يَعْدُو بِالصَّبْرِ عَبْرَ السَّهْلِ وَالصَّعْبِ وُصُولا إِلَى قِمَّةِ مَجْدِكِ الزَّاهِرِ وَإِلَى قِيمَةِ حُسْنِكِ البَّاهِرِ وَحِسِّكِ الأَثِيلِ. تَهْفُو؛ وَفِي كَفِّ العِنَاقِ وَرْدَةُ بَوحٍ بَيضَاءُ، وَعَلَى كَتِفِ العَهْدِ سَنَابِلُ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ مِنْ قَبْلُ مِنْجَلُ طَمَعٍ وَلا فَلْسَفَةُ وَجَعٍ وَلا آفَةُ جُنُونٍ.
سيدة العطر التي يكتب فيها أمير الشعر هذا النثر الجميل لا بد أن تكون سيدة الفصول، فصفوها حالم يبث فيه الحنين ويوقد العشق لينطلق العاشق الفارس، فيجتاز إليها الصعاب بوردة بوحه البيضاء وسنابل عهده الطاهر
وعندما تهفو نزعة الفارس إلى براعم الفتنة على صهوة العزم يكون الوصال بين القلوب التي أدمنت الصدق في العشق وتتهاوى أمام إرادتها العقبات
وَإِذْ هَمَسْتِ لِي ذَاتَ انْهِمَارٍ:
إِنِّي مَا عَهِدْتُ الزَّهْرَ إِلا يَبْهجُ لِمَاءٍ رَائِقٍ يَرْوِيهِ وَإِلا يَأْرَجُ لِرَبِيعِ دِفْءٍ يَحْتَوِيهِ، فَمَا لِأَزَاهِيرِ نَبْضِي لا تَتَفَتَّقُ عَبَقًا إِلا لِبَهَاءِ طَلْعَتِكَ، وَلا تَتَصَبَّبُ عَرَقًا إِلا بِهَيْبَةِ طَلَّتِكَ؛ حَرِّهَا وَقَرِّهَا، رَبِيعِهَا وَخَرِيفِهَا؟ وَفِيمَ تَرْفَعُ بَتَلاتُ شِغَافِي أَكُفَّ غُصُونِ الحَنِينِ تَسْتَسْقِي أَنَامِلَ قَطْفِكِ كَي تَعِيشَ بِالمَوتِ فِيكَ مَوْسِمَين؟
وَإِنِّي كُلَّمَا دَاهَمَ تِشْرِينُ مَوسِمِي نِيسَانَ حُلُمِي غَطِشَ دَرْبِي وَعَطِشَ عُشْبِي وَفَزِعَ انْشِغَالِي العَالِقُ بِكَ وَالعَابِقُ لَكَ إِلَى قَوَارِيرِ عُطُورِي أَيُّهَا أَذْكَى وَأَزْكَى سَبِيلَ فُؤَادٍ وَرَسُولَ ودَادٍ، فَلا أَزَالُ فِي حَيْرَةِ خَجَلٍ وَنَهْرَةِ وَجَلٍ إِذْ لا عِطْرَ يَرقَى لِرِفْعَتِكَ وَلا عَبَقَ يَلِيقُ بِجَنَابِكَ. لَوَدَدْتُ أَنَّ لِي مَدَائِنَ مِنْ يَاسَمِين وَسَفَائِنَ مِنْ أَجْنِحَةِ خَيَالٍ سَائِحٍ أُحَلِّقُ إِلَى حَيثُ عَوَالِمِ السِّحْرِ فَأُعَتِّقُ لَهَا مِنْكَ خَمْرًا مِنْ حَنَانٍ، وأُعَبِّقُ لَكَ مِنْهَا عِطْرًا لا يَنْبَغِي لِغَيرِكِ وَحُسْنًا يَجْعَلُنِي لِقَلْبِكَ نَشْوَةً مِنْ يَقِينٍ.
ويا لهمستها تنسب الفضل لأهله وتعترف بالجميل لصاحبه فطلعته هي من يفتق أزاهير نبضها عبقا، وأنامل قطفه توقظ بتلات شغافها لترفع أكف الحنين استسقاء
تتعطر له وتواجه تشرينها لربيع حلمهما وتلتجأ لعصارة الياسمين تغسل بها قلبها ليسيل عليه حنانا
((وَفَزِعَ انْشِغَالِي العَالِقُ بِكَ وَالعَابِقُ لَكَ إِلَى قَوَارِيرِ عُطُورِي أَيُّهَا أَذْكَى وَأَزْكَى سَبِيلَ فُؤَادٍ وَرَسُولَ ودَادٍ)) لم أستطع كبح شهقة إعجابي عندما قرأت هذه الصورة
أَيَّتُهَا المُنْبَثَّةُ فِي مَسَارَاتِ رُوحِي، المُنْدَسَّةُ فِي شَرَايِينِ مَبَاهِجِي وَمَنَاهِجِي، المُتَفَرِّدَةُ بِسِمَاتِكِ وَقَسَمَاتِكِ فِي غُرْبَةِ السِّنِينِ: العِطْرُ يَحْتَاجُكِ وَلا تَحْتَاجِينَهُ، وَالحُسْنُ يَطْلبُكِ وِلا تَطْلُبِينَهُ، وَإِنَّ لِلمَجَرَّاتِ نَوَامِيسَ التَّوَغُّلِ فِي الأُفُقِ، وَلِلنُّجُومِ قَوَامِيسَ التَّعَلُّقِ بِالأَلَقِ، وَلِلقُلُوبِ قَرَاطِيسَ التَّغَزُّلِ بِالجَمَالِ وَبِالجَلالِ وَبِالعُيُونِ، وَلَكِ فِي هَذَا كُلِّهِ مَرْكَزُ كَونٍ وَمُلْتقَى وَجُودٍ لا يَدُورُ جَرْمٌ إِلا فَي مَدَارِكِ وَلا يَجِلُّ نَجْمٌ إِلا فِي مَجَالِكِ وَلا يَعْبقُ دَهْرٌ إِلا فِي ازْدِهَارِكِ، وَتَظَلِّينَ يَا بَاذِخَةَ الحُضُورِ فِي كُلِّ الصُّدُورِ سَيِّدَةَ العُطُورِ.
تظل باذخة الحضور في حرفك سيدة العطور
وتظل حروفك في نثرك وشعر عوالم من الشعر
وتظل صورك أجمل وأعذب
وتظل يا أمير الأدب أستاذنا الذي نتعلم بقراءة نصوصه كيف نكتب
بوركت أميرنا
بارك الله بك أيتها الأديبة الراقية وشكرا لك على هذه القراءة الانطباعية المميزة التي أكرمت بها النص!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
09-07-2014, 02:11 AM
كلما أردت وجبة أدبية رفيعة المعاني باسقة الأزهار لجأت إلى مأدباتك الوافرة بكل جميل ورائع أستاذي القدير د/سمير العمري ..لك كل مودتي وتقديري
بارك الله بك أخي الكريم الحبيب ولا حرمني الله من تفاعلك الراقي وحسك الواعي وأدبك الجم.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
06-08-2014, 01:06 AM
قمة الإبداع يتجلى في سطورك الثمينة
دمت ملكا مسيطرا متربعاً على عرش العربية الثمين
دمت مبدعا متألقاً الى الأبد
ودي~
بارك الله بك أيتها الكريمة وأشكر لك ردك الراقي ورأيك الكريم !
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
فوزي الشلبي
15-08-2014, 02:43 PM
الأخ الأديب النبيل د.سمير
تحية محبة وتقديرٍ وود..
نص بهي، ما خط البيان ورصع اليراع وقد تنقلت من فضاء إلى..ومن كل فضاء بروض اقتطفت وردة..فهصرت فوديها بأكف البهاء..حتى إذا تآلفت لديك طاقة وردٍ في رحيق ورد في قارورة ..يكاد رحيقها يفوح على مسافات سرمدية ومساحات اللامكان ولو لم تلفحها ريحٌ ولا نسيم..قارورة هي سيدة العطور!
تقديري الكبير وخالص دعائي لقلم يسطع بالبهاء!
أخوكم
د. سمير العمري
24-08-2014, 03:34 AM
مقطوعة من أرق الفؤاد
امتزجت عشقاً
هطلت مطراً
وتموسقت نورا
القدير د\سمير
غرقتُ بين ثنايا نصك وبعمق
رسمت لنا أطيافاً
تضيء ليالي العشق
وتشعل قناديلا عاطرة
من تدفق عبير كلماتك
حروفك مخملية رائعة موغلة بالشوق
نص أنيق وراقي كثيرا
شكرا للجمال الذي يعانق السماء
أكاليل ورد تنحني لاجلك يا مبدع
مودتي
بارك الله بك أيتها الكريمة وأشكر لك ردك الراقي ورأيك الكريم !
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
17-01-2016, 02:21 AM
لاأعلم أي عبارة ألتقطها أو أي كلمة أختارها لأعبر عن إعجابي بها ، لقد كان كل مايحويه النص عطر على عطر تماما كعنوانه
فهو نص ثمين بكنوز الألفاظ البديعة والمعاني الراقية
تقديري
بارك الله بك أيتها الكريمة وأشكرك على تقريظك الكريم!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
وليد عارف الرشيد
17-01-2016, 04:02 PM
ليس غريبا أن يغزل يراعك كل هذه الروعة أستاذنا الكبير فللألق في سيرته حكايا نحتاج لأسفار ثناء لها
بوركت وبورك الحرف الندي الملون القابض على مفاتح الجمال
ودمت وحرفك منارة لمن أراد الخوض في لجة طرق الأدب البديع الرصين
محبتي وفائق إعجابي وتقديري
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir