تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تحت شجرة اللّوز



كاملة بدارنه
14-03-2014, 06:55 PM
تحت شجرة اللّوز

تناولت العجوز حفنة من التّراب قبّلتها وأعادتها إلى مكانها، ثمّ ألقت بجسدها المنهك على جذع الشّجرة الشّامخة في أحد المرتفعات النّائية، بعد أن سقته دموع عينيها وماء إبريق الفخّار العتيق... مدّت نظرها نحو الأفق البعيد، تنهّدت وراحت ترفل بفكرها في دروب ما مضى، فيما بعض الأفراد يراقبون عن بعد ما مارسته من طقس اعتادته منذ أربعين سنة.
كان يوما جميلا حين عاد خالد لزيارتنا من البلدة التي يعمل بها مدرّسا، حيث سطر الفرح حروفه على صفحة وجهه، وداعبت نسمات السّرور خصلات شعره، وأضاء نور السّعادة بريق عينيه وهو يزفّ لي بشرى حبّه لإحدى المعلّمات . لقد خلبت لبّه وقال فيها أشعارا قرأها لي، فطلبتُ منه عدم قراءتها على مسامع أخواته اليافعات.
أسعدني أنّ ابني قد سوّر معصمه بأساور كنز جمال الكلمة، إضافة لكنز الهيئة المميّزة.
سألتُهُ في إحدى السّهرات الشّتويّة، ونحن نتشارك التّدفئة باللّحاف الصّوفيّ:
متى سنفرح بك يا خالد؟ هيّا أخبر أباك ليدبّر لك الأمور .
ظهرت بعض الخطوط على جبينه وقال بلغة فاترة:
عندما يحين الوقت المناسب.
لمَ التّأخير؟ فالبيت واسع، وبإمكانك تجهيز إحدى غرفه.
تضاحك ووعدني بإخبار والده عندما تهون أموره.
أعادها من بين سطور ذكرياتها صوت خشخشة أجفلها، فحصت المكان فلم تر شيئا، نهضت بتثاقل ومشت نحو بيتها.
اقترب مَن لاذوا،من قبل، خلف سنديانة منتظرين مغادرتها؛ ليمعنوا النّظر ويتفحّصوا تلك البقعة المزيّنة بالورود، والمظلّلة بشجرة اللوز المزهرة.
هي حجارة صفّت ورفعت مترا عن الأرض، سقفها ورود متعدّدة الأنواع أثارت الرّهبة في نفس أحدهم، فأمسك بحفنة من التّراب وقال:
"لاشكّ أنّ هذا قبر وليّ، وإلّا لما اهتمّت هذه العجوز بأمره وقبّلت تربه". سرّوا بهذا الاكتشاف وغادروا متّفقين على العودة.
بُعيد ذلك، يبدو أنّ خبر المقام قد انتشر بين النّاس بسرعة، فصاروا يتوافدون صوبه زرافات ووحدانا...
دخلت العجوز بيتها جاهدة بتسريع خطاها صوب صندوق الملابس الخشبيّ المزركش بالأصداف والنّحاس، والمحتفظة به في غرفة محايدة، فتحته وأخرجت قميصا أبيض اللّون، تأمّلته وشمّته وهي تحتضنه. كيف لا وصاحبه الأستاذ الناجح، ذو الوجه الجميل والعينين السّاحرتين، وشعره الأسود النّاعم قد جعلوا الصّبايا يكسرن حواجز الخجل، وينظرن إليه مليّا أثناء مصادفته في الطّريق التّرابيّ الضّيّق عند ذهابه لعمله. هو القميص الغالي الثّمن الذي اشتراه من راتبه الأوّل وأثناء ارتدائه روى لها قصص الإعجاب به... فتعجّبت لجرأة الصّبايا، وشتمتهنّ أمامه، لكنّها أخفت خلف الشّتائم فرحا؛ تباهيا بجمال ابنها الملفت للأنظار، ودعت الله أن يحميه من أعينهنّ الحاسدة...تبسّمت ثمّ طوته وأعادته إلى الصّندوق بعد رشّه بنقطة من عطر المسك.
أفاقت ذات صباح على صوت غريب، شوّش صفاء ذهنها ولحظاتها التّعبديّة، فخرجت مسرعة صوب شجرة اللّوز، ناسية ما أرهقها من أوجاع المفاصل ليلا... انتهرت مجموعة من الرّجال يحملون الكتب ويتمتمون بكلمات لا تفهمها، فلم يعرها أحد اهتماما... صرخت بهم:
ماذا تفعلون هنا؟ اخرجوا من أرضنا حالا وإلّا رشقتكم بهذه الحجارة... أنهوا قراءة تراتيلهم، اقترب أحدهم وسألها ببرود أعصاب: "إيش في يا أجوز؟"
نحن نصلّي مثلك، وأنت تضايقيننا.
تصلّون؟! ولمَ تصلّون هنا أمام بيتي؟
هذا قبر أحد حكمائنا، وجئنا لزيارته.
فصاحت: ويلاه! هذا قبر من؟! الويل لكم هذا قبري أنا.
تضاحك مستهزئا: ما هذه الخرافات؟ ها أنت حيّة وتسببّين لنا المشاكل. نحن أصحاب هذا المكان وسنثبت ملكيّته ... بالمناسبة إذا جئت لتنذري نذرا فسوف نسمح لك هذه المرّة بتعليق ما تريدين على أغصان الشّجرة.
أخرسها الذّهول لحظة، وصعقها رعدُ ما سمعت من كلام، وأحرقها وميض ما اشتعل من انفعال، فلم ترَ سوى وجوه تتمايل، وهامات تطول وتقصر... وصرخت تنادي باسم خالد...
باتت ليلتها ترتجف غيظا، وشفتاها رطبتان باسم خالد، ولم يفارقها طيفه أثناء نوبات سخونتها، ولا وقاحة من تطاولوا عليها...

لبست الطّبيعة أبهى الحلل في ربيع كثرت فيه أزهار شقائق النّعمان، وطغت الحمرة على الألوان ، واستعدّت الأمّ لاستقبال خالد بعد شهر من الغياب لا تدري له سببا.
ومع روعة الجمال، نعب غراب فوق مدخنة البيت فأفسد الأجواء. سمعت الصّوت فانقبض قلبها واصفرّت سحنتها. طلبت من أحد أبنائها أن يخرج لطرده. تضاحك الصبيّ ثمّ لبّى لها الطّلب.
أعدّت الأرزّ المصبوغ بالزّعفران، وغلت اللّبن الرّائب جيّدا؛ لأنّ خالدا يحبّه هكذا...
مرّ وقت الظّهيرة ولم يصل، وكلّما سمعت صوت هدير سيّارة هرعت نحو الباب، وإن لم يكن هو ضربت بكفّ اليأس والقلق دفّة الباب وراحت تبتهل إلى الله أن يجعل تأخّره لخير، فقد أخبرهم جارهم بعد مهاتفته أنّ عودته ستكون ظهرا.
مالت الشّمس للغروب، وبدأت الشّقائق بإغماض أعينها، وإذ بسيّارة شرطة يترجّل منها أحد أفرادها سائلا عن الأب. اعتقلها الوجوم هنيهة، ثمّ تحرّرت وراحت تهرول في البيت؛ لاطمة خدّيها تارة، وضاربة رجليها أخرى.. منتظرة خروج الشّرطيّ لمعرفة بغيته.
هل أنت والد المدعو خالد؟ لقد وُجد في مدخل القرية مضرّجا بدمائه، فنقل إلى المستشفى وقبل أن يصل توفّي. وقّعْ لي على ورقة الإبلاغ.
تعالت الصّيحات، واهتزّت جدران البيت مردّدة صدى نداءات الأمّ، فأتاها محمولا على الأكتاف. زغردت وأقسمت على النّسوة أن يغنّين للعريس العاشق الذي حذّرته من عواقب حبّه لفتاة من غير دينه. وها قد حصل ما خافت منه.

آه! إنّه سبت ربيعيّ كيوم دفن ابني...اليوم سأزرع له سنديانة لأنّي أخشى أن ينخر السّوس جذع اللّوزة – وإن عُمّرت - مثلما زعم (أبو قاسم) في حديثه عن اللّوزيّات.. فجأة وأثناء محاولتها جاهدة نبش التّربة الرّطبة جانب القبر، عاد الأغراب مؤزّرين بمجموعة أخرى، استجمعت قواها وتحوّلت حرارة الحمّى إلى طاقة هجوميّة صارخة بهم:
ابتعدوا عن قبر ابني وعن الشّجرة التي رويتها بدموع عينيّ مذ غرستها وسمّيتها باسمه... ابتعدوا وإلّا ... وقبل أن تكمل جملتها وقعت جانب القبر بلا حراك، وتسمّرت عيناها بأعالي أغصان شجرة اللّوز الباسقة.

د. محمد حسن السمان
14-03-2014, 08:22 PM
الأخت الفاضلة الأديبة كاملة بدارنة
" تحت شجرة اللوز " , عمل قصي ناجح بامتياز , يرسم صورة للمعاناة الانسانية , داخل الأرض السليبة , بتوترات نفسية حاذقة , قوة في السبك , وتدبير عال استجرار القارئ للمتابعة , مع تفوق في الإقناع .
تقبلي تقديري وإعجابي

د. محمد حسن السمان

ناديه محمد الجابي
15-03-2014, 05:20 PM
في كسر للخط الزمني وما بين السرد والإسترجاع تدور أحداث هذه القصة
لنعيش مع هذه العجوز قصتها ـ وفي كل استرجاع يتكشف لنا جزء جديد من القصة.
كما تتعرض القصة لأولئك الدجالين ومدعي الكرامات المستغلين لجهل الناس لجعل
القبور وأضرحة الأولياء مزارات يتكسبوا منها.
سرد قلمك بارع
قصة مؤلمة ومشوقة بأحداثها ـ حبكة محكمة وفكرة عميقة وخاتمة مقنعة.
نصك بديع ، ولأدبك طعم خاص مميز.. فشكراً لك ولقلمك الباهر.

عبد السلام دغمش
17-03-2014, 04:51 PM
سردٌ رائع وتنقل عبر مراحل زمنية في عرض الموضوع.
أكثر من فكرة عالجها النصّ: التعامل مع الاحتلال فيما يخص التواصل - أياً كان، ثمّ اشارة للخرافة وتمكنها من العقول- والخرافة هي واحدة من الاركان التي قامت عليها فكرة الاحتلال. لكنها قد تحدث في أيّ مجتمع ، وقد تحدث بيننا كمسلمين حينما تحلّ البدعة ويكثر الجهل.
تقديري للنصّ الجميل.

خالد الجريوي
17-03-2014, 05:40 PM
ما أجمل أن تكون أديبا متمكنا
حتى ترسم بحروفك
صورا مدهشة

رائعة أستاذة
حفظ الله قلبك أخيتي

فاطمه عبد القادر
18-03-2014, 10:11 AM
تعالت الصّيحات، واهتزّت جدران البيت مردّدة صدى نداءات الأمّ، فأتاها محمولا على الأكتاف. زغردت وأقسمت على النّسوة أن يغنّين للعريس العاشق الذي حذّرته من عواقب حبّه لفتاة من ديانة أخرى. وها قد حصل ما خافت منه.

السلام عليكم
لقطة مؤلمة تكررت كثيرا بين أفراد شعبنا قديما حديثا في كل الأزمان ,وكل مرّة تراها ساخنة مشتعلة دامية جارحة كأول مرّة ,
قصة رائعة دُمجت بجمال وذكاء ,فجاءت مثل كعكة شهية بمذاق مر علقمي .
لا ندري لأي مدى سيظل شعب يعاني كل هذا المرار والدوار ,
شكرا لك كاملة العزيزة
ماسة

رياض شلال المحمدي
18-03-2014, 10:40 AM
**(( وماذا عساني أقول أمام هذا البهاء ، من صور الماضي التي تعانق الحاضر
بأحرفٍ من حنينٍ ونقاء ؟ ، مهما أسهبتُ فليس ثمّة سوى نزرٍ يسير ممّا يجود به الثناء ،
كيما يدنو ولو برهة وعلى استحياء ، ليقول : طوبى لحرفك وما تقصّه علينا سوانحُ الفكر
من نفحات الذكرى مع اللوز وشقائق النعمان والعريس العاشق ، شكرًا لك أديبتنا القديرة
على عبق العطاء ، مع كثير تقدير كما يليق ))**

خلود محمد جمعة
20-03-2014, 06:17 AM
لله درك أديبتنا
للحرف والكلمة والمعنى والسرد والحبكة والنهاية و و و ....

صدق من قال لكلٍ نصيب من أسمه
دمت رائعـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــة
حبي وكل التقدير

آمال المصري
26-03-2014, 12:07 AM
تحت شجرة اللّوز ... عمل أدبي قصصي ناجح بفكر ثر وسرد قوي مؤثر ومزج بين القديم والحديث وبين الأرض المسلوبة والشعب المقهور وبين العلم وفئة الدجالين والجهال
وتسلسل ذكي وتصاعد ومفاجآت تتوالى مع قراءة كل فقرة مما جعل النص شائقا ماتعا لايمل أحدنا تكرار قراءته
بوركت واليراع الفريدة أخت كاملة
تحاياي

كاملة بدارنه
29-03-2014, 06:47 PM
الأخت الفاضلة الأديبة كاملة بدارنة
" تحت شجرة اللوز " , عمل قصي ناجح بامتياز , يرسم صورة للمعاناة الانسانية , داخل الأرض السليبة , بتوترات نفسية حاذقة , قوة في السبك , وتدبير عال استجرار القارئ للمتابعة , مع تفوق في الإقناع .
تقبلي تقديري وإعجابي

د. محمد حسن السمان
مرورك كريم وشهادة أعتزّ بها أديبنا الدّكتور محمّد
شكرا لك ولحضورك البهيّ
بوركت
تقديري وتحيّتي

كاملة بدارنه
29-03-2014, 06:51 PM
في كسر للخط الزمني وما بين السرد والإسترجاع تدور أحداث هذه القصة
لنعيش مع هذه العجوز قصتها ـ وفي كل استرجاع يتكشف لنا جزء جديد من القصة.
كما تتعرض القصة لأولئك الدجالين ومدعي الكرامات المستغلين لجهل الناس لجعل
القبور وأضرحة الأولياء مزارات يتكسبوا منها.
سرد قلمك بارع
قصة مؤلمة ومشوقة بأحداثها ـ حبكة محكمة وفكرة عميقة وخاتمة مقنعة.
نصك بديع ، ولأدبك طعم خاص مميز.. فشكراً لك ولقلمك الباهر.
شكرا لمرورك الكريم عزيزتي الأخت نادية
لحضورك عبق مميّز
بوركت
تقديري وتحيّتي

كاملة بدارنه
29-03-2014, 06:52 PM
سردٌ رائع وتنقل عبر مراحل زمنية في عرض الموضوع.
أكثر من فكرة عالجها النصّ: التعامل مع الاحتلال فيما يخص التواصل - أياً كان، ثمّ اشارة للخرافة وتمكنها من العقول- والخرافة هي واحدة من الاركان التي قامت عليها فكرة الاحتلال. لكنها قد تحدث في أيّ مجتمع ، وقد تحدث بيننا كمسلمين حينما تحلّ البدعة ويكثر الجهل.
تقديري للنصّ الجميل.
وتقديري للحضور الكريم أح عبد السّلام
شكرا لك وبارك الله فيك
تحيّتي

كاملة بدارنه
09-04-2014, 12:09 PM
ما أجمل أن تكون أديبا متمكنا
حتى ترسم بحروفك
صورا مدهشة

رائعة أستاذة
حفظ الله قلبك أخيتي
شكرا لك أخ خالد على المرور الطّيّب
بوركت
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
13-04-2014, 11:04 PM
تعددت محاور الصراع ودلالات الصورة في قصة اجتزأت مشهدا صغيرا من معاناة شعب
فمن شاب دفع حياته ثمنا لحب يرفضه مجتمعه بحجة اختلاف الأديان، لغربان غريبة تحتل الأرض وتلفّق التاريخ وتسرق الذكريات، لحرب التشبث بوهم التواصل مع دفين تحت الشجرة برعاية مثواه، لرسل التشاؤم والتفاؤل نلصقها بأحداث أيامنا لغيرها من إشارات كل منها يخلق صراعا على جبهة مختلفة عاشتها الفاقد العجوز بين سطور قصّة تألقت الكاتبة في سردها بلغة سويّة وحبكة استرجاعية غير منتظمة أضفت على النص تشويقا وأغرقت المتلقي في خضم تتبع مساراتها

بهدوء أدخلت الكاتبة رسالة سياسية ذكيّة كشفت تلفيق التاريخ لخدمة المطامع الاستعمارية لدى المحتل، دون تأثير على التأطير الإنساني للنص والذي جعل التداخل الانفعالي مع أحداثه حتمية لا يفلت منها المتلقي وإن شاء

مبدعة في كل حرفك مميزة في اختيارك لمواضيع قصك ومهارات تجنيد نصك في خدمة التسامي الانساني

دمت نبراسا للألق

تحاياي

كاملة بدارنه
19-04-2014, 05:39 PM
تعالت الصّيحات، واهتزّت جدران البيت مردّدة صدى نداءات الأمّ، فأتاها محمولا على الأكتاف. زغردت وأقسمت على النّسوة أن يغنّين للعريس العاشق الذي حذّرته من عواقب حبّه لفتاة من ديانة أخرى. وها قد حصل ما خافت منه.

السلام عليكم
لقطة مؤلمة تكررت كثيرا بين أفراد شعبنا قديما حديثا في كل الأزمان ,وكل مرّة تراها ساخنة مشتعلة دامية جارحة كأول مرّة ,
قصة رائعة دُمجت بجمال وذكاء ,فجاءت مثل كعكة شهية بمذاق مر علقمي .
لا ندري لأي مدى سيظل شعب يعاني كل هذا المرار والدوار ,
شكرا لك كاملة العزيزة
ماسة
وعيلكم السّلام ورحمة الله عزيزتي فاطمة
شكرا لك على مداخلتك الكريمة وبارك الله فيك
تقديري وتحيّتي

كاملة بدارنه
21-04-2014, 11:51 PM
**(( وماذا عساني أقول أمام هذا البهاء ، من صور الماضي التي تعانق الحاضر
بأحرفٍ من حنينٍ ونقاء ؟ ، مهما أسهبتُ فليس ثمّة سوى نزرٍ يسير ممّا يجود به الثناء ،
كيما يدنو ولو برهة وعلى استحياء ، ليقول : طوبى لحرفك وما تقصّه علينا سوانحُ الفكر
من نفحات الذكرى مع اللوز وشقائق النعمان والعريس العاشق ، شكرًا لك أديبتنا القديرة
على عبق العطاء ، مع كثير تقدير كما يليق ))**
وشكرا على عبق الحضور الرّاقي أخي الشّاعر رياض
بارك الله فيك وأدامك بتميّزك وعطائك
تقديري وتحيّتي

فوزي الشلبي
19-05-2014, 09:13 AM
..تنهّدت وراحت ترفل بفكرها في دروب ما مضى، فيما بعض الأفراد يراقبون عن بعد ما مارسته من طقس اعتادته منذ أربعين سنة. ..


الأديبة النبيلة كاملة:
تحتَ شجرة الوز .. وطن يسكن ودموع تسقى ذكريات اثيرة..ابنٌ قضى في حب وطن احتله دينٌ آخر-الفتاة-..لكن شجرة اللوز التي تثمر وتعطي..تحميها الذكريات-شجرة السنديان- التي لا تستطيع الرصاصة ان تقتلعها من جذورها، مهما مارس المحتل من طقوس زائفة لا تعني ادعاءً وحبا مصطنعاً..
النص يحمل رمزية عالية ..زكل شيء يهون من أجل الوطن!

نص بهي، ما خط البيان ورصع اليراع من درر الإبداع!
تقديري الكبير وخالص دعائي !
أخوكم

وفاء عرب
19-05-2014, 12:51 PM
أستاذة:كاملة بدارنه

جميل جدا أسلوبك ورسمك راقي وهادف

ملاحظة النص "835 "كلمة في حين أن القصة القصيرة يفترض أن لا تتجاوز "600" كلمة !!
أرجو تقبل المرور
لك كل الاحترام والتقدير

كاملة بدارنه
19-05-2014, 05:29 PM
أستاذة:كاملة بدارنه

جميل جدا أسلوبك ورسمك راقي وهادف

ملاحظة النص "835 "كلمة في حين أن القصة القصيرة يفترض أن لا تتجاوز "600" كلمة !!
أرجو تقبل المرور
لك كل الاحترام والتقدير
السّلام عليكم...
أستأذن من الإخوة والأخوات الأعزاء الذين تفضّلوا بالمداخلات للرّدّ على مشاركة الأخت وفاء لاستغرابي المعلومة التي زوّدتني بها فيما يخصّ عدد كلمات القصّة القصيرة

شكرا لك أخت وفاء على تكرّمك بقراءة القصّة ومرورك الكريم واهتمامك بمعرفة عدد الكلمات ، لكن لا أدري من الذي حدّد عدد الكلمات هذه، فقد قرأت عن تحديد أعلى بكثير ولا أبالي به، ولمَ نتقيّد أو نلتزم بالأرقام في كتابتنا؟!
ألا ترين معي أنّ الإبداع لا يمكن تقييده بعدد معيّن من الكلمات، وإن حدّد بعض من وضعوا قوانين في كتابة القصّة، ولكنها بين بين ولم تكن ثابتة، وأثارت جدلا ؟!
هناك مقالة قرأتها حول هذا الموضوع أحببت نقلها لك إن كنت من الملتزمين بآراء النّقاد.. ونصيحتي أن تطلقي لفكرك وخيالك العنان دون قيد وارتباط بما يمليه علينا الآخرون، فلا شيء منزل ومحدّد وثابت سوى كلام الله .

حجم القصّة القصيرة
القصة القصيرة لقطة فنية من الحياة، لكنها في الوقت ذاته تشتمل على جميع عناصر ودراما الحياة، كأنما هي جزء من مادة أو قطرة من بحر الحياة الزاخر تحمل جميع أوصاف ذاك البحر الصاخب .
يرى أحد الكاتبين : " أنه يبدو للمتعجلين أن قضية الحجم في القصة القصيرة ليست قضية جوهرية ، بل ربما اعتبر الإيجاز والتركيز ميزة يتطلبها العصر ويتفق مع ايقاعه المتسارع ، وهذا خطأ محض فليس التركيز فضيلة في ذاته فالفن ليس فكرة أو قضية مجردة ، فالتشكيل عنصر أساسي ، بل هو سر الجمال ، ومصدر الإقناع بالفكرة ، أو الانتماء إلى القضية ، ولن تستطيع الصفحة الواحدة ، أو الصفحتان أو الثلاث أن تقوم بحق الوفاء لعمق التحليل أو دقة التصوير أو إشباع الغوص وراء الدوافع ... وبعض الكاتبين يعتمدون في تكوين قصصهم على ذكاء المفارقة ، أو طرافة الحادثة ، أو اللعب باللغة ، وما يصنعونه يمكن أن يكون شيئا غير أن يكون " قصة قصيرة " بالمعني الاصطلاحي لهذه الكلمة " ، وهذا الرأي كما نرى مؤيد لعدم تحديد والجزم بطول معين للقصة القصيرة. ولكن هناك وجهة نظر أخرى ترد علي هذا الرأي منتقده الإسهاب وترى أنه ينماع به بناء القصة وكاتبها لا محيص له من الإحكام والوصف الدقيق الموحي الذي يقصيه عن السرد والتقرير المباشر ويؤدي إلي التكثيف الذي ينتشله من مهاوي السذاجة ، لكي تنضج " الحدوتة " نضجا واضحا ، ومن الإصابة التي تقطع أنفاس الحاشية المطولة ، ومن ثم كانت المشقة التي يعانيها كاتب القصة القصيرة وإن بدا للآخرين أمرا سهل التأتي .
لذلك كانت القصة القصيرة لا تتسع لرسم شخصية كاملة بكافة التفاصيل أو عدة شخصيات من كافة الجوانب ولا تتسع كذلك للحوادث الكثيرة ولا للحادثة الواحدة التي لا تتم إلا مع التشعب والاستيفاء والإحاطة بأحوال جمة من الناس في مختلف الأحوال والمواقف ، لكنها تعطينا لونا من ألوان الشخصية كما تتمثل في موقف من المواقف، فنفهمها بالإيحاء والاستنتاج ، وقد تعرض موقفا نفسيا أو موضعا اجتماعيا ينفرد بنظرة عابرة ويؤخذ علي حدة فيدل دلالة الموقف والإيحاء ، يقول " هوارتون " : " إن الموقف هو الموضوع الغالب على القصة القصيرة ، ورسم الشخصية هو الموضوع الغالب على الرواية " ، وعلى هذا فجميع ذلك يؤكد ضرورة عدم إتخام العمل الأدبي وشحنه بزوائد قد تكون أحمالا على العمل، ولا تؤدي إلى خدمة معاني وأفكار القصة .
وبالعودة إلى التأصيل التاريخي للقضية نجد أنها ترتبط ببداية نشأتها على شكلها الفني الحديث والذي ابتكره " إدجار آلان بو " القاصّ الأمريكي في حديثه عن وحدة الانطباع والتأثير ، فالمعيار الفني لديه يتوقف عنده على وحدة التأثير هذه لنقله إلى القارئ ، لذلك فهو يعترض على القصة الطويلة من الناحية الفنية لأن طول القصة قد يقتضي التوقف في قراءتها من آن إلى آخر مما يشتت وحدة الأثر ويدمرها فيحرم القصة بذلك من تلك القوة التي تنشأ عن قراءتها قراءة متصلة ، فإذا جاز التجاوز عن هذا الأمر في الرواية الطويلة فإنه يعد أمرا جوهريا في القصة القصيرة لا استغناء عنه وفي قصرها اكبر معينا على تحقيق هذا الأمر ، ويحدد " بو " فترة قراءة القصة بين نصف ساعة وساعتين ، يسيطر خلالها الكاتب على روح القارئ ويستطيع أن يحقق أثره على أكمل وجه ، وفي حيز القصة المحدود يتوقف نجاح الكاتب على إتقان صنعته ، وهذا التحديد يعد قديما أما التحديد الحديث والذي يذهب إليه معظم النقاد هو أن يتراوح طولها بين خمس صفحات وثلاثين صفحة – فإذا قصرت عن خمس صفحات صارت " أقصوصة " – وإذا زادت عن ثلاثين صارت رواية قصيرة ويذكر" د . محمد عناني " أن هذا التحديد أيضا غير دقيق. فكثيرا ما تطول القصة عن ثلاثين صفحة وتحتفظ بكل الخصائص المهمة للقصة القصيرة ، ومثل هذا الرأي يتحدث به الكتاب الألمان منهم " بيتس " و " فرانك أكونور " فيرون أن القصة القصيرة تختلف اختلافا تاما عن غيرها من أنواع القصص ، والمسألة ليست مسألة طول أو قصر إنما هي روح القصة القصيرة نفسها فهي عمل أدبي مستقل ومتميز ولا يمكن أن تسمى إلا قصة قصيرة ، ويتخذ آخرون مقياسا آخر لطول وقصر القصة القصيرة ليس حسب قدرة القارئ على البقاء وقراءة القصة إنما لمطالب النشر لا لقدرة القارئ على مدة التركيز ، فيذكر " هنري جيمس " القاعدة الثابتة المتعامل بها في المجلات المعاصرة وهي أن تتراوح القصة القصيرة ما بين 6000 : 8000 كلمة ، وبالطبع تختلف هذه القواعد من وقت لآخر ومن مجلة إلى أخرى ومن مكان للنشر إلى مكان آخر فبينما نجد أن القصة الواحدة قد يكون حجمها ملائما لناشر وغير ملائم لناشر آخر ، أما سومرست موم الكاتب الإنجليزي الشهير فيري أن " الحجم المتوسط للقصة القصيرة يقع بين 1600 : 20000 كلمة ، ولكن هذه أيضا ليست قاعدة فهناك القصة الفلاش كما ذكر الكاتب الكبير د . محمد حسن عبد الله والتي لا تتجاوز سطورا عدة ،"وهناك قصص تقل عن 500 كلمة وقصص أخرى تتجاوز 32000 كلمة ، يقول " آيان رايد " صاحب المرجع الهام في القصة القصيرة : " لايرضينا أن يكون عدد الكلمات هو المعيار الوحيد فالفن الأدبي لا يحسب حسابيا " ، وعدد أخر من الكتاب يرون أن القصة القصيرة إذا طالت أصبحت رواية قصيرة وأن هناك نوعا وسطا أو شكلا فنيا آخر يقع بين القصة القصيرة والرواية يسمي " النوفيلا " ، وهكذا تظل قضية حجم القصة القصيرة قمة الجبل العائم والمختفي جميعه تحت الماء مما يستلزم غوصا نحوه بالتأمل واستكشاف خصائص الأداء القصصي ، وهذا ما نطمح إليه مستقبلا .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
المصادر :
• القصة القصيرة / آيان رايد / ترجمة د . مني مؤنس / الهيئة المصرية العامة للكتاب .
• القصة تطورا وتمردا / يوسف الشاروني / كتابات نقدية / الهيئة العامة لقصور الثقافة .
• القصة وتطورها في الأدب العربي / د . مصطفي علي عمر / الطبعة الرابعة / دار المعارف .
• كتابة القصة القصيرة / هالي بيرت / ترجمة : أحمد عمر شاهين / دار الهلال .
• الأدب وفنونه / د . محمد عناني / الهيئة المصرية العامة للكتاب .

وفاء عرب
19-05-2014, 07:16 PM
كلام جميل جدا
كنت أتمنى أن تضعي رابط المقالة على الأقل رغم إشارتك أنك قرأته
]

أنا اقول بالنسبة لحجم القصة القصيرة والتقسيمات فهي تختلف عندنا عنها في الغرب وتطورت حتى صار ‏بيننا تباينا واضحا وكبيرا
فمثلا عندنا لا توجد قصة طويلة ولا حكاية بالمعنى الغربي، وقصتنا القصيرة جدا تختلف عنها ‏عندهم، فقد تكون عندهم عدة صفحات لكنها عندنا وبشكل عام لا تتعدى خمسين كلمة..‏
القصة القصيرة التي تذاع على إذاعة البي بي سي لا تتعدى خمسمائة كلمة، وبدعم من مجلة العربي ‏المعروفة، فهذا رأي نقدي مختلف بخصوص عدد الكلمات
لكن الملاحظ أن يوسف إدريس وزكريا تامر كتبوا قصصا قصيرة لم تتعدى ثلاثمائة كلمة، ومعظم ‏قصصهم لم تتعدى ثمانمائة وخمسين كلمة، وباعتبارهما الرواد والمنارة في هذا الفن قلت ما سبق
لكن بالنسبة لي التكثيف هو العنصر الأوفر حظا في عناصر القصة، النص المترهل حتى لو كان ‏أقل من أربعمائة كلمة يظل معيبا، وربما ألف كلمة مكثفة بسردية سلسة تعطي جمالا ومفعولا أفضل
تحيتي

كاملة بدارنه
19-05-2014, 08:40 PM
كلام جميل جدا
كنت أتمنى أن تضعي رابط المقالة على الأقل رغم إشارتك أنك قرأته
]

أنا اقول بالنسبة لحجم القصة القصيرة والتقسيمات فهي تختلف عندنا عنها في الغرب وتطورت حتى صار ‏بيننا تباينا واضحا وكبيرا
فمثلا عندنا لا توجد قصة طويلة ولا حكاية بالمعنى الغربي، وقصتنا القصيرة جدا تختلف عنها ‏عندهم، فقد تكون عندهم عدة صفحات لكنها عندنا وبشكل عام لا تتعدى خمسين كلمة..‏
القصة القصيرة التي تذاع على إذاعة البي بي سي لا تتعدى خمسمائة كلمة، وبدعم من مجلة العربي ‏المعروفة، فهذا رأي نقدي مختلف بخصوص عدد الكلمات
لكن الملاحظ أن يوسف إدريس وزكريا تامر كتبوا قصصا قصيرة لم تتعدى ثلاثمائة كلمة، ومعظم ‏قصصهم لم تتعدى ثمانمائة وخمسين كلمة، وباعتبارهما الرواد والمنارة في هذا الفن قلت ما سبق
لكن بالنسبة لي التكثيف هو العنصر الأوفر حظا في عناصر القصة، النص المترهل حتى لو كان ‏أقل من أربعمائة كلمة يظل معيبا، وربما ألف كلمة مكثفة بسردية سلسة تعطي جمالا ومفعولا أفضل
تحيتي


سلام عليك أستاذة وفاء
قمت بحذف الرّابط لأنّ قوانين الواحة لا تسمح بنشر روابط لمواقع أخرى .. وكنت قد أشرت إلى أنّي قرأت ونقلت ما قرأت ولا حاجة للرّابط، ويبدو أنّك نشيطة في النّت وتتابعين..(يعطيك ألف عافية)
رأيك غير مقنع بالنّسبة لي. وليتك تذكرين لنا استنادا على أيّة نظريّات مكتوبة في القصّة العربيّة كان ردّك ورأيك ؟!

تمنّيت اعتناءك بكلماتك ومراجعتها لغويّا أكثر من هذه العناية بعدّ كلمات قصّتي التي أجزم أنّها تخلو من التّرهّل الذي أشرت إليه؛ لأنّ واحتنا هدفها الأوّل الحفاظ على لغتنا سليمة ؟
تحيّتي

نداء غريب صبري
29-08-2014, 12:10 AM
سرّاق لا يتركون من شرهم حتى الأحلام
وخرافة تتحكم بالناس

قصة رائعة رائعة وعميقة جدا
شكرا لك أستاذتي وأختي الحبيبة

بوركت

د. سمير العمري
29-06-2015, 02:07 AM
عمل أدبي قصصي مقاوم ، وفيه معالجة تصدي لألاعيب المحتل في التهام الأرض بمزاعم كاذبة وأباطيل مضللة.

كان الأداء الفني عاليا بالاتكاء على السرد الإنساني الاجتماعي وربطه بذكاء بالحالة السياسية العامة.

لا فض فوك أيتها المبدعة!

تقديري

كاملة بدارنه
07-07-2015, 12:15 AM
لله درك أديبتنا
للحرف والكلمة والمعنى والسرد والحبكة والنهاية و و و ....

صدق من قال لكلٍ نصيب من أسمه
دمت رائعـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــة
حبي وكل التقدير

ودمت بروعة حضورك عزيزتي خلود
شكرا لك ولثقتك بحرفي وتشجيعك الدّائمين
بوركت
تقديري وتحيّتي

كاملة بدارنه
07-07-2015, 12:16 AM
تحت شجرة اللّوز ... عمل أدبي قصصي ناجح بفكر ثر وسرد قوي مؤثر ومزج بين القديم والحديث وبين الأرض المسلوبة والشعب المقهور وبين العلم وفئة الدجالين والجهال
وتسلسل ذكي وتصاعد ومفاجآت تتوالى مع قراءة كل فقرة مما جعل النص شائقا ماتعا لايمل أحدنا تكرار قراءته
بوركت واليراع الفريدة أخت كاملة
تحاياي
مداخلة أعتزّ بها عزيزتي الأخت آمال
شكرا على روعة الحضور وبهائه
بوركت
تقديري وتحيّتي