تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنّي بشر



محمد حمدي
25-03-2014, 11:40 AM
إنّي بشر

إنّي بشر
(صرخة على لسان جندي... إنسان)

يا سيدي إني بَشَرْ
لا من لَظَى، لا من حجرْ
عمري سَما في زهرةٍ
أو طائر ناجَى الشجرْ
يا سيّدي ما لي إذنْ
متلوّذًا بمسدّسٍ
مِن رُفقةٍ عِشنا هنا
نحسو معا كأسَ الزمنْ
ها أحمدٌ..
كنّا هنا، نلهو صغارًا بالكرةْ
يبكي إذا ما قد جُرِحتُ، وفي المفارحِ كَرْكَرةْ
في ثَغْرِهِ، ما زالَ طعمٌ مِن رَغيفي ذاكرةْ
ما زالَ دِفْءُ الكفِّ في كفّي رنينَ مُصافحةْ
في الأُذْنِ ثَرثرةُ الليالي، ذِكرياتُ البارحةْ
ما زلتُ خارجَ مسجدٍ رَيْـثًا لِيُـنهِيَ فاتحةْ
نَرنو لأبراجِ الكنائسِ والمآذنُ صادحةْ
يا سيّدي هذا هو
ذُلاًّ أمامَكَ جاثما
في قيدِنا يَعوِي دَما
ونَراهُ وغدًا آثما
قلبي تَمزَّقَ
مثلَ هذي الخِرقةِ الخَرقاءِ
فَوقَ لَبانِهِ المَصبوغِ سَوطَ عذابِنا
دَمعي يَسيلُ
كمثلِ حُمَمٍ
مِن لهيبِ الآهِ تَلعنُ جَورَنا
ويلي أنا
يا سيدي
باللهِ كيفَ تَمدُّ كفَّكَ بالسياطِ لأجلدَهْ؟
باللهِ كيفَ تَزجُّ سيفَكَ لي فأبترُ ساعِدَهْ؟
باللهِ كيفَ يموتُ جوعًا في الليالي الباردةْ؟
يا سيدي ما ذنبُهُ؟
ذي أختُهُ عذريةُ الأوصافِ
تأمرُني لأهتِكَ عِرضَها
ذي أمُّه ولَطالما نادتْ عليّ بابْنِها
وتقولُ: فاخسفْ دارَها
وتقولُ: مَزّق طُهرَها
وتقولُ: وانسفْ رأسَها
وتقولُ: أوقدْهُم بنارٍ لا يَخفُّ أُوارُها
يا سيدي ما ذنبُهم؟
بل سيدي ذنبي أنا؟
لَوَدَدْتُ لو أبكي دمي وأنا أقبّلُ نعلَهمْ
لوددتُ لو عادَ الزمانُ وعدتُ فردًا بينَهمْ
ومزجتُ في صَفْوِ التوادِّ صليبَنا وهلالَهمْ
لكنَّهم يا سيدي بصقوا بوجهي أغلقوا أبوابهمْ
ورأيتُ نفسي وحشَ ذُعرٍ في عيونِ صِغارهمْ
وتَلطَّخَ اسمي بالحقارةِ والدناءةِ عندَهمْ
متأسّفٌ يا سيّدي
لا أنضوي كلبًا لكمْ
ولتفعلوا ما راقَكمْ
لكنْ أنا... إنّي بَشَرْ

محمد حمدي غانم
1996

هبة الفقي
25-03-2014, 03:47 PM
لَوَدَدْتُ لو أبكي دمي وأنا أقبّلُ نعلَهمْ
لوددتُ لو عادَ الزمانُ وعدتُ فردًا بينَهمْ
ومزجتُ في صَفْوِ التوادِّ صليبَنا وهلالَهمْ
لكنَّهم يا سيدي بصقوا بوجهي أغلقوا أبوابهمْ
ورأيتُ نفسي وحشَ ذُعرٍ في عيونِ صِغارهمْ
وتَلطَّخَ اسمي بالحقارةِ والدناءةِ عندَهمْ
متأسّفٌ يا سيّدي
لا أنضوي كلبًا لكمْ
ولتفعلوا ما راقَكمْ
لكنْ أنا... إنّي بَشَرْ


رائع هذا الوصف
وجميل هذا الإحساس
وراقية قصيدتك أستاذي محمد حمدي وموجعة
تقبل مروري
تقديري

محمد حمود الحميري
25-03-2014, 06:26 PM
إنها صرخة تهتز لها الجبال
بإنتظار الجديد و الرائع من عذب فيض مشاعرك

تقبل مروري المتواضع..

عبدالحكم مندور
25-03-2014, 07:05 PM
شاعرنا الرائع محمد
تص جميل يعكس شاعرية حاضرة وملكة حقيقية وحسا عاليا
أعجبني كثيرا بارك الله فيك
هنا أيها الغالي
متلوّذًا
ذُلاًّ ...جاثما
كلمات حقها الرفع

وهنا
دَمعي يَسيلُ
كمثلِ حُمَمٍ
حث كسر في التفعيلة

دمي (دما) أفضل
القصيدة رائعة
تحياتي وتقديري

محمد حمدي
25-03-2014, 11:36 PM
شكرا لتقديركم أ. هبة، أ. محمد حمود..
أسعدني أن راقكما النص..
تحياتي

أ. عبد الحكم:
شكرا لتقديرك.
نعم هناك كسر في حمم، غيرته إلى نهر..
أما الكلمات المنصوبة، فرفعها يغير المعنى:
ما لي إذا متلوذ: بالرفع تصير ما نافية، ويصير المعني: ليس لي متلوذ.. وهذا عكس المعنى، لأنه يسأل: لماذا نحن لاائذون بأسلحتنا.. أما التعبير ما له للتعجب، فيتبعه حال.
ولو قلت: ذل أمامك جاثم: فهذا يفصل لجملة عن سياقها، ويجعل الذل مبتدأ وجاثم خبره.. لكن أصل الجملة:
هذا هو جاثما أمامك ذلا
فجاثما حال بعد تمام المبتدأ والخبر، وذلا حال أيضا لاسم الفاعل العامل عمل الفعل (جاثما)، فهو حال الجثوم.
تحياتي