المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إيــــزيس ../ أحمد عيسى



أحمد عيسى
25-03-2014, 09:37 PM
تُعذبني حالاتك ,,
كم يلزمني من نظريات لتفسيرك ، كم من كتب سأقرؤها لأفهمك ، كم من بحار سأخوضها ليتسنى لي خوض غمارك ، وكم من عذرية سأفقدها لتغدو لي ، لتنسى كل امرأة سواي ..
كنت تشبهني كثيراً حين تغمز بأنفك ، حين تشعر بالحياء ، حين يشيد أحدهم بأناقتك ، حتى حين تقرأ ، حين تكون أنت ..
نعم أنا هي كل مرة ، ذاتها ايزيس ، عبر التاريخ لم أختلف ، لم تصبني فينوس بالغرور ، لم تحطمني نهاية كليوباترا ، ولم أحول عشاقي لحجارة ميدوزا ، لم أختلف بزمانٍ لأكون غيري ، ولم أكن يوماً لغيرك .
أذكرك ..
ناديتني مرة ، قلت لي : سأفعل .
ولم تفعل ، انتظرتك حتى تداعيت ، وعندما زالت آخر قطرات المطر عن معطفي الأسود ، وركبت سيارتي الصغيرة ، كنت أنت تقترب من مكان انتظاري ، بيديك زهرة التوليب السوداء إياها ، كم عذَّبَتني ، وكم تقت لأتنسم أنسامها ، لكنها كانت باردة كأنت ، لم تحمل المشاعر التي تسير مني إليك في اتجاه واحد ، اليوم أنت مختلف .
عنونت رسالتي إليك بكلمة : أكرهك
وانتهيت منها بكلمة أعشقك
خطٌ بياني ينساب من قلبي وكرامتي ، ليجعل مني دائماً : أقود للخلف ، بثثت كل كراهيتي ثم انحدرت لأعلنها صراحة ، وأنا التي لم أقلها بوجهك مذ عرفتك .
حين التقينا في المقهى القديم ، وعلى ناصية الشارع الذي شهد انطلاقتنا ، قلت لي ذات غفلة : سأبقى ، ولم تف بوعدك ، استوقفتني وأنت بلحيتك المشعثة ، خاطبت دموعي التي لم تجف ، قلتَ لها : سأعود ..
فقالت دموعي : لن تفعل ، قلتَ : ان هي الا أيام وتمضي . فقالت : وكيف تمضي . وكيف أستطيع كبح جماحي في الليالي الممطرة ، حين أراقب الجو مشحوناً بصواعق تعتمل في نفس صاحبتي ، حين تذرفني لأفارقها ، حين أنهمر كالمطر بالخارج ، حين أذهب أنا ولا أعود .
وذهبتَ ، وعدتَ جريحاً بهمٍ اسمه الوطن .
اليوم أنت مختلف ، رائحتك شهية كالبرتقال ، ذقنك الحليقة ناعمةٌ كمرآة ، ابتسامتك أحلى ، وجهك أشهى ، كلك أجمل .
تقربني منك ، فأأبى ، تحاول احتضان شفتي بكماشتين من الجنون فتهرب منك إليك .
ترتعش يداك وهي تكشف مكامن فتنتني ، تبكي أصابعك توقاً ، تنحني لأنوثتي مرة ,,
تلك التي حطمت قسوتك أسوارها ألف مرة ..
أنسيت حكمة نيتشة ، عن ذاك السوط* ، أنا أذكرْ .
فلا تذكِّرني أرجوك بكل تناقضاتك ، فأنا أذكر أكثر ..
وأنا امرأة حرة . وأنا القمر يضيء لياليك الصماء ، وأنا الشمس ، شمسك أنتْ .
يا عمراً ظل يسكنني منذ حججنا أول مرة بعد الجنة .
جحيمي أنتْ ..
لم أعد أقوى أن أكون شهيدة عذاباتك ، تقلباتك ، جنون الرجل القاطن في أعمق أعماقك ..
يا أوزوريس .. أحبني أو اتركني للأبد ..
تتملص شفاهي منك ، تلفظك ، أدفعك بعيداً عني ، أتعرى من كل شيء جاهدت لتناله ، ، أنكمش على نفسي كجنين ..
وحين أعتدل من سقطتي ، أولد مرة أخرى من جديد ، مرة أخيرة دونك .

***
يعتدل ، يزيح نظارته الطبية عن أنفه قليلاً ، يقترب مني حد الالتصاق ، النافذة مفتوحة على مصراعيها ، وجهي يتلقى صفعات الهواء البارد ، يداه تتسلل إلى صدري ، إلى قلبي المنكمش على ذاته ، يقول في دعة : فيم تفكرين .
وأجيب : في هذا الذي تمسه بيديك ، الذي امتلكت وحدك مفاتيحه ، الذي يمنحك وحدك حق الدخول بلا خروج ، أفكر كم يحتاجك أكثر .
فيضحك : تقصدين صدرك .
فأضحك بافتعالٍ ، ضحكةً مريرة مجتزأة ، ضحكةً تشبههم .
***


* «اذا ذهبت الى المرأة، فلا تنس السوط ».نيتشة

آمال المصري
27-03-2014, 10:38 AM
بسرد ماتع ولغة أنيقة وحبكة قوية انتقلت بنا عبر التاريخ لتنصف وتثبت أن حواء لن تتغير على مر العصور منذ إيزيس وقصة عشق خُلِّدت رغم القسوة والمعاناتة حتى حواء اليوم و
أصفق بشدة لقلم جميل يجيد النحت بالكلمات ليخرج لنا صورا راقية هادفة
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
31-03-2014, 11:42 AM
وحين أعتدل من سقطتي ، أولد مرة أخرى من جديد ، مرة أخيرة دونك .
القديم الجديد المتجدد في السيناريو والاحداث بفرق شاسع
هو اليراع
الذي يحلق بك لسابع سماء ويدنيك لسابع ارض ، يحملك تارة على جناح الاحلام الملونة بقوس قزح
ويلقيك تارة اخرى بين امواج العواطف المتضاربة
اسجل اعجابي الشديد من الاف الى الياء
مودتي وكل التقدير

ربيحة الرفاعي
14-04-2014, 01:44 AM
لغة قصّيّة جديدة هذه المرة، متفوقة ، متألقة، تفتح للقارئ بشاعريتها بوابة لتحليق الروح عبر أزمنة الصورة وتعاريج الخيال الذي يسكنها ويستحثه لإطلاق العنان لخياله يقابلها

هي المرأة واحدة على مر العصور ، وهو الرجل ذاته واحد على مرّ العصور
وقد أحسنت قولها في نص قصّي طابت لي قراءته

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

أحمد عيسى
27-04-2014, 08:30 AM
بسرد ماتع ولغة أنيقة وحبكة قوية انتقلت بنا عبر التاريخ لتنصف وتثبت أن حواء لن تتغير على مر العصور منذ إيزيس وقصة عشق خُلِّدت رغم القسوة والمعاناتة حتى حواء اليوم و
أصفق بشدة لقلم جميل يجيد النحت بالكلمات ليخرج لنا صورا راقية هادفة
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي


الأديبة والزميلة القديرة : أ/ آمال المصري


عانت ايزيس طويلاً من عدم الانصاف ، وربما المغالاة في عدم التقدير ، خصوصافيما كتب عنها ..
ولأنها دائماً كما يقول الأدباء سبباً في الحروب والصراعات ، فانها كما أضيف هي محرك العواطف والميل للسلام .. فمن يمتلك أسرة يفضل أن يعيش بسلام حفظاً لأسرته .
لايزيس الحب والتكريم ، ولك زميلتنا القديرة خالص الود والتقدير

نداء غريب صبري
25-06-2014, 02:12 AM
عندما ينجح القاص باستخدام الأسطورة في نصه دون أن يغرقه في الفانتازيا ولا يكون الاستخدام مجرد استعراض اسماء
يكون النجاح الكبير لأنه يجعل قصة الأسطورة خادما يساعده على توصيل فكرة قصته

لقد كتبت بروعة أخي

شكرا لك

بوركت

د. سمير العمري
13-08-2014, 12:40 AM
هو نص بأسلوب مختلف قليلا إذ جاء كحوار ذاتي وجداني واسترجاع للذكريات التي جسدت لنا معالم قصة على لسان امرأة تؤكد على أنها ذات المرأة التي خلقت من ضلعه وتحتاج إلى دفئه وسكينته.

هنا كان اللسان شاعريا يناسب مقام الحال في مخاطبة العاطفة وانتصار للمرأة كبير فأحسنت ولا فض فوك!

ودام ألقك الباهر أيها المبدع!

تقديري

رويدة القحطاني
15-10-2014, 09:18 PM
أجمل العناصر اجتمعت هنا، فالحوار الذاتي وتوظيف الأسطورة في خدمة غرض عصري جدا هو الانتصار للمرأة كلها تعاضدت ليكون النص الرائع
قصتك مميزة وأسلوبك جميل

أحمد عيسى
25-04-2015, 08:22 AM
وحين أعتدل من سقطتي ، أولد مرة أخرى من جديد ، مرة أخيرة دونك .
القديم الجديد المتجدد في السيناريو والاحداث بفرق شاسع
هو اليراع
الذي يحلق بك لسابع سماء ويدنيك لسابع ارض ، يحملك تارة على جناح الاحلام الملونة بقوس قزح
ويلقيك تارة اخرى بين امواج العواطف المتضاربة
اسجل اعجابي الشديد من الاف الى الياء
مودتي وكل التقدير

الزميلة القديرة / خلود جمعة

بين الألف والياء حروف اللغة كلها ، واختلافات المعاني ، وأزيز الأفكار المدهشة ..
أشكرك لأنك تمتلكين روحك الجميلة ، رأيك يسعدني ولا شك ..

تقبلي مني من الورد أجمله ، كوني بخير دائماً

د.حسين جاسم
03-07-2015, 12:38 AM
لغة قصّيّة جديدة هذه المرة، متفوقة ، متألقة، تفتح للقارئ بشاعريتها بوابة لتحليق الروح عبر أزمنة الصورة وتعاريج الخيال الذي يسكنها ويستحثه لإطلاق العنان لخياله يقابلها

هي المرأة واحدة على مر العصور ، وهو الرجل ذاته واحد على مرّ العصور
وقد أحسنت قولها في نص قصّي طابت لي قراءته

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

هذا رد أنصف القصة فوق أي كلام
تقديري

ناديه محمد الجابي
01-02-2019, 05:55 PM
نعم أنا هي كل مرة ، ذاتها ايزيس ، عبر التاريخ لم أختلف ،
بين انبهاري بروعة اللغة، وجمال السرد تنقلت لأهبط متشبثة بعصا تعبييراتك البديعة
طرح مائز بأداء أدبي بديع
سلم يراعك وبارك الله في قلمك وفكرك.
:0014::005::0014: