تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : طيب



هشام النجار
11-04-2014, 03:02 AM
فُتح الباب ودخل مرتبكاً فسألته الجدة بصرامة وود : ماذا ستأكل ؟
لم يفكر فى الطعام ولا يشعر بالجوع ولم يتخيل أنه سيستجيب لعروض الجدة فى مثل هذه الأحوال .
مدينة حارة بالأهوال فى لحظة حضارية أم لحظة انحطاط ، لا جوع لشئ أكثر من الجوع للحياة .. والحياة تختنق بدون كرامة .
وليس لها قيمة بدون حب ، وليس للانسان مكان بدون احترام وتقدير .
مدينة ضائعة بلا أمل يبحث سكانها عن ذواتهم بنشوة الثأر واحتقار ذوات الآخرين .
مدينة طيبة بلا طيبين ، والجدة بحركات ثقيلة تضع الوجبة الساخنة وتمنحه نظرات حانية ، ثم تجلس وهى ترسم على تضاريس وجهها ابتسامة تاريخية .
لن أذهب الى هذا الرجل ، لن أضع يدى فى يده ولن أتعامل معه ما حييت .
قال الفتى وعيناه تلمعان بالحماسة .
عينان تزدحمان بالخبرات ازدحام بيتها بالذكريات وتواريخ وسير الحروب وكؤوس وميداليات التفوق .
لا يخلو جدار من صورة أو تذكار يحكى بطولات ومهارات ومواهب بدون كلام ولا ثرثرة .
استندت على عصاها ووقفت بتدرج وبطء ، تحجب شيئاً فشيئاً صورة الابن المعلقة على الجدار ، ليتجلى للحفيد صوته فى حديث جدته الذى يجمع بين الحنان والحسم والقوة والخبرة والامتاع .
مهما كانت التضحيات نحن لا نضعف فى الأزمات ، وهذه ليست المرة الأولى التى نخوض فيها حرباً .
لا ننتصر بالكلام والشعارات انما بالأفكار .
أنظر لهذا البيت واقرأ تاريخ سكانه جيداً قبل أن تتخذ أى قرار أو تتحرك خطوة للأمام أو للخلف .
تحركت هى ببطء للأمام قليلاً ثم الى اليسار وتعود لتميل ببطء أكبر لناحية اليمين ، لتظهر أمامه صورة الأب وتختفى فى زيه العسكرى الصارم بملامح طيبة ودودة .
يستعيد الحفيد تماسكه ويستجمع خيوط أفكاره ليطرحها ريثما تنتهى الجدة من حديثها .
هذا الرجل لا يصلى يا جدتى ، ولا أراه بالمسجد ، وليس منا لأنه سكير ومعروف بمغامراته النسائية ، وأخبرنى بعض رفاقى بالمسجد أنه يسارى كافر .
أسفل الصورة المهيبة تجلس الجدة فتسرى القشعريرة بجسده ويحاول الابتعاد لتصطدم يده بأحد الرفوف لتهتز صورة صغيرة لأبيه فتتضاعف الرهبة .
يُغلق الباب ليحتويه ذلك الشعور المرير كلما فارق البيت ، ليعاوده نفس الألم الذى ضرب صدره وهو يستمع لكلمات أبيه الأخيرة .
المدينة تستحق أن نضحى من أجلها .
تستلمه روائح الأحقاد وخرائط الانقسامات ودوى الشتائم والشائعات ، كلاب أنجاس سفلة خونة عملاء سفاحون فاسدون رجعيون خراف عسكر فلول ارهابيون أشرار قتلة .
ابن ... بنت ...
يتلقى أفحش الاهانات ، يضع يده على لحيته الصغيرة .
مدينة تطفح بالكراهية .
ينظر الى سائق التاكسى بريبة وحذر ، يهم باغلاق الراديو وحجب الموسيقى اكراماً لتدينه فيطمئن له .
يتمنى العودة ويقف مشلولاً أمام الباب .
يفتح بهدوء ويتلقاه بدون ترحيب .
يكتشف فى دقائق قليلة تفاصيل فخمة واعتناء بالغ بعادات حياتية بسيطة .
رجل ملتح فى عقده السادس ، يقرأ بنشوة ، يلتهم السطور والكلمات باشتهاء ولا يثرثر .
يسلمه الرسالة فيقرأها بصمت وعناية وكبرياء .
قبل أن يغلق الباب وقعت عيناه على غرفة صغيرة ملحقة بغرفة المكتب .
لم يرَ فيها أثاث سوى سرير صغير .
وعلى المخدة البيضاء لمح سجادة صلاة ومصحف ومسبحة .

علي حسين الموصلي
11-04-2014, 09:19 PM
السلام عليكم
حبكه قصصيه جميله
تحياتي لك

ناديه محمد الجابي
12-04-2014, 07:08 PM
حيرتني قصتك ولم استطع بعد الإمساك بكل الخيوط
وقد تأملنا ذلك الشاب المتدين ذو اللحية القصيرة ( وكأنه من الأخوان)
بينما نتعرف على عائلته فنجده سليل لعائلة لا يخلو جدار من صورة
أو تذكار يحكي بطولات ومهارات ـ ويزدحم البيت بتواريخ سير الحروب
وكؤوس وميداليات التفوق ـ وتظهر صورة الأب في زيه العسكري الصارم.
ويتذكر قوله بألم.. المدينة تستحق أن نضحي من أجلها.
وعندما يغادر البيت يشعر أن المدينة تطفح بالكراهية
وهذا هو الحادث الآن في مصر .. روائح أحقاد وانقسامات .. كل يتهم الآخر
سفلة ـ خونة ـ فاسدون ـ رجعيون ـ فلول ـ خراف ـ عسكر ـ أرهابيون ـ أشرار ـ قتلة
لم تعطنا أي إشارة نفهم منها من هذا الرجل الذي لا يريد الذهاب إليه أو التعامل معه
لأن ما سمعه عنه إنه لا يصلي ـ سكير ـ معروف بمغامراته النسائية ـ وأتهموه رفاقه بالمسجد إنه يساري كافر.
ولكنه عندما ذهب إليه أكتشف إنه ملتح ولمح على سريره سجادة صلاة ومصحف وسبحة.

من الواضح إني لم أفهم القصة بعد ـ كل ما فهمته هو ذلك الوضع الشائك الموجود الآن
اختلافات وأتهامات وأحقاد .. كل يكذب على الآخر
أتمنى أن يصل غيري للمعنى والمغزى وأتمنى أن أفهم بوضوح ما قرأت
وعندئذ ستكون لي عودة أخرى لقصتك.
تحياتي وتقديري.

هشام النجار
12-04-2014, 07:24 PM
السلام عليكم
حبكه قصصيه جميله
تحياتي لك

شكراً جزيلاً للحضور والتوقيع الثرى اخى الكريم على الموصلى
ادام الله هذا العطاء وهذا التواصل الرائع .
تحياتى ومودتى

هشام النجار
12-04-2014, 07:54 PM
حيرتني قصتك ولم استطع بعد الإمساك بكل الخيوط
وقد تأملنا ذلك الشاب المتدين ذو اللحية القصيرة ( وكأنه من الأخوان)
بينما نتعرف على عائلته فنجده سليل لعائلة لا يخلو جدار من صورة
أو تذكار يحكي بطولات ومهارات ـ ويزدحم البيت بتواريخ سير الحروب
وكؤوس وميداليات التفوق ـ وتظهر صورة الأب في زيه العسكري الصارم.
ويتذكر قوله بألم.. المدينة تستحق أن نضحي من أجلها.
وعندما يغادر البيت يشعر أن المدينة تطفح بالكراهية
وهذا هو الحادث الآن في مصر .. روائح أحقاد وانقسامات .. كل يتهم الآخر
سفلة ـ خونة ـ فاسدون ـ رجعيون ـ فلول ـ خراف ـ عسكر ـ أرهابيون ـ أشرار ـ قتلة
لم تعطنا أي إشارة نفهم منها من هذا الرجل الذي لا يريد الذهاب إليه أو التعامل معه
لأن ما سمعه عنه إنه لا يصلي ـ سكير ـ معروف بمغامراته النسائية ـ وأتهموه رفاقه بالمسجد إنه يساري كافر.
ولكنه عندما ذهب إليه أكتشف إنه ملتح ولمح على سريره سجادة صلاة ومصحف وسبحة.

من الواضح إني لم أفهم القصة بعد ـ كل ما فهمته هو ذلك الوضع الشائك الموجود الآن
اختلافات وأتهامات وأحقاد .. كل يكذب على الآخر
أتمنى أن يصل غيري للمعنى والمغزى وأتمنى أن أفهم بوضوح ما قرأت
وعندئذ ستكون لي عودة أخرى لقصتك.
تحياتي وتقديري.

القصة حيرتنى أكثر منك سيدتى الكريمة الفاضلة أستاذتنا نادية الجابى .
انتظرت بالفعل من يساعدنى لحل الرموز وفك الشفرات والدفع باتجاه الحل والخطة التى تمنع هذا الجنون والهوس .
انها حرب بالفعل وأخطر من أية حرب خاضها المصريون ، فالحروب السابقة عادية بالمقارنة بما يحدث اليوم وقد كنا نحارب عدوا واحدا ظاهرا لنا يتوحد المصريون ضده ، واليوم يقتل المصريون بعضهم بعضا ويثار هذا المصرى من ذاك وذاك من هذا تحت عناوين ومسميات شتى فهذا يسارى وهذا اسلامى وهذا ليبرالى وهذا مدنى وهذا عسكرى .
أنا أبحث هنا عن الحل والخطة المصرية التاريخية الموغلة فى القدم التى نجح المصريون بها مواجهة واقع شبيه من انقسامات ومواجهات وفتن داخلية ، فلم أرضَ بأقل من أن يكون الاسلامى ابناً للعسكرى كلاهما بعضهما من بعض ولن تتوحد الامة الا بمثل هذا الشعور وهذا التلاحم فالدم واحد والهم واحد والمخاطر واحدة والمصير واحد .
اما الخطة فيتردد الاسلامى فى قبولها وهى محاولة استعادة ثقة التيارات الفكرية بعضها ببعض وازالة الهواجس ومحو الظنون السيئة المبنية على صورة ذهنية قديمة راسخة فى عقلية معظم التيارات فى مصر ، حيث يكفر هذا ذاك ويظن الاسلاميون فى اليساريين والناصريين أنهم أبعد الناس عن الدين والاخلاق .
وهذا الامر أنا عايشته عن قرب فقد اختلطت بكثير من المثقفين والكتاب والمفكرين اليساريين والناصريين فوجدتهم محبين للدين ومواظبين على الصلام ومعظمهم ملتزم أخلاقياً ويأنف من اقتراف المعاصى والقلة النادرة فيهم المنفلت أخلاقياً .
هذا التغيير فى علاقة الصدام والشحن والرغبة فى الثأر والاقصاء - خاصة بين اليساريين والاسلاميين وهى التى حدثت بسببها معظم النكبات السياسية فى الواقع المصرى قديما وحديثاً وآخرها ما يحدث اليوم - لن يحدث الا بالاقتراب أكثر وازالة الحواجز واقامة جسور التواصل والتعايش عن قرب بين هذا وذاك ، اما البقاء هكذا كل فى جزيرة معزولة عن الآخر فسيظل من السهل ضرب هذا بذاك والدس بينهما واشعال الفتن وتوظيف هذا الخصام التاريخى لمصالح سياسية .
الضابط الاب استشهد فى مواجهة من مواجهات الكراهية والثأر على الارض وهو ليس له مصلحة سياسية انما متجرد ويسعى لانقاذ المدينة والوطن وقد ترك وصيته للجدة - الام - ويشهد تاريخ العائلة بان خطة التوافق والتوحد هذه هى خطة مصرية تاريخية اصيلة ، فلن ينتهى الهوس والانقسام والكراهية والاحقاد والثأر الا بالبحث والسعى والاقتراب والمبادرة . وعدم التردد فى الذهاب .. فهو ليس ذاهب لعدو لدود - وقد ذهب السادات لعقر دار اليهود - فما ظنك وهذا يسارى مصرى قد نجد قواسم مشتركة وقد نتفق على حد ادنى من مقاصد عليا مشتركة ننطلق منها وونقذ المدينة من هذا الجنون . وقد نكتشف أكثر مما كنا نتوقع وما لا يتوقعه الكثيرون فاليسارى الذى يظنه ويعتبره الكثيرون مخاصما للدين وكافرا فى بعض الروايات صاحب علاقة خاصة بربه لكن كل يعبد الله بالصورة وبالمنهج الذى فهمه وقرأه وليس كل مسلم هو من ينتمى لجماعة او تنظيم او حزب اسلامى والاسلام علمنا ان هناك من يخدم الاسلام وقضاياه وظننا فيه أنه بعيد كل البعد عن الالتزام والتدين . ثلاثتهم يبحثون عن خطة فى هذا المناخ الاستئصالى الكئيب وتاريخ مصر وموقعها يساعدهم كثيراً على نجاحها ، لكن البداية هى اكتشاف الآخر ومعرفته والاقتراب منه .
شكرا جزيلا سيدتى الكريمة ، ويسعدنى دائماً حضورك ومشاركاتك القيمة .
لك خالص التحية والتقدير

ناديه محمد الجابي
12-04-2014, 08:26 PM
آاااااة .. أيها الأخ الفاضل ـ لقد نكأت الجرح الذي ينزف بغزارة ـ وأنا في أشد حالات الألم
والتألم لما يحدث في مصر وهى بلدي وموطني ـ وفي ليبيا حيث أعيش وهى بلد أولادي
والبلدين يحدث فيهما نفس السيناريو بالظبط ما يحدث هنا يتكرر فعله هنا . ولكن تبقى
مصر بجيشها ومؤسساتها ن لكن ليبيا التي تفتقد إلى الجيش والمؤسسات فقدت كل المعالم
التي كنا نفتخر بوجودها فيها ـسلاح منتشر في كل مكان .. قتل وخطف وتفجيرات مفجعة
في الليل والنهار ، وأمن ضاعت ملامحه .. جثث تكتشف مذبوحة من الأذن إلى الأذن
ومكتوب على الجثة .. ذبح في سبيل الله ـ هذه هى المصيبة إنهم يحسبون أنهم يحسنون
صنعا ـ وأن ما يفعلونه هو لأرساء الدولة السلامية ـ على جبل من الجثث مادام الجميع كفار
أنا أيضا أسأل .. هل ينتهي الهوس والأنقسام والكراهية والأحقاد .. هل هناك أمل؟؟!!!
أتمنى ذلك من كل قلبي
ولك كل الشكر أيها المفكر الكبير والأخ العزيز
وفرج الله كربة كل الوطن العربي إن شاء الله.

آمال المصري
13-04-2014, 12:10 PM
مهما كانت التضحيات نحن لا نضعف فى الأزمات ، وهذه ليست المرة الأولى التى نخوض فيها حرباً .
هناك فارق كبير إذا قيلت تلك الجملة من أيهما رغم أن الضحايا واحدة " الشعب "
فالإسلامي يضحي بروحه والعسكري يضحي بأرواح الآخرين ... هذا ما أقرأه على ساحة الأحداث
تابعت الحوارية المفيدة هنا والتي أثرت النص وأضاءت جوانبه
شكرا لك أديبنا الفاضل
تحاياي

كاملة بدارنه
19-04-2014, 09:10 PM
الصّراعات بين التّيارات الفكريّة المختلفة عامل سلبي في التّطور بحميع أحواله إذا ما انتشرت بين أفراد الأمّة الواحدة .
سرد من صميم الواقع ...
بوركت
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
30-04-2014, 01:48 AM
لو تخلصنا قليلا من الفكر الإقصائي لنجحنا في رؤية الآخر بوضح يعين على الوصول لنقاط التقائنا وإياه، وما أكثرها بين النقائض إن أرادت العيش بسلام ومحبة

قصة عظيمة المحمول
ولعلها تشهد بعصف ذهني تعرض له بعض الإسلاميين جعلهم يرون حقيقة لم يكونوا يرونها في الآخر المسلم الواقف في معسكر سياسي آخر .. أن الدين لله وأنا جميعا عباده وعبيده

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

ربيحة الرفاعي
30-04-2014, 01:48 AM
لو تخلصنا قليلا من الفكر الإقصائي لنجحنا في رؤية الآخر بوضح يعين على الوصول لنقاط التقائنا وإياه، وما أكثرها بين النقائض إن أرادت العيش بسلام ومحبة

قصة عظيمة المحمول
ولعلها تشهد بعصف ذهني تعرض له بعض الإسلاميين جعلهم يرون حقيقة لم يكونوا يرونها في الآخر المسلم الواقف في معسكر سياسي آخر .. أن الدين لله وأنا جميعا عباده وعبيده

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

هشام النجار
30-04-2014, 12:17 PM
هناك فارق كبير إذا قيلت تلك الجملة من أيهما رغم أن الضحايا واحدة " الشعب "
فالإسلامي يضحي بروحه والعسكري يضحي بأرواح الآخرين ... هذا ما أقرأه على ساحة الأحداث
تابعت الحوارية المفيدة هنا والتي أثرت النص وأضاءت جوانبه
شكرا لك أديبنا الفاضل
تحاياي

أستاذتنا الفاضلة الأديبة الكبيرة آمال المصرى .. لكل فريق تأويلاته ورؤاه وصدقينى أن الجيش يقوم بما يقوم به وهم على اقتناع كامل بأنهم يخدمون فى ذلك الدين والوطن كالاسلاميين تماماً ، وهذا يرى ذاك على خطأ وخطر والعكس ، واريد هنا أن اعرض سريعاً لمجموعة نقاط محورية مهمة على خلفية طرحك وأظن أنها نالت الكثير من بحثى واستقصائى لهذه القضية : أولاً : الاسلاميون دائماً يخسرون بسهولة علاقتهم مع الجيش ومؤسسات الدولة ومن السهل جرهم للصدام مع الدولة فيما يحافظ الآخرون على علاقتهم المتوازنة مع الدولة ويضعونها فى الاولويات مثل الاقباط والناصريين . ثانياً : الاقليات سواء الدينية او الفكرية او السياسية تدرك انها خاسرة بلا شك فى اى استحقاق جماهيرى فى مناخ ديمقراطى شفاف ووضع طبيعى يشارك فيه الاسلاميون اصحاب الجماهيرية الواسعة والتاثير الكبير فى الشارع ، لذلك يلجأون لنفس الحيلة المكررة ويوقعون الفتنة بين الدولة والاسلاميين وبين الجيش والاسلاميين لاقصائهم من الساحة لتخلو لهم وحدهم وصار هذا الفخ مكرر يقع فيه الاسلاميون على الدوام طيلة عقود بنفس السيناريو تقريبا . ثالثاً : تحافظ الاقليات على اوضاعها وامتيازاتها وكياناتها من التفكك او الانقسام او الانهيار او التعرض لمحن وصدمات وضربات موجعة وعلى رأسها الاقباط والناصريين والليبراليين فيما يظل الاسلاميون يخرجون من محنة كبيرة ليدخلوا فى اخرى ، واذا كان هذا من الذكاء السياسى للأقباط وغيرهم فلماذا لا يتحلى الاسلاميون بهذا الذكاء ويلعبون ذات اللعبة لحماية الحركة من الصدمات والضربات الكبيرة التى تكررت على مدى عقود بصورة تدعو للعجب والاندهاش ولا تثير الرثاء والشفقة انما الامتعاض والاستهجان لسوء ادارة الصراع السياسى مع الآخرين وجنى الخسائر مرارا وتكرارا فيما يظل الآخرون محافظين على امتيازاتهم وابنائهم ورموزهم واموالهم ومقراتهم .. الخ . رابعاً : عرضنا كثيرا لصيغة تحالف الدعوة مع الدولة وانا على قناعة تامة بان الدولة اقرب الى الاسلام والحس الاسلامى والتوجه الاسلامى اكثر من التوجهات الاخرى لاقامة تحالفات طويلة واستراتيجية لاسباب تاريخية واجتماعية وسياسية ولتصبح اكثر قوة فى تعاملها مع الغرب والولايات المتحدة التى تستخدم ببراعة ورقة الاقليات للضغط والمساومة والابتزاز . وهذا التحالف اقتضى من الاسلاميين ولا يزال يقتضى بعض التنازلات بشأن السلطة وحجم المشاركة فيها وقبول شراكة الجيش فى صنع القرار الذى يصب فى النهاية فى المصلحة الوطنية ، واذا قارننا بحجم الفساد والمفاسد الناتجة عن الصدام واقصاء الاسلاميين وتحكم الآخرين فى المشهد بالمقارنة ببعض المفاسد القائمة والمتوارثة والتى تحتاج لنضال ممتد على طريق الاصلاح السياسى المتدرج الذى يؤمن به بالفعل قادة الجيش الذين لا يقبلون بنظرية الهدم او التحول السريع او الاحلال والتبديل او المنهج الثورى السريع فى التغيير . خامساً : صنع الاسلاميون كثير من الفزاعات وصنعوا لانفسهم المحن وهى لم تكن من صنع خصومهم وحدهم انما بسبب اسلوب تعامل الاسلاميين مع الاحداث والمنهج الذى تبناه الاخوان فى البداية وانتهى اليه الجميع اليوم وهو اما نحن او هم أو كما قال الشيخ سيد قطب رحمه الله عن الضباط " اما نقضى عليهم أو يقضوا علينا " ، بالرغم منن حاجة الضباط للاسلاميين والالحاح كثيرا على هذه الشراكة والتحالف معهم فهم افيد لهم واوثق من غيرهم ، وقد فعلها عبد الناصر الذى ظل سنوات يلح على هذه الشراكة بطريقة متوازنة ومرحلية ، ولدى معلومات اكيدة - لاننى كنت فى مطبخ الاحداث الاخيرة نظرا لموقعى القيادى فى حزب البناء والتنمى كمتحدث باسم الحزب حتى تاريخ 23 اغسطس الماضى - انه كانت هناك محاولات مثيلة من الجيش مع الاخوان والاسلاميين لاقامة هذه الشراكة المتوازنة والقبول بتمثيل متجانس ومتناسب لكن قوبل بالرفض من الاسلاميين فى قصة يطول شرحها لاسباب متنوعة .
شكرا جزيلا على حضورك وتوقيعم المميز اديبتنا الفاضلة .. تحياتى وتقديرى .

هشام النجار
30-04-2014, 12:20 PM
الصّراعات بين التّيارات الفكريّة المختلفة عامل سلبي في التّطور بحميع أحواله إذا ما انتشرت بين أفراد الأمّة الواحدة .
سرد من صميم الواقع ...
بوركت
تقديري وتحيّتي

مرحباً بالأديبة والمفكرة الكبيرة أستاذتنا كاملة بدارنة .. تتميز النصوص وتتألق بحضوركم وتعليقاتكم البهية .
شكراً جزيلاً مع خالص التحية والتقدير .

هشام النجار
30-04-2014, 12:26 PM
لو تخلصنا قليلا من الفكر الإقصائي لنجحنا في رؤية الآخر بوضح يعين على الوصول لنقاط التقائنا وإياه، وما أكثرها بين النقائض إن أرادت العيش بسلام ومحبة

قصة عظيمة المحمول
ولعلها تشهد بعصف ذهني تعرض له بعض الإسلاميين جعلهم يرون حقيقة لم يكونوا يرونها في الآخر المسلم الواقف في معسكر سياسي آخر .. أن الدين لله وأنا جميعا عباده وعبيده

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

نعم سيدتى الفاضلة واستاذتنا الكبيرة .. والقضية فى مجملها صراع سياسى ينجح للاسف فيه دائما الناصريون والليبراليون ، وليس صراعاً دينياً كما يصوره البعض ، وتحويله لدينى عقائدى وتصوير الآخرين كأنهم كفرة وخارجين عن الملة واحتكار الاسلام والقرب من الله .. الخ اضر بالقضية كثيرا ، وهناك أرضسة وقواسم مشتركة مع الآخرين يمكن الانطلاق منها بدون مزايدات تأخذ اصحابها الى خارج السياق والواقع .
شكراً جزيلاً أستاذتنا الكبيرة على هذا الطرح القيم الراقى كعهدنا بك .. تقبلى خالص التحية والتقدير .

خلود محمد جمعة
05-05-2014, 02:04 AM
التضارب الفكري والفهم الديني الخاطئ والتداخلات الداخلية والخارجية المغرضة
والتاريخ المشوه والصراع بين الاجيال والمعتقدات خلق حالة من الفوضى في الشارع العربي كله
قصة لها ابعاد فكرية عميقة
دام اليراع جادا
دمت بخير
مودتي وتقديري

نداء غريب صبري
04-07-2014, 06:12 PM
يساريون - كفرة - منحرفون
هكذا يريدون لنا أن نراهم، وهكذا يراهم كل من لم يقف على محك يجعله يعرف أنه يساريون أو ناصريون أو حتى بعثيون فكرا سياسيا وليس دينا، وأن منهم المتدينين مثلا وأكثر

قصة رائعة أخي - حفظك الله وحفظ قلمك الصادق

شكرا لك

بوركت

رويدة القحطاني
30-08-2014, 12:56 AM
نحن بشر لا نستحق الدنيا التي خلقنا الله لنعمرها
لا يطيق أحدنا الآخر، ويتصور كل منا أنه على الحق وغيره ضال
ولا نصدق أن من يقف في في الجانب الآخر يعرف الله الذي نعرفه ويعرف الحق كما نعرفه ويريد الخير مثلنا
قصة رائعة

د.حسين جاسم
14-09-2014, 01:37 AM
تكفير الآخر الذي يحمل فكرا سياسيا مختلفا، هو وسيلة الخصم المخترق لصفوف الإسلاميين لخلق عداءات تعطل مسيرتهم وتعرقل مشاريعهم، لهذا أصبحوا حتى كإسلاميين فرقا تؤمن كل منها أنها الوحيدة الناجية وتكفّر غيرها .

أنت قاص رائع ونصوصك هادفة وهامة
أحييك

وليد مجاهد
28-09-2014, 03:41 AM
نصم آذاننا ونغلق عقولنا في وجه الآخر، ونشتمه ونكفره وننكر عليه حقه في الحياة
ثم نستغرب لماذا تتقدم الأمم ونبقى في أماكننا مرابطين

الذي لا يعيد حساباته عندما تقول الحقيقة أنه مخطئ لا يستحق الحياة

قصة رائعة

محبتي وتقديري