تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النمل الفارسي



فتحي العابد
12-04-2014, 07:05 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
النمل الفارسي
كنت متكأ على سدة حجرية ورجلاي في التراب أمام منزل والدي في الريف، أراقب عن كثب النمل الفارسي، وتصديه لطريقتي في قطع سبيله.. فقط أحاول تحويله عن وجهة حفرته، بأن أسد منافذها بالطين، ثم لايلبث أن يجد طريق آخر فيسلكها، وبعد أن يجف الحاجز تماما، يتمكن من إعمال آلاته الخاصة بالحفر فيه..
ولفت نظري هاته النملة التي كانت تجوب المكان من حولي تبحث عن شيء ما.. لا أظن أنها تعرفه.. ولكنها تبحث وتبحث.. لا تكل، ولا تمل..
وأثناء بحثها عثرت على بقايا وزغة كنت قتلتها البارحة ورميتها.. وبالتحديد ذيلها..
دنت منه، تحسست المكان وكأنها تريد أن تعرف هل يوجد غيرها من يريد تلك البقية، أو فقط لاتريد أن يراها أحد، وأعملت فيه قوارضها لتسحبه.. تحاول أن تحمله إلى حيث مطلوب منها في أن تضعه.. مجتهدة في عملها وما كلفت به..
تحاول.. وتحاول..
وبعد أن عجزت عن حمله أو جره ذهبت إلى حيث لا أدري واختفت..
وسرعان ما عادت ومعها مجموعة كبيرة من النمل.. فهمت أنها استدعتهم لمساعدتها على حمل ما صعب عليها حمله، فأردت أن أعرف رد فعلهم بإخفاء ذيل الوزغة..
فأخذت هي ومن معها من النمل بالبحث عن الذيل هنا وهناك.. حتى يئسوا من وجوده فتفرقوا.. أرجعت ذيل الوزغة في المكان نفسه.. عادوا بسرعة وكأنهم رأوه من مكان ما، وأخذوا يدورون حوله وينظرون إلي وكأنهم محذرين أياي المساس به، ومحاولة اللعب عليهم.. ثم حاولوا جره من جديد..
رفعته مرة أخرى وأخفيته رغم بقاء البعض منهم ملتصقا بالذيل..
استدار النمل حلقة وكأنهم يتشاورون في أمر ما.. ثم هجموا علي بسرعة شديدة.. وعملوا في أطرافي قرصا وعضا مما اضطرني إلى الهرب والإبتعاد عن تلك البقعة وصب الماء على رجلي ويدي اللاتي عملت فيها قوارض النمل عملها..
سبحان الله حتى أمة النمل لاتقبل الظلم، بل كبيرة يعاقب صاحبها..
فردد قلبي قبل لساني قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}. حقا أمم أمثالنا، وأي أمم؟
فازداد إعجابي بها، وهي التي لم أرها يوما تخطط للتوسع على حساب الآخرين سواء في المنزل أو خارجه.. وقررت من ذلك اليوم التهاون مع تلك الكائنات التي لا تنازعني في شيء..

ناديه محمد الجابي
12-04-2014, 09:34 PM
كلما تأملنا في الكون حولنا ـ نرى عظمة الخالق حتى في أضعف مخلوقاته
ألا تستحق هذه النملة الذكية أن تذكر في القرآن ... وسبحان الله..
قصة طريفة وأداء قصي لطيف ـ سرد جميل وفكر عميق
دام إبداعك.

فتحي العابد
13-04-2014, 09:03 AM
شكرا أستاذة نادية على المرور
كلما تأملنا فقط حوالينا لعرفنا الله

خلود محمد جمعة
20-04-2014, 12:50 AM
رمزية ذكية بفكرة عميقة
اسجل اعجابي
دمت بخير
مودتي وتقديري

فتحي العابد
20-04-2014, 11:18 AM
شكرا أستاذة خلود على المرور
أسعدني إعجابك بما خطت يميني

مصطفى حمزة
20-04-2014, 12:15 PM
أخي الأكرم الأستاذ فتحي
أسعد الله أوقاتك
تأمل ذكيّ فيه اعتبار ، وسرد سلس جميل ، أحوجه التهذيب من عبارات الوعظ مع الإلماح إليه فقط بفنيّة
سقطت في النص بعض الأخطاء اللغوية :
- وكأنهم محذرين = محذرون
- رجلي ويدي اللاتي = التي
تحياتي

فتحي العابد
20-04-2014, 10:41 PM
شكرا أستاذ مصطفى
بارك الله فيك على الملاحظات والتصويب
جعله الله في ميزان حسناتك

ربيحة الرفاعي
30-04-2014, 01:02 AM
تأملية موفقة في مشهد إن كان حقيقيا فقد أحسن الكاتب التقاطه وإن كان مؤلفا فقد أحس رسمه بما يصل به للمتلقي محمّلا بالقدرة على التأثير فيمن يعي
بعض اشتغال عليه لتخفيض صوت الراوي كان ليجعله أجمل

دمت بخير أيها الكريم


تحاياي

فتحي العابد
30-04-2014, 09:08 PM
شكرا استاذة ربيحة
بارك الله فيك أنك شكرت في كلا الحالتين
دمت متألقة كما عهدتك

د. سمير العمري
18-05-2014, 05:17 PM
نص فيه التسلية والعبرة قرأته مهتما مستمتعا. وكان النص بتقديري وبرغم العبرة التي حمل بحاجة لبعض معالجة أفضل ليتحول من باب الحكي إلى باب القص الأدبي ، وشرحك المقصود في آخر النص أضعفه عموما.

كنت قلت في قصيدة لي:

مَـــــا لِـلـعُـرُوبَــةِ حَــــــطَّ طَــائِــرُهَــا
غَــضَّ الجَـنَـاحِ مُطَـأْطِـئَ الـــرَّأْسِ
أَظْــــفَــــارُهُ بِـــالـــخَـــوفِ قَــلَّــمَــهَـــا
وَاخْـتَــارَ قَـلْــعَ الـنَّــابِ وَالـضِّــرْسِ
أَغْــضَــى وَكَــــفُّ الــــذُّلِّ تَـلْـطـمُــهُ
فَـالـقَـدْرُ بَـيــنَ الـنَّـهْـشِ وَالـنَّـهْـسِ
إِنَّ الــحِــمَــارَ إِذَا أُسِــــــيءَ لَـــــــهُ
رَدَّ الإِسَــــــاءَةَ عَـــنْـــهُ بِــالــرَّفْــسِ
وَالـبَّـغْــلُ يُــحْــرِنُ حِــيـــنَ نَـجْــلــدُهُ
وَالـــدُّودُ يُـنْـتِـنُ سَـاعَــةَ الــدَّعْــسِ
وَالــــحُــــرُّ أَكْــــــــرَمُ أَنْ يُـــنَـــازِعُـــهُ
غِــــرٌّ فَـكَـيــفَ الــنَّــزْعُ بِـالـطَّـمْـسِ

تقديري

فتحي العابد
18-05-2014, 08:50 PM
شكرا أستاذ سمير
أبيات توحي عكس مانحن عليه الآن، فقد قبلنا الرفس والضرب، بل قلع أظافره من الخوف عضا ونهشا
شكرا جزيلا

عدنان الشبول
22-05-2014, 11:01 PM
أسلوب قصصي جميل ومحبب وخفيف على النفس ، لا تكل منه ولا تمل ، وتوظيف جميل جميل جميل


دمتم مبدعين



ألف تحية

فتحي العابد
23-05-2014, 10:56 AM
شكرا الاخ عدنان على المرور

نداء غريب صبري
14-07-2014, 06:25 PM
قصة جميلة فيها تأمل لصورة حية
أسلوبها جميل
لكن في نصحها مباشرة

شكرا لك أخي

بوركت

فتحي العابد
14-07-2014, 09:58 PM
شكرا أخت نداء
أتمنى أن نسمع النداء