تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحرباء / وفاء عرب



وفاء عرب
14-05-2014, 04:59 PM
وصل إلى مكتبه وبوادر القلق الشديد ترتدي ملامحه، صرخ طالبا قهوته، وأشار بعصبية لموظفي مكتبه من أجل المغادرة. باشر بدراسة الملف الأحمر!.. بعد فترة وجيزة، دعى لاجتماع عاجل مع مساعديه..
دخل إلى قاعة خاصة.. ألقى التحية وبانفعال مرتبك: اجلسوا أيها القادة.. اجلسوا.. أرجو أن تصغوا إلى كلامي جيدا.. نريد أن ننفذ كل خطوة في ملف (الحرباء)!..
إن كل ثانية تمر ترسم تفاصيل مختلفة على خارطة عالمنا الجديد، العمل بدقة ضروري؛ نريد الاستفادة من هذه النكبة.. الكارثة.. كذبة نحولها إلى حقيقة.. نظر إلى الوجوه المشدودة إليه وإلى حركات يديه، ثم أردف بهدوء صارم: نحتاج كثيرا لحملة إشاعات دقيقة نشنها وأقلامنا الصديقة المتعاونة ضد هؤلاء الجرب.. الفرصة الآن أمامنا باتت قوية لإلصاق كلمة إرهابي بالهمج..
انتهز مستشاره فرصة صمته قائلا بلا تلعثم: الحربـ اء أهم من يشكل ويلون التاريخ..
بخبث سرق أحد الضباط الانتباه: سيدي لقد نطقت الحق، اعتبارا من اليوم التاريخ يكتب، الآن طائراتنا وصواريخنا تدك حصون الظلام في تلك الجبال الحقيرة..
سوف ننجح ونرفع نخب دمارهم الذي لابد من تحققه.. وأشار إلى مساعده الأيسر ليقول ما عنده
سيدي! لقد قمت بجمع ما هو مطلوب بالتنسيق مع الحلفاء عبر الاتصالات السرية، كي يقدموا التبرعات اللازمة لدعم اللاجئين بالخيام والغذاء.. حلفاؤنا دائما كرماء؛ دعمونا كما يجب، الميزانية عامرة وجاهزة، جزء يسير منها مخصص لدعم طائرات قذف الطعام من الجو لهؤلاء النعاج، الذين ليس لهم ناطح ولا خابط..
انفجر الجميع بقهقهة سكنت بنظرة من الجنرال، إذ علت نبرة صوته بحدة وقسوة: لا بد من فرض الحصار وصولا إلى العزلة، على قواتنا أن تكثف القصف ليتم تكثيف الدعم!..
مسئول آخر في الجيش: سيدي.. لا ضير حين يضحك البحر على موج لا يملك غير الغرق بجهله في الشاطئ.. لقد استطعت أن أجمع رجالا ونساء في بلادنا وأشكل منهم قوات شيطانية؛ من أتباع الخمر ولقطاء الشوارع، تجار مخدرات من القتلة المحكومين بالمؤبدات، وكل المصابين بالأمراض المزمنة!.. سيتم تدريبهم خلال فترة وجيزة، ثم نزجهم..
قاطع المنسق الإعلامي بطريقة لبقة: لقد أعددت برامج مع أبرز مثقفينا ونسقت فترات ظهور الرئيس على الشاشة، مع شيء من ألم ودمع ليرسم السلام لشعوب العاطفة، سأبذل جهدا لترسيخ شعار: نحمل الشعلة لنضيء للآخرين.. بالحرية نقضي على الظلم.. نستأصل الإرهاب؛ العدو القبيح الذي شرع وأباح القتل بالمجان!..
استمر الاجتماع لساعات، انزوى بعدها الجنرال يتابع الأحداث.. يدون ما حققه بطريقة خاصة عبر أجهزة المتابعة السرية.. تلتمع عيناه.. ينظر بنشوة إلى صور الأشلاء والقتلى التي خلفتها آخر الغارات الجوية، ابتسم وتمتم بكلمات النصر وهو يشاهد مدنين تحت الأنقاض.. في غياب فرق الإنقاذ، ارتشف بزهو شيئا من نبيذ فاخر، عندما رأى القرى وقد سويت بالأرض، لم يعد يسكنها الهواء!.. يواصل التقرير: هنا لا يمكن أن تنصب خيام حتى من ورق الشجر.. الجبال حجارتها حولت لرماد، لم يبق سوى الصقيع ليقضي على ما تبقى من هؤلاء المخربين.. حتى الصقيع لن يقئهم من لهيب القصف..
قطع خلوته اتصال من الرئيس..
- عمت مساء أيها القائد.. لا بد أنك تعلم أننا نتعرض لحملة من منظمات حقوق الإنسان وقد صنفت أنت كمجرم حرب، وعليه .. يؤسفني أن أخبرك أنه تم إعفاؤك من مهام منصبك!..
ارتبك.. أخذ يتصبب عرقاً وتسارعت أنفاسه: ســـــــ يدي الر....
- أعلم أنك حققت بعض الأهداف وأن قواتنا قتلت في أولى أسابيع الحرب ما يقرب من خمسة آلاف من الغوغاء لكن.. الصورة العالمية تتطلب بعض تضحية، لدينا الآلاف منك.. وليس لدينا غير إسراريكا واحدة!.. تعلمت أن اخسر الجمال لأربح الأجمل!..
-: هل نسيت أنك ما كنت لتصل كرسي الرئاسة بغير جهودي، وأنك لم تكن لتدخل ذلك البيت بدوني وأعواني!.. كنت أعلم أن الفجيعة حطام ينفي لخارج الزمن!.. لكنني لم أكن أحسبك خلفي!..
حسبتك تعلم أيها الجنرال أنني رجل الرصاص فهل سمعت رصاصا يتحدث بغير لغة النار!.. تنفس بالأنف الآخر.. إن الحياة لا تحتضن الشرفاء!..
وقف الجنرال مشدوها، تلفت حوله ثم هوى بقبضة يده على المنضدة صارخا: يا للخسة والنكران! هذا الحثالة اللا شيء، يقيلني.. يعفيني من منصبي؟!.. لقد بذلت وقدمت الولاء والمكر الحركي بإخلاص، سخرت مؤهلاتي المكتسبة من بعض الجواسيس والقتلة.. كنت بإشارة من سيجارة أخنق بسموم دخانها الأنفاس، أعدمت كل فكرة حية حاولت أن تتطاول عليك أيها الوغد.. قدمت لك كل شيء.. وأي شيء مع جهاز عمل تحت سلطتي.. الآن لابد لي من إيقاظ كل خلية نائمة.. ما زلت أقبض على بذور الفتنة.. لدي المحرك السري للألسن المزدوجة، لسوف أجعلها تنفث السموم، كالأفاعي وتلتف حول عنقك.. تعصرك كفأر.. تهيئك كي أبصق عليك، قبل أن تصل إلي ايها المعتوه، هه.. لم تعرف بعد أن الوقوف في وجه العاصفة باهظ ثمنه.. سأقطع رأس الــ ..
قطع صدى صوته الممزق صوت بابه يغلق.. ساد هدوء..
آه .. من!.. كيف دخلت إلى هنا؟!.. اضطرب الجنرال اضطراباً شديداً وكأنما فرغ المكان إلا من لحظات انتصبت واقفة..
لا يمكن.. كيف! آ....... ما هذا... لا تفعل.. لا...................
بعد دقائق تصدر الإعلام خبر تعرض الجنرال لنزف دماغي حاد، دخل على إثره العناية الفائقة...
الرئيس يعرب عن أسفه، اجتماع عاجل..
تحديد موعد الاحتفال بالرجل المناسب، وغدا.........
................
جنرال آخر!..

د. مختار محرم
14-05-2014, 05:33 PM
الشاعرة والأديبة القديرة وفاء عرب .. لا أدري أأحتفي بالنص أم بصاحبته
مرحبا بك أستاذتي القديرة في واحة الفكر والأدب والكلمة الراقية .. وسأعود لقراءة النص

وفاء عرب
14-05-2014, 07:53 PM
الشاعرة والأديبة القديرة وفاء عرب .. لا أدري أأحتفي بالنص أم بصاحبته
مرحبا بك أستاذتي القديرة في واحة الفكر والأدب والكلمة الراقية .. وسأعود لقراءة النص

الشاعر د. مختار محرم

أشكر ترحيبك الجميل الراقي
واتشرف بقراءة شاعر كبير بحجمك

كل الود والتقدير

د. مختار محرم
14-05-2014, 08:51 PM
من قمة هرم الخبث والخسة بدأت القصة .. وعرجت على الشعب المطحون ..
قصة تكررت وإن اختلف الزمان والمكان ولا تزال تدور أحداثها داخلنا قبل أن تدور حولنا ..
شعوب لم تغادر الرحى يوما لكنها لم تنته ولن تنتهي..
سيجيء زمان ينتقم الطحين من الرحى ..
إن لم يأكل الغيلان بعضهم بعضا كما جاء في ختام هذه الأقصوصة الإنسانية المعبرة فسيلتهمهم التاريخ والشعوب..
وسيشرق على الأرض نهار جديد بإذن الله
أحييك أستاذة وفاء على هذه الإطلالة الأولى في الواحة .. وهي إطلالة أردتِ لها أن تكون فكرية إنسانية
تقديري وجم احترامي لحرفك وفكرك

وفاء عرب
14-05-2014, 11:03 PM
من قمة هرم الخبث والخسة بدأت القصة .. وعرجت على الشعب المطحون ..
قصة تكررت وإن اختلف الزمان والمكان ولا تزال تدور أحداثها داخلنا قبل أن تدور حولنا ..
شعوب لم تغادر الرحى يوما لكنها لم تنته ولن تنتهي..
سيجيء زمان ينتقم الطحين من الرحى ..
إن لم يأكل الغيلان بعضهم بعضا كما جاء في ختام هذه الأقصوصة الإنسانية المعبرة فسيلتهمهم التاريخ والشعوب..
وسيشرق على الأرض نهار جديد بإذن الله
أحييك أستاذة وفاء على هذه الإطلالة الأولى في الواحة .. وهي إطلالة أردتِ لها أن تكون فكرية إنسانية
تقديري وجم احترامي لحرفك وفكرك

أشكرك.. الشاعر د. مختار محرم
حقيقة لمحبرتك علاقة جميلة بالمطر ولمعان النجوم

كما تفضلت "فسيلتهمهم التاريخ" إلا أنه المحافظة على الذاكرة بالتأمل بالنسيان
جعلنا نشفق على هذا التاريخ .. كم عليه أن يتحمل

من قلبي تحية
وكل الود

كاملة بدارنه
18-05-2014, 07:55 AM
تحديد موعد الاحتفال بالرجل المناسب، وغدا.........
................
جنرال آخر!..
جنرال آخر وبطش وظلم واستبداد .. قويّ وضعيف .. مظلوم وظالم ..
قصّة من الواقع بأسلوب جاذب وجميل حتّى القفلة
بوركت
تقديري وتحيّتي

محمد الشرادي
18-05-2014, 04:34 PM
أهلا أختي وفاء
يتعاقب على حكمنا الطغاة الذين لا يخافون الله و لا يرحمون عباده...يتداولون الكرسي قسرا أو طواعية و نحن قطيع يتوارثونه.
ذلك قانون اللعبة السياسية يتم التخلي على كل ورقة احترقت... من كان عصا للمستبد لا بد ان تدور عليه الدوائر. و يشرب من نفس الكأس التي شرب منها ضحاياه.
تحياتي

وفاء عرب
18-05-2014, 05:12 PM
جنرال آخر وبطش وظلم واستبداد .. قويّ وضعيف .. مظلوم وظالم ..
قصّة من الواقع بأسلوب جاذب وجميل حتّى القفلة
بوركت
تقديري وتحيّتي

أشكرك .. أستاذة:كاملة بدارنه
مرورك وسام أعتز به كثيرا
ويسعدني أنها نالت القبول من سمو الذائقة الكريمة
أيضا تحيتي وتقديري

وفاء عرب
19-05-2014, 02:38 AM
أهلا أختي وفاء
يتعاقب على حكمنا الطغاة الذين لا يخافون الله و لا يرحمون عباده...يتداولون الكرسي قسرا أو طواعية و نحن قطيع يتوارثونه.
ذلك قانون اللعبة السياسية يتم التخلي على كل ورقة احترقت... من كان عصا للمستبد لا بد ان تدور عليه الدوائر. و يشرب من نفس الكأس التي شرب منها ضحاياه.
تحياتي

هلا وغلا أستاذ:محمد شرادي
هي لعبة وتعددت الاسماء والطغاة الحقد واحد!..
دمت وقلمك المتالق
تسقي ما يشرق
في ذاكرة الضوء
تحياتي

خلود محمد جمعة
20-05-2014, 08:20 AM
الحرباء عنوان يختصر الوصف للحكام
سرد سلس بحبكة محكمة ونهاية مقنعة
تتغير الألوان والاسم حرباء
دمت بخير

وفاء عرب
20-05-2014, 02:47 PM
الحرباء عنوان يختصر الوصف للحكام
سرد سلس بحبكة محكمة ونهاية مقنعة
تتغير الألوان والاسم حرباء
دمت بخير

أسعدني أنها راقت لك
كل التقدير والشكر
دمت بخير

خلود محمد جمعة
21-05-2014, 10:33 PM
أختي الكريمة وفاء
في الحقيقة ليست عادتي أن أقوم بإحصاء كلمات النصوص التي أقرأها، وقد سبق لي الرد على قصتك هذه، ولم أقف عند عدد كلماتها، لكني رأيت ردّك على الأستاذة كاملة بدارنة والذي تقولين فيه أن عدد كلمات القصة القصيرة يجب أن لا يزيد على 600، فتذكرت قصتك هذه، وأنها لا يمكن أن تكون أقل من 600 كلمة، ورجعت إليها لأتأكد من دقة ملاحظتي، فوجدتها مؤلفة من 764 كلمة ..
لا أخفيك أختي فإني أستغرب قيامك بإحصاء عدد كلمات نصوص الآخرين، والوقوف عندها حرصا على عدد محدد قرأته في مقالة ما، مع أنك أنت نفسك لم تلتزمي به في قصتك هذه.

فما قصة العدد هنا ؟؟؟؟؟
الرجاء عدم التحسس الموضوع هو تقصي المعلومة للفائدة
دمت بخير

ربيحة الرفاعي
02-06-2014, 11:28 PM
"مات الملك .. عاش الملك"
هتاف الجماهير المغيّبة في زمن العربدة السياسية وسباق البطش ومجون الساسة
ومشهد صوّر المهزلة وأشار لبصيص الأمل في آخر النفق ببطش الجنرالات بالجنرالات في صراع القوى ولعبة المصالح

دمت بخير أيتها الكريمة

تحاياي