تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نشوة الصحو



حنان الزريعي
28-05-2014, 06:26 PM
نشوة الصحو



على مشجب حب ظنّه بداخلي , علّق غروره ومضى .. سابقني غضبي حيث استكانت بضع أطباق خزفية تنتظر مني تجفيفها ؛ لكن الكسر كان من نصيبها .
وهنا .. حيث بقايا الحطام تئن وجعاً تحت قدميّ ، كانت شظايا الحزن التي أدمتني ، قد أُزيلت بتأوهات طبق ينكسر .
هدأت ثورة الغضب بداخلي ، وبدأ التساؤل ينسج شباكه في زاوية الفضول ، علّها تصطاد إجابة تسدّ رمقه .
- إلى أين ذهب ؟ .. وما الذي يفعله الآن ؟ .. فموعد فتحه للمحل لم يحن بعد .. أيكون عند أخيه الأكبر ؟
لا أدري كيف ساقتني قدماي حيث منزل أخاه ، حتى أنني لم أفكر لحظة فوضى مشاعري , أن أتصل بهم أولاً ؛ لأسألهم عنه .
وصل ضجيجي حيث مبتغاي , دققت الباب لتأخذني زوجة أخيه بين أحضانها وكأنها لم ترني منذ زمن ، لحميمية استقبالها نكهة اشتقت تذوّقها ، نكهة من يهتم لأمرك .
وعن عمد أردت ارتشاف المزيد من الحب ، فاتصلت به لأبلغه أننا بانتظاره على الغذاء ، فزرع الحجج على أرض انتظاري لأحصد خيبة عدم مجيئه ، لكني اتكأت على قراري بأنني باقية هنا .. فلقد اشتقت الرفقة .
أبلغتها بأنه لن يأتي فهو بانتظار بضاعة لمحله ، فأجابت باسمة وهي تتذوق ما تعدّه للغذاء :
- وإن يكن .. فأنت بيننا وسيفرح الأولاد بوجودك .. ساعة لا أكثر وسيرجع سلفك من العمل .
جمعتنا المائدة ، والفرحة ملأت الوجوه أمامي ، حتى التعب الذي لاك بأنيابه تضاريس وجه أخ زوجي اختفت حفاوة بوجودي معهم الآن ، وكغبار نُفض على بساط نظيف أتى صوت سلفي كاسراً مرايا اللياقة ، ناهراً زوجته موبخاً إياها بكلام قاسٍ ، كل هذا لأن براعم التذوق في لسانه لم تلتقط طعم الملح في الطعام ، لأجل ذرّة ملح ؛ أهينت أمامي وأمام أولادها ، لم يصدمني تصرفه ؛ فجفاؤه نحو زوجته كل العائلة تعرفه ، واستكانة كرامتها أيضاً أمر نعيبه فيها ، لكن الجديد هنا .. هو تصرف ابنها البكر ، فلقد رمى الملعقة رافضاً إكمال طعامه ، وكأنه يريد أن يقول لأبيه .. أنا شبلك يا أبي .
وللأمانة فلقد تذوقت طعاماً لذيذاً لم يكن ينقصه شيء ، سوى مظلة حبّ تقيهم قيظ الجفاء .
هرولت حال خروجي من منزلهم ، حيث الحياة مرة أخرى ، وكأنني كنت في مأتم ، ودّعت فيه كرامة امرأة ورجولة رجل .
وتحوّل غضبي الذي كان على زوجي إلى بضع شوق إليه ، فقررت أن أفاجئ خلوته مني وأذهب إليه ، فهو لا يبعد كثيراً عن هنا .
وصلت الشارع الذي فيه المحل ، وعلى بعد أمتار رأيت أخيه الأصغر وزوجته وطفلتيهما يخرجون من محله ، متجهين نحوي دون أن يلحظوني بعد .
ومع اقترابنا على ذات الرصيف وبضع خطوات تفصلنا ، رآني آخاه فابتسم بملء الودّ ، وابتسمت لهم جميعاً . أسرع خطوه نحوي ساحباً طفلتيه وراءه ، وإذ بها تتأبط ذراعه بانفعال ليقطعا الشارع فجأة معتقدة أنني لم أرهم ، واتجهوا نحو وجهة لم تكن مقصدهم قبل هنيهة ، رأيته يبتعد مطأطئ الرأس بجوارها ، وطفلتاهما تنظران خلفهما .. إلىّ .
كل ّ ما عايشته من ألم منذ الصباح حتى اللحظة ، أثار موجاً يعاند شواطئ الحدق ، ووجدت أنني خرجت من مأتم لأدخل آخر ، ودّعت فيه هذه المرة ، كرامة رجل وأنوثة امرأة .
دخلت المحل ، رأيته أمامي خلف طاولة العرض يجلس ، وسيجارة تتأوه دخاناً بين أصابعه ، وبسمته عند رؤيتي ؛ كفراشة رفرفت على رحيق لهفتي ، فانتشى لحلاوتها الدمع العالق بالأهداب .. فانهمر .. لا حزناً .. لا غضباً .. بل حمداً لله .. أنني لم أكن جاريته .. ولا هو كان خاتماً في إصبعي .

كاملة بدارنه
29-05-2014, 08:51 PM
قد لا يعرف المرء قيمة ما هو فيه إلّا إذا رأى مصائب غيره
قصّة جميلة الفكرة، لكنّها بحاجة للاعتناء باللّغة أكثر
بوركت
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
30-05-2014, 11:42 PM
يدرك المرء قيمة ما هو عليه من نعمة عندما يرى ما عليه غيره
أو كما يقال من يرى مصائب غيره تهن عليه بلواه
جميلة فكرا ولغة وحبكة وأثني على ما ذكرته الأخت كاملة ليكتمل بهاء النص
بوركت واليراع
تقديري الكبير

خلود محمد جمعة
01-06-2014, 09:00 AM
فكرة عميقة بأبعاد اجتماعية ونفسية بأسلوب مشوق وسرد سلس
للأحداث أوجه عديدة بعد تصفحها بعين العقل يمكن ان نرى آفاق اخرى ونخرج من حدود وحواجز نحن نصنعها
دمت بخير
مودتي وتقديري

سامية الحربي
05-06-2014, 05:35 PM
حياة الآخرين تخفف عن بعضنا ما نستكبره و نستعظمه. قصة من خلف الأبواب الموصدة و مزق العلاقات. بوركت على هذا السرد . تحياتي.

علاء سعد حسن
05-06-2014, 06:38 PM
نشوة الصحو




دخلت المحل ، رأيته أمامي خلف طاولة العرض يجلس ، وسيجارة تتأوه دخاناً بين أصابعه ، وبسمته عند رؤيتي ؛ كفراشة رفرفت على رحيق لهفتي ، فانتشى لحلاوتها الدمع العالق بالأهداب .. فانهمر .. لا حزناً .. لا غضباً .. بل حمداً لله .. أنني لم أكن جاريته .. ولا هو كان خاتماً في إصبعي .



بقص رشيق .. وكلمات معبرة عن مشاعر المرأة .. احسنت تجسيد بعض معاني قوله تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )

مصطفى الصالح
05-06-2014, 09:12 PM
فكرة رائعة

وقص ذهبي

دمت بإبداعك

كل التقدير

ربى يوسف
06-06-2014, 07:34 PM
سردت قصة رائعة .. لانها عبرت عن أمراض مجتمعية قاسية

مبدعة .. كل الاحترام

ربيحة الرفاعي
20-06-2014, 11:19 PM
لا تستوي العلاقة بين رجل وامرأة لا يأخذ الحب بينهما فرصته بالتنامي ما لم يحترم كل قدر وكرامة الآخر، ويعرف كل دوره فيؤديه وحدّه فيلزمه

قص طيب بفكرة سامة وأداء عازه بعض اعتناء باللغة

دمت بخير

تحاياي

لانا عبد الستار
17-08-2014, 04:54 PM
قصتك جميلة ومعبرة والعلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تقوم على الاحترام والتفاهم كي تستقر وتنجح

شكرا لك

ناديه محمد الجابي
17-08-2014, 06:36 PM
نضيع حياتنا في الحزن والقلق والتذمر والشكوى
لا نرى حولنا سوى العيوب والنقائص ولا نرى النعم
التي نعيش فيها فنفقد قيمة ما نرى ونضيع في سراب
مالا نرى ـ فإذا ما نظرنا حولنا ورأينا المشاكل التي يعيش
فيها غيرنا .. صحونا على إدراك ما ننعم به من نعم
وياليتنا عندئذ نشكر الله ونرضى.
قصة رائعة الفكرة والعرض ـ شاعرية في التعبير، وبهاء
في التصويرفي قالب قصصي مشوق .
نص أدبي راق من أديبة خصبة الخيال، جميلة الحرف
أشكرك على متعة قضيتها بين أحرفك
ولك تحياتي وودي.