تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بين اللغة والفقه



أبو محمد يونس
06-06-2014, 01:51 PM
قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات : (وبيان تعين هذا العلم ما تقدم في كتاب المقاصد من أن الشريعة عربية، وإذا كانت عربية؛ فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم؛ لأنهما سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز، فإذا فرضنا مبتدئًا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة، أو متوسطا؛ فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة؛ فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة، فمن لم يبلغ شأوهم؛ فقد نقصه من فهم الشريعة بمقدار التقصير عنهم، وكل من قصر فهمه لم يعد حجة، ولا كان قوله فيها مقبولًا.
فلا بد من أن يبلغ في العربية مبلغ الأئمة فيها؛ كالخليل، وسيبويه، والأخفش، والجرمي، والمازني ومن سواهم، وقد قال الجرمي: "أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس [في الفقه] من كتاب سيبويه".)

بهجت عبدالغني
06-06-2014, 08:42 PM
الإمام الشاطبي بنى اجتهاد المجتهدين على دعامتين من المعرفة ، هما :
أولاً : معرفة اللغة العربية فيما يتعلق بدلالات الألفاظ ومقتضيات النصوص .
ثانياً : معرفة مقاصد الشريعة جملة وتفصيلاً إذا تعلق الاجتهاد بالمعاني من المصالح والمفاسد .
وقد أشار إلى هذا المعنى أيضاً بقوله في ( الموافقات ) : " إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين، احدهما : فهم مقصد الشريعة على كمالها ، والثاني : التمكن من الاستنباط بناءً على فهمه فيها " .

وقال في ( الاعتصام ) :
( ... فعلى الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولاً وفروعاً أمران:
أحدهما : أن لا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربياً أو كالعربي في كونه عارفاً بلسان العرب بالغا فيه مبالغ العرب أو مبالغ الأئمة المتقدمين كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء ومن أشبههم وداناهم وليس المراد أن يكون حافظا كحفظهم وجامعا كجمعهم وإنما المراد أن تصير فهمه عربياً في الجملة وبذلك امتاز المتقدمون من علماء العربية على المتأخرين إذ بهذا المعنى أخذوا أنفسهم حتى صاروا أئمة فإن لم يبلغ ذلك فحسبه في فهم معاني القرآن التقليد ولا يحسن ظنه بفهمه دون أن يسأل فيه أهل العلم به ) .

وقال الغزالي في ( المستصفى ) :
( أما المقدمة الثانية: فعلم اللغة والنحو: أعني القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله وحقيقته ومجازه وعامه وخاصه ومحكمه ومتشابهة ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه ولحنه ومفهومه .
والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغ درجة الخليل والمبرد وأن يعرف جميع اللغة ويتعمق في النحو بل القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك حقائق المقاصد منه ) .

ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه ( الاجتهاد في الشريعة الإسلامية ) :
( والذي أؤكده أن المهم هنا أن يحس المجتهد من نفسه أنه أصبح قادراً على تذوق كلام العرب وفهمه، والغوص على معانيه، بمثل ما كان عليه العربي الأول بسليقته وسلامة فطرته، قبل أن يستعجم الناس، ويفسد اللسان والذوق، وإن لم يبلغ درجة الاجتهاد في اللغة وعلومها. فهذا قد يصعب، فالتخفيف الذي ذكره الإمام الغزالي مقبول بهذا التفسير الذي فسره شيخنا الأكبر محمد الخضر حسين رحمه الله ) .


أخي العزيز أبو محمد يونس
بارك الله فيك ورعاك
ودمت بخير


تحاياي

أبو محمد يونس
07-06-2014, 08:39 PM
جزاكم الله خيرا على المرور والمشاركة النافعة الماتعة استاذي الكريم بهجت الرشيد بارك الله فيكم

أبو محمد يونس
07-06-2014, 08:48 PM
قال الشافعي: "لا أُسأل عن مسألةٍ من مسائل الفقه، إلا أجبت عنها من قواعدِ النحو"، وقال أيضًا: "ما أردت بها - يعني: العربية - إلا الاستعانةَ على الفقه".

أبو محمد يونس
07-06-2014, 09:01 PM
ويقول الزمخشري مدافعاً عن النحو ومبيِّناً أهميته ومتعجباً من الذين يقللون من أهميته: "والذي يقضي منه العجب حال هؤلاء في قلة إنصافهم، وفرط جورهم واعتسافهم، ذلك أنَّهم لا يجدون علماً من العلوم الإسلامية: فقهها، وكلامها، وعلميْ تفسيرها وأخبارها؛ إلاَّ وافتقاره إلى العربية بيِّن لا يُدفع، ومكشوف لا يُتقنع، ويرون أنَّ الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائله مبني على علم الإعراب".

أبو محمد يونس
08-06-2014, 08:01 PM
ويقول السيوطي نقلاً عن الفخر الرازي: "اعلم أنَّ معرفة اللُّغة والنحو والتصريف فرض كفاية، لأنَّ معرفة الأحكام الشرعية واجبة بالإجماع، ومعرفة الأحكام بدون أدلتها يستحيل، والأدلة راجعة إلى الكتاب والسُّـنَّة، وهما واردان بلغة العرب ونحوهم وتصريفهم، فإذاً توقفة الأحكام الشرعية على الأدلة ومعرفة الأدلة؛ تتوقف على معرفة اللُّغة والنحو والتصريف. ومما يستوقف عليه الواجب المطلق وهو مقدور للمكلف واجب، إذاً معرفة اللُّغة والنحو والتصريف واجب"

أبو محمد يونس
09-06-2014, 03:06 PM
قال ابن حزم: "لا بُدَّ للفقيه أنْ يكون نحوياً لغويّاً، وإلاَّ فهو ناقص لا يحل له أنْ يفتي بجهله بمعاني الأسماء، وبعده عن الأخبار"

أبو محمد يونس
11-06-2014, 03:26 PM
قال ابن خلدون في مقدمته: "لا بُدَّ من معرفة العلوم المتعلقة باللسان لمن أراد علم الشريعة، وتتفاوت في التأكيد بتفاوت مراتبها في التوفية بمقصود الكلام حسبما يتبيَّن في الكلام عليها فناً فناً، والذي يتحصل أنَّ الأهم المقدم منها: النحو، إذ به تتبيَّن أصول المقاصد بالدلالة فيعرف الفاعل من المفعول، والمبتدأ من الخبر، ولولاه لجهل أصل الإفادة".