تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أوراق خريفية



قلم
09-09-2004, 08:30 PM
دخل فصل الخريف
الهواء الجاف المعتدل يتسلل بين الأغصان فتلتوي منه أوراق الأشجار الذابلة لتسقط على الأرض
ولكثرة الأشجار التي زين بها فناء الجامعة الفسيح تتجمع أكوام كبيرة من الأوراق المتناثرة ترهق بها كواهل العاملات في كل صباح
ومع إشراقة الشمس وفي ذات صباح الباكر جلست ليلى على مقعد تحت إحدى الأشجار وهي تعلن حدادها على فصول الأزهار والثمار بدموع أغصانها الورقية
الأوراق تتساقط واحدة تلو الأخرى وليلى ترمق المنظر بتأمل مشدود
اقتربت منها هالة ألقت عليها السلام فردته ليلى بلطف وما زال الوجوم يخيم على عالمها السابح
لمست هالة منها ذلك الشرود
لم تتردد أن تجلس بجانبها فهي صديقة حميمة تكن لهل كل تقدير
ما بالك يا ليلى ما هذا الشرود والنظرات الأسيفة ؟
التفتت إليها ليلى , ثم عاودت التأمل
ولكنها رقت لكلمات صديقتها فأطرقت بنظرات كسيرة إلى الأرض
ثم تنفست تنفسا عميقا وقالت :
أختي هالة : تتكرر أحداث ومواقف كثيرة وعجيبة في هذه الدنيا ولكننا كثيرا ما نكسر غرابتها بنظرة التعود والرتابة نغيب بها عن التأمل والتفكير لنفقد أجمل شيء في الوجود وهو الشعور بعظمة الخالق وتدبر ملكوته وسلطانه وتصريفه في خلقه
ثم عادت إلى التأمل وملاحقة نسيمات الصباح بنظراتها الوديعة وهي تصافح الأغصان التي تهتز لها فتلقي بأوراقها الجافة المكسورة بعيدا حيث تقلها تلك النسيمات
هالة : وقد شدها حديث ليلى الذي لم تتعوده منها , فليلى فتاة تحب المداعبة دائمة الابتسامة , لا تمل حكايات المرح والسرور : ولكن عزيزتي ليلى ولم كل هذا الإطراق والوجوم , ثم ما هو الأمر الذي تجدد في خاطرك هذا الصباح فحملك على أن تسبحي في عالم التأمل
ليلى : انظري عزيزتي إلى هذه الأوراق التي تتسارع إلى الهبوط في عالم الموت , تأمليها جيدا , ألا ترين أنها تختلف في ألوانها وأشكالها , البعض أخضر اللون فتي الطلعة ممتلء بالحياة التي فارقته بموت الأغصان
والبعض الآخر تسلل إليه الفناء مع ظهور علامات الشيخوخة والعجز , لونه أخضر ولكنه مشرب بصفرة باهتة , وبعض التكسر بدى على أطرافه اليابسة
والبعض الآخر وافته المنية وقد انتهت منه معالم الحياة , لونه أصفر يبست أطرافه مات قبل أن يموت غصنه
وهذه آجال الناس ...............
ثم تلت قوله تعالى :{لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}
أفلا تكون لنا هذه الأوراق عظة نعتبر بها لتقف بنا أمام عظمة الحقيقة فنتنبه من غفلة الأمل ونعاود العمل قبل أن تموت الأغصان وتلقي بنا في عالم الفناء

نعيمه الهاشمي
10-09-2004, 01:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله


الفاضلة قلم

بارك الله فيك وبارك فى هذا السمو الفكري النادرة

أن التخلف الثقافي والفكري الذى نعيشه حاليا---لم ينتج إلآ من هذا الفراغ بين الباطن والظاهر

فقدنا أعظم العبادات واسماها

عبادة الفكر والتأمل فى رحاب الله وعظمة عجائب مخلوقاتة

كان سيد البسرية وأمام المرسلين-----يهاجر ويصعد الى جبل حراء ليختلى بربه ويتأمل بقلبه وعقلة لعله يصل سبل الرشاد--والعلو الروحانى----

فهل يا ترى نحن فعلا نتبع سنتة العطره-----؟؟؟ والجواب لا إلا من رحمه ربي

نحن فى هذا الزمن صم عمي بكم---

سيدتى الراقيه قلم لا حرمنا الله قلمك السامى

وارحب بك هنا فتقبلى باقة ورود عطره:0014::0014:

قلم
10-09-2004, 01:23 PM
أشكر لك أيتها الفاضلة هذه الوقفة السامية
تعليق رفيع يدل على ذوق أرفع
دمت أختا قريبة

د.جمال مرسي
12-09-2004, 07:36 AM
الأخت الكريمة قلم

نعم أختاه .. فإن الموت هو الحقيقة الواحدة في هذه الحياة

و لكنا بكل أسف نظن أننا مخلدون بهذه الدنيا

فأخذتنا متعها و مشاكلها و أشغالها

و جعلتنا ندور في حلقة مفرغة و لا ننظر إلا تحت اقدامنا

شغلتنا حتى عن التأمل كما أشارت العنود

ذكرني ما كتبتيه ببيت شعر كنت قد كتبته في زهديتي ( العودة إلى الله )

أقول فيه :

" و الموت آتٍ لا يفرقُ سيفُهُ == بين الصبيِّ و ذلك المتصابي "

فاختلاف ألوان أوراق الشجر و أحجامها و يبسها أو طراوتها هي تماما

كالصبي أو الكبير المتصابي .. كلٌ يدركه الموت

و لكن من يقرأ و من يسمع ؟

أيتها القلم النابضة بالحب و الحياة و الخير

أحيي فيك حبك للخير

و هذه التذكرة التي منحتينا إياها للتفكر و التدبر

و هذا الدش من الماء البارد الذي سكبتيه فوق رؤوسنا فأيقظتي به ضمائرنا

(و لو حتى للحظة )

تقبلي ودي و احترامي

أخوك جمال مرسي

قلم
12-09-2004, 07:40 AM
ممتنة أنا بهذه الحفاوة والكلمات الطيبة الراقية
جزاك الله خيرا أيها الفاضل

أميره(زرقاء اليمامة)
12-09-2004, 01:49 PM
العزيزة ( قلم )


قلم مبدع صاغ الحرف سيمفونية عذبة الأحرف

أثلجتي صدورنا بكلماتك الهادفة

وأضاءتى الفكر باسلوب شيق

دمتي وسلمتي

قلم
12-09-2004, 05:28 PM
عطرت مشاركتي بهذا الثناء الأفيح
طبت وطاب إحساسك النبيل

د. سمير العمري
20-11-2004, 08:12 PM
تلك الحياة وذلك الموت.

هو ناموس الله في الخليقة فمنا السابقون ومنا اللاحقون ولا بقاء إلا لجلال وجه الله.


تحياتي لقلم يمتلك مقومات الإبداع.


تحياتي وتقديري
:os:

د. سلطان الحريري
20-11-2004, 08:58 PM
الأخت العزيزة قلم:
تحدث من سبقني من الأفاضل عن سمو الفكرة ، وأتفق معهم فيما ذهبوا إليه ، ولكنني سأخالفهم الطريق لأتحدث عن الأسلوب ومقومات القصة ،لقد رأيت قلما مبدعا شدني باقتدار إلى عالمه الرحب ، ورغم أنك اعتمدت السرد طريقا إلا أننا عشنا معك الحدث كما أردته أن يصل إلينا ، ولعل أهم ملاحظة شعرت بها أنك قطعتنا في منتصف الطريق ، فكأنني بك تريديننا أن نتوقع نهاية لهذه القصة ، فأتت الآية الكريمة في نهايتها ، وأتى التعقيب الذي تلاها ليفسد - وهذا رأي لك أن تأخذي به أو تدعيه -متعة الختام ، فقد حول القصة إلى شبه مقالة تنتهي بخاتمة مناسبة تلخص ما سبقها من أفكار ، ولعل تسرعك أيضا في الكتابة جعلك تقعين في بعض الهنات النحوية والإملائية ، إلى جانب عدم اهتامك بعلامات الترقيم التي تساعد في فهم القصة ..
وأخيرا فلولا روعة ما قرأت لك ، لما لجأت إلى هذا النقد
أنت تستحقين التقدير .. فاسمحي لي بالمرور في عالمك الرحب
دمت مبدعة..

د. محمد الشناوي
22-11-2004, 12:04 AM
ومع إشراقة الشمس وفي ذات صباح الباكر جلست ليلى على مقعد تحت إحدى الأشجار وهي تعلن حدادها على فصول الأزهار والثمار بدموع أغصانها الورقية

تعبير رائع


وعظة جميلة

تقبلي تحياتي وودي

حوراء آل بورنو
22-11-2004, 05:30 PM
أختنا الفاضلة

نص جميل ، و حديث يأخذنا إلى عالم بهي من الخيال ، و أنت تطالعين بديع الخلق ، و معجزات الرب ، ومع كل هذا فيه عظة و موعظة .
قلم جمع جمال التصوير ، وبهاء الفكرة ، و قوة إيمان .


بارك الله فيك .

د.إسلام المازني
22-11-2004, 06:10 PM
الفاضلة قلم

التى تحلق فى سماء الطهر بيراعها الأطيب

جميل و رقيق ما سطرتم


أسأل الله لى و لكم أن تكون الجنة تحفتنا بفضله و منه و كرمه سبحانه


فيوفقنا لسبيلها و يجنبنا ما يسخطه سبحانه ....

د. محمد الشناوي
24-11-2004, 04:55 AM
تستحق التثبيت

سأثبتها إلى حين:011::011::011:

قلم
16-01-2005, 07:22 PM
أشكر للأفاضل ما أتحفوني به من توجيهات
جزاكم الله خير الجزاء