تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا أبي



تفالي عبدالحي
27-06-2014, 05:26 PM
يا أبي
لقد عشْتَ حياتَك كلّها من أجل الآخرين ،منذ صغري كنت أراك صاحبَ الأخلاق الحميدة.دافعتَ عن الشعب المغربي ضدَّ الاستعمار بشراسة الأسود ،ورفضتَ رفضًا قاطعا أن تخضعَ أسود المغرب لقرود الاحتلال ،و طالبتَ بكل ما لديك من قوة بالاستقلال و الحرية ،و عندما حصل المغربُ على الاستقلال اعتليتَ منابرَ المساجد تنشرُ الدين و العلم و تربي الأجيالَ على طاعة الله .كنت تحبُّ المطالعةَ حبا عظيما ،كلما رأيتك رأيتُ في يديك الطاهرتين كتابًا ،حتى خلتُك تتنفس بالقراءة.
لقد علَّمتَني أن الفاعلَ دائما يكونُ مرفوعًا فأحببتُه لأنني رأيتُ فيه رمزا للشموخ و السموِّ ،و علمْتَني أن المفعول به دائما يكون منصوبًا فتجنَّبته لأنني رأيت فيه رمزًا للخضوع و العبودية .
كنت تحبُّ الناسَ و تدافع عنهم و تساعد المحتاج و تطعم الجائع و تعطف عن الفقير و تحترم الصغار لأنهم رجالُ الغد و المستقبل،و حتى الحيوانات كنت تعاملها معاملة حسنةً .لقد علمتْك الحياةُ أشياء فعلمتَها للناس بكل حب و احترام .
كنتَ مكافحا في الحياة و مناضلا و صبورا على كل شيء و شجاعًا لأنك متأكد أن الشجاعة هي السبيل الوحيد الى الحياة الكريمة ،و تواجه صعابَ الحياة بقلب مؤمن بالانتصار عليها ،و لا تعرف الخوف أو الضعف ،و حتى عندما هاجمك المرضُ في آخر أيامك وقفتَ في وجهه وقوفَ الأبطال الشجعان و لم تخضع له الا بصعوبة .
فارقْتََني و أنا صغيرٌ، فبكيتُ بكاءً شديدا، و فقدتُ صدرا حنونا و قلبا كبيرا و طيِّبا و وجها بشوشا حتى في أحلك اللحظات، و ركنا ألجأ اليه و كفًّا تصد عني كلَّ المصائب ،و أحسست بالضياع و لولا الموت ما افترقنا .لقد كنتُ أحيا بروحك و أتنفس برئتيك الطاهرتين. منذ ذلك اليوم الذي افترقنا فيه عرفتُ أن الحياة قاسيةٌ و مولعةٌ بالغدر و الخيانة و جرح القلوب،و تيقنت عندما غرقتُ في بحر الحزن أن الحزنَ لن يفارقَني.
أحببْتُك حبًّا يفوق التصور و الخيالَ ،وما في حبي لك عيبٌ ،فلولاك ما كنتُ و لولاك ما تربيتُ على الصبر و التضحية و الكفاح .
يا أبي الآن كلما تذكرتك أحسستُ بالنار تأكل من قلبي ،تمنَّيتُ لو كنتَ ما تزالُ حيًّا حتى أظلَّ بجانبك ،ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه .
يا أبي نمْ في قبرك، فانك ستظل رمزا للطهارة و الصفاء و الحب و العطاء و التضحية.نم يا أعظم رجل عرفتُه في حياتي ،فالنوم فيه راحةٌ للأبدان في بعض الأحيان.

كاملة بدارنه
30-06-2014, 02:44 PM
رحم الله أباك، ودمت البنة البارّة به
كلمات مؤثّرة
بوركت
تقديري وتحيّتي

أحمد الأستاذ
01-07-2014, 07:35 PM
كلمات صادقة مؤثرة معبرة..
رحم الله أباكِ وأحسن مثواه
دمت وفية أخيتي الكريمة/ تفالي
كل عام وأنت بخير
تحيتي

خلود محمد جمعة
04-07-2014, 11:41 PM
رحم الله والدك ووالدي واموات المسلمين
نثرية مؤثرة
دمت بخير
تقديري

آمال المصري
05-07-2014, 11:45 PM
جمال النص في عفوية الحرف وصدق المشاعر بعيدا عن التكلف
رحم الله والدك ووالدي وأسكنهم الجنة
ودمت بارة وفية أيتها الكريمة
تقديري الكبير

ربيحة الرفاعي
12-07-2014, 12:34 AM
تستحضر الذاكرة روعتهم وتغوص أعمق وأعمق في البحث وراءهم واستدعاء الدرّ من بحور ذكرهم حين يغيبون
وقد استحضرت في نصك من ذكره ما ملأ المتلقي له احتراما

رحم الله والد ووالدينا

تحاياي

لانا عبد الستار
17-08-2014, 05:19 PM
قرأت هنا البر بالأب والاعجاب به وهذا دليل على خلقك الراقي وعلى حرفك الجميل
أحببت هذا الوفاء وليرحم الله أباك

شكرا لك

د. سمير العمري
23-07-2015, 01:05 AM
يرحمه الله تعالى ودمت بارا كريما!

النص جميل ومؤثر بصدقه وحسه ، ولكني أزعم بأنك أقدر على ديباجة أفضل وعلى أداء نثري أدبي فني أفضل.

تقديري

ليانا الرفاعي
01-01-2016, 04:18 PM
قد علَّمتَني أن الفاعلَ دائما يكونُ مرفوعًا فأحببتُه لأنني رأيتُ فيه رمزا للشموخ و السموِّ ،و علمْتَني أن المفعول به دائما يكون منصوبًا فتجنَّبته لأنني رأيت فيه رمزًا للخضوع و العبودية .


جميل هذا الوفاء من شاعرنا الذي أتاح لنا فرصة الترحم على فقيدة وفقدانا
الله برحمة
تحيتي وتقديري

ناديه محمد الجابي
01-01-2016, 09:09 PM
الأب هو الحنان وهو السند وهو الجدار الذي نستند عليه
وهو منبع الحب والمظلة التي نستظل بها من شرور الدنيا
رحم الله والدك ووالدي وكل أباء المسلمين .
هزتني نثريتك المؤثرة بصدق كلماتها.
بوركت ـ ولك تحياتي وتقديري. :001:

غلام الله بن صالح
01-01-2016, 09:16 PM
رحم الله والدك ووالدي وغفرلهما
نثرية بلغت ما بالنفس من أسى
دمت رائعا
مودتي وتقديري