المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كأس العذاب



سعاد محمود الامين
10-07-2014, 06:31 AM
كأس العذاب

حل المساء مبكرا في ذلك الحي الفقير،وغمرت الحانة اليتيمة عند منحنى الجادة 13 الحي بوابل من الأمطار الغزيرة. تحسس روادها معاطفهم وهرعوا إلى منازلهم.
سمع النادل صوت خطي أقدام تقترب مسرعة فارتعب. فهو يخشاهم، أحدث الباب ضجة عند ولوج رجل المطر،رث نحيل طويل. مهدل الأكتاف. جلس وطلب كأسا من الجعة بحثا عن دفء مفقود.. يتجرع كأسه مغمض العينين، في خدر لذيذ يمج سيجارته في فمه وينفث دخانها من فتحتي أنفه الواسعتين ...
تنتبذ هي ركنا قصيا في الحانة تجلس هناك بلا حراك، تتجرع الكأس تلو الآخر لا ترفع وجهها مشعثة الشعر، حول عينيها هالات سوداء كدب الباندا، لا تحدث أحدا ، تأتي منذ أن تفتح الحانة أبوابها حتى إغلاقها بعد منتصف الليل، يدرجها النادل حين تعجز عن الوقوف مشفق، ويتركها تترنح على رصيف الجادة حيث تختفي.
نظرت إليه ثم تمتمت:
ــ ماذا أتى بك في هذا الجو الماطر؟! ..مشرد مثلي!! آآآه
فتح عينيه كأنه سمعها..نظر إليها.. نظرت إليه لم تستطع طرف بصرها.
هرع نحوها ورفعها، وضمها إلي صدره وانخرط في بكاء مرير:
ـــ أمي لماذا ؟
بنشيج مكتوم تأوهت :
ـــ لم أترككم بإرادتي..
ـــ لماذ ا أنت هنا ؟
ــ أبحث عن كأس النسيان. يابني
حرارة اللقاء أضفت على جسديهما الدفء المفقود منذ زمن،تدحرجا متعانقين يسيران ، هطلت الأمطار باطراد تغسل ندوبهما...سقط صمت ثقيل على الحانة...
ارتسمت تقطيبة ضجر على جبين النادل أغلق الحانة.. يغالب النوم يبحث عن ملامح أم قذفه رحمها!:009:

آمال المصري
13-07-2014, 12:17 AM
رغم أن الأحداث بعيدة جدا عن الشرقية إلا أن أديبتنا القديرة رسمت اللوحة باقتدار تكاد تنطق الحروف لها
مأساة أم لفظتها الظروف ورمت بها في إحدى الحانات تتجرع كؤوس النسيان
رائعة بفكرتها وحبكتها وسردها
بوركت واليراع الفريدة
تقديري الكبير

سعاد محمود الامين
13-07-2014, 07:03 AM
الأستاذة آمال
تحية وتقدير
أسعدنى ابتعاثك للنص...
الغريب نوعا عن البيئة الشرقية...
هكذا خيالي يطوف بي العالم أحيانا أكتب نص افريقي موغل فى المحلية أو آسيوى أو غربي.
.حيتما اختمرت الحكاية يتحرك قلمي
اطلع على الأدب العالمي بكثرة..شكرا لتعليقك الجميل.. وعذر للأخطاء اللغوية التى شابت النص

ناديه محمد الجابي
13-07-2014, 11:02 AM
وحتى لو هطلت الأمطار غزيرة فلن تغسل أدران أرواحهما ..
فعلا ما قرأته هنا يحمل سمات وملامح الأدب العالمي
ولنحمد الله على نعمة الإسلام .. فما أبعد هذه الصورة عنا
ولكني قرأت هنا سرد جميل لحالة انسانية أجدت تصويرها
بأسلوب متمكن ، ولا عجب فأنت كاتبة واسعة الأفق قديرة
يعجبني هذا العمق والتوجه الأنساني الراقي في قصصك .
تحياتي وودي.

سعاد محمود الامين
13-07-2014, 11:46 AM
العزيزة نادية
اسعدالله أوقاتك بكل خير
ماذا أقول لك؟
لقد نثرت درر من الحروف اسعدتني حيّاك الله
شكرا وتقديري وامتناني لهطلك الشفاف ومرورك الأنيق
دمت بخير

كاملة بدارنه
14-07-2014, 01:18 PM
تصورين المواقف والمشاهد بأسلوب مدهش وسرد جاذب
قصّة أحداثها غريبة عن شرقنا، ولكنّها معاناة إنسانيّة وتعكس حالة التّشرذم الاجتماعي والنّفسيّ اللذين يعيشهما البعض
أنت قاصّة ماهرة
بوركت
تقديري وتحيّتي

سعاد محمود الامين
14-07-2014, 06:59 PM
الأستاذة كاملة
تحياتي لك
لكم اسعدني تعليقك ورفع من روحي المعنوية
ماوصلت اليه بفضل توجيهاتكم ومداخلاتك القيمة التي تثري النصوص
لك امتناني وتقديري

ربيحة الرفاعي
17-07-2014, 02:31 AM
سبقني الأفاضل بالإشارة لغياب ملامح الحياة الشرقية عن النص
غير أن هذا لم يغيّب مهارة القاصة في رسم المشهد في سرديّة شائقة تبث تفاصيلها فيها الحياة

دمت بخير أيتها الرائعة

تحاياي

سعاد محمود الامين
17-07-2014, 08:18 AM
الأستاذة ربيحة
تحياتي
شكرا لك على مرورك العبق.. كثيرا ما أحلق بعيدا عن المكان والزمان المألوف لدينا
لأجل نقل ملامح من حياة أخرى لاتشبهنا ونحمدالله كثير على نعمائه..
دمت بخير

خلود محمد جمعة
20-07-2014, 10:44 AM
الملامح البيئية مختلفة وتبقى الملامح الإنسانية متشابه في كل مكان وزمان
يأس الام وتجرعها كأس القنوت بألم
وأمطار اللقاء قد تغسل ندب الروح
لوحة أخرى من الابداع سيدتي
دمت بخير
كل التقدير و مودتي

سعاد محمود الامين
21-07-2014, 06:02 AM
العزيزة خلود
تحياتي
سعدت بمرورك الماطر من عند الجادة13 شكرا لك
الأمطار كما تسعدنا أيضا تذكرني بالدموع..فهى تغسلني
لذلك أحب استخدامها فى جو النصوص.
.نعم هذا النص مكانه بعيدا ولكن الأحساس واحد
شكرا لك

د. سمير العمري
02-08-2014, 02:55 PM
الأستاذة آمال
تحية وتقدير
أسعدنى ابتعاثك للنص...
الغريب نوعا عن البيئة الشرقية...
هكذا خيالي يطوف بي العالم أحيانا أكتب نص افريقي موغل فى المحلية أو آسيوى أو غربي.
.حيتما اختمرت الحكاية يتحرك قلمي
اطلع على الأدب العالمي بكثرة..شكرا لتعليقك الجميل.. وعذر للأخطاء اللغوية التى شابت النص

هذا كأنه رد منك على ما كنت أعتزم قوله ، ولذا لا حاجة لقوله ولا حاجة للتأكيد على أنك أديبة مميزة في فن القصة ، وصدقيني أن مثل هذه النصوص لا تخدم هذا الفن ولا تفيد مستواك الأدبي الشخصي.

على العموم سرني أنك تدركين ما كتب وتشعرين بأنه مستغرب بل وربما كان مستنكرا في محتمعنا العربي والإسلامي.

تقديري

عبدالإله الزّاكي
08-08-2014, 08:00 AM
تنتبذ هي ركنا قصيا في الحانة تجلس هناك بلا حراك، تتجرع الكأس تلو الآخر لا ترفع وجهها مشعثة الشعر، حول عينيها هالات سوداء كدب الباندا، لا تحدث أحدا ، تأتي منذ أن تفتح الحانة أبوابها حتى إغلاقها بعد منتصف الليل، يدرجها النادل حين تعجز عن الوقوف مشفق، ويتركها تترنح على رصيف الجادة حيث تختفي.
نظرت إليه ثم تمتمت:
ــ ماذا أتى بك في هذا الجو الماطر؟! ..مشرد مثلي!! آآآه


لستُ أدري إن كانت هذه الأحداث غريبة عن مجتمعاتنا الشرقية ؟ وهل تغيب الحانات في بلداننا الإسلامية ؟ وهل الراقصات والغانيات لا يرتدن ملاهينا الليلية ؟ وهل مجتمعانتا " المحافظة " ينعدم فيها اللقطاء وأولاد الزنى ؟

أعجبني أن الأديبة القديرة سعاد الامين تناولت الموضوع بجرأة وبفنية عالية بعيدا عن الواقعية التصويرية المملّة.

تقديري الكبير.

سعاد محمود الامين
08-08-2014, 06:22 PM
د.الأديب سمير العمري
تحية مباركة
عن أي عالم عربي واسلامي..تقحمه دائما فى مداخلاتك
لايوجد عرب الابحكم أسم البقعة الجغرافية الوطن العربي
ولايوجد إسلام ألا ماخطه التاريخ من رجال أفذاذ سطروا للأخلاق ومضوا.. وتركوا الذبح والتنكيل..والشقاق والضياع
الآن الحانات فى جميع الدول العربية بمسمياتها المختلفة حانة، بار، انداية...
رجال مخمورون ونساء سائبات يعاقرن الخمر والمخدرات... واطفال الشوارع
اتمني أن يخلع قلمك رداءة الفضيلة ..وتنظر لمجتمعتنا الفاضلة فى الخيال ما تمارسه على أرض الواقع
فقط هذا النص يختلف فى وصف المكان..ولكنه يعري.ولا لمحاسبة الخيال..ومرحبا بدروس تقنيات فن الكتابة السردية
ولك السلام

سعاد محمود الامين
08-08-2014, 06:32 PM
الأديب عبدالإله
تحية طيبة
شكرا لعبورك من هنا..
وقد أصبت المسمار فوق رأسه..:nj:
نعم هذه الممارسات موجودة ونلعق فى مرارة نتائجها
من أبناء الشوارع والمشردين ووطئ المحارم والمخدرات والقتل والتنكيل.
ولكن الإدعاء الدائم بأننا أمة الفضيلة ونموذج الأنسانية هذا هروب من الواقع..
فقط وصف مكان النص جعله غربيا وقد قصدت ذلك
وأعلم أننا فى المشرق لدينا مايشيب له الولدان..
وحين يتحرك قلمي سأعري مجتمع الفضيلة هذا
وسياسة دفن الرؤس فى الرمال هذه لاتحل المشكلة
سلم القلم ودمت بألف خير

لانا عبد الستار
24-08-2014, 01:08 AM
أم يلتقي بها ابنها في حانة ليست أما يرثى لحاله ولا حاله، فكلاهما أرباب ضياع

المشهد جميل والفكرة غريبة

أشكرك

سعاد محمود الامين
24-08-2014, 05:22 AM
الأخت الأديبة لانا
تحية عطرة
شكرا على عبورك من هنا
هناك فى مجتمعاتنا العربية أمهات يعاقرن الخمر وتدخين ورذيلة
امهات هجرن زواحهن لعشيق تهرب معه تخطط لتقتل زوجهاأمهات ذبحن ابنائهن الخ
أردت الخروج عن نموزج الأم المثالية..والأمهات بشر تحكمهن ظروف
والأنسان هو الأنسان على كوكب الأرض..وإن اختلف المكان والزمان
دمت بألف خير