المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرجل الأول بجوار باب الزنزانة



هشام النجار
22-07-2014, 06:41 PM
تدخل القوة الهاجمة لتبطش فيتلقى فدائى مغامر يجلس بجوار باب الزنزانة شراسة وبطشة الدفعة الأولى من الضرب ، الذى يخف ويهدأ شيئاً فشيئاً تلقائياً ، وهناك من يصيبه بعض الأذى والضربات على بعد خطوات من الباب وفى وسط الزنزانة وزواياها ، لكنها ليست بقوة وضراوة الضربة الأولى التى عمد ذلك الرجل بجوار الباب ليتلقاها راضياً عن رفاقه الضعفاء والمرضى . لهذا المشهد الواقعى قصص وحكايات وأسماء كثيرة متنوعة فى كتاب محنة الجماعة الاسلامية فى سجون مبارك ، لكن هناك اسم فدائى خواض معارك وغمرات مغامر عظيم ، فعل ذلك وأكثر وضحى بكل جاه القائد وبادر ليكون الأول الذى تصيبه الدفقة الأولى من اتهامات التخوين والتخذيل ونال النصيب الأكبر من جحود أبنائه وتلامذته ونال شراسة ووقاحة الدفعة الأولى من الشتائم والسباب ، وظل يشرح لهم وينصح حتى بعدما أقصوه عندما حلت أيام العافية والظهور ومظنة جنى الغنائم ، وحتى بعدما تقرب كثيرون منهم الى الله بالبراءة منه وسبه ، ذلكم هو .. ناجح ابراهيم . الشجاعة عملة نادرة من الصعب العثور عليها فى زحمة العملات المزيفة ، ومن النادر أن تجد ذلك الهمام الصادق المشفق على أصحابه فى جميع الحالات والظروف ، الذى يخوض تجربة الرجل الأول بجوار باب الزنزانة لتطوله ألسنة الصبية الأغرار بالسوء والنقيصة ، ومن النادر أن يظل على موقفه مهما طرأ وتغير ، ومع ذلك يتحمل ويصبر عسى أن يفهموا عنه يوماً ويبصروا فقهه ويعوا رؤيته الاستشرافية ، وهو على كل الأحوال لا ينتظر منهم جزاءاً ولا شكوراً . فى مقابل الغش الذى يستشرى كالنار فى جسد كل شئ بسرعة وسهولة لينال أحدهم ألقاب الشجاعة والبطولة ونوط استحقاق القيادة والزعامة ، ولا يهم بعدها اذا طمست الحقائق أو استطالت المحن أو ضاعت المكاسب أو تمزق الصف أو صارت الحركة فى مهب ريح الحظر والقصف ودعاتها عرضة للملاحقة والتضييق وأبناؤها وعائلاتهم فى مرمى العصف من جديد . كثيرون يجيدون اقصاء المناضلين الحقيقيين عن مشهد الصدارة أوقات الرخاء ، ببضعة أتباع وعصبة لها مريدون وحمية تحريض ومزاعم جوفاء ، كان لها ما كان بعدها ، حتى أننى قرأت يومها فى عين الشيخ ما لم أقرأه طوال صحبتى له ، ولم أستطع التعبير عنه ، انما لخصها صديق رائع نادر مشترك بيننا توفاه الله هو الشيخ الحبيب مجدى الغريب ، فى قصيدة كتبت لها مقدمة نثرية وأخبرنى مؤخراً الشيخ ناجح ونحن هناك فى أقاصى العالم فى جنوب آسيا أنه تمنى أن يصنع لها بروازاً ويعلقها فى عيادته الخاصة بالاسكندرية ، عنوانها " نضب الوفاء بأرضنا " ، يتحدث فيها الشيخ مجدى رحمه الله عن " غدر ونكران وخيانة " ، ويد قابيل التى أفسدت الاخوة وقتلت الحب ومزقت الصف وفرقت الشمل وطمست الحقائق . ويسألهم فى الحاح : هل بعد كل هذه السنوات نفترق ونهدم ما بنيناه ، وأنكرنا ماضى وتاريخ القادة والعلماء والمفكرين والمشايخ . فى قصيدة موجعة يقول فى بيتها الأول : " عذراً فقد نضب الوفاء بأرضنا ونسى الأشاوس فضل كل كبير " ! نتحرك فى اندونيسيا الجميلة الرحبة بين شبابها وشيوخها ونسائها وعلمائها ومثقفيها ، نلقى محاضرات فى المساجد والجامعات ، تعقد ندوات ، نحاور الشباب ونناقشهم ونسمع منهم ويسمعون منا ، وغالبيتهم يستجيبون ويغيرون فكرتهم ووجهتهم التى انطلقوا اليها بدون ادراك واحاطة شاملة بالقضايا والمسائل والتحديات ، ويتهافتون على سماع الأفكار والرؤى وعلى ترجمات كتب الشيخ ، ومجالسنا تضج بالتقدير والتوقير والحب الصادق ، نلمسه فى العبارات وتعبيرات الملامح ، وحتى من لديه تحفظ فى بعض النقاط ووجهة نظر مخالفة فهو يرفع الرجال الى مكانتهم بأخلاق ومكارم وأدب راق . يسند الشيخ رأسه فى معظم الأوقات بيده من قسوة الصداع الذى لم يفارقه منذ كان معه بالسجن ، ويلاقى صعوبة بالغة فى التوفيق بين السكر والصداع والارهاق ، ورغم ذلك يسافر أطول الرحلات وأشقها ليقول كلمته وليسمعها الشباب المسلم وينشر رؤيته فى الآفاق ، ويظل رغم ما به من شهرة وما عوضه الله به من جمهور عريض وصل الى أقاصى الأرض مشغولاً بأبنائه فى مصر ، يحكى لى تمنيت لهم كذا وخططت لهم أن يكونوا فى هذه المكانة الدعوية أو الفكرية أو الاعلامية – يذكرهم بالاسم - ، ثم يقابلون بالجحود والغمز واللمز والتطاول ! الوحيد الذى تمنيت صحبته مع الشيخ ناجح فى رحلاتنا خارج مصر هو الفقيه المبدع والداعية الفذ الصديق الراحل مجدى الغريب ، فقد لاقى مثل هذا الجحود وتقدم عليه من هو أقل منه موهبة ، واذا كان نضب الوفاء بأرضنا فى مصر فهو باندونيسيا محصول وفير . يتنفس الشيخ ناجح فى اندونيسيا هواء الوفاء والمحبة الصادقة والتقدير لاجتهاداته وفكره ورؤاه ، الذى لا يتوفر فى البيئة المصرية لدى تلامذته الذين رباهم على يده ، وربما هذا ما يجعله يغامر بالسفر تلك المسافات البعيدة . وأظل أنا أغبط نفسى بصحبة الرجل الأول بجوار باب زنزانة الجماعة الاسلامية الكبيرة . والحمد لله رب العالمين . وللحديث عن رحلة اندونيسيا الدعوية والفكرية بقية ان شاء الله

ربيحة الرفاعي
02-08-2014, 12:04 AM
لأنك تعرفه جيدا، فقد تحدثت عنه بوجدانية أحسسنا من خلالها بقدره وعلمه ولكننا لم نجد ما يعرفنا به علما وفكرا لنعرفه بعض ما تعرفه

حفظ الله للأمة علماءها الأجلاء الصادقين المخلصين، وأزاح عن كتفها أدعياء العلما وعلماء السلاطين
وأدامك كريما وفيا

تحاياي