المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( بريل )



عدي بلال
04-08-2014, 10:37 AM
بريل




لم تكن كفيفة، حين مررت بباطن أصابعها على كتابٍ، كُتِبَ بطريقة " بريل " ..!


خفيةً من وحيدها، خيفةً من القادم المحتوم، توارت مكلومةً خلف سريرها، وتقرفصت، وكتمت أنينها، ثم رفعت إلى السماء رأسها، وابتهلت، ثم أسدلت كفيها على وجهها، وأمّنت .




.


.




قال الطبيب :


( يطلق على هذا المرض سارق البصر نظرا الى ان المرض لا تكون له اعراض واضحه في بداياته ويؤدي فقدان البصر بالتدريج الى فقدان النظر بشكل دائم في حال غياب العلاج. كما يعتبر هذا المرض ثاني اكثر الامراض المسببة للعمى على مستوى العالم. ) *





مادت الأرض من تحتها، وتمالكت في صعوبةٍ نفسها، وشعرت للحظاتٍ بأن جدران العيادة قد أُطبِقَت، فأوصى في تعاطفٍ ممرضته، بأن ترافقها حتى تستقل سيارة أجرة، وفعلت .




أسندت رأسها إلى ظهر المقعد، ونظرت من النافذة، وشعرت بثورة ذاكرتها تناشدها حفظ الأماكن ، المشفى، ثم الحديقة، ثم ذلك التقاطع، الذي أفقدها قبل سنةٍ زوجها، حبيبها، فأغمضت بشدةٍ عينيها، وفتحتهما في مرآة السائق، وتجاهلت نظراته لها .




أدارت المفتاح في مداره، وفتحت الباب في وهنٍ، فتلقفتها يد أمها في قلقٍ، ونظرت في صمتٍ إلى ولدها .




" عامر " في العاشرة من عمره ، طفل ذكي، وشهادات التفوق يزداد وزنها وحجمها، مع نهاية كل عامٍ دراسي، والشكاوى من شقاوته تزداد أيضاً .




رأته يقعد على كرسي، ويقلد مدرسته لجدته، ثم سكت فجأةً، فظنت - لوهلةٍ - بأنه أدرك معنى نظرتها إليه.


ضمته طويلاً إلى صدرها، ودعت الله أن ترى شهادة تخرجه سراً، ثم نظرت إلى عينيه، وجهرت بأمنيتها على مسمعه، فأنصت .. كأنها في جهرها تُحبط محاولة اليأس في اغتيال بصرها .




على مائدة العشاء، ساد الصمت إلاّ من قرع الملاعق بالصحون، وصرير السكاكين أحياناً، بيد أن الأطباق مكثت ممتلئةً إلاّ قليلا.


ابتسمت في وجهه، وقالت: هل ستكون هادئاً حين لا أراك ..؟!


أخفض رأسه إلى الأرض، وأومأ موافقاً على طلبها .


فقالت: إياك أن تفعل .. وضحكا معاً، بينما عجلت الجدة في مشيتها إلى المطبخ، تحمل في يدها طبقها، وفي قلبها حسرة، واستسلمت لعبرتها.


.


.




استجمعت قواها من خلف السرير، وتأكدت من ابتسامتها في غباش أمام مرآتها، وازداد الشعر الأبيض في غرتها شعرتين، واتخذت مكانها في صالة البيت، في انتظار نتيجته، تمسك في يدها ذلك الكتاب بشدةٍ، تقرر في نفسها أمراً.




قالت لصورة جدته المعلقة أمامها على الحائط، وقد توشحت بشريط أسود بعد العشاء الأخير ..!




( أكاد أقسم بأنه يعلم بمرضي، ولطالما حرك من أمامي الكراسي، وتظاهرنا بأننا لا نعلم )




طرقات الباب تشي بخبرٍ سعيد، مع غناء هذا المزعج وصرخاته المجنونة.




( شهادة التخرج يا أم عامر .. انظري )




خيم الظلام فجأةً، فلم تفزع، واستجمعت قواها حين وقف أمامها ..




أمسك بيدها في ثباتٍ وحنانٍ، ومرر أصابعها على الشهادة، وسحب الكتاب من يدها الأخرى، وقال لها :


( اقرأي .. من هنا .. ، ألم يقل القاص بأن " عامر " طفل ذكي ..! ، وافقت إدارة الجامعة على طلبي الإنساني، والاستثنائي )


.


.


.


قالت " أم عامر " كدت أن أراها ..

----------------------
* الدكتور أحمد محمد المنجومي

آمال المصري
06-08-2014, 01:07 PM
نص انساني ماتع بسرده وفكره قوي الحبكة
وجاءت نهايته موفقة عندما طالب إدارة الجامعة بأن تستخرج له الشهادة مكتوبة بطريقة بريل ليسعد بها قلب والدته
أبدعت أديبنا الفاضل
تحاياي

ناديه محمد الجابي
06-08-2014, 03:08 PM
جميل أن يكون الإنسان أقوى من المصاب الذي يكتبه الله عليه
وأن يقابله بالصبر والثبات ـ خاصة إذا كان مصاب الإنسان في حبيبتيه ..عينيه
تصوير معبر وسرد هادئ بسرد رائع اللفظ والحرف لقصة انسانية
يعجبني هذا العمق ، والتوجه الإنساني الراق بالغ التاثير
وخاتمة رائعة .. في تحقيق أمنية الأم برؤية شهادة التخرج ، وقد طبعها بطريقة
بريل فشعرت كأنها تراها.
كتبت فأبدعت .. دمت فاصا موهوبا.
همسة : الفراغات الكبيرة بين سطور القصة تشتت المتلقي في تجميع ما يقرأ
أو هذا رأي على الأقل. ولك تحياتي وتقديري.

عبد السلام دغمش
06-08-2014, 06:19 PM
قصة جميلة طرحت هذه القضية الانسانية بأسلوب فريد ..
تقديري الكبير .

ربيحة الرفاعي
12-08-2014, 02:49 AM
الفكرة رائعة وأكثر والنص جميل ومؤثر والأداء السردي شائق
غير أن طريقة العرض أرهقتني، وليت كاتبنا اعتمد أسلوب الفقرة وتجنب ترك كل تلك المسافات بين السطور

دمت بخير أيهاالكريم

تحاياي

رويدة القحطاني
28-08-2014, 01:34 AM
القصة جميلة ومؤثرة
مع أني تمنيت لو لم تترك هذه المسافات بين السطور

احترامي

خلود محمد جمعة
29-08-2014, 01:15 PM
سرد سلس بأسلوب مشوق ونهاية جميلة
قصة إنسانية حيكت ببراعة
تمنيت لو كانت متصلة وبلا مسافات
تقديري

لانا عبد الستار
04-09-2014, 01:05 AM
حرفك مميز أيها الأديب وأسلوبك شدني وأثر في كثيرا بهذه القصة الإنسانية المؤثرة
طبعا أنا مع ما تفضل به الكرام من أن هذه المسافات بين السطر أفقدت التركيز بشكل ما

أشكرك

د.حسين جاسم
02-01-2015, 01:49 AM
هل يكفي أن أقول رائعة في وصفها؟
أثرت بي بلغتها وأسلوبها كقصة وهزت أعماقي كفكرة
أحييك

نداء غريب صبري
28-03-2015, 09:37 PM
القصة جميلة ومؤثرة والسرد مشوق
ولكن الخاتمة أثرت بي جدا

شكرا لهذه القصة الرائعة أخي فقد تعبنا من قصص العقوق ونشتاق لقصة فيها هذا البر

بوركت

عدي بلال
04-06-2016, 10:11 AM
نص انساني ماتع بسرده وفكره قوي الحبكة
وجاءت نهايته موفقة عندما طالب إدارة الجامعة بأن تستخرج له الشهادة مكتوبة بطريقة بريل ليسعد بها قلب والدته
أبدعت أديبنا الفاضل
تحاياي



القديرة آمال المصري

أعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لكِ على حسن القراءة والتعقيب قديرتنا.

امتناني وتقديري

عدي بلال
04-06-2016, 10:13 AM
جميل أن يكون الإنسان أقوى من المصاب الذي يكتبه الله عليه
وأن يقابله بالصبر والثبات ـ خاصة إذا كان مصاب الإنسان في حبيبتيه ..عينيه
تصوير معبر وسرد هادئ بسرد رائع اللفظ والحرف لقصة انسانية
يعجبني هذا العمق ، والتوجه الإنساني الراق بالغ التاثير
وخاتمة رائعة .. في تحقيق أمنية الأم برؤية شهادة التخرج ، وقد طبعها بطريقة
بريل فشعرت كأنها تراها.
كتبت فأبدعت .. دمت فاصا موهوبا.
همسة : الفراغات الكبيرة بين سطور القصة تشتت المتلقي في تجميع ما يقرأ
أو هذا رأي على الأقل. ولك تحياتي وتقديري.


القديرة نادية الجابي
اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لإنسانيتكِ، ورقة قلبكِ في التفاعل مع فكرة النص وأبطال هذه القصة.

فيما يخص ملاحظتكِ للفراغات بين السطور، فإنني أعتذر عنها، هو خطأ في الإدراج وعدم متابعة مني.

ممتنٌ لوقتكِ الثمين هنا أ. نادية
تحاياي

عدي بلال
04-06-2016, 10:14 AM
قصة جميلة طرحت هذه القضية الانسانية بأسلوب فريد ..
تقديري الكبير .


القدير والأخ العزيز عبد السلام دغمش

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري العميق لك لمتابعتك ووقتك الثمين أيها الكريم أصله.

عدي بلال
04-06-2016, 10:15 AM
الفكرة رائعة وأكثر والنص جميل ومؤثر والأداء السردي شائق
غير أن طريقة العرض أرهقتني، وليت كاتبنا اعتمد أسلوب الفقرة وتجنب ترك كل تلك المسافات بين السطور

دمت بخير أيهاالكريم

تحاياي


القديرة ربيحة الرفاعي

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لوقتكِ ورأيكِ الذي أقدره.
وملاحظتكِ على العين والرأس ..

امتناني وتقديري ..

عدي بلال
04-06-2016, 10:17 AM
القصة جميلة ومؤثرة
مع أني تمنيت لو لم تترك هذه المسافات بين السطور

احترامي


القديرة رويدة القحطاني

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لوقتكِ ورأيكِ وملاحظتكِ ..

امتناني أيتها الكريمة أصلها

عدي بلال
04-06-2016, 10:18 AM
سرد سلس بأسلوب مشوق ونهاية جميلة
قصة إنسانية حيكت ببراعة
تمنيت لو كانت متصلة وبلا مسافات
تقديري


القديرة خلود جمعة

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لوقتكِ ورأيكِ الذي به اعتز، وملاحظتكِ على العين والرأس.

امتناني

عدي بلال
04-06-2016, 10:19 AM
حرفك مميز أيها الأديب وأسلوبك شدني وأثر في كثيرا بهذه القصة الإنسانية المؤثرة
طبعا أنا مع ما تفضل به الكرام من أن هذه المسافات بين السطر أفقدت التركيز بشكل ما

أشكرك


القديرة لانا عبد الستار

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكري الجزيل لوقتكِ ورأيكِ الذي به اعتز، وملاحظتكِ على العين والرأس.
سرني أن النص قد نال استحسانكِ.

امتناني

عدي بلال
04-06-2016, 10:20 AM
هل يكفي أن أقول رائعة في وصفها؟
أثرت بي بلغتها وأسلوبها كقصة وهزت أعماقي كفكرة
أحييك


القدير د. حسين جاسم

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وامتناني لكلماتك الطيبة.
سعدت جداً بأن النص قد نال استحسانك .

امتناني وتقديري

عدي بلال
04-06-2016, 10:21 AM
القصة جميلة ومؤثرة والسرد مشوق
ولكن الخاتمة أثرت بي جدا

شكرا لهذه القصة الرائعة أخي فقد تعبنا من قصص العقوق ونشتاق لقصة فيها هذا البر

بوركت


القديرة نداء صبري

اعتذاري الشديد عن التأخر في الرد، وشكراً كثيراً لتفاعلكِ مع النص، ورأيك الكريم .

امتناني وتقديري