تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ظلمـة



عبدالله عيسى
21-08-2014, 08:19 PM
ظلمــــــــــــــــــة


النهار يمتزج في الليل .. فيذوب النور ويتلاشى .. وتصير الأوقات كلها مكحلة بالســـواد .. !
ويبقى القمر المغشي عليه طريحا في السماء كحمامة طعنها نصل غادر .. أما النجــــوم تخلت
عن زينتها ، وبدت كنسوة بجلابيب سود تندب لرحيل ميتها .. حتى النسيم العليل صار عكــرا
ملوثا ، ولم يعد ملاعبا للأغصان .. بل أمسى كئيبا ، متسكعا بين الأشجار المبتورة ، نائحـــــا
على الزيتون المتهالك الملطخ بالوحل ؛ حتى أعمدة النور مبطوحة على الأرض كقتلى أرداهــا
الرصاص ، وغيرها محنية كشيوخ حناها الدهر ولاذ بالفرار ؛ بينما الفضاء خلا من أطيــــاره
وغراده ، ليس فيه سوى بقايا دخان ابتلعها الظلام فزادت من صبغته ، حتى الأرض عــــريت
من الدواب ومن الخطى ، ليس فيها الا دواب الموت ، موغلة في سراديب الحطــــام ، وخطى
قدمان متعبتان تنحدران في عتمة النفس .. تتزحزحان مابين أطلال المدينة . لعــــل الشوارع
والأزقة تحفظان ولو ببواق من فلذات الأكباد ، وبواق من العشيرة ، ولعل المخابئ تجـــــــود
بالأبطال .. ؛ أو لاهذا ولا ذاك : لعل الفضاء يحتشد بأطيار أبابيل .

كادت القدمان المتعبتان تفقدان حراكهمـا .. وبدا الإنهاك يطارد الشهيق والزفير .. ؛ تسمرت
قدميهـا .. ثم هبطت متقوقعة على صخرة من بيتها المكوم .. لاتشغلها ضـــــتـربات المخيض ،
بمثل ما تشغلها ضربات الهزيمة .. وانطفاء الشموس .. وتلطيخ الجواهر .. ويشغلها أيضـــا
الإنصات ــ من فينة لأخرى ــ بين الجدران المتناثرة ، لعلها تسمع أنينا يذيب بعضا من الثلـج
المتراكم على صدرها ، كتراكم الجليد في الأقطاب البعيدة .

أغمضت عينيها ، ودموعها الجارية مازالت تفكك الدم المتخثر على وجنتيهـــــــــا . تزايدت
ضربات المخيض بقـوة .. تتلــوى .. تساندها الأحجار الصلدة .. تأويهـا الأطلال المتزاحمة ..
يسترهـا الصمت المصلوب على الظلمـة ؛ رفعت عينيهـا عوضــــــــــا عن كفيها المنهكتين ؛
تتضرعت بتمتمات عجـزت عن توضيحها بلغــــة اللسان ... ، ولكنها واضحة مسترسلة إلى
السماء بلغة الفؤاد .. ثم صرخت صرخة ختمت بحياتها ، تبعها على الفور صراخ مولـــــود
فتحت عيناه على جند يتوافدون من فوهــــات المخابئ ، عازميـن على أسقاط الظلمة


عبدالله عيسى

عبدالله عيسى
21-08-2014, 08:19 PM
النص منقحا بناء على رغبة الكاتب


ظلمــــــــــــــــــة


النهار يمتزج في الليل .. فيذوب النور ويتلاشى .. وتصير الأوقات كلها مكحلة بالســـواد .. !
ويبقى القمر المغشي عليه طريحا في السماء كحمامة طعنها نصل غادر .. أما النجــــوم تخلت
عن زينتها ، وبدت كنسوة بجلابيب سود تندب لرحيل ميتها .. حتى النسيم العليل صار عكــرا
ملوثا ، ولم يعد ملاعبا للأغصان .. بل أمسى كئيبا ، متسكعا بين الأشجار المبتورة ، نائحـــــا
على الزيتون المتهالك الملطخ بالوحل ؛ حتى أعمدة النور مبطوحة على الأرض كقتلى أرداهــا
الرصاص ، وغيرها محنية كشيوخ حناها الدهر ولاذ بالفرار ؛ بينما الفضاء خلا من أطيــــاره
وغراده ، ليس فيه سوى بقايا دخان ابتلعها الظلام فزادت من صبغته ، حتى الأرض عــــريت
من الدواب ومن الخطى ، ليس فيها الا دواب الموت ، موغلة في سراديب الحطــــام ، وخطى
قدمين متعبتين تنحدران في عتمة النفس .. تتزحزحان مابين أطلال المدينة . لعــــل الشوارع
والأزقة تحفظان ولو ببواق من فلذات الأكباد ، وبواق من العشيرة ، ولعل المخابئ تجـــــــود
بالأبطال .. ؛ أو لاهذا ولا ذاك : لعل الفضاء يحتشد بأطيار أبابيل .

كادت القدمان المتعبتان تفقدان حراكهمـا .. وبدا الإنهاك يطارد الشهيق والزفير .. ؛ تسمرت
قدماهـا .. ثم هبطت متقوقعة على صخرة من بيتها المكوم .. لاتشغلها ضـــــــربات المخاض ،
بمثل ما تشغلها ضربات الهزيمة .. وانطفاء الشموس .. وتلطيخ الجواهر .. ويشغلها أيضـــا
الإنصات ــ من فينة لأخرى ــ بين الجدران المتناثرة ، لعلها تسمع أنينا يذيب بعضا من الثلـج
المتراكم على صدرها ، كتراكم الجليد في الأقطاب البعيدة .

أغمضت عينيها ، ودموعها الجارية مازالت تفكك الدم المتخثر على وجنتيهـــــــــا . تزايدت
ضربات المخاض بقـوة .. تتلــوى .. تساندها الأحجار الصلدة .. تأويهـا الأطلال المتزاحمة ..
يسترهـا الصمت المصلوب على الظلمـة ؛ رفعت عينيهـا عوضــــــــــا عن كفيها المنهكتين ؛
تضرعت بتمتمات عجـزت عن توضيحها بلغـــــة اللسان ... ، ولكنها واضحة مسترسلة إلى
السماء بلغة الفؤاد .. ثم صرخت صرخة ختمت بحياتها ، تبعها على الفور صراخ مولـــــود
فتحت عيناه على جند يتوافدون من فوهــــات المخابئ ، عازميـن على أسقاط الظلمة


عبدالله عيسى

عبد السلام دغمش
22-08-2014, 12:08 PM
الأستاذ عبد الله عيسى
نصّ جميل والأجمل فكرته التي تنقل مشهداً وأجواءً يعيشها الأهل والجيران في غزة .
رغم الاسترسال في وصف المشهد الا انك اجدت في رسم ملامحه .. ومن بين حياة اخذتها يد الجبروت والطغيان تولد حياة جديدة ..
القفلة كانت رائعة حقاً ورافقت معنى الولادة بظهور المقاومين وعزيمتهم .
كنت أتمنى لو انك دققت النص لغويا .. ( تسمرت قدماها ، المخاض ، تضرعت )
لك من قلبي تحية .. وبورك حسك الأصيل ونبضك القريب ..
تقديري.

عبدالله عيسى
22-08-2014, 04:30 PM
الأخ الفاضل الأديب . عبدالسلام دغمش
الجميل أنك أوقفت حيرتي مابين لفظي : المخيض ــ المخاض ؛ وما حضرتني الآية الكريمــــــة القائلة :
" فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ " والأجمل حضورك هنا وإعجابك بالنص ، رغم الخسارة اللغوية
والمطبعية التي لم أتبينها الا من خلال مداخلتكم .

أرجو من حضراتكم ، أو من له امكانية التصحيح تعديل ما أشرتـــــــم إليه :
وأضيف على ذلك كلمة : ضربات . في جملة " لاتشغلها ضربات المخيض "
شكرا لك . يسعدني حضوركم مع كل محاولة . وافر سلامي ..

عبدالله عيسى
23-08-2014, 02:41 PM
ظلمــــــــــــــــــة


النهار يمتزج في الليل .. فيذوب النور ويتلاشى .. وتصير الأوقات كلها مكحلة بالســـواد .. !
ويبقى القمر المغشي عليه طريحا في السماء كحمامة طعنها نصل غادر .. أما النجــــوم تخلت
عن زينتها ، وبدت كنسوة بجلابيب سود تندب لرحيل ميتها .. حتى النسيم العليل صار عكــرا
ملوثا ، ولم يعد ملاعبا للأغصان .. بل أمسى كئيبا ، متسكعا بين الأشجار المبتورة ، نائحـــــا
على الزيتون المتهالك الملطخ بالوحل ؛ حتى أعمدة النور مبطوحة على الأرض كقتلى أرداهــا
الرصاص ، وغيرها محنية كشيوخ حناها الدهر ولاذ بالفرار ؛ بينما الفضاء خلا من أطيــــاره
وغراده ، ليس فيه سوى بقايا دخان ابتلعها الظلام فزادت من صبغته ، حتى الأرض عــــريت
من الدواب ومن الخطى ، ليس فيها الا دواب الموت ، موغلة في سراديب الحطــــام ، وخطى
قدمين متعبتين تنحدران في عتمة النفس .. تتزحزحان مابين أطلال المدينة . لعــــل الشوارع
والأزقة تحفظان ولو ببواق من فلذات الأكباد ، وبواق من العشيرة ، ولعل المخابئ تجـــــــود
بالأبطال .. ؛ أو لاهذا ولا ذاك : لعل الفضاء يحتشد بأطيار أبابيل .

كادت القدمان المتعبتان تفقدان حراكهمـا .. وبدا الإنهاك يطارد الشهيق والزفير .. ؛ تسمرت
قدماهـا .. ثم هبطت متقوقعة على صخرة من بيتها المكوم .. لاتشغلها ضـــــــربات المخاض ،
بمثل ما تشغلها ضربات الهزيمة .. وانطفاء الشموس .. وتلطيخ الجواهر .. ويشغلها أيضـــا
الإنصات ــ من فينة لأخرى ــ بين الجدران المتناثرة ، لعلها تسمع أنينا يذيب بعضا من الثلـج
المتراكم على صدرها ، كتراكم الجليد في الأقطاب البعيدة .

أغمضت عينيها ، ودموعها الجارية مازالت تفكك الدم المتخثر على وجنتيهـــــــــا . تزايدت
ضربات المخاض بقـوة .. تتلــوى .. تساندها الأحجار الصلدة .. تأويهـا الأطلال المتزاحمة ..
يسترهـا الصمت المصلوب على الظلمـة ؛ رفعت عينيهـا عوضــــــــــا عن كفيها المنهكتين ؛
تضرعت بتمتمات عجـزت عن توضيحها بلغـــــة اللسان ... ، ولكنها واضحة مسترسلة إلى
السماء بلغة الفؤاد .. ثم صرخت صرخة ختمت بحياتها ، تبعها على الفور صراخ مولـــــود
فتحت عيناه على جند يتوافدون من فوهــــات المخابئ ، عازميـن على أسقاط الظلمة


عبدالله عيسى

آمال المصري
25-08-2014, 11:29 PM
من رحم الظلمة يولد النور وهنا قرأت نصا ناطقا بديع البيان والتراكيب والصور تصارعت فيه الأنفاس وفقت في نسجها وترميزها ونجحت من خلالها في إيصال الرسالة
وددت لو خففت من استخدام النقط واستبدالها بعلامات الترقيم المناسبة وهذا لاينقص من روعة النص
بوركت واليراع الفريدة
تقديري الكبير

عبدالله عيسى
27-08-2014, 03:22 PM
الأخت الأديبة الوقورة . آمـــــــال المصري
أحييكم بتحية الإسلام ، وتحيـة للكلم الطيب الذي هـو عنوان قلمكم .. وتحية حب وتقدير لشخصكم المحبوب .
ان كان هذا النجاح مستحق لي ، فهذا من مددكم ، وإن وجد من تقصير فما زلت أتسلق سلم واحتكــــــــــم .
شكر لك ودائما وافر سلامي ..

خلود محمد جمعة
28-08-2014, 01:04 AM
هي أمل ي الغد
ولادة النور من الظلمة
ثورة تشق الأرض بقوة
قصة برغم الصورة القاسية إلا انها رسمت الأمل بقوة
حرف جميل وقصة عميقة
تقديري

عبدالله عيسى
29-08-2014, 02:04 PM
الأخت الأديبة . خلــــــــــــــــود : سلام الله عليكم
الحقيقة كانت أشد قساوة من صور النص ، وخصوصا بعد الخنجر الأخير الذي شق صدر غزة ..
والأمل سيظل موجودا ولن يفارق عزم الرجال والأطفال ، وحتمــــــــــــــــــا ستتوارئه الأجنة ..
أقدر لك حضورك الجميل . وافر سلامي واحترامي

ربيحة الرفاعي
02-09-2014, 01:39 AM
ابتسامة الفجر المنبثق من أحد ساعات العتمة
وصوت الأمل الممزق أستار اليأس والألم

قصة من عمق الجرح الغزّي أحسنت رسم مشهدها رغم بعض إسهاب وحملته دفق المعنى والقيمة فولجت به روح المتلقي

تم عمل نسخة تالية للنص الأصلي بالتنقيح الذي طلبتم أديبنا

دمت بخير

تحاياي

عبدالله عيسى
02-09-2014, 09:48 PM
الوقورة الأديبة . ربيحة الرفاعي : السلام عليكم
من عمق الود أنتظر الحضور المحمل بالسخاء .. والمحمل بالأسطر المفعمة بأدوات الضبط لكل قص وقصــيد .
شكرا لكم على ماتفضلتم به من وضع نسخة معدلة ؛ وأسمح لي أن أزيد طمعا في أفراط سخاءكم ، بأن تعملي
على حذف ما قلت قيمته من النصوص المشوهة . ولكم وافر سلامي وشكري . حفظكم الله ...

د.حسين جاسم
17-09-2014, 03:18 PM
الوصف من أجمل ما يكون لكاتب بما صوّر من الحال حتى كاد المشهد المتخيل ينطق، لكن الربط بين الصور بحتى وحتى وحتى كان ضعيفا
أما الخاتمة ففيها القوة والإرادة والحلم
أحييك

ناديه محمد الجابي
17-09-2014, 05:59 PM
ولدت من رحم الموت كرمز للحياة التي لا تموت
وكما قال محمود درويش:
وحبوب سنبلة تجف .... ستملأ الدنيا سنابل
إن في قصتك حكاية مجزرة لم توقف استمرار الحياة
ووطن لا يمحوه الدمار، وإرادة تتحدى الموت
رائع ما كتبت صورة منتقاة بإحكام ومعنى عميق ومهارة في التعبير
بورك النبض والقلم.

عبدالله عيسى
17-09-2014, 11:18 PM
د . حسين جاسم
توا شرفت بشخصية جلية ، لايسعني الأن الا أن أرحب ، وأشكرك على الثناء الجميل والحضور الأجمل ..
وأوافقك الرأي بخصوص رابط الجمل الذي تكرر ثلاث مرات ؛ وهذا مــا أزعجني عند اكتشافه بعد ادراج
الموضوع ، وأمر الإصلاح يحتاج إلى وقت للحفاظ على سلاسة الجمل الذي دائما أحرص عليها ؛ وغالبا
مايتقلص رصيد الكلمات مع العجالة . أكرر شكري مع وافر سلامي

كاملة بدارنه
18-09-2014, 09:14 AM
قفلة رائعة وسرد جاذب بلغة معبّرة
بوركت
تقديري وتحيّتي

عبدالله عيسى
20-09-2014, 04:54 PM
الأخت الأديبة . ناديـــة محمد الجابي : السلام عليكم
قراءة واعية منك ، استطعت أن تتوغلي النص ، وتتوغلي أيضا ما كان في ذاتي وأنا أكتب النص ..
هذا هو التأويل بباطنه وظاهره . أحييك وأقدر لك الحضور ، وأبلغك سلامي

عبدالله عيسى
21-09-2014, 01:38 PM
الأديبة . كاملـــــــة بدرانة
ذات الحضور الجميل الذي يفتح شهية الإبداع ، ويغسل النصوص من شوائبها .. ولكن
ما عهدت منك ردا تقليديا مثل ذلك . إن تحليل النصوص هو سمة الغيورين على الأدب .
وافر سلامي ودائمــــــا