مشاهدة النسخة كاملة : تحت القصف
كاملة بدارنه
31-08-2014, 07:08 PM
تحت القصف
أُعلن عن هدنة لساعات معدودة، فقرّرتُ الخروج من البيت متفقّدا الحيّ بعد الهجوم المدمّر على عماراته وأناسه.
بيت جارتنا أم أسعد هو البيت الوحيد الذي لم يُسوّ بالأرض، حيث ظلّت بعض جدرانه محافظة على أجزاء منها، فلامست شغاف قلبي نسمة من فرح، وولّيت وجهي نحوه، وإحساس يطمئنني بأنّ العائلة بخير.
تجرجرني رجلاي، فيما أنفاسي تكاد تتوقّف بعد استنشاق الغازات السّامّة والرّوائح الحادّة المنتشرة في الأجواء، وعقلي يحدّثني بإمكانيّة اغتيالي بقذائف إحدى الطّائرات الرّاصدة لأيّة حركة على الأرض.
الحرارة عالية والرّطوبة تبلّل ثيابي وجسدي الذي لم يذق طعم الرّاحة، ولم يحظ بنعيم الماء منذ أيّام. زحفت لأتمكّن من دخول أجزاء البيت، فثقلت ملابسي المبلّلة بما علق بها من تراب، ووجدت نفسي فيما كان يسمّى المطبخ، ورأيت الثّلاجة مفتوحة ولا شيء فيها.
لاشكّ أنّ أمّ أسعد ملأتها قبل الحرب.. رحت أقلّب ما تكوّم أمامها فلم أجد ما تحتاجه الأمعاء الخاوية!
صوتُ أنين في المكان يكسر هدوء الصّمت الذي شعرت به رغم أزيز الطّائرات، فضاعف من قلقي وخوفي وجمدت مكاني، وأنصتّ لتحديد مصدر الصّوت متسائلا:
تُرى هل هو صوت أحد الأطفال النّاجين؟ أيعقل أن يكون صوت ناصر صغير أمّ أسعد المولود أثناء قصف سنة ثمانٍ وألفين للميلاد ، إثر استشهاد أبيه؟!
انطفأت منارة أعماقي، ولم أعد أرى الصّور بوضوح، لكنّ البكاء دفعني للبحث عن الصّغير. رائحة الموت تزكم أنفي وتكاد تخنقني، ونداءات تطرق مسامعي لا أعرف مصدرها، شجّعتني لإكمال الحبو والبحث، وإذ بي أمام قِطّ بجانب يد تخرج من بين الأكوام، يقترب منها ثمّ يبتعد مصدرا أنينه.. عندما رآني حاول مهاجمتي فأبصرت الدّماء على فمه، قذفته بحجر فابتعد.
إلهي أيعقل أن يكون الدّم على فم القطّ بشريّا؟
لا، لا، مؤكّد أنّه صديق لصاحب اليد ، وأصيب هو الآخر.
عاود القطّ الاقتراب من اليد، وكأنّه يريد سرقة قطعة لحم، فأرعبني أن أتخيّل هذا وصرخت لإبعاده مُتبعا الصّرخات برجمِه بما أجده أمامي.
ويلي عليك يا ناصر إن كانت هذه اليد يدك!
بدأ المكان يدور بي، ودموعي تعجن الغبار على وجهي، وطعم الطّين في فمي رغم صيامي الذي جفّف ريقي، وحاولت جمعه مرارا لأتفّ ما دخل فمي من غبار فلا أفلح. العطش يسلبني قواي، والجوع يلوي الأمعاء، والصّدمة تلزمني مطرحي، ورائحة الموت تكاد تجهز عليّ، فجمدت للحظات أحدّق في لا شيء، وأتساءل كيف سيمكنني الخروج من هنا، وأنا عاجز عن الاستمرار في الزّحف أو الحبو؟!
دعوت الله أن يمدّني بالقوّة.. حاولت رفع رأسي فأوجعني الطّوب فوقه، وأرجعني أرضا.
جلس ناصر في حضن أمّه ولمّا يتجاوز الخامسة من عمره بعد، حين جاءت أمّه لتهنئة عائلتي بتخرّج أخي طبيبا، وعندما أمسك بقطعة الحلوى سألته أمّي:
هل تريد أن تصبح طبيبا مثل جارك يا (شطّور) ؟ فأجاب:
لا، أريد أن أصبح مهندثا ( مهندسا) لأبني لأمّي بيتا أوسع من بيتنا. ضحكنا فشعر بالخجل ودفن رأسه في صدر أمّه.
ها هي ذي يد ناصر تتحدّى الرّكام والإسمنت، وتبقى مرفوعة، لكنّها لن تتحرّك، ولن ترسم خارطة لبيت جديد!
زحفت مرهقا جدّا محاولا الخروج سليما من المكان المرعب، وإذ بيدي ممسكة بدائرة بلاستيكيّة فانتزعتها لأجدها يد وعاء ثقيل. أزحت الغبار عنه، فبدت حبّات التّمر جواهر أشعرتني بامتلاك كنز جرجرته معي، لكنّه أفلت منّي حين هزّت الأرض غارة جديدة، وقصف مجدّد للحيّ، ولم أستطع الجزم بأنّ وقت الهدنة قد انتهى أو خُرقت، فسقط قلبي هلعا لأنّ الغارات تتضاعف مساء، والشّمس الغائبة خلف البحر توحي بأنّ وقت الإفطار يقترب.
إلهي، أرشدني لأخرج من هنا وأعود لعائلتي التي وعدتها بإحضار الطّعام.
عاودت الإمساك بيد الوعاء البلاستيكيّ، وزحفت ثمّ وقفت ألملم أطراف ثوب شجاعتي وقواي الخائرة، وأجبرت رجليّ الرّاجفتين المجروحتين على الثّبات والمشي حتّى وصلت بيتنا، ودويّ الانفجارات يزلزلني خوفا، فوجدت أمّي تنوح وتهذي باسمي، وقد جزمت بأنّ الغارة الجديدة استهدفتني.
حملقت بي بعدما نفضت عنها غبار غيبوبتها، ثمّ نهضت تحتضنني وتشمّني ، ويدي الممسكة بالوعاء لا تسعفني باحتضانها.
جلست وعائلتي في زاوية تحت سقف الأدراج ننتظر لحظة الإفطار، قبل أن أن تزداد دكنة اللّيل بسبب انقطاع الكهرباء، ولمّا هممت بإخراج التّمر تدافع الإخوة مهلّلين ومتسائلين عن مصدره، لكنّني لم أستطع إخبارهم، بل لم يمهلوني لأشرح لهم حين اصطفوا لتناول نصيبهم، ولمّا بدأت بأكل حصّتي غصصت وبكيت صارخا:
سامحني يا ناصر! سامحينا يا أمّ أسعد!
23/ 7/ 2014
ناديه محمد الجابي
01-09-2014, 10:55 PM
قصة مؤلمة مؤثرة جعلت دموعي تنهمر
هذه مصافحة أولى لرائعتك أستاذة كاملة
لي عودة للتعليق مرة أخرى
تحياتي وتقديري.
ربيحة الرفاعي
02-09-2014, 01:31 AM
صفحة من ملحمة انتصار غزّة مؤثثة بدقة التوصيف وبراعة الكاتبة في تحميل النص في مشاهده بالحس العميق والصورة الحيّة الناطقة، وتأريخ لشئ من الحقيقة بالتقاط للحظة ودلالاتها
وخاتمة فيها خلاصة الوجع
"سامحني يا ناصر! سامحينا يا أمّ أسعد! "
على ماذا يطلب السماح
على أن أخذ طعامهم دون إذن منهم؟ فهم قد ماتوا ولا يستأذن الموتى ولا يمتلكون
فكيف بمن سلبهم حقهم في الحياة في حياتهم بالحصار ورفع الجدر ودعم المحتل!
على أنه يضع اللقمة في فمه ليواصل الحياة وهم قد رحلوا
وهل يعيد الراحل استغناء محبيه عن حياتهم ؟!
فماذا نفعل بضمائرنا أمام من ذهبوا ليواجهوا الموت مختارين يحفرون الأنفاق أو يعبرونها لمواجهة الغاصب!
أليسوا أحق منا بالحياة؟ ولكننا نواصلها وقد تركوها !
نص لو أسلمت نفسي لتأمل كل صورة منه وكل إشارة لاستغرقني ساعات
أثبته استحقاقا وإكراما لغزّة وشعبها
دمت سيدة الحرف بألق
تحاياي
ناديه محمد الجابي
02-09-2014, 10:25 AM
في الحرب العدوانية الإبادية على غزة دخلت كافة صنوف أسلحة
ترسانات الموت الغربية وأدلت بدلوها في صناعة هذه المحرقة
المستهدفة لكل تفاصيل الحياة في غزة من بشر وشجر وحجر
كم من البيوت هدمت ، وكم سقط من شهداء.
تفننوا أبناء القردة والخنازير من تحويل هذه البقعة المقاومة إلى
كومة من دماء ورماد وبحيرة من الدم المراق.
و( تحت القصف) .. هو ضوء مسلط على هذا القصف الهمجي من
خلال قصة إنسانية لطفل يواجه الخوف والجوع والألم في تجسيد للواقع
بمصداقية مؤلمة.
عزيزتي كاملة.. لقد وضعت بصمة خاصة في ملعب السرد القصصي
قابضة على أدواتك بتمكن في نص تسجيلي توفرت فيه مساحة للوصف
والتأمل والتفاعل والتداعي ، وفي رؤية عميقة.
أبدعت وأجدت الوصف والبيان في ثوب أدبي بديع.
تحياتي لسامقة يفخر بها قلمها.
خلود محمد جمعة
03-09-2014, 08:13 AM
تحت القصف ؛ صورة من ألبوم غزة المتخم بقصص أبطالها من نسج الواقع
غزلت لنا الأديبة كاملة الوجع بمداد من معاناة الشعب الفلسطيني ملونة بدموع ودماء ويفوح منها رائحة الطين الذي جبل ببطولات أبناءه بحرفية متقنة حد الإبداع
سرد مائز بأسلوب مشوق وحبكة محكمة بنهاية صفعت قلوبنا كما صفعت ضمير البطل الذي تأسف على أخذ حبات التمر دون استئذان فربما ما زالت أم سعد مجهولة المصير ولم يتأكد أن اليد هي لناصر ، غصت اللقمة في حلقه كما غص قلبه لوعة على ما آلت إليه أحلام ناصر و أحلام الكثيرين
موجعة وصادقة وتستحق التثبيت
أشكرك سيدتي على ما تمنحينا من روعة الغوص في بحر إبداعك
دمت ذهبية الحرف ونقية الروح
ياسمينة وكل التقدير
عبد السلام دغمش
04-09-2014, 10:35 AM
الأخت الأديبة كاملة بدارنة
نص قصصي متميز .. نقلنا الى جو المأساة وجعلنا رهيني تلك الجدران المهدمة والحطام المتراكم ..
نحن لا نزال بقلوبنا هناك .. يسكن فينا الوجع مثلما يعلو النصر فوق المأساة ..
النص تركنا في مساحة من التساؤل : هل قضى ناصر ذلك الفتى الصغير .. وهنا أشير مقتبساً من النص " ها هي ذي يد ناصر تتحدى الركام والاسمنت، تبقى مرفوعة ، لكنها لا تتحرك " .. ام أن هتاف بطلة القصة في الختام " سامحني يا ناصر ،سامحينا يا أم سعد " هو إشارة انه ربما لا زال على قيد الحياة ؟ ثم تركته لمصيره ..؟ذلك الهتاف الأخير لبطلة القصة حمل في نفسي شخصيا شيئا من التحفظ ..
تحيتي وتقديري .
هشام النجار
05-09-2014, 09:50 PM
السرد هنا للتحدى الخالص كأن أبطالها يقصفون القصف بارادتهم الصلبة وبقدراتهم الذاتية التى تبحث عن الحياة ومظاهرها ومقوماتها فى ركام الموت وتحت أنقاض الفجائع والأهوال .
بطل القصة فى أول سطرها " يتفقد " ، وهو فعل استمرارى ربما لا يتناسب مع واقع الأهوال والموت والأنقاض والدماء والموت ، ولا يناسب حالة رجل أنهكه الجوع والعطش وضربه الاعياء ، وربما ناسبه فعل آخر يائس محبط عاجز مثل " يتخبط " " يترنح " " يتداعى " ، أو حتى ربما يستسلم للجوع والضعف والعجز والخوف ويبقى فى مكانه فى انتظار مصير مشابه لمصير ناصر وأبيه وأم أسعد .
هم يتمنون حقاً هذا المصير ويفرحون بالشهادة ، لكن حتى تجيئ هم ينحتون فى الجدران الصلدة لمعانقة النصر وقتل الهزيمة والرد بأنفاس الحياة على شياطين الموت وسماسرته .
اذاً يتناسب فعل " يتفقد " الاستمرارى الواثق فى الحياة ، بهذا الكبرياء وتلك العزة ، فكأنه لا شئ هنالك ، لا جوع لا حرب لا صوايخ لا موت ، وتلك هى الأفعال التى تتناسب مع مبدعى الحياة وطلاب الحقوق وأصحابها فى ساحات الموت ، فهم قادرون على الظهور كملوك فى عز الرفاهية والامتلاء والزهو ، وبطونهم خاوية وعروقهم جافة ، لأنهم مملوءون بالايمان والثقة واليقين .
ناصر الصغير ابن الشهيد الذى مات تحت الأنقاض " لكنها لن تتحرك ولن ترسم " ، تبقى يده مرفوعة ، وان نجحوا فى أن يذيقوه الموت الا أنه يأبى الاستسلام وتخترق يده الركام والأنقاض وتبقى مرفوعة الى فوق ، مشيرة الى العلو اتجاه البناء ، حيث حلمه أن يصبح مهندساً سيتحقق لا محالة ليأتى من يحول هذا الدمار والفقر والموت الى بناء ونهضة ورفاهية وحياة .
هى قصة البحث عن الحياة والاصرار عليها فى مواجهة الموت ، وان كان ينزل هذا الأخير مع القذائف والقنابل والصواريخ من السماء ، فالحياة صاعدة تتحدى ، ترتفع وتكبر ، وان مات ناصر وقبله أبوه وماتت أمه فهناك من يواصل بعده الحياة ليواصل التحدى ، هناك من يواصلون على قوت وثمار عائلة أم السعد التى قضت ، فان لم تأكل هى ثمارها ، ستأتى عائلة أخرى لتستخرج مقومات الحياة من تحت أنقاض الموت لتواصل العيش وتحيا وتتحدى وتبقى ، ليستمر الصمود ولا يفرض الموت على الوجود ارادته .
آمال المصري
07-09-2014, 12:35 PM
تحت القصف ...
تتعدد قصص تتقطع لها نياط القلوب ويمزقنا الأسى لما نتوقعه ومالا نتوقعه هناك
وهنا برعت أديبتنا القديرة في نقل واحدة منها تصويرا ووصفا دقيقا وبيانا راقيا وحبكة وسردا استحوذ علينا واستدر الدموع رغما وجعلتنا نعيش الأجواء تحت القصف
بوركت واليراع الفريدة
تقديري الكبير
وليد عارف الرشيد
07-09-2014, 10:19 PM
نص قصصي رائع ولا غرابة فكاتبته أديبة كبيرة ومتمكنة
ولكن الحديث في جماليات وروعة السرد واللغة والعزف على المشاعر يطول ويطول
وأدعه لغيري وأمضي محملا بنشوة المتعة ودموع لم أفلح في إخفائها
بوركت مبدعتنا وغزة وأهلها
فاطمه عبد القادر
09-09-2014, 09:44 PM
جلست وعائلتي في زاوية تحت سقف الأدراج ننتظر لحظة الإفطار، قبل أن أن تزداد دكنة اللّيل بسبب انقطاع الكهرباء، ولمّا هممت بإخراج التّمر تدافع الإخوة مهلّلين ومتسائلين عن مصدره، لكنّني لم أستطع إخبارهم، بل لم يمهلوني لأشرح لهم حين اصطفوا لتناول نصيبهم، ولمّا بدأت بأكل حصّتي غصصت وبكيت صارخا:
سامحني يا ناصر! سامحينا يا أمّ أسعد!
السلام عليكم
قصة موجعة جدا ,
في الحروب يحصل هذا وأكثر ,
كم معاناة قد واجهت أهل غزة تحت القصف ؟؟
في الحقيقة من تنهال عليه الضربات غير الذي يعدّها !
موت ,,دمار ,,ظلام,, جوع,, صيام ,,عطش ,,خوف,, .
عروقنا قد نشفت عن بعد بعيد من تلك الحرب ,فكيف أهل غزة ؟؟
كانت القصة مرآة شفافة عكست صورة واحدة ,من ألوف الصور الرهيبة .
قصة رائعة ,يا كاملة العزيزة ,غاصت في كل عمق ,من اليد التي تهاجمها القطة ,إلى رائحة الموت ,
ومن الثلاجة المهدمة الفارغة, إلى الأنقاض المتراكمة ,ثم العثور على بعض حياة تحت الركام ,ثم الضمير الموجوع ,,
يا لها من قصة ؟
شكرا لك
ماسة
مصطفى الصالح
11-09-2014, 08:29 PM
هذا واقع
لولا تدارك النص في النهاية لسألت لماذا ترك الغلام وأمه، تركهم ليعود بتمرات
وأنا ما زلت أنظر للقط وهو يلتهم يد الصغير شيئا فشيئا، حتى لا يموت هو ايضا
سرد مشوق بلغة سلسة جذابة
أتقنت رسم المشهد بحرفية تامة والقفلة كانت واقعية وصادمة
أبدعت
تحياتي
كاملة بدارنه
16-09-2014, 09:49 AM
قصة مؤلمة مؤثرة جعلت دموعي تنهمر
هذه مصافحة أولى لرائعتك أستاذة كاملة
لي عودة للتعليق مرة أخرى
تحياتي وتقديري.
عذرا لانهمار دموعك التي أدرك أنّ فيها صدق المشاعر ورقّة الإنسانيّة التي غابت عمّن ارتكبوا ما وصف من هول المشهد
وشكرا لمرورك الأوّل والثّاني عزيزتي نادية
بوركت
تقديري وتحيّتي
كاملة بدارنه
16-09-2014, 09:58 AM
صفحة من ملحمة انتصار غزّة مؤثثة بدقة التوصيف وبراعة الكاتبة في تحميل النص في مشاهده بالحس العميق والصورة الحيّة الناطقة، وتأريخ لشئ من الحقيقة بالتقاط للحظة ودلالاتها
وخاتمة فيها خلاصة الوجع
"سامحني يا ناصر! سامحينا يا أمّ أسعد! "
على ماذا يطلب السماح
على أن أخذ طعامهم دون إذن منهم؟ فهم قد ماتوا ولا يستأذن الموتى ولا يمتلكون
فكيف بمن سلبهم حقهم في الحياة في حياتهم بالحصار ورفع الجدر ودعم المحتل!
على أنه يضع اللقمة في فمه ليواصل الحياة وهم قد رحلوا
وهل يعيد الراحل استغناء محبيه عن حياتهم ؟!
فماذا نفعل بضمائرنا أمام من ذهبوا ليواجهوا الموت مختارين يحفرون الأنفاق أو يعبرونها لمواجهة الغاصب!
أليسوا أحق منا بالحياة؟ ولكننا نواصلها وقد تركوها !
نص لو أسلمت نفسي لتأمل كل صورة منه وكل إشارة لاستغرقني ساعات
أثبته استحقاقا وإكراما لغزّة وشعبها
دمت سيدة الحرف بألق
تحاياي
مداخلة أثارت تساؤلات عديدة وطرحت نقاطا للنّقاش في ظلّ الأعمال الوحشيّة التي تعرّض لها البشر والحجر أثناء القصف
تثرين النّصوص بمداخلاتك عزيزتي الأخت ربيحة
شكرا لك على المداخلة القيّمة وعلى التّثبيت
بوركت
تقديري وتحيّتي
نداء غريب صبري
03-10-2014, 10:21 PM
تحت القصف الإسرائيلي كان أبطال القصة
وتحت قصف هذا المشهد والمشاهد التي نستعيدها بتأثير القصة وضعتنا الأستاذة الكبيرة كاملة بدارنة
السرد مشوّق والقصة جميلة وومتعة أدبيا رغم الحزن الذي سيطر علينا بقراءتها
شكرا لك أستاذتي الحبيبة
بوركت
كاملة بدارنه
08-10-2014, 07:32 PM
في الحرب العدوانية الإبادية على غزة دخلت كافة صنوف أسلحة
ترسانات الموت الغربية وأدلت بدلوها في صناعة هذه المحرقة
المستهدفة لكل تفاصيل الحياة في غزة من بشر وشجر وحجر
كم من البيوت هدمت ، وكم سقط من شهداء.
تفننوا أبناء القردة والخنازير من تحويل هذه البقعة المقاومة إلى
كومة من دماء ورماد وبحيرة من الدم المراق.
و( تحت القصف) .. هو ضوء مسلط على هذا القصف الهمجي من
خلال قصة إنسانية لطفل يواجه الخوف والجوع والألم في تجسيد للواقع
بمصداقية مؤلمة.
عزيزتي كاملة.. لقد وضعت بصمة خاصة في ملعب السرد القصصي
قابضة على أدواتك بتمكن في نص تسجيلي توفرت فيه مساحة للوصف
والتأمل والتفاعل والتداعي ، وفي رؤية عميقة.
أبدعت وأجدت الوصف والبيان في ثوب أدبي بديع.
تحياتي لسامقة يفخر بها قلمها.
وتحيّاتي لأخت كريمة تجود بمداخلاتها القيّمة
شكرا لك وبارك الله فيك
تقديري وتحيّتي
كاملة بدارنه
08-10-2014, 07:34 PM
تحت القصف ؛ صورة من ألبوم غزة المتخم بقصص أبطالها من نسج الواقع
غزلت لنا الأديبة كاملة الوجع بمداد من معاناة الشعب الفلسطيني ملونة بدموع ودماء ويفوح منها رائحة الطين الذي جبل ببطولات أبناءه بحرفية متقنة حد الإبداع
سرد مائز بأسلوب مشوق وحبكة محكمة بنهاية صفعت قلوبنا كما صفعت ضمير البطل الذي تأسف على أخذ حبات التمر دون استئذان فربما ما زالت أم سعد مجهولة المصير ولم يتأكد أن اليد هي لناصر ، غصت اللقمة في حلقه كما غص قلبه لوعة على ما آلت إليه أحلام ناصر و أحلام الكثيرين
موجعة وصادقة وتستحق التثبيت
أشكرك سيدتي على ما تمنحينا من روعة الغوص في بحر إبداعك
دمت ذهبية الحرف ونقية الروح
ياسمينة وكل التقدير
مداخلة رائعة !
شكرا لك أخت خود وبارك الله فيك
تقديري وتحيّتي
كاملة بدارنه
09-11-2014, 07:37 PM
الأخت الأديبة كاملة بدارنة
نص قصصي متميز .. نقلنا الى جو المأساة وجعلنا رهيني تلك الجدران المهدمة والحطام المتراكم ..
نحن لا نزال بقلوبنا هناك .. يسكن فينا الوجع مثلما يعلو النصر فوق المأساة ..
النص تركنا في مساحة من التساؤل : هل قضى ناصر ذلك الفتى الصغير .. وهنا أشير مقتبساً من النص " ها هي ذي يد ناصر تتحدى الركام والاسمنت، تبقى مرفوعة ، لكنها لا تتحرك " .. ام أن هتاف بطلة القصة في الختام " سامحني يا ناصر ،سامحينا يا أم سعد " هو إشارة انه ربما لا زال على قيد الحياة ؟ ثم تركته لمصيره ..؟ذلك الهتاف الأخير لبطلة القصة حمل في نفسي شخصيا شيئا من التحفظ ..
تحيتي وتقديري .
لمَ التّحفّظ أستاذ عبد السّلام؟! الهتاف يعني الكثير
شكرا لك على مداخلتك القيّمة
بوركت
تقديري وتحيّتي
عبد السلام دغمش
12-11-2014, 11:14 AM
لمَ التّحفّظ أستاذ عبد السّلام؟! الهتاف يعني الكثير
شكرا لك على مداخلتك القيّمة
بوركت
تقديري وتحيّتي
الأخت الأديبة كاملة بدارنة
ليس من تحفظ على النص .. كلا ..فهو قطعة أدبية رائعة ..
لكن ذلك المشهد الذي نقلتني اليه فقرة من النص .. وانا أرى يد الطفل " ناصر " ترتفع من بين الركام .. ثم هتاف بطلة القصة : سامحني يا ناصر .. وكانها تركته يموت ثم تظفر هي ببعض جبات من تمر .. هذا تراءى المشهد لي ..رأيت قسوته وما ظننته يرسم الصورة التي لمسناها من نجدة وفداء .. وربما قادتني العاطفة لذلك .
مع خالص تقديري .
كاملة بدارنه
15-11-2014, 04:14 PM
السرد هنا للتحدى الخالص كأن أبطالها يقصفون القصف بارادتهم الصلبة وبقدراتهم الذاتية التى تبحث عن الحياة ومظاهرها ومقوماتها فى ركام الموت وتحت أنقاض الفجائع والأهوال .
بطل القصة فى أول سطرها " يتفقد " ، وهو فعل استمرارى ربما لا يتناسب مع واقع الأهوال والموت والأنقاض والدماء والموت ، ولا يناسب حالة رجل أنهكه الجوع والعطش وضربه الاعياء ، وربما ناسبه فعل آخر يائس محبط عاجز مثل " يتخبط " " يترنح " " يتداعى " ، أو حتى ربما يستسلم للجوع والضعف والعجز والخوف ويبقى فى مكانه فى انتظار مصير مشابه لمصير ناصر وأبيه وأم أسعد .
هم يتمنون حقاً هذا المصير ويفرحون بالشهادة ، لكن حتى تجيئ هم ينحتون فى الجدران الصلدة لمعانقة النصر وقتل الهزيمة والرد بأنفاس الحياة على شياطين الموت وسماسرته .
اذاً يتناسب فعل " يتفقد " الاستمرارى الواثق فى الحياة ، بهذا الكبرياء وتلك العزة ، فكأنه لا شئ هنالك ، لا جوع لا حرب لا صوايخ لا موت ، وتلك هى الأفعال التى تتناسب مع مبدعى الحياة وطلاب الحقوق وأصحابها فى ساحات الموت ، فهم قادرون على الظهور كملوك فى عز الرفاهية والامتلاء والزهو ، وبطونهم خاوية وعروقهم جافة ، لأنهم مملوءون بالايمان والثقة واليقين .
ناصر الصغير ابن الشهيد الذى مات تحت الأنقاض " لكنها لن تتحرك ولن ترسم " ، تبقى يده مرفوعة ، وان نجحوا فى أن يذيقوه الموت الا أنه يأبى الاستسلام وتخترق يده الركام والأنقاض وتبقى مرفوعة الى فوق ، مشيرة الى العلو اتجاه البناء ، حيث حلمه أن يصبح مهندساً سيتحقق لا محالة ليأتى من يحول هذا الدمار والفقر والموت الى بناء ونهضة ورفاهية وحياة .
هى قصة البحث عن الحياة والاصرار عليها فى مواجهة الموت ، وان كان ينزل هذا الأخير مع القذائف والقنابل والصواريخ من السماء ، فالحياة صاعدة تتحدى ، ترتفع وتكبر ، وان مات ناصر وقبله أبوه وماتت أمه فهناك من يواصل بعده الحياة ليواصل التحدى ، هناك من يواصلون على قوت وثمار عائلة أم السعد التى قضت ، فان لم تأكل هى ثمارها ، ستأتى عائلة أخرى لتستخرج مقومات الحياة من تحت أنقاض الموت لتواصل العيش وتحيا وتتحدى وتبقى ، ليستمر الصمود ولا يفرض الموت على الوجود ارادته .
قراءة رائعة ومثرية للنّص كشفت الكثير
سعدت بها كثيرا...
بارك الله فيك أخي الأستاذ هشام
تقديري وتحيّتي
كاملة بدارنه
24-11-2014, 08:51 PM
تحت القصف ...
تتعدد قصص تتقطع لها نياط القلوب ويمزقنا الأسى لما نتوقعه ومالا نتوقعه هناك
وهنا برعت أديبتنا القديرة في نقل واحدة منها تصويرا ووصفا دقيقا وبيانا راقيا وحبكة وسردا استحوذ علينا واستدر الدموع رغما وجعلتنا نعيش الأجواء تحت القصف
بوركت واليراع الفريدة
تقديري الكبير
الواقع يفرض نفسه على الكلمة ويصبغها بدم معاناة مة ن يعانون !
شكرا لك عزيزتي آمال على الحضور الكريم
بوركت
تقديري وتحيّتي
علاء الدين حسو
30-11-2014, 10:24 PM
لقد ظلمنا انفسنا حين تقاعسنا عن أول بيت تهدم في أول رقعة من بلادنا التي تقلصت من ملايين الكيلومترات مربعة إلى بضعة الاف ..
لم تعد أم سعد وحدها، بات اليوم الملاين مثلها ...
دمت بخير سيدتي وشكرا لنصك الجميل
كاملة بدارنه
27-12-2014, 10:06 PM
نص قصصي رائع ولا غرابة فكاتبته أديبة كبيرة ومتمكنة
ولكن الحديث في جماليات وروعة السرد واللغة والعزف على المشاعر يطول ويطول
وأدعه لغيري وأمضي محملا بنشوة المتعة ودموع لم أفلح في إخفائها
بوركت مبدعتنا وغزة وأهلها
شكرا على شهادتك التي أعتزّ بها أخ وليد
بوركت وبورك حضورك البهيّ المميّز
تقديري وتحيّتي
د.حسين جاسم
27-01-2015, 01:37 PM
جراح مدننا العربية التي يمزق بعضها المحتنل وبعضها الجبابرة وبعضها الأخوة المتناحرون ما تزال نازفة في قلوبنا
وهذا مشهد منها يصلح أن يكون في أي واحدة ولا فرق
كتبته بمهارة أستاذة في القص ، وأخذتنا لكل التفاصيل بقوة
أنت كاتبة مميزة
أحييك
كاملة بدارنه
12-02-2015, 04:09 PM
جلست وعائلتي في زاوية تحت سقف الأدراج ننتظر لحظة الإفطار، قبل أن أن تزداد دكنة اللّيل بسبب انقطاع الكهرباء، ولمّا هممت بإخراج التّمر تدافع الإخوة مهلّلين ومتسائلين عن مصدره، لكنّني لم أستطع إخبارهم، بل لم يمهلوني لأشرح لهم حين اصطفوا لتناول نصيبهم، ولمّا بدأت بأكل حصّتي غصصت وبكيت صارخا:
سامحني يا ناصر! سامحينا يا أمّ أسعد!
السلام عليكم
قصة موجعة جدا ,
في الحروب يحصل هذا وأكثر ,
كم معاناة قد واجهت أهل غزة تحت القصف ؟؟
في الحقيقة من تنهال عليه الضربات غير الذي يعدّها !
موت ,,دمار ,,ظلام,, جوع,, صيام ,,عطش ,,خوف,, .
عروقنا قد نشفت عن بعد بعيد من تلك الحرب ,فكيف أهل غزة ؟؟
كانت القصة مرآة شفافة عكست صورة واحدة ,من ألوف الصور الرهيبة .
قصة رائعة ,يا كاملة العزيزة ,غاصت في كل عمق ,من اليد التي تهاجمها القطة ,إلى رائحة الموت ,
ومن الثلاجة المهدمة الفارغة, إلى الأنقاض المتراكمة ,ثم العثور على بعض حياة تحت الركام ,ثم الضمير الموجوع ,,
يا لها من قصة ؟
شكرا لك
ماسة
وعليكم السّلام عزيزتي ماسة
مداخلة قيّمة أشكرك عليها ، ويسعدني أن أحظى بمرورك الجميل
بوركت
تقديري وتحيّتي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir