تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هــــي .. تفاصيل حلم



أحمد عيسى
11-10-2014, 10:21 PM
رأيتها .. ليست تلك التي تسكن منزلي ، تشاركني رغيف خبزي وسريري ، بل هي أصغر ، أحلى أجمل ،ابتسامتها كما رأيتها ، وعيونها كما أحببتها ، هي ذاتها، من تحديتُ أهلي وأقربائي من أجل الفوز بها ..
هرعت إليها ، نظرت لها نظرة طويلة جداً ، عميقة حتى كادت تسرقها ، قلت لها : أهلاً
ولم أزد ، ذلك أن كلمتي حملت خلفها الشوق كله ، ومعها حملت ذكريات انتظار على نافذتي الوحيدة ، وشريط كاسيت قديم لأم كلثوم اسمه كلثوميات ، يجمع بعض أجمل أغانيها ،بطريقة مجتزأة سوقية ، لكنه كان يعجبني . كانت تتوقف الست عند أغنية " أغداً ألقاك " ، فتصدح بها عالياً تخترق جو الغرفة المغبر ، وتنزل عبر سلالم المنزل الصغيرة ، وتقفز لاحتضانها وهي لم تلمس حدود المكان بعد ..
تقافَزَتْ كطفلةٍ شقية ، وعلى عكس ما أعرف من دروب ذاكرتي : رأيتها تنظر لي نظرة عشق موازية لنظرتي ، تقترب مني حد الالتصاق ، وتقول لي بهمسٍ طفولي حمل معه براءة الدنيا كلها : علمني على جوالك .
أمسكت هاتفي المحمول الحديث ، وكأنه –مثلي- قطعة قفزت إلى الوراء فجأة ، مع صاحبها لتقابل ذات الحبيبة .
أقلب لها في الفيديوهات ، أفتح لها بعض الأغنيات ، أحاول أن أتوقف كثيراً عند أغنيتي : أغدا ألقاك .
لكنها دوماً تصر أن تعبرها إلى أخرى .. لا أدري كيف جاء ذاك الشريط القديم الى هاتفي المحمول الحديث . وكيف صارت ذكرياتي عبارة عن فيديوهات يعرضها هاتفي عبر شاشته ، لكني كنت سعيداً .
رأيت والدي يقترب ، وكنت أخشى نزواته وخروجه عن حدود اللياقة دائماً .. غمزت لها أن تنصرف ، وهمست لها أن تلقاني في الطابق العلوي .. وفاجأتني حين استجابت وقفزت بتنورتها الطويلة وقميصها الأخضر الفسفوري الذي أحببته كــ هي .. واستدرت إليه –والدي المتوفى – قلت : اتركها أرجوك ، لا تزعج هذي الطفلة ..
فرد بصوت أراده مسموعاً : لا نستطيع تحملها هي وأخواتها ..
فقلت بصوت كالبكاء : وهل طلبَتْ إعالتك ؟ هي فقط قريبتنا وتجد الأنس وجو العائلة في بيتنا .. تحملها أرجوك .. وأنا سأغطي تكاليف أي شيء تأكله ..
داعب أبي شنباته كالمنتصر : ليست مسألة تكاليف .. إنها مسألة مبدأ ..
تركته مع انتصاره إلى فوق ، حيث كانت تنتظرني ، عبر السلالم كانت ذاكرتي تعود رويداً ، وكان شعري يصبح أكثر ابيضاضاً ، وكنت أشعر بالتعب أكثر ..
وصلت الطابق العلوي ، حيث صارت شقتي وبيت زواجي .. تذكرت كل شيء ، وعرفت أنها حتماً في بيتي ..
قلت لنفسي : لعلها لم تتغير كما أحاول إقناع نفسي .. لعلي أنا فعلت ..
بحثت عنها فلم أسمع صوتا .. جلست على كنبتي المنفردة أمام الشاشة العملاقة ، سمعت صوتاً في المطبخ ، شعرت برائحتها ، هي تقوم بتنظيف الأواني في المطبخ ، هرعت إليها فلم أجد شيئا ..
تحسست رائحتها في كل مكان في الشقة ، تتبعت صوت خطواتها ، رائحة أنفاسها ، طعم عطرها ، قلت لها :
أحبك ، فلم يرد منها شيء ، ولم يخبرني أنها أسيرة في مكان ما ، ولم تفتح بوابة ما لتقذفها إلي من اللاشيء ..
علني أحتويها من جديد ، مرة واحدة أخيرة ..
أمام سريري تحلق جمع من أهلي ، رأيت نفسي في عيونهم ، بالياً كبيراً أنهكني السن ، بحثت عنها ، قال لي أخي : استرخ أرجوك .. دعها في سلام .
لم أفهم ماذا يقصد ؟ أأدعها أم أدع روحي / وهما سيان.؟ لكني شعرت كلما ازدادوا هم اقتراباً مني أنني أبتعد أكثر ، وأن روحي تقترب منها خطوات ، ولم يعد يهمني كم تغَيّرَتْ ، ولا كم اختلَفَتْ طباعُها ، أو حتى كم كبرت ، أو ذبل جمالها أو كاد ..
المهم أن تكون هي ، رفيقة روحي التي غادرتني فجأة .

خلود محمد جمعة
13-10-2014, 07:32 AM
نزفت الحلم حتى آخر نقطة
جميلة وعميقة ومحزنة
متجدد البهاء
كل التقدير

ناديه محمد الجابي
13-10-2014, 11:49 AM
في الحلم .. كانت ذكرى اللحظات الأولى لأول لقاء ونظرات العشق المتبادلة
وفي الطابق العلوي تصبح الحبيبة زوجة
ويبدو أن اقتراب الأب المتوفي هو نوع من المرض مثلا يصيبها
( اتركها أرجوك، لا تزعج هذه الطفلة)
يبحث عنها .. ولكنها ترحل وإن بقيت رائحتها في كل مكان..
رائحة أنفاسها ، طعم عطرها يدغدغ الحب في قلبه ـ ولكنها رحلت
وحتى وهو على سرير الموت وقد انهكه السن كان ما زال يبحث عتها
قال له من حوله .. استرح ودعها في سلام ولكنه كان يشعر أنه يقترب منها
فروحه على وشك الإلتقاء برفيقة روحه التي غادرته.
هكذا أحببت أن أرى نصك ، ولا أقول نثرك وإنما قصتك التي تحكي قصة عشق
ورحلة عمر .. بنفس القلم الذي يستهويني
ذلك القلم الذي يحلق بالمتلقي في آفاق واسعة من الإبداع والإبهار.
دام لهذا الحرف وهجه وألقه. :001:

أحمد عيسى
13-10-2014, 11:52 PM
نزفت الحلم حتى آخر نقطة
جميلة وعميقة ومحزنة
متجدد البهاء
كل التقدير

والحلم هو المتجدد وهو الذي يعيش بنا كما نعيش به

شكراً لوجودك الراقي وحرفك الأنيق


سعدت بك أختي خلود

آمال المصري
16-10-2014, 02:15 AM
حلم اختلطت فيه الذكريات بالحاضر رأى فيه مستقبل ومسيرة حياة حتى الفناء
دائما لك حرف يجبر المتلقي على المتابعة ونبض أنيق وقدرة فائقة على صياغة الجمال
بوركت ألفا أديبنا الكبير
تحاياي

أحمد الأستاذ
16-10-2014, 11:32 AM
موجعة تفاصيل حلمك..
أناقة في السرد واللغة, و متانة في الأسلوب,
ماسيٌ قلمك..
لا حُرمنا هذا العطاء أديبنا الجميل أحمد عيسى
دمت مبدعا
تحاياي

كاملة بدارنه
17-10-2014, 08:54 AM
تفاصيل حلم... قصّ جميل امتزج فيه جمال الأسلوب وسلاسة اللّغة
نصّ مؤثّر
بوركت
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
25-10-2014, 12:54 AM
هي قصة ماتعة بمعالجة شاعرية لفكرة الرحيل ومشاعر الفقد وسرد شائق باسترجاعية لافتة وأداء جميل

تنقل لقسم القصة

دمت بخيرأيها المبدع
تحاياي

د. سمير العمري
25-10-2014, 01:41 PM
كنت اشتقت يا أحمد لجديد حرفك وتألق قربحتك بعد أن افتقدت حرفك كثيرا ، وحين رأيت هذا النص الجديد سررت ، ولكني حين قرأته لم أشعر بما أشعر به عادة من متعة بحرفك أسلوبا ومضمونا ، وبات لي هذا النص أقرب ما يكون لأسلوب بداياتك الأدبية بمعنى أنه جيد وواعد ولكنه ليس ناضجا أو متألقا.

اعذر صراحة رأيي هنا فأنت تعلم كم أحبك وأحب حرفك وأحترمه ولن أخاتلك في رأي قط من باب الحرص ومن باب الغيرة على موهبتك المتألقة ، وأنتظر منك تعويضا أدبيا قريبا.

تقديري

أحمد عيسى
26-10-2014, 10:35 PM
القدير أستاذي الحبيب : د سمير العمري

كنت أعتبرها خاطرة وتجسيد لحلم أتاني في نوم الظهيرة لهذا وضعتها في ملتقى النثر الأدبي وليس في ملتقى القصة ، لحرصي في القصة أن تكون جديدة ومبدعة وتحمل فكرة مبتكرة

وبكل تأكيد رأيك دائماً يسرني ويسعدني ، فقد واكبت حرفي من بداياته ولك الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تطور فكري وأسلوبي

خالص تقديري وودي وحبي

رويدة القحطاني
02-02-2015, 02:37 PM
أغدا ألقاك أغنية جميلة ورقيقة وأسلوبك القصصي هنا كان دافئا ومختلفا ووجدت فيه الكثير من الإسقاطات وأسلوب الاسترجاع والربط.
أحييك على هذا الألق أيها الأديب المبدع.

أشكرك

نداء غريب صبري
05-05-2015, 01:49 AM
قصة في حلم أو حلم حمل القصة
بأسلوبك الجميل
أمتعتني قراءتها

شكرا لك أخي
بوركت