المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ربع كيلو لحمة



شريف العجوز
21-09-2009, 02:56 PM
:011: روائع للكاتب : شريف العجوز



نادت علي أمي ....!! ترى ما الخطاب لم تعتد أن تنادي عليا بمثل هذا الصوت الذي يختبىء خلفه أمراً هاما .
لم أصدق أذني عندما طلبت مني أن أذهب لشراء ربع كيلو لحم ...! ثم إجابت دهشتي عندما قالت " ربع كيلو بس عشان خلتك و الجيران يعرفو إننا جايبين لحمة " عاود إندهاشي مرة أخرى هل إنسكب كوب الشربة الذي كانت تضعه على النار يوميا لتفوح منه تلك الرائحة التي كانت تشاكس أمعاءنا – عندما كنا نلتف حول المائدة و نأكل على أثرها- ليعلم جيراننا أننا في بيتنا لحمة .
ذهبت و أحضرتها و في طريقي توقفت أمام هذه البنايةكنت كل يوم أمر عليها عندما أكون ذاهباً إلى جامعتي ، تلك البناية التي أبدع مشيدوها في تشيدها و وضعهم كل خبراتهم فيها ، و أنا في طريقي لاشتري ما طلبته مني أمي سمعت نباح كلب في رادهة تلك البناية ، إختلست النظر من خلف قطبان الباب الحديدي المفرغ فوجدته ضخماً جداً وضعت الورقة التي يوجد بها اللحمة على الأرض و رحت اتمعن النظر.
لم يكن كالكلاب المألوفة لدينا مقشعرة الشعر راثة لا تجد جسدها يرتفع عن الآرض أكثر من 15سم و لكن كان مبالغ في طوله فهو يعلو 70سم عن سطح الأرض له أنياب أسد جسور ، لو أنني لم أره في الأفلام الغربية لظننته شيطان رجيم .
إنطلق صوت كاد يثقب أذني من غلظته ، تري لمن هذا الصوت ...؟!، إنه لذلك الرجل ذو الملابس شديدة الأناقة المهندم الشعر يطلق نعراته في الهواء ....
" عبده ... إنتا يا زفت يا عبده " فهرع إليه عبده - بدى عليه علامات الزمن و صراعه معه فإنكمش ،يبدو جسده ضعيفاً هزيلاً جدا – قبل أن ينتهي الباشا من نطق حرف الهاء " أمرك يا جناب الباشا " قال له الباشا بعد أن أعطه حقيبته و أخذ يظهر في الأزرار اللامعة التي وضعها في أكمام قميصه الذي لم يقل ثمنا عنها " فطرت الكلب الصغير و لا لسه ؟ " فأجابه الخادم مرتبكاً و كأنه فعل كبيرة " هه ... حالا يا جناب الباشا حالا هيكون الفطار جاهز لجنابه " فإسود وجه الباشا فهو كظيم ، و إنفجرت كلماته

في وجه الرجل كادت تفقع أعينه و تثقب أذنه من شدتها " و هوه ايه اللي أخر الفطار لحد دلوقتي يا حيوان ، هوه ذيكم من البهايم اللي بينامو من غير عشا .. فوت بسرعة هات الفطار "
فدخل الخادم بسرعة و خرج مرة أخرى يحمل على راسه صحن كبير توجد بها قطعة كبيرة جدا من الطعام ، إنني أتذكر أني رأيتها من قبل و لكن أين... أين ... لا تسعفني ذاكرتي ،نعم عند متجر الجزارة الذي يوجد على أول الشارع لقد قالت لي أمي الا اشتري من عنده فهى غالية الزمن عنده و لذلك فقد طلبت منى أن أشترى من متجر اللحوم المجمدة و رغم أنها مستوردة و لا نعرف مصدرها و لكنها رخيصة تتناسب مع راتب والدى نعم إنها اللحمة التي نسمع عنها ، لم يشاء القدر أن يجمعنا سويا على مائده واحده بعد فكان أبي يقول دائما أن الأبقار قد أصابها مرض يطلقون عليه جنون البقر ، و لما كنت أقول له لاتوجد مشكله فلحم الجاموس أفضل كان يولي وجهه عني... المهم وضع الخادم هذه القطعة الضخمة التي تكفي لاطعامنا يوميا و لمدة ثلاثة أشهر على الأقل و راح يلتهمها الكلب و كأنه لن يرى طعام بعد ذلك ...
الحق أقول تمنيت لو أني مكانه ماذا سأفعل غير ذلك ، تخيلت نفسي مكانه و رحت أتمصمص بشفتي متمتعاً بهذه اللحظه التي لن تكرر ثانية ......
لقد نسيت أننى وضعت اللحمة على الأرض فإتخذتها قطط المنطقة وليمة و ضاع أملنا في أن نشم رائحتها هذا الشهر........



* * * * *







(( إبن الكلب )) تم تحريرها في السابع و العشرون من حزيران يونيه في العام التاسع بعد الألفية الثانية تم الطبع بمعرفة اتحاد كُتاب جامعة القاهرة في الثامن و العشرون من حزيران يونيه في العام التاسع بعد الألفية الثانية رقم الإيدع لدي اتحاد كُتاب جامعة القاهرة ( 12 / 2009 ) رقم الإيدع لدي دار الوثائق و الكُتب القومية ( 4081 / 2009 )

آمال المصري
27-12-2014, 03:19 AM
بعض الكلاب تنال حقها في الحياة الكريمة بقدر لايناله الكثير من البشر
وهنا واحدة من الصور التي نقلت لنا حالة اجتماعية تعيش الفقر والحرمان ونقيضها بلغة طيعة ماخلت من هنات متفرقة بالتريث والمراجعة تكون أحفضل
راقت لي بفكرتها وحبكتها وخاتمتها فشكرا لك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
28-12-2014, 08:41 AM
تناقضات مؤلمة في زمن باتت فيه حقوق الحيوان أهم من حقوق الانسان
عميقة ومؤثرة برسم جميل وسرد ماتع
عاز النص بعض مراجعة
تقديري

ناديه محمد الجابي
25-11-2015, 07:30 PM
قصة مؤثرة .. صورة سردية غاية في البساطة والتلقائية والعفوية
تعرض دون صخب صورة للواقع الأليم الذي يعيشه الكثير من الناس
وبأسلوب ساخر عايشنا الواقع المر .. عندما يحسد الإنسان الكلب
على طعامه ويتمنى أن يكون مكانه.
أداء قصي متمكن ـ أحي فيك هذا الألق. :001: