مشاهدة النسخة كاملة : عندما تنقلب الموازين - مسرحية على فصول
بلال الزين
17-04-2005, 03:09 PM
قصتي والمسرح
__________________
قبل فترة ارسل لي صديق تجربة رائعة له وطلب مني قرائتها كانت عبارة عن مسرحية ذكرتني بمسرحيتي اليتيمة كنت حينها في الصف العاشر عندما طلب مدرس اللغة العربية الأستاذ عبدالله روضة - من ابناء دمشق المفوهين- ممن يرغب بالمشاركة بمسرحية في مسابقة ينظمها النادي الأدبي بأبها , في ذلك الوقت لم أكن أكتب الا الخواطر مسحورا بالسجع أحسبه مقياسا لجودة الكتابة وشرطا من شروط النجاح وماعلمت ان المقامات ورسائل الكتاب في العصر العباسي قدانقرضت وصارت مثالا للتصنع اللفظي الذي يبغضه القارىء , عموما لن استطرد كثيرا فلقصة الفنون والابداع رحلة أخرى , كنت احفظ بيتين من الشعر عن رسالة قدمت من بيت المقدس الى صلاح الدين
يا أيها الرجل الذي لمعالم الصلبان منكس
جاءت اليك رسالة تشكو من بيت المقدس
كل المساجد طهرت وانا على شرفي مدنس
اخذتني النشوة بالنصر قبل أن أستل سيفي وبدأت بكتابة مسرحيتي اليتيمة وياليتني لم احاول لأني ابغضت بعدها المسرح وكل مايحويه , أنهيتها في ليلة واحدة ثم قدمت بها الى مدرسي مسرورا وكلي ثقة بأني عظيم كتاب المسرح , بالطبع لم أقرأ مسرحية في حياتي ذلك الوقت ومع ذلك ابدعت ذلك الابداع , لم أكن أعلم ماهو الفرق بين الفصل والمشهد , ولا بين الكاتب والقارىء , هي مجرد فكرة وكنت سيدها لاأدري كيف ولكني سيد القلم بلا منازع فيكفي ذلك , اخذ مني مدرسي المسودة ووعدني بالرد علي بعد قراءتها بالطبع لم أنم تلك الليلة لأني كنت أنتظرشهادة معلمي بولادة أعظم كتاب المسرح .
لأول مرة في تاريخ ايامي الدراسية ايقظت والدي قبل ان يوقظني وذهبت مستعجلا الى المدرسة راكضا الى مكتب مدرسي الذي سوف يرفع راسه عاليا بي فقد صنعت له معروفا يفتخر ويعتز بي كأحد طلابه صاحب الانجاز العظيم وعندما اشتهر وتمثل مسرحيتي وتحوز جائزة نوبل او نوفل لاأدري حقا مااسم الجائزة سوف يقول استاذي انا كنت مدرس هذا الكاتب العظيم , وقفت برهة قبل دخولي المكتب جمعت انفاسي كلها ثم زفرتها زفرة واحدة واستحضرت غباء ابليس حين تكبر , ورفعت رأسي عاليا وطرقت الباب ثم دخلت وكلي زهو وعلو وقبل ان اضع قدمي الثانية كانت المسودة تصفع وجهي وحينها لم استطع لملمة حروف المسرح من على بلاط المكتب .
كانت مسرحيتي عبارة عن ثلاثة وثلاثين فصلا وكل فصل عبارة عن ثلاثة مشاهد او أكثر وكل مشهد مدته دقيقة او دقيقتين فقط الوصف الوحيد لهذه المسرحية انها استعراض لعمال الستارة والديكور لكي يعرضوا علينا مدى سرعتهم في تغيير الديكور ورفع وخفض ستارة المسرح التي اسدلت على موت كاتب لم يولد ولازلت الى وقتنا هذا اتحسس مكان الصفعة التي أخذتها وانتقمت من مسودتي شر انتقام .
اعذروني على الاطالة ولكن صديقي هذا هو الكاتب مادح أحمد ارسل لي المسرحية لكي اعطيه رايي ولكني اعتذرت ثم قرأتها ولأول مرة أعجب بمسرحية قد تكون الفكرة او قد يكون الطرح او قد يكون الكاتب او قد أكون انا , المهم سوف اقوم بعرض المسرحية على فصول وأتمنى أن اسمع وأرى ارائكم جميعا فهي بالفعل محط اهتمامي واهتمام الكاتب الذي استأذنته في هذا النشر
سلطان زمن
17-04-2005, 03:45 PM
السلام عليكم
الأخ الحبيب / بلال الزين
مقدمة جميلة جدا ، وقد أضحكتني كثيرا ، أضحك الله سنك .
في انتظار ما ستقدمه لنا .
تحياتي لك ،،،،
إسلام شمس الدين
17-04-2005, 03:53 PM
ههههههههههه
أضحك الله سنك أديبنا الجميل
ورب ضارة نافعة ، فلو كانت مسرحيتك اليتيمة قد لاقت القبول ، لما استمتعنا بروائع قصصك
في شغف لمتابعة مسرحية المادح أحمد ، ويقيني في روعتها ، طالما أنك شهدت لها
شكراً لك أديبنا الرائع لكل ما تنثره بين دوحات الواحة من القيمة والجمال
لك محبتي وتقديري
إسلام شمس الدين
د.جمال مرسي
17-04-2005, 05:03 PM
أضحك الله سنك مبدعنا بلال الزين
و لكني أخشى عليك ( أنت ) للمرة الثانية أن يكون مدرسك الذي عرضت عليه مسرحيتك الأولى ماثلا بيننا قارئاً أو عضواً فيعيد الكرة من جديد و أنت لا ذنب لك إلا أنك عملت معروفاً .
أخي بلال .. سعدت بالقراءة لك و ثق أننا سنعجب بما يخطه صديقك لأنك رشحته
فما زلنا ننتظر
تقبل ود أخيك
د. جمال
بلال الزين
18-04-2005, 11:40 AM
سلطان زمن
اسلام شمس الدين
د. جمال
اشكركم على مروركم وتعقيبكم وكما اضحككم الموضوع فأنا منذ ستة عشر سنة والى يومنا هذا كلما أتذكر القصة اضحك على ماحصل وبالأمس عندما كنت أكتبها كنت اكتبها وانا اضحك
عموما اشكركم مرة أخرى وسوف ابدأ بمسرحية الكاتب التي بدأها بمقدمة طريفة سوف أذكرها كما هي
.......................
مقدمة :
هذه المسرحية هي أول تجربة لي في الكتابة المسرحية ، وقد كتبتها بعد أن تأثرت بأدب الأستاذ العظيم / توفيق الحكيم رحمة الله عليه ، فكتابات توفيق الحكيم هي التي أفسحت أمامي مجالاً واسعاً للخيال ، فتفتقت لذهني فكرة المسرحية ، مشابهة لإحدى مسرحياته القصيرة ، وهي " نحو حياة أفضل " ، مع الفارق في القصة نفسها ، وإن كنت أعشق أدب الحكيم وخفة ظله وروحه الجميلة وذكائه وسعة خياله ، فإنني أعشق خبثه أيضاً ، فحمار الحكيم تحمل العديد من المعاني ، وأنا حمار قرأ للحكيم ، فأنا حمار الحكيم أيضاً من فرط إعجابي به ، فأسألك أن تعذرني يا قارئي العزيز ، إن أعجبك ما كتبت أم لم يعجبك ، ففي كلتا الحالين ، هذا العمل الذي تطالعه بين يديك .. لم يخطه سوى يراع حمار .
حمار الحكيم
19/2/1425هـ
بلال الزين
19-04-2005, 03:20 PM
كما وعدتكم سوف أقوم بعرض المسرحية على أجزاء حتى لايملها القارىء وتبقى موضع تشويق فيما يلي الجزء الأول من الفصل الأول
----------------------
.. الفصل الأول ..
المكان : غرفة متوسطة المساحة ، فيها طقم مكتب وكنب ، يجلس يوسف على المكتب وهو منهمك في تصحيح أوراق إجابة امتحان طلابه .
تدخل عليه زوجته
الزوجة : هل تريد مني شيئاً ؟
يوسف : لا .. شكراً .. إلى أين أنتِ ذاهبة ؟
الزوجة : إلى الفراش .. أشعر بالتعب وأريد أن أنال قسطاً من النوم قبل وصول ضيوفك .
يوسف : ( يضرب بكفه على جبينه ) أوه .. لقد نسيت أمر الضيوف .. هل كل شيء جاهز ؟
الزوجة : ( تبتسم ) طبعاً .. كل شيء جاهز الآن .. اطمئن أنت فقط ولا تشغل بالك بشيء .. عن إذنك ( تغادر ) .
يعيد يوسف نظره وتركيزه لأوراق تلاميذه ..
يوسف : ( محادثاً نفسه ) كلما صححت أوراق التلاميذ أدركت لماذا يحبونني ، لا يحبونني لعلمي ولا لشخصي ، بل يحبونني لمصالحهم الشخصية ، فلازلت أعطيهم من الدرجات الشيء الكثير رفقاً مني بهم ، وهذا يجعلني أشعر بالإحباط ، ليتهم يحبونني لشخصي .. أو لنقل للعلم .. رغم استحالته .. فلست أجد طالباً واحداً يحب العلم ..
لحظة صمت قصيرة تمر ..
يوسف : ( يرفع رأسه نحو الباب ) أعدت مرة أخرى يا .. ( ثم هب من مكانه ونظر إلى القادم ) من أنت ؟؟؟
الغريب : ( بهدوء تبدو عليه مسحة من الاستظراف ) غريبٌ أنك لا تعرفني ، دقق النظر جيداً ..
يوسف : ( غاضباً ) أتتهجم على منزلي وتخترق خصوصياتي وتسألني عن معرفتك ؟ .. كل ما أراه أمامي الآن هو لص دخل منزلي ويجب أن أبلغ عنك الشرطة ( يرفع سماعة الهاتف ويدير رقماً )
الغريب : ( يمسك سماعة الهاتف ويضعها مكانها ) تحقق من شخصي قبل أن تحرج نفسك .
يوسف : ( منفعلاً ) من أنت ؟
الغريب : أنظر إلى عينيّ .. ماذا ترى ؟
يوسف : ( بعصبية ) أتعتقد أنني أملك البال الرائق حتى أتغزل بعينيك ؟! ( يتأمل عيني الغريب ويصمت ) .
الغريب : ( مبتسماً ) جميلتان ، أليس كذلك ؟
يوسف : ( مذهولاً ) لا .. حمراوان كالدم .. فمن أنت بالله عليك ؟
الغريب من المستحيل أن تعرفني طبعاً .. أنت لم تعرفني في حياتك أبداً .. لا من قريب أو بعيد .. حاولت مراراً وتكراراً أن أتعرف عليك على الأقل .. فقد كان واضحاً أننا لن نكون أصدقاءً أبد الدهر .. ولكنني حاولت أن أتعرف عليك فقط .. على أمل أن تقوى علاقتنا فيما بعد .. ولكن كل الطرق بيننا كانت مسدودة .. سددتها أنت بنفسك .. أنت طراز نادرٌ من البشر ..
( لحظة صمت ثم التفت الغريب إلى يوسف ) لذلك كله أتيت إليك .. أتحدث معك .. لعلي أجد حلاً ما بمعرفتك ..(يقترب بوجهه من وجه يوسف ويهمس وهو يضغط على كل حرف يقوله ) أنت لم تعرف الشيطان في حياتك البريئة الطاهرة هذه ، لذلك أتيت لك ، أتعرف عليك .. وتتعرف علي .. أنا الشيطان أمامك الآن .
يوسف : ( واجماً ) أعوذ بالله من ..
الشيطان : ( يمد يده مسكتاً يوسف ويقاطعه بارتباك ) لا تكمل أرجوك .. أنا لست هنا لأؤذيك ، فلا تؤذيني أرجوك .. هذه الكلمات لها ضرر كبير عليّ .
( لحظة صمت بدأ يوسف يتمالك نفسه خلالها وجلس على مقعده ثم نظر نحو الشيطان ) لم تعرفني في حياتك .. ولم ولن أرغب في التعرف عليك .. وأنت تعرف هذا جيداً كما أرى .. فلماذا أنت هنا الآن ؟
الشيطان : ما رأيك في أن تتركني أتحدث بهدوء وأن أسحب كرسياً وأجلس أمامك لأقول لك كل شيء ؟
يوسف : ( ينظر نحو الشيطان بتردد ثم تبدو عليه إمارات الحزم ) لك هذا .. اجلس وتكلم .
الشيطان : ( يسحب كرسياً ويجلس ثم يمد يده إلى جيبه ويخرج سيجارة ) هل اطمع في كرمك أن تسمح لي بشرب هذه السيجارة ؟
يوسف : لا تضيع الوقت في هذه الأمور وتكلم .
الشيطان : ( يشعل السيجارة ويضعها في فمه ) أعلم أنك لا تدخن لذا لم أقدم لك سيجارة .
يوسف : شكراً .. ولكن الغريب انك أنت تدخن ؟ ما الداعي لأن تدخن ؟؟
الشيطان : دخنت حتى أعرف كيف أجعل الناس يدخنون .. فاعتدت عليه .. هذا كل ما في الأمر .. على أي حال .. سأبدأ الكلام .. ( ينفث دخان السيجارة بعمق ) منذ قديم الأزل وأنا أحيا حياة ليست بالحياة بأي حال من الأحوال .. قد تتوهم أن لدي معرفة صحيحة بكل أسرار الكون التي مرت على الدنيا منذ أن ظهرت أنا حتى اللحظة .. كيف نشأت الأرض والتضاريس ومن هم الأنبياء الغير مذكورون في القرآن وما هو نص التوراة والإنجيل الأصلي .. إلى غير ذلك من الأسئلة .. التي لا أملك لها إجابة .. لأنني قد نسيت بسبب طول السنين .. وتقدمي في العمر .. وإن عشت مثلي .. ألوف السنين .. لأدركت مدى الزحام في رأس من يعيش كل هذه السنين .. ولأدركت مدى محدودية عقلك عن تذكر كل شيء .. لكن كل ما أستطيع تذكره بشكل قاطع هو الأحداث الرئيسية التي شكلت حياتي على هذا المنظر .. رفضت أن أسجد لآدم .. خرجت من رحمة الله بعد أن كنت أنعم برضاه عليّ ، من أجل آدم ، وتحديت الله ، وهاأنذا في تحدٍ لست بقدر تحمله ، ولكنني أبذل جهدي .
يوسف : ( مندهشاً ) جهدك ؟؟؟؟!!!!!! كل هذا الخراب في العالم وكل هذه الحروب والكراهية وجميع الصفات السيئة التي نهانا عنها الدين والتي جَعَلْتَهَا تنتشر انتشار النار في الهشيم .. وتقول انك تبذل جهدك ؟؟!! إذاّ ماذا سوف يحدث إذا بذلك كل طاقتك ؟؟
يتبع ...............
سلطان زمن
20-04-2005, 08:42 AM
السلام عليكم
أخي الحبيب / بلال
جميلة ومشوقة كبداية .
وأنا في انتظار ما سيتبع .
تحياتي لك ،،،،
بلال الزين
20-04-2005, 03:20 PM
أشكرك أخ سلطان زمن على متابعتك و تشجيعك لك حضور متميز في ارجاء الواحة كما أنت دوما في قلوبنا
نتابع جزء اخر من الفصل الأول بنفس المشهد ولكن المشاركة السابقة كانت أول مقطع من الفصل الأول والان المقطع الثاني
---------------------------
الشيطان : قبل أن نتحدث عن الشكل والمظاهر .. أريد أن أذكر لك شيئاً .. تستغرب مقولتي .. أنني ابذل جهدي .. ولكن يجب أن تعرف أنني عندما تحديت الله كنت في مقتبل العمر .. غراً ساذجاً .. أما الآن فأنا أكبر وأعقل وأرزن .. وأزن الأمور بميزانها .. وأدرك جيداً أنني لن أقدر على كل عباد الله .. فلذلك قلت لك .. انني ابذل جهدي .. ( يبتسم ) اما شكلي .. فأنت لم ترى شكلي .. ولا أعتقد انني سأريك اياه .. ولكنني لست كما رسمني الرسامون وصوروا بشاعتي .. فشكلي لطيف جداً ..
يوسف : ( ينظر نحو الباب ) زوجتي قادمة .. سأقول انك أحد معارفي ..
الزوجة : ( من وراء الباب ) أحضر ضيوفك يا يوسف ؟؟
يوسف : لا .. ولكن هذا أحد معارفي القدامي قد أتى .. ( يلتفت إلى الشيطان ) ماذا تشرب ؟
الشيطان : لا شيء .
يوسف : لانريد شيئاً الآن يا عزيزتي .. شكراً لك ..
الزوجة : ( تنصرف )
الشيطان : ( متسائلاً ) انت تنتظر ضيوفاً .
يوسف : نعم .
الشيطان : ماذا كنت تفعل عندما دخلت عليك ؟
يوسف : كنت أصحح أوراق امتحان طلابي .
الشيطان : آه .. حاولت مراراً وتكراراً أن أقنعك بأن تتوقف عن زيادة الدرجات لطلابك .. ولكن بلا فائدة .. فتركتك .. ألم تتخلَّ عن هذه العادة بعد ؟؟
يوسف : ولن أتخلى عنها .. ألا تعلم أن الراحمون يرحمهم الله ؟
الشيطان : بلى .. ولكن أنت تعلم أنني أؤدي عملي .
يوسف : عملك لا جزاء له إلا النار ، ولم يطلب منك أحدٌ أن تؤديه ولكن أنت من تبرع بعمله .
الشيطان : ( يصمت ) ..
يوسف : ( كمن تنبه فجأة ) ولكن لم تخبرني بعد بسبب الزيارة ؟
الشيطان : لست أدري هل سأتمكن من شرحه لك أم لا .
يوسف : تكلم ثم نرى .. أراك تتكلم العربية بطلاقة .
الشيطان : طبعاً .. أنا أتكلم كل لغات العالم الحية والميتة ( ابتسم ) لزوم الوسوسة يعني .
يوسف : ( ضاحكاً ) نسيت ان عملك يقتضي الالتقاء بكل البشر من كل الجنسيات والحديث بكل اللغات مع من لايتقن سوى لغة واحدة ..
الشيطان : ها نحن بدأنا نسير على نفس خط الحوار .
يوسف : ماذا تقصد بهذه العبارة ؟
الشيطان : أنت تدرك جيداً طبيعة عملي .. وبصدق .. لقد مللت .
يوسف : مللت الحياة ؟؟
الشيطان : لا .. مللت عملي .. مللت الدوران على خلق الله لأغويهم .. والمشكلة الأكبر أنني شخت حقاً .. ولم أعد قادراً على تحمل الحرارة .. فلست أعتقد لقدرتي على تحمل نار جهنم . وكلما أغويت شخصاً كلما ازداد العذاب الذي ينتظرني .. فأنا أحمل ذنبي وذنوب البشر اجمعين .
يوسف : ( ساخراً ) لايدخل الجنة عجوز .
الشيطان : وان يكن .. حتى في شبابي لم أكن قدر تحملها .
يوسف : ( جاداً ) لا أعتقد أنني أملك أن أدعو لك بالهداية . ولا أن أشفع لك عند الله يوم الحشر .
الشيطان : ( متحمساً ) ومن قال ذلك .. دعنا نأتي للموضوع من زاوية أخرى .. أنت قلت منذ قليل .. الراحمون يرحمهم الله .. وضد الرحمة العذاب .. ما أفعله أنا بالناس .. أليس عذاباً ؟؟؟
يوسف : ( متفكراً ) يبدو لي ذلك فعلاً .
الشيطان : فإذا توقفت عن ذلك .. لكان توقفي هذا رحمة بالناس .
يوسف : أجل .
الشيطان : والراحمون يرحمهم الله .. فأستحق رحمة الله إذاً .
يوسف : بالطبع .. إن الله غفور رحيم ( يستدرك ويصيح ) ماهذا الكلام ؟؟؟ أنت ترحم الناس وتريد عفو ربك ورحمته ومغفرته ؟؟ هذا غير معقول أبداً .. يبدو لي أنني قد جننت أو أنك تهذي ( يضحك متهكماً ) الشيطان يرحم البشر ويطلب عفو ربه .. عجبي .
الشيطان : ( بصبر ) وما العجب في ذلك ؟؟ ألست مخلوقاً ؟؟؟
يوسف : ( يتنهد ) يا مثبت العقل والدين يارب .. نعم انت مخلوق يا ابليس .
الشيطان : أنا أعلم جيداً أن كل مخلوق يحق له أن يتوب إلى طلوع الشمس من مغربها أو بلوغ الروح الحلقوم ، ولم يحدث شيء من هذا كله بعد .. وأنا مخلوق .. وأملك الرغبة الصادقة في التوبة .
يوسف : كل ما أعرفه أن ذلك الكلام للبشر وليس لغير ذلك .. على كل .. للتوبة شروط هل تقدر عليها ؟
الشيطان : ماهي ؟؟
يوسف : أولاً .. الإقلاع عن الذنب .
الشيطان : وهذا ما أحدثك به منذ بداية حوارنا وانت ترفض تصديق استعدادي لفعل ذلك .
يوسف : حسنٌ .. ثانيهم .. الندم على مافات .
الشيطان : وهل أتيتك إلا ندماً ؟؟؟
يوسف : جميل .. ثالثهم : العزم على ألا تعود لذنبك ؟
الشيطان : ومن يريد العودة لهذا العذاب .
يوسف : طيب .. يبقى رد الحقوق لأهلها ..
الشيطان : ( كمن بوغت بالجملة ) .. هذا صعب .. لم آخذ شيئاً من أحد ، بل بالعكس أعطيت الكثيرين مالايستحقونه ، ولكنني سأعمل جهدي لتعويض الناس ورد حقوقهم .
يوسف : عجبي .. لكأنني في حلم غريب أو كابوس .
الشيطان : لا تعجب .. في هذه الدنيا كل شيء وارد .. هل توقع نوح دخولي السفينة ؟
يوسف : لا أدري .. ولكن لو كنت مكانه لما توقعت ذلك .
الشيطان : ولكنني فعلتها .. لحقت بالحمار وتعلقت بذيله .. ودخلت معه .
يوسف : أنت شديد الذكاء ولا ينقصك الدهاء فكيف لي أن أضمن أنك لا تلعب بي وتعد لي مصيراً غامضاً وخطيراً ؟
الشيطان : لم أفكر في شيء من هذا القبيل ( يصمت ) صدقني .. لقد أتيتك أريد مساعدتك لأتوب .. فلا تبخل علي بالمساعدة ، وتخسر ثواب مساعدتي بسبب أوهام تملأ رأسك .. وعلى أي حال أعدك بشرفي أن لا أؤذيك أو أضرك .
يوسف : ( ينظر للشيطان نظرة عجب سرعان ما انقلبت لسخرية ) وهل تعتقد أنني أستطيع أن أثق بشرف .. الشيطان ؟؟!! هذا إن كان له وجود أصلاً .
الشيطان : ( منزعجاً من أسلوب يوسف ) أرجوك .. كف عن الاستخفاف بي .. أنا أحاول أن أغير كل هذا ولا أريد سوى مساعدتك وحسب ، وحتى يكون لي شرف وأمانه وكل الصفات الحميدة التي أرجوها .
يوسف : ( يتنهد ) لا حيلة لي .. أمري إلى الله .. لم أعتد أن أترك شخصاً دون مساعدة .
الشيطان : ( مبتهجاً ) سأكون معك دائماً .
يتبع
بلال الزين
21-04-2005, 09:04 AM
حيث أنني على عجلة من أمري وقد أطيل الغياب بسبب سفر طارىء أتمنى أن أعود وقد رأيت ردودا جميلة ونصائح وانتقادات رائعة تأخذ بيدي ويد الكاتب الى الأفضل
مع ملاحظة أنني لم أحسن تقسيم المسرحية لكم
___________________________
يوسف : ( ينظر له مستعجباً ) شيء جميل .. سيكون الشيطان معي .
الشيطان : ( يبتسم دون تعليق ) .
يوسف : الآن يبدو أنك ستحضر اجتماعي بالضيوف ... ( ينظر إلى الساعة ) لقد حان موعد وصولهم .
الشيطان : نعم .. وما المشكلة ؟
يوسف : المشكلة هي كيف أقدمك لهم .. من المستحيل أن أقدمك لهم بشخصك .. الشيطان ..
الشيطان : لا مشكلة .. قدمني على أنني قريب لك أو صديق لك ..
يوسف : ( هازئاً ) لا يا رجل .. لقد حللتها بهذه السهولة .. ( ترتسم ملامح الجد ) ولا حتى بأحلامك أن أقول لهم ذلك عنك ..
الشيطان : دعني أريحك من كل هذا .. لقد كان عمك صديقاً عزيزاً علي جداً .. رحمة الله عليه .. لم نكن نفترق أبداً .. ولم يكن يرفض لي طلباً .. كان نعم الرجل ، تستطيع أن تقول لهم أنني صديق عمك .. وأنني سفير دولة أخرى .. وأنني متقاعد الآن .
يوسف : أنت شيطان ..
الشيطان : تقصد .. الشيطان .
يوسف : نسيت ذلك .. ولكن أنت تمتدح عمي .. وتقول أنك ترغب في التوبة .
الشيطان : لقد كان عمك رجلاً طيباً بالفعل .. وكان مطيعاً جداً .. ولو كنت قد طلبت منه أن يلتزم بدينه أو أن يزهد في الدنيا لما تردد لحظة ..
يوسف : ( لايعلق )
( صوت جرس الباب ) .. ثم تدخل الخادمة عليهما لتخبرهما بوصول الضيوف .
................ ( ستار ) ................
سلطان زمن
21-04-2005, 12:15 PM
الأخ الحبيب بلال :
أشكرك على كلامك الجميل . فأنا أعشق الجمال والإبداع في أي مكان ، وكيفما كان .
أما بخصوص الفصل الأول من المسرحية فهو فصل جميل جدا ومشوق بدرجة كبيرة ، وأنا في انتظار الفصل الثاني وما سيجري مع يوسف والشيطان والضيوف .
تحياتي لك ،،،،
الأخ بلال ..
جميل جدا ...
بنتظار باقي الابداعات ....
بلال الزين
01-05-2005, 10:51 AM
.. الفصل الثاني ..
المكان : صالون واسع فيه كنب فاخر ، وبساط جديد ونظيف .
يجلس أحمد على كرسي مفرد على يمين كنبة الثلاث مقاعد ، التي يجلس عليها الاستاذ حشمت أبو الليث صديق عم الاستاذ يوسف الصدوق والسفير السابق ، وإلى جواره الاستاذ عادل الصاوي والاستاذ حسن عيد .
وعلى كنبة لشخصين جلس توفيق بشير وحده ، وعلى مقعد مفرد جلس أمين عبد ربه ، وعلى آخر لشخصين جلس سليمان إبراهيم وسامر عصام .
عادل : الظلم أصبح شيئاً معتاداً هذه الأيام .
سامر : وهل بقي للعدل مكان ؟ حتى في المحاكم اقتصر العدل فيها على بعض غرف وبعض أشخاص ، أما الباقي فالله أعلم به .
أمين : لاتكونوا متشائمين هكذا .. تفاءلوا بالخير تجدوه .
عادل : نحن لا نتشائم ، بل نحن نتكلم عن الواقع .. فلا فأل ولا شؤم .
حسين : يا أخي ، ما رأيك في أنني منذ يومين حصلت على مخالفة مرورية مفادها أنني لم أربط حزام الأمان ، الغريب في الأمر أنني كنت مرتدياً الحزام طوال اليوم ، ولكنه أصر على المخالفة وسجلها .
سليمان : هذا شيء مما يجري كل يوم ، دعك من العنصرية والإهانات المستمرة .
سامر : في أحد المصالح الحكومية كانت لي معاملة .. لم أستطع إنهائها إلا بعد تعب وجهد جهيد ، استهانة بالناس ، وتباطؤ شديد .
توفيق : وكأنكم نسيتم مايسمى بالواسطة ، هذه وحدها هي عين الظلم .
عادل : شركات بيع السيارات تبيعك قطع سيارتك بمبالغ طائلة وأنت لا تستطيع لهم شيئاً .
حسين : لحظة ، نحن نجلس مع سفير سابق ، لماذا لا نسأله إذا كان قد رأى شيئاً من هذا في سفرياته المتعددة ، مارأيك يا سعادة السفير ؟
حشمت ( الشيطان ) : ( مرتبكاً ) لا لم يسبق لي رؤية ظلم بين كهذا .
سامر : أرأيتم ؟ المسيحيون واليهود أعدل منا نحن المسلمون ، أصحاب العدل والعدالة والإيثار والكرم وحفظ حقوق الغير ! .
أمين : لا حول ولا قوة إلا بالله .
عادل : هي عادتنا .
يوسف : ( يميل على اذن حشمت الذي كان يجاوره المقعد ويهمس ) تريد التوبة وتكذب ؟
حشمت : ( هامساً في أذن يوسف ) وأين الكذب بكلامي ؟
يوسف : ( هامساً ) تقول بأن العدالة موجودة في الخارج ؟
حشمت : ( يواصل الهمس ) لم أكذب ، هي موجودة بالفعل ، لم أخرب ذممهم كثيراً ، هم كافرون بالاسلام وهذا يكفيني حتى لايدخلوا الجنة ، ( يستدرك ) هذا ماكان يكفيني آنذاك ، فلم أكن بحاجة لتخريب ذممهم كثيراً ، ولكن كنت بحاجة لتخريب ضمائر المسلمين وذممهم حتى يتركوا دينهم .
يوسف : ( لحشمت ) لست بحاجة إلى ذكاء ، عقلك هذا جريمة .
يلتفت الاثنان إلى الحوار .
أمين : يا حسرة على الماضي ، كان إيمان الناس قوياً وهذا هو سر فوز الأوائل وتقدمهم ، والفتوحات الاسلامية خير شاهدٍ على ذلك .
حسين : أنت تحلم ، في زمانهم لم تكن لديهم تلك المغريات الكثيرة ، أما زماننا ، المغريات في كل مكان ، في الشارع ، في العمل ، في البيت ، في عقلك أيضاً .
سليمان : وفي جيبك أيضاً ، أنسيت الهاتف النقال ؟ من أعظم مغريات العصر والاستعمالات السيئة له غزت العقول ووضحت لدى الجميع .
أمين : لو كنا نحن نريد الخير لأنفسنا ، لفعلنا كل وسعنا للخروج من هذه الدوامة . إني أذكر ما جاء في كتب السير والتاريخ ، سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان يسير في طريق كان الشيطان الرجيم يفر من الطريق الآخر ( يلتفت يوسف نحو حشمت الذي اصفر وجهه فور سماع هذا الكلام وابتسم يوسف ) .
سامر : وهل من وجه مقارنة بيننا وبين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟
توفيق : لا بالطبع .
عادل : في زمانهم لم يكن يعلو إلا صوت الاسلام ، صوت الحق ، أنا الآن فلا نسمع سوى شارون يرتكب مجزرة ، وعرفات يهدد ويتوعد ، ومعمر ينفصل عن الجامعة ، وبوش وفعل وابن لادن ارتكب ..
يوسف : ( مقاطعاً ) لحظة من فضلكم ، ماهو الحل في نظركم ؟
عادل : الحل في ماذا ؟
يوسف : في هذا الوضع الحاصل الآن ؟ كيف نستعيد هيبتنا ومكانتنا ونعود للعز القديم ولايكون لأحد علينا فضل ولا نكون تابعين ، بل متبوعين .
توفيق : لا اعتقد انني أملك الرغبة في القيام بعمل انتحاري مجنون .
سامر : ولا أنا ، أنا رب أسرة ولي أبناء أريد تربيتهم .
عادل : لا حل ، فمن يخرج عن القانون الدولي سوف ينال عقاباً قاسياً ولا استبعد الحرب العالمية الثالثة وقتها .
سليمان : لا أعتقد في الحرب العالمية هذه ، فالدول الآن أجبن من ذلك ، العالم منقسم الآن إلى : دولة قوية وحلفاء لها ، دولة ضعيفة بلا حلفاء ، ومجموعة من الدول ليسوا في أي من المعسكرين .أمين : كفوا عن الهراء ، أنتم تدخلون الأمور في بعضها ، ولم تفهموا السؤال الذي طرحه يوسف .
حسين : اشرح لنا إذن ، فقد سكتت لأنني لا أدري بم أجيب .
أمين : ستفهمون من هذه الإجابة .. حتى يتحقق لنا ما نريد ، يجب أن نكون على قدر المسئولية وأن نخاف الله وحده عز وجل ، ولا نخاف غيره ، ونلتزم بالأمانة ونشعر بالمسئولية تجاه أوطاننا ، ونتجه للعمل لبناء صرح حضاري للحضارة الاسلامية في عصر الفضاء ، لننتج بدلاً من أن نستهلك ، ندرس ونبحث فننتج علماً يدرسه من بعدنا ، ونصدره للشعوب الأخرى ، فنتبوأ مكاننا وسط الركب المتسابق نحو القمة ، ننفض عنا الكسل والخمول والجبن ، والصفات السيئة كلها ، ونترك الأنانية ونحب للناس ما نحب لأنفسنا وأكثر ، ولأختصر ، نتمسك بتعاليم ديننا في جميع أمورنا ، فلا نكتفي بالصلاة ، وحين نقود السيارة نقودها دون مراعاة لحق الآخرين في عبور الطريق بهدوء ، ولا حق سكان الأحياء في الهدوء .. وهذا مثال من أمثلة لا حصر لها .
يوسف : وهذا هو الكلام السليم .
عادل : هذا الكلام جميل جداً .. ولكنه بحاجة إلى إرادة جماعية وهمم عالية .
حشمت : ( يلكز احمد ويتحدث بصوت منخفض ) تعال دعني أوسوس لك .
يوسف : ( مستنكراً ) توسوس ؟!
حشمت : أقصد أهمس ( يهمس ) متى تنتهي هذه السهرة ؟
يوسف : كما ترى ، لقد شربوا الشاي ، وعندما ترى سليمان يعبث بالهاتف الجوال الخاص به ، كما يجري الآن ، يجب أن تدرك أن أوان المغادرة قد آن ، ولكن لماذا ؟ أمللت منهم ؟
حشمت : لا ولكنني جائع جداً .
يوسف : ولماذا لم تأكل ؟ ألم يعجبك الطعام ؟
حشمت : أنت سبب مصيبتي ، كلهم لم يبسملوا ، إلا أنت ، قلتها بصوت عالٍ فتذكروها فقالوها فلم أجد لي مكاناً آكل منه ، فتعللت باتباعي لنظام غذائي ونهضت .
يوسف : لاحظت ذلك ، ولم أدر ما السبب ، على أي حال ، انهض الآن لتوديعهم فقد نهضوا . ( موجهاً كلامه بصوتٍ عالٍ للضيوف ) لازال الوقت مبكراً .
سليمان : أنت تعرفني يا يوسف ، لا أتأخر عن منزلي أبداً ( يضحك )
عادل : كلنا نهرب من نسائنا إلا أنت يا سليمان ، ما السر ؟
سليمان : الله أكبر ، عين الحسود فيها عود ، لن أخبركم بالسر ، موتوا بغيظكم .
أمين : جزاك الله خيراً يا يوسف ، ( يوجه خطابه للجميع ) لاتنسوا ، الشهر القادم سيكون العشاء عندي في المنزل .
سامر : من المؤكد أن أمين سيتحفنا بإحدى الأكلات ذات المذاق الحار .
أمين : على الأقل أنا لا أتشاجر مع زوجتي وأنسى أن مفتاح الخزنة معها وأدعو أصدقائي لتناول التونة المعلبة على العشاء ، ولا استدين من توفيق ثمن الخبز حتى تأكل التونة . ( الجميع يضحكون ) .
يغادر الجميع الغرفة ويشيعهم يوسف حتى الباب ومايزال صوت الضحك متعالياً ويبقى الشيطان وحده في الصالون للحظات وتبدو عليه سمات التفكير ، ثم يعود يوسف بعد لحظات .
يوسف : ما الذي يشغل بالك ؟
الشيطان : ( متفكراً ) لقد وجدت نفسي اليوم في مواجهة قاسية مع ضعفي ، حتى العشاء ، لم أستطع أن آكل منه ، جملة واحدة من فمك يا ابن آدم ، حرمتني عشاءاً شهياً ، تكبرت أن أسجد لجدك ، رأيت أنني أعظم منه ، ولكن اليوم ، وجدت نفسي أمام الحقيقة ، وجدت نفسي مخطئاً ، وجدت كبريائي كذبة ، ( يلتفت إلى يوسف ) وهذا يجعلني أسارع بتنفيذ قراري .
يوسف : ( متسائلاً ) قرار التوبة ؟
الشيطان : نعم .
يوسف : هذا شيء جيد ويسعدني .
الشيطان : لي طلب بسيط أطلبه منك ، أرجو ألا تحرمني منه .
يوسف : ماهو ؟
الشيطان : أريد أن أراك دائماً بعد أن أتوب ، أشعر أنني كلما رأيتك أثبت موقفي ، أريدك لي صديقاً وسنداً وعوناً .
يوسف : عندما تتوب ، لك مني أن أزورك وأساعدك قد طاقتي ، أما غير ذلك فلا تحلم .
الشيطان : ( ينهض ) وهذا يكفيني ، أما الآن فأذن لي ، أراك غداً ، أكتب هذا العنوان عندك حتى تزورني كلما سنحت لك الفرصة . ( يمليه عنواناً ويوسف يكتبه في ورقة )
يغادر الشيطان الغرفة ويوسف يوصله لحد الباب ، ثم يعود يوسف إلى الصالون ويجلس على الأريكة ، وتأتي زوجته وتنظر له وهو مستغرق في التفكير .
الزوجة : لماذا يبدو عليك الاكتئاب ؟ كنت تشعر بسعادة غامرة ويخرج ضيوفك وبقايا ضحكاتك لاتزال باقية على وجهك ، فما الذي حصل هذه المرة ؟
يوسف : لا شيء . ( يصمت قليلاً ثم يكمل شارداً ) ولكن يجب أن نتوقع مفاجآت عظيمة الأيام القادمة أن لم يخب ظني .
الزوجة : ( مهتمة ) ماذا تعني ؟
يوسف : ( يلوي شفتيه ويهز كتفيه ) أنا نفسي لست أدري ماذا أقول ، يحسن بي أن أذهب للنوم .
ينهض ويخرج من المشهد .
................ ( ستار ) ................
سلطان زمن
02-05-2005, 08:59 AM
الأخ العزيز بلال الزين
مازلت متابعا لجمال ما تكتبه هنا .
في انتظار الفصول الأخرى .
تحياتي لك ،،،،
د. سلطان الحريري
03-05-2005, 01:56 AM
وأنا أتابعك أخي الحبيب..ولعل من المناسب لي أن أحييك- وإن جاءت تحيتي متأخرة قليلا -على إحياء فن من الفنون الراقية قلما نجده في واحتنا؛ فالمسرح من الأهمية بمكان بحيث نفرد له جانبا من زوايا واحتنا الغناء..
دمت مبدعا وبانتظار الفصل القادم
بلال الزين
05-05-2005, 01:27 PM
في البداية اشكر جميع الأحبة على مرورهم وتعقيبهم او حتى قراءتهم
أشكر د. سلطان الحريري على تشجيعه الدائم رأيك دوما أعتز به مع العلم أنني لست كاتب هذه المسرحية وانما انشرها بعد اذن كاتبها صديقي الكاتب مادح أحمد
ولكن سواء انا او هو نهتم برأيك ناقدا مع دورك العظيم مشجعا وكذلك بقية الأخوة الأدباء
.. الفصل الثالث ..
المكان : داخل أحد المساجد الواسعة ذات الفرش الوثير .
الزمان : في المساء بعد صلاة العشاء مباشرة .
يبدو الشيطان جالساً في ركن قصي من المسجد ويضع أمامه مصحفاً على حامل خشبي ويقرأ ويرتل مرتدياً ثوباً أبيضاً نظيفاً ، وفوقه بشت أبيض ويعتمر كوفية بيضاء ، ويبدو في شكله البشري سابق الوصف وإن كان يرتدي نظارة يداري بها لون عينه الأحمر .
... المشهد الأول ...
يدخل يوسف المشهد ويتوجه نحو الشيطان وهو متأبطٌ لصحيفة يومية .
يوسف : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيطان : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . اجلس
يوسف : ( يجلس ) كيف تجري أمورك ؟ وكيف حالك ؟
الشيطان : كل شيء على أفضل مما يرام ، منذ البارحة حتى اليوم قرأت القرآن كاملاً ، والآن حفظت سورتين من جزء عم .
يوسف : ماشاء الله تبارك الله ، اللهم قوي ايمانك ، وهل واجهتك مشاكل ؟
الشيطان : نعم ، عندما قرأت قصتي مع آدم وأسلوبي في الكلام مع الله عز وجل أسفت وندمت وتأثرت كثيراً .
يوسف : ....... ( لا يجيب )
الشيطان : لم أتوقع أن تزورني اليوم
يوسف : ولا أنا ، ( يلوح بالصحيفة ) ولكن عندما اشتريت الصحيفة وقرأتها ، وجدت أن زيارتك أصبحت أمراً حتمياً .
الشيطان : ( متسائلاً ) لماذا ؟ ما الذي حدث ؟
يوسف : ألا تعرف ؟
الشيطان : كنت أعتمد على شياطيني الصغار في معرفة الأخبار ، ولكنني قمت بتسريحهم منذ الليلة التي كنت عندك فيها ، وهم الان متوزعون في المساجد ولا نلتقي ، ولكن من المحتمل أن نلتقي الجمعة لنصلي سوية في المسجد الحرام بمكة المكرمة ان شاء الله .
يوسف : ( مستعجباً ) في المسجد الحرام ؟!
الشيطان : أجل ، أنت تعرف إمكانياتنا ، ثم أننا قد رتبنا جدولاً ، اسبوع في المسجد الحرام وأسبوع في المسجد النبوي ، وأسبوع في المسجد الأقصى .
يوسف : سبحان الله ، من ذا الذي يملك العقل لتصديق ما أنا فيه الآن .
الشيطان : وما المكتوب في الصحف ؟
يوسف : ( يتذكر وينشر الصحيفة أمامه ) العجب العجاب كان في الصحف اليوم ، وسيكون كذلك الأيام القادمة ، اسمع .
الشيطان : كلي آذان صاغية .
يوسف : اسرائيل تنسحب من جميع المناطق المحتلة ، وتطلب من السلطة الفلسطينية إيجار أرض حتى تتمكن من نقل ممتلكاتها إليها إلى أن تحل اسرائيل مشكلة وجودها مع بريطانيا التي وعدتها بالمقر .
الشيطان : جميل جداً ، لقد عادوا إلى الصواب ، فلسطين ليست لهم ، وإذا أرادوا أرضاً فليطلبوها ممن وعدهم بها .. أوه ( كمن تذكر شيئاً ثم يصمت ويبدو عليه الكدر ثم تكلم ) الآن يا يوسف كدرت سعادتي وذكرتني بشيء من الحقوق التي يجب عليّ ردها لأصحابها ، أنا من وسوس لبلفور ليعطي اليهود فلسطين ، وترك اليهود بلدانهم التي نشأوا فيها وغيروا جنسياتهم وهاجروا لإسرائيل ، الآن يجب أن أصحح أوضاعهم جميعاً ، وهذا فوق طاقتي ، فانصحني أرجوك .
يوسف : عجباً لما أسمع ، على أي حال أرى أن تنتظر وترى ما الذي ستسفر عنه الأيام القادمة .
الشيطان : نعم الرأي ، واصبر صبراً جميلاً ، وكما يقولون ، العبد في التفكير والرب في التدبير .
يوسف : لست أدري كيف تستطيع أن تطلق على نفسك لقب " عبد " بكل سهولة هكذا .
الشيطان : كل شيء يتغير يا يوسف ، لاتشغل بالك ، وماذا في الصحف أيضاً ؟
يوسف : الشعب العراقي يعفوا عن صدام حسين وجميع الشعوب العربية تؤيد هذا العفو ، وصدام يعلن توبته في السجن ، ويطالب بأقصى العقوبة على نفسه .
الشيطان : كعادتي به ، رجل صارم لايتردد لحظة .
يوسف : وجورج بوش يقرر اطلاق سراح صدام قبل توقيعه قرار استقالته من البيت الأبيض ، ويؤكد رغبته الجادة في الاعتذار للجميع عن اخطاءه وجرائمه في الحروب التي ارتكبها ، ويترك توصية لمراجعة أوضاع الأسرى .
الشيطان : لقد كان غبياً ، وغباؤه ساعدني كثيراً .
يوسف : يبدو ذلك واضحاً .
الشيطان : هل من أخبار أخرى ؟
يوسف : لاشيء أهم من ذلك ، أما باقي الأخبار فهي أشياء بسيطة كاعترافات العديد من الأشخاص بجرائم ارتكبوها ولم يقبض عليهم أو نجحوا في إلصاقها بأبرياء .
الشيطان : ( مبتسماً ) هكذا أنا أسعد ، هاهي الحقوق تعود لأصحابها ، ألا توجد أخبار أخرى جميلة كهذه ؟
يوسف : لا ، يبدو من هذا الخبر أنك كنت تعاني صراعاً عظيماً مع الضمائر ، فلما تركت لها الساحة ، انفردت الضمائر بالأشخاص وأملت عليهم ما يتوجب عليهم فعله حقيقة .
الشيطان : ( متنهداً ) فليحمدوا الله أن لهم ضمائراً .
يوسف : ماذا تعني ؟
الشيطان : أعني أن الضمير يقوم بعمل ممتاز جداً لمساعدتهم على الثبات على الصراط المستقيم ، أي أن نصف مجهود مجاهدة النفس يقوم به هذا الضمير ، ويكفي الشخص ثبات بسيط ومقاومة أبسط لكي يثبت ، لكن كثيراً من الناس تركوا لي السبيل لكي أصارع الضمير وحده .
يوسف : فعلاً ، هذه نعمة عظيمة .
الشيطان : أي نعمة ، لا يشعر بها إلا فاقدوها .
يوسف : أكل هذا الحوار لكي تقول أنك لا تملك ضميراً ؟ أم أنك تعني شيئاً آخر ؟
الشيطان : ومن أي لي بضمير ؟ أنا عدو الضمائر فكيف لي بضمير ؟ ( يصمت ) ولكنني حللت هذه المشكلة وحصلت على ضمير .
يوسف : كيف ؟
الشيطان : ألا تذكر ماذا طلبت منك عندما غادرت منزلك ؟
يوسف : أجل طلبت مني أن أزورك ، ( يستدرك ) أها .. أنا ضميرك إذاً ؟!
الشيطان : أجل .. وهل أجد أصلح منك لهذا العمل ؟
يوسف : ولو أنك إذا لم ترغب في الاستمرار لن أملك لك شيئاً ، فأنت لست عدواً للضمائر وحسب ، أنت مدمر لها وقاتل أيضاً .
الشيطان : ( منفعلاً ) إياك أن تحبطني ، اخترتك ضميراً لتسندني لأثبت على موقفي ، لا لتحبطني .
يوسف : على مهلك ، هي كلمة أردت قولها للحق ، ( ينهض ) أما الآن فأريد أنا أغادر ، وأراك قريباً .
الشيطان : سأنتظر زيارتك التالية بفارغ الصبر .
يوسف : استودعك الله .
( يخرج يوسف )
................ ( ستار ) ................
بلال الزين
10-05-2005, 11:55 AM
... المشهد الثاني ...
نفس المكان والزمان السابقين في يوم آخر ، والشيطان قابعٌ في نفس المكان بنفس الرداء
يدخل يوسف ويجلس إلى جانب الشيطان الذي كان يقرأ القرآن .
يوسف : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيطان : صدق الله العظيم ( يغلق المصحف وينظر ليوسف ) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يوسف : كيف أحوالك ؟
الشيطان : الحمدلله .. كل شيء على ما يرام ، أنا مرتاح جداً هكذا .. ماهي الأخبار بالخارج ؟
يوسف : حدث حادث تصادم بين سيارتين ، رأيته في طريقي إلى هنا ، لم يحاول أحد سائقي السيارتين شتم الآخر أو لكمه ، بل حاول كل منهما التماس العذر للآخر وتنازل الاثنان عن حقهما وذهب كل منهما في طريقه وقد أصبحا صديقين .
الشيطان : ( مداعباً ) لو لم أكن في المسجد ، لجد في الأمور أمور ، ( يضحك )
يوسف : ( يشاركه الضحك ) .. يا اخي لقد كنت أنت سبب مصائب الدنيا ، كنت تملك أطناناً من الشر .
الشيطان : الحمدلله على كل حال .. وما الجديد في الجرائد ؟
يوسف : عجائب ، ولربما كان الوضع في فلسطين هو الأكثر أهمية .
الشيطان : ماذا حدث ؟
يوسف : رئيس الوزراء الاسرائيلي ، استقال من منصبه واعترف بكل جرائمه وطلب تقديمه للمحاكمة سواء المحاكم الدولية أو المحكمة الفلسطينية .
الشيطان : شيء جميل جداً ، مع هذه التطورات أصبح الاسرائيليون دون قائد ولا أرض ، فقط يملكون ديناً منسوخاً وكأنهم لا يملكونه .
يوسف : لا دين ولا وطن ولا قائد ، المثلث كله انتفى هنا ، ولكن الفلسطينيين قد عرضوا على اليهود العيش معهم في بادرة طيبة، من الصعب أن يرد عليها اليهود بعد أن فقدوا قائدهم ، وللعلم ، فقد أجبر رئيس الوزراء الاسرائيلي جميع أفراد حكومته على الاعتراف بجرائمهم فوجدهم جاهزين للإعتراف ، ولكنهم كانوا خائفين منه .
الشيطان : شيء طبيعي ، شارون كان خليفتي في الأرض ، يسمع كلامي وينفذه بالحرف الواحد دون نقاش .
يوسف : ( مازحاً ) لقد تخليت عن الرجل وهاهو قد ضاع .
الشيطان : على الأقل سيموت راضياً عن نفسه .
يوسف : المفاجأة الكبرى .. توجه العديد من المسيحيين واليهود لدراسة الدين الاسلامي واللغة العربية .. وأعداد من المسيحيين واليهود يعتنقون الاسلام .
الشيطان : ( متنهداً في سعادة ) يا الله ما اجمل هذا الكلام .. لكأن الأرض تخضر بعد جفافها .
يوسف : أما أمريكا فقد أدلى الرئيس الامريكي جورج بوش بتصريحات واعترافات صادقة وخطيرة للمحكمة بخصوص حروب العراق وافغانستان وغير ذلك ، ونادى الكثير من الأمريكان إلى الصلح بين الطوائف العرقية والدينية .
الشيطان : جميل جداً ، خرج بوش أخيراً من دوامته ، ولأول مرة يتصرف بذكاء .
يوسف : انني استغرب وصفك لبوش بالغباء .
الشيطان : هذا مالا يختلف عليه اثنان .
يوسف : يتبقى لك عندي خبر شديد الأهمية .
الشيطان : وماهو ؟
يوسف : عودة العديد من الإرهابيين إلى جادة الصواب وعلى رأسهم زعمائهم وتوبتهم إلى الله واعترافهم بذنبهم في حق الله وفي حق دينه وفي حق الناس ، وقد سلموا انفسهم للعدالة لكي ينالوا القصاص العادل .
الشيطان : الأخبار اليوم عظيمة جداً .. لقد جعلتني أشعر بسعادة غامرة .
يوسف : أسأل الله أن يديم سعادتك وهدايتك ان شاء الله .
الشيطان : ونعم بالله .
يوسف : ( ينهض ) أما الآن فأنا استأذنك في الذهاب .
الشيطان : لاتنسى ان تزورني .
يوسف : لا تقلق .. ( يغادر المشهد )
الشيطان : ( محادثاً نفسه ) يجب أن أنام الآن وأرتاح ( يغادر المشهد )
................ ( ستار ) ................
بلال الزين
15-05-2005, 02:18 PM
... المشهد الثالث والأخير ...
نفس المكان ونفس المنظر ، والشيطان جالس محله لا يفعل شيئاً سوى النظر إلى الأرض .
يدخل يوسف المشهد .
يوسف : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيطان : ( بضيق ) وعليكم
يوسف : ( يجلس ) إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها .
الشيطان : ...... ( صمت )
يوسف : غريب أمرك اليوم .. ما الذي حدث ؟ الضيق يبدو واضحاً على وجهك ، هل أغضبك أحدهم ؟
الشيطان : ........ ( صمت )
يوسف : يبدو أن المشكلة هي أنا ، سأغادر إذاً ( ينهض ) .
الشيطان : ( يمسك يده ليجلس ) إجلس
يوسف : ( يجلس ) وهأنذا جلست ، فأخبرني ماذا بك ؟
الشيطان : رأيت رؤيا في المنام.
يوسف : خيراً إن شاء الله ؟!
الشيطان : لست أظنها خيراً أبداً .
يوسف : احكها لي ولن تخسر شيئاً ، فلربما رأيت أنا مالم تر أنت .
الشيطان : ( ينظر ليوسف نظرة لا مبالاة ) ..... ( صمت )
يوسف : إذا لم ترغب في أن تحكيها فهذا شأنك .
الشيطان : رأيت أنني في يوم القيامة ، والناس الذين أتوا منذ اليوم الذي اهتديت فيه ، كلهم يدخلون الجنة ، وكنت أنا آخر من حوسب ، وأدخلت النار وألقيت فيها فلم أجد سوى من أغويتهم من قبل أن أهتدي .. فما تفسيرك ؟
يوسف : لربما كانت أضغاث أحلام من شدة تفكيرك في الآخرة .
الشيطان : أنسيت أنني أنا من يبث أضغاث الأحلام والكوابيس للناس في مناماتهم ؟
يوسف : إذاً ماتفسيرك أنت ؟
الشيطان : تفسيره أن ما أعمله الآن هو عبث ، وأن مصيري قد تقرر منذ البداية ، وأنني لست بقادرٍ على أن أمحو ذنوبي ، مهما فعلت .
يوسف : أتفق معك ، كنت أتفكر دائماً ، أعاقل أنا أم مجنون ! ، من المستحيل لشيطان تحمل كل ذنوب البشر منذ بدء الخلق ، حتى ذنوب ماقبل نهاية الخلق أن يمحو عنه ذنوبه وخطاياه .
الشيطان : لقد ظننت أن بإمكاني ذلك .
يوسف : ولكن ماذا لو كان هذا الحلم لتحفيزك على العمل أكثر ؟ فكون كل من في النار هم من أغويتهم قبل هدايتك ، فهذا يعني أنك تقدر على الاستمرار هكذا ، ومن يعلم لربما نجحت في ذلك .
الشيطان : لقد رأيت أهل الجنة في منامي ، لقد كانوا سعداء بما حصلوا عليه ، وإني لأكره مرأى السعادة على وجوههم ، وفي رأيي ، هذه السعادة ليست حقاً لهم .
يوسف : لماذا أنت انهزامي هكذا ؟
الشيطان : أنا لست انهزامياً ، ولكنني أرى الواقع ، حتى لو غفر لي ذنبي ، لن أستحمل الوجود في الجنة مع ابناء آدم وهم سعداء بما آلوا إليه ، وذلك لأنني تركتهم يدخلون الجنة فهم لم يفعلوا شيئاً، بل إن وجودي معهم في النار وهم يتألمون لأحب إلى قلبي من أي شيء آخر ، وهو ما سيهون علي عذابي .
يوسف : لا أعتقد أن سبب ذنوب البشرية جمعاء ، يستطيع أن يهون عليه عذابه لمجرد أن يشفي غليله في بني آدم وهم يتألمون ، ألا تدرك أن عذابك سيكون مجمل عذاباتهم ؟
الشيطان : أدرك ذلك وأعلمه جيداً ، ولكن هكذا أنا .
يوسف : نعم أنت هكذا ، مكابر ومغرور .. كما عهدك آدم ، وكما قرأنا عنك ، وكما أخرجك الله من رحمته ، لا توقر ولا تحترم .
الشيطان : أما هذا الهراء فأدعه لك .. ( ينهض وينزع عنه أرديته )
يوسف : إلى أين العزم ؟
الشيطان : أعود من حيث جئت .
يوسف : وبعد ذلك ؟
الشيطان : أعود للتحدي ، والوعد الذي وعدته منذ ملايين السنين .
يوسف : تفكر قليلاً .
الشيطان : وداعاً .. ( يخرج )
يوسف : ( جالس وأرخى رأسه لينظر إلى الأرض ، ثم رفعها ليستمع إلى أصوات المشاجرات والشتائم القادمة من الشارع ، الأصوات التي لم يسمعها منذ أيام ، وتناهى إلى سمعه صوت حمار ينهق من مكانٍ ما ) .
................ ( ستار ) ................
انتهت بحمد الله
بلال الزين
19-05-2005, 01:06 PM
... الحاق ...
من فصل واحد
المكان : غرفة عادية فيها مكتب صغير عليه كتب متناثرة وأوراق ، ودولاب ملابس مفتوح قرب ركن الغرفة ، وفي ركن آخر كرسي يجلس عليه وليد .
يلقي وليد كتاباً من يده على المكتب .
وليد : ( محادثاً نفسه ) هذا الحمار لا يستهان به البتة ، لقد ألف عملاً جيداً ، وضع فيه رغبة مكبوتة لدينا جميعاً ، أن نلتقي وجهاً لوجه مع المستحيلات ، وحقق فيه المستحيلات كلها ، وحل كل مشاكل البشرية في مسرحية واحدة ، ( يقف ويتجه إلى النافذة الوحيدة في الغرفة وينظر منها ) لعله لا يكتب بعدها أبداً ، أنهى المشاكل كلها من وجهة نظره ، فما الداعي للكتابة مرة أخرى ؟! ، ( يصمت ) ... آه لو تتحقق لي أحداث المسرحية ، كنت سأطلب من الشيطان الشيء الكثير ، وكنت سأساعده بأكثر مما ساعده به هذا الحمار ، وهل أنا بحاجة سوى للكلام ؟ أنا أستاذ في الكلام ، ثم الشيطان نفسه لا يفعل شيئاً سوى الكلام مع البشر ووعدهم بوعود كاذبة ، كل ما سأفعله هو أن أتبادل الأدوار مع الشيطان ، أوسوس له بدلاً من أن يوسوس لي وحسب ، وتنتهي المشكلة .
( لحظة صمت ثم يسمع صوت طرق الباب )
وليد : أدخل .
( يفتح الباب ويدخل شاب أبيض الوجه حليقه ، ويغلق الباب خلفه )
الشاب : السلام عليكم
وليد : وعليكم السلام ، من أنت وكيف دخلت غرفتي ؟
الشاب : أنت أذنت لي .
وليد : ( ينفض رأسه ) يوه .. أقصد كيف دخلت المنزل ؟
الشاب : هذا شيء سهل .. ألا تعرفني ؟
وليد : لا .. من أنت ؟؟
الشاب : أنظر إلى عيني .
وليد : ( ينظر بعمق في عيني الشاب ) انهما حمراوان .. أنت ..
الشاب : ( مقاطعاً ) نعم بذاته .. أنا الشيطان ..
وليد : ( تتهلل أساريره ) مرحباً بك أيها الشيطان .. كنت أحدث نفسي عنك الساعة ، لم أتخيل أن أراك الآن وبهذه السرعة ، اجلس .
الشيطان : ( يجلس ) أشكرك على هذا الاستقبال الحفي ، هل قرأت ما كتبه الحمار عني ؟؟
وليد : نعم .
الشيطان : وما رأيك ؟
وليد : جميل جداً إذا حدث
الشيطان : ولماذا يحدث ؟ لماذا ألغي دوري في الوجود مادمت أستطيع القيام به ؟
وليد : إذاً لماذا أتيت ؟
الشيطان : كنت تحسبني أتيت إليك لأنفذ الهراء الذي كتبه الحمار في المسرحية ؟
وليد : كنت أظن ذلك .
الشيطان : لا لا لا .. إياك أن تتوقع أن أفعل ذلك أو حتى أن يطوف ذلك بخيالك .
وليد : فلم أتيت إذاً ؟
الشيطان : أتيت أحمل لك فرصة ، مقايضة .
وليد : مقايضة ؟
الشيطان : نعم .
وليد : أي مقايضة ؟
الشيطان : سأكون واضحاً ومختصراً .
وليد : أفضل ذلك .. فأنا بطيء الفهم .
الشيطان : مثل كاتب المسرحية قطعاً .. على أي حال .. سأكلفك بعمل ، وفي مقابل هذا العمل سأحقق لك كل أمنياتك ، ما رأيك ؟
وليد : عرضٌ مغرٍ جداً .. وماهو هذا العمل ؟
الشيطان : سأعطيك كل يوم زجاجة ، فيها لتران ونصف من سائل معين ، يساعدني على أداء عملي .. كل ما أطلبه منك أن تذهب بسيارتك وتسكبه في البحر ، فقط .
وليد : عجبي .. ولكن البحر كبير ، ولتران ونصف لن يفعلا شيئاً أبداً .
الشيطان : ( غاضباً ) قلت لك .. كل يوم زجاجة فيها لتران ونصف ، كل يوم .. ألا تفهم .
وليد : نعم .. الآن فهمت .
الشيطان : وما قولك ؟ هل قبلت ؟
وليد : وماهو المقابل ؟
الشيطان : كل ما تريد .. نقود .. وظيفة .. سيارة .. أي شيء تريده .
وليد : حسناً ، ولكن من حقي أن أطلب شيئاً تحت الحساب .
الشيطان : ماهو ؟
وليد : ( يتفكر ) أطلب مبدئياً ... مليون ريال .
الشيطان : هو مبلغ كبير بحساباتكم ، لكنه لايعني شيئاً مقابل خدمتك الجليلة لي ، حالاً أصفق بيدي فتأتي الزجاجة الأولى والمليون ريال .
وليد : ( يبتسم سعيداً )
الشيطان : ( يصفق بيده )
( يفتح الباب ويهجم أحد الأشخاص على الغرفة ضاحكاً )
وليد : ( مذهولاً ) حاكم ؟؟؟؟ ما الذي أتى بك ؟؟؟
حاكم : ( يضحك بشدة ) أتيت أحضر لك المليون ريال .
وليد : ( يصمت لحظة ثم ينظر ليرى الشيطان ينزع عدساته الحمراء اللون وحاكم والشيطان يضحكان )
حاكم : ( يضحك ) مليون ريال .. أحلام سعيدة يا وليد
وليد : ( يصرخ ) أخرجا من هنا .. أخرجا من هنا .. ( ويدفعهما خارجاً ويغلق الباب ويجلس على الكرسي الذي كان جالساً عليه ويسند رأسه على كفه ويتنهد ) للحظة ظننت أنني الحمار ، أما الآن .. فقد تأكدت من ذلك فعلاً .
................ ( ستار ) ................
النهاية
بلال الزين
22-05-2005, 04:01 PM
كما يبدو لي أن المسرح غير مرحب به أبدا حيث لم أجد من الردود الا مااعتصرت كلماته من مخيخ اصحابها فباتت جهدا ضائعا يحسبونه ولسان حالهم يقول يكفيك أخي ماكتبت فلاتعود اليها ....
لكم ذلك ولكن ألا أستحق منكم ولو نقدا بسيطا وهذا هو مرادي وهدفي من المشاركة أردت فقط نقدا بناءا اعطيه لصديقي بتوقيع الواحة ....
أشكر من كل قلبي
سلطان زمن
بشير
ثم علامتنا الدكتور سلطان الحريري
قاموا بالرد على مسرحيتنا ولكني لم أرى منهم نقدا أو نصيحة
قبل ذلك اسلام شمس الدين والدكتور جمال مرسي حيث شاركا بالرد على المقدمة
لكني اود من جميع المختصين ومن له راي في الفنون المسرحية أن يدلي بدلوه
دكتور سلطان الحريري
دكتور سمير العمري
دكتور جمال مرسي
والأستاذ الكبير نزار الزين
وبقية الأخوة وأظن أن من حقي أن أرى مانشدته في الواحة
ولكم ولجميع القراء جزيل الشكر
بلال الزين
25-05-2005, 11:09 AM
لله يامحسنين ..........
:008:
سلطان زمن
25-05-2005, 11:36 AM
أخي الحبيب بلال
أضحكتني كثيرا بردك ، وصدقا فقد كنت قارئا ومتابعا لموضوعك ومشاركاتك فيه ، ولكني أحببت ترك الانتقاد لغيري ممن هم أعلم مني .
ولست هنا لأضيف مشاركة ، بل لأسجل إعجابا بما كتبت ونقلت من فن مسرح جميل جدا استمتعت به على مدار حلقاته المتتابعة .
تقبل إعجابي .
(وليس معي في جيبي شيئا لأعطيك إياه :011:)
تحياتي لك ،،،،
د. سمير العمري
31-08-2005, 11:20 AM
لك الحق في العتب الذي أشاطرك إياه. ولعلني قبل أن أبدي رأيي فيما قرأت أتقدم إليك بعذري إذ ما أخرني عنها إلا سفر طال ثم أرشيف طواها وما قادتني إليها إلا المصادفة. رب ضارة نافعة.
المسرحية أجدها هنا جميلة ومكتملة العناصر.
الفكرة عالية وموجهة.
اللغة متقنة ودقيقة
الحركة الدرامية موفقة
المؤثرات البصرية والسمعية متسقة مع سياق النص
الصور والمعاني تخدم الفكرة وتعين على توضيحها وتقديمها.
الحبكة القصصية جميلة ودقيقة
عناصر الإثارة والتشويق أعجبتني.
هي باختصار حالة تسعدنا لفن بات ينقرض ونتمنى أن نجد من يعيده إلى الواجهة بمثل هذا الألق.
تحياتي
:os::tree::os:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir