تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شُرْفَةُ الحُبْ



أحمد حسن
01-11-2014, 09:08 PM
شُرْفَةُ الحُبْ

فجأةً وَجَدَ نَفسَهُ وسْطَ الظَّلامِ مُتَسَمِراً على حائطِ السُّور أَسْفلِ شُرْفَتِها , يُحِيطُ به سُكونٌ تام و هو يحاوِلُ بٍجُهد أن يَضْبِطَ وتيرةَ أنفاسه المُتَسارعة , لا يدْري كيف بدأ الأمر و كيف وصل إلى هنا؟! , ما الذي يحاول فِعْلَهُ في مَثْلِ هذا الزمان و هذا المكان؟! , أتُرَاهُ يَنْوي أخيراً أن يَقْتَحِمَ عليها حياتَها و يُشْعِرَها بِحَقِّه بالوُجوُدِ فيها , فهذا ما كان يَجُولُ في خاطِرِهِ قبل أن يَجِدَ نفسهُ مُتَوَثِّباً ظَهْرَ هذا الحائطِ , ولكن كيف واتتهُ الجرأة على فِعْلِ مِثلِ هذا الأمر و هو الذي يتردَدُ خَجِلاً في إلقاءِ التحيةِ عليها كُلَّما اصطدمت عيناهُ بَوَهْجِ مُقْلَتيها في الطريق , بل و يخشى أن يخْتَلِسَ النَّظَرَ إليها من خَلْف نافِذَةِ حُجْرَتِه المُقَابِلة لشُرْفَتِها , كيف أُرْغمت مَبَادِئهُ على الانصياع لِنَزَواتهِ بهذه السهولة , و ماذا عنها؟ هل ستستقبلُ غارَتَهُ الليلية و استَباحَتُهُ لحُرْمَتِها بتعابيرها المُحايِدة كعادتها في كل مرة يلتقيها أم سَتَلْبسُ قِنَاعاً جديداً هذه المرة يُفصِحُ عن مَكْنُونِ لُـبِّها و خَلَجاتِ نفسِها تِجاهَه , و ما عسى أن يَقولَ هُوَ إذا ما استنطقته عيناها ؟.....


اضْطَرمتْ تلك الأفكارُ و التَّسِاؤلات داخلَ رأسهِ , خَنَقه السكونُ الثقيل , كتم أَنِينهُ في نَفْسِه , ما كان ليحدث كلَّ هذا لولا هالةُ الغموضِ التي تُحيطُ نَفْسَهَا بِها و التي تحولُ دون عثورهِ على مَوْرِدٍ يَنْفُذُ عَبْرَه إلى أعمَاقِها علَّهُ يَجِدُ هُناك ما يُشَيرُ إليه , ولكن ها هوَ قد طَالَ عليهِ الأَمدُ و لم يَحْظَ بما يُريد فغَلَبتْهُ شَقْوَتُهَ و امْتَطَى سوادَ الليل لِيطْرِقَ باب وَصْلِها على نَهْجِ عشاق الليل لعله يَحوزُ منها ما يشفي به الغَلِيل ويُرِيحُ فُؤاده الكَلِيل.
وفيما هو يَجُوس بين أفكارِه انْبَجَسَ يَنْبُوعٌ من الضَّوء مُخْتَرِقاً حاجِزَ الظَّلام أجْبَرَهُ على الكُمُونِ في موضِعِه فوقَ حائِطِ السُور ,لاحَ لَهُ طَيْفُهَا مُنْتَصِباً على الشُرْفة ,أشْرَعَتْ ذراعيها تحْتَضِنَ نَسائمَ الليل الرقيقة , اتَّكأت على حَاجِزِ الشُّرفةِ المَعْدِني , أخَذَ يتَوَسلَ شَجَاعَتَهُ في أن يظْهرَ لها فَجَبُنَتْ عنه , خشي إن أفْصَحَ عن وُجُودِه أن تُباغِتَه بمَا لم يَكُن في حُسْبانِه فآثرَ الجُثُومَ في مَكْمَنِه حتى يفْصِلَ الله في أمْرِه , أرْخَى رأْسَهُ و أغْمَضَ عيْنَيْه خَشْيةَ أن تَدُلَّاها على وجوده , يكتنفه شعور بالحنق و الندم معاَ, يغيظهُ أن يَجْتمِعا وحدهما في ذات الزمان و المكان ويَقْصُرُ عنْ أنْ يبوحَ لها بدفينِ قلْبِه و اِلْتِيَاعِه , شَمِتَتْ نَفْسُهُ بِحَالِه فرَدَدَت :


بِاللَهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ حَدِّثنَني
حَقّاً أَما تَعجَبنَ مِن هَذا الفَتى
الداخِلِ البَيتَ الشَديدَ حِجابُهُ
في غَيرِ ميعادٍ أَما يَخشى الرَدى


كانت تَنْظُرُ من شُرْفَتِها نَاحِيةِ نافذة غُرفَتِهِ بِعُمْق تستجدي خيالها ليوحي لها بالمزيد عنه مُتوَسلةً له بطول انتظارها و لَوْعَةِ فُؤادِها لعلها تَسْتَبينُ سَبيلَ هذا الحب طَالَما احْجَمَ هو عنْ رفْعِ رايتهِ و آثَرَ طَرَفَ الحِياد عن التَّضْحيةِ في سبيلِهْ.

عادتْ لغُرفَتها بعد أن أَغْلَقتْ بابَ الشُرْفَة , جَلَسَتْ على مِنْضَدَتها , نظرت إلى ما كانت تّكْتُبُه , تبسمت عند بيت الشِّعْرِ الأخير, فتابعت الكِتَابَة :


فَأَجَبتُها إِنَّ المُحِبَّ مُعَوَّدٌ
بِلِقاءِ مَن يَهوى وَإِن خافَ العِدى

مصطفى حمزة
02-11-2014, 07:05 AM
أخي الأكرم ، أديبنا أحمد
أسعد الله أوقاتك
قصّة فيها من مغامرات ( كازانوفا ) ، وفيها من مقامات الهمذاني ، وفيها من ( ساكن أصادي وبحبو .. ) وفي النهاية نحن أمام نصّ
ممتع بطعم الحب البريء ، وبلغة أدبيّة فاخرة ، وبقالب مميّز
تحياتي

مازن لبابيدي
02-11-2014, 07:26 AM
الأديب المبدع أحمد حسن
قصة ماتعة بسردها وحبكتها ولغتها المتمكنة
كما أشكر لك اعتناءك باللغة والتشكيل .

تقديري وتحيتي

أحمد حسن
02-11-2014, 11:45 AM
أخي الأكرم ، أديبنا أحمد
أسعد الله أوقاتك
قصّة فيها من مغامرات ( كازانوفا ) ، وفيها من مقامات الهمذاني ، وفيها من ( ساكن أصادي وبحبو .. ) وفي النهاية نحن أمام نصّ
ممتع بطعم الحب البريء ، وبلغة أدبيّة فاخرة ، وبقالب مميّز
تحياتي

الأستاذ الفاضل الأديب مصطفى حمزة

يُبهَجُني دوماً مروركم الثري و ومضاتكم النَيِّرة

دمت بود

أحمد حسن
02-11-2014, 11:56 AM
الأديب المبدع أحمد حسن
قصة ماتعة بسردها وحبكتها ولغتها المتمكنة
كما أشكر لك اعتناءك باللغة والتشكيل .

تقديري وتحيتي

الأستاذ الفاضل مازن لبابيدي

أشكر لك مرورك البهي و تقريظك الكريم

دمت بصحة و عافية

خلود محمد جمعة
04-11-2014, 09:31 AM
بسرد ماتع و أسلوب مشوق وحبكة رهيفة الحس وحالمة رسمت القصة بجمال
بوركت
كل التقدير
رائعة

ربيحة الرفاعي
05-11-2014, 11:20 AM
بمهارة ملك السارد خيوط الحبكة وحرّكها بتداخلات لافتة وتفاصيل وصفية للصراع الداخلي منحت الفكرة جمالية وبعدا
السرد كان شائقا واللغة طيبة والأداء جميلا

أم سَتَلْبسُ قِنَاعاً جديداً هذه المرة يُفصِحُ عن مَكْنُونِ ... ربما لم يكن التساؤل هنا دقيقا فالقناع يخفي ولا يفصح
وفي قولك .. "فَأَجَبتُها إِنَّ المُحِبَّ مُعَوَّدٌ" كانت انتقالة في شخص الراوي لم يمهد الكاتب لها

قلم قصّي جدير بالمتابعة

دمت بخير أيها الفاضل

تحاياي

آمال المصري
07-11-2014, 07:06 PM
مررت على هذا المقام البديع واستمتعت بنصٍ بهي الفكرة والآداء والبيان والحبكة والتصوير
أجدت وأبدعت أديبنا الراقي فشكرا لك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

كاملة بدارنه
08-11-2014, 05:33 PM
سرد جميل بلغة عاطفيّة رقيقة
إقحام الراوي في النّهاية لم يكن ذا قيمة هامّة (ولكم الرّأي)
بوركت
تقديري وتحيّتي

أحمد حسن
09-11-2014, 06:09 AM
بسرد ماتع و أسلوب مشوق وحبكة رهيفة الحس وحالمة رسمت القصة بجمال
بوركت
كل التقدير
رائعة

الأستاذة الفاضلة خلود
لك كل الشكر و التقدير على مرورك الكريم و على الإطراء الجميل
دمت بخير

أحمد حسن
09-11-2014, 06:39 AM
بمهارة ملك السارد خيوط الحبكة وحرّكها بتداخلات لافتة وتفاصيل وصفية للصراع الداخلي منحت الفكرة جمالية وبعدا
السرد كان شائقا واللغة طيبة والأداء جميلا

أم سَتَلْبسُ قِنَاعاً جديداً هذه المرة يُفصِحُ عن مَكْنُونِ ... ربما لم يكن التساؤل هنا دقيقا فالقناع يخفي ولا يفصح
وفي قولك .. "فَأَجَبتُها إِنَّ المُحِبَّ مُعَوَّدٌ" كانت انتقالة في شخص الراوي لم يمهد الكاتب لها

قلم قصّي جدير بالمتابعة

دمت بخير أيها الفاضل

تحاياي

الأستاذة الفاضلة ربيحة الرفاعي
أشكرك على المرور الكريم و على الملاحظات القيِّمة

دمت بخير

أحمد حسن
09-11-2014, 06:42 AM
مررت على هذا المقام البديع واستمتعت بنصٍ بهي الفكرة والآداء والبيان والحبكة والتصوير
أجدت وأبدعت أديبنا الراقي فشكرا لك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

الأستاذة الفاضلة آمال المصري

لك كل الشكر و التقدير على كلماتك المشجعة التي تعني لي الكثير

دمت بصحة و عافية

أحمد حسن
10-11-2014, 05:35 AM
سرد جميل بلغة عاطفيّة رقيقة
إقحام الراوي في النّهاية لم يكن ذا قيمة هامّة (ولكم الرّأي)
بوركت
تقديري وتحيّتي

ألأستاذة الفاضلة كاملة بدرانة

شكراً على مرورك الكريم و ملاحظتك القيمة

د. سمير العمري
25-10-2015, 12:57 AM
نص جيد وملفت في عمومه لم يخل من بعض هنات متفرقة ، الفكرة مستهلكة ومكررة والأسلوب كان بحاجة لمعالجة أفضل في الانتقال بين الأحداث والشخصيات.

تقديري

ناديه محمد الجابي
07-05-2017, 08:38 PM
بسرد متناغم ولغة أنيقة وحبكة قوية
نجحت في رسم لوحة جميلة ترف فراشات الحب عليها
بحس عاطفي دافئ ولغة شاعرية لتنعش بتماوجات لونها القلوب
بوركت ـ ودمت مبدعا. :0014: