المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخفير



حارس كامل
02-11-2014, 08:40 PM
الخفير
====
في الليل تغلق الأبواب والشبابيك، تخلو الشوارع من المارة، يتدثر الفضاء الواسع بالسكون المهيب، بالكاد كلب ينبح أو قطة تموء. وحده جلس في الخلاء، مرتديا جلبابه الصوف البني اللون، ولبس فوقه بالطو لونه أزرق! اشتراه من سوق ليبيا بمدينة قنا منذ ثلاث سنوات، متلفعا بعمامة تغطي نصف جبهته، متقرفصا ككرة من شدة البرد أمام مواسير المصنع المكلف بحراستها.
شعر بالنعاس يتسلل إلى عينيه، نهض وجمع بعض عيدان الحطب، وضعها في مدفأة أعدها خصيصا له جاره الحداد. أشعل فيها النيران؛ ليدفئ بها جسده المرتعش. انتظر قليلا حتى شعر بالحرارة تسري في عروقه، قام بعدها وأحضر نارجيلته من كشك خشبي قرب المواسير، غسل زجاجها بعناية، نظف الخرطوم جيدا، وضع الفحم فوق الحجر، ثم شد أنفاسه مستمتعا بصوت ارتطام الماء بالزجاج.
فجأة رآهم أمام عينيه يتسللون إلى البناية المقابلة، مخزن لإحدى الشركات.
بالكاد لمحهم كالأشباح. أربعة أو خمسة كانوا. انسلوا من شارع جانبي، بقفزة واحدة صعدوا لأعلى السور، ثم نزلوا إلى داخل المبنى.
هبّ بسرعة واقفا، حاملا بندقيته، تقدم خطوة، وضع يده على الزناد.
حدث نفسه بحماسة قائلا:
- لابد أن أطاردهم.
فكر قليلا، ثم حك عمامته بطرف إصبعه، تراجع وجلس مكانه محنيا كقوس خلف المدفأة، أسند بندقيته بجواره، مد يديه إلى النار وهو يزمّ شفتيه متمتما:
- لا شأن لي بهم.
تذكر أنه دائما ما يرى الأشباح تتسلل إلى البنايات المقابلة.
تابع شدّ أنفاس نارجيلته، مصوبا عينيه نحو السور كمنظارين. بعد فترة رآهم يخرجون، حاملين فوق أكتافهم ما يستطيعون حمله. حولّ عينيه في الاتجاه الآخر حتى اختفوا تماما.
وقف بعدها ودلف إلى الكشك الخشبي، ظلّ فيه حتى داهمه الصباح. مع أول شعاع للشمس نهض بصعوبة، وتثائب في كسل، فرد ذراعيه، غمغم بوجه ضاحك: أخيرا انتهت الوردية!
وضع النارجيلة والمدفأة بصندوق حديدي كبير داخل الكشك. أغلق الصندوق بالقفل. منتشيا أوصد باب الكشك، حمل بندقيته فوق كتفه، وأسرع إلى بيته ليقص على زوجته بطولته الجديدة في صد اللصوص..

30/11/2013

كاملة بدارنه
03-11-2014, 04:05 PM
إن غاب الضّمير ضاع الأمان، وتاه الأنام في دروب الخداع!
شخص غير مناسب للمهمّة... وما أكثر أمثاله!
سرد جميل وعرض موفّق للحدث
بوركت
تقديري وتحيّتي
(وتثاءب)

عبد السلام دغمش
04-11-2014, 12:01 AM
اخي الأستاذ حارس
قصة جميلة رسمت فيها المشهد بتفاصيله .. ومعه بطل القصة المزهوّ بتخاذله ..
اذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة .
قصة متميزة بما تحملها من رسالة ، وبسردها الشائق .
تحياتي .

خلود محمد جمعة
05-11-2014, 07:57 AM
آمنت زوجته به ووثقت فصدقته كما وثق به أصحاب العمل وكما نثق بالمظاهر
كم واحد منا مخدوع وكم هناك من مخادع
على مستوى الفرد والدولة
لذا لنفكر ونحلل ونتعمق
قصة بدلالات عميقة وسرد ماتع ونهاية ذكية
كل التقدير

آمال المصري
07-11-2014, 06:45 PM
وكم من راعٍ لا يستحق مكانه ...
بسرد جميل ولغة طيعة وتصوير ناطق أجدت أديبنا الفاضل نقل الحدث فشكرا لك
ودمت مبدعا
تحاياي

حارس كامل
08-11-2014, 03:57 PM
إن غاب الضّمير ضاع الأمان، وتاه الأنام في دروب الخداع!
شخص غير مناسب للمهمّة... وما أكثر أمثاله!
سرد جميل وعرض موفّق للحدث
بوركت
تقديري وتحيّتي
(وتثاءب)

كل الشكر والتقدير المبدعة الرائعة كاملة بدارنه
وشكرا للملاحظة
تحيتي

حارس كامل
08-11-2014, 03:59 PM
اخي الأستاذ حارس
قصة جميلة رسمت فيها المشهد بتفاصيله .. ومعه بطل القصة المزهوّ بتخاذله ..
اذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة .
قصة متميزة بما تحملها من رسالة ، وبسردها الشائق .
تحياتي .

كل الشكر والتقدير الشاعر الرائع عبد السلام دغمش
سررت لحضورك
تحيتي

حارس كامل
08-11-2014, 04:00 PM
آمنت زوجته به ووثقت فصدقته كما وثق به أصحاب العمل وكما نثق بالمظاهر
كم واحد منا مخدوع وكم هناك من مخادع
على مستوى الفرد والدولة
لذا لنفكر ونحلل ونتعمق
قصة بدلالات عميقة وسرد ماتع ونهاية ذكية
كل التقدير

كل الشكر والتقدير الرائعة خلود محمد
وممتن للحضور
تحيتي

حارس كامل
08-11-2014, 04:01 PM
وكم من راعٍ لا يستحق مكانه ...
بسرد جميل ولغة طيعة وتصوير ناطق أجدت أديبنا الفاضل نقل الحدث فشكرا لك
ودمت مبدعا
تحاياي

تثريني دائما بحضورك المبدعة الرائعة آمال المصري
وترتفع هامتي لكلماتك
تحيتي

ربيحة الرفاعي
15-11-2014, 12:03 AM
شر ما قد يصيب قوما أو يولوا الأمر لغير أهله
نجح السارد بمناقشة قضيته في سرد قصّي شائق وأداء رائق تنامى في الحدث نحو القفلة حاملا دلالاته ومحققا غايتاته

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

حارس كامل
05-12-2014, 11:49 AM
شر ما قد يصيب قوما أو يولوا الأمر لغير أهله
نجح السارد بمناقشة قضيته في سرد قصّي شائق وأداء رائق تنامى في الحدث نحو القفلة حاملا دلالاته ومحققا غايتاته

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

المبدعة الرائعة
ربيحة
للأسف هو الحال الآن وسد الأمر لغير أهله.
ممتن لطيب حضورك وتشجيعك الدؤوب
تحيتي

ناديه محمد الجابي
03-09-2017, 10:36 PM
إن مسألة ضياع الأمانة هى مؤشر إلى مرض خطير يجلب الويلات ويؤذن بهلاك الديار وسخط الجبار
فإذا ضيّع من يتولى أمر الناس الأمانة، عمّ بذلك الفساد في المجتمعات.
"أمّة لا أمانة فيها، لا حضارة فيها"
نص هادف بسرد شائق وطرح جميل.
:010::010:

ناديه محمد الجابي
03-09-2017, 10:36 PM
إن مسألة ضياع الأمانة هى مؤشر إلى مرض خطير يجلب الويلات ويؤذن بهلاك الديار وسخط الجبار
فإذا ضيّع من يتولى أمر الناس الأمانة، عمّ بذلك الفساد في المجتمعات.
"أمّة لا أمانة فيها، لا حضارة فيها"
نص هادف بسرد شائق وطرح جميل.
:010::010:

د. سمير العمري
30-11-2020, 06:24 AM
رائع يا حارس!
هي قصة تلخص الكثير من الواقع العربي ، ولكنها تصف جانبا بسيطا من الفساد الذي يصيب مصر الحبيبة والذي يكاد يقضي على مستقبلها وأهلها.
أحسنت فلا فض فوك!




تقديري

أسيل أحمد
19-02-2021, 11:04 AM
[الضمير أمانة إن وجدتها في إنسان وجدت الخير والصلاح
وإن غاب الضمير تموت المبادئ، وتكفن الأخلاق، وتدفن القيم
بغياب الضمير يغيب الرادع ويصبح كل شيء مباح.
سرد شائق ووصف متقن وقصة فيها رسالة.