المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثأر



رويدة القحطاني
19-11-2014, 10:28 PM
حبات المطر تطرق زجاج النافذة بعنف أيقظني من نومي العميق تحت غطائي الثقيل، وبتكاسل أرفع طرفه الذي يغطي رأسي، وألتفت نحو مصدر الطرقات لا أدري لماذا، كلّ شئ حولي يدعوني للعودة للنوم، تماوج أوراق الشجرة القريبة وراء النافذة ترتجف بردا، تكتكات الساعة المنبهة على المنضدة إلى جواري، صوت الصفائح المعدنية التي تغطي المجلس الصغير في الحديقة، كلّها أصوات ولا مشهد على الإطلاق، فالعتمة سيد الليل تفرض سطوتها على كلّ شئ.
أدير رأسي وأهم باستعادة غطائي عليه، فيخترق النافذة ليضيء الغرفة نور ساطع، ويد خشنة عملاقة تقتحم حبات المطر لتشاركها الطرق على الزجاج بضربات أخذت تشتد وتشتد حتى تهاوى كسرا تساقطت في كلّ ركن من الغرفة، ليقفز عبر نافذتي ذلك المتشرد الذي قضى تحت عجلات سيارتي يوم غبش الدرب الضباب في الشتاء الفائت.
يقترب من سريري بثيابه القذرة وشعره الأشعث مضرجا بدمائه، يضحك بوحشية، وأشيح عن تدفق سيول من الدم عبرالنافذة، لأنظر في أسنانه البارزة بلونها البني وحدودها السوداء، كأنه ملك الموت جاء ليقبض روحي، بلى .. إنه ملك الموت جاءني يقبض روحي، أصيح فينفتح فمي عن هواء وصمت، ويسيل خيط من الدمع على جانب وجهي، بينما تملأ الدماءالأرض وترتفع وترتفع لتغمر سريري، و ينقض هو عليّ مخترقا بكفيه غطائي، قابضا بقوة على عنقي.
عبثا أحاول رفع يديّ لأقاومه لكنهما مقيدتان للسرير، وجسدي يتلوى بلا جدوى في حدود ضيقة يفرضها وجوده وجسده الضخم الثقيل الرابض على صدري، أتصبب عرقا وأحسّ بعيني تبرزان خارج محجريهما، والدم ينفر من أذني وأنفي، ورئتيّ تفرغان من الهواء، الألم عنيف ولكني لا أستسلم ، أبتلع روحي كلما حاولت الخروج، ويغلب صوتها صمت حنجرتي : اسم الله يحميك .. مالك يا قلب أمك .. يخترق زجاج النافذة ضوء البرق منيرا الغرفة وأفتح عيني المتعبتين على وجهها المشرق ينقذني من ثأر ضميري

كاملة بدارنه
20-11-2014, 04:33 PM
صوّرت بدقّة حالة الشّعور بالذّنب عند الأفراد إثر التّسبّب بأذى لشخص ما، وإن كان دون قصد.. يقول فرويد:
" ينشأ هذا الشعور في العقل اللاواعي، ولا يمكن مقاربته إلا عبر تحليل الأفكار الهوسية حيث يتجاهل المرء الرغبات اللاواعية التي تسبّبها. بالنسبة إلى فرويد، يشكّل الشعور بالذنب عائقاً أمام نجاح العلاج النفسي، ولا وجود لأي وسيلة مباشرة لمحاربته بحسب رأيه. بل يكفي نقل هذا الشعور من اللاوعي إلى الوعي."
وجاءت النّهاية جميلة ومخفّفة من حدّة الموقف وهول الرّؤية والرّؤيا..
سرد جاذب وعرض لمشكلة نفسيّة اجتماعيّة بأسلوب جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي

عبد السلام دغمش
20-11-2014, 06:53 PM
الاخت رويدة القحطاني
هذه الأضغاث من الاحلام ..تتنازع النفس ربما خوفا من شيء ما ..وربما كانت ثأرا للضمير مثلما أشارت الخاتمة.
نص جميل بلغة جميلة ووصف متقن لاجواء الحدث.
تحياتي.

خلود محمد جمعة
25-11-2014, 09:06 AM
رؤية الحقيقة لذاتنا في الاحلام ربما هي من اكثر الاشياء صدقا ووجعا
ضميرها المستتر اتعبه السكون فقرر الظهور في احلامها عله يخفف عن كاحله بعض الثقل
دخول هاديء وحبكة محكمة بنهاية دافئة وفكرة عميقة وسرد ولا أجمل
اسجل اعجابي وكل التقدير
مودتي

ربيحة الرفاعي
04-12-2014, 02:26 AM
اسلوب قصّي جميل بسرد شائق ووعيّ للفكرة نجحت معه الكاتبة في تأثيث النص بمتعلقاتها النفسية والسلوكية وتداعياتها في نص خدمته لغة طيبة وتمكن تصويري لافت

دمت بروعتك غاليتي

تحاياي

ايهاب الشباطات
04-12-2014, 05:30 AM
قصة ذكية الموضوع سلسة السرد تروق لي القصص التي تتناول الجوانب النفسية والنزعات الإنسانية ....



صوّرت بدقّة حالة الشّعور بالذّنب عند الأفراد إثر التّسبّب بأذى لشخص ما، وإن كان دون قصد.. يقول فرويد:
" ينشأ هذا الشعور في العقل اللاواعي، ولا يمكن مقاربته إلا عبر تحليل الأفكار الهوسية حيث يتجاهل المرء الرغبات اللاواعية التي تسبّبها. بالنسبة إلى فرويد، يشكّل الشعور بالذنب عائقاً أمام نجاح العلاج النفسي، ولا وجود لأي وسيلة مباشرة لمحاربته بحسب رأيه. بل يكفي نقل هذا الشعور من اللاوعي إلى الوعي."
وجاءت النّهاية جميلة ومخفّفة من حدّة الموقف وهول الرّؤية والرّؤيا..
سرد جاذب وعرض لمشكلة نفسيّة اجتماعيّة بأسلوب جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي

تعليق رائع وصيد ذكي للفوائد من الأستاذة كاملة !

د. مختار محرم
04-12-2014, 07:48 AM
لغة جميلة وتصوير دقيق وقصة تستحق أن نقرأ ونعيش كل تفاصيلها التي استطاعت الكاتبة رسمها بريشة قاص محترف ...
شكرا على كل هذه الروعة

لانا عبد الستار
02-01-2015, 12:55 PM
أسلوب احترافي وخلفية علمية واضحة في مجال القضية التي طرحتها القصة
والسرد مشوق واللغة جيدة
اﻷستاذة رويدة القحطاني
أشكرك

د.حسين جاسم
24-01-2015, 02:16 AM
صوّرت بدقّة حالة الشّعور بالذّنب عند الأفراد إثر التّسبّب بأذى لشخص ما، وإن كان دون قصد.. يقول فرويد:
" ينشأ هذا الشعور في العقل اللاواعي، ولا يمكن مقاربته إلا عبر تحليل الأفكار الهوسية حيث يتجاهل المرء الرغبات اللاواعية التي تسبّبها. بالنسبة إلى فرويد، يشكّل الشعور بالذنب عائقاً أمام نجاح العلاج النفسي، ولا وجود لأي وسيلة مباشرة لمحاربته بحسب رأيه. بل يكفي نقل هذا الشعور من اللاوعي إلى الوعي."
وجاءت النّهاية جميلة ومخفّفة من حدّة الموقف وهول الرّؤية والرّؤيا..
سرد جاذب وعرض لمشكلة نفسيّة اجتماعيّة بأسلوب جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي

أشكر للأديبة الأستاذ كاملة بدارنة هذا الرد بمرجعيته العلمية
وللكاتبة
قصة تعتمد على الصراع الداخلي وتفتح له أفاق استعراضية إبداعية صعدت من التشويق فيها بتصعيد التوتر
أحييك

آمال المصري
22-04-2015, 10:15 PM
كما تطرق حبات المطر زجاج النافذة يتوغل شعاع ضوء الضمير ليجثم على صاحبه ويكون العراك ضاريا ويكون فيه الضمير سيدا
بلغة جميلة وسرد جذاب وتعبير راقِ جاء النص يحمل مشكلة نفسية تسبب فيها الشعور بالذنب ومحاولة للقصاص والثأر لموت الضمير لدى صاحبه
أبدعة أيتها الرائعة فشكرا لك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

الفرحان بوعزة
24-04-2015, 07:26 PM
حبات المطر تطرق زجاج النافذة بعنف أيقظني من نومي العميق تحت غطائي الثقيل، وبتكاسل أرفع طرفه الذي يغطي رأسي، وألتفت نحو مصدر الطرقات لا أدري لماذا، كلّ شئ حولي يدعوني للعودة للنوم، تماوج أوراق الشجرة القريبة وراء النافذة ترتجف بردا، تكتكات الساعة المنبهة على المنضدة إلى جواري، صوت الصفائح المعدنية التي تغطي المجلس الصغير في الحديقة، كلّها أصوات ولا مشهد على الإطلاق، فالعتمة سيد الليل تفرض سطوتها على كلّ شئ.
أدير رأسي وأهم باستعادة غطائي عليه، فيخترق النافذة ليضيء الغرفة نور ساطع، ويد خشنة عملاقة تقتحم حبات المطر لتشاركها الطرق على الزجاج بضربات أخذت تشتد وتشتد حتى تهاوى كسرا تساقطت في كلّ ركن من الغرفة، ليقفز عبر نافذتي ذلك المتشرد الذي قضى تحت عجلات سيارتي يوم غبش الدرب الضباب في الشتاء الفائت.
يقترب من سريري بثيابه القذرة وشعره الأشعث مضرجا بدمائه، يضحك بوحشية، وأشيح عن تدفق سيول من الدم عبرالنافذة، لأنظر في أسنانه البارزة بلونها البني وحدودها السوداء، كأنه ملك الموت جاء ليقبض روحي، بلى .. إنه ملك الموت جاءني يقبض روحي، أصيح فينفتح فمي عن هواء وصمت، ويسيل خيط من الدمع على جانب وجهي، بينما تملأ الدماءالأرض وترتفع وترتفع لتغمر سريري، و ينقض هو عليّ مخترقا بكفيه غطائي، قابضا بقوة على عنقي.
عبثا أحاول رفع يديّ لأقاومه لكنهما مقيدتان للسرير، وجسدي يتلوى بلا جدوى في حدود ضيقة يفرضها وجوده وجسده الضخم الثقيل الرابض على صدري، أتصبب عرقا وأحسّ بعيني تبرزان خارج محجريهما، والدم ينفر من أذني وأنفي، ورئتيّ تفرغان من الهواء، الألم عنيف ولكني لا أستسلم ، أبتلع روحي كلما حاولت الخروج، ويغلب صوتها صمت حنجرتي : اسم الله يحميك .. مالك يا قلب أمك .. يخترق زجاج النافذة ضوء البرق منيرا الغرفة وأفتح عيني المتعبتين على وجهها المشرق ينقذني من ثأر ضميري

توسلت الساردة بمؤثرات خارجية منتظمة لتأثيث خطاطتها السردية ، ،فعملت على إحداث فوضى فكرية ونفسية وذاتية للبطلة . مؤثرات محفزة على الاستيقاظ ، وأخرى محفزة على متابعة النوم ، مما خلق صراعاً خفيا على مستوى الحالة النفسية ، واهتزاز وعدم الاستقرار لوضعيات النوم للبطلة ..
اختارت الساردة زمن الليل الذي يعطي طابعاً مختلفاً للنفس والذات يتجلى في عدة حالات : الخوف ، والحذر والترقب والانتظار والتخيل .. مما دفع بالبطلة أن تنتقل من حالة السكون والاستقرار إلى حالة الحركة والحيوية ، بل إلى الفاعلية وتغيير المواقف والوضعيات .. فكان الانتقال من أحداث بسيطة مشتركة بين جميع الناس إلى أحداث معقدة خاصة بالفرد الإنسان ، وما يعترضه في الحياة اليومية ، سواء كان ذلك في الأحلام أو اليقظة ..
فالساردة مهدت لخطاطتها السردية فركزت على حدث " هجوم المتشرد على البطلة " مما ساعد على تطوير الحدث وتنميته فبقي حدثا يوجد تحت تأثير سطوة التخيل والوهم واختلاق حالات نفسية قاسية ووضعيات متعددة لصراع مفترض بين المتشرد والبطلة من مواجهات وردود أفعال متباينة ..
إن ما تخيلته البطلة في منامها هو ناتج عن ترسبات ذهنية وفكرية كانت نائمة في تجاويف الذاكرة ..ولما نام الحارس الأمين " الضمير " طفا الحدث القابل للإنجاز على أرضية الواقع الممكن بتشكيلاته السببية وعوامله المتعددة ، حدث لا يختلف عن ما وقع في الحلم ..
نجحت الساردة في استحضار مجموعة من الآليات التي أطرت بها شخصية النص الأساسية " المتشرد " كإنسان مختلف وغير منضبط من الناحية النفسية والفكرية منها / الوصف المترابط والمتناسق / بناء المشاهد الدرامية / الصور المجزأة / الحركة والحيوية / التفاعل السريع مع تنامي الأحداث /تطويع اللغة لتتناسق مع الأحداث والجو النفسي والفكري .../ وبذلك تكون الساردة قد أفلحت في إدماج القارئ في عمق الحدث ليعيشه ويلامسه بفكره وذاكرته وتجربته ليقتنع بإمكانية وقوع الحدث في الواقع ، ولكنها أخضعته بفنية أدبية لسلطة الحلم المزعج الناتج عن تأنيب الضمير والإحساس بالذنب تجاه ما وقع في الماضي البعيد أو القريب .
والواقع أن ذلك الحلم ما هو إلا ترجمة مشابهة لما يحس به الإنسان الذي يري أن الحدث هو أكبر من طاقته ، وأنه هو السبب في وقوعه فيتأرجح بين القبول والرفض ..
جميل ما قرأت لك ،وجميل ما أبدعت وكتبت المبدعة المتألقة : رويدة ..
تقديري واحترامي / الفرحان بوعزة /

رويدة القحطاني
04-06-2015, 12:54 AM
صوّرت بدقّة حالة الشّعور بالذّنب عند الأفراد إثر التّسبّب بأذى لشخص ما، وإن كان دون قصد.. يقول فرويد:
" ينشأ هذا الشعور في العقل اللاواعي، ولا يمكن مقاربته إلا عبر تحليل الأفكار الهوسية حيث يتجاهل المرء الرغبات اللاواعية التي تسبّبها. بالنسبة إلى فرويد، يشكّل الشعور بالذنب عائقاً أمام نجاح العلاج النفسي، ولا وجود لأي وسيلة مباشرة لمحاربته بحسب رأيه. بل يكفي نقل هذا الشعور من اللاوعي إلى الوعي."
وجاءت النّهاية جميلة ومخفّفة من حدّة الموقف وهول الرّؤية والرّؤيا..
سرد جاذب وعرض لمشكلة نفسيّة اجتماعيّة بأسلوب جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي
ردّ أديب عالم نفس طار بالنص للسماء
لك شكري

رويدة القحطاني
14-07-2015, 03:26 AM
قصة ذكية الموضوع سلسة السرد تروق لي القصص التي تتناول الجوانب النفسية والنزعات الإنسانية ....

تعليق رائع وصيد ذكي للفوائد من الأستاذة كاملة !
القراءة الذكية تؤدي لفهم صحيح للنص، فتسر الكاتب
وأنا مسرورة بقراءتك
لك شكري

محمد ذيب سليمان
14-07-2015, 06:41 PM
كابوس مخيف ارتبط بحادثة حملها العقل الباطن ونسج منها مشهدا
كنت فيه دقيقة الوصف حتى خيل الي انها الحقيقة
لله انت وهذه الكميرا الدقيقة التي تحملين
الحمد لله انه كان كابوسا
شكرا لك

ناديه محمد الجابي
26-03-2019, 04:54 PM
يوجد داخل كل منا كائن ضخم عملاق مخيف، وحش كاسر
يظهر عندما نفعل شيئا خطأ .. يسمى هذا الكائن بالضمير أو النفس اللوامة
هذا الكائن الداخلي مسلح، وسلاحه قوي جدا ، ويعطيه هذا السلاح
سلطة وقوة وسيادة ، يتحكم فينا وفي أفكارنا ومشاعرنا وأيضا تصرفاتنا
هذا السلاح أسمه ( الشعور بالذنب).
أسلوب قصصي راقي ، وبناء فني يثير الدهشة والمتعة
حبكة مكثفة، وبلاغة في التصوير، وسرد محكم البنية
جميلة ماتعة قصتك،راقية الطرح ، رائعة الوصف
حتى النهاية المفاجأة والموفقة.
سلمت يداك ـ ودمت بكل خير.
:002::006::wow::001:

تسنيم الفراصي
27-03-2019, 08:36 AM
هنا يتجسَّد الذنب بصورةِ ذلك الـ"مُتشرِّد" كما ذكرت آنفاً،
توفَّقتِ كثيراً بنقل المشهد لنا گ قُرَّاء،
إذ أنني ما أن أبدأ بالقراءة حتى أُريد شرحاً مُفصلاً لِما يجري ليتسنى لي ترجمته بخيالي،
الأمر أشبه بتصوير فيلمٍ ما وقد أُعِد السيناريو سابقاً.

أُسجِّل إعجابي بهذا الحرف،
لحرفك البقاء.

عمر الصالح
31-05-2019, 08:24 PM
سرد ممتع وتمت صياغته بعناية لولا إسراف فى الصور فى مقدمة الأقصوصة ..

المشهد تم تصويره بتتابع يجعل القارئ يقفز من جملة لجملة وهو فى شوق لما هو أت ..

الفكرة رائعة وجديدة غير مستهلكة ..

المفردات فيها بساطة لم تسقط فى مستنقع التقعر او التوحش..

هى من أفضل ما قرأت خلال الشهور الاخيرة ..

تحية تقدير وود

عمر