تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شرفة الوجدان



د. سمير العمري
16-10-2014, 07:25 PM
حَلَبْتُ ضَرْعَ المَعَانِي البِكْرَ فَاغْتَبِقِي=وَحُزْتُ ضَوْعَ المَغَانِي النَضْرَ فَاعْتَبِقِي
وَجُزْتُ بَابَ الهَوَى العُذْرِيِّ مِنْ قُبُلٍ=فَقَبِّلِي الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ وَاعَتَنِقِي
يَا مَنْ تَشَكَّلْتِ كَالنَيْرُوزِ مِنْ أَرَجٍ=وَجِئْتِ بِالسَّمْتِ كَالفَيْرُوزِ فِي أَنَقِ
كَأَنَّ عَيْنَكِ أَذْكَتْ رَوْحَ كَرْمَتِهَا=لِمهْجَةٍ مِثْلَ هَذَا الكَأْسِ لَمْ تَذُقِ
تَعُبُّ مِنْ بَهْجَةٍ حَامَتْ عَلَى فَمِهَا=فِي نَشْوَةٍ أُتْرِفَتْ فِيهَا فَلَمْ تُفِقِ
فَرَاشَةَ الحُبِّ، لَيلُ الشَّوْقِ فِي رَهَفٍ= فَحَلِّقِي فِي سَنَاءِ الحَرْفِ وَالْتَصِقِي
وَهَا سَرَجْتُ لَكِ الإِحْسَاسَ أَخْيِلَةً=فَأَسْرِجِي الخَيْلَ فِي كَفَّيكِ وَانْطَلِقِي
صَلَّتْ لِمِحْرَابِ عَينَيكِ الرُّؤَى وَصَلَتْ=نِيرَانُ ظَنِّكِ جَوْرًا قَلْبَ مُعْتَنِقِ
مَا زِلْتِ تَحْدِينَ نُوقَ البَيْنِ فِي صَلَفٍ=حَتَّى أَنَخْتِ شَظَايَا الدَّمْعِ فِي الحَدَقِ
هَلْ عِفْتِ شَوْبَ الرُّبَي مَا اعْتَدْتِ نَاصِعَةً=فَكَانَ هَذَا النَّوَى مِنْ ذَلِكَ النَّوَقِ؟
أَمَا اتَّقَيتِ بِأَنِّي وَالرُّؤَى حُجُبٌ=وَثَّقْتُ فِيكِ المُنَى مِنْ قَبْلِ أَنْ تَثِقِي؟
وَأَنْتِ دِفْءُ صَقِيعِي قُطْبُ بَوْصَلَتِي= فَأَمْسِكِي الكَفَّ يَا مِسْكِيَّةَ العَرَقِ
قَلْبِي مِنَ الخَزِّ مِنْ دِيبَاجِ ذِي رَشَدٍ=وَكُلُّ أَفْئِدَةِ العُشَّاقِ مِنْ خَرَقِ
وَلِي بَرَاءَةُ أَحْلامِي وَرِقَّتُهَا=وَلِلَّذِينَ تَدَاعَوا نَزْوَةُ الشَّبَقِ
وَفِي رُبَى الصَّمْتِ شَرْقَ القَلْبِ سَوْسَنَةٌ=تُطِلُّ مِنْ شُرْفَةِ الوِجْدَانِ بِالعَبَقِ
فَفِيمَ أَمْسَى سُرُورُ الوَصْلِ فِي تَرَحٍ=وَأَصْبَحَتْ هَمْسَةُ النَّجْوَى إِلَى نَزَقِ؟
وَكَيفَ عِشْقٌ يُرَى وَالجِسْمُ فِي حَدَمٍ=كَحُبِّ رُوحٍ سَرَى فِي هَدْأَةِ الغَسَقِ؟
تَلاقَيَا فِي مُتُونِ الحِسِّ وَافْتَرَقَا=بِالفَرْقِ بَينَ جَمِيلِ الرِّفْقِ وَالفَرَقِ
سَلَكْتُ نَحْوَكِ دَرْبَ العُمْرِ مُلْتَجِئًا=مِنْ بَعْدِ أَنْ ضَاقَتِ الأَوْطَانُ عَنْ طُرُقِي
فَلا تَرُدِّي عَلَى يَعْقُوبَ حَاجَتَهُ=وَلا تَصُدِّي عَنِ الأَبْوَابِ ذَا رَهَقِ
وَهَدْهِدِي الوَجْدَ فِي رُوحِي التِي وَقَفَتْ=فِي رَدْهَةِ الصَّبْرِ تَتْلُو سوْرَةَ الأَرَقِ
يَا قَلْبُ إِنَّ دُهُورَ العَدْلِ قَدْ أَفِلَتْ=وَبَاتَ دَهْرُكَ جَرْمًا غَيرَ مُؤْتَلِقِ
زَيْفٌ زَمَانُكَ لا بَعْضُ الوَفَاءِ يَفِي=فِيهِ الكِرَامَ وَلا كُلُّ النَّقَاءِ يَقِي
هَذِي جَحَافِلُ جَهْلٍ أَوْغَلَتْ سَفَهًا=وَقَدْ شَحَذْتُ سُيُوفَ الفِكْرِ فَامْتَشِقِ
أَنَا المُحَلِّقُ بِالجَوْزَاءِ تَتْبَعُنِي=كَوَاكِبُ الحَرْفِ تَرْجُو النُّورَ مِنْ بَثَقِي
كُلُّ البَسَاتِينَ مِنْ شَمْسِي قَدِ ازْدَهَرَتْ=وَبَهْرَجُ الشِّعْرِ مِنْ غَيمِي النُّضَارَ سُقِي
أَشَدْتُ بِالأَرْضِ تَاجِ الشَّرْقِ مِنْ مِقَةٍ=وَشِدْتُ لِلعِرْضِ صَرْحَ الصِّدْقِ مِنْ لَهَقِ
وَزِنْتُ حُبَّ المَهَا طُهْرًا وَبَلْسَمَةً=وَخُضْتُ حَرْبَ النُّهَى دَحْرًا لِكُلِّ شَقِي
وَقُمْتُ لِلدَّينِ سَهْمًا فِي كِنَانَتِهِ=أَرْمِي عَدُوَّ الهُدَى فِي السَّاقِ وَالعُنُقِ
وَسِرْتُ بِالحَقِّ لا أَعْنُو عَلَى ضَعَةٍ=إِلَى المُلُوكِ وَلا أَعْلُو عَلَى السُّوَقِ
فَيَا لَحَسْرَةَ أَيَّامِي التِي بَذَلَتْ=إِلَى الجُحُودِ سِنِينَ الجُهْدِ وَالطَفَقِ
وَيَا لَبُؤْسَ مَوَاوِيلِي التِي صَدَحَتْ=عَلَى شِفَاهِ عَصَافِيرٍ مِنَ الوَرَقِ
جُرْحٌ أَنَا فِي المَدَى، كَفِّي عَلَى شَفَتِي=تَجُوسُ وَحْشَةَ رُوحِي دَمْعَةُ الشَّفَقِ
وَحْدِي، دَهَانِي الدُّجَى صَلْبًا عَلَى وَهَجِي=وَتُهْمَتِي سِحْرُ حَرْفٍ حَيثُ بَانَ رُقِي
مَا زِلْتُ أُصْهَدُ مَنْسِيًّا فَلا وَطَنٌ=رَعَى مَقَامِي وَلا أَهْلٌ رَأَوا أَلَقِي
أَحْدُو فُلُولَ أُفُولِ الرَّأْيِ فِي شَدَهٍ=كَنُورِ طَيْفٍ رَمَاهُ الظِّلُّ بِالوَهَقِ
يَجُولُ طَرْفِي وَيَعْوِي ذِئْبُهُمُ حَرَضًا=فِي مَعْبَدٍ وَثَنِيِّ اللَحْمِ وَالمَرَقِ
وَمَا الخَطِيئَةُ إِلا أَنَّ مَوْهِبَتِي=قَدَّتْ قَمِيصِي وَفَاقَتْ كُلَّ مُسْتَبقِ
مَا انْفَكَّ أَزْهَدُ فِي شِعْرِي وَيَلْحَقُ بِي=يَجْتَرُّ حُزْنَ يَتِيمٍ غُصَّ بِالشَّرَقِ
كَأَنَّ شَأْوِي تَجَنَّى فَاسْتَبَاحَ دَمِي=بِكُلِّ مُجْتَرَحٍ فِي الطَّرْحِ مُخْتَلَقِ
هَلْ كَانَ شِعْرِيَ إِلا بَهْجَةً أَسَرَتْ=كُلَّ ابْنِ ذَوْقٍ وَسَرَّتْ كُلَّ ذِي وَمَقِ؟
وَهَلْ تَأَفَّفَ مِنْهَا غَيرُ ذِي حَسَدٍ=عَلَى السُّمُوِّ وَغَيرُ القَاسِطِ الحَنِقِ؟
مَنْ كَانَ يَحْزَبُ مِنَ قَدْرِي وَمَقْدِرَتِي=مَنْ كَانَ يَحْسَبُ أَنْ يَشْفَى مِنَ البَهَقِ
إِنْ يَسْخَرُوا مِنْ قُطُوفِ السِّحْرِ فِي لُغَتِي=فَنُوحُ حَرْفِي سَيُنْجِينِي مِنَ الغَرَقِ
أُمِيَّةُ الشِّعْرِ سَاقَتْ لِي نُبُوءَتَهُ=إِنْ قُلْتُ: إِقْرَأْ تَلا الإِبْدَاعَ وَحْيَ تَقِي
هُنَا عَلَى الجَانِبِ الغَرْبِيِّ لِي رِئَةٌ=تَوَضَّأَتْ بِالرِّحِيقِ الطَّاهِرِ العَبَقِ
وَمِنْ هُنَاكَ أَتَتْ لِلطُّورِ مِنْسَأَتِي=تَجُرُّ عَبْقَرَ عَبْدًا غَيرَ ذِي أَبَقِ
بِهِ أًسَطِّرُ فِي الأَلْوَاحِ وَحْيَ رُؤَى=لِلعَارِفِينَ وَأَرْوِي الرَّأْيَ مِنْ طلَقِي
أَنَا ابْتِسَامَةُ هَذَا الشِّعْرِ مَا نَطَقَتْ=نَبْضِي الحُرُوفُ وَمَا غَنَّى لَهَ نَسَقِي
أَنَا العَبِيرُ أَمَامِي الزَّهْرُ يَمْدَحُنِي=وَخَلْفَ ظَهْرِي يَعِيبُ الثَّوْمُ فِي حَبَقِي
أَنَا الشُّعُورُ أَنَا كُلُّ العُصُورِ أَنَا=رَبُّ الحُضُورِ أَنَا المُنْهَلُّ بِالغَدَقِ
أَنَا مُقَلِّمُ أَظْفَارَ الحَدَاثَةِ مِنْ=وَهْمِ المَرَايَا وَمُقْنِي الشِّعْرَ مِنْ مَلَقِ
خَلْفَ الدُّهُورِ جَعَلْتُ الشِّعْرَ يَعْكُظُ لِي=عَلَى مَسَافَةِ صِفْرٍ مِنْ دُجَى النَّفَقِ
لا البُحْتُرِيُّ يَفُوقُ الوَصْفَ فِي قَدَحِي=وَلا جَرِيرُ يَذُوقُ الفَخْرَ مِنْ طَبَقِي
وَلا امْرِؤُ القَيْسِ رَغْمَ السَّبْقِ يَسْبِقُنِي=وَلا زُهَيرُ يُدَانِي حِكْمَةً حَذَقِي
وَلا حَبِيبُ بْنِ أَوْسٍ كَانَ فِي فَلَكِي= وَلا أَبُو الطَّيِّبِ الكِنْدِيُّ فِي فَلَقِي
وَلا ابْنُ زَيدُونَ يُؤْتَى رِقَّةً غَزَلِي =وَلا المَعَرِّي يُضَاهِي فِي التُّقَى يَقَقِي
وَلا الفَرَزْدَقُ لا قَيسٌ وَلا عُمَرٌ= وَلا نِزَارُ وَلا الأَعْشَى وَلا شَوِقِي
لَوْلا تَرَاءَى أُولِو حِلْمٍ إِلَى عِظَةٍ=وَأَنْصَفُوا الحُكْمَ بِالقِسْطَاسِ وَاللَّبَقِ
أَمْ يَحْسُدُونَ فَقَدْ أَغْرَاهُمُ أَدَبِي=حَتَّى كَأَنَّ اعَتِدَادِي شَهْقَةُ الرَّمَقِ
لَمْ يَقْفُ مِنْهُمْ رِضًا إِلا مُدَاهَنَةً=وَلَمْ يُقلْهُمْ قِلًى إِلا عَلَى قَلَقِ
فَحْوَى المَطَامِحِ فِي تَعْرِيضِ مُتَّهِمٍ=بَلْوَى المَلامِحِ فِي حَتْمِيَّةِ الزَّلَقِ
مَا انْفَكَ يَسْفَعُهُمْ بِالمَقْتِ غَيْظُ هَوَى= حَتَّى ازْدَرَونِي وَبَالُوا الحِقْدَ فِي الحُمُقِ
وَإِذْ تَأَذَّنَ هَامَانِي لَيُسْمِعُهُمْ=أَقْذَى الهِجَاءِ وَلَكِنْ رَدَّنِي خُلُقِي
مَنَ كَانَ يَلْبِسُ تَاجَ الشِّعْرِ مِنْ دُرَرٍ=فَلَيسَ يَجْلِسُ فَوقَ العَرْشِ بِالخِرَقِ
قَالُوا هُوَ الكِبْرُ قُلْتُ الكِبْرُ لَيسَ سِوَى=غَمْطِ الدَّيَاجِرِ مَا لِلشَّمْسِ مِنْ أَلَقِ
وَالأُفْقُ لِلشَّمْسِ مَا بَانَتْ فَإِنْ أَفَلَتْ=فَلِلنُّجُومِ التِي تَخْتَالُ فِي الأُفُقِ