تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القصيدة رقم 9



إدارة الملتقى
28-11-2014, 12:09 AM
فتى القدس


ألْقَى الحصى نحو العدوّ فروّعَــهْ = لمْ يَخْشَ غدْرَ رصاصهِ أو مدفعَهْ

وثَبَ الفتى يُلْقِى الحجـارةَ مثْلما = تـلـقي السّيول مياهَها المُتدفّعـةْ

كالسّيف في ضرباتهِ والّليث في = وثبـاتهِ والـرّعد عند القعـقعَةْ

والطائـراتُ تحيطــهُ وكأنّهــا = أسْرَابُ غربانٍ تَوالَتْ مُفْـزِعَةْ

تَنْشَقّ عَنْها كُلّ طائرةٍ إذَا =مَا رامـَتِ الشّبْلَ الصّغيرَ لِتَصْرَعَهْ

وكأنّها ودُخَانُها مِنْ خَلْفِهَا = ثعـبــانُ جـوٍّ جـرّ أرْقَـمَهُ معَـهْ

ألْقَتْ على أرض السّلام لَهيبها = والقوم صرْعى والقلوب مُرَوّعةْ

جمع الفتى العزمَ المتين ومتْنُهُ =صَلْدٌ كصخر القدس لمّا جَمّعــهْ

فَرَأَى التّلال أسِنّة ً ورأى السّهـــو=ل أعِنّة ً ورأى الْعَواصِفَ زوبَعةْ

وَمَضَى لِيَعْزِفَ بالحجارة لَحْنَهُ = ما أعْذَبَ اللّحن البهيّ وأرْوَعَهْ!

يا صارمًا يأبى الثـواءَ بغمدِهِ = وديارُهُ فـي أسْرِهَــا مُـتوجّعةْ

يا للجسارةِ والبطولةِ والفِدا = إذ راحَ يعْدو في خِضَمّ الْمَعْمَعَةْ

كالّليْثِ يَسْتَبِقُ الْمَهَاةَ يُرِيدُهَا = فَينالُها مـِنْ بَيْنِ ألـْفِ مُدَرّعَةْ

ضرْغَامُ آجامٍ وصَقْرُ سَحَائِبٍ = وسَليلُ أمْجَادٍ وفــارِسُ مَوقِعَةْ

نَظَرَ الفَتَى لِلقُدْسِ تَرْنُو نَحْوَهُ = كَالْأُمّ قـبْلَ فِــرَاقِهِ لِتُوَدّعهْ

وَمَضَى يَشُـمّ رُبوعَها وعَبيرَهَا= وَنَسَائِمًــا قُدسِيّة ً مُتَضَوّعةْ

وَمَضَى يُحَدّث في السّمَاءِ حمامةً = بيضاءَ حامتْ فوقهُ كي تَسْمَعَهْ

كَمْ أوْدَعَ الطّفْلُ الْحَمامةَ سرّهُ = ما أودَعَ الورْقاءَ بَلْ ما أوْدَعَهْ !

كَمْ بَثّها شَكْـوَاهْ وَهْيَ تَبُثّه ُ =الشّــــكْـوَى عَلَى الزّيْتُونَةِ الْمُتَفَرِّعَةْ

لَمْ يَدْرِ إلاّ والْمَدَافِعُ حَوْلَــــهُ= تُرْدِي حَمَائِمَهُ وَتَحْرِقُ أَفْرُعَهْ

عزّ السّلاح فَلَمْ يَجِدْ إلاّ الْحَصَى = فَمَضَى بِمعْوْلِهِ الصّغير لِيَقْلَعَهْ

زَهَدَ الْحَيَاةَ وَمَا الْحَيَاةُ عزيزةً = عِنْدَ الذِي اخْتَارَ الشّهادةَ مَطْمَعَـهْ

قَدْ أَغْلَقُوا أَبْوابَهُمْ مِنْ خَلْفِهِ = فَمَضَى إلى بابِ الْجهَادِ لِيَقْرَعَهْ

مَنَعُوهُ دِجْلَةَ والفراتَ ونيلَ مِصــــرَ =فَأَيْنَ يَرْجُو يَا بِلادِي مَشْرَعَهْ؟!

فَدِيـارُ دِجْـلَةَ أُحْرِقَـتْ وَرُبَى الفـُـــــرا=تِ تَمَزّقَـتْ والنّيل يَفْقِدُ منْبَعَهْ

وَمِنَ الْمُحِيطِ إلَى الْخَلِيجِ بِلادُنا = خَلْفَ الْحُدودِ وخَوْفِهَا مُتَقَوْقِــعَةْ

مَاذَا سَيَرْجُو مِنْ صَنِيعَةِ غَاصِبٍ=مَلَكَ العَدُوّ زِمَامَهُ أَوْ طَبّعَهْ؟!

ماذا سَيَرْجُو مِنْ سَلِيبِ إرَادَةٍ = مَا عَادَ يَدْرِي مَنْ عَلَيْهِ وَمَنْ مَعَهْ؟!

هُوَ لا يُريدُ مِنَ العُروبَةِ دمْعَهَا = فَدُمُوعُهَا لَيْسَتْ تُوَاسِي أَدْمُعَهْ

كَانَتْ كَعقْدٍ وَاحِدٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ = والْحَبْلُ يَجْمَعُــهَا كَمَا قَدْ جَمّعهْ

حَتّى إذَا مَا الْحَبْلُ مَزّقَهُ العِدَى = سَقَطَتْ لَآلِيهَا الثّمينة مُسْرِعَةْ

لَوْ أَنّ ذِئْبَ الْغَدْرِ أَبْصَرَ نَارَهَا =مَا كَانَ مدّ عَلَى رُبَاهَا أَذْرُعَهْ