المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصيدة رقم 10



إدارة الملتقى
28-11-2014, 12:13 AM
يـــا مـوطـناً نــالَ مِـنّـي كــلَّ غـالـيَّةٍ


أدْمَـــنْــتُ حُـــبَّــكَ لا زوراً ولا كــذِبَــا=ونِــلْـتُ حِــقْـدَكَ لا أدري لَــهُ سَـبَـبَا

يـــا مـوطـناً نــالَ مِـنّـي كــلَّ غـالـيَّةٍ=وحينَ رُمتُ قليــلاً من هــواهُ أبــى

الــيَـوْمَ أُعْـلِـنُـها فـــي كُـــلِّ نـاحِـيَّةٍ=مَـا عُـدْتُ أعْـشَقُ فـيكَ الزّورَ والنُّصًبا

يــا مـوْطـناً كُـنْتَهُ فـي حِـقْبةٍ فَـرَطتْ=هـلْ أنـتَ ذلِـكَ أمْ تُـخْفِي لـنا العطَبَا

الـخـيْـرُ فــيـكَ ولــكـنْ كــيـفَ نَـبْـلُغُهُ=وأَلْــــفَ أَلْـــفِ لـئـيـمٍ هــيَّـأ الـحُـجُـبَا

حـتّى غَـدَا الـنّاسُ فِـيمَا يَـبْتَغوا فِـرَقاً=مَـنْ يَـحْصُدِ الفَقْرَ أوْ مَنْ يحْصُدِ الرُّتَبَا

فَــــلا حــيـاةَ بـــأرضٍ قـــدْ نُـطـاوِلُـها=إلّا قــلـيـلاً سَـعَـيْـنَـا خَــلْـفَـهُ طَـلَـبَـا

فـيـها مِـنَ الـخيْرِ مـا يـكْفي وتُـبْصِرُنا=رغـمَ الـغزارةِ نـشكو الـوَيْلَ والـسَّغَبَا

فـيـهـا الـبِـحـارُ وفـيـها ألْــفُ سـاقـيَّةٍ=ويَـقْـتُـلُ الــحَـرُّ فـيـها الـثَّـغْرَ والـقِـرَبَا

فـيـهـا الـجِـبالُ مِــنَ الآزالِ شـامـخَةٌ=كيْ يَصْعَدَ المرْءُ مِنْ أدْراجِها السُّحُبَا

لـكـنّنا فــي كُـهـوفِ الـجَـوْرِ أسْـفَلَها=نــشـكُـو بـظُـلْـمَـتِها الآلامَ والــجَـرَبَـا

نــضُـمُّ فـيـهـا صِـحَـاباً لا نُـسَـرُّ بِـهِـمْ=ثَــلاثــةً: حُــزْنَـنَـا والــخَـوْفَ والـتَّـعَـبَا

والـبـعضُ فــي أفُــقِ الآفــاقِ مُـنعزلاً=يُــحـاوِرُ الـلـيـلَ والـكُـثْـبانَ والـشُّـهُـبَا

والـبـعْضُ مِـنّـا يـبُـثُّ الـبـحرَ مَـوْجِـعَهُ=والـبـعـضُ يـركـبُـهُ مِـــنْ فَـاقـةٍ هَـرَبَـا

كــأنّـمـا الــبـحْـرُ بَـــرٌّ فـــي تـصَـلُّـبِهِ=وذلِـــكَ الــبَـرُّ بــحْـرٌ يـنـبـري غَـضَـبَـا

فــــلا يُــسَــرُّ بِــهَـزِّ الــمـوْجِ راكــبُـهُ=يُـباغِتُ الـموْتُ مَـنْ يَـبْقَى ومَـنْ رَكَبَا

فلا عصىً كيْ نَشّقَّ البحْرَ مِنْ جِهَةٍ=ولا رِمــاحـاً لِـنُـعْـلِي فـوْقَـهـا الـكُـتُـبَا

ولا قـمـيـصاً يُـعـيـدُ الــنّـورَ مَـلْـمَسُهُ=إلــى عُـيُـونٍ سـبَاها الـنّورُ مَـا وَهَـبَا

لا شـيْءَ في وَطَنٍ نَصْبُو إلَيْهِ سِوى=أنّـــا نَـعـيـشُ عــلـى أطْــرَافِـهِ غُـرَبَـا

ولا تُـــرابَ نــحُـوزُ الــيـوْمَ فــي بَـلَـدٍ=إلّا لِــنُـدْفَـنَ فـــي شِــبْـرٍ بـــهِ تُــرَبَـا

كُـــنّــا بـــــهِ عَــرَبــاً لــكِــنَّ أقْــذَرَنَــا=صـــارُوا جُـنُـوداً وكـانـوا قَـبْـلَها عَـرَبَـا

صــارُوا ذِئـابـاً عـلـى الآمَــادِ تَـنْهَشُنَا=والـجُرْحُ فـي كُـلِّ نَـفْسٍ بَـعْدُ مُـلْتَهِبَا

وذي رُبـــى دَمِـنَـا فــي كُــلِّ نـاحـيَّةٍ=يَـسـيلُ فـيـها غَـزيـراً بَـعْـدُ مــا نَـضُبَا

وحــيــنَ جِـئْـنَـا وآثـــارُ الـنّـيُـوبِ بِــنـا=مِـــنْ كُــلِّ نـاحـيَّةٍ قـالـوا دَمــاً كَـذِبَـا

ولا تـــزالُ ذئـــابُ الـحَـيِّ تَـتْـبَعُ مَــنْ=يَـمْـشي وتَـرْقُـبُهُ مِــنْ حـيْـثُما ذَهَـبَا

يَـا حُـرْقَةَ الـرُّوحِ قُـلْ لِـي مـا تُـريدُ بنا=يــا مَـوْطِـناً غـارِقـا مِــنْ لُـؤمِـهِ عَـتَـبَا

أنّـــا وهَـبْـنَـا دُمُــوعـاً مِــنْ مَـحـاجِرِنا=حتّى بدا في سُهُولِ الأرضِ مُنْسَكِبَا

أنّـا وهَـبْناهُ مـا فـي الـعُمْرِ مِنْ نَصَبٍ=حـتّـى تـضـايَقَ مِــنْ أعْـمَـارِنا نَـصَـبَا

مَــلَّ الـصُّـراخُ مِــنَ الأصْــداءِ تُـرْجِعُهُ=حـتّى سـئمْناهُ سُـخْطاً كـانَ أوْ تَـعَبَا

أغْـلـى مِـنَ الـرّوحِ مـاذا بَـعْدُ نَـمْنَحُهُ=وكُــلُّ شــيْءٍ مَـنَـحْنَا يَـسْتَحيلُ هَـبَا

مـا عـادَ للنّاسِ في الأوْطانِ أنْ يَهَبُوا=بـــلْ آنَ لـلـوَطَنِ الـمَـيْسورِ أنْ يَـهَـبَا