غيداء الأيوبي
03-12-2014, 11:20 PM
وَرْدَةُ الأَطْيَابِ
فِي رثَاءِ شَقِيقَتِي مَرْضِيَّة رَحِمَهَا الله
سَكَتَ الرَّبِيِعُ بِرَوْضَةِ الأَصْحَابِ=لَمَّا تَوَارَتْ وَرْدَةُ الْأَطْيَابِ
كُلُّ الْكَلاَمِ بِصَمْتِهَا مُتَأَلِّمٌ=وَدُمُوعُهُ الْحَيْرَى حُرُوفُ عَذَابِي
أَنَا مُذْ غِيَابِ الأُخْتِ لَسْتُ أَخَالُنِي=عَطْشَى لِمَرْأَى الصَّحْبِ وَالأَنْسَابِ
الْحُزْنُ يَلْبَسُ فِي الْعَزَاءِ سَوَادَهُ=وَأَنَا اسْوِدَادِي مَأْتَمٌ لِثِيَابِي
وَالْحَفْلَةُ الْغَرَّاءُ أَطْلَالاً غَدَتْ=لِفَقِيِدَةٍ رَحَلَتْ عَنِ الأَحْبَابِ
فَلَقَدْ فَقَدْتُ بِفَقْدِهَا قَطْرَ النَّدَى=وَلَقَدْ ذَبَلْتُ عَلَى غُصُونِ مُصَابِي
يَا رَبُّ كَيْفِ بِدُونِهَا يَبْدُو الْهَوا ؟=وَنَسَائِمُ الذِّكْرَى تَشُفُّ سَرَابِي ؟!
هَذِي الْحِكَايَاتُ الَّتِي هَرِمَتْ مَعِي=مَرْثِيَّةٌ تَبْكِي وَدَاعَ شَبَابِي
تَكْتُبْنَ دَمْعَاتِ الْفُرَاقِ كَأَنَّمَا=تَكْتُبْنَهَا بِمَقَابِرِ الأَوْصَابِ
فَلَقَدْ حَسِبْتُ بِسَرْدِهَا أَجِدُ المُنَى=فَوَجَدْتُنِي مَلْأَى بِشَيْبِ حِسَابِي
وَالصَّرْخَةُ الْخَرْسَاءُ تَخْنُقُ كِلْمَتِي=وَحِبَالُهَا تَلْتَفُّ كَالأَطْنَابِ
الْآهُ تَنْزِفُ فِي الرِّيَاضِ رثَاءَهَا=وَأَنَا هُنَا أَرْثِي بَقَاءَ تُرَابِي
فَلَقَدْ قَطَفْتُ مِنَ الْمَشَاعِرِ وَرْدَةً=مَتَخَدِّرٌ فِيهَا رَحِيِقُ كِتَابِي
فَانْسَابَ مِنِّي الْقَوْلُ رُغْمَ تَوَجُّعِي=وَاشْتَدَّ نَزْفِي فِي كُؤُوسِ شَرَابِ
قَدْ تَحْتَوِيِنِي فِي الْمَآثِرِ دَارَةٌ=تَسْتَقْبِلُ الأَحْزَانَ كَالأَغْرَابِ
فَلَقَدْ نُفِيِتُ بُعَيْدَهَا بِفَجِيِعَتِي=كَمُهَاجِرٍ يَحْنُو لِدَرْبِ إِيَابِ
رحْمَاكَ يَا اللهُ إِنِّي عَالِقٌ=مَا بَيْنَ فَقْدِي وَامْتِلاَكِ مَثَابِي
مَاذَا جَرَى حَتَّى تَقَدَّمَ مَوْعِدٌ=لِلْمَوْتِ قَبْلَ الْوَعْدِ دُونَ ذِهَابِي ؟!
وَاللهِ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِوَفَاتِهَا=لَكِنَّ شَوْقِيَ كَافِرُ الأَعْصَابِ
لَازِلْتُ أَبْحَثُ فِي اعْتِكَافِ حَدَائِقِي=عَنْ قَطْرَةٍ تَسْقِي ذُبُولَ رِحَابِي
فَمَتَى سَيَرْحَلُ مِنْ سَمَاءِ تَعَلُّقِي=هَذَا الْمُصِرُّ عَلَى بَقَاءِ ضَبَابِي ؟!
الْوَرْدَةُ الْبَيْضَاءُ مَاتَتْ يَا أَنَا=وَالْغُصْنُ حَيٌّ فِي اخْضِرَارِ الْحَابِي
لَا شَيْءَ يُجْدِي كَيْ تُغَادِرَ مِحْنَتِي=فَالذِّكْرَيَات كَثِيرَةُ الأَبْوَابِ
أَنَا أَيْنَ مَا كُنْتُ الْتَقَيْتُ بِوَجْهِهَا=وَأَعُودُ غَرْقَى فِي انْسِدَالِ حِجَابِي
فِي الْوَرْدِ تَبْدُو فِي يَنَابِيِعِ الصَّفَا=فِي رَوْنَقِ الأَشْجَارِ فِي الْأَعْشَابِ
فِي لَذَّةِ الْفِرْصَادِ فِي أَلْوَانِهِ=فِي نَكْهَةِ الرُّمَّانِ فِي الأَعْنَابِ
فِي رَوْضَةِ الطَّيْرِ الْيُغَرِّدُ آسِراً=عُصْفُورَة الْبُسْتَانِ فِي الأَرْطَابِ
بِفَرَاشَةٍ فِي الْحَقْلِ تَبْعَثُ بَهْجَةً=فِي نَحْلَةٍ تَمْتَصُّ وَرْدَ رَوَابِي
فِي لَوْحَةِ الْفَنَّانِ فِي لَمَسَاتِهِ=فِي فِكْرَةِ الأَشْعَارِ فِي الأَلْبَابِ
بِنَوَادِرِ الأَحْجَارِ جَوْفَ بَرِيِقِهَا=فِي جَوْهَرِ الأَلْمَاسِ ذِي الأَعْجَابِ
فِي الْبَحْرِ فِي الأَصْدَافِ فِي أَشْكَالِهَا=فِي سَلْسَلِ الأَنْهَارِ مِلءَ عُبَابِ
فِي الْغَيْمِ فِي الأَمْطَارِ فِي لَوْنِ السَّمَا=فِي زُرْقَةٍ تَرْتَاحُ بَيْنَ سَحَابِ
فِي طَلَّةِ الْبَدْرِ الْمُضِيءِ بِلَيْلِهِ=بِشُعَاعِ شَمْسِ الصُّبْحِ فِي الأَجْنَابِ
فِي قِبْلَةِ الصَّلَوَاتِ تَمْسَحُ دَمْعَتِي=لَمَّا يُرَطِّبُ وَجْهُهَا مِحْرَابِي
طُوبَى لَهَا تَبْقَى مَعِي ( مَرْضِيَّةٌ )=فِي رُوحِيَ الْوَلْهَى تُرَاضِي مَا بِي
أَنَا لَنْ أَكُونَ بِدُونِهَا بِحَدِيِقَتِي=بَعدَ افْتِقَادِي وَرْدَة الأَطْيَابِ
غيداء الأيوبي
فِي رثَاءِ شَقِيقَتِي مَرْضِيَّة رَحِمَهَا الله
سَكَتَ الرَّبِيِعُ بِرَوْضَةِ الأَصْحَابِ=لَمَّا تَوَارَتْ وَرْدَةُ الْأَطْيَابِ
كُلُّ الْكَلاَمِ بِصَمْتِهَا مُتَأَلِّمٌ=وَدُمُوعُهُ الْحَيْرَى حُرُوفُ عَذَابِي
أَنَا مُذْ غِيَابِ الأُخْتِ لَسْتُ أَخَالُنِي=عَطْشَى لِمَرْأَى الصَّحْبِ وَالأَنْسَابِ
الْحُزْنُ يَلْبَسُ فِي الْعَزَاءِ سَوَادَهُ=وَأَنَا اسْوِدَادِي مَأْتَمٌ لِثِيَابِي
وَالْحَفْلَةُ الْغَرَّاءُ أَطْلَالاً غَدَتْ=لِفَقِيِدَةٍ رَحَلَتْ عَنِ الأَحْبَابِ
فَلَقَدْ فَقَدْتُ بِفَقْدِهَا قَطْرَ النَّدَى=وَلَقَدْ ذَبَلْتُ عَلَى غُصُونِ مُصَابِي
يَا رَبُّ كَيْفِ بِدُونِهَا يَبْدُو الْهَوا ؟=وَنَسَائِمُ الذِّكْرَى تَشُفُّ سَرَابِي ؟!
هَذِي الْحِكَايَاتُ الَّتِي هَرِمَتْ مَعِي=مَرْثِيَّةٌ تَبْكِي وَدَاعَ شَبَابِي
تَكْتُبْنَ دَمْعَاتِ الْفُرَاقِ كَأَنَّمَا=تَكْتُبْنَهَا بِمَقَابِرِ الأَوْصَابِ
فَلَقَدْ حَسِبْتُ بِسَرْدِهَا أَجِدُ المُنَى=فَوَجَدْتُنِي مَلْأَى بِشَيْبِ حِسَابِي
وَالصَّرْخَةُ الْخَرْسَاءُ تَخْنُقُ كِلْمَتِي=وَحِبَالُهَا تَلْتَفُّ كَالأَطْنَابِ
الْآهُ تَنْزِفُ فِي الرِّيَاضِ رثَاءَهَا=وَأَنَا هُنَا أَرْثِي بَقَاءَ تُرَابِي
فَلَقَدْ قَطَفْتُ مِنَ الْمَشَاعِرِ وَرْدَةً=مَتَخَدِّرٌ فِيهَا رَحِيِقُ كِتَابِي
فَانْسَابَ مِنِّي الْقَوْلُ رُغْمَ تَوَجُّعِي=وَاشْتَدَّ نَزْفِي فِي كُؤُوسِ شَرَابِ
قَدْ تَحْتَوِيِنِي فِي الْمَآثِرِ دَارَةٌ=تَسْتَقْبِلُ الأَحْزَانَ كَالأَغْرَابِ
فَلَقَدْ نُفِيِتُ بُعَيْدَهَا بِفَجِيِعَتِي=كَمُهَاجِرٍ يَحْنُو لِدَرْبِ إِيَابِ
رحْمَاكَ يَا اللهُ إِنِّي عَالِقٌ=مَا بَيْنَ فَقْدِي وَامْتِلاَكِ مَثَابِي
مَاذَا جَرَى حَتَّى تَقَدَّمَ مَوْعِدٌ=لِلْمَوْتِ قَبْلَ الْوَعْدِ دُونَ ذِهَابِي ؟!
وَاللهِ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِوَفَاتِهَا=لَكِنَّ شَوْقِيَ كَافِرُ الأَعْصَابِ
لَازِلْتُ أَبْحَثُ فِي اعْتِكَافِ حَدَائِقِي=عَنْ قَطْرَةٍ تَسْقِي ذُبُولَ رِحَابِي
فَمَتَى سَيَرْحَلُ مِنْ سَمَاءِ تَعَلُّقِي=هَذَا الْمُصِرُّ عَلَى بَقَاءِ ضَبَابِي ؟!
الْوَرْدَةُ الْبَيْضَاءُ مَاتَتْ يَا أَنَا=وَالْغُصْنُ حَيٌّ فِي اخْضِرَارِ الْحَابِي
لَا شَيْءَ يُجْدِي كَيْ تُغَادِرَ مِحْنَتِي=فَالذِّكْرَيَات كَثِيرَةُ الأَبْوَابِ
أَنَا أَيْنَ مَا كُنْتُ الْتَقَيْتُ بِوَجْهِهَا=وَأَعُودُ غَرْقَى فِي انْسِدَالِ حِجَابِي
فِي الْوَرْدِ تَبْدُو فِي يَنَابِيِعِ الصَّفَا=فِي رَوْنَقِ الأَشْجَارِ فِي الْأَعْشَابِ
فِي لَذَّةِ الْفِرْصَادِ فِي أَلْوَانِهِ=فِي نَكْهَةِ الرُّمَّانِ فِي الأَعْنَابِ
فِي رَوْضَةِ الطَّيْرِ الْيُغَرِّدُ آسِراً=عُصْفُورَة الْبُسْتَانِ فِي الأَرْطَابِ
بِفَرَاشَةٍ فِي الْحَقْلِ تَبْعَثُ بَهْجَةً=فِي نَحْلَةٍ تَمْتَصُّ وَرْدَ رَوَابِي
فِي لَوْحَةِ الْفَنَّانِ فِي لَمَسَاتِهِ=فِي فِكْرَةِ الأَشْعَارِ فِي الأَلْبَابِ
بِنَوَادِرِ الأَحْجَارِ جَوْفَ بَرِيِقِهَا=فِي جَوْهَرِ الأَلْمَاسِ ذِي الأَعْجَابِ
فِي الْبَحْرِ فِي الأَصْدَافِ فِي أَشْكَالِهَا=فِي سَلْسَلِ الأَنْهَارِ مِلءَ عُبَابِ
فِي الْغَيْمِ فِي الأَمْطَارِ فِي لَوْنِ السَّمَا=فِي زُرْقَةٍ تَرْتَاحُ بَيْنَ سَحَابِ
فِي طَلَّةِ الْبَدْرِ الْمُضِيءِ بِلَيْلِهِ=بِشُعَاعِ شَمْسِ الصُّبْحِ فِي الأَجْنَابِ
فِي قِبْلَةِ الصَّلَوَاتِ تَمْسَحُ دَمْعَتِي=لَمَّا يُرَطِّبُ وَجْهُهَا مِحْرَابِي
طُوبَى لَهَا تَبْقَى مَعِي ( مَرْضِيَّةٌ )=فِي رُوحِيَ الْوَلْهَى تُرَاضِي مَا بِي
أَنَا لَنْ أَكُونَ بِدُونِهَا بِحَدِيِقَتِي=بَعدَ افْتِقَادِي وَرْدَة الأَطْيَابِ
غيداء الأيوبي