المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هوامش



عبدالسلام المودني
05-12-2014, 08:36 PM
1 ـ سكون

صمت واطئ بدواخله.. وحالة مشابهة لحاله.. لاجديد مذ تلك الأيام التي لم يعشها إلا من ذكريات لم يكن جزءاً منها وحنين إلى أماكن لم تسبق له زيارتها وشوق إلى وجوه لم يرها من قبل.. همس بعيد ومتقطع لأصوات توشوش من وجهة غير مبينة.. لاشك أن الوقت ليل.. خمن ذلك لأن روائح أحلام غيره بدأت تداعب خياشيمه.. لاريب أن الزمن زمن خيبات.. حدس ذلك لأن للخيبة لون واحد..
تغيرت خرائط جسده فأغارت مناطق على أخرى.. انهارت حضارات أمام ناظريه وقامت أخرى.. غمر الماء اليابسة.. وتيبس ما كان مخضراً ممتلئاً بالحياة.. رأى ألوية تسقط في معارك اقتيد إليها في غفلة منه.. وفي غفلة منه دوماً.. قامت أخرى مدركة أنها ستسقط احتكاماً لدائرة الحياة التي أنجبتها لتميتها بعد حين..
في سكونه الأخير رأى شريطاً طويلاً لحياة قصيرة.. هل كان عليه في تلك اللحظة بالذات أن يفتح عينيه ليغلق عوالمه الأخرى؟ لو خيّر الآن لفتحهما درءاً لنور أصاب بصيرته بالعمى.. كل من عرفه يكاد يشهد له بالعناد المبالغ فيه.. لايعتبره عناداً إنما ذلك نتج عن قناعة لايذكر أين ومتى تسللت إلى نفسه تمضي به دوماً عكس التيار كنوع من جلد الذات دثره بفلسفة لاأس ولاأساس لها (بحسبي أنا الكائن الآخر المطلع على خبايا نفسه العليلة) أن الناس يجتمعون دوماً على خطأ عظيم لايراه إلا هو.. انتهى به الأمر ليندم على ترك جفنيه مطبقين إذ تسلل ضوء عطل أجهزة مناعته ودفعه ليمضي في اتجاه القطيع.. كان ذلك آخر عهده بالسكون..


(يتبع)

آمال المصري
06-12-2014, 07:58 PM
صعب أن يضيء الدرب ما يصيب المرء بعمى البصيرة ويظن أن قد سلك طريق الصواب
بلغة أنيقة وسرد ماتع واختزالية رائعة استمتعت بأولى هوامشك أديبنا الفاضل
وفي انتظار ما سيتبع
مرحبا بعودتك
تحاياي

عبد السلام دغمش
06-12-2014, 10:07 PM
سكون لكنه يحوي في طياته صراع تلك النفس المغلقة على النور .. المتمسكة بالعزلة..
نفس كان آخر عهدها بالسكون ان تسير مع القطيع حينما تسلل ذلك النور الى عينيها ..؟
بانتظار ما بعد السكون..
قطعة قصصية محكمة.. تحياتي .

خلود محمد جمعة
08-12-2014, 11:11 AM
فقاعة السكون ممتلئه بصخب صامت ستفرغه على قارعة طريق القطيع باتجاه سكون من نوع آخر
فلسفة وعمق وجمال
بانتظار القادم
كل التقدير

كاملة بدارنه
09-12-2014, 04:07 PM
سكون مصحوب بالصّراخ والتّمرّد الصّامت!
وماذا بعد الالتحاق بالقطيع؟
بوركت
تقديري وتحيّتي

عبدالسلام المودني
16-12-2014, 09:23 PM
العزيزة آمال المصري..

جزيل الشكر على المتابعة والكلمات الدافئة..

دمت بود..
عبدالسلام

عبدالسلام المودني
16-12-2014, 09:24 PM
سكون لكنه يحوي في طياته صراع تلك النفس المغلقة على النور .. المتمسكة بالعزلة..
نفس كان آخر عهدها بالسكون ان تسير مع القطيع حينما تسلل ذلك النور الى عينيها ..؟
بانتظار ما بعد السكون..
قطعة قصصية محكمة.. تحياتي .



العزيز عبد السلام..

في التحاقها بالقطيع تبدأ عهداً آخر من السكون..

تحياتي على مرورك العطر..
عبد السلام

عبدالسلام المودني
16-12-2014, 09:26 PM
سكون مصحوب بالصّراخ والتّمرّد الصّامت!
وماذا بعد الالتحاق بالقطيع؟
بوركت
تقديري وتحيّتي



العزيزة كاملة بدرانة

هي متوالية سردية أردت مشاطرتها مع الأحبة..

تحيتي لك..
عبدالسلام

عبدالسلام المودني
16-12-2014, 09:27 PM
فقاعة السكون ممتلئه بصخب صامت ستفرغه على قارعة طريق القطيع باتجاه سكون من نوع آخر
فلسفة وعمق وجمال
بانتظار القادم
كل التقدير


العزيزة خلود محمد جمعة..

صدقت حينما أسميتها فقاعة.. هي كذلك..

شكر على كلماتك الجميلة..

تحيتي لك..
عبدالسلام

عبدالسلام المودني
16-12-2014, 09:30 PM
2 ـ ضمة
يستعيض عن وجودها الهلامي بما كان سيكون لولا ما كان.. أحلام رسمها بماء ينابيعه الحارة المالحة.. مال إلى إبداع ملامحها وطباعها.. جعلها تناقض ما يتمنى ويشتهي ليسعد معها.. بلغ مراده يوم رحلت عنه وخلته وحيداً.. ابتسم في دواخله احتراماً لحدث المغادرة ولولا ذلك لأقام عرساً يحتفي فيه بعودته إلى نفسه.. خطط لكل ذلك بعناية.. كان سعيداً جداً.. هي لم تحضر أصلاً لتغادر..
قبل إبداعها كانت الوسادة كل أمانيه.. ولأنها تغار مع علمها بما كان بينه وبين الوسادة فقد اغتالتها يوم وصولها الأول وغفلته الكبرى.. عند صحوه النسبي طفقت ترقب رد فعله إزاء الواقع الجديد.. علم كل ذلك.. أليست إبداعه؟ بدا محايداً.. كان ليتأثر لو أن الوسادة كانت من إبداعه.. لكنها وسادة.. مجرد وسادة..
انتهت إلى فراش آخر كما فعلت ذات ذكرى بعيدة إلى فراشه.. ومنه إلى آخر إلى نهاية عمرها الافتراضي.. وأحمق من يبني شيئاً مع خاضع لسيرورة حياة لايستطيع الخروج من دائرتها.. والأشد حمقاً من يتعلق به حتى بعاطفة تولد لتموت..
صحيح أني أدرك معاناته الخرساء (وأنا الكائن الآخر المطلع طبعاً على خبايا نفسه السقيمة).. يبدو ذلك جلياً عندما تنام الشمس لتستيقظ آلامه المخفية.. أدرك أنه لن ينصت لصوتي أو يقرأ كلماتي مهما حاولت.. ولولا ذلك لكنت أبديت له النصح ليتخلص من سعادته الزائفة.. وسادة جديدة مثلاً في انتظار أن يبتدع أخرى بملامح هلامية.. كان ليجد ما يضم على الأقل عوض الريح والهباء..

(يتبع)

ربيحة الرفاعي
22-12-2014, 04:34 PM
أيام لم يعشها
ذكريات لم يكن جزءا منها
أماكن لم يزرها
وجوه لم يرها
أحلام غيره
هذا ليس ضياعا بل تغييب قهريّ، سواء كان إراديا يهرب عبره من واقع مرفوض، أو مفروضا من سلطة تفرّغ الذوات من أي وعيّ لحالها أو قدرة على رؤية النور لاتخاذ سبله
وفي فتح العينين درءا للنور يصيب البصيرة بالعمى، كما تسلل الضوء الذي يعطل أجهزة المناعة تناقضات اتكأ عليها الكاتب لتسجيل رؤية فلسفية عميقة لواقع نتاجه ثقافة القطيع أو الاستسلام لعوالم التيه والتضييع

لغة لافتة وتوريات شفت عن صور عميقة وتفاصيل صارخة بأداء سردي جميل

دمت بخير أيها الرائع
تحاياي

ربيحة الرفاعي
22-12-2014, 04:36 PM
2 ـ ضمة


اقترح جعل كل حلقة من هذه المتوالية في موضوع مستقل لتحظ بحقها من القراءة

تحاياي

نداء غريب صبري
18-01-2015, 01:45 AM
سكون لا سكون فيه بوجود هذا الصراع بين النور وظلام الالتزام بقطيع الساكنين
قصة جميلة جدا أخي

شكرا لك
بوركت

د. سمير العمري
17-12-2015, 12:54 AM
نصوص قصصية ذات دلالات نفسية عميقة وإسقاطات مهمة وأداء فني مميز.

أحسنت ولا فض فوك!

تقديري