المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترنيمة الأنثى المغيبة



قوادري علي
20-12-2014, 12:47 AM
ترنيمة الأنثى المغيبة


ابصَرْتُهُ عن جنب يقترف تهمة البحث والقراءة كما كان يسميها وهو يدرسنا .. عرفناه مربيا انسانا وخجولا ..وشاعرا..حين كنا نسأله ونحن شابات يافعات مغناجات , يحمر خده ويطأطئ رأسه فيصير كلامه أقرب للهمس..
الحقيقة عرفته شاعرا صدفة بعد أن حضرتُ رفقة بعض الطالبات لأمسية شعرية من تنظيم جمعية أدبية محلية..بدا لي مختلفا وهو يقرأ..بدا وسيما ومنفتحا على عوالم الأنثى والفلسفة والحياة ..للإبداع سحره ولمسته عليه..
تبسمت في خبث وخجل..هو ذا من كان الطلبة يلقبونه بالمعقد..لكن شهادة لا يختلف فيها اثنان..كان محبوب الجميع والكل يحترمونه..يعاملنا بنفس الأسلوب..لافضل لأنثى على أخرى ولا لأنثى على ذكر..تعبر محياه قساوة هي أقرب للغز وللقلب..
غيَّبَتْهُ للحظة أجنحة المعرض ولكني كنت متأكدة أني سألتقيه أين تنام كتب الشعر والرواية والقصة..هناك هوسه ومنفاه..
حاولت لبرهة أن أثير انتباهه كما كنا نفعل أيام الدراسة والطيش..كنت أميرة المعهد وربة الحسن والغواية ..وكان الكل يلهث ورائي..مازلت جميلة بل زدت أناقة..ومازال سرب العشاق يتغنون بي ....إلا هذا الرجلǃǃ
وأي رجل ..يا الله من أي طين فصل ومن أي...........
هو الآن إلى جانبي ..أحس بأنفاسه قريبة وباردة..يقلب ديوان الشاعر صلاح عبد الصبور..يتصفح مأساة الحلاج يتحرك برشاقة معرجا على عناوين باولو كويلا ..يقتني الخيميائي..أتحول لفاطمة .........عطر هنا وهناك ..لا غواية تهزه غير الكتب والحرف..هذا ما قرأته في حوار له في مجلة العربي..
رفعتُ صوتي أسأل عن أعمال أدونيس الكاملة ..ربما تذكره..لطالما سمعت أنه لاينسى بل هو منقوش بإزميل فرياسة وفي حكايا العشاق الشعراء ..ذي الرمة والمجنون وحتى سعيد حيزية..يذكره الكثيرون ايقاعا سماويا تهتز له النبضات وتترقرق لسماعه الهمسات بوحا ومناجاة..
وحده هذا الرجل –الشاعر الخجول-يستفزني ويعيد تشكيل حركاتي فأنحني بين خطواته مجرد مومياء فرعونية نكرة الهوية..مجرد أنثى ضعيفة..
-هل أحببته؟؟ǃ
يتشظى السؤال أمامي قويا ومهيمنا..لم أفكر يوما فيه..كل ما همني أن يشعر بوجودي وأن يجود علي بنظرة واحدة تعيد ترسيم أقانيم الأنثى بكياني..أفيق لأجده يبتعد واثق الخطوات دون التفاتة ولارعشة ولا حتى نظرة يتيمة..
-كم أنا تعيسة...
ألمح كالعادة الكثير من العيون تتملاني مسترقة النظرات..أبصق عليها سرا وعلانية..أمر نسمة بل أسطورة بابلية أو نوتة في رقصة البجع.. أتبع ظل هذا الرجل..لايمكن لامرأة أن تتحمل التجاهل والاهمال واللامبالاة.
صامتا يقلب المتحول والثابت ..مستأنسا يضم ما اقتناه..ثملا يصافح العناوين برقة..يلتقي مراسلا صحفيا ..يسلمه ورقة سمعت أنها اسئلة لحوار..يرميها دون مبالاة في جيبه..يلتقي اللحظ باللحظ..صدقت يا مستغانمي وحدها الجبال لاتلتقي..ينفجر الشعور بالسعاد والنصر..هو يذكرني بلاشك..هو يراني..كيان أنا وأي كيان..أباغته
-صباح الخير أستاذ..
يرد في برود..استغل الفرصة..
-أنا تلميذتك قبل سنوت...
كنت طفلة والآن أنا امرأة.
احسست أن "امرأة" خرجت قوية ..تراءى لي التفاتات البعض ..يكفي قلتها..قلتها ليحس بي..ليراني وليعاملني كأنثى تستحق..
-ماشاء الله بنيتي...
بنظراته الباردة..بصوته الخجول الذي يشبه الهمس..بتينك العينين اللتان لايشع فيهما ذاك البريق..بريق يرسله الرجل فتلتقطه الأنثى حتى ولو كان في غيهب الأعماق وبين آلاف الحشود..أجابني..ثم مضى يحمل ماتيسر من كتب كأن الزمن لم يتغير..
بقيت جامدة مجرد طفلة يؤنسها المطر الأسود أتابعه ظله يتلاشى كحلم بعيد.........

خلود محمد جمعة
22-12-2014, 10:53 AM
قد تعجب الطالبة باستاذها ولكن بعد انتهاء فترة الدراسة تشعر انها كانت مشاعر عابرة وطفوليه
إحساسها بجمالها واهتمام الآخرين بها ربى الغرور فيها حتى باتت مقتنعة بمغناطيسيتها الذي لا يستطيع اي رجل مقاومتها
ومع وجود حالة المدرس المثل الاعلى والذي لم يرضي غرورها باتت حالة مراهنتها بينها وبين نفسها قوية و في أول صدفة أرادت كسب الرهان الى أن صفعها بتجاهله لتدرك ان وجودها لم يفرض حضورا بل سجل غيابا مؤلما
سرد ماتع وحرف يسجل حضور قوي
كل التقدير
بوركت

قوادري علي
22-12-2014, 01:58 PM
قد تعجب الطالبة باستاذها ولكن بعد انتهاء فترة الدراسة تشعر انها كانت مشاعر عابرة وطفوليه
إحساسها بجمالها واهتمام الآخرين بها ربى الغرور فيها حتى باتت مقتنعة بمغناطيسيتها الذي لا يستطيع اي رجل مقاومتها
ومع وجود حالة المدرس المثل الاعلى والذي لم يرضي غرورها باتت حالة مراهنتها بينها وبين نفسها قوية و في أول صدفة أرادت كسب الرهان الى أن صفعها بتجاهله لتدرك ان وجودها لم يفرض حضورا بل سجل غيابا مؤلما
سرد ماتع وحرف يسجل حضور قوي
كل التقدير
بوركت

شكرا جزيلا الراقي خلود
أمسكت جيدا بدائرة السرد ..
تقديري.

آمال المصري
22-12-2014, 11:47 PM
حواء التلميذة والأنثى وإن مر بها الزمن تظل تنتظر لفتة تميزها عن قريناتها علها تفوز بها من المعلم الذي يعتبر المثل الأعلى بعد الأب
وهنا أبدعت سردا وبيانا في نص تناول واحدة من تلك الصور فشكرا لك شاعرنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

قوادري علي
23-12-2014, 09:51 PM
حواء التلميذة والأنثى وإن مر بها الزمن تظل تنتظر لفتة تميزها عن قريناتها علها تفوز بها من المعلم الذي يعتبر المثل الأعلى بعد الأب
وهنا أبدعت سردا وبيانا في نص تناول واحدة من تلك الصور فشكرا لك شاعرنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

شكرا جزيلا الراقية آمال
العلاقة بين المعلم والبنت التي تسكنها إيحاءات
ومغريات وحده الزمن كفيل بمسح الغبش عن تلك الصفحة..
تقديري.

ربيحة الرفاعي
26-12-2014, 09:44 PM
يظهر القاص الشاعر جليا بلغته الرشيقة وجمله الشعرية وتعابيره النديّة، في سرد شائق لفكرة راقية تحمل معنى جميلا
بعض عثرة شابت اللغة من مثل:
بتينك العينين اللتان لايشع

ويبقى أن لكاتبنا قلما يسلب اللب بمعالجته الذكية ولغتة الإبداعية

دمت بخير

تحاياي

قوادري علي
27-12-2014, 12:09 AM
يظهر القاص الشاعر جليا بلغته الرشيقة وجمله الشعرية وتعابيره النديّة، في سرد شائق لفكرة راقية تحمل معنى جميلا
بعض عثرة شابت اللغة من مثل:
بتينك العينين اللتان لايشع

ويبقى أن لكاتبنا قلما يسلب اللب بمعالجته الذكية ولغتة الإبداعية

دمت بخير

تحاياي

شكرا جزيلا الراقية ربيحة
محظوظ أنا بقرءاتك المميزة وما يكتنفها من
ملاحظات دقيقة جدا.
تقديري.

ناديه محمد الجابي
18-05-2025, 05:59 PM
لقد أبدعت في وصف علاقة التلميذة الأنثى المعتزة بجمالها
والتي تنبهر بالأستاذ الذي ترى فيه المثل العلى لكمال الرجل ليصفعها بتحهاله لها.
أحي ريشتك الذهبية وحرفك الثر ، وسردك المتقن الجذاب وقد جمعت بين
أناقة المفردة وجمال الصورة وقوة العبارة ،وتألق الأسلوب.
دمت بكل خير.
:v1::0014::wow: