تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا عزيزي: كلنا تروس!



هَنا نور
23-12-2014, 07:38 AM
حكاية ترس

كنتُ مجرد قطعةٍ من الحديد لا دور لها في أي شيئ مما يدور في هذه الدنيا..
تمنيتُ لو أنني وُضعتُ في ساعةِ يدٍ يتناغم نبضها مع نبضِ غادةٍ حسناء، أو تحيطُ بمعصمِ حرٍ من الأحرار.
تمنيتُ لو أنني كنتُ جزءاً في لعبةِ طفلٍ يلهو بها ويتعلم منها دروس الحياة.
تمنيتُ لو أن أعملَ في آلةِ طباعة، تنشر العلم نورا يبدد ظلمات الجهل.
تمنيتُ لو أن أدورَ في دراجة، أو في محرك قطارٍ أو طائرة.
تمنيتُ لو أنني قطعةٌ لا غنى عنها في آلةِ غزْلٍ ونسج، تصنعُ ما يواري سوءات العراة.
تمنيتُ لو أننى ضمن فريقِ عملٍ لتشغيلِ آلةِ حرثٍ أو حصدٍ كي يشبعَ كل الناس.
تمنيتُ لو أن أعمل في آلةِ بناءٍ وتعمير، أو آلةِ بحثٍ وتنقيب عن الثروات.
تمنيتُ لو أنني في مجهرِ عالِمٍ أو في ماكينةٍ لصنع دواء.

فرحتُ عندما وضعوني قطعةَ غيارٍ في إحدى الآلات..
سألت التروس الذين وُضعتُ بينهم: في أي الآلات نعمل؟
لم يجيبوا!
سألتهم كيف كُسِرَ الترس الذي كان قبلي؟
لم يجيبوا!
سألتهم لماذا هم صامتون، متجاهلون، متجهمون؟
اشتبكت أسنان بعضهم مع أسناني في حركةٍ مباغتة، فأجبروني على الدورانِ والاشتباكِ مع الآخرين..
ودارت المعركة..
وأُجيبت كلُّ تساؤلاتي الحائرة
عندما سمعتُ صراخاً،
وشممتُ رائحة الدم،
وذُقتُ مُرَّ القهر..
وكسرتني الآلةُ الفاجرة.
........



☆ إهداء إلى تروس الجزيرة مباشر مصر .

خلود محمد جمعة
25-12-2014, 10:04 AM
وبين الأمنيات وتحقيقها مساحات تلونت بالدم
مؤثرة
بورككت

آمال المصري
26-12-2014, 07:45 PM
فقط علينا أن ندور وفق مايريدون دون أن نعقل أو نفهم وأن نكون أدواتا أو رقع شطرنج في أيديهم
رمزية نجحت في إيصال الفكرة بأسلوب سلس فشكرا لك أيتها الرائعة
تحاياي

ربيحة الرفاعي
28-12-2014, 01:01 PM
لم اقرأك بهذه السلبية من قبل يا هناء! ولم أجد في إهدائك الذي حاول ارتداء بزّة التحدي ما يقلل من سلبية الشعور المستنطق بوحك هنا!
ولا غاليتي .. فالتروس مقاسات وقدرات والآلة تروس وقطع أخرى كثيرة لا معنى للتروس بلاها، وكلها معا تشكّل الآلة وتتعاون لأداء وظيفتها

تحيتي لروحك التي أحب
ودومي بخير

مصطفى حمزة
28-12-2014, 08:22 PM
أختي العزيزة الفاضلة ، الأديبة هَنا
أسعدَ اللهُ أوقاتك
من السطر الأول استحضرتُ قصيدة أبي ماضي ( الحجر الصغير ) ، حيثُ يندبُ ذلك الحجر الصغيرُ حظّهُ فيقولُ :
أي شأن يكونُ في الكون شأني * لست شيئاً فيه ولستُ هباءْ
لا رخامٌ أنا فأنحتَ تمثا * لاً ولا صخرة تكون بناءْ
لست أرضًا فأرشف الماء أوْ ما * ءً فأروي الحدائقَ الغنّاءْ
لست دُرًّا تنافسُ الغادةُ الحــْسـ * ناءُ * فيه المليحةَ الحسناءْ
لا أنا دمعة ولا أنا عيْـــنٌ * لستُ خالاً أو وجنةً حمراءْ
وهكذا .. فما هو في عينِ نفسِهِ إلاّ :
حجرٌ أغبرٌ أنا وحقيرٌ * لا جمالٌ ، لا حكمةٌ ، لا مَضاءْ
فيُقرّرَ أن يُغادرَ هذا الوجودَ منتحِرًا :
فلأغادرْ هذا الوجودَ وأمضي * بسلام ، إني كرهتُ البقاءْ
ولمْ يعرفْ قيمته في الوجود حينَ :
فتحَ الفجرُ جفنه .. فإذا الطو* فانُ يغشى المدينة البيضاء !
وقطعة الحديد - كالحجر ، كبقية مخلوقاتِ الله ، التي ما خلقَ اللهُ منها شيئًا عبثًا - في كل مكانٍ له وظيفة اجتماعيّة أو نفسيّة أو عضويّة أو... في ساعة يد الحسناء ، أو في لعبة الطفل البريء ، أو في طابعة العلم ، أو في درّاجة ..في آلة غزل ..أو حرث ...
وحتى في ترس دبّابة أو مدفع أو بندقيّة .. أوَ ليست هذه أدواتِ القوّة ، والقوّةُ أليستْ قلبَ الحقّ ؟! وأيّ حقٍ يعيشُ بلا قوّة ؟!
أمّا العنوان ( يا عزيزي .. كلّنا تروس ) ، فكأنّه أزاحَ السترَ – أو بعضَه - عمّا في ذهنكِ لحظةَ الكتابة ، وكنتُ أودّ لو بقيَ وراء قناعٍ من عنوانٍ آخر .. قليل الكلام !
وأمّا الإهداء ، فلكم وددتُ – أيضًا - لو أنّه ما كُتب ، فقد أساءَ إلى ( الفكرة الكبرى ) حين حشرها في زمان ومكانٍ هما أصغر منها بكثير !
للأديبة هَنا - المُقلّة المُدلّة ، ويحق لها – أسلوبٌ في الكتابة الإبداعيّة يدلّ عليها هي ، كلماتٌ مُنتقاةٌ بذكاء واقتدار ، انتقاء الغنيّ من جواهر كثيرة يمتلكها ، وبلاغة تغرفها من بحر علومِها وقراءاتها لأمات كتب البُلغاء ، كما تشي صُورها وتعابيرُها . لكنّ الأهمّ في " ظاهرة هَنا " موهبة السرد الهادئ الدقيق في قصصِها ، والتي تُخبّئ في آخره – دائمًا – ومضة تفجؤ فينا الاستسلام لأسلوبها السلس الجميل .. فنهبّ لنفكّر ، ونقرأ ما بعدَ القراءة !
دمتِ بألف خير
تحياتي

فاطمه عبد القادر
29-12-2014, 01:38 AM
سألتهم لماذا هم صامتون، متجاهلون، متجهمون؟
اشتبكت أسنان بعضهم مع أسناني في حركةٍ مباغتة، فأجبروني على الدورانِ والاشتباكِ مع الآخرين..
ودارت المعركة..
وأُجيبت كلُّ تساؤلاتي الحائرة
عندما سمعتُ صراخاً،
وشممتُ رائحة الدم،
وذُقتُ مُرَّ القهر..
وكسرتني الآلةُ الفاجرة.
........

السلام عليكم
كلنا تروس !!!
مقولة صحيحة لأبعد مدى ,
من نحن ؟؟
أمة لا تملك شيئا مع أنها تملك كل شيء .
من نحن ؟؟
كل يرتمي في أحضان فكرة غريبة ويخلص لها ,دون أن يفقه منبتها وجذرها ومرماها ,
من نحن ؟؟
لا شيء سوى أسنان ترس تشتبك ببعضها لتدير آلة لا نعلم لماذا تدور ,أو نعلم ونتجاهل بسبب ضعف أو فقر أو طمع ,
من نحن ,
أمة منهوبة الخير منهوبة الفكر ومجبرة على التمسك بالدين قولا دون فعل ,
وهذا ما يريده لنا الأعداء كي ينهبوا ويسيطروا بهدوء وسكينة ,
شكرا لك هناء
فهمتك جيدا
كم من اللحظات التي تسيطر فيها عضبة اليأس على أرواحنا .
ماسة

نداء غريب صبري
25-01-2015, 03:12 AM
قرأت القصة واستمتعت بأسلوبها الجميل الهادئ وفكرتها الذكية
وفوجئت بالإهداء ، فقد قرأت الرمز بمعنى مناقض تماما

شكرا لك أختي

بوركت