تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة النهائي رقم 4



إدارة الملتقى
24-12-2014, 03:58 PM
حنين



ذَكَرْتُكَ يا عهْدَ النَّـدَى والغمائِمِ=فَفَاضَتْ عيوني بالدّموع السَّوَاجِمِ

ذكَرْتُ الصِّبا والعَيْشُ عَذْبٌ وباسِمٌ=لَهُ لَـذَّةٌ بيْن الْـحَشـَا والحـيازِمِ

أطلْتُ لَهُ دَمْعَ الحنينِ ومفْـرقي=تَوَقّدَ في داجٍ من الليل فَـاحِمِ

مَرابعُ عشـَّاق ٍ وأبْيَـاتُ صُحْبَةٍ=وأنْسَـامُ ذِكرَى عَهْدِنَا الْمُتَقـادِمِ

رُبُوعٌ تَحَارُ العَيْنُ فِي وَصْفِ حُسْنِها=وتَأْبَى عَلَى الألْوَانِ في كفِّ راسِـمِ

دِيَارٌ يَغَارُ البَدْرُ مِنْ حُسْنِ نُورِها=وتَهْفُو لَهَا الأشْواقُ في قَلْبِ هَائِمِ

ظِـلالٌ وأنـْوَارٌ ومَاءٌ وخُضْرَةٌ=أحَقًا أرَى أمْ تِـلْك أحْـلامُ نائِمِ؟!!

جَـرَى النّهْرُ بسّامَ الْـمُحَيّا كَأنَّهُ=يُسَابِقُ وقْتَ الصّبْحِ بِيضَ الْحَمائِمِ

تُضاحِكُهُ شَمْسُ الصّباح بِنُورِهَا=فيُشْرِقُ وَجْهُ النّهْرِ عذْبَ المباسِم

تَـرَى حَوْلَ جَنْبَيْهِ النّخيـلَ كأنَّهُ =جُمُوعٌ من الْحُرّاس خُضْرُ الْعَمَائِمِ

إِذَا دَاعَبَتْهُ الرِّيحُ خِلْتَ غُصُونَهُ =كتائِبَ تَعدُو بالقَنَا والصّوَارِمِ

يَمُدّ شُعَاعُ الشّمْسِ بَيْنَ فُرُوعِهِ=سَلاسِلَ نُورٍ مِثل برْقِ الدَّرَاهِمِ

تدَلَّى نَضِيدُ الطَّلْعِ منْه كأنَّهُ=قَنَادِيلُ نُورٍ في عَقيقِ الكمائِمِ

وقـدْ سَلْسَلَ الأمواجَ نسْمٌ كأنَّها=سُطُورٌ تَوَالَتْ فِي هُبوب النّسَائِمِ

فَيُقْبِلُ نَحْـوِي المَـوْجُ حَتّى يَبثّني=حَدِيثَ الهوَى في مَوْجِهِ الْمُتَلاطِمِ

لَـهُ حَبـَبٌ لَـمـّا تـَرَدّدَ خِلْـتُهُ=دَوَائـِرَ َدُرٍّ فِي سوَارِ مَعـاصِمِ

يـَرُوحُ ويَغْدُو كُلّمَا الْمـَوْجُ هزّه = ويَمضي جُفاءً فِي خُطَى كُلِّ قَادِمِ

وفي الجوِّ غيم ٌ قد تَـبَدَّى بقوسِهِ=منيرًا كخَيَّالٍ تَـبَدَّى بصارِمِ

فَفِي الأَرْضِ وِدْيَانٌ وَعَذْبُ مَنَاهِلٍ=وَفِـي الجَو هَتَّانٌ وَفَيْضُ مَرَازِمِ

وَتَلْهُو طُيُورُ المَاءِ فِي النّهْرِ عُصْبَة=فَمَـا بَيْنَ غَـوَّاصٍ وما بَيْنَ عَائِمِ

وإنْ جدّ منْهَا الْعَزْمُ سَارَتْ كأنّهَا=سفائنُ حرْبٍ فِي عبابِ الخَضَارِمِ

أَيَا جنَّةً خَضْرَاء أشْبَعَهَا الحَـيَا=بِعَذْبٍ نقِيّ ٍ ضَاحِكِ الْبَرْقِ سَاجِمِ

تَفَرَّع ُ كالأغْصَانِ فيها جَـدَاوِلٌ=فَتَنْسَلّ فيها كانْسِـلالِ الأَرَاقِمِ

يَفُـوحُ بِهَـا نَشْرُ العبيرِ كأنَّهُ=رسائلُ عطرٍ في أَكُفّ النّوَاسِمِ

يَبُوحُ بِهَا الزّهْرُ المُعَطّـر قَلْبهُ=كَصَبٍّ أذاعَ السّرّ منْ قَلْبِ كَاتِمِ

وَيَجْرِي النّدَى فَوْقَ الزّهور كأنّه=عُقُـودُ جُمَانٍ في قَـلائِدِ نَاظِمِ

مَوَاسِمُ أَحْـلامٍ تَقَضّتْ وَلَمْ يَزَلْ=بِقَلْبِي سَنَاهَا رَغْم َ مَـرّ المَوَاسِمِ

وَلِي مُقْلَةٌ فِي النّأْيِ لَمْ تَعْرِفِ الكَرَى=تَحِـنُّ لذِكْـرَاهَا حَنـِينَ الـرّوَائِمِ

تَحِـنّ إلى الأمْسِ النّضير وَبِشْرِهِ=وعيشٍ كأزْهارِ الحدائق ناعِمِ

ربوعي لقد ضاقَتْ بِيَ الأرضُ بعْدَكمْ=وَبِتّ أذوق الشّهْدَ مُرّ الْمَطاعِمِ

وَتَبْكِي عَلَى الأيَّامِ رُوحي كأنّها=لِطِفْلٍ صَغـيرٍ ضَلّ بَيْنَ أَعَـاجِمِ

أَلا لَيْتَ أنّ الأمسَ ما مرّ ليتَهُ=يعودُ، وَهَلْ عَهْدُ الزَّمان بِدَائِمِ؟!