المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيءٌ بينَنا



محمد حمدي
01-01-2015, 10:15 AM
شيءٌ بينَنا


نَعدو إلى التِّلقاءِ غَضْبةَ ثائرٍ = وتَلَهُّـفَ الأعداءِ لا الأحبابِ
وكأنّنا خَصْمانِ في أرضِ الوَغَى = تُدمِي العيونَ طبائعُ استِذْآبِ
فتَودُّ تَخمِشُ مُهجتي أَظفارُها = وتَودُّ تَنهَشُ جِيدَها أنيابي
فإذا بها تَغفو بِصدري طِفلةً = كيمامةٍ تَنسابُ في أَسْرابي
وتَقولُ تَكرهُني، فأَلثِمُ خدَّها = وتُذوبُ بينَ دُموعِها أهدابي
وبلحظةٍ نَصفو بِغيرِ مَلامةٍ = وأُذِيقُها هَمْسي ولَحنَ تَصابي:
***
بيني وبينَ الشِّعرِ سِربُ بلابلٍ = يَرنو إلى عينيكِ باستغرابِ
أدنو ولا أدنو ويَنداحُ المَدَى = ألوانَ طَيفِ مُذهِلِ الإطرابِ
يا أنتِ يا أَبَدِي بِكَونٍ صاغَهُ = نِسبيّةُ الأبعادِ والأَحقابِ
يَنسابُ عِطرُكِ في شهيقي مُنبِتًا = سُدُمًا مِن الرَّيحانِ والأعنابِ
ماذا سأفعلُ في كواكبِ لهفتي = منّي تَفِرُّ لِحُسنِكِ الجذّابِ؟
تتناثرُ الأقمارُ بينَ حُطامِها = عندَ انعكاسِ ضِيائِكِ الزِّريابي
إنّي جعلتُ العُمرَ ليلةَ عاشقٍ = أغزو سماءَكِ باحتراقِ شِهابي
لا تَسأليني: أينَ آخرُ حُبِّنا؟ = ما الضوءُ يَبلغُ منتَهى إعجابي
***
ويَرُوعُ قلبي أنْ تلاشتٍ مِن يَدِي = هلْ كُنتُ مجنونا حَضنْتُ سَرابي؟!
فإذا بها ذابتْ بصدري نَبضةً = تَسرِي إلى الشِريانِ والأعصابِ
يا كيفَ نَعشقُ حينَ نُعلنُ كُرهَنا = يا كيفَ تَنزِعُ رِيحُها أبوابي
لا ليسَ حُبًّا.. ذاكَ شيءٌ بينَنا = يَخفَى عنِ الشعراءِ والكُتّابِ
لا تَسألوني كيفَ أحضُنُ عِطرَها = أو كيفَ راقصَ طَيفُها أثوابي
أو كيفَ حولي حلّقتْ أشياؤها = والحُورُ تَشدو عازفاتِ رَبابِ
أو كيفَ أنظرُ في الجِدارِ شُرودَها = فأُقبّـلُ الأحجارَ باستعذابِ!
أو كيفَ في سُهدي أُتمتمُ بِاسْمِها = عَذْبًا فأَسْـكَرُ عنْ لهيبِ عَذابي
أو كيفَ أَرسُمُها جَناحَ فَراشةٍ = وشِفاهَ نَبْـقٍ واخضرارَ الغابِ
ورحيقَ فَجرٍ وابتسامةَ زهرةٍ = وتَعانقَ الأشجارِ واللَّبلابِ
أو كيفَ في عُنفٍ أُمزّقُ شِعرَها = لو قدْ أغارُ لأتفهِ الأسبابِ
أو حينَ أَكرَهُها وأَلعنُ هَجرَها = أو حينَ أهجو شَعْرَها بِغُرابِ
وأَسُبُّ خدّيها بِنزفٍ مِن دَمِي = وأُغيمُ ناعسَ بدرِها بِسَحابي
فتَظلُّ تَرميني بِحُمقِ تَوَهُّمي = وتُعيِّرَنِّي كيفَ طاشَ صوابي
وتقولُ تُبغِضُني، فأُعلِنُ أنّها = مِلْكي وأنَّ زُهورَها بِتُرابي
وأقولُ إنّي سوفَ أَكسِرُ كِبْرَها = وأَجُرُّها جَبْرًا إلى مِحرابي
ولَسَوفَ تَشدو لي بألفِ قصيدةٍ = تَرجو تَذُوقُ هَوَايَ باستعتابي
ولَسَوفُ أَربِطُ قلبَها بِسلاسلي = وجدائلِ الأزهارِ في سِردابي
حتّى تَبوحَ بِكلِّ ما ضَنَّتْ بهِ = وتُقِـرَّ حبّي لحظةَ استجوابي
تَروِي الجَوَى بالدمعِ ثمَّ تُذيقُني = شَهدَ الخُضوعِ بِثغرِها الكذّابِ!
ولسوفَ... أُقسمُ سوفَ... وَهْيَ تَغيظُني = وتُهدِّدَنْ قلبي بِكلِّ عِقابِ
أعلنْتِ ساعةَ صفرِنا فتَخيّري = أرضَ التحدّي والتقاءَ حِرابِ
نَعدو إلى التِّلقاءِ غَضبةَ ثائرٍ = وتَلَهُّـفَ الأعداءِ لا الأحبابِ
فيَضُمُّ شَطُّ البحرِ هادرَ مَوجِها = ويَذوبُ حِصنُ الرملِ في تَرحابِ!
***
لا تسألوني.. ذاكَ شيءٌ بينَنا = يَعلو على الأسماءِ والألقابِ
هيَ حسْبُ تلكَ، وذا بعينيها أنا = سِرٌّ عَصِيُّ الشرحِ والإسهابِ
أناْ حسبُ أهواها بِكلِّ عيوبِها = أناْ قدْ فُتِنتُ بِسِحرِها الخلاّبِ

محمد حمدي غانم
29/12/2014

عصام إبراهيم فقيري
01-01-2015, 11:34 AM
جميل ... جميل
لا فض فوك يا مبدع

طاب القصد والقصيد

محمول رائع بمهارة شعرية عالية

تحيتي لك وليراعك الملهم شاعرنا البديع

محمد حمدي
01-01-2015, 04:28 PM
شكرا لتقديرك أ. عصام..
تحياتي

عاهد سليم الشريف
01-01-2015, 06:05 PM
قصيدة خفيفة ولطيفة ومنسابة وقافية موفقة.. أحسنت أيها الشاعر الجميل

محمد حمدي
01-01-2015, 08:11 PM
شكرا لتقديرك أ. عاهد..
تحياتي

د. سمير العمري
05-09-2015, 01:30 PM
أتعلم يا محمد حمدي؟؟

إني لأجد في حرفك ما يعد بشاعر مدهش وأجد فيه تطورا واعدا بالكثير. هو فقط يحتاج بعض عناية أكثر تكثيف أكبر ودقة أفضل في توظيف المفردات ... أما الجرس والتراكيب فقد بلغت فيها مستوى مميز.

النص بمضمونه رسم ابتاسمة على وجهي في معركة الحب والحرب.

تقديري

محمد ذيب سليمان
05-09-2015, 01:42 PM
بوركت وما حمل حرفك من معان وراود الروح
واثار النفس هدوءا وانغعالا
مودتي

محمد حمود الحميري
05-09-2015, 07:19 PM
قصيدة جميلة واضح فيها الجمال الشعري المتدفق بغزارة ،

إعجابي وخالص تقديري .

عدنان الشبول
19-10-2015, 02:10 AM
يا شاعرنا الجميل عشتُ مع القصيدة حربا رأيتها أمامي ، وآخر الحرب طلعت أنت المستسلم والعاشق الولهان ( والرابح إن شاء الله )

أنــــاْ حــســبُ أهــواهــا بِــكــلِّ عـيـوبِـهـا
أنــــاْ قــــدْ فُـتِـنــتُ بِـسِـحـرِهـا الــخـــلاّبِ



هي نهاية الرجل عندما يعشق حقّا

( سامح الله النساء على كلّ حال D:)



دمتم مبدعين

محمد حمدي
19-10-2015, 09:39 PM
السادة الأفاضل د. سمير العمري، أ. محمد ذيب، أ. محمد حمود، أ. عدنان الشبول:
سعدت بملاحظاتكم وأثلج احتفاؤكم صدري.. شكرا لكم.
تحياتي