إبراهيم الشريف
21-01-2015, 05:50 AM
بَكتِ المسافةُ وارتمتْ طُرقاتُ=وهَمَى على دربِ اللقاءِ شتاتُ
وتقوقعتْ آمالنا في يأسها=وانهارتِ الأضواءُ والغاياتُ
فالآن يَلتحفُ الشحوبُ سهولَ لقيانا=وتَجلدُ صوتَنا الآهاتُ
وطني هُنا ألمٌ يشدُّ رحالَهُ=يمضي بنا ودروبهُ وعِراتُ
في حَومة الحربِ التي لا تنتهي=نمشي على جمْرٍ ونحنُ حفاةُ
يمتد فيك القتلُ ملءَ جنونهِ=تهتزّ فوق جبينكَ الراياتُ
مفصولةٌ عنكَ الموانئُ كُلّها=تعلوْ بها الأمواجُ والصيحاتُ
أنت الأسى المغروسُ في صوتِ المدى=تهذي بكَ الأصداءُ والصرخاتُ
وفضاؤك الأفقُ الذي اكتأبت بهِ=شمسٌ يُعذِّب ضوءَها ظلماتُ
أتحيدُ عن جُرحٍ تُصيبكَ طعنةٌ=فالقلبُ نزفٌ والأوانُ فواتُ؟
أو كلما اخضرّتْ غصونُ محبةٍ=يغشى الأزاهرَ للنحيبِ دُعاةُ؟
وطني هنا وَجعُ الغريبِ ونزفهُ=في حيرةٍ تمضي بهِ السنواتُ
فيصيبهُ وجعُ اللقاء ويرتمي=كقصيدةٍ تغتالها أبياتُ
من ذا سيبلغُ للأنيسِ شجونهُ=وقد استباحت جوفَهُ الكلماتُ؟
مازال يبحث عن ظلالك متعباً=مغروسةٌ في راحتيهِ فلاةُ
مرت ثلاثُ سنين مرّ رصاصةٍ=بأزيزها قد مُزّقت أصواتُ
فالصمتُ يَغرسُ في الشفاه نَزيفهُ=تحْت الجفونِ مِنَ الأسى هالاتُ
وغدا ضجيجُ الموتِ يملأ أرضَنا=لتسيلَ ملءَ دمائِنا العتباتُ
إنا اختنقنا بالهواء وأَحْرقتْ =أجوافَنا الشهقاتُ والزفراتُ
صَخَبُ السكوتِ على الملامحِ مُطبقٌ=غصّت بهِ الشفهاتُ والقَسماتُ
كلماتُنا بحلوقِنا مرعُوبةٌ=يغتالهن توجسٌ وسكاتُ
حيٌ كميْتٍ صوتُهُ متجهمٌ=هل يا تُرى يستيقظُ الأمواتُ؟
مرّت بِنا الأيامُ نزفَ سحابةٍ=نمضي وتركضُ حولنا الساعاتُ
سقطتْ حقولُ الغيمِ فوقَ رؤوسِنا=نعدو وتملأ دربنا الكدماتُ
وقفتْ أمانينا تغالبُ دمْعَها=فتدفقتْ لكأنها جمراتُ
والسُهدُ يلتحفُ الجفونَ كأنما=في كُلّ جفنٍ شوكةٌ وحصاةُ
صالَ الخريفُ وجالَ في أعماقنا=واصْفرّتِ الآمالُ والنسماتُ
معروضةٌ للبيع كلُّ غيومنا=فقراءُ من جُرحِ الندى نقتاتُ
قد سافرتْ عنّا جميعُ بيوتنا=نزحتْ بها الأبوابُ والحُجراتُ
نمضي ويلتهمُ الزحامُ شوارع=الأملِ الرحيبِ وتنزفُ الخطواتُ
وإذا الدروبُ أمامَنا مسدودةٌ=تحْتلّهُا الجدرانُ والساحاتُ
وجعٌ على وجعِ الرجوعِ تصبّهُ=فُقدتْ بِها الآمالُ والرغباتُ
تمضي الوعودُ ولمْ تُبلِّل غيمةٌ=عطشَ الرجوعِ ولا التقتْ شُرفاتُ
فمن الذي زرعَ الذبولَ بأرضنا=ليجفَّ فيها رونقٌ وحياة؟
واغتال نشوتَنا بعزّ شبابها=ليشيخَ فينا الوعدُ والميقاتُ؟
من ذا يُفسِّر ما جرى بسمائِنا=أوَقَد أصابت غيمَها اللعناتُ؟
حاولتُ وصف السُحْبِ فيها لم أُجِد=لم يبق حرفٌ لم تظلَّ لُغاتُ
ما عادتِ الأمطارُ تعْرفُ غيمَها=كلُّ الربى وزُهورها نكراتُ
والآن تلتحفُ التلالُ شجونَها=وتهاجر الأشجارُ والوكْناتُ
والآن غصنُ الضوءِ تَهْجرهُ المُنى=وتموتُ في عبَقِ الندى ومضاتُ
ألمٌ وأوجاعٌ وشاطئ فرقةٍ=يطأُ الشراعَ فتذبلُ الرحلاتُ
تتجاهلُ الأمطارُ لونَ سُفوحنا=فتهاجرُ الأطيارُ والغاباتُ
هذي السهولُ بخوفِها مدفونةٌ=ماتت بها الحركاتُ والسكناتُ
والزهرة الثكلى تَبثُ شجونَها=لا عطرَ ظلّ بها ولا بتلاتُ
أين المزارعُ والأزاهرُ والندى=ذهبتْ وظَلّ الحزنُ والعبراتُ
وجهُ الروابي صار جرحاً نازفاً=والأمنياتُ تدوسها الحسراتُ
ومشى عليها الوقتُ وهو مضرجٌ=وجرتْ بأنواع الأسى قنواتُ
شجرُ الأماني هل تعودُ غصونهُ=تخضرُّ في أحضانِها الورقاتُ؟
وطني لتصْحبْكَ المسافةُ سالماً =ما ناح ضوءٌ ما هَمَتْ بَسَماتُ
وغداً ترابُك يستعيدُ شبابهُ =وتقامُ فوق طَهُوره الصلواتُ
ويزولُ شجوُ الوقتِ فهْوَ مُغردٌ=تلقي عليهِ جمالَها اللحَظاتُ
وغداً يرفُّ الضوءُ في آفاقنا=وتُطِلُّ مِن وجعِ الضياع نجاةُ
وغداً ستنفضُ شمسُنا كابوسَها=وتزاحُ عن صدْر المُنى صخَراتُ
وغداً يفيقُ البوحُ من غيبوبة= الصمتِ الكئيبِ وتنتهي المأساةُ
وتقوقعتْ آمالنا في يأسها=وانهارتِ الأضواءُ والغاياتُ
فالآن يَلتحفُ الشحوبُ سهولَ لقيانا=وتَجلدُ صوتَنا الآهاتُ
وطني هُنا ألمٌ يشدُّ رحالَهُ=يمضي بنا ودروبهُ وعِراتُ
في حَومة الحربِ التي لا تنتهي=نمشي على جمْرٍ ونحنُ حفاةُ
يمتد فيك القتلُ ملءَ جنونهِ=تهتزّ فوق جبينكَ الراياتُ
مفصولةٌ عنكَ الموانئُ كُلّها=تعلوْ بها الأمواجُ والصيحاتُ
أنت الأسى المغروسُ في صوتِ المدى=تهذي بكَ الأصداءُ والصرخاتُ
وفضاؤك الأفقُ الذي اكتأبت بهِ=شمسٌ يُعذِّب ضوءَها ظلماتُ
أتحيدُ عن جُرحٍ تُصيبكَ طعنةٌ=فالقلبُ نزفٌ والأوانُ فواتُ؟
أو كلما اخضرّتْ غصونُ محبةٍ=يغشى الأزاهرَ للنحيبِ دُعاةُ؟
وطني هنا وَجعُ الغريبِ ونزفهُ=في حيرةٍ تمضي بهِ السنواتُ
فيصيبهُ وجعُ اللقاء ويرتمي=كقصيدةٍ تغتالها أبياتُ
من ذا سيبلغُ للأنيسِ شجونهُ=وقد استباحت جوفَهُ الكلماتُ؟
مازال يبحث عن ظلالك متعباً=مغروسةٌ في راحتيهِ فلاةُ
مرت ثلاثُ سنين مرّ رصاصةٍ=بأزيزها قد مُزّقت أصواتُ
فالصمتُ يَغرسُ في الشفاه نَزيفهُ=تحْت الجفونِ مِنَ الأسى هالاتُ
وغدا ضجيجُ الموتِ يملأ أرضَنا=لتسيلَ ملءَ دمائِنا العتباتُ
إنا اختنقنا بالهواء وأَحْرقتْ =أجوافَنا الشهقاتُ والزفراتُ
صَخَبُ السكوتِ على الملامحِ مُطبقٌ=غصّت بهِ الشفهاتُ والقَسماتُ
كلماتُنا بحلوقِنا مرعُوبةٌ=يغتالهن توجسٌ وسكاتُ
حيٌ كميْتٍ صوتُهُ متجهمٌ=هل يا تُرى يستيقظُ الأمواتُ؟
مرّت بِنا الأيامُ نزفَ سحابةٍ=نمضي وتركضُ حولنا الساعاتُ
سقطتْ حقولُ الغيمِ فوقَ رؤوسِنا=نعدو وتملأ دربنا الكدماتُ
وقفتْ أمانينا تغالبُ دمْعَها=فتدفقتْ لكأنها جمراتُ
والسُهدُ يلتحفُ الجفونَ كأنما=في كُلّ جفنٍ شوكةٌ وحصاةُ
صالَ الخريفُ وجالَ في أعماقنا=واصْفرّتِ الآمالُ والنسماتُ
معروضةٌ للبيع كلُّ غيومنا=فقراءُ من جُرحِ الندى نقتاتُ
قد سافرتْ عنّا جميعُ بيوتنا=نزحتْ بها الأبوابُ والحُجراتُ
نمضي ويلتهمُ الزحامُ شوارع=الأملِ الرحيبِ وتنزفُ الخطواتُ
وإذا الدروبُ أمامَنا مسدودةٌ=تحْتلّهُا الجدرانُ والساحاتُ
وجعٌ على وجعِ الرجوعِ تصبّهُ=فُقدتْ بِها الآمالُ والرغباتُ
تمضي الوعودُ ولمْ تُبلِّل غيمةٌ=عطشَ الرجوعِ ولا التقتْ شُرفاتُ
فمن الذي زرعَ الذبولَ بأرضنا=ليجفَّ فيها رونقٌ وحياة؟
واغتال نشوتَنا بعزّ شبابها=ليشيخَ فينا الوعدُ والميقاتُ؟
من ذا يُفسِّر ما جرى بسمائِنا=أوَقَد أصابت غيمَها اللعناتُ؟
حاولتُ وصف السُحْبِ فيها لم أُجِد=لم يبق حرفٌ لم تظلَّ لُغاتُ
ما عادتِ الأمطارُ تعْرفُ غيمَها=كلُّ الربى وزُهورها نكراتُ
والآن تلتحفُ التلالُ شجونَها=وتهاجر الأشجارُ والوكْناتُ
والآن غصنُ الضوءِ تَهْجرهُ المُنى=وتموتُ في عبَقِ الندى ومضاتُ
ألمٌ وأوجاعٌ وشاطئ فرقةٍ=يطأُ الشراعَ فتذبلُ الرحلاتُ
تتجاهلُ الأمطارُ لونَ سُفوحنا=فتهاجرُ الأطيارُ والغاباتُ
هذي السهولُ بخوفِها مدفونةٌ=ماتت بها الحركاتُ والسكناتُ
والزهرة الثكلى تَبثُ شجونَها=لا عطرَ ظلّ بها ولا بتلاتُ
أين المزارعُ والأزاهرُ والندى=ذهبتْ وظَلّ الحزنُ والعبراتُ
وجهُ الروابي صار جرحاً نازفاً=والأمنياتُ تدوسها الحسراتُ
ومشى عليها الوقتُ وهو مضرجٌ=وجرتْ بأنواع الأسى قنواتُ
شجرُ الأماني هل تعودُ غصونهُ=تخضرُّ في أحضانِها الورقاتُ؟
وطني لتصْحبْكَ المسافةُ سالماً =ما ناح ضوءٌ ما هَمَتْ بَسَماتُ
وغداً ترابُك يستعيدُ شبابهُ =وتقامُ فوق طَهُوره الصلواتُ
ويزولُ شجوُ الوقتِ فهْوَ مُغردٌ=تلقي عليهِ جمالَها اللحَظاتُ
وغداً يرفُّ الضوءُ في آفاقنا=وتُطِلُّ مِن وجعِ الضياع نجاةُ
وغداً ستنفضُ شمسُنا كابوسَها=وتزاحُ عن صدْر المُنى صخَراتُ
وغداً يفيقُ البوحُ من غيبوبة= الصمتِ الكئيبِ وتنتهي المأساةُ