تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مرثية



محمود الدليمي
23-04-2005, 09:57 AM
ذكرتُكَ غيرَ ناسٍ


سِفاهاً .. يا بُنَيَّ طَغَى أَسَايا =كَأنِّيَ لَمْ يُصَبْ أَحَدٌ سِوَايا؟
وهل أنا قَبْلُ قد قَرَّتْ عيوني=وَنلتُ من الليالي مُبتَغَايَا؟
أنا الغَرَضُ العتيقُ لِكُلِّ سَهمٍ =تَنَافَسُ في رمايَتِهِ البَلايا
وكَم ذا جندَلَت لي مِن عَزيزٍ =وَسَاقَت مِن أَمَانيَ لي سَبَايا
سَقَطتُ مُرَكَّعاً مِن رَحمِ أُمِّي=بعيدَ الغورِ في كَفِّي عَصَايا
وَمنذُ نُعومَةِ الأحزانِ دَسَّتْ =يَدُ الأقدارِ في شِدقَيَّ نَايا
فَكيفَ نَكرتُ .. والآفاتُ قُوتِي=مَرارَ اليومِ في شَجَرِ المَنايَا
كَفَرتُ بِكُلِّ مِرآةٍ تَرانِي=وَلَيسَ تُجنُّ مِن فَزَعٍ شَظَايا
وَكُلِّ قصيدةٍ ما أَسعَدَتني=بِجَزِّ ضَفيرَتَيها في عَزَايا
تَعَكَّرَتِ الدُّنى … أَأٌلامُ وَحدي=بأنِّيَ لم أكنْ صافِي النَّوايا؟
فَبِالحُزنِِ المُعَتَّقِِ فِضتُ حَتّى=تَرَنَّحَ ما تَمَاسَكَ مِن حِجَايا
مُرِيبَ الخطوِ .. آفاقي ذهولٌ=أَمَاميَ يَستَرِيبُ بِهِ وَرَايا
أُلَملِمُ ما تَنَاثَرَ من طَريقي=على قَلَقٍ تَنوءُ بهِ خُطايا
أَزيدُ ظَمَاً إليكَ معَ الليالي =وَمَا لِيَ مَا أَبُلُّ بِهِ صَدَايا
وأبحثُ يائساً في كلِّ طَيفٍ=فترجعُ بالذي ذَهَبَتْ رُؤَايا
وَأَستُرُ دَمعتي حتّى إذا ما=خَلَوتُ بِها .. بَذَلتُ لَها دِمَايا
فَأبكي .. ثمَّ يُضرَبُ حينَ أبكي=بِعُرضِ الحائطِ المُصغِي بُكايَا
ذَكَرتُكَ غيرَ نَاسٍ .. تَعتَريني=ضياءً حينَ تُطبَقُ مُقلَتَايا
أراكَ بِكُلِّ طفلٍ ألتَقيهِ=وحين أشُمُّهُ تنبو المَزَايا
يُحدِّثُني فُطوري عنكَ صُبحاً=وَيَسأَلُ عن عَشاكَ مَساً عَشَايا
وتَسألُني العرائسُ عنكَ حتى=جَلَبتُ لها أُشاغِلُها هَدايا
أُعَلِّلُها بِعودِكَ .. مُستعيداً=بِها فُوضاكَ في كُلِّ الزّوايا
وَتَغفُو .. ثمَّ تَصحو .. ثُمَّ تَغفُو=بِآخِرِ ما لَدَيَّ مِنَ الحَكايا
تَأسَّنَتِ الحياةُ وراكَ .. وقتي =يَمُرُّ علَيَّ ساعاتٍ بَغايا
فَلمْ أدفِنْكَ أنت بُنَيَّ لكنْ=أنا المَيْتُ الذي دَفَنَت يَدَايا
فُجِعتُ وَمَا فُجِعتُ بِغيرِ رُوحي=تَذوبُ تَلَوِّياً بينَ الحَنَايَا
وَكُلِّ خَلِيَّةٍ آوَتكَ ثَكلَى=تَنُزُّ دَمَاً عليكَ مِنَ الخَلايا
فَوَا وَجَعَاهُ حينَ فُجِئتَ غَضَّاً=بِعِزرائيلَ دَكَّاكِ الرَّسَايا
قَليلٌ أَنْ أَشُقَّ عليكَ رُوحي=فَما مَعنى اعتذاريَ مِن رِدَايا
فَيَا أرضُ ابلَعِي رحماكِ مائي=جُذُوريَ في السماءِ بَدَتْ عَرَايا
أُحَاولُ أن أموتَ بغيرِ مَوتٍ =تَموتُ مَخافَةً منهُ البَرَايا
أَجُوبُ الّلا مَكَانَ به مكيناً=ويصدي اللازمانُ بِهِ غِنايا
إذا أنَا لَم يَسَعني الكونُ حَيّاً=أَقَبرٌ لا يَضِيقُ بِمُحتَوَايا؟

د. سمير العمري
23-04-2005, 12:43 PM
هي ساعة الغيث إذ همى سحاب الشاعر الرائع محمود الدليمي حروفاً من ألق ومعان من زمرد وزبرجد.

حق لنا أن نحتفي ونسعد بوصولك أخي محمود مضارب الكرام في واحة الخير لتكون أحد أهم خمائل ظلها وثمرها.

دعني أرحب بك في واحتك واحة الفكر والأدب ملتقى النخبة ودار ندوتهم بين الصفوة من خيرة أدباء وشعراء وهذا العصر وأنت لا ريب ممن ينتسب لهذه الفئة المنتخبة من أصحاب الفكر والأدب. حللت أهلاً ونزلت أحبابا.

ثم دعني أثني على قصيدتك بما تستحق من تقدير واهتمام وما أراها إلا إرهاصة غيث مطير وخصب وفير. هي تحمل ذات الملامح التي تميز شعرك الراقي كالتي رأيتها لك مرة.

لا ريب أن لي عودة لهذه الرائعة لأتناولها بشكل مستفيض وما كان السريع ردي هنا إلا ترحيباً وتقديراً واحتفاء.


أهلاً ومرحباً بك وأشرقت بقدومك الواحة وسر أهلها بالأخ الجديد.


تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

د.جمال مرسي
23-04-2005, 05:32 PM
إنه قدر الله أخي محمود و لا راد لقضائه عز و جل
له ما أعطى و له ما أخذ
إذا قال للشيء كن .. كان
فسبحانه له الدوام و البقاء وحده
بقدر حزني بقراءة هذه المرثية التي قرأتها لك من قبل
بقدر سعادتي بانضمام نجم من نجوم الشعر لواحتنا الغراء .
احسن الله عزاءكم في فقيدكم
و هكذا هو قدر الله أخي الكريم
و هذا هو الشعر و الله حين يخرج من القلب فلا مكان له إلا القلب
تسيل معه المدامع .
تقبل ودي و احترامي
و أرحب بك في الواحة
أخوكم د. جمال

سلطان السبهان
23-04-2005, 09:23 PM
أرحب كم أخي محمود الدليمي


وأسجل اعجابي بما خطت أناملك ياغالي


دخول قوي ينبأنا بوصول من سنتابعه حثيثا ..


أتمنى أن أقرأ لك أخرى

حوراء آل بورنو
17-03-2006, 01:22 AM
و الله إنها من أجمل المراثي التي قرأت ! رحمك الله .

فَيَا أرضُ ابلَعِي رحماكِ مائـي * جُذُوريَ في السماءِ بَدَتْ عَرَايا

بالغة و كلها بالغة ، فلله درك من شاعر .

الحق أنها تستحق التثبيت ، فإن أذن أهل الدار فلتكن .

عظيم انبهاري .

خليل انشاصي
17-03-2006, 06:37 AM
أخي العزيز / محمود الدليمي ... حفظه الله ورعاه :

لو كانت الأحزان تبقى في القلب لضاقت القلوب بأحزانها
قرأت قصيدة لإنسان مؤمن
فكان فيها من الحِكم والعِظات الكثير
لقد سموت بالآلام واجتزتها بجدارة
وهكذا حال الرجال الأفذاذ أخي
وأنت نفسك تدعوها للتصبر والتجلد رضىً بقضاء الله وقدره
وهذا ما دعانا الله إليه وسوله وكل الأنبياء
ونحن جميعاً في ركابهم نسير وبهديهم نهتدي
عليهم من الله السلام
وعلى نبينا محمد أزكى الصلاة وأطيب التسليم .
حفظك الله وسدد خطاك
وبإذن الله لي عودة لواحتك الغناء
أيها الرجل لو كان لي من قصيدتك بيتاً من الشعر
لافتخرت به عاماً كاملاً
فليهنك الشعر أخي محمود
بارك الله فيك وحفظك من كل سوء .
قلبي معك
فلنكن مع الله جميعاً
وأشكر المولى أنّ جمعنا بك
من خلال باب من أبوب الرحمة والدعاء :


فهل من دعوة بالغيب تدعوها
لمن بالحب يا محمـــــود لاقكا

وأقتبس من كلمات أخي د. / جمال مرسي
لما تحمله من أيمان وعظات جلية :

احسن الله عزاءكم في فقيدكم
و هكذا هو قدر الله أخي الكريم
و هذا هو الشعر
حين يخرج من القلب
فلا مكان له إلا القلب
تسيل معه المدامع .

وعلى الخير ألتقيك دائماً .

أبو عبدالله .

خليل حلاوجي
18-03-2006, 11:54 AM
كَفَـرتُ بِكُـلِّ مِـرآةٍ تَرانِـي
وَلَيسَ تُجنُّ مِن فَـزَعٍ شَظَايـا
وَكُلِّ قصيـدةٍ مـا أَسعَدَتنـي
بِجَزِّ ضَفيرَتَيهـا فـي عَزَايـا
تَعَكَّرَتِ الدُّنى … أَأٌلامُ وَحـدي
بأنِّيَ لم أكنْ صافِـي النَّوايـا؟
\
\
ألم تخبرك عصافير المساء
والغروب
صار عندنا خبزا"
أن لك في ألآفاق عشاق ... لحرفك المحمود

ألم تخبرك رياحين الموصل الثراء
بأن البساتين عندنا
تشتاقك يازهرة تبكي زكام من لم يطعم شذانا

ألم تسمعك بكاءات الثكالى
بأنك صرت صوتها الشاكي الى الله عذابات
الابرياء


لست وحدك من بكا شقيق الوجع الساكن صدري
لست وحدك

فأنا هنا والواحة بكل أخيارها
والله ....معك باكينا



فخور فخور قلبي
ببهاءك

بندر الصاعدي
30-03-2006, 08:59 PM
أنا الغَرَضُ العتيقُ لِكُلِّ سَهـمٍ
تَنَافَسُ فـي رمايَتِـهِ البَلايـا
***
فَلمْ أدفِنْـكَ أنـت بُنَـيَّ لكـنْ
أنا المَيْتُ الذي دَفَنَـت يَدَايـا
فُجِعتُ وَمَا فُجِعتُ بِغيرِ رُوحي
تَـذوبُ تَلَوِّيـاً بيـنَ الحَنَايَـا
وَكُـلِّ خَلِيَّـةٍ آوَتـكَ ثَكـلَـى
تَنُزُّ دَمَاً عليـكَ مِـنَ الخَلايـا
فَوَا وَجَعَاهُ حينَ فُجِئتَ غَضَّـاً
بِعِزرائيـلَ دَكَّـاكِ الرَّسَـايـا
قَليلٌ أَنْ أَشُقَّ عليـكَ رُوحـي
فَما مَعنى اعتذاريَ مِن رِدَايـا
فَيَا أرضُ ابلَعِي رحماكِ مائـي
جُذُوريَ في السماءِ بَدَتْ عَرَايا
أُحَاولُ أن أموتَ بغيـرِ مَـوتٍ
تَموتُ مَخافَـةً منـهُ البَرَايـا
أَجُوبُ الّلا مَكَـانَ بـه مكينـاً
ويصدي اللازمانُ بِـهِ غِنايـا
إذا أنَا لَم يَسَعني الكـونُ حَيّـاً
أَقَبـرٌ لا يَضِيـقُ بِمُحتَوَايـا؟

رحمه الله رحمه الله ورحمك أيها الشاعر الباكي المبكي
هذه ليست حروف إنَّها خلايا قلبك وعبرات عينك


لك التحية