تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ألا حيّ بالمقياس / البارودي



رويدة القحطاني
28-01-2015, 01:53 AM
ألا حيّ بالمقياس ريّا المعالم

شعر محمود سامي البارودي


لعزة ِ هذي اللاهياتِ النواعمِ=تذلُّ عزيزاتُ النفوس الكرائمِ
فَمَا كُنْتُ لَوْلاَهُنَّ تَهْتَاجُنِي الصَّبَا=أصيلاً ، وَ يشجيني هديرُ الحمائمِ
وَلاَ شَاقَنِي بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِناً=كَزَنْدٍ تُوَالِي قَدْحَهُ كَفُّ ضَارِمِ
وَبَيْضَاءَ رَيَّا الرِّدْفِ، مَهْضُومَة ِ الْحَشَا=يُقِلُّ ضُحَاهَا جُنْحَ أَسْوَدَ فَاحِمِ
منَ العينِ ، يحمى خدرها كلُّ ضيغمٍ=بعيدِ مشقَّ الجفنِ ، عبلِ المعاصمِ
فلولا هواها ما تغنتْ حمامة ٌ=بِغُصْنٍ، وَلاَ انْهَلَّتْ شُئُونُ الْغَمَائِمِ
وَلاَ الْتَهَبَ الْبَرْقُ اللَّمُوعُ، وَلاَ غَدَتْ=تحنُّ مطايا نا حنينَ الروائمِ
أَمَا، وَهِلاَلٍ فِي دُجُنَّة ِ طُرَّة ٍ=يَلُوحُ، وَدُرٍّ فِي عَقِيقِ مَبَاسِمِ
لَقَدْ أَوْدَعَ الْبَيْنُ الْمُشِتُّ بِمُهْجَتِي=نُدُوباً، كَأُثْرِ الْوَشْمِ مِنْ كَفِّ وَاشِمِ
وَكَمْ لَيْلَة ٍ سَاوَرْتُهَا نَابِغِيَّة ٍ=سقتني بما مجتْ شفاهُ الأراقمِ
كَأَنَّ الثُّرَيَّا كَفُّ عَذْرَاءَ طَفْلَة ٍ=بهِ رعشة ٌ للبينِ ، بادي الخواتمِ
إذا اضطربتْ تحتَ الظلامِ تخالها=دُمُوعَ الْعَذَارَى فِي حِدَادِ الْمَآتِمِ
وَ برقٍ يمانيًّ أرقتُ لومضهِ=يطيرُ بهدابٍ كثيرِ الزمازمِ
كأنَّ اصطخابَ الرعدِ في جنباتهِ=هديرُ فحولٍ ، أوْ زئيرُ ضراغمِ
تَخَالَفَتِ الأَهْوَاءُ فِيهَا: فَعَاذِرٌ=هوايَ الذي أشكو ، وآخرُ لائمي
وَ نافسني ، في حبها كلُّ كاشحٍ=يلفُّ على الشحناءِ عوجَ الحيازمِ
فكمْ صاحبٍ ألقاهُ يحملُ صدرهُ=فؤادَ عدوًّ في ثيابِ مسالمِ
أُغَالِطُهُ قَوْلِي، وَأَمْحَضُهُ الْوَفَا=كأني بما في صدرهِ غيرُ عالمِ
وَ منْ لمْ يغالطْ في الزمانِ عدوهُ=وَيُبْدِي لَهُ الْحُسْنَى ، فَلَيْسَ بِحَازِمِ
فيا ربة َ الخالِ التي هدرتْ دمي=وَأَلْقَتْ إِلَى أَيْدِي الْفِرَاقِ شَكَائِمِي
إِليْكِ اسْتَثَرْتُ الْعَيْنَ مَحْلُولَة َ الْعُرَا=وَفِيكِ رَعَيْتُ النَّجْمَ رَعْيَ السَّوَائِمِ
فَلاَ تَتْرُكِي نَفْسِي تَذُوبُ، وَمُهْجَتِي=تسيلُ دماً بينَ الدموعِ السواجمِ
أقولُ لركبس مدلجينَ ، هفتْ بهمْ=رياحُ الكرى ، ميلِ الطلى وَ العمائمِ
تجدُّ بهمْ كومُ المهاري لواغباً=عَلَى مَا تَرَاهُ، دَامِيَاتِ الْمَنَاسِمِ
تصيخُ إلى رجعِ الحداءِ ، كأنها=تحنُّ إلى إلفٍ قديمٍ مصارمِ
وَ يلحقها منْ روعة ِ السوطِ جنة ٌ=فَتَمْرُقُ شُعْثاً مِنْ فِجَاجِ الْمَخَارِمِ
لهنَّ إلى الحادي التفاتة ُ وامقٍ=فمنْ رازحٍ معى ، وآخرَ رازمِ
ألاَ أيها الركبُ الذي خامرَ السرى=بكلَّ فتى ً للبينِ أغبرَ ساهمِ
قِفَا بِي قَلِيلاً، وَانْظُرَا بِيَ؛ أَشْتَفِي=بلثمِ الحصى بينَ اللوى فالنعائمِ
فَكَمْ عَهْدِ صِدْقٍ مَرَّ فِيهِ، وَأَعْصُرٍ=تَوَلَّتْ عِجَالاً دُونَ تَهْوِيمِ نَائِمِ
أَبِيتُ لَهَا دامِي الْجُفُونِ مُسَهَّداً=طريحَ الثرى ، محمرَّ طرفِ الأباهمِ
وَمَا هَاجَنِي إِلاَّ عُصَيْفِيرُ رَوْضَة ٍ=على َ ملعبٍ منْ دوحة ِ الضالِ ناعمِ
يَصِيحُ، فَمَا أَدْرِي: لِفُرْقَة ِ صَاحِبٍ=كَرِيمِ السَّجَايَا، أَمْ يُغَنِّي لِقَادِمِ؟
كَأَنَّ الْعُصَيْفِيرَ اسْتُطِيرَ فُؤَادُهُ=سروراً بربَّ المكرماتِ الجسائمِ
أبو المجدِ ، نجلُ الجودِ ، خالُ زمانهِ=أخو الفخرِ " إسماعيلُ " خدنُ المكارمِ
قَشِيبُ الصِّبَا، كَهْلُ التَّدَابِيرِ جَامعٌ=صنوفَ العلا وَ المجدِ في صدرِ جازمِ
تجمعَ فيهِ الحلمُ ، وَ البأسُ ، وَ الندى=فَلَيْسَ لَهُ فِي مَجْدِهِ مِنْ مُزَاحِمِ
ذكاءُ " أرسطاليسَ " في حلم " أحنفٍ "=وَ همة ُ " عمرو " في سماحة ِ " حاتمِ "
لهُ تحتَ أستارِ الغيوبِ ، وَ فوقها=عيونٌ ترى الأشياءَ ، لاَ وهمُ واهمِ
فنظرتهُ وحيٌ ، وَ ساكنُ صدرهِ=فؤادُ خبيرٍ ، ناطقٍ بالعظائمِ
تكادُ لعلياهُ الملائكُ ترتمي=على كتفيهِ ، كالطيورِ الحوائمِ
أرَاهُ، فَيَمْحُونِي الْجَلاَلُ، وَأَنْتَحِي=أُغَالِطُ أَفْكَارِي، وَلَستُ بِحَالِمِ
وَ توهمني نفسي الكذابَ سفاهة ً=أَلاَ، إِنَّمَا الأَوْهَامُ طُرْقُ الْمَآثِمِ
هوَ السيفُ ، في حديهِ لينٌ وَ شدة ٌ=فتلقاهُ حلوَ البشرِ ، مرَّ المطاعمِ
تَرَاهُ لَدَى الْخَطْبِ الْمُلِمِّ مُجَمِّعاً=عُرَا الْحِلْمِ، ثَبْتَ الْجَأْشِ، مَاضِي الْعَزَائِمِ
لهُ النظرة ُ الشزراءُ ، يعقبها الرضا=لإسعافِ مظلومٍ ، وَ إرغامِ ظالمِ
فلولا ندى كفيهِ أوقدَ بأسهُ=لَدَى الرَّوْعِ أَطْرَافَ الظُّبَا وَاللَّهَاذِمِ
وَ لولا ذكاهُ أعشبتْ بيمينهِ=قَنَا الْخَطِّ، وَاخْضَلَّتْ طُرُوسُ الْمَظَالِمِ
لهُ بيتُ مجدِ ، زفرفتْ دونَ سقفهِ=حَمَامُ الدَّرَارِي، مُشْمَخِرُّ الدَّعَائِمِ
فمنْ رامهُ ، فليتخذْ من قصائدي=سطوراً إلى مرقاهُ مثلَ السلالمِ
فيابنَ الألى سادوا الورى ، وانتهوا إلى=تَمَام الْعُلاَ مِنْ قَبْلٍ نَزْعِ التَّمَائِمِ
أُهَنِّيكَ بِالْمُلْكِ الَّذِي طَالَ جِيدُهُ=بعزكَ ، حتى حلَّ بيتَ النعائمِ
لَسَوَّدْتَهُ بِالْفَخْرِ، فَابْيَضَّ وَجْهُهُ=بِأَسْمَرَ خَطِّيٍّ، وَأَبْيَضَ صَارِمِ
تَدَارَكْتَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ كَادَ يَنْمَحِي=لِفَرْطِ تَبَارِيحِ الدُّهُورِ الْغَوَاشِمِ
بَكَى زَمَناً، وَاغْبَرَّ، حَتَّى أَتَيْتَهُ=فَعَادَ رَحِيبَ الصَّدْرِ، طَلْقَ الْمَبَاسِمِ
وَ سستَ الورى بالعدلِ حتى تشوقاً=إِلَيْكَ التَوَى جِيدُ الدُّهُورِ الْقَدَائِمِ
وَجِئْتَ مَجِيءَ الْبَدْرِ مَدَّ شُعَاعَهُ=عَلَى أُفُقٍ بِالْجَوْنِ وَحْفِ الْقَوَادِمِ
برأيٍ كخيطِ الشمس نوراً ، تخالهُ=فِرِنْداً تَمَشَّى فِي خُدُودِ الصَّوَارِمِ
فَلَوْ مِصْرُ تَدْرِي أَرْسَلَتْ لَكَ نِيلَهَا=لِيَلْقَاكَ فِي جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ قَاتِمِ
وَ جاءتْ لكَ الأهرامُ تسعى تشوقاً=إِلَى دَارِ «قُسْطَنْطِينَ» سَعْيَ النَّسَائِمِ
فَبُورِكْتَ فِي مُلْكٍ وَرِثْتَ ذَمَاءَهُ=وَ خلدتهُ في نسلِ مجدٍ أكارمِ
بهمْ كلُّ غطريفٍ ، يمدُّ إلى العلا=يداً خلقتْ فينا لبذلِ المكارمِ
يجولُ مجالَ البرقِ وَ الخيلُ ترتمي=بأعطافها في المأزقِ المتلاحمِ
فما روضة ٌ غناءُ باكرها الحيا=بأوطفَ ساجٍ ، أشعلِ البرقِ ساجمِ
يضوعُ بها نشرُ العبيرِ ، فتغدي=تقاسمهُ فينا أكفُّ النواسمِ
إذا الشمسُ لاحتْ منْ خلالِ ظلالها=عَلَى الأَرْضِ، لاَحَتْ مِثْلَ دُورِ الدَّرَاهِمِ
يَقِيلُ بِهَا سِرْبُ الْمَهَا وَهْوَ آمِنٌ=فمنْ أربدَ ساجٍ ، وَ أحورَ باغمِ
بألطفَ منْ أخلاقهمْ وَ صفاتهمْ=إِذَا الْعُودُ ضَمَّتْهُ أَكُفُّ الْعَوَاجِمِ
وَمَا الشِّعْرُ مِنْ دَأْبِي، وَلاَ أَنَا شَاعِرٌ=وَ لاَ عادتي نعتُ الصوى وَ المعالمِ
وَ لكنْ حداني جودهُ ؛ فاستثارني=لِوَصْفِ مَعَالِيهِ الْعِظَامِ الْجَسَائِمِ
وَكَيْفَ، وَجَدْوَاهُ ثَنَتْ ضَبْعَ هِمَّتِي=وَهَزَّتْ إِلَى نَظْمِ الْقَرِيضِ قَوَادِمِي
فتلكَ لآلٍ ، أمْ ربيعٌ تفتحتْ=أزاهرهُ كالزهرِ ، أمْ نظمُ ناظمِ ؟
وَمَا هُوَ إِلاَّ عِقْدُ مَدْحِ نَظَمْتُهُ=لجيدِ علاهُ في صدرِ المواسمِ
فعشْ ما تغنتْ بالأراكِ حمامة ٌ=وَمَا اتَّجَهَتْ لِلْبَرْقِ نَظْرَة ُ شَائِمِ
لَكَ السَّعْدُ خِدْنٌ، وَالْمَهَابَة ُ صَاحِبٌ=وَ شخصُ العلاَ وَ النصرِ في زيَّ خادمِ

منسوخة عن الانترنت وأعتذر إن وجدت فيها أخطاء في الطباعة

ايهاب الشباطات
02-02-2015, 11:02 AM
البارودي شاعر كأنه أتى من عصر بني العباس ......
اختيار موفق للنص ....

مصطفى حمزة
12-02-2015, 05:02 AM
الأديبة رويدة
أسعد الله أوقاتك
محمود سامي البارودي شاعر من روّاد المدرسة الكلاسيكيّة - الإحيائيّة ( الاتباعيّة ) في العصر الحديث . شعره جزل متين ، حافظ فيه على عمود الشعر العربي القديم من نظام الشطرين إلى الأغراض والمعاني والصور .. الخ
كان حريًّا بك - أيتها الكريمة - أن تبذلي بعضَ الجهد لتنسيق الأبيات ، وتدقيقها ، والواحة وأهلها يستأهلون ذلك .. أليس كذلك ؟
تحياتي وتقديري

رويدة القحطاني
30-04-2015, 04:21 PM
البارودي شاعر كأنه أتى من عصر بني العباس ......
اختيار موفق للنص ....

شكرا لك

رويدة القحطاني
04-06-2015, 12:41 AM
الأديبة رويدة
أسعد الله أوقاتك
محمود سامي البارودي شاعر من روّاد المدرسة الكلاسيكيّة - الإحيائيّة ( الاتباعيّة ) في العصر الحديث . شعره جزل متين ، حافظ فيه على عمود الشعر العربي القديم من نظام الشطرين إلى الأغراض والمعاني والصور .. الخ
كان حريًّا بك - أيتها الكريمة - أن تبذلي بعضَ الجهد لتنسيق الأبيات ، وتدقيقها ، والواحة وأهلها يستأهلون ذلك .. أليس كذلك ؟
تحياتي وتقديري

قد تكون محقا
شكرا لك

لانا عبد الستار
13-07-2015, 02:58 AM
قصيدة جميلة
أظن الأستاذة رويدة نقلتها بسرعة فوقعت في بعض الأخطاء
لكن هذا يمكن تبريره في نقل نص طويل
أشكرك

محمد محمد أبو كشك
17-08-2015, 06:02 PM
هذه القصيدة هي من اهم ما مررت عليه في شعر البارودي

وهي واسطة العقد في شعره التشبيهي من وجهة نظري وكنت طفت على اشعاره فوجدته يميل الى صورة في ذهنه يدور حولها في اكثر من عمل

هذه الصورة هي صورة الصبح والطير والنهر والخضرة والضياء والزقزقة وطيور الماء وووو


وقد تكررت له في اكثر من عمل وقد كنت ممن عارضه في بعض هذه الصور مجددا بطريقتي الخاصة كما عارضت من عارضهم هو نفسه من الاندلسيين والعباسيين في نفس الامر ويتضح ذلك جليا في قصيدتي (( حنين)) تلك التي جددت فيها في اكثر من موضع متخذا من الا حي بالمقياس علامة فاصلة لاتفوق عليها ولا ادري بعد ان كنت تفوقت ام لا ولكن فعلا انا راض عن قصيدتي امامها وامام شاكلاتها حيث طورت في اكثر من موضع وتطرقت الى ابواب غابت عن البارودي نفسه بكل تأكيد وخاصة في مسألة الوصف وطبعا القصيدة هنا ممتازة واختيار ممتاز من الأخت رويدة