تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اثنان في قطار



زينب المالكي
03-02-2015, 08:55 PM
قصة قصيرة ..نشرتها بعد عرضها على استاذي الكبير الاستاذ الدكتور علي عبد الحسين حداد والقاص العراقي الكبير محمد خضير
اثنان في قطار ...
تشتد سرعة القطار وهو يتجه الى المجهول مسرعا الى الامام ، كأنه اطلق من قوسه دون هدف ..والمناظر تشتد سرعتها باتجاه الخلف ..الاصوات تارة تعلو وتارة تخبو ،محرك القطار ..الصقيع ..صوت الرعد يصك الاسماع وهو يدوي بين ثنايا غرفة القطار لينتبه الفتى الشاب الذي يجلس بالقرب من نافذة القطار ..فتى تبدو عليه امارات التوتر والقلق ذو ملامح منبسطة يرتدي ملابس زاهية الالوان كأنه طاووس يتبختر في بستان الطيور وهو ينظر الى النافذة تارة ويمسح يديه بمنديل كان معه طوال الوقت تارة اخرة ..
وميض البرق يخطف الابصار يتوهج يلمع كأنه سيف بتار يوجه ضرباته نحو الغيوم ..يخترق الوميض النافذة ليشق ستار الظلام القابع على وجه الرجل العجوز الجالس بوقار على كرسيه المواجه لكرسي الفتى القريب من النافذة وهو مرتد الزي القديم ..الملامح تبين ..أخاديد بين طيات جبل ..بريق حاد من عينين صارمتين يحدقان نحو المجهول ..تومضان كعيني أسد غاضب في كهف مظلم الفتى يحاول الكلام يتلعثم كأنه على طريق وعر ..تلوذ نظراته بالشيخ تارة وبالنافذة تارة اخرى ..ينتبه الشيخ الى حال الفتى الذي بدا امامه كعصفور :
- مابالك يا فتى ..؟ يجيب الفتى على تساؤل الشيخ بتوتر كأنه جالس على كرسي هزاز
- لاشيء يا جدي ..لا شيء انني هاديء الاترى انني هاديء ،الصوت يرتد اليه من عمق النافذة ،هاديء ..هاديء ..هاديء ..الشيخ يكمل
- لا اعتقد اننا سنواصل طريقنا معا يا بني ..فالليل والنهار لن يتحدا في يوم ما ..يجب ان تفهم هذه الحقيقة ..والفظك كما الفظ انفاسي الاخيرة بجانبك ..
- وانا ..؟ يجيب الفتى وهو منهمك بمسح يده ..كأن قذارة يديه تأبى ان تنمحي
- ستعيش وحيدا ..لم تعد بحاجة لوجودي قربك وستواجه الريح لوحدك ..
وميض البرق يخطف لابصار وهدير الرعد يصك الاسماع ومحرك القطار لازال مسرعا ..دخان السيكارة بيد الفتى ..لحظة صمت يكسرها الحفيد وهو يمسح يديه بتوتر ..
- اللعنة ..اللعنة ..
- مازالت يداك قذرتين ..؟لحظة صمت تصفع الفتى دون ان يجيب بعد ان لاذ بالكلمات فانتبذته ..
- أنا اعرف قذارة يديك ..لقد رأيتك نعم رأيتك ..
- ماذا رأيت ؟ انك تكذب ..قل ان ما تنطق به ليس حقيقة ..هيا قل ..
الاضواء تسطع في ارجاء غرفة القطار ويطول سطوعها لتبين عيون الجد بحدقتين واسعتين وهو يحدق في عيني الفتى وكأنها تريد التهامه ..
- لقد رأيتك وانت تقتل ..لقد رأيتك ..
- لم اقتل صدقني يا جد ..لم اقتل احدا في حياتي أنا ..أنا لا اقوى على وخز بعوضة ..
- ولكنني رأيتك معهم ...رأيتك يعلوك الكبر ..دون ان يرتد طرفك ..لقد قتلتني منذ زمن بعيد ..بعيد جدا ..يتردد الصوت بعيد ..بعيد ..بعيد ..
يشيح الجد بوجهه نحو النافذة ليحدق من جديد نحو المجهول ..
- لا تشح بوجهك عني أرجوك ..أرجوك ..
- انني ارى الحقيقة ..
- أي حقيقة تعني ..
- حقيقة السماء والارض ..تعال وانظر ..الحفيد يدنو من النافذة وهو مرعوب ..مرتعش من فرط التوتر وقد زاد انهماكه بمسح يديه ..الجد يمسح على النافذة بيديه ..كأنه يأمرها بالنطق وهي تضج بالانين .. بألم السنين ..تتسع عينا الحفيد وهي تتصفح النافذة ..أشباح ..فرسان يتقاتلون .رماح وسهام ..وصراخ اطفال وعويل النساء وخيام تلتهمها النيران ..
- ماهذا ..
- انك هناك ..انظر يدنو اكثر اكثر ..
- ...
- هناك انظر ..انك هناك تصوب نحوي ولم تراع شيبي ووقاري ..
الحفيد مصعوقا ..
- لكنني لم اقتل ..لم اقتل ..
- الامر سيان ..لقد كنت معهم ..معهم ...معهم ...الاصوات تتلاطم كأنها بحر هائج الرعد ..الصقيع يكاد يحطم زجاج النافذة الحفيد يحاول ان يستوعب ما يرى اخذ يضم عينيه بكفيه .. يصرخ كلا ..كلا ..كلا ..لم اقتله ..لم اقتل ..لم اقتل ..
الصدى يصك الاسماع ،يغرق الفتى في غيبوبة للحظات ..تخبو الاصوات ..الوميض ينتشله الايادي المجهولة عبر النافذة ..لحظة هدوء يشع فيها الزمن ..الهدوء والصمت الا من محرك القطار وهو يشق طريقه مسرعا نحو المجهول ..فتح عينيه ببطء تلفتت عيناه يمينا وشمالا ..لم ير الجد فأخذ الفتى يصرخ وهو يمسح يديه بشدة لا تتركني ارجوك ..لا تتركني ..لا تتركني الصوت يعود اليه ومحرك القطار لازال يدوي ..

عبد السلام دغمش
04-02-2015, 05:40 AM
الأخت حوراء المالكي ،
تحية طيبة ومرحبا بكم في واحتكم .

قصة جميلة بسرد مشوق ولغة مكينة .
مشهد الرحلة .. حيث يواجه المرء ساعات من الحساب يواجه فيها نفسه ، ثم من وقع في أيذائهم .. وربما يقع المرء بجريرة غيره .
ما بين الجد والحفيد .. اسقاط قراته : ان التاريخ ممثلا بالأجداد يحاسب الجيل الحاضر ، وكانه بافعاله يقتل التاريخ ويشوهه.
نص جميل وبداية طيبة .
تحياتي .

مصطفى حمزة
04-02-2015, 08:27 AM
أختي الفاضلة ، الأديبة حوراء
أسعد الله أوقاتك ، ومرحبًا بك :
فكرة حمقاء لثأرٍ مُفتَعَل ؛ يورثها الجدُّ للأب للحفيد ..ملأت القلوبَ أحقادًا ، وخضبت الأياديَ بدماء الأبرياء عبرَ القرون ! وفرّقتْ ما بينَ الإخوة في الدين والوطن والإنسانيّة !
وعبثًا حاولت الأجيال منذ مئات السنين إعلانَ براءتها وأخوّتَها ..لكن الحقدَ القديم الذي يُجدده ( الكبار ) كل يوم ؛ يأبى تبرئة الأبرياء ، ويأبى إلا أنْ يتهم وينتقم ! ويسير قطار الحياة لا يُبالي باتهام من يتهم بالقتل ، ولا بمن يُقسم أنه بريء !
إن كنتُ أصبتُ في قراءة الفكرة ؛ فنحنُ أمامَ قصّةٍ مميّزة نبيلة مهمّة في هذا الوقت العصيب . استخدمت الكاتبة القديرة حوراء في بنائها تقنياتٍ عدّة من تقنيات كتابة القصّة القصيرة : السرد والحوار والوصف ؛ بلغة سهلة جميلة معبّرة .
- من الهفوات الإملائية : عدم كتابة الهمزات في النصّ ، إلاّ من بعضِ الكلمات
تحياتي وتقديري

زينب المالكي
04-02-2015, 11:46 AM
:os:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الى اخوتي في الله والعروبة والدين ، الأُستاذ المشرف الأديب مصطفى حمزة ، والأُستاذ المشرف عبد السلام دغمش .
تحية طيبة من الأعماق وأشكركم ايما شكر لالتفاتتكم الكريمة وتعليقكم على قصتي المتواضعة والمبتدئة ،وأتمنى عليكم أن ترفدوني بملاحظاتكم القيمة التي من شأنها ان تبري قلمي في ما يكتب .
كما اشكر المشرف العام الأديب مصطفى حمزة على لفت إنتباهي الى الهفوات الأملائية التي سقطت من قلمي ..
تحياتي واعتزازي بكم اخوتي ..:os:

خلود محمد جمعة
07-02-2015, 02:56 PM
صراع الأجيال و عيش التناقضات بما تعلمناه وما عايشناه وقطار لا ينتظر ويطغى صوته على نبضنا حتى نكاد لا نسمع انفسنا
بحوار نفسي ذكي وبصور رسمت بدقة كان السرد ماتعا والفكرة قوية بحياكتها
ببساطة وعمق وجمال جمعت اطراف قصتك
بوركت
كل التقدير

زينب المالكي
07-02-2015, 07:57 PM
الأديبة المبدعة خلود محمد جمعة ، ازدانت قصتي جمالاً وبهاءً وألقاً اذ لمست قربك ومرور أناملك المبدعةِ وهي تشرفني بكلماتكِ التي زادتني حماساً لمواصلةِ ما اكتب ..
تحياتي واحترامي ..

ربيحة الرفاعي
12-02-2015, 01:29 PM
رائعة
إن كانت هذه من خطواتك الأولى فأنا أبشر المشهد الأدبي بقاصة سيكون لقلمها وهجه

مهارة عالية في بناء المشهد مكنت الكاتبة من رسم التفاصيل الحيّة في مكانية الحدث بما يجر القارئ ليعيش انفعالات الشخوص بمؤثرها البيئي، وكذلك استخدمت لغة الجسد في تصوير التصرف اللا إرادي بسلوكيات ذات دلالات نفسية تكشف صراعات داخلية لدى الشخوص كانت هي موضوع الحوار القصّي المحمل بقضية النص ..
توظيف الحدث الفردي لمناقشة قضايا عامة كبرى كصراع الأجيال يتطلب مهارة توظيفية عالية لدى القاص، وقد تم هنا بجمالية، وبتوليفة لعناصر المشهد ورموزه بمداليلها رائعة

العنوان لم يكن بمستوى النص من حيث البعد الدلالي والاستقطابية
وكان للتراكيب أن تكون أفضل ببعض اشتغال

ويبقى أن النص في مجمله رائع والأداء مميز
أهلا بك في واحتك حيث الصحبة الصالحة المتناصحة بصفاء وإخاء

تحاياي

زينب المالكي
15-02-2015, 01:25 PM
الفُ تحيةٍ الى ارضِ العروبةِ والتحدي ..الى فلسطين الحبيبة ..الى جرحِنا الذي لايندمل ..
بالغُ شكري وامتناني لنائبِ رئيس الإدارةِ الشاعرة ربيحة الرفاعي ، لكلماتكِ وقعٌ خاصٌ وملاحظاتٌ قيمةٌ سأضعها حتما امامَ ناظري ،شكراً لكم اخوتي في العروبةِ والدين .
تحاياي

عدنان الشبول
07-09-2015, 01:17 AM
هذه من القصص الجميلة التي قرأتها في الواحة ( كلها حركات ) وأفعال وكأن السطور تتحرك مع محرك القطار ، وتمضي الأيام مسرعة بين برقٍ ورعدٍ وحياةٍ وموت



جميل جميل ...... ( ويعود الصدى ... جميييل جميييل :nj: )


دمتم مبدعين

زينب المالكي
07-09-2015, 10:02 AM
هذه من القصص الجميلة التي قرأتها في الواحة ( كلها حركات ) وأفعال وكأن السطور تتحرك مع محرك القطار ، وتمضي الأيام مسرعة بين برقٍ ورعدٍ وحياةٍ وموت



جميل جميل ...... ( ويعود الصدى ... جميييل جميييل :nj: )


دمتم مبدعين
لكلماتك وقع جميل ، يجعلني أحث الخطى لرسم ماهو أجمل في المحاولات القادمة ، دمتم وطبتم ، تحياتي ..

آمال المصري
14-02-2017, 05:21 PM
ما يحمله الماضي على ظهر الجيل الحالي من تهم هو منها براءة
ويمضي قطار العمر لايتوقف إلا عند محطات رحيل وامتطاء .. دفع وسحب ..
ويبقى التاريخ خير شاهد إن لم يُشَوَّه وجهه
أبدعتِ وأتحفتنا بنص يترك صداه على المتلقي بدعوة لتكرار القراءة فشكرا لكِ هذا الجمال
ومرحبا بك في واحتك
تحية وتقدير

زينب المالكي
14-04-2017, 12:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى اخوتي في العروبة والدين .. إلى جميع اخوتي في رابطة الواحة الثقافية ..

تحية لكم من الاعماق ، وأرجو تقبل اعتذاري لعدم المشاركة في هذة الفترة .. فهو ليس عزلةً وليس تقوقعا على الذات

انما هو انشغالي في كتابة رسالتي في الماجستير تقبلوا اعتذاري .. وتمنوا لي التوفيق .. فسأعود الى واحتي حتما .. فلكم مني الف تحية ..:0014:

ناديه محمد الجابي
15-04-2017, 12:01 PM
نسج قوي بمهارة في السرد وبأسلوب مشوق وحبكة متقنة برعت في نقل
الصراع بين الأجيال
قصة ماتعة الفكرة ، وصورة حية لقطار الحياة الذي يسير في سرعة
غير مبال بما يحدث عليه من أفعال ـ وترجمة للمشهد بلغة سلسة
وبعمق تصويري ووصف تعبيري رائع.
ننتظر عودتك لننعم بقلمك المميز الجميل.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح
تحياتي وتقديري. :0014:

مصطفى الصالح
23-04-2017, 01:51 PM
هو قطار الحياة لا يدري معظم الناس إلى أين يمضي
وفي القطار محاكمات قد تكون حقيقية أو مفتعلة
نفس سردي طيب
لغة سهلة جميلة شابتها بعض السهوات وعدم استخدام علامات الترقيم
أسلوب شيق متلاحق
منطقية الجمل دائما مهمة فالبرق لا يضرب الغيوم بل يصدر منها ويضرب الأرض...
هناك بعض مبالغة في سرد الأحداث
العنوان جاء مباشرا ومقاليا
النص يستحق الاهتمام
دمت بخير

تحياتي