مشاهدة النسخة كاملة : دون وعي (ق.ق)
سحر أحمد سمير
08-03-2015, 08:34 AM
كان يرقب الفجر كحبيب عزيز ، و ينام في حضنه حالما كشاب غرير ..و أنفاس الدنيا معطرة بالأمل البهيج ، كل كائن ينمو و كل نبت نضير ..لم تغب عنه لمحة من أطياف مواكب المباهج و المآسي ..و ذات يوم تلقى صفعة قوية عقب استيقاظه على صوت صراخ أليم .. هَرَجٌ وَمَرَجٌ..ثم صيحة مدْوِيَةٌ..يا لكم من وحوش ..اتأكلون من لحم البشر بهذه اللذة و الشراهة؟؟.!.
و أنا؟؟..كيف أشارككم في هذا ؟؟
فأصبحت السعادة و التعاسة في قلبه سواء بسواء ، لا ينفك من أحدهما فمن خيط ينظمها كانت الحياة ..وطَأَ بأقدامه الأرض التي وطئها ذات يوم و هو طفل ، و هو صبي ، و هو شاب ، فلا يجد لوقع أقدامه ما كان لها من طعم و العمر غض ، و الطريق مملوء بالضباب ..لماذا؟
الأرض ذاتها ،و السماء هي السماء و الأزاهير نفسها و إن تجددت ، و الحصى شبيه الذي كان على الطريق،لماذا إذن فقدت أقدامه هذا الدبيب الخفي الذي نسميه الأيام ، و لهذه الحكمة التي نسميها الماضي ، و لهذا الثقل من الذكريات الذي تجمع فوق الحصى و الرمال ..
و هرع إلى الفيلسوف ..يسأله ماذا أصاب عقول البشر ..دماؤهم لا تجف ..تسيل هنا و هناك ..
وكاد يقع على الأرض خائرا من فرط الذهول ..حينما استطرد قائلا أيها الفيلسوف ..قد رأيتهم يقطعون لي نصيبي من اللحم من جثة إنسان مجفف ..قد نظرت عيناه لي في تحد و كراهية ..رأيت اثنين يمسك كل منهما بطرف حبل يشده في الاتجاه المضاد لزميله..بينما كانت الضحية تعاني من الاختناق و قد جحظت عيناها و أخذت تتخبط كلما ضاقت على رقبتها عقدة المشنقة..
الفيلسوف:هلم بنا إلى المقابر..نزور من سبقونا ..لعلنا نجد إِجابة سؤالك.. طَفِقَا يتنقلان بين القبور و اِفتَرشَا الأرض ..
الفيلسوف:حينما يُقبر الإنسان تسيل دماؤه لفترة ثم تتحلل الأعضاء انظر إلى هذه الدودة التي تغذت على جزء من بقايا إنسان..راقبها تتحرك ..و أثناء ذلك لمحا عصفورا بهيج الألوان يقتنص الدودة مبتلعا اياها و محلقا .. فكانت بداية من غير نهاية لتلك الروح ..تحلق في السماء بجناحين كزهرة لا يدركها الجفاف ،و ماء يتدفق من نبع لا نضوب فيه ..
و سأله الشاب لماذا العناء؟ما مر من الطريق لن يعود..يطلب من قلبه أن ينسى ما الْتَمَّ فيه من هم و تجربة و حكمة و علم و يرجع كما كان ، جاهلا فيه قفزة الطير، فلا يلقى إلا صدى خافتا فيضيع في سراديب الحياة..
مازن لبابيدي
08-03-2015, 09:04 AM
الكاتبة المبدع سحر سمير
قص ممتع بسرده ، ذات بعد فلسفي بين .
اللغة جيدة تستحق التقدير
تحيتي
سحر أحمد سمير
08-03-2015, 10:43 AM
الكاتبة المبدع سحر سمير
قص ممتع بسرده ، ذات بعد فلسفي بين .
اللغة جيدة تستحق التقدير
تحيتي
ازدانت صفحتي وتلألأت بمرورك الكريم أستاذ مازن لبابيدي..
تحيــــ ـ واحترامي ـــاتي لشخصك الكريم
علي الحسن
08-03-2015, 04:59 PM
الأستاذة سحر أحمد
نص جميل ومسربل بلغة ممتعة..
لو تم الإشتغال أكثر على ضربة الختام لكان أفضل..
تحياتي وبانتظار ما هو جديد
سحر أحمد سمير
08-03-2015, 05:44 PM
الأستاذة سحر أحمد
نص جميل ومسربل بلغة ممتعة..
لو تم الإشتغال أكثر على ضربة الختام لكان أفضل..
تحياتي وبانتظار ما هو جديد
جزيل الشكر على تواجدك العطر ..أستاذ علي الحسن
النص فلسفي يعكس الكثير من الرؤى ..و في الخاتمة كان الشاب يرى أن الجهل ببعض الحقائق سيكون أفضل من معرفة بشاعتها ..
دمت بخير و عافية
علي الحسن
08-03-2015, 06:39 PM
المبدعة سحر أحمد
شكراً على ردكم التوضيحي اللطيف..
دمتم بألف بخير
عبد السلام دغمش
08-03-2015, 08:46 PM
الأديبة سحر أحمد سمير،،
حوارية جميلة ذات طابع فلسفي .
كثيرا ما يكون الأفضل عدم الخوض في متاهات الأمور بينما التعامل معها أجدى.
نص متميز بصياغته و محموله.
تحياتي.
سحر أحمد سمير
09-03-2015, 06:37 AM
الأديبة سحر أحمد سمير،،
حوارية جميلة ذات طابع فلسفي .
كثيرا ما يكون الأفضل عدم الخوض في متاهات الأمور بينما التعامل معها أجدى.
نص متميز بصياغته و محموله.
تحياتي.
كل الشكر والإمتنان على روعة مرورك أستاذ عبد السلام دغمش
دمت بخير و عافية
تحاياي
سحر أحمد سمير
09-03-2015, 06:43 AM
المبدعة سحر أحمد
شكراً على ردكم التوضيحي اللطيف..
دمتم بألف بخير
يسعدني و يشرفني دائما تواجدك الراقي مرة تِلْو الأخرى أستاذ علي الحسن
جزيل الشكر لشخصك الكريم
تحاياي
سحر أحمد سمير
09-03-2015, 07:48 AM
كان يرقب الفجر كحبيب عزيز ، و ينام في حضنه حالما كشاب غرير ..و أنفاس الدنيا معطرة بالأمل البهيج ، كل كائن ينمو و كل نبت نضير ..لم تغب عنه لمحة من أطياف مواكب المباهج و المآسي ..و ذات يوم تلقى صفعة قوية عقب استيقاظه على صوت صراخ أليم .. هَرَجٌ وَمَرَجٌ..ثم صيحة مدْوِيَةٌ..يا لكم من وحوش ..اتأكلون من لحم البشر بهذه اللذة و الشراهة؟؟.!.
و أنا؟؟..كيف أشارككم في هذا ؟؟
فأصبحت السعادة و التعاسة في قلبه سواء بسواء ، لا ينفك من أحدهما فمن خيط ينظمها كانت الحياة ..وطَأَ بأقدامه الأرض التي وطئها ذات يوم و هو طفل ، و هو صبي ، و هو شاب ، فلا يجد لوقع أقدامه ما كان لها من طعم و العمر غض ، و الطريق مملوء بالضباب ..لماذا؟
الأرض ذاتها ،و السماء هي السماء و الأزاهير نفسها و إن تجددت ، و الحصى شبيه الذي كان على الطريق،لماذا إذن فقدت أقدامه هذا الدبيب الخفي الذي نسميه الأيام ، و لهذه الحكمة التي نسميها الماضي ، و لهذا الثقل من الذكريات الذي تجمع فوق الحصى و الرمال ..
و هرع إلى الفيلسوف ..يسأله ماذا أصاب عقول البشر ..دماؤهم لا تجف ..تسيل هنا و هناك ..
وكاد يقع على الأرض خائرا من فرط الذهول ..حينما استطرد قائلا أيها الفيلسوف ..قد رأيتهم يقطعون لي نصيبي من اللحم من جثة إنسان مجفف ..قد نظرت عيناه لي في تحد و كراهية ..رأيت اثنين يمسك كل منهما بطرف حبل يشده في الاتجاه المضاد لزميله..بينما كانت الضحية تعاني من الاختناق و قد جحظت عيناها و أخذت تتخبط كلما ضاقت على رقبتها عقدة المشنقة..
الفيلسوف:هلم بنا إلى المقابر..نزور من سبقونا ..لعلنا نجد إِجابة سؤالك.. طَفِقَا يتنقلان بين القبور و اِفتَرشَا الأرض ..
الفيلسوف:حينما يُقبر الإنسان تسيل دماؤه لفترة ثم تتحلل الأعضاء انظر إلى هذه الدودة التي تغذت على جزء من بقايا إنسان..راقبها تتحرك ..و أثناء ذلك لمحا عصفورا بهيج الألوان يقتنص الدودة مبتلعا اياها و محلقا .. فكانت بداية من غير نهاية لتلك الروح ..تحلق في السماء بجناحين كزهرة لا يدركها الجفاف ،و ماء يتدفق من نبع لا نضوب فيه ..
ورغم التناقضات في الأفكار و الاعتقادات و المسميات ..رغم اختلاف الثقافة و الأجناس ..رغم تغيرات الحياة ..تبقى حقائق ثابتة ..أن السلام لا يحصل عليه بالقوة .. إنما بالحوار و التسامح ..لكن الاستكانة و الاستسلام إلى الفكر الرجعي التعسفي يضع القيود و الأغلال في عنق الوطن ..دون وعي..
خلود محمد جمعة
10-03-2015, 09:00 AM
فلسفة وحكمة وقصة برسالة نبيلة
التعديل في النهاية لم يترك للقارئ أبواب للتأويل
الموضوع يطرح أولوياته من فهم لدقائقه أو تجاهل لمعطياته
كل التقدير
بوركت
سحر أحمد سمير
10-03-2015, 12:22 PM
فلسفة وحكمة وقصة برسالة نبيلة
التعديل في النهاية لم يترك للقارئ أبواب للتأويل
الموضوع يطرح أولوياته من فهم لدقائقه أو تجاهل لمعطياته
كل التقدير
بوركت
يسعدني و يشرفني مرورك العطر أستاذة خلود ..
مودتي
ربيحة الرفاعي
21-03-2015, 12:22 AM
طرح أدبي جميل لرؤية فلسفية ذات عمق دعّمه سرد قصّيّ شائق وأداء موفق
تمسكين بأدواتك بما يعد بقاصة سيكون لحرفها موقعه
لك تحاياي ومودتي
سحر أحمد سمير
21-03-2015, 08:02 AM
طرح أدبي جميل لرؤية فلسفية ذات عمق دعّمه سرد قصّيّ شائق وأداء موفق
تمسكين بأدواتك بما يعد بقاصة سيكون لحرفها موقعه
لك تحاياي ومودتي
جاءت حروف كلماتك منسابة في رفق كما ينساب ماء الجدول الصافي في ظلال الخمائل ..سيدة الحرف أستاذة ربيحة ..
مرورك الراقي على الهامة وسام ..دمت في سعادة لا تنتهي ..
مودتي
ناديه محمد الجابي
04-08-2022, 07:39 PM
بفكر راقي ورؤية فلسفية وحوار مبدع ممتع ولغة متمكنة
قدمت لنا قصة رائعة .
القصة قبل التعديل كانت في رأي أجمل
نفتقدك سحر أين أنت؟؟؟
دمت بخير أينما كنت.
:014::001::014:
سحر أحمد سمير
30-08-2023, 10:06 AM
بفكر راقي ورؤية فلسفية وحوار مبدع ممتع ولغة متمكنة
قدمت لنا قصة رائعة .
القصة قبل التعديل كانت في رأي أجمل
نفتقدك سحر أين أنت؟؟؟
دمت بخير أينما كنت.
:014::001::014:
غاليتي أنت عطر يفوح في الواحة ينشر الحبّ و الدفء فينا ..
صباحك سعادة و إشراقة أمل ..
محبتي و الورد:0014:
أسيل أحمد
30-08-2023, 07:51 PM
رؤية فلسفية بلغة قوية .
قصة علية الحبك مميزة السرد ، عميقة الطرح
عالية اللغة ، مكتملة المقومات.
دمت بروعتك.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir